ـ إبراهيم يتحير في أمر نزول العذاب على القوم ولوط فيهم.

ـ إبراهيم لا يعرف أن الله ينجي أنبياءه من عذاب الإستئصال.

ـ إبراهيم تصرف انطلاقاً من النظرة السريعة للموقف.

ـ التسرع سبب الإعلان المفاجئ عن تعذيبهم.

ـ إبراهيم تسرع في البشارة فاستغرب ذلك واستبعد

ـ لا يستحضـر في نفسه كل ما يتصل بالاحداث.

ـ قد تكون فكرة هلاك لوط مع قومه واردة عند إبراهيم.

ـ الرواية تؤيد الرأي المخالف.. الذي ناقشه ولا يأخذ بها.

يقول السيد محمد حسين فضل الله:

"{قال إن فيها لوطاً} فإذا كانوا ظالمين، فإن لوطاً ليس منهم، فكيف ينزل العذاب عليها وهو فيها، فإن عذاب الله إذا نزل على أهل بلد شمل الجميع، فلا ينجو منه أحد{قالوا نحن أعلم بمن فيها} فقد عرفنا وجود لوط، وقد خططنا لإخراجه منها مع أهله ـ ما عدا امرأته ـ قبل إنزال العذاب، فإن الله قد أنزل العذاب عليهم لإستحقاقهم ذلك ولتمردهم على لوط واستخفافهم به، ولاستجابة دعائه بالنصرة عليهم، فكيف يناله العذاب و{لننجينه وأهله، إلا امرأته كانت من الغابرين} الهالكين الذين يضمهم غبار الموت لأنها كانت مؤيدة لقومها ضد لوط.

هل كان إبراهيم يعلم أن لوطاً يعذب؟

وهناك لفتة جيدة، ذكرها صاحب تفسير الميزان في تفسير كلام إبراهيم للملائكة {إن فيها لوطاً} قال: إن إبراهيم ـ عليه السلام ـ، لم يكن ليجهل أن الله سبحانه لا يعذب لوطاً وهو نبي مرسل، وإن شمل العذاب جميع من سواه من أهل قريته، ولا أنه يخوفه ويذعره ويفزعه بقهره عليهم، بل كان (عليه السلام) يريد بقوله:{إن فيها لوطاً} أن يصرف العذاب عن أهل القرية كرامة للوط لا أن يدفعه عن لوط، فأجيب بأنهم مأمورون بإنجائه وإخراجه من بين أهل القرية ومعه أهله إلا امرأته كانت من الغابرين.

والدليل على هذا الذي ذكرنا قوله تعالى في سورة هود في هذا الموضع من القصة: {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط، إن إبراهيم لحليم أواه منيب، يا إبراهيم أعرض عن هذا، إنه قد جاء أمر ربك، وإنهم ءاتيهم عذاب غير مردود} (هود: 74 ـ 76) تفسير الميزان ج16ص128

وقد نلاحظ على ذلك، أن الآية لا يظهر فيها ما ذكره، ولهذا كان جواب الملائكة بياناً لمصير لوط، لا لمناقشة مصير قومه، كما ذكر في سورة هود، ولا مانع من أن يكون إبراهيم ـ عليه السلام ـ قد أثار مصير قوم لوط معهم كما أثار مصير لوط، انطلاقاً من النظرة السريعة للموقف على أساس الإعلان المفاجئ عن تعذيبهم، تماماً كما كان رد فعله السريع على البشارة، باستغراب ذلك واستبعاده، وليس من الضروري أن يكون النبي مستحضرا في نفسه لكل الأمور المتصلة بالاحداث، بحيث يفقد عنصر المفاجأة في كل شيء، فقد تكون فكرة هلاك لوط مع قومه واردة على أساس أن الأمور التكوينية لا تفرق في بلاء الدنيا بين الصالحين، وغيرهم، والله العالم.

