ـ وردت عدة روايات في هذا الرأي أو ذاك الرأي (الظاهر أن مراده بذاك الرأي هو الخلفاء).

ـ لا يقبل بتفسير الأئمة للآية بالإمام المهدي و يتبني رأي المخالفين.

ـ ينسب إلى نهج البلاغة ما ليس في نهج البلاغة.

ـ لا بد من ادخال "المرحلة"

 

الأولى للدعوة في مضمون الآية.

و يقول السيد محمد حسين فضل الله في تفسير قوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض ، كما استخلف الذين من قبلهم وليمكننّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم ، وليبدّلنّهم من بعد خوفهم أمنا} سورة النور55 ما يلي:

".. وقد اختلف المفسرون في تطبيق الآية على الواقع التاريخي أو المستقبلي فيمن هم المقصودون بالذين آمنوا وعملوا الصالحات الذين وعدهم الله بالإستخلاف.

فهناك من قال: إن المراد بهم أصحاب النبي (ص) الذين كانوا يعيشون الخوف والضغط والاضطهاد من قِبَل المشركين الذين كانوا يملكون السيطرة المطلقة على المؤمنين، فوعدهم الله أن يجعلهم الخلفاء على الناس من بعدهم، يمكّنهم في الأرض ويبدلهم من بعد خوفهم أمناً، وهذا ما حدث في سيطرة النبي (ص) ومَن بعده، وسيطرة المسلمين على المنطقة كلها..

وهناك من قال بأنها تعمّ الأمة كلها فيما أفاء الله عليها من الانتصارات والفتوحات التي جعلتها في مدة طويلة من الزمن، مهيمنة على الامر كله، حتى استطاع الاسلام أن يكون القوة الكبيرة في العالم بحيث شعر المسلمون بالعزة والكرامة والأمن والقوة والسيطرة.

وهناك من قال: بأن المراد بها الخلفاء الراشدين، ومن قال بأن المراد المهدي المنتظر، وقد وردت هناك عدة روايات في هذا الرأي أو ذاك الرأي..

وإننا نعتقد أن الآية جاءت من أجل أن تثير في نفوس المسلمين الثقة الكبيرة بالله وبأنفسهم، من خلال ذلك وتكشف لهم الغيب الالهي الذي يتحرك في سنن الله في الكون فيما يمنحهم الله من لطفه وفيما يأخذ به الناس من أسباب النصر، في الدعوة والحركة والجهاد، في كل ما تحتاجه الحياة من عناصر القوة للرسالة وللإنسان.. لئلا يتساقطوا تحت تأثير الضغوط الصعبة الكبيرة التي تطبق عليهم، و تحيط بهم من كل جانب، و لئلا يضعفوا أمام نوازع الضعف الكامنة في شخصياتهم فيما تشدّهم الرواسب اليه، و فيما تطبق لديهم الظروف عليه، ليستمروا في التحرك، وليتابعوا المسيرة بقوّةٍ و جدٍّ و إخلاص..

و لم تكن لتقتصر على مرحلةٍ من المراحل، أو جيلٍ من الاجيال، لانها تؤكد الموقف على أساس الايحاء برعاية الله للاسلام و المسلمين في امتداد مسيرتهم في خط الحياة الطويل.. و لذلك فمن الممكن تطبيقها على كل مرحلةٍ استطاع الاسلام فيها أن يحكم و يمتد و يهيمن، و استطاع المسلمون أن يعيشوا فيها الطمأنينة و القوّة و الثبات، و على كل مرحلة مستقبلية تتصف بهذا الوصف و لكن.. مهما اختلفت التطبيقات، فلا بد من إدخال الاولى للدعوة التي كان الله يريد للمسلمين أن لا يخضعوا للاهتزازات التي كانت تتحرك في حياتهم، و للضغوط المحيطة بهم.. ليثبتوا على المبدأ، و يلتزموا بالاسلام.

جاء في نهج البلاغة، كلام لعلي (ع) لعمر، لما استشاره لانطلاقه لقتال أهل فارس حين تجمعوا للحرب قال (ع): إن هذا الامر لم يكن نصره و لا خذلانه بكثرة و لا بقلّة، و هو دين الله الذي أظهره و جنده الذي أعزه و أمده حتى بلغ ما بلغ و طلع حيث طلع و نحن على موعود من الله ، و الله تعالى منجز وعده و ناصر جنده. فلننطلق مع وعد الله ليكون عنواناً لكل مسيرتنا[ من وحي القرآن ج16ص254-256ط2]

و نقول:

إن لنا هنا ملاحظات عدة، نختصر القول فيها على النحو التالي:

1 ـ قوله:

"و هناك من قال: بأن المراد بها الخلفاء الراشدين و من قال بأن المراد المهدي المنتظر(عج). و قد وردت هناك عدة روايات في هذا الرأي.."

غير دقيق، و ذلك لما يلي:

أ ـ إن هذا القول ليس دقيقا، فإنه لم ترد روايات تقول إن المراد بالآية هم الخلفاء الراشدون.

ب ـ إن القول بأن المراد بهذه الآية الإمام المهدي (عج) إنما يستند إلى الروايات الكثيرة الواردة عن اهل البيت عليهم السلام في هذا الشأن.

ج ـ قال الطبرسي: "وعلى هذا إجماع أهل العترة الطاهرة، وإجماعهم حجة لقول النبي (ص): إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله، و عترتي أهل بيتي إلخ.." مجمع البيان ج7 ص201 ط مؤسسة التاريخ العربي سنة 1412 هـ بيروت لبنان

و قال الشيخ الطوسي و هو يرد على الجبائي و مـن تـابعه: "وقال أهل البيت (ع): إن المراد بذلك المهدي (عج)"التبيان ج7 ص457

2 ـ إننا لا ندري كيف يتجرأ أحد ـ مهما بلغ من القوة و الشوكة ـ على أن يقول بمقالةٍ يخالف فيها صراحةً ما ثبت عن أهل البيت عليهم السلام.

و نجد السيد فضل الله لا يلتفت إلى ما ثبت عن أهل البيت هنا و يقول:

"إن الآية لا تقتصر على مرحلة دون مرحلة بل هي تشمل ما كان في الماضي حيث استطاع الاسلام فيها أن يمتد و يهيمن، تشمل على كل مرحلة مستقبلية تتصف بهذا الوصف، لكن في جميع الأحوال لا بد من إدخال المرحلة الاولى للدعوة.."

3 ـ إن السيد فضل الله يذكر رواية عن أمير المؤمنين عليه السلام ناسباً لها إلى نهج البلاغة، فلما راجعنا نهج البلاغة وجدنا أن الاستشهاد بالآية غير موجود في هذا الكتاب، فكيف أقحم هذا الرجل هذا الاستشهاد، وهذه الآية بالذات ؟! و لماذا ؟!

و كيف نفسر دعوته إلى التحقق من النصوص و التثبت فيها؟

العودة