ـ معصية آدم كمعصية إبليس.

ـ الفرق بين آدم وإبليس هو في الإصرار والتوبة.

ـ آدم ينسى ربّه وينسى موقعه منه.

ـ آدم استسلم لأحلامه الخيالية وطموحاته الذاتية.

ـ آدم طيب وساذج: لا وعي لديه.

ـ آدم يعيش الضعف البشري أمام الحرمان.

ـ آدم يمارس الرغبة المحرمة.

ـ الدورة التدريبية لآدم عليه السلام.

إن جميع النقاط السابقة قد سجلها السيد فضل الله في كلماته المكتوبة، وليست مجرد استنتاجات أو افتراضات.. فتلك هي ملامح صورة آدم النبي المبعوث من قبل الله سبحانه باعتراف وتصريح السيد فضل الله نفسه. فلنقرأ معا كلماته التالية، لنجد كل هذه المعاني تتحدث عنها الكلمات بصراحة ووضوح. إنه يقول:

".. وغفر لهما وتاب عليهما، ولكنه أمره بالخروج من الجنة، كما أمر إبليس بالخروج منها، لأنهما عصياه كما عصاه، وإن كان الفرق بينهما: أنه ظل مصرا على المعصية، ولم يتب، فلم يغفر له الله، بينما وقف آدم وزوجته في موقف التوبة إلى الله، فغفر لهما" [من وحي القرآن ج10ص58ط2]

 

ويقول:

"فانطلقا إليها بكل شوق ولهفة، وأطبقت عليهما الغفلة عن مواقع أمر الله ونهيه، لأن الإنسان إذا استغرق في مشاعره، وطموحاته الذاتية، واستسلم لأحلامه الخيالية، نسي ربّه، ونسي موقعه منه".

 

ويقول:

"كيف نسيا تحذير الله لهما؟ كيف أقبلا على ممارسة الرغبة المحرمة؟" [من وحي القرآن ج10ص57ط2]

 

ويقول عنه:

"كان يعيش الضعف البشري أمام الحرمان" [من وحي القرآن ج15ص163ط2]

 

- كان عاصيا ولم يكن مكلفا؟؟؟.

 

ويقول:

"فالله أراد أن يدخل آدم في دورة تدريبية، ولذلك لم يكن أمراً جدياً. ولكنه كان أمراً امتحانيا، اختباريا تجريبيا. وكان أمرا تدريبيا، تماما كما يتم تدريب العسكري، ولذلك فالجنة لم تكن موضع تكليف وما يذكر لا يرتبط بالعصمة أبدا، نعم إن الأنبياء من البشر وهم يعيشون نقاط الضعف، ولكن نقاط الضعف التي لا تدفعهم إلى معصية الله، أما مسألة الجنة وقصة آدم في الجنة فهذا خارج عن نطاق التكليف. لقد أراد الله أن يدخله في دورة تدريبية حتى يستعد للصراع القادم عندما ينزل هو وإبليس إلى الأرض ليكون بعضهم لبعض عدوا حتى يتحرك في مواجهة العداوة التاريخية" [ الندوة ج1ص315]

ونقول:

تلك هي الصورة التي قدمها السيد فضل الله عن النبي آدم عليه السلام في بعض جوانب شخصيته، فهل ذلك كله يليق نسبته إلى نبي من أنبياء الله؟ بل هل يرضى أحد من الناس بأن ينسب إليه بعض من ذلك، كأن يقال عنه: إنه ساذج أو يمارس الرغبة المحرمة أو غير ذلك مما تقدم؟..

ونحن قبل أن ننتقل إلى الحديث عن موارد أخرى نسجل ما يلي:

إن الموافق لأصول العقيدة أن يقال: إن معصية آدم ليست كمعصية إبليس، وان تصرف آدم عليه السلام لم يكن تمردا على إرادة الله سبحانه.. وهو المروي عن أئمة أهل البيت (ع).

كما أن الفرق بين آدم (ع) وإبليس (لعنه الله) ليس هو في التوبة وعدمها، وإنما هو في خصوصيات ذاتية، وملكات وحوافز لا تدع مجالا لقياس أحدهما بالآخر..

