القسم الثالث

وكنتم على شفا حفرة من النار

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إنما العالم من دعاه علمه إلى الورع والتقى والزهـد في عالم الفناء والتوله بجنة المأوى»(1).

وقال (عليه السلام): «الزهد سجية المخلصين»(2).

تذكر النعم السابقة

مسألة: حيث إن مما يحمل الإنسان على معرفة قدر النعم الإلهية ويبعثه على شكرها القولي والعملي: تذكر الأخطار والأهوال والظروف التعيسة التي كان يعيش هو فيها، أو التي كان يمكن ان يعيش فيها لولا اللطف الإلهي وجهاد الرسول الأعظم وآله الأطهار (عليهم افضل الصلاة وأزكى السلام)..

لذلك فان من المستحب ان يتذكر الإنسان ماضيه وماضي أسرته وأمته ـ التحقيقي أو التقديري(3) ـ قال تعالى: ( ألم يجدك يتيما فآوى * ووجدك ضالا فهدى)(4).

ومن المستحب تذكير الناس بذلك أيضا، وكلامها (عليها الصلاة والسلام) ينطلق من هذا المنطلق وغيره.

قال تعالى: (قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين)(5).

وقال سبحانه: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين)(6).

وقال تعالى: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين)(7).

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): «نحن أهل البيت النعيم الذي أنعم الله بنا على العباد، بنا ائتلفوا بعد ان كانوا مختلفين، وبنا ألف الله بين قلوبهم، وبنا أنقذهم الله من الشرك والمعاصي، وبنا جعلهم الله إخوانا، وبنا هداهم الله فهي النعمة التي لا تنقطع، والله سائلهم عن حق النعمة التي أنعم عليهم، وهو النبي وعترته»(8).

ومن فوائد دراسة الماضي معرفة المستقبل إجمالا حيث قال (صلى الله عليه وآله): «كلما كان في الأمم السالفة يكون في هذه الأمة، مثله حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة»(9).

وانما قالت (عليها السلام): (على شفا حفرة من النار) اقتباساً من الآية الكريمة(10)، والتعبير بـ (كنتم على شفا حفرة) نظراً لانهم كانوا أحياء، ولم يسقطوا بعد في نار جهنم. وان كانت النار ـ بالمعنى الآخر ـ محيطة بهم كما قال سبحانه: (وان جهنم لمحيطة بالكافرين)(11) فقد ذكرنا في كتاب (الآداب والسنن)(12) وغيره: ان الدنيا التي نعيش فيها لها وجوه: وجه ظاهر وهو الملموس بالحواس الخمس، ووجهان واقعيــان،هما الجنة والنار، كما يظهر من الآيات والروايات، فقد قال سبحانه: (يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا)(13).

وقال جل وعلا: (وان جهنم لمحيطة بالكافرين)(14).

وقال تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً)(15).

وقال (صلى الله عليه وآله): (ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على ترعة من ترع الجنة)(16) وما أشبه ذلك مما هو كثير في الروايات(17).

وجوب الإنقاذ

مسألة: يجب ـ عقلاً وشرعاً ـ إنقاذ من يكون على شفير حفرة من النار.

إذ كما يتحمل الإنسان مسؤولية نفسه كذلك يتحمل مسؤولية أسرته، قال تعالى: (قوا أنفسكم وأهليكم ناراً)(18) ويتحمل مسؤولية مجتمعه أيضا، فليست مسؤولية الهداية والإرشاد خاصة برجال الدين فحسب، إذ (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)(19) وان كانت مسؤوليــة رجــال الدين آكد، قال تعالى: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)(20) والعلماء هم الذين يرابطون على الثغر الذي يلي إبليس.

