ـ الخلاف بعد النبي لم يضر بالإسلام.

ـ المسيرة الإسلامية لم تنحرف بعد النبي (ص).

ويتحدث السيد محمد حسين فضل الله عن خلافات الصحابة بعد النبي(ص) فيقول:

"علينا أن نمارس خلافنا في الرأي كما مارسه الأولون، فقد مارسوه فيما لم يكن الاختلاف مضرة للإسلام، حتى سارت المسيرة الإسلامية في طريقها المستقيم" [الندوة ج1ص439]

ظاهر الكلام أن الصحابة لم يمارسوا خلافاتهم بصورة مضرة للإسلام، فلم يكن اغتصاب بعضهم للإمامة مثلا ضررا على الدين، ولا انحرافا بل سارت المسيرة الإسلامية في طريقها المستقيم!!!

 

ـ إبعاد علي(ع) كان نتيجة فهم الكلام بطريقة معينة.

ـ المسلمون(!!) فهموا ذلك.

ـ الخطأ في اجتهاد أهل السقيفة.

ـ مشكلتنا: أن حديث الغدير مروي بشكل مكثف.

ـ ينبغي لأهل السنّة أن يناقشوا سند حديث الغدير.

ـ كلمات النبي (ص) في الغدير، تجعل الشك في أذهان الناس.

ـ النبي (ص) لم يكتب كتابا للأمة لأنه أراد للتجربة أن تتحرك.

 

أ ـ ويقول السيد محمد حسين فضل الله:

"إنطلق رسول الله(ص) ليؤكد مسألة القيادة من بعده، حتى لا تكون حركة المسلمين في فراغ، بعد أن ينتقل (ص) إلى الرفيق الأعلى.

ولكن المسلمين فهموا القضية بطريقة معينة، ففرضت الأوضاع الجديدة نفسها، والتي أوجدوها خارج دائرة توجيهات رسول الله (ص)؛ فأبعد علي (ع).[للإنسان والحياة 257]

فالفهم الخاطيء لكلام النبي(ص) كان هو السبب في إبعاد علي عليه السلام..

ب ـ ولكنه يذكر في مورد آخر: أن سبب فهم المسلمين لهذا الأمر بطريقة معينة هو أن النبي (ص) قد تكلم بطريقة تلقي بأذهان الناس الشك، فهو يقول:

"بيعة الغدير مما يذكره السنة والشيعة، لكن دخل بعض الناس على الخط، كما يقرأ في كلمة (مولى): من كنت مولاه فعلي مولاه، يعني ناصره، فالقضية ربما كانت من خلال طبيعة الكلمات مجالا لأن النبي (ص) مثلا، بأذهان الناس يصير شك.

أما لماذا لم يكتب النبي(ص) كتابا؟ كان النبي ذاك الوقت يريد للتجربة أن تتحرك [ للإستماع إضغط هنا]

 ـ وإذا ضممنا إلى ما تقدم حديث البعض عن سند حديث الغدير، ودعوته أهل السنة للبحث فيه أيضا، فهو يقول في نطاق سؤال وجواب:

سؤال: يقول تاريخ الشيعة بأن رسول الله (ص) نصّب عليا (كرّم الله وجهه) على مشهد من (120) ألف مسلم ما بقي منهم إلاّ أربعة أو خمسة، فهل هذا مقبول منطقيا؟

"جواب ـ عندما ندرس كيف تتبدل الأوضاع، وكيف تتغير الأفكار وكيف تختلط الأوراق فإننا نجد بالتجربة الكثير من واقعنا، والسبب في ذلك هو أن المؤثرات التي يمكن أن تتحرك في الواقع الإجتماعي أمام أية قضية لا تتحرك في المجرى الإجتماعي الذي يرضاه الناس أو يحبونه.

فلا بد أن تتحرك الكثير من الأساليب والوسائل من أجل إبعاد القضية عن خطها المستقيم ولو بالقول.

لقد قال رسول الله (ص) (من كنت مولاه فعلي مولاه) فهل إن معناه من كنت أحبه فعلي يحبه ومن كنت ناصره فعلي ناصره، أو إن معناه من كنت أولى به من نفسه ـ وهو معنى الحاكمية ـ فعلي أولى به من نفسه، فبعض الناس يقول هذا تصريح وليس تأكيدا. إنّ مشكلتنا هي أن (حديث الغدير) هو من الأحاديث المروية بشكل مكثف من السنة والشيعة، ولذلك فان الكثير من إخواننا المسلمين السنة يناقشون الدلالة ولا يناقشون السند، في الوقت الذي لا بد أن ندرس القضية من خلال ذلك أيضا، فعندما ندرس قصة الحسن والحسين (ع) نجد أن النبي (ص) ربّى لهم حبّا في نفوس المسلمين وقد استطاعوا أن يعمقوا هذا الحب من خلال سلوكهم وسيرتهم. وكدليل على ذلك عندما انطلق الإمام الحسين (ع) وقد بايعه أهل الكوفة التقى (الفرزدق) في الطريق فقال له: (قلوبهم معك وسيوفهم عليك) ونحن عشنا أيها الأحبة، الكثير من هذا في (العراق) وعشناه في (لبنان) ونعيشه في أكثر من موقع في العالم، لأن مسألة الجماهير هي أنها تنطلق بانفعال وتتحرك بانفعال أيضا. هذه هي المسألة التي تجعل هذا الواقع واقعا قريبا من المنطق" [الندوة ج1ص422]

د ـ مشكلة السيد محمد حسين فضل الله إذن هي أن حديث الغدير مروي بشكل مكثف عند السنة والشيعة.. ورغم أن أهل السنة يناقشون في دلالة حديث الغدير فقط، فإنه يتمنى عليهم أن يناقشوا السند بالإضافة إلى المتن..

