ـ تجاهل الأحاديث المفسرة للأسماء التي علمها الله لآدم بأسماء النبي(ص) والأئمة (ع).

ـ علم الله آدم أسماء الموجودات .

 يقول السيد محمد حسين فضل الله:

"ما هي الأسماء التي علمها الله لآدم ؟

لقد استفاضت النصوص الدينية في الأحاديث الواردة عن أئمة أهل البيت (ع) وعن غيرهم في أن المراد منها هي أسماء الموجودات الكونية سواء منها الموجودات العاقلة، أو غيرها، ولعل هذا هو الذي توحي به طبيعة الجو الذي يحكم الموقف في هذه الآيات، وينسجم مع مهمة الخلافة عن الله في الأرض، التي اعد لها الإنسان، فإنها تفرض المعرفة الكاملة بكل متطلباتها ومجالاتها.

جاء في تفسير العياشي عن ابي العباس عن أبي عبد الله (جعفر الصادق) (ع): قال: سألته عن قول الله: {وعلم آدم الأسماء كلها} ماذا علمه ؟ قال (ع): والأرضين والجبال والشعاب والأودية.

وجاء في تفسير الطبري عن ابن عباس قال: علم الله آدم الأسماء كلها وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس: إنسان ودابة وارض وسهل وبحر وجبل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها.

وهناك اتجاه في تفسير ذلك، بأسماء الملائكة، وأسماء ذريته دون سائر أجناس الخلق، وهو الذي اختاره الطبري في تفسيره.. وذلك أن الله جل ثناؤه قال: {ثم عرضهم على الملائكة} يعني بذلك أعيان المسمين بالأسماء التي علمها آدم ولا تكاد العرب تكني بالهاء والميم عن أسماء بني آدم والملائكة. واما إذا كانت عن أسماء البهائم وسائر الخلق، فإنها تكنى عنها بالهاء والألف أو بالهاء والنون ولكن هذا الاتجاه لا يتناسب مع طبيعة الخلافة، لا سيما إذا فهمنا من الآية أن آدم لم يكن هو الخليفة بشخصه، بل بسبب تجسيده للنوع الإنساني ـ كما استقربناه آنفاً، فإن معرفة أسماء الذرية والملائكة لا يقدم شيئاً ولا يؤخر في الموضوع.

وأما التعبير عن الأسماء بالضمير المستعمل لما يعقل، فقد اعترف صاحب التفسير المذكور بأن العرب قد تستعمل ضمير من يعقل، إذا كان عائدا على من يعقل، وما لا يعقل بفعل التغليب، وبذلك جاء القرآن الكريم: {والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه، ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع} النور45 قال إن الغالب المستفيض في كلام العرب ما وصفنـا، ولكننا لا نعتبر الغلبة في مثل هذا ـ لو ثبتت ـ لغة مرجوحة أو غير فصيحة، لان القرآن نزل بذلك في الآية المتقدمة مما يوحي بأنها لغة مألوفة معتبرة ؛ولعل ذهاب ابن عباس ـ فيما روي عنه ـ يقّرب ما ذكرناه بأنه أعرف بكلام العرب من المتأخرين الذين عرفوه بالنقل، بينما كانت معرفته له بالسماع والممارسة" [من وحي القرآن ج1ص231-233]

ونقول:

1 ـ إن السيد فضل الله يفسر الأسماء التي علمها الله سبحانه لآدم (ع) بأسماء الموجودات العاقلة وغيرها، ناسباً هذا التفسير للروايات المستفيضة عن أهل البيت (ع) وغيرهم، ولم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى الروايات التي تقول: إن الأسماء التي علمها الله لآدم هي أسماء الأئمة والحجج على الخلق، مع أنها اقرب إلى الاعتبار وأصح سنداً راجع: البرهان في تفسير القرآن ج 1 ص 73 ونور الثقلين ج 1 ص 46 وكمال الدين وإتمام النعمة ج1 ص 14 وتفسير الإمام العسكري ص 217 وتفسير فرات الكوفي ص 56 ـ 57 وبحار الأنوار ج 37 ص 62 ـ 63 وتفسير الصافي ج 1 ص 96 وراجع: صفحة 101 وهي مروية عن الإمام السجاد؛ والصادق؛ والعسكري عليهم السلام.

وقد ساق الحديث عن الروايات التي تفسر الآية بأسماء الموجودات بطريقة توحي أنها وحدها بين أيدينا، ولا يوجد سواها.

ثم ادعى أنها منسجمة مع جو الآيات، ومع مهمة الخلافة عن الله في الأرض.

مع أن الروايات التي ذكرت: أن المراد أسماء النبي والأئمة هي الأوفق بالسياق لا سيما مع ملاحظة قوله: {ثم عرضهم على الملائكة} حيث جاء بضمير (هم) في (عرضهم) الذي يستعمل في الأساس للتعبير عن العقلاء.

فإرادة أسماء الموجودات من هذا الضمير تحتاج إلى تصرف في الضمير بادعاء انه قد أريد تغليب العقلاء من الجن والإنس والملائكة على غيرهم، إما للتشريف، أو لغير ذلك من أمور.

أما لو كان المراد بالأسماء، النبي والأئمة، الذين هم حجج الله على الخلق، فلا يحتاج إلى هذه التأويلات والتخريجات ؛ لأنهم هم اعقل عقلاء هذا الوجود.

2 ـ وإذا قال: إن إرادة أسماء الموجودات هو المناسب لمهمة الخلافة عن الله.

فإننا نقول:

إن الأنسب منه هو إرادة الهداة إلى شرع الله، والأدلاء للخلق، والقادة لهم، والمهيمنين على مسيرتهم في مجال العلم والمعرفة حيث إنه لولا وجود النبي (ص) والأئمة عليهم السلام لكانت الكارثة الحقيقية، والمأساة الكبرى لهذا الإنسان الذي سيجر على كل هذه المخلوقات الوبال والنكال.

3 ـ واللافت للنظر هنا: أنه لم يذكر من الأقوال إلا قول الطبري الذي اختار أن المراد هو أسماء الملائكة وأسماء ذرية آدم.مع أن القول بأن المراد بها هو أسماء الأئمة عليهم السلام، أكثر شيوعا وذيوعا بين المفسرين من أصحابنا.

4 ـ أما قوله: إن ابن عباس اعرف بكلام العرب.. فيرد عليه:

أولاً: لا بد من ثبوت النقل عن ابن عباس.

ثانياً: إن هذا من الأمور النقلية، التي لا طريق للاستحسان ولا للعقل إليها. وقد منع العلماء من إثبات اللغة بالعقل، والذوق، فاذا ورد عن أهل البيت عليهم السلام ؛ أن المراد هو كذا، وجب الأخذ به، طبعاً مع عدم مخالفته القواعد العقلية. والنقل عن ابن عباس لو ثبت فإنه لا قيمة له في مقابل كلام الأئمة الأطهار (ع).

ثالثاً: إنه هو نفسه، يشترط الثبوت القطعي للرواية في غير الأحكام، فلا بد من تواتر الرواية عنده، فكيف أخذ بالرواية هنا في أمر توقيفي. وهي ليست قطعية عنده ولا متواترة؟ وكيف ترك غيرها من الروايات التي هي أولى بالقبول؟.

العودة