وقد جاء في الكافي ما ربما يؤيد التفسير السابق الذي ناقشناه، بإسناده عن أبي زيد الحماد، عن أبي عبد الله جعفر الصادق ـ عليه السلام ـ في حديث نزول الملائكة على إبراهيم بالبشرى قال: فقال لهم إبراهيم: لماذا جئتم؟ قالوا: في إهلاك قوم لوط فقال لهم: إن كان فيها مائة من المؤمنين أتهلكونهم؟ فقال جبرئيل لا، قال: فإن كان فيها خمسون؟ قال: لا، قال: فإن كان فيها ثلاثون؟ قال: لا، قال: فإن كان فيها عشرون؟ قال: لا. قال: فإن كان فيها عشرة؟ قال: لا، قال: فإن كان فيها خمسة؟ قال: لا، قال: فإن كان فيها واحد؟ قال: لا، قال: فإن كان فيها لوطاً؟ قالوا: نحن أعلم بمن فيها لننجيه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين، قال الحسن بن علي (عليه السلام): لا أعلم هذا القول إلا وهو يستبقيهم، وهو قول الله تعالى {يجادلنا في قوم لوط}    [ من وحي القرآن ج18ص46-48ط2]

 

ونقول:

إننا نلاحظ الأمور التالية:

1 ـ قوله:

"إن قلق إبراهيم عليه السلام إنما كان على مصير النبي لوط (عليه السلام) وذلك استناداً إلى قول إبراهيم للملائكة: {إن فيها لوطاً..}.."

غير صحيح فإن هذا القول لا يدل إلا على توقعه أن وجود لوط سيمنع من أن ينالهم العذاب.. ولا يدل على اعتقاده أن العذاب ـ لو نزل ـ سيحيق بلوط أيضاً.

2 ـ إن الله سبحانه قد صرح بأن جدال إبراهيم إنما كان في قوم لوط، قال تعالى: {فلما ذهب عن إبراهيم الروع، وجاءته البشرى، يجادلنا في قوم لوط، إن إبراهيم لحليم أواه منيب، يا إبراهيم أعرض عن هذا} أي عن رفع العذاب عن قوم لوط {إنه قد جاء أمر ربك، وإنهم آتيهم عذاب غير مردود} سورة هود74-76

3 ـ هذا بالإضافة إلى الرواية المروية عن الإمام الصادق، والتي أوردها السيد محمد حسين فضل الله نفسه حيث تدل ـ كما اعترف هو نفسه ـ على أن إبراهيم كان مهتماً برفع العذاب عن قوم لوط، وأنه اتخذ من وجود لوط فيما بينهم ذريعة إلى ذلك فلماذا يصر هذا البعض على مخالفة الرواية، بل الآية أيضا؟!

ولماذا أشار إلى دلالة الرواية على خلاف ما يذهب إليه، مع مزيد من التضعيف، وإثارة الشك والارتياب في تلك الدلالة، حيث قال: "ما ربما يؤيد".

4 ـ لماذا يتهم إبراهيم (عليه السلام) شيخ الأنبياء، وأفضلهم بعد نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) بأنه كان متسرعاً في موقفه، وواقعاً تحت تأثير المفاجأة، حتى إنه حينما جاءته الملائكة بالبشرى استغرب ذلك واستبعده..

كما أنه قد عرّض به (عليه السلام) حين اعتبر أن ليس من الضروري أن يكون إبراهيم (عليه السلام) مستحضراً في نفسه لكل الأمور المتصلة بالأحداث بحيث يفقد عنصر المفاجأة في كل شيء.

فإن هذا التعريض مرفوض جملة وتفصيلاً، إذ مهما كان وقع المفاجأة على إبراهيم (عليه السلام) قوياً، فإنه لا يمكن أن لا يمر في وهمه: أن الله سبحانه رحيم بالعباد، ولا يفعل إلا الحق، ولا ينزل العذاب إلا بمن يستحق.

ولا يمكن أيضاً أن تختلط عليه الأمور فيظن أن الله سبحانه ينزل العذاب بحيث يشمل حتى نبيه الذي أرسله.. فإن غضب الله سبحانه ليس عشوائياً بحيث لا تبقى ثمة ضوابط أو معايير لما يصدر عنه ومنه، وحاشا إبراهيم أن يظن بالله ذلك.