هـ ـ ومهما يكن من أمر، فإن السيد محمد حسين فضل الله نفسه هو الذي اعتبر قضية الإمامة من المتحول الذي لا صراحة فيه من حيث الدلالة إلى درجة عدم احتمال الخلاف فيه، ولا موثوقا سندا إلى درجة عدم إمكان الشك فيه، فهو يقول وهو يتحدث عن الثابت والمتحول داخل الثقافة الإسلامية:

"هناك المتحول الذي يتحرك في عالم النصوص الخاضعة في توثيقها ومدلولها للاجتهاد، ما لم يكن صريحا بالمستوى الذي لا مجال لاحتمال الخلاف فيه، ولم يكن موثوقا بالدرجة التي لا يمكن الشك فيه، وهذا هو الذي عاش المسلمون الجدل فيه، كالخلافة والإمامة، والحسن والقبح العقليين"

فالإمامة إذن تعاني من مشكلة، إما في السند أو في الدلالة، ولأجل ذلك اختلف المسلمون؛ فهم مأجورون فيما توصلت إليه اجتهاداتهم، ولو أخطأوا في تلك الاجتهادات.

ونقول:

ونحن قبل أن نتابع حديثنا نلفت النظر إلى النقاط التالية:

1 ـ أمّا بالنسبة لأسانيد أحاديث الإمامة.. فنقول: إنها متواترة في موارد عديدة منها.. عند السنة والشيعة معا، وصحيحة السند في موارد كثيرة أخرى عند السنة والشيعة أيضا.. وحديث الغدير أيضا من الأحاديث المتواترة، كما لا يخفى على من لاحظ كتاب الغدير للعلاّمة الأميني، وغيره من مؤلفات علماء هذا المذهب، وكذلك مؤلفات سائر المسلمين.

فلا معنى للحديث حول هذا الموضوع، كما لا معنى لاعتبار الإمامة من المتحول استنادا إلى ذلك، ولو جزئيا.

2 ـ إن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، قد أمره الله بتبليغ ما أنزله إليه في قوله تعالى: {وإن لم تفعل فما بلّغت رسالته} سورة المائدة الآية67

فإذا كان قد تكلم بكلمات تستوجب الشك في أذهان الناس، فمعنى ذلك: أنه لم يبلغ ما أمره الله بتبليغه.

فإمّا أنه تعمّد زرع الشكّ والشبهة في عقول الناس، أو أنه لم يحسن التبليغ، ولم يعرف الطريقة المناسبة التي يتحقق بها ذلك، وكلا الأمرين باطل لا يصح نسبته إلى النبي (ص).

وفي كلا الحالين: كيف يصح أن ينزل الله سبحانه بعد إتمام الحجة في يوم الغدير الآية الشريفة التي تقول:

{اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا} سورة المائدة الآية3

فهل يصح ـ والعياذ بالله ـ أن يقال: إن الله سبحانه لم يكن عالما بأن رسوله قد أوهم الناس وشكّكهم، ولم يبلغهم ذلك، ولم يمتثل أمره.. أم أن الله ـ والعياذ بالله ـ قد أراد أن يمتنّ على الناس بأمر وهمي لا حقيقة له ؟!..

3 ـ إن فهم المسلمين للنص بطريقة معينة، هل يعني: أن القصة كانت مجرد فهم واجتهاد خاطيء – ولم يكن ثمة تعمد إلى إبعاده عليه الصلاة والسلام؟! ـ وإذا كان ذلك نتيجة فهم خاطيء فالظاهر أنهم مأجورون على هذا الخطأ في الاجتهاد..؟

4 ـ إن هذا الفهم المعيّن للنص هل كان عامّا للمسلمين كلهم ـ كما هو ظاهر عبارته ـ وهل شمل هذا الفهم المعيّن سلمان، وأبا ذر، والهاشميين وغيرهم.. أم اقتصر على فريق دون فريق..؟!

وماذا نصنع بقول القائل بعدما بايعوا عليا (ع) يوم الغدير:بخ بخ لك يا علي، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة ؟!

5 ـ وإذا كانت الإمامة لا بد فيها من ثبوت النص، ثم وضوحه، فهل يعني ذلك: أن تصبح الإمامة فاقدة لكلا هذين الشرطين، ويكون عدّها من المتحول قد وقع من أهله في محله؟! وذلك لأنها ليست من البديهيات عند بعض المسلمين، منذ وفاة الرسول (ص) على حدّ زعم السيد محمد حسين فضل الله، فهي إذن فكر بشري قابل للاجتهاد وليس إلهيّا على حدّ تعبير ذلك البعض أيضا، كما تقدّم في مطلع هذا الفصل؟!

ولسنا ندري هل إن وجود شبهة في أمر بديهي لدى السيد محمد حسين فضل الله يجعل هذا البديهي من المتحول، ومجرد وجهة نظر ؟ وبالتالي يجعله فكرا بشريا ؟.. وهل إذا كانت هناك شبهة في مقابل البديهة تسقط البديهة عن بداهتها ؟!

نعم قد دل الدليل على أن من لم يقل بالإمامة ـ مع بداهتها ـ لشبهة طرأت عليه، لا لجحود وإنكار، يحكم بإسلامه.

العودة