الفصل التاسع
في شهر ربيع الأول
الليلة الأولى
فيها في السنة الثالثة عشرة من البعثة هاجر النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) من
مكة إلى المدينة المنورة فاختبأ هذه الليلة في غار ثور وفاداه أمير المؤمنين
(صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِ) بنفسه فنام في فراشه غير مجانب سيوف قبائل
المشركين وأظهر بذلك على العالمين فضله ومواساته وإخاءه النبي (صلّى الله عليه وآله
وسلم) فنزلت فيه الآية: [ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرضاةِ
اللهِ ].
اليوم الأول
قال العلماء يستحب فيه الصيام شكراً لله على ماأنعم من سلامة النبي وأمير المؤمنين
(صَلَواتُ الله وسَلامُهُ عَلَيهِما)، ومن المناسب زيارتهما (عليهما السلام) في هذا
اليوم. وقد روى السيد في (الاقبال) دعاءً لهذا اليوم وفيه كانت وفاة الإمام الحسن
العسكري (عليه السلام) على قول الشيخ والكفعمي والمشهور على أنّها في اليوم الثامن.
ولعل في هذا اليوم كان بدء مرضه (عليه السلام).
اليوم الثامن
سنة مائتين وستين توفي الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) فنصب صاحب الأمر (عليه
السلام) إماماً على الخلق ومن المناسب زيارتهما (عليهما السلام) في هذا اليوم.
فهذا اليوم يكون أول يوم من عصر إمامة صاحب العصر أرواح العالمين له الفداء، وهذا
مما يزيد اليوم شرفاً وفضلاً.
اليوم التاسع
عيد عظيم وهو عيد البقر وشرحه طويل مذكور في محله وروي أن من أنفق شَيْئاً في هذا
اليوم غفرت ذنوبه.وقيل يستحب في هذا اليوم إطعام الاخوان المؤمنين وإفراحهم والتوسُّع في نفقة العيال
ولبس الثياب الطيِّبة وشكر الله تعالى وعبادته. وهو يوم زوال الغموم والاحزان وهو
يوم شريف جداً.
اليوم الثاني عشر
ميلاد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) علي رأي الكليني والمسعودي وهو المشهور لدى
العامة ويستحب فيه الصلاة ركعتان في الأولى بعد [الحمد]، [قل ياأَيُّها الكافرون]
ثلاثاً، وفي الثانية [التوحيد] ثلاثاً.
وفي هذا اليوم دخل (صلّى الله عليه وآله وسلم) المدينة مهاجراً من مكة.
وقال الشيخ إن في مثل هذا اليوم في سنة اثنتين وثلاثين ومائة انقضت دولة بني مروان.
اليوم الرابع عشر
سنة أربع وستين مات يزيد بن معاوية فأسرع إلى دركات الجحيم وفي كتاب (اخبار الدول)
أنه مات مصاباً بذات الجنب في حوران فأتي بجنازته إلى دمشق ودفن في الباب الصغير
وقبره الان مزبلة وقد بلغ عمره السابعة والثلاثين ودامت خلافته ثلاث سنين وتسعة
أشهر انتهى.
الليلة السابعة عشرة
ليلة ميلاد خاتم الأنبياء (صلوات الله عليه) وهي ليلة شريفة جداً وحكى السيد قولاً
بأن في مثل هذه الليلة أيضاً كان معراجه قبل الهجرة بسنة واحدة.
اليوم السابع عشر
ميلاد خاتم الأنبياء محمد بن عبد الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) على المشهور بين
الإمامية والمعروف أن ولادته كانت في مكة المعظمة في بيته عند طلوع الفجر من يوم
الجمعة في عام الفيل في عهد أنوشروان العادل.
وفي هذا اليوم الشريف أيضاً في سنة ثلاث وثمانين ولد الإمام جعفر الصادق (عليه
السلام) فزاده فضلاً وشرفاً. والخلاصة أن هذا اليوم يوم شريف جداً وفيه عدة أعمال:
الأول: الغسل.
الثاني: الصوم وله فضل كثير وروي أن من صامه كتب له صيام سنة. وهذا اليوم هو أحد
الأيام الأَرْبعة التي خصّت بالصيام بين أيام السنة.
الثالث: زيارة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) عن قرب أو عن بعد.