وهذا من غير فرق بين نار الدنيا أو نار الآخرة، وان كان وجوب الثاني آكد وأشد، فان نار الدنيا زائلة ونار الآخرة باقية دائمة، إلا من خرج منها بلطفه سبحانه، ومع ذلك فان نار الدنيا أهون مراتب ومرات من تلك النار الآخرة ولو كانت مؤقتة، وفي دعاء كميل: (.. فكيف احتمالي لبلاء الآخرة …)(21).

قولها عليها السلام: (شفا) أي شفير (حفرة) لأن النار في حفرة جهنم، بخلاف الجنة حيث هي درجات، بينما النار دركات، (من النار) نار الآخرة لكفرهم وفسادهم عقيدة وأخلاقا وشريعة، فإذا مات أحدهم سقط في جهنم. ومن المعلوم ان نار الآخرة إنما هي لمن بلغه الحق فأعرض عنه، أما الجاهل القاصر فانه يمتحن في الآخرة، كما ورد في الحديث.

والتعبير بـ (كنتم على شفا) نظراً لأن حياة الإنسان مهما طالت فهي قصيرة تمضي كلمح بالبصر خاصة إذا ما قيست بالحياة الآخرة، وإذا ما قيست بماضي الدنيا أيضا، قال تعالى: (اقتربت الساعة)(22).

وربما يعترض بأنهم قبل إرسال الرسول (صلى الله عليه وآله) لم يكونوا ممن بلغتهم الحجة، فكيف يعاقبون؟

والجواب:

أولا: (لله حجتان، باطنة وظاهرة) كما في الحديث الشريف(23)، وهؤلاء كانوا قد خالفوا صريح حكم العقل والفطرة في سفك الدماء وانتهاك الأعراض وسحق الحقوق فتأمل.

وثانياً: لم تكن الجزيرة خالية من أوصياء الأنبياء وتعاليم الأنبياء قبل الرسول(صلى الله عليه وآله)، فقد كان فيهم أمثال عبد المطلب وأبي طالب (عليهما السلام).

 

مذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الأقدام

حرمة إذلال المؤمن نفسه

مسألة: يحرم إذلال المؤمن نفسه ـ في بعض مراتبه(24) ـ ولو بالتسبيب أو بترك تمهيد المقدمات التي توجب إخراجه من الذلة.

فان الله لم يفوض له إذلال نفسه، قال(عليه السلام): «ان الله فوض إلى المؤمن أمره كله ولم يفوض إليه أن يكون ذليلاً أما تسمع قول الله عز وجل:(ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)(25) فالمؤمن يكون عزيزاً ولا يكون ذليلاً، ثم قال: ان المؤمن أعز من الجبل، ان الجبل يستقل منه بالمعاول والمؤمن لا يستقل من دينه بشيء»(26).

وقال (عليه السلام): «المؤمن لا يكون ذليلاً ولا يكون ضعيفاً»(27).

وفي الحديث عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام): «من استنجد ذليلاً ذل»(28).

وكذلك الأمر في التجمعات: كالهيئات والنقابات والتنظيمات والأحزاب والأمم، فان المحرم ان تذل أنفسها بالتمسح على أعتاب الشرق والغرب، أو بالنزاعات والمهاترات، أو حتى بترك ما ينبغي لمثلها أن تكون عليه ـ في الجملــة ـ أي

بكل ما يسبب ان تكون الأمة مذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الأقدام، أي أن تكون ضعيفة كماً أو كيفاً وفي جميع مجالات الحياة.

قال سبحانه: (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين)(29).

وقال (صلى الله عليه وآله): (ان الله يحب الرجل الشجاع ولو بقتل حية).

وفي الروايات: ان الشجاعة من خصال الأنبياء(30).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الشجاعة عز حاضر»(31).

وقال (عليه السلام): «الشجاعة أحد العزَّين»(32).

وقال (عليه السلام): «الشجاع والشجاعة غرائز شريفة يصنعها الله سبحانه فيمن أحبه وامتحنه»(33).