5 ـ وإذا كان السيد فضل الله قد أدرك هذه الحقيقة، وهي إساءة القوم واستحقاقهم نزول العذاب عليهم، ثم نزوله بالفعل، ونبي الله فيهم معناه هلاك ذلك النبي الأمر الذي لا بد أن يمنع من نزول العذاب ـ نعم إذا أدرك هذا البعض ذلك فكيف لم يدركه إبراهيم النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ؟!..

6 ـ وقد كان من المفروض: أن يثور احتمال لدى إبراهيم، إن يخرج الملائكة لوطاً من بين قومه، ثم يهلكونهم بما فعلت أيديهم.

7 ـ ومن الواضح: أن إبراهيم كان يعلم: أن للشفاعة تأثيراً في رفع العذاب، وهي من أسباب غفران الذنوب حتى الكبيرة..

وقد كان الموقف يحتاج إلى إظهار وتجسيد حقيقة أن عذاب قوم لوط قد أصبح من المحتوم، وأن جرائمهم هي من الخطورة إلى درجة أنها حجبت حتى عنصر الشفاعة عن التأثير في رفع العذاب عنهم.. وقد كان من واجب إبراهيم أن يبادر إلى ذلك الموقف من أجل أن تستنفد جميع الأسباب، من جهة، ومن أجل إظهار وتجسيد هذه الحقيقة بالذات من جهة أخرى..

8 ـ إن السيد فضل الله قد ادعى أن إبراهيم خاف على لوط، ولم يكن يعرف أن الله ينجي أنبياءه من عذاب الإستئصال.

ونقول:

إن العقل يرفض أخذ البريء بذنب المجرم، كما أن النصوص القرآنية قد ألمحت وصرحت مراراً وتكراراً بأن الله لا يظلم أحداً، ولا يعامل البريء والمذنب على حد سواء، {أفنجعل المسلمين كالمجرمين} سورة القلم 35 وسورة النساء 40 وصرحت الآيات أيضاً بأنه تعالى إنما يهلك أهل القرى بظلمهم، ويأخذهم بذنوبهم.. سورة القصص: الآية 59، والعنكبوت: الآية 31 و 34 و 40، وسورة الأعراف: الآية 100، وسورة النحل: 112 و 113، وسورة الإسراء: 16، وسورة الأنبياء: 11، وسورة الحج: 45 و 48

بل صرحت بأن الله ينجي المؤمنين، ويهلك من عداهم فقد قال تعالى:

{واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر، إذ يعدون في السبت، إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعاً، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم، كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون. وإذ قالت أمة منهم: لم تعظون قوماً الله مهلكهم، أو معذبهم عذاباً شديداً، قالوا: معذرة إلى ربكم، ولعلهم يتقون. فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء، وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون، فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين} سورة الأعراف: الآيات 163 ـ 166

وبعدما تقدم نقول:

صحيح أن السنة الإلهية جارية على أن عذاب الإستئصال إذا نزل، فإنه يعم كل من نزل عليهم..

ولكن من الواضح أيضاً: ان العذاب إنما ينزل على خصوص المجرمين، إما لارتكابهم الجرائم فعلاً، أو لأجل رضاهم بها وعدم قيامهم بواجبهم في رفعها، وعدم تحريكهم ساكناً في مواجهتها.

فيأخذهم الله بذنوبهم نفسها.. فهل يمكن اتهام لوط بأنه مقصر في واجباته، أو أنه مرتكب للجرائم أو راض بارتكابها؟! أو هل يمكن اتهام إبراهيم بأنه يجهل هذه الحقيقة أعني حقيقة أن الله لم يكن ليعذب نبيه بعذاب الاستئصال؟ بل ينجيه منه وينجي من آمن معه؟!