كما أننا لا نوافق على التعبير بأن آدم (ع) قد نسي ربه سبحانه وتعالى، ونسي موقعه منه، فلم يكن آدم النبي لينسى ربّه، بل كان دائم الحضور معه، وفي غاية الإنقياد والإستسلام له.. كما هو حال الأنبياء والأولياء سلام الله عليهم.

تفسير الآيات:

ونرى أن المناسب لأصول العقيدة هو تفسير الآيات التي تحكي قصة آدم على النحو التالي:

1 ـ إن آدم عليه السلام حين نهاه الله سبحانه عن الأكل من الشجرة، قد عرف من خلال ذلك وجود مضرة من أكلها يصعب عليه تحملها، لكن إبليس قال له: إن هذا الضرر وإن كان صعبا، ولكن لو تحملت ذلك الضرر فثمة نفع عظيم ستحصل عليه وهو الخلود.

وليس من حق آدم أن يكذّب أحدا لم تظهر له دلائل كذبه، فكان من الطبيعي أن يقبل آدم منه ما أخبره به، ورضي أن يتحمل هذه الصعوبة البالغة من أجل ذلك النفع، وكانت له الحرية في أن يقرر ويختار هذا النفع في مقابل ذلك الضرر، وتلك الصعوبة البالغة، أو لا يختار ذلك.

وهذا كما لو أخبرك طبيب بأن جلوسك في الشمس قد يتسبب لك بآلامٍ حادة في الرأس، ولكنه سيضفي أثرا جماليا على لون البشرة، أو يشفيك من مرض جلدي معين.

أو كما لو أجريت لك عملية زرع شعر، أو عملية تجميلية، أو أعطاك الطبيب دواء مرا، للتخلص من وجع معين، فلم تطعه، أو ما إلى ذلك.. مما يتوقف على الألم والعناء الشديدين، فإن فعلت هذا الأمر تحصل على ذاك الامتياز، وإن أردت السلامة وعدم التعرض للأوجاع والمتاعب، فلن تحصل على شيء.

2 ـ إنك حين تفعل ذلك الأمر لا تكون متمردا على إرادة الذي نهاك عن الفعل ليرشدك إلى مشقته، وليجنبك التعب والشقاء.. ولا تكون بذلك خارجا عن زي العبودية والانقياد، ولا مخلا بمولوية سيدك وآمرك.

وهذا كما لو قال السيد لعبده أو الأب لولده: لا تركض حتى لا تتعب، ثم قال له رفيقه: أركض لتصبح أقوى، فإذا علم بالتعب، وعلم بالقوة، فإن اختياره العمل بقول رفيقه لا يعني التمرد على إرادة أبيه.

3 ـ في هذه الصورة الأخيرة يصح أن يقال: عصيت أبي فتعبت وعرقت، ولو أنك لم تقبل بشرب الدواء المر، أو لم تبادر إلى إجراء عملية التجميل، فإنه يصح أن يقال: إنك عصيت أمر الطبيب.

4 ـ وحين لا يتحقق ذلك الهدف الذي توخى الفاعل الحصول عليه، وهو الحصول على الخلد، أو الحصول على بعض المنافع، فمن الصحيح أن يقال: إنه عصى فغوى، أي لم يحقق مراده ولم يصل إلى هدفه، بل غوى عنه ومال.

5 ـ أما سذاجة آدم فلا ندري كيف يكون هذا النبي ساذجا وبسيطا مع أن المفروض بأي مؤمن أن يكون كيّسا فطنا، فهل هي سذاجة من أصل الخلقة؟! أم هي ناشئة عن نقص في إيمان آدم؟!

ولعل هذا البعض قد حسب أن عدم معرفة آدم (ع) بأمر خفي، لم يجد السبيل إلى معرفته، نوعٌ من السذاجة والبساطة..مع أن هناك فرقاً بين السذاجة التي تعني التطلع إلى الأمور بنظرة حائرة بلهاء كما سيأتي في كلام نفس هذا البعض عن إبراهيم (أبي الأنبياء) عليه السلام أو تعني نوعا من القصور في الوعي والفهم، كما يقول عن آدم (ع)، وصرح به في خطبة ليلة الجمعة بتاريخ (29 ـ ج2 ـ 1418هـ) وبين عدم الإطلاع على الواقع لسبب أو لآخر.