الرابع: زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام) بما زار به الصادق (عليه السلام) وعلمه
محمد بن مسلم من ألفاظ الزيارة، وستاتي في باب الزيارات إن شاء اللهِ.
الخامس: أن يصلي عند ارتفاع النهار ركعتين يقرأ في كل ركعة بعد [الحمد] سورة [إنا
أنزلناه] "عشر مرات" و[التوحيد] "عشر مرات"، ثم يجلس في مصلاه ويدعو بالدعاء:
[اللّهُمَّ أَنْتَ حَيُّ لاتَمُوتُ...الخ] وهو دعاء مبسوط لم أجده مسنداً الى
المعصوم لذلك رايت أن أتركه رعاية للاختصار فمن شاء فليطلبه من (زاد المعاد).
السادس: أن يعظم المسلمون هذا اليوم ويتصدقون فيه ويعملوا الخير ويسرّوا المؤمنين
ويزوروا المشاهد الشريفة.
والسيد في الاقبال قد بسط القول في لزوم تعظيم هذا اليوم وقال وجدت النّصارى وجماعة
من المسلمين يعظّمون مولد عيسى (عليه السلام) تعظيماً لا يعظمون فيه احداً من
العالمين وتعجبت كيف قنع من يعظم ذلك المولد من أهل الإسلام كيف يقنعون أن يكون
مولد نبيهم الذي هو أعظم من كل نبي دون مولد واحد من الأنبياء .
الفصل العاشر
في شهر ربيع الثاني، وجمادى الأولى، وجمادى الآخِرة
قد خص السيد ابن طاووس غُرَّة كل من هذه الشهور الثلاثة بدعاء، وقال الشيخ المفيد
(رض) إن في اليوم العاشر من شهر ربيع الثاني سنة مائتين واثنتين وثلاثين ولد الإمام
الحسن العسكري (عليه السلام) وهو يوم شريف جداً ويستحب فيه الصيام شكراً لله على
هذه النعمة العظمى.
والمناسب في الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، من جمادى الأولى زيارة فاطمة
الزهراء (صلوات الله عليها) وإقامة مأتمها فقد روي بسند صحيح أنها عاشت بعد أبيها
خمسة وسبعين يوماً وقد كانت وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) في الثامن
والعشرين من صفر على المشهور فيلزم أن تكون وفاتها (عليها السلام) في أحد هذه
الأيام الثلاثة.
وفي يوم النصف منه سنة ست وثلاثين فتح أمير المؤمنين (عليه السلام) البصرة وفيه
كانت ولادة الإمام زين العابدين (عليه السلام) وزيارة هذين الإمامين (عليهما
السلام) في هذا اليوم مناسبة.
وأما اعمال شهر جمادي الآخِرة فهي: أن يصلي كما روى السيد بن طاووس: أربع ركعات أي
بسلامين في أي وقت شاء من الشهر يقرأ [الحمد] في الأولى "مرّة " و[آية الكرسي]
"مرّة " و[إنا أنزلناه] "خمساً وعشرين مرة " وفي الثانية [الحمد] "مرة " و[ألهاكم
التكاثر] "مرة " و[قل هو الله أحد] "خمساً وعشرين مرة "، وفي الثالثة [الحمد] "مرة"
و[قل ياأَيّها الكافرون] "مرة " و[ قل أعوذ برب الفلق] "خمساً وعشرين مرة " وفي
الرابعة [الحمد] "مرة " و[إذا جاء نصر الله والفتح] "مرة " و[قل أَعوذ برب الناس]
"خمساً وعشرين مرة "، ويقول بعد السلام من الرابعة "سبعين مرة": [ سُبحانَ الله
وَالحَمْدُ لله وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله أَكْبَرُ ]، و"سبعين مرة ": [
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ]، ثم يقول "ثلاثاً" : [
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِناتِ ].
ثم يسجد ويقول في سجوده "ثلاث مرات": [ ياحَيُّ ياقَيُّومُ ياذا الجَلالِ
وَالاِكْرامِ يارَحْمنُ يارَحِيمُ ياأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ]، ثم يسأل الله حاجته
يصان من فعل ذلك في نفسه وماله وأهله وولده ودينه ودنياه إلى مثلها في السنة
القادمة، وإن مات في تلك السنة مات على الشهادة أي كان له ثواب الشهداء.