ولأجل ذلك نجد أن الله سبحانه لم يغرق قوم نوح حتى صنع نوح السفينة، وحمل بها كل من آمن معه، فلماذا لم يتعلم إبراهيم ـ عليه السلام ـ من هذه القضية بالذات.

وقد سئل الرضا (عليه السلام): لأي علة أغرق الله عز وجل الدنيا كلها في زمن نوح عليه السلام وفيهم الأطفال، وفيهم من لا ذنب له؟ فقال عليه السلام: ما كان فيهم الأطفال، لأن الله (عز وجل) أعقم أصلاب قوم نوح (عليه السلام)، وأرحام نسائهم أربعين عاماً، فانقطع نسلهم، فغرقوا ولا طفل فيهم، وما كان الله ـ عز وجل ـ ليهلك بعذابه من لا ذنب له.

وأما الباقون من قوم نوح (عليه السلام) فأغرقوا لتكذيبهم نبي الله نوحاً (عليه السلام)، وسائرهم أغرقوا برضاهم بتكذيب المكذبين.

ومن غاب عن أمر، فرضي به كان كمن شهده وأتاه علل الشرائع: ص22 وعيون أخبار الرضا: ج1، ص231 والبحار: ج5 ص283

وسأل سدير أبا جعفر (عليه السلام): أرأيت نوحاً (عليه السلام) حين دعا على قومه، فقال: يا رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً، إنك إن تذرهم يضلوا عبادك، ولا يلدوا إلا فاجراً كفارا)؟.

قال (عليه السلام): علم أنه لا ينجب من بينهم أحد، قال: قلت: وكيف ذلك؟! قال: أوحى الله إليه: {إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} فعند هذا دعا عليهم بهذا الدعاء علل الشرائع: ص22 ـ والبحار: ج5، ص283

وعن ابن عباس: قال عزير: يا رب، إني نظرت في جميع أمورك وإحكامها، فعرفت عدلك بعقلي، وبقي باب لم أعرفه، إنك تسخط على أهل البلية، فتعمهم بعذابك، وفيهم الأطفال!

فأمره الله تعالى: أن يخرج إلى البرية، وكان الحر شديداً، فرأى شجرة فاستظل بها ونام، فجاءت نملة فقرصته، فدلك الأرض برجله، فقتل من النمل كثيراً، فعرف أنه مثل ضرب، فقيل له:

(يا عزير، إن القوم إذا استحقوا عذابي قدرت نزوله عند قضاء آجال الأطفال، فماتوا أولئك بآجالهم، وهلك هؤلاء بعذابي) بحار الأنوار: ج5، ص286، عن قصص الأنبياء

قال المجلسي:

(إن الله تعالى كما أنه يميت متفرقاً، إما لمصلحتهم، أو لمصلحة آبائهم، أو لمصلحة النظام الكلي، كذلك قد يقدر موتهم جميعاً في وقت واحد لبعض تلك المصالح.

وليس ذلك على جهة الغضب عليهم، بل رحمة لهم، لعلمه تعالى بأنهم يصيرون بعد بلوغهم كفاراً، أو يعوضهم في الآخرة، ويميتهم لردع سائر الخلق عن الإجتراء على مساخط الله، أو غير ذلك.

مع أنه ليس يجب على الله تعالى إبقاء الخلق أبداً، فكل مصلحة تقتضي موتهم في كبرهم، يمكن جريانها في موتهم عند صغرهم، والله تعالى يعلم) المصدر السابق: ج5، ص 286 و 287

وعن الإمام الباقر (عليه السلام): (إن الله أوحى إلى يونس حين دعا على قومه: إن فيهم الحمل، والجنين، والطفل، والشيخ الكبير، والمرأة الضعيفة، والمستضعف المهين، وأنا الحكم العدل سبقت رحمتي غضبي، لا أعذب الصغار بذنوب الكبار من قومك، وهم يا يونس عبادي، وخلقي، وبريتي، في بلادي، وفي عيلتي، أحب أن أتأناهم، وأرفق بهم، وأنتظر توبتهم.. الخ) البحار: ج 14، ص 393، عن تفسير العياشي، والبرهان: ج 2، ص200 و 202

وهذه الرواية وإن كان فيها مواضع مشكلة، ولكن هذه الفقرة فقط هي موضع الحاجة، وليس في الأخذ بها محذور.. لأنها آتية وفق القواعد والأصول العامة العقلية وغيرها، كما أنها مؤيدة بسائر الروايات الآنفة الذكر.