وكيف يكون آدم ساذجا وقد خلقه الله تعالى بيديه وعلمه الأسماء كلها، وباهى به ملائكته، وأثبت لهم أنه أوسع علما ومعرفة منهم، وأمرهم أن يجعلوه قبلة في سجودهم لله سبحانه، وذلك تكريما منه تعالى لآدم وتعظيما له؟ أم يعقل أن الله سبحانه ـ بالرغم من ذلك كله ـ لم يتقن خلق آدم، ولم يتدارك مواقع الخلل فيه، وهو الذي يقول: {تبارك الله أحسن الخالقين}؟!

 

"أن غيبة الإمام المهدي عليه السلام إنما هي ليكتسب خبرة قيادية".

6 ـ أما الدورة التدريبية التي تحدث عنها بالنسبة لآدم، ولغيره من الأنبياء، فنحن نخشى أن يكون ثمة رغبة في الحديث عن دورات مماثلة لعيسى، وللإمامين الجواد والهادي والإمام المهدي عليهم السلام!! حيث، إن تصديهم للمقامات الإلهية لم تسبقه دورة تدريبية فيها أوامر امتحانية وعسكرية.

إلا أن يقال: إن إمامتهم لم تبدأ في ذلك السن، وبقي مقام النبوة والإمامة شاغرا إلى أن انتهت دوراتهم التدريبية. ولعل ما يعزز هذا الاحتمال ما قالوه من:

فلما أوردنا عليهم الإشكال قالوا:

 

"إن الشهيد الصدر هو الذي قال ذلك..".

 

فراجعنا كلام الشهيد الصدر، فوجدناه يقول:

"وعلى هذا الأساس نقطع النظر مؤقتا عن الخصائص التي نؤمن بتوفرها، في هؤلاء الأئمة المعصومين. راجع كتاب بحق حول المهدي ص42 وما بعدها أي: من أجل تقريب الفكرة لمن لا يعتقد بما نعتقده، كذا وكذا..

 

وهكذا يتضح: أن آيات القرآن لا تريد أن تنسب لآدم (ع)، ما ينسبه إليه السيد فضل الله من هنات ونقائص.

 

وفي رواية عن الإمام الرضا عليه السلام:

لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا عليه السلام أهل المقالات من أهل الإسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وسائر أهل المقالات فلم يقم أحد إلا وقد ألزم حجته كان قد القم حجراً ، فقام إليه علي بن محمد بن الجهم فقال يابن رسول الله أتقول بعصمة الأنبياء ؟ قال : بلى ، قال فما تعمل في قول الله عز وجل :  { وعصى آدم ربه فعوى } وقوله عز وجل { وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه } وقوله في يوسف { ولقد همت به وهم بها } وقوله عز وجل في داوود { وظن داوود أنما فتناه} وقوله في نبيه محمد صلى الله عليه وآله { وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} ؟ فقال مولانا الرضا عليه السلام : ويحك يا علي اتق الله ولا تنسب إلى أنبياء الله الفواحش ولا تتأول كتاب الله برأيك ، فإن الله عز وجل يقول : { وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم} أما قوله عز وجل في آدم عليه السلام : { وعصى آدم ربه فغوى} فإن الله عز وجل خلق آدم حجة في الأرض ، وخليفته في بلاده ، لم يخلقه للجنة ، وكانت معصية آدم عليه السلام في الجنة لا في الأرض لتتم مقادير أمر الله عز وجل ، فلما اهبط إلى الأرض وجعل حجة وخليفة عصم بقوله عز وجل  { إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين} وأما قوله عز وجل : { وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه} إنما ظن أن الله عز وجل ر يضيق على أحد رزقه ألا تسمع قوله عز وجل { وأما إذا ابتلاه فقدر عليه رزقه}؟ أ يضيق عليه ، ولو ظن أن الله لا يقدر عليه لكان كفر. وأما قوله عز وجل في يوسف: { ولقد همت به وهم بها } فإنها همت بالمعصية ، وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما داخله، فصرف الله عنه قتلها والفاحشة ، وهو قوله : { كذلك لنصرف عنه السوء } يعني القتل ، والفحشاء يعني الزنا. وأما داود فما يوقل من قبلكم فيه ؟ فقال علي بن الجهم : يقولون أن داود كان في محرابه يصلي إذا تصور له إبليس على صورة  طير أحسن ما يكون من الطيور ، فقطع صلاته وقام ليأخذ الطير فخرج إلى الدار ، فخرج في أثره فطار الطير إلى السطح فصعد في طلبه فسقط الطير في دار أوريا بن حنان ، فاطلع داود في أثر الطير فإذا بإمرأة أوريا تغتسل ، فلما نظر إليها هواها ،وكان أوريا قد أخرجه في بعض غزواته ، فكتب إلى صاحبه أن أقدم أوريا أمام الحرب ، فقدم فظفر أوريا بالمشركين ، فصعب ذلك على داود ، فكتب ثانية أن قدمه أمام التابوت ، فقتل أوريا رحمه الله ، وتزوج داود بإمرأته ، فضرب الرضا عليه السلام بيده على جبهته وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لقد نسبتم نبياً من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته حتى خرج في أثر الطير ، ثم بالفاحشة ، ثم بالقتل ، فقال يابن رسول الله فما كانت خطيئة ؟ فقال: ويحك إن داود إنما ظن أن ما خلق الله عز وجل خلقاً هو أعلم منه ، فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا الحراب فقالا: خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط * إن هذا أخي له تسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب * فجعل داود عليه السلام في المدعى عليه فقال : لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ، فلم يسأل المدعي البينة على ذلك ، ولم يقبل على المدعى عليه فيقول : ما تقول ؟ فكان هذا خطيئة حكمه ، لا ما ذهبتم إليه ، ألا تسمع قول الله عز وجل يقول : { يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق} إلى آخر الآية ، فقلت يابن رسول الله فما قصة اوريا ؟ فقال الرضا عليه السلام إن المرأة في أيام داود إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبداً ، وأول من أباح الله عز وجل أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود فذلك الذي شق على اوريا ، وأما محمد نبيه صلى الله عليه واله وقوله عز وجل له: { وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه } فإن الله عز وجل عرف نبيه أسماء أزواجه في دار الدنيا وأسماء أزواجه في الآخرة ، وأنهن أمهات المؤمنين ، وأحد من سمى له زينب بنت جحش وهي يومئذ تحت زيد بن حارثة ، فأخفى صلى الله عليه واله اسمها في نفسه ولم يبد له لكيلا يقول أحد من المنافقين ، إنه قال في امرأة رجل : إنها أحد أزواجه من أمهات المؤمنين ، وخشى قول المنافقين ، قال الله عز وجل { والله أحق أن تخشاه في نفسك} وأن الله عز وجل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج آدم وحواء ، وزينب من رسول الله صلى الله عليه واله ، وفاطمة من علي عليه السلام ، قال فبكى علي بن الجهم وقال : يابن رسول الله أنا تائب إلى الله عز وجل أن أنطق في أنبياء الله عز وجل بعد يومي هذا إلا بما ذكرته.

عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق ج-2 ص170 /الأماي للشيخ الصدوق ص150/الفصول المهمة في الأصول ج-1 ص 442/بحار الأنوار ج- 11 ص 72 وج 49 ص179/مستند الإمام الرضا (ع) ج-2 ص 93 /تفسير نور الثقلين ج-3 ص 404 /تفسير الميزان ج-1 ص 145 و11 ص 166/قصص الأنبياء للجزائري ص 13 .

فلماذا لم يمتثل إلى أمر الإمام الرضا عليه السلام وينسب الفواحش إلى الأنبياء عليهم السلام  وعدم الامتثال لهم عليهم السلام  كالراد عليهم والراد عليهم كالراد على رسول الله صلى الله عليه وآله والراد على رسول الله صلى الله عليه وآله فقد رد على الله جل وعلا .

العودة