اليوم الثالث
من الشهر سنة إحدى عشرة توفيت فاطمة صلوات الله عليها فينبغي أن يقيم الشيعة عزاءها
ويزوروها ويلعنوا ظالميها وغاصبي حقها وان السيد ابن طاووس في (الاقبال) قد ذكر
وفاتها في هذا اليوم ثم ذكر لها هذه الزيارة:
[ السَّلامُ عَليكِ ياسَيِّدَةَ نِساءِ العالَمِينَ السَّلامُ عَلَيْكِ ياوالِدَةَ
الحُجَجِ عَلى النّاسِ أَجْمَعِينَ السَّلامُ عَلَيْكِ أَيَّتُها المَظْلومَةُ
المَمْنُوعَةُ حَقَّها ].
ثم يقول: [ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى أَمَتِكَ وَابْنَةِ نَبِيِّكَ وَزَوْجَةِ وَصِيِّ
نَبِيِّكَ صَلاةً تُزْلِفُها فَوْقَ زُلْفى عِبادِكَ المُكَرَّمِينَ مِنْ أَهْلِ
السَّماوات وَأَهْلِ الأَرْضِينَ ].
فقد روي أن من زارها بهذه الزيارة وإستغفر الله غفر الله له وأدخله الجنة.
أقول: قد أورد هذه الزيارة نجل السيد ابن طاووس أيضاً في كتاب زوائد الفوائد وقال:
إنها تخص يوم وفاتها (عليها السلام) وهو الثالث من جمادى الآخِرة.
وقال في كيفية الزيارة تصلي صلاة الزّيارة أو صلاتها (عليها السلام) وهي ركعتان
تقرأ في كل منهما بعد [الحمد] سورة [قل هو الله أحد] "ستين مرة " فإن لم تقدر فاقرأ
بعد [الحمد] في الأولى [قل هو الله أحد] وفي الثانية: قل [ياأَيّها الكافرون] فإذا
سلمت فقل: [ السَّلامُ عَلَيْكِ... ] إلى آخر الزيارة.
اليوم العشرون
ولدت فيه فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) بعد البعثة بخمس سنين أو سنتين ويناسب
فيها عدّة أعمال:
الأول: الصيام.
الثاني: الخيرات والصَّدقات على المؤمنين.
الثالث: زيارة سيدة نساء الدنيا والآخِرة وستأتي صفة زيارتها (عليها السلام)
(ص556).
الفصل الحادي عشر
في اعمال عامة الشهور، وأعمال النيروز، وأعمال الأشهر الرومية
أمّا أعمال عامة الشهور فعديدة:
أولها: الدعاء عند رؤية الهلال بالادعية المأثورة وأفضلها الدعاء الثالث
والأَرْبعون من الصحيفة الكاملة المذكور في خلال أعمال غرة شهر رمضان (ص381).
الثاني: قراءة [الحمد] "سبع مرات" لدفع وجع العين.
الثالث: أكل شي من الجبن وروي أن من يعتد أكله رأس الشّهر أو شك أن لاتردّ له حاجة.
الرابع: أن يصلِّي في الليلة الأولى من الشهر ركعتين يقرأ بعد [الحمد] في كل منهما
سورة [الأنعام] ويسأل الله أن يكفيه كل خوف ووجع وأن لايرى في ذلك الشهر مايكرهه.
الخامس: أن يصلي في أول يوم من الشهر ركعتين يقرأ في الأولى بعد [الحمد]، [التوحيد]
"ثلاثين مرّة" وفي الثانية بعد [الحمد]، القدر "ثلاثين مرة " ثم يتصدق بما تيسر
فإذا فعل ذلك فقد اشترى السَّلامة في ذلك الشهر. وزاد في بعض الرّوايات وتقول إذا
فرغت من الرّكعتين: بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ: [ وَما مِنْ دابَةٍ فِي
الأَرْضِ إِلاّ عَلى الله رِزْقُها وَيَعلَمُ مُستَقرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌ
فِي كتابٍ مُبينٍ. بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ: وَإِن يَمسَسْكَ الله بِضُرٍ
فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رادَّ لِفَضْلِهِ
يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ].
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ: [ سَيَجْعَلُ الله بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً.
ماشاءَ الله لاقُوَّةَ إِلاّ بِالله حَسْبُنا الله وَنِعْمَ الوَكِيلُ وَأُفَوِّضُ
أَمْرِي إِلى الله إِنَّ الله بَصِيرٌ بِالعِبادِ، لا إلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ
إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِليَّ مِنْ خَيْرٍ
فَقِيرٌ، رَبِّ لاتَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الوارِثِينَ ].