وقد رأينا:

أن العذاب لم ينزل على قوم يونس حتى خرج عليه السلام من بينهم مغاضباً لهم، فرأوه قد دنا منهم، ثم رفع عنهم بسبب توبتهم.

وأخيراً، فقد قال الله تعالى مخاطباً نبيه الكريم {وما كان الله ليعذبهم} أي أهل مكة {وأنت فيهم} . قال ابن عباس: إن الله لم يعذب قومه حتى أخرجوه منها، {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}، أي وفيهم بقية المؤمنين بعد خروجك من مكة.

وذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما خرج من مكة بقيت فيها بقية المؤمنين لم يهاجروا لعذر، وكانوا على عزم الهجرة، فرفع الله العذاب عن مشركي مكة لحرمة استغفارهم، فلما خرجوا أذن الله في فتح مكة.

وقيل: معناه: وما يعذبهم الله بعذاب الإستيصال في الدنيا، وهم يقولون: غفرانك ربنا. وإنما يعذبهم على شركهم في الآخرة بحار الأنوار ج18، ص 159

8 ـ بقي أن نشير إلى أن ثمة آية ورواية، قد يتوهم متوهم: أنهما تدلان على خلاف ذلك.

ألف: أما الآية فهي:

 قوله تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، واعلموا: أن الله شديد العقاب} سورة الأنفال: الآية: 25

ولكن الحقيقة هي: أن هذه الآية ليست ناظرة إلى عذاب الاستئصال، بل المقصود بالفتنة هو البلاء الناشئ عن المعاصي في الدنيا، كالفتن والحروب، والأمراض، وما أشبه ذلك، فإن ضررها لا يقتصر على من يثيرها.

 باء: وأما الرواية فهي:

ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: ما عذب الله قرية فيها سبعة من المؤمنين.. بحار الأنوار: ج70، ص 383 عن الاختصاص، ص 30

فالجواب: أنها لا يمكن الإستدلال بها على أن عذاب الاستئصال يمكن أن ينال المؤمنين، إذ لا تأبى أن يكون المراد أن القرية لا تستحق العذاب ما دام فيها سبعة من المؤمنين يقومون بواجبهم في إنكار المنكر، والأمر بالمعروف.. فإذا قلّ عدد المؤمنين عن هذا استحقت عذاب الإستئصال.. فيؤمر هؤلاء بالخروج منها، ويمهلون من أجل ذلك، فإذا خرجوا نزل عليها العذاب، تماماً كما جرى لقوم نوح، ولوط، ويونس، ومشركي مكة أعزها الله تعالى. وإن كان الله قد رفع العذاب عن قوم يونس بعد أن دنا منهم ورأوه رأي العين، فكان ذلك سبب توبتهم.

ـ جبرائيل لم يكن ينزل على لوط (ع).

ـ لوط (ع) يتلقى الأوامر من إبراهيم (ع).

وقد أعلن السيد فضل الله في إذاعة محلية تابعة له، إنكاره نزول جبرائيل عليه السلام على نبي الله لوط(ع).. وأنه إنما كان ينزل على إبراهيم عليه السلام، وهو الذي كان يصدر الأوامر إلى لوط(ع)، وذكر أن ذلك يعطي أسلوبا تنظيميا جيدا، واعتبر ذلك كشفا مهمّا منّ الله به عليه!!

مع أن الله سبحانه يقول: {وإن لوطا لمن المرسلين} سورة الصافات، الآية 133 فهل يكون لوط مرسلا ولا ينزل عليه الوحي؟! ومن أين صحّ له أن الوحي لم يكن ينزل على لوط؟!

