{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِن أَزْوَاجِنَا‏ وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}‏ سورة الفرقان الآية 74‏

قال السيد محمد حسين في تفسيره: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} في ما يُحبُّه المؤمنُ لنفسه من التقدُّم ‏في مجالات الخير، والدعوةِ إلى الله، والعملِ في سبيله، والالتزام بالخطِّ المستقيم في العقيدة ‏والشريعة والحياة، بحيث يبلغ الدرجةَ العليا في ذلك حيث الإمامةُ والقيادة، وذلك هو طموح ‏المؤمنين في الحياة في عملية التسامي في آفاق التقوى في ما يُجاهدون به أنفسهم [من وحي القرآن ج17 ص 81]
أقول: قول السيد محمد حسين «بحيث يبلغ الدرجةَ العليا في ذلك حيث الإمامةُ والقيادة، وذلك هو ‏طموح المؤمنين»، قولٌ غير صحيح.‏
وواللهِ إنَّ المؤمنين ليجهلون من أنفسهم أنَّ عندهم طموحاً لبلوغ الدرجة العليا في ذلك حيث ‏الإمامةُ والقيادة، بل يبرأون إلى الله تعالى ممَّن عنده هذا التوجُّه وهذا النحو من التفكير، وهم على ‏حذر شديدٍ مِن أن يَمكُرَ بهم الشيطان، فيطلبون هذا الطريق، ويطرقون هذا السبيل.‏
أَليست الآيةُ واضحةً في أنها تتحدث عن قوم هم القدوةُ للمتقين، فرجعنا إلى أمير المؤمنين (عليه ‏السلام) في ما وصف فيه المتقين، فرأيناه قد وصفهم بأوصاف لا تكاد تنطبِقُ إلا على الأوحدىِّ ‏من الناس.‏
فالمتقون كما وصفهم مولاهم أمير المؤمنين (عليه السلام)، هم أهلُ الفضائل، هم أصحابُ اليقين ‏المتواضعون، وذووا الرشد الزاهدون، رهبان في الليل وقد أحيوه بالعبادة والدعاء والتضرع ‏والبكاء، وفي النهار هم الحلماء العلماء، ليس لهم فيما لا يعنيهم شغلٌ، ولا يعنيهم إلا الحق ‏ونصرته...إلخ.‏
وبالجملة فالمتقون، هم ثُلةٌ من أهل الكمال والثقة، تتفاوت درجاتُهم، ولا يدنو إلا الأوحدىُّ من ‏الناس من أدناهم، فكيف بمَن يكون إمامَهم ومَن هم به يقتدون، وله يتَّبعون؟!!‏
أَيرى السيد محمد حسين أنَّ غيرَ المعصوم مَن يكون مقتداهم؟!‏
أَيرى أنَّ غيرَ المعصوم يصلح لإمامتهم؟!‏
هذا وقد أخرج الحاكم الحسكاني ـ من أبناء السُّنة ـ في الشواهد، ومحمد بن العباس وفرات في ‏تفسيريهما، بإسنادهم عن أبي سعيد الخدري في قوله تعالى {هَبْ لَنَا مِن أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ ‏أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): قلتُ لجبرئيل (عليه السلام) ‏‏{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}قال: عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام).‏
وأخرج الحاكم الحسكاني، وعلي بن إبراهيم القمي وفرات الكوفي في تفسيريهما، بإسنادهم عن ‏أبان بن تغلب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عزَّ وجل {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ‏هَبْ لَنَا مِن أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} قال: نحن هم أهلَ البيت (عليهم ‏السلام).‏
وأخرج محمد بن العباس بإسناده عن ابن عباس قال: قوله {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِن ‏أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا} نزلت في عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام).‏
وبإسناده عن أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله عزَّ وجل {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} ‏هذه لآل محمد (صلى الله عليه وآله) خاصةً.‏
وبإسناده عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} قال: إيانا ‏عنى بذلك.‏
وقال ابن شهرآشوب: أبو نعيم الفضل بن دكين ـ من أبناء السُّنة ـ عن سفيان عن الأعمش عن ‏مسلم البطين عن سعيد بن جبير في قوله تعالى قوله {وَالَّذينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِن أَزْوَاجِنَا ‏وَذُرِّيَّاتِنَا} قال: نزلت هذه الآية واللهِ خاصةً في أمير المؤمنين (عليه السلام)
تفسير القمي ج 2 ص 117 ؛ تفسير فرات ص 294 ـ 295 ؛ تفسير التبيان ج 7 ص 512 ؛ تفسير مجمع البيان ج 7 ص 313 ‏ـ 315 ؛ تفسير جوامع الجامع ج 2 ص 664 ؛ التفسير الصافي ج 1 ص 50 وج 4 ص 27 ؛ التفسير الأصفى ج 2 ص 876 ـ ‏‏877 ؛ تأويل الآيات ج 1 ص 383 ـ 385؛ شواهد التنزيل ج 1 ص 538 ـ 539 ؛ مناقب آل ابي طالب ج 2 ص 263 وج 3 ص ‏‏152 ؛ بحار الأنوار ج 24 ص 232 إلى 135 وج29 ص 567 وج 66 ص 262 ـ 263 ؛ دعائم الأخبار ج 24 ـ 25 ؛ شرح ‏الأخبار ج3 ص 475. ‏


أقول: والذي يريب جداً، أنَّ ما ورد عن أئمة الهدى (عليهم السلام) ليس فيه ما يُمكن أن يُوهِم ‏بأنه واردٌ لبيان أحد المصاديق، بل ورد مثل «إيانا عنى».‏
أَليس من حقي أن أَتعجب ممَّن يقول بأنه يلتزم بما ورد عن أهل البيت (عليهم السلام)، وأنا أراه ‏وبصريح العبارة يختار قولاً مخالِفاً لأهل البيت (عليهم السلام)؟!!‏

العودة