وأمّا أعمال يوم النيروز فهي: ماعلّمها الصادق (عليه السلام) معلى بن خنيس قال: إذا
كان يوم النيروز فاغتسل والبس أنظف ثيابك وتطيب بأطيب طيبك وتكون ذلك اليوم صائماً
فإذا صليت النوافل والظهر فصل بعد ذلك أربع ركعات أي بسلامين تقرأ في أول ركعة
[فاتحة الكتاب] و"عشر مرات" [ إنا أَنزلناه] وفي الثانية [فاتحة الكتاب] و"عشر
مرات" [قل يا أَيّها الكافرون] وفي الثالثة [فاتحة الكتاب] و"عشر مرات" [قل هو الله
أحد] وفي الرابعة [فاتحة الكتاب] و”عشر مرات" [قل أعوذ برب الفلق] و[قل أعوذ برب
الناس] وتسجد بعد فراغك من الركعات فتقول:
[ اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الأَوْصِياء المَرْضِيِّينَ
وَعَلى جَمِيعِ أَنْبِيائِكَ وَرُسُلِكَ بِأَفْضَلِ صَلَواتِكَ وَبارِكْ عَلَيْهِمْ
بِأَفْضَلِ بَرَكاتِكَ وَصَلِّ عَلى أَرْواحِهِمْ وَاجْسادِهِمْ، اللّهُمَّ بارِكْ
عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبارِكْ لَنا فِي يَوْمِنا هذا الَّذِي
فَضَّلْتَهُ وَكَرَّمْتَهُ وَشَرَّفْتَهُ وَعَظَّمْتَ خَطَرَهُ، اللّهُمَّ بارِكْ
لِي فِيما أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ حَتّى لاأَشْكُرَ أَحَداً غَيْرَكَ وَوَسِّعْ
عَلَيَّ فِي رِزْقِي ياذا الجَلالِ وَالاِكْرامِ، اللّهُمَّ ماغابَ عَنِّي فَلا
يَغِيبَنَّ عَنِّي عَوْنُكَ وَحِفْظُكَ وَما فَقَدْتُ مِنْ شَيٍْ فَلا تُفْقِدْنِي
عَوْنَكَ عَلَيْهِ حَتّى لا أتَكَلَّفَ مالا أَحْتاجُ إِلَيْهِ، ياذا الجَلالِ
وَالاِكْرامِ ]. يغفر لك ذنوب خمسين سنة وتكثر من قولك: [ ياذا الجَلالِ
وَالاِكْرامِ ].
وأما أعمال الشهور الرومية: فنقتصر منها هنا على مافي كتاب (زاد المعاد):
روى السيد الجليل علي بن طاووس (رض) أن قوماً من الاصحاب كانوا جلوساً إذ دخل عليهم
رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) فسلم عليهم فردوا عليه السلام. فقال: ألا
أعلّمكم دواءً علمني جبرائيل (عليه السلام) حيث لا أحتاج إلى دواء الاطباء ؟ وقال
علي (عليه السلام) وسلمان وغيرهم: وما ذلك الدواء فقال النبي (صلّى الله عليه وآله
وسلم) لعلي (عليه السلام): تأخذ من ماء المطر بنيسان وتقرأ عليه كلاًّ من [فاتحة
الكتاب] و[آية الكرسي] و[قل هو الله احد] و[قل أعوذ برب الفلق] و[قل أعوذ برب
الناس] و[قل ياأيها الكافرون] "سبعين مرة"، وزادت رواية أخرى سورة [إنا أنزلناه]
أيضاً "سبعين مرة" و[الله أكبر] "سبعين مرة" و[لا إِلهَ إِلاّ الله] "سبعين مرة"
و[تصلي على محمد وآل محمد] "سبعين مرة" وتشرب من ذلك الماء غدوة وعشية سبعة أيام
متواليات.
والذي بعثني بالحق نبياً إنّ جبرائيل (عليه السلام) قال: إن الله يرفع عن الذي يشرب
هذا الماء كل داء في جسده ويعافيه ويخرج من جسده وعظمه وجميع أعضائه ويمحو ذلك من
اللّوح المحفوظ.