     فاستمع إليه يقول (ونحن نعتذر للقارىء الكريم لأنّا سنورد كلامه، الذي جاء باللغة العامية، ولم نتدخل في صياغة عبارته):

"إن إبراهيم من أولي العزم، يعني هو رسول الله إلى الناس جميعا، وكان يرسل ذاك الزمن مثلا إبراهيم عليه السلام، مثلا يرسل أشخاص أنبياء محليين، يعني مثلا أرسل لوط إلى هذه القرية التي انتشر فيها الفساد والشذوذ الجنسي المذكر (اللواط) على أساس أن يذكرهم بالله، وان يركز لهم القاعدة الإيمانية، وان يواجه هذا الإنحراف الشاذ عندهم، فـ.. هناك أنبياء محليون، هؤلاء الأنبياء المحليون لا يرتبطون بالوحي مباشرة وإنما يرتبطون بالوحي العام، ما تسمعوا بأولي العزم؟ أولي العزم يعني هم إبراهيم وموسى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم، هؤلاء أولياء.. أنبياء أولي العزم، هؤلاء هم كأن الأنبياء الموجودين، في أنبياء ضيع، في أنبياء قرى مثلا، فكأن لوط.. إبراهيم هو مسؤول لوط، كأنه لوط ليس نبيا بشكل مباشر، ولكن نبوته من خلال أنه وكيل إبراهيم عليه السلام في هذا المجال، فاستئذانهم من لوط من إبراهيم باعتبار أنه يتحمل مسؤولية لوط، فمن الناحية التنظيمية، الله سبحانه وتعالى راعى الناحية التنظيمية، أنه يستأذن إذا أراد أن.. العذاب على الجماعة أولئك فيستأذن إبراهيم بعدما إبراهيم يفهم القضية يذهبون إلى لـوط ويحدثونه ويتولوا المهمة ويدبروا الوضع مع لوط هذا.

وهذا المعنى إذا صح هذا الفهم من هذه المسألة هذا نفهم من عندها الجانب التنظيمي أنه عندما يكون هناك مسؤولية لإنسان عن إنسان آخر فما يجوز إحنا نتصل بالإنسان الآخر بشكل مباشر إذا كان أي شخص يعني أي عمل يتصل بالشخص الثاني سواء فيما يوكل إليه من مهمات أو فيما يوكل إليه من مهمات للقاعدة التي يعيش فيها لازم يتصل حتى القيادة لا تتصل بالأشخاص الثانويين بشكل مباشر تتصل بالأشخاص الأساسيين حتى تتحدث معهم حول القضية فهنّي يذهبون هذا.. وبعد ذلك عندما يفهم يروحوا إلى تلك الديار، هذا الجانب التنظيمي جدا مهم يعني لما الواحد.. أنا مثلا مكلف واحد.. أستوحي هذا المعنى من هذا الجوّ ولم أجد أحدا، استوحى هذه القضية فيما قرأت من تفاسير.. حتى أنني لم أذكرها في تفاسيري، لكن كما يقولون: (العلم يزكو على الإنفاق) النص الحرفي لكلام السيد فضل الله مسجلا بصوته على شريط موجود عندنا وقد أوردناه في فقرة الصوتيات

وحاصل كلامه ـ كما هو ظاهر ـ أنه ينكر نبوة لوط (ع) بالمعنى المعروف للنبوة، وجعله له نبيا بمعنى من المعاني ـ وهو كونه نبياً بالمعنى العام بهذا المقدار ـ وهذا المعنى يصدق في حق الكثيرين ممن سبق، ممن يصدق في حقهم أنهم وكلاء للأنبياء ومتعاونون معهم، وينفذون أوامرهم.. فلا بد على هذا التقدير من عدِّهم في جملة الأنبياء، كما أنه ينبغي ـ بناءً على هذه المقولة ـ أن يصح القول في وكلاء الإمام صاحب الزمان (ع) بأنهم أئمة أيضا، فهل يلتزم السيد محمد حسين فضل الله بذلك؟!!.

العودة