بل يجب على المؤمن والتجمعات الإيمانية والأمة الإسلامية أن تمهد من الأسباب ما يوجب عزتها ومزيداً من كرامتها ورفعتها إجمالا، فإن( لله العزة ولرسوله وللمؤمنين)(34) وقد قال سيد الشهداء (عليه السلام): (ألا وان الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنـون وحجــور طابت وطهرت وأنوف حميــة ونفوس أبية من أن تؤثر طاعــة اللئام على مصارع الكرام..)(35).

وقال (عليه السلام): (من استوى يوماه فهو مغبون)(36).

وقال (عليه السلام): (كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً)(37).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) لمن ترك التجارة منصرفاً إلى العبادة: (اغد إلى عزك).

وغير ذلك من الآيات والروايات التي يستفاد منها رجحان أو وجوب العزة ـ في بعض مراتبها أو بالقياس إلى بعض الجهات أو في عدد من الحالات ـ مطابقة أو تضمنا أو التزاماً، أو بدلالة الاقتضاء.

قولها عليها السلام: (مذقة) من المــذاق، أي كـــنتم أذلاء حـــتى أنـــكم كنتم كالذي يمذقـــه ممن يشرب الماء حيث المذقة لا قيمة لها(38).

(نهزة) أي محل الانتهاز، فالذي يطمع فيكم يتمكن من ان ينتهز الفرصة ليأخذكم ويسلبكم ويستولي على نسائكم، فقد كانوا كذلك، أموالهم منهوبة ونساؤهم مخطوفات، فلا دين ولا دنيا ولا قانون ولا شرف يمنعهـم عـن السرقة والضرب والجرح والقتل وانتهاك سائر المحرمات كزنا بعضهم بنساء بعض.

(قبسة العجلان): فكما أن الإنسان ـ إذا كان على عجل في طريقه ـ يقتبس شيئاً من النار المشتعلة ويذهب لحاجته دون ان يمنعه أحد من الاقتباس، لعدم قيمة النار المقتبسة، كذلك كنتم انتم لا قيمة لكم ولا اعتبار، فكان بعضهم يستعبد بعضاً بالقوة بلا رادع ولا مانع.

(موطئ): إن الأقدام تطأ الأشياء الخسيسة التي لا قيمة ولا أهمية لها، كذلك كنتم في الجاهلية فاقدين لكل شخصية واعتبار، فالقوي يطارد الضعيف والغني يستخف بالفقير، وكل إنسان يسحق من دونه.

ولقد جاءت هاتان الجملتان: (وكنتم على شفا..) و(مذقة الشارب..) بحيث ترسم الصورة المتكاملة لحالتهم في الدنيا والآخرة، فـ (كنتم على شفا حفرة من النار) تكشف عن مصيرهم في ذلك العالم، و(مذقة الشارب..) تدل على حالتهم المعيشية في هذه الدار، فكانوا مصداق من خسر الدنيا مع الآخرة، ومن لامعاش له لا معاد له.

العزة في كل شؤون الحياة

مسألة: ما ذكر في المسألة السابقة من الحكم شامل للعزة والذلة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وعسكرياً وغير ذلك من شؤون الحياة، فينبغي بل قد يجب أن يكون المؤمنون في كلها ذوي العزة، بل ان يكونوا هم الأعز، قال تعالى: (ولاتهنوا ولاتحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)(39).

فالوهن والضعف منهي عنه، ولزوم كونهم (الأعلون) هو مقتضى تعليقه على الشرط(40) مشفوعا بقرينة السياق، وبما سيق الكلام لأجله، إضافة إلى إطلاق ما سبق من الآيات والروايات.

وقال (صلى الله عليه وآله): (الإسلام يعلو ولا يعلى عليه)(41).