والذي بعثني بالحق نبياً إن لم يكن له ولد بعد فشرب من ذلك الماء كان له ولد وإن
كانت المراة عقيما وشربت من ذلك الماء رزقها الله ولداً وإن أحببت أن تحمل بذكر أو
أنثى حملت وتصديق ذلك في كتاب الله تعالى: [ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ
لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرانا وإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ
يَشاءُ عَقِيماً].
ثم قال (عليه السلام): وإن كان به صداع فشرب من ذلك يسكن عنه الصداع بإذن اللهِ،
وإن كان به وجع العين يقطر من ذلك الماء في عينيه ويشرب منه ويغسل به عينه، ويشدّ
أصول الأسنان ويطيب الفم ولايسيل من أصول الأسنان اللعاب ويقطع البلغم ولايتخم إذا
أكل وشرب ولايتأذى بالريح (من القولنج وغيره) ولايشتكي ظهره ولاينجع بطنه ولايخاف
من الزكام ووجع الضّرس ولايشتكي المعدة ولا الدُّود ولايحتاج الى الحجامة ولايصيبه
البواسير ولايصيُبه الحكة ولا الجدري ولا الجنون ولا الجذام ولا البرص ولا الرعاف
ولا القي ولايصيبه عمىً ولا بكمٌ ولا خرسٌ ولا صممٌ ولا مقعد ولا يصيبه الماء
الأسود في عينيه ولايصيبه داء يفسد عليه صومه وصلاته ولايتأذى بوسوسة الجن ولا
الشياطين.
وقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): قال جبرائيل (عليه السلام): إنه من شرب من
ذلك ثم كان به جميع الأوجاع التي تصيب الناس فإنه شفاء له من جميع الأوجاع فقال
جبرائيل (عليه السلام) والذي بعثك بالحق من يقرأ هذه الآيات على هذا الماء فيشرب
منه ملأ الله تعالى قلبه نوراً وضياءً ويُلقي الالهام في قلبه ويجري الحكمة على
لسانه ويحشو لُبَّه من الفهم والبصيرة وأعطاه من الكرامات مالم يعط أحداً من
العالمين ويرسل عليه ألف مغفرة وألف رحمة ويخرج الغش والخيانة والغيبة والحسد
والبغي والكبر والحرص والغضب من قلبه والعداوة والبغضاء والنميمة والوقيعة في
الناس، وهو الشفاء من كل داء.
أقول: هذه الرواية المشهورة ينتهي سندها الى عبد الله بن عمر ولأجل ذلك يكون السند
ضعيفاً وإنّي قد وجدت هذه الرواية بخط الشيخ الشهيد مروية عن الصادق (عليه السلام)
بنفس هذه الآثار ولكن ترتيب الآيات فيها كما يلي: تقرأ على ماء المطر في نيسان
[فاتحة الكتاب]، و[آية الكرسي]، و[قل ياأيّها الكافرون]، و[سبح اسم ربك الأعلى]،
و[قل اعوذ برب الفلق]، و[قل اعوذ برب الناس]، [وقل هو الله أحد] كلا منها "سبعين
مرة "، وتقول: "سبعين مرة ": [ لا إِلهَ إِلاّ اللهِ ]، و"سبعين مرة": [ الله
أَكْبَرُ ]، و"سبعين مرة": [اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ]،
و"سبعين مرة": [ سُبْحانَ الله وَالحَمْدُ للهِ وَلا إِلهَ إِلاّ الله وَالله
أَكْبَرُ].
وقد ذكر فيها في آثاره أنه إذا كان مسجوناً فشرب من ذلك الماء نجا من السجن وأنه لم
يغلب على طبعه البرودة وقد وردت في هذه الرواية أيضاً أكثر تلك الاثار المذكورة في
الرّواية السالفة.
وماء المطر ماء مبارك ذو منافع سواء مطر في نيسان أو في غيره من الشهور كما في
الحديث المعتبر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إشربوا من ماء السماء فإنه
مطهر لابدانكم ومزيل للداء كما قال تعالى: [ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماء
ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ
عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الاَقْدامَ].
وإذا اجتمع قوم لهذا الدعاء فالاحسن أن يستوفي كل واحد منهم قراءة كل من تلك السورة
والاذكار "سبعين مرة " والنَّفع لمن قرأها بنفسه أَعظم والأجر أوفر، وشهر نيسان
يبدأ في هذه السنين عند مضي ثلاثة وعشرين يوماً تقريباً من النيروز وهو ثلاثون
يوماً.
