{وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ}‏ سورة النمل الآية 83‏    

قال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره: {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا} وذلك هو يوم القيامة ‏الذي يحشر الله فيه الناس كلَّهم المؤمنين منهم بآياته والمكذبين [من وحي القرآن ج17 ص 247]
أقول: وقال أئمةُ الهدى من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، أنَّ ذلك هو يوم الرجعة.‏
فقد أخرج علي بن إبراهيم القمي في تفسيره بسند صحيح عن حماد عن أبي عبد الله (عليه السلام) ‏قال: ما يقول الناس في هذه الآية {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً}؟ قلت: يقولون إنها في القيامة، ‏قال (عليه السلام): ليس كما يقولون، إنَّ ذلك في الرجعة، أَيحشر اللهُ في القيامة من كلِّ أمةٍ فوجاً ‏ويدع الباقين؟! إنما آية القيامة قوله {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنهُمْ أَحَداً}
سورة الكهف الآية 47
وأخرج القمي في تفسيره، والحلي في مختصر البصائر بسند صحيح عن أبي بصير عن أبي عبد ‏الله (عليه السلام) (في حديث) فقال الرجل لأبي عبد الله (عليه السلام): إنَّ العامة تزعم أنَّ قوله ‏‏{وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً} عنى يوم القيامة، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أَفيحشر اللهُ من ‏كلِّ أمةٍ فوجاً ويدع الباقين؟! لا ولكنه في الرجعة، وأما آية القيامة فهي {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ ‏مِنهُمْ أَحَداً}.‏
وأخرج القمي في تفسيره بإسناده عن المفضل عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى ‏‏{وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً} قال: ليس
أحدٌ‎ ‎من المؤمنين قُتل إلا يرجع حتى يموت، ولا يرجع ‏إلا مَن مُحِّضَ الإيمان محضاً، ومَن مُحِّضَ الكفر محضاً.‏
وأخرج الحلي في مختصر البصائر بإسناده عن ابن الطيار عن أبي عبد الله (عليه السلام) في ‏قول الله عزَّ وجل {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً} فقال: ليس
‎ ‎أحدٌ من المؤمنين قُتل إلا سيرجع ‏حتى يموت، ولا‎ ‎أحد‎ ‎من المؤمنين مات إلا سيرجع حتى يُقتل.‏
وبإسناده عن أبي بصير قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): يُنكر أهلُ العراق الرجعة؟! قلت: ‏نعم، قال: أما يقرأون القرآن {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً}.‏
وأخرج النعماني في تفسيره عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: وأما الردُّ على مَن أنكر ‏الرجعة فقول الله عزَّ وجل {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ} أي ‏إلى الدنيا، فأما معنى حشر الآخرة فقوله عزَّ وجل {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنهُمْ أَحَداً}.‏
وقال الشيخ الطبرسي في مجمع البيان في تفسير الآية: فدلَّ ذلك على أنَّ اليوم المشار إليه في ‏الآية، يُحشَرُ فيه قومٌ دون قوم، وليس ذلك صفة يوم القيامة الذي يقول فيه سبحانه {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ ‏نُغَادِرْ مِنهُمْ أَحَداً}، وقد تظاهرت الأخبار عن أئمة الهدى من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، في ‏أنَّ الله تعالى سيُعيد عند قيام المهدى(عجل الله فرجه)،قوماً ممَّن تقدَّم موتُهم من أوليائه وشيعته،‏
ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته، ويبتهجوا بظهور دولته.‏
وذكر الشيخ المفيد في الفصول المختارة حديثاً جرى بين السيد الحميري الشاعر المعروف وسوار ‏القاضي، قال الشيخ المفيد: وكان أيضا مما جرى له مع سوار، ما حدَّث به الحرثُ بن عبيد الله ‏الربعي قال: كنتُ جالساً في مجلس المنصور وهو بالجسر الأكبر وسوار عنده، والسيد يُنشِدُهُ: إنَّ ‏الالهَ الذي لا شيءَ يشبهُهُ...إلخ، حتى أتى على القصيدة والمنصور مسرور، فقال سوار: يا أمير ‏المؤمنين إنه يقول بالرجعة،
‎ ‎ويتناول الشيخين بالسبِّ والوقيعة فيهما، فقال السيد: أما قولُهُ: بأني ‏أقول بالرجعة، فإنَّ قولي في ذلك على ما قال الله تعالى {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ ‏يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ} وقد قال في موضع آخر {وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنهُمْ أَحَداً}، فعلمتُ ‏أنَّ ها هنا حشرين: أحدهما عام والآخر خاص خاتمة المستدرك ج 4 ص 134 ؛ الفصول المختارة ص 93 ـ 94 ؛ الصراط المستقيم ج 2 ص 251؛ بحار الأنوار ج 10 ص ‏‏233 وج 53 ص 40 و51 و60 و118 و136 وج 90 ص 86 ؛ تفسير القمي ج 1 ص 24 وج 2 ص 36 و130 ـ 131 ؛ تفسير ‏الميزان ج 15 ص 397 و406 ؛ مختصر بصائر الدرجات ص 25 و41 ـ 43 ؛ التبيان ج 8 ص 120 ؛ تفسير مجمع البيان ج 7 ‏ص 405 ـ 406؛ تفسير جوامع الجامع ج 2 ص 724 ـ 725 ؛ التفسير الصافي ج 4 ص 75 ـ 77 ؛ التفسير الأصفى ج 2 ص ‏‏916 - 917 ؛ تفسير نور الثقلين ج 3 ص 265 وج 4 ص 99 ـ 101؛ تأويل الآيات ج 1 ص 408 - 409.‏


أقول: ومن اللطائف الإلهيَّة في مذهب أبناء الفرقة الناجية، أنَّ السيد الحميري لم يكن من ‏علماء الإماميَّة، أعني لم يكن ممَّن اختصَّ بذلك، ومما يريب أنَّ المعاصر صاحب تفسير من وحي ‏القرآن ممَن يدَّعي الاجتهاد في مذهب أهل البيت، وأظن جداً أنه يقصد الاجتهاد في مقابل أهل ‏البيت.‏
قال السيد محمد حسين أنَّ المقصود من اليوم في الآية التي نبحث فيها، هو يوم القيامة، وقد ثبت ‏في مذهب الإمامية بأسانيد صحيحة عن أئمة الهدى من آل محمد (صلى الله عليه وآله)، أنَّ ذلك ‏في الرجعة، وبه قال شيعة آل محمد (صلى الله عليه وآله).‏
ويا للعجب، عاميٌّ من أبناء الفرقة الناجية ينتصر لعقائد الطائفة المرحومة، وفي مجلس الخليفة ‏المنصور، وهو طاغية من طواغيت بني العباس، بينما في المقابل نرى مُعمَّماً شابت لحيتُهُ وهو ‏يعيش ببركة آل محمد (صلى الله عليه وآله)، نراه وبكلِّ جرأة يردُّ صريحاً على أئمة الهدى، ‏ويختار قولاً قد روى علماؤنا بأسانيد صحيحة عن أئمتنا (عليهم السلام) أنه قول باطلٌ.‏

العودة