إضافة إلى لحاظ جانب الطريقية والمقدمية في مراتب العزة، إذ كلما كان المؤمنون اعز كانوا اقدر على إرشاد الناس واجتذابهم للدين المبين، وكلما كانوا اعز كانت مكانتهم في نفوس سائر الملل والنحل أقوى، إذ الغالب في الناس الانشداد نفسياً والتأثر فكرياً والاقتداء عملياً بذوي العزة والجاه والمنزلة علمياً أو اقتصادياً أو غير ذلك، وقد يكون ذلك كله من مصاديق (كونوا دعاة الناس بغير ألسنتكم)(42) وهذا من أسرار تأثر كثير من المسلمين بالحضارة الغربية.

الإرشاد لمواطن الضعف

مسألة: يستحب وقد يجب إرشاد الأمة لمواطن الضعف في حياتها ومسيرتها الماضية والحالية، كما يلزم ـ بالمعنى الأعم ـ تحذيرها مما قد يعتريها في مستقبل الأيام، للتلازم بين الأمرين، كما المع إليه في بعض البنود السابقة(43).

وفي الحديث قال (عليه السلام): «أحب أخواني إليّ من أهدى إليّ عيوبي»(44).

حرمة الاستسلام للاستعمار

مسألة: يحرم ان تستسلم الأمة لاستعمار الآخرين، وان ترزخ تحت نير المستعمرين، من غير فرق بين أنحاء الاستعمار، كالاستعمار العسكري والاقتصادي و الثقافي وغيرها، ولا فرق في الآخرين بين ان يكونوا من أهل الكتاب أو غير أهل الكتاب، بل ان الله تعالى يحرم مطلق الاستعمار حتى من كافر لكافر وربما أوجب القتال لاجل استنقاذه.

قال سبحانه: (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين)(45).

وقال تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا)(46).

والاستعمار خلاف مقتضى كرامة الإنسان بما هو إنسان.

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا»(47).

ولا يخفى ما في شفع (مذقة الشارب ونهزة الطامع..) في كلامها (عليها السلام) بـ(وكنتم على شفا حفرة من النار) من الدلالة على شدة مبغوضية ان تكون الأمة مستعمرة للآخرين، مغلوبة على أمرها، فاقدة لاستقلاليتها، فقد قرنت (صلوات الله عليها) ذكر حالتهم الأخروية بهذه الحالة الدنيوية في تصويرها لأسوأ ما منوا به.

وكان تعبيرها (عليها السلام) بما سيأتي من (فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد) دليلاً ساطعاً على ان من أعظم ما حققه الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ومن اكبر المنن عليهم: إنقاذهم من الاستعمار كما أنقذهم من حر النار.

 

تشربون الطرق

كراهة شرب الطرق

مسألة: يكره شرب الطرق، فان شرب الماء المطروق يضر الإنسان صحياً، والإسلام يأمر بالتزام المناهج الصحية للجسم، وقد قال (عليه الصلاة والسلام): (إن لبدنك عليك حقاً)(48).

بالإضافة إلى أن شرب الماء الذي تطرقه الحيوانات يتنافى مع الحديث النبوي(صلى الله عليه وآله): (النظافة من الإيمان)(49) فاللازم على المسلمين ان تكون مياه شربهم نظيفة وان ينتهجوا النظافة في جميع مجالات الحياة(50)، وهناك آداب كثيرة في شرب الماء ذكرناها في الفقه(51).

ولم نقل بحرمة شرب الطرق نظراً لأن الأصل الحل والاباحة، نعم يحرم شربه إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه بالنجاسة، أو فيما إذا اصبح مضراً ضرراً بالغاً، وكذا الحال في المياه الآسنة وشبهها.

قولها (عليها السلام): (الطرق) أي الماء القليل الذي ترده وتطرقه الكلاب والحيوانات، وحيث كانوا في بلاد جافة في الجزيرة كان شربهم من هذه المياه المخلوطة بالأبوال والأرواث.

والملاحظ أنها (صلوات الله عليها) بدأت بذكر مآلهم وسوء عاقبتهم، ثم ثنت بوصف حالتهم السياسية والاجتماعية المأسأوية، وثلثت بذكر حالتهم الاقتصادية المزرية، ثم عادت لتشير إلى حالتهم النفسية والاجتماعية أيضا (أذلة.. من حولكم)..