وعن الصادق (عليه السلام) قال: لا تدع الحجامة في سبع حزيران فإن فاتك فالأَرْبع
عشرة، ويبدأ شهر حزيران عند مضي أربعة وثمانين يوماً تقريباً من النيروز وهو أيضاً
ثلاثون يوماً وهو شهر نحس كما روي أن الصادق (عليه السلام) ذكر عنده حزيران فقال:
هو الشهر الذي دعا فيه موسى (عليه السلام) على بني إسرائيل فمات في يوم وليلة من
بني إسرائيل ثلاثمائة ألف من الناس.
وأيضاً بسند معتبر عنه (عليه السلام) قال: إن الله تعالى يقرب الآجال في شهر حزيران
[أي يكثر فيه الموت]. واعلم أنّ الشهور الرومية شهور شمسية يؤخذ حسابها من مسير
الشمس وهي اثنا عشر شهراً كما يلي: تشرين الأول، تشرين الثاني، كانون الأول، كانون
الثاني، شباط، آذار، نيسان، أيّار، حزيران، تموز، آب، أيلول.
وهم يعتبرون كلاًّ من الشهور الأَرْبعة: (تشرين الثاني) و(نيسان) و(حزيران)
و(أيلول) ثلاثين يوماً والشهور الباقية كلاًًّ منها واحداً وثلاثين يوماً سوى شهر
شباط الذي يختلف عدد أيّامه فيعتبر ذا ثمانية وعشرين يوماً في ثلاث سنين متوالية
وفي السنة الرابعة وهي سنة كبيستهم يُحسب له تسعة وعشرون يوماً وسنتهم ثلاثمائة
وخمسة وستون يوماً وربع يوم، وغرة تشرين الأول وهي مبدأ سنتهم توافق في هذه السنين
يوم اجتياز الشمس الدرجة التاسعة عشرة من برج الميزان. وتفصيل ذلك في كتاب (بحار
الأنوار) ونحن قد أوردنا هذا الموجز لكون هذه الشهور مذكورة في الاخبار انتهى.
المقدمـة
في آداب السفر
إذا أردت الخروج إلى السفر فينبغي لك أن تصوم الأَرْبعاء والخميس والجمعة، وأن
تختار من أيام الإسبوع يوم السبت أو يوم الثلاثاء أو يوم الخميس، واجتنب السفر في
يوم الاثنين والأَرْبعاء، وقبل الظهر من يوم الجمعة، واجتنب السفر في اليوم الثالث
من الشهر والخامس منه والثالث عشر والسادس عشر والحادي والعشرين والرابع والعشرين
والخامس والعشرين، ولا تسافر في محاق الشهر ولا اذا كان القمر في برج العقرب وإن
دعت ضرورة إلى الخروج في هذه الأحوال والأوقات فليدع المسافر بدعوات السفر ويتصدق
ويخرج متى شاء.
وروي أن رجلاً من أصحاب الباقر (عليه السلام) أراد السفر فأتاه ليودعه فقال له: إنّ
أبي علي بن الحسين (عليه السلام) كان إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة
من الله عزَّ وجلَّ بما تيسر، أي بالصدقة بما تيسر له ويكون ذلك إذا وضع رجله في
الركاب وإذا سلمه الله وعاد من سفره حمد الله وشكره أيضاً بما تيسر له فودعه الرجل
ومضى ولم يعمل بما وصاه الباقر (عليه السلام) فهلك في الطريق فأتى الخبر الباقر
(عليه السلام) فقال: قد نُصح الرجل لو كان قَبِلَ.
