{أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ}‏ سورة ق الآية 24‏

قال السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره: وينطلق النداء من الله سبحانه ليصدر الأمر بدخوله إلى نار جهنم {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ ‏كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} ينطلق كفره من موقع العناد لا من موقع الفكر القائم على الحُجَّة [من وحي القرآن ج 21 ص 183]
أقول: هذا كلامُ السيد محمد حسين، وكما تراه خالياً عن أيةِ إشارةٍ إلى مَن هما الذيْن يأمرهما تعالى بإلقاء ‏الكَفَّار العنيد في نار جهنم، مع أنَّ الأخبار الكثيرة وردت على أنهما الرسولُ الأكرم (صلى الله ‏عليه وآله) ووصيُّه مولى المتقين عليٌّ أمير المؤمنين (عليه السلام).‏
فقد أخرج ابن المغازلي في مناقبه، والحاكم الحسكاني في شواهده ـ وهما من أبناء السُّنة ـ ‏والشيخ الطوسي في الأمالي، ومنتجب بن بابويه في الأربعين حديثاً، والشيخ الطبرسي في مجمع ‏البيان، والطبري في بشارة المصطفى، بإسنادهم ـ والكلام للحسكاني ـ عن شريك بن عبد الله ‏قال: كنتُ عند الأعمش وهو عليل، فدخل عليه أبو حنيفة وابنُ شبرمة وابنُ أبي ليلى فقالوا له: يا ‏أبا محمد، إنك في آخر يوم من أيام الدنيا، وأول يوم من أيام الآخرة، وقد كنتَ تُحدِّثُ في عليِّ بن ‏أبي طالب (عليه السلام) بأحاديث، فتُبْ إلى الله منها، فقال: أسندوني أسندوني، فأُسنِدَ، فقال: حدثنا ‏أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إذا كان يوم ‏القيامة يقول الله تعالى لي ولعليٍّ: ألقيا في النار مَن أبغضكما، وأدخلا الجنة مَن أحبكما، فذلك قوله ‏تعالى {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ}.‏
وأخرج الشيخ الطوسي في الأمالي، بإسناده عن الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: قال ‏رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قوله عزَّ وجل {أَلْقِيَا في جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} قال: نزلت فيَّ ‏وفي عليِّ بن أبي طالب، وذلك أنه إذا كان يوم القيامة شفَّعني ربي وشفَّعك يا علي، وكساني ‏وكساك يا علي، ثم قال لي ولك يا علي: ألقيا في جهنم كلَّ مَن أبغضكما، وأدخلا الجنة كلَّ مَن ‏أحبكما فإنَّ ذلك هو المؤمن
هامش مناقب محمد بن سليمان الكوفي ج 2 ص 527 ؛ شواهد التنزيل ج2 ص261 ـ 262 ؛ الأمالي للشيخ الطوسي ص290 ‏و368 و628 ـ 629 ؛ الأربعون حديثاً ص 51 ‏‎–‎‏ 52 ؛ تفسير مجمع البيان ج 9 ص 244 ؛ بشارة المصطفى ص 89 ـ 227. ‏
وأخرج الحاكم الحسكاني في شواهده، وعلي بن إبراهيم القمي وفرات الكوفي في تفسيريهما، ‏ومحمد القمي في مأة منقبة، بإسنادهم عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ والكلام للحسكاني ـ ‏في قوله تعالى {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنَّ ‏الله تبارك وتعالى إذا جمع الناس يوم القيامة في صعيد واحد، كنتُ أنا وأنت يومئذ عن يمين ‏العرش، فيقال لي ولك: قُومَا فألقيا مَن أبغضكما وخالفكما وكذَّبكما في النار شواهد التنزيل ج2 ص 265 ؛ مأة منقبة ص 47 ـ 48 ؛ تفسير القمي ج 2 ص 324 ؛ تفسير فرات ص 436 ـ 437. ‏
وأخرج الحاكم الحسكاني بإسناده عن عكرمة في قوله تعالى {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} قال: ‏النبيُّ (صلى الله عليه وآله) وعليٌّ (عليه السلام) يلقيان.‏
وأخرج فرات في تفسيره بإسناده عن عباية بن ربعي في قوله تعالى {أَلْقِيَا في جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ ‏عَنِيدٍ} فقال: النبيُّ (صلى الله عليه وآله) وعليُّ بن أبي طالب(عليه السلام).‏
وأخرج فرات أيضاً بإسناده عن محمد بن الحجاف السلمي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه ‏‏(عليهم السلام) قال: إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من بطنان العرش: يا محمد يا علي، {أَلْقيَا فِي ‏جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} فهما المُلقِيان في النار.‏
وأخرج فرات عن صباح المزني قال: كنا نأتي الحسن بن صالح وكان يقرأ القرآن، فإذا فرغ من ‏القرآن سأله أصحابُ المسائل حتى إذا فرغوا قام إليه شابٌ فقال له: قول الله تعالى في كتابه {أَلْقِيَا ‏فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} فنكت نكتة في الأرض طويلاً، ثم قال عن العنيد تسألني؟ قال: لا، أسألك ‏عن {أَلْقِيَا} قال: فمكث الحسنُ ساعةً ينكت في الأرض ثم قال: إذا كان يوم القيامة يقوم رسول الله ‏‏(صلى الله عليه وآله) وأميرُ المؤمنين عليُّ بن أبي طالب (عليه السلام) على شفير جهنم، فلا يمر ‏به أحدٌ من شيعته إلا قال: هذا لي، وهذا لك.‏
وأخرج محمد بن العباس في تفسيره، بإسناده عن عطاء بن رياح قال: سألت رسول الله (صلى ‏الله عليه وآله) عن قول الله عزَّ وجل {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} فقال رسول الله (صلى الله ‏عليه وآله): أنا وعليٌّ (عليه السلام) نُلقي في جهنم كلَّ مَن عادانا
شواهد التنزيل ج 2 ص 259 إلى265 ؛ تفسير فرات الكوفي ص 436 إلى440 ؛ تأويل الآيات ج 2 ص 609- 612 ؛ مناقب ‏آل ابي طالب ج2 ص7 وج 3 ص 44 ؛ الفضائل ص 129 ؛ الصراط المستقيم ج 1 ص 295 ؛ بحار الأنوار ج 7 ص334 إلى ‏‏338 وج 8 ص70 و266 وج24 ص274 وج 36 ص73 إلى 75 ؛ التفسير الصافي ج 5 ص 62 ؛ تفسير نور الثقلين ج 5 ‏ص112 ـ 113 ؛ تفسير الميزان ج 18 ص 357.‏
أقول: على أنه قد تظافرت الأخبار عند السنة والشيعة ومن طرق كثيرة جداً، أنَّ أمير المؤمنين ‏عليَّاً (عليه السلام) قسيمُ الجنة والنار، وهو شاهدٌ قطعيٌّ على صحة هذه الأخبار ـ وهي بنفسها ‏صحيحة أيضاً ـ التي نقلنا لك بعضها.‏
فقد أخرج ابن المغازلي وهو من أبناء السنة في مناقبه ـ كما عن ابن البطريق في العمدة ـ ‏بإسناده عن عليٍّ بن ابي طالب (عليه السلام) قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنك ‏قسيمُ الجنة والنار.‏
وقال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة: فقد جاء في حقِّه (عليه السلام) الخبر الشائع ‏المستفيض «إنه قسيم النار والجنة».‏
وقال القندوزي ـ من أبناء السُّنة ـ في ينابيع المودة: أخرج ابن المغازلي الشافعي بسنده عن ابن ‏مسعود قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي إنك قسيم الجنة والنار.‏
وقال أيضاً: وفى جواهر العقدين: وقد أخرج الدارقطني ـ وهما من أبناء السُّنة ـ عن أبي ‏الطفيل عامر بن واثلة الكناني: إنَّ علياً (عليه السلام) قال حديثاً طويلاً في الشورى، وفيه أنه قال ‏لأهل الشورى: فأُنشدكم بالله هل فيكم أحدٌ قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنت قسيم النار ‏والجنة غيري؟ قالوا: اللهم لا.‏
وقال أيضاً: أخرج الحمويني ـ من أبناء السُّنة ـ في كتابه فرائد السمطين عن أبي سعيد الخدري ‏قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: إذا سألتم الله عزَّ وجل فاسألوه ليَ الوسيلة، فسُئِل ‏عنها فقال: هي درجة في الجنة.. إلى أن قال (صلى الله عليه وآله): فتنادي جهنم: يا علي، ذرني ‏فقد أطفا نورُك لهبي، فيقول لها عليٌّ (عليه السلام): ذري هذا وليي، وخذي هذا عدوي، فَلَجَهَنمُ ‏يومئذ أشدُّ مطاوعةً لعليٍّ (عليه السلام) فيما يأمرها به من رِقِّ أحدكم لصاحبه، ولذلك كان عليٌّ ‏‏(عليه السلام) قسيم النار والجنة.‏
وقال أيضاً: ومما يُنسب إلى الإمام ـ بحسب تعبير القندوزي ـ الشافعي:‏
عليٌّ حـبُّــهُ جُنَّــةْ *** قسيمُ النارِ والجَنَّةْ
وصيُّ المصطفى حقاً *** إمامُ الإنسِ والجِنَّةْ
أقول: وقد ورد في كتب أبناء السُّنة وفي كتبنا في هذا المعنى الكثير جداً فلاحظ على ‏سبيل المثال
:

بصائر الدرجات ص 212 و219 و434 ـ 436 ؛ الكافي ج 4 ص570 ؛ علل الشرائع ج 1 ص 127 و161ـ163 و177؛ ‏عيون أخبار الرضا × ج 1 ص 30 و 91 ـ92 ؛ الأمالي للشيخ الصَّدوق ص 83 و442 و768 ؛ كفاية الأثر ص 151 ؛ المسترشد ‏ص 264 ـ 266 ؛ مائة منقبة ص 31 ـ31 ؛ الأمالي للشيخ المفيد ص 213 ؛ الأمالي للشيخ الطوسي ص 305 و553 وص 628 ‏ـ 629 و702 ؛ العمدة ص 265 ـ 377 ؛ اليقين ص 257و397 و458 وص 489 ؛ بحار الأنوار ج 7 ص 194و232 ـ 233 ‏و337 ـ 339 وج 22 ص 317 وج 26 ص 126 و153 و31 ص 344 و382 ـ383 وج 33 ص 162 وج 36 ص90 وج ‏‏38 ص 93 وج 39 ص193 ـ 193 و196 ـ 197 ؛ الغدير ج 1 ص 161 وج 3 ص 298 ـ 300.‏
‏ من مصادر أبناء السُّنة: شرح نهج البلاغة ج 2 ص 260 وج 9 ص 165 وج 19 ص 139 ؛ كنز العمال ج 13 ص152 ؛ المناقب ‏للخوارزمي ص 39 ـ 40 و294 ؛ ينابيع المودة ج 1 ص 90 و173 و249 إلى 254 وج 2 ص 404 ؛ علل الدارقطني ج 6 ص ‏‏273 ؛ تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 298 ـ 301 ؛ وج 3 ص 299 ـ 300 ؛ جواهر المطالب ج 1 ص 61. ‏

العودة