وكانت إشارتها (عليها السلام) إلى كل تلك الجوانب أبدع إشارة، حيث اعتصرت كل تلك الجوانب في كلمات قليلة جسدت فيها الواقع في أدب تصويري رائع.

 

وتقتادون القد(52)

كراهة أكل القد والورق

مسألة: يكره أكل القد والورق ـ كما في بعض النسخ ـ فإن أكل أوراق الأشجار والقد كثيراً ما يوجب أمراضا، كما ذكر في علم الطب.

ولا يبعد أن يستفاد من قوله تعالى: (ويحـــل لهم الطيـــبات)(53) أن الأطيب هو الأفضــل، ومــن قــوله سبحانه: (ويحرم عليهم الخبائث)(54) انه كلما كان أخبث كان اسوأ، للملاك، ولان للأحكام درجات في جانبي السلب والإيجاب.

قولها (عليها السلام): (القد) القديد وهو اللحم والجلد الذي يجفف في الشمس، وعادة تكثر فيه الديدان والتعفن، وقد كان اللحم الذي يأكلونه هو هذا، وكثيراً ما كانوا لايجدون حتى هذا فيأكلون أوراق الأشجار، وكل ذلك لعدم اهتداء الجاهليين للمناهج الحيوية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية و.. التي أمر بها الإسلام والتي تصلحهم في دينهم ودنياهم، فكان كل شيء منهم في غاية التخلف والتأخر والانحطاط.

ومن الثابت أن نوعية الطعام تؤثر على الإنسان وتفكيره وعلى عواطفه ومشاعره وعلـى حالتـه النفسية والروحية والمعنوية، وحتى على أولاده أيضا ـ عند

انعقاد النطفة وفترة الحمل والرضاع ـ ولذلك وردت أحاديث كثيرة في الأطعمة والأشربة مما ذكر الفقهاء تفصيلها في كتاب (الأطعمة والأشربة)(55) وفي كتب طب المعصومين (عليهم السلام) وغيرها.

ولقد كان من علل قساوة الجاهليين وغلظتهم وتحجر عواطفهم هو ذلك المأكل والمشرب السيئ الرديء.

 

أذلة خاسئين

الذلة النفسية والسياسية

مسألة(56): يجب السعي لنجدة الذليل فرداً كان أم أمة، واستخراجه من ذلته في الجملة، بكلا معنيي الذلة، إذ:

الذلة تارة تكون حالة نفسية يعيشها الإنسان في ذاته وداخله، كمن يشعر بعقدة الحقارة، وهي قد تصيب الأمم فيبهرها كل ما تأتي به سائر الحضارات.

وقد تكون معادلة اجتماعية سياسية، حيث قد تتغلب أمة على أمة، أو دولة على دولة، أو فرد على فرد، حيث يعيش المغلوب ذلة عملية باعتبار كونه محكوماً مكبلاً وان كان هو الأفضل والأكفأ والأعلم.

والى هذا القسم الثاني يشير الشاعر حيث يقول عن لسان الإمام السجاد (عليه الصلاة والسلام):

أقـــــاد ذلـــــيلاً فــي دمشــق كأنني           من الزنج عبد غاب عنه نــــصــير

أو ما ورد من (وبعد العز مذللات)(57).

أو قوله تعالى: (ولقد نصركم الله ببدر وانتم أذلة)(58).

فاللازم أن يسعى الإنسان ليكون عزيزاً وليحقق العزة بسائر أبناء ملة الإسلام أيضا، فان كانت ذلته داخلية فعليه أن يعالج أسبابها ويزيل مقتضياتها، إذ قد تكون لجهل أو فقر أو تلقين أو ما أشبه.