وينبغي أن تغتسل قبل التّوجه ثم تجمع أهلك بين يديك وتصلي ركعتين وتسأل الله الخيرة
وتقرأ آية الكرسي وتحمد الله وتثني عليه وتصلي على النبي وآله (صَلَواتُ الله
عَليَهم) وتقول:
[ اللّهُمَّ إِنِّي اسْتَوْدِعُكَ اليَوْمَ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمالِي وَوُلْدِي
وَمَنْ كانَ مِنِّي بِسَبِيلِ الشَّاهِدَ مِنْهُمْ وَالغائِبَ، اللّهُمَّ احْفَظْنا
بِحِفْظِ الإيْمانِ وَاحْفَظْ عَلَيْنا، اللّهُمَّ اجْعَلْنا فِي رَحْمَتِكَ
وَلاتَسْلُبْنا فَضْلَكَ إِنَّا إِلَيْكَ راغِبُونَ، اللّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ
مِنْ وَعَثاءِ السَّفَرِ وَكَآبَةِ المُنْقَلَبِ وَسُوءِ المَنْظَرِ فِي الأهْلِ
وَالمالِ وَالوَلَدِ فِي الدُّنْيا وَالآخِرةِ، اللّهُمَّ إِنِّي أَتَوَجَّهُ
إِلَيْكَ هذا التَّوجُّهِ طَلَباً لِمَرْضاتِكَ وَتَقَرُّباً إِلَيْكَ فَبَلِّغْنِي
مااُؤَمِّلُهُ وَأَرْجُوهُ فيكَ وَفِي أَوْلِيائِكَ ياأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ].
ثم ودع أهلك وانهض وقف بالباب فسبح الله بتسبيح الزهراء (عليها السلام) وإقرأ سورة
[الحمد] أمامك وعن يمينك وعن شمالك وكذلك آية الكرسي وقل: [ اللّهُمَّ إِلَيْكَ
وَجَّهْتُ وَجْهِي وَعَلَيْكَ خَلَّفْتُ أَهْلِي وَمالِي وَماخَوَّلْتَنِي وَقَدْ
وَثِقْتُ بِكَ فَلا تُخَيِّبْنِي يامَنْ لايُخَيِّبُ مَنْ أَرادَهُ وَلايُضَيِّعُ
مَنْ حَفِظَهُ، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاحْفَظْنِي فيما
غِبْتُ عَنْهُ وَلاتَكِلْنِي إِلى نَفْسِي ياأَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ... ] الدعاء.
ثم اقرأ سورة [قل هو الله احد] "إحدى عشرة مرة" وسورة [إنا أَنزلناه] و[آية الكرسي]
وسورة [قل أعوذ برب الناس] و[قل أعوذ برب الفلق] ثم أمرر بيدك على جميع جسدك وتصدق
بما تيسر وقل:
[ اللّهُمَّ إِنِّي اشْتَرَيْتُ بِهِذِهِ الصَّدَقَةِ سَلامَتِي وَسَلامَةَ سَفَرِي
وَمامَعِي اللّهُمَّ احْفَظْنِي وَاحْفَظْ مامَعِي وَسَلِّمْنِي وَسَلِّمْ مامَعِي
وَبَلِّغْنِي وَبَلِّغْ مامَعِي بِبَلاغِكَ الَحَسَن الجَمِيلِ ].
وتاخذ معك عصاً من شجر اللوز المر فقد روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) أنه
قال: من خرج إلى السفر ومعه عصى لوز مر وتلا قوله تعالى: [وَلَمَّا تَوَجَّهَ
تِلْقاءَ مَدْيَنَ... الى …وَالله عَلى مانَقُولُ وَكِيلٌ] وهو في سورة القصص،
آمّنه الله تعالى من كل سبعٍ ضارٍ ومن كل لصٍ عادٍ ومن كل ذات حمةٍ حتى يرجع الى
منزله وكان معه سبع وسبعون من المعقبات الملائكة يستغفرون له حتى يرجع ويضعها
ويستحب أن يخرج معتما متحنكا لكي لايصيبه السرق ولا الغرق ولا الحرق وتأخذ معك
شَيْئاً من تربة الحسين (عليه السلام) وقل إذا أخذتها:[ اللّهُمَّ هذِهِ طِينَةُ قَبْرِ الحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ وَلِيِّكَ وَابْنِ
وَلِيِّكَ اتَّخّذْتُها حِرْزاً لِما أَخافُ وَما لاأَخافُ ].وخذ معك خاتم العقيق والفيروزج، والأحسن أن يكون العقيق أصفر منقوشاً على أحد
وجهيه: [ماشاءَ الله لاقُوَّةَ إِلاّ بِالله أسْتَغْفِرُ اللهِ ]، وعلى الوجه
الثاني: [ مُحَمَّد وَعلي ].