وإن كانت خارجية ـ أي مظلومية ـ وجب أيضا أن يتحداها ويواجهها بالفكر والمنطق، أو بالإعلام والدعاية كما قامت به السيدة زينب (عليها السلام) في مجلس ابن زياد(59) ويزيد(60) وغيرهما..

وهكذا الإمام السجاد (عليه السلام) في مجلس يزيد(61) وغيره، وكبكائه (عليه السلام) عشرين سنة أو أربعين سنة(62) على مقتل أبيه الحسين (صلوات الله عليه).

وكما قامت به فاطمة الزهراء (عليها السلام) بعد أبيها (صلى الله عليه وآله)(63).

وكما قام به الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) من قبل لمدة طويلة في مكة المكرمة حيث لم يكن قد أذن له بالجهاد بعد.

أو بالمواجهة العسكرية، كحروب النبي (صلى الله عليه وآله)(64).

أو بالنهضة والتضحية بالغالي والنفيس كثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، فـ (الحياة في موتكم قاهرين والموت في حياتكم مقهورين)(65).

أو بأسلوب المقاومة السلبية، كما قام به الإمام الحسن (عليه السلام) وعدد آخر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، حيث كانت هي الطريقة الوحيدة لفضح معاوية وأشباهه وكشف القناع عن زيفه ودجله وخداعه.

ويستفاد ذلك الحكم من كلامها (عليها السلام) من اعتبارها (أذلة) من أسوأ ما مني به الجاهليون قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واقترانه بما سبق ولحق، والامتنان عليهم اكبر الامتنان بإنقاذه تعالى إياهم من تلك الحالات بأبيها محمد (صلى الله عليه وآله)، وبحكم العقل ودليل التلازم والأسوة يثبت ما سبق.

فتحصل مما سبق مسائل: انه يحرم الإذلال ـ حدوثاً ـ للفرد والتجمعات والأمة، داخلية كانت أم خارجية، ويجب الخروج منها بالنسبة إلى الذليل نفسه، كما انه يجب على الآخرين الحيلولــة دون ذلــة إنســان (دفعاً) وإذا وقــع في الذلــة

وجب عليهم إخراجه منها (رفعاً) فهي محرمة حدوثاً وبقاءً، بالنسبة للنفس أو الغير.

قولها (عليها السلام): (أذلة) أذلاء جمع ذليل (خاسئين) مطرودين، وقد جاء في التاريخ ان أهل الجزيرة كانوا يستغيثون بكسرى وقيصر كي يشملهم بحكمه وينقذ بعضهم من يد بعض، فما كانا يستجيبان لهم لذلتهم وحقارتهم.

 

انتهاج منهج الجاهليين

مسألة: يحرم في الجملة انتهاج منهج الجاهليين في عاداتهم وطقوسهم، فإن الجاهلية تشمل العقائد والآداب والأخلاق والسلوك والأمور المرتبطة بالجسم، لأن كل انحطاط جاهلي، وكل ارتفاع علمي، فإن العلم يوجب ارتفاع الإنسان في مختلف أبعاد الحياة (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)(66).

وقد أشير إلى ذلك في جملة من آيات القرآن الحكيم والروايات:

مثل قوله سبحانه: (إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية)(67).

وقوله تعالى: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)(68).

وقال سبحانه: (افحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً)(69) إلى غير ذلك.

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «يا علي اجعل قضاء أهل الجاهلية تحت قدميك»(70).

وقال (صلى الله عليه وآله): «وأمت أمر الجاهلية إلا ما سنه الإسلام)(71).

وفي الدعاء الوارد في غيبة الإمام القائم (عجل الله تعالى فرجه): «اللهم لا تمتني ميتة جاهلية»(72).

وفي علل الشرائع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من مات وهو يبغضك يا علي مات ميتة جاهلية»(73).