روى السيد ابن طاووس في أمان الاخطار عن أبي محمد قاسم بن علا عن الصافي خادم
الإمام علي النقي (عليه السلام) قال: استأذنته في الزيارة إلى طوس فقال لي: يكون
معك خاتم فصة عقيق أصفر عليه: [ماشاءَ الله لاقُوَّةَ إِلاّ بالله أستغفرُ اللهِ]،
وعلى الجانب الآخِر: [ محمد وعلي ] فإنه أمان من القطع وأَتم للسلامة وأصون لدينك.
قال فخرجت وأخذت خاتما على الصفة التي أمرني بها ثم رجعت إليه لوداعه فودعته
وانصرفت فلما بعدت أمر بردي فرجعت إليه فقال: ياصافي فقلت: لبيك ياسيدي قال: ليكن
معك خاتم آخر من فيروزج فآنه يلقاك في طريقك أسد بين طوس ونيشابور فيمنع القافلة من
المسير فتقدم إليه وأره الخاتم وقل له: مولاي يقول لك تنح عن الطريق، ثم قال ليكن
نقشه: [الله الملك]، وعلى الجانب الآخِر: [المُلكُ للهِ الواحِدِ القَهَّارِ]، فانه
خاتم أمير المؤمنين (عليه السلام) كان عليه: [الله المَلِكُ]، فلما ولي الخلافة نقش
على خاتمه: [المُلكُ للهِ الواحد القهار]، وكان فصه فيروزج: وهو أمان من السباع
خاصة وظفر في الحرب.
قال الخادم فخرجت في سفري ذلك فلقيني والله السبع فقلت ما أُمرت به فلما رجعت حدثته
فقال لي بقيت عليك خصلة لم تحدثني بها إن شئت حدثتك بها فقلت ياسيدي أذكر عَلَيَّ
لعلّي نسيتها فقال:
نعم بتَّ ليلة بطوس عند القبر فصار الى القبر قوم من الجن لزيارته فنظروا إلى الفص
في يدك وقرأوا نقشه فأخذوه عن يدك وصاروا به إلى عليل لهم وغسلوا الخاتم بالماء
وسقوه ذلك الماء فبري، وردوا الخاتم إليك وكان في يدك اليمنى فصيروه في يدك اليسرى
فكثر تعجبك من ذلك ولم تعرف السبب فيه ووجدت عند رأسك حجراً ياقوتاً فأخذته وهو معك
فاحمله إلى السوق فإنك ستبيعه بثمانين ديناراً وهو هدية القوم إليك فحملته إلى
السوق فبعته بثمانين ديناراً، كما قال سيدي (عليه السلام).وعن الصادق (عليه السلام) قال من قرأ آية الكرسي في السفر في كل ليلة سَلِمَ
وسَلِمَ مامعه ويقول: [اللّهُمَّ اجْعَلْ مَسِيري عِبَراً وَصَمْتِي تَفَكُّراً
وَكَلامِي ذِكْراً]. وعن الإمام زين العابدين (عليه السلام) قال: لا أبالي اذا قلت هذه الكلمات أن لو
اجتمع عليَّ الجن والانس: [ بِسْمِ الله وَبِالله وَمِنَ الله وَإِلى الله وَفِي
سَبِيلِ اللهِ، اللّهُمَّ إِلَيْكَ أَسْلَمْتُ نَفْسِي وَإِلَيْكَ وَجَّهْتُ
وَجْهِي وَإِلَيْكَ فَوَّضْتُ أَمْرِي فَاحْفَظْنِي بِحِفْظِ الإيْمانِ مِنْ بَيْنِ
يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمالِي وَمِنْ فَوْقِي وَمِنْ
تَحْتِي، وَادْفَعْ عَنِّي بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ فَإِنَّهُ لاحَوْلَ وَلاقُوَّةَ
إِلاّ بِالله العَلِيِّ العَظِيمِ ].
أقول: دعوات السفر وآدابه كثيرة، ونحن هنا نقتصر بذكر عدّة آداب:
الأول: ينبغي للمر أن لايترك التسمية عند الركوب.
الثاني: أن يحفظ نفقته في موضع مصُون. فقد روي أنَّ من فقه المسافر حفظُ نفقته.
الثالث: أن يساعد أصحابه في السفر ولايحجم عن السعي في حوائجهم كي ينفس الله عنه
ثلاثاً وسبعين كربة ويجيره في الدنيا من الهم والغم وينفس كربه العظيم يوم القيامة.