ومن مصاديق ذلك الحكم الكلي(74) إحياء آثار وذكرى الفراعنة والقياصرة والجبابرة، عبر وضع النصب والتماثيل لهم أو حفر صورهم وأسمائهم في الجدران وغير ذلك. وكذلك اتباعهم في اعتقادهم بالخرافات والسحرة والكهنة والتنجيم، وكذلك في المأكل والمركب والملبس وشبه ذلك مما يعد عرفاً اتباعاً لهم وأحياءً لذكراهم.

ولا فرق في ذلك بين جاهلية القرون السابقة، أو جاهلية القرن العشرين، حيث حكمت الجاهلية باسم الحضارة والتمدن في شتى مناحي الحياة(75).

فما دام المسلمون بعيدين عن مناهج الله، متمسكين بعادات وتقاليد الجاهلية الأولى أو الجاهلية المعاصرة، فإنهم سيبقون ـ والعياذ بالله ـ (أذلة خاسئين).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) في هذه الآية: (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)(76) قال أي سيكون جاهلية أخرى»(77).

 

تخافون

ضمانات للمستقبل

مسألة: يجب توفير الضمانات التي تؤمن مستقبل الأفراد والأمة وتضمن لهم عدم تعرضهم لأي خطر يداهمهم على حين غرة، فإن مقدمة الواجب واجبة عقلاً، و(المؤمن كيس فطن حذر)(78) وقد ورد في وصف أمير المؤمنين (عليه السلام): (كان والله بعيد المدى)(79).

أما الخوف فهو بالقياس إلى ما يضاف إليه قد يكون قبيحاً أو محرماً، وقد يكون حسناً أو واجباً:

فالخوف الناجم عن تقصير في المقدمات والمصحوب بتخاذل عن محاولة العلاج واتباع الطرق والحلول التي بينها الله تعالى في القرآن الحكيم وعلى لسان المعصومين (عليهم السلام) رذيلة، كما في الخوف الذي أشارت إليه (صلوات الله عليها) بالنسبة للجاهليين، وكما في التخوف الذي يعيشه الكثير من المسلمين ـ حكاماً أو أفراداً ـ من أن تتخطفهم الدول الاستعمارية أو الجائرة من حولهم تخطفا عسكرياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو ما أشبه فلايعملون بوظائفهم.

أما المؤمنون العاملون الملتزمون بالأوامر الإلهية السائرون على منهج رسل الله في الجهاد والتضحية، فقد قال تعالى في حقهم:

(ألا ان أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)(80).

وقال سبحانه: (بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولاخوف عليهم ولا هم يحزنون)(81).

والحزن عادة يطلق بالنسبة إلى الحال، والخوف بالنسبة إلى الاستقبال، وذلك لأن أولياء الله سبحانه وتعالى لارتباطهم بالله لا يخافون غيره ولا يحزنون لفوت شيء من الدنيا ونحوها، ولذا فالخوف والحزن الحقيقيان منتفيان عنهم وإن كانوا خائفين بمعنى آخر كما قال سبحانه: (يدعوننا رغباً ورهباً)(82) وهم محزونون لأنهم لايعرفون هل ان الله سيعاملهم بعدله أم بفضله، وفي الدعاء: (اللهم عاملنا بفضلك ولا تعاملنا بعدلك).

فالخوف من الله هو الفضيلة كما قال (عليه السلام): (خف الله كأنك تراه فإن كنت لاتراه فإنه يراك)(83) وهكذا الخوف من مغبة الأعمال الطالحة، والخوف من نتائج التقصير والقصور السابق المشفوع بالعمل لرأب ما انصدع وجبر ما انكسر، هو المطلوب، وفي الحديث عنه (صلى الله عليه وآله): «يا بن مسعود خف الله في السر والعلانية فان الله تعالى يقول: (ولمن خاف مقام ربه جنتان)(84)»(85).

أما الخوف من قوى الشيطان بتصور سلطانها على قوى الرحمن أو بتصور صدق إلقاءاتها عن مغبة اتباع أوامر الرسل هو الآخر مرفوض ومحرم، قال عزوجل: (إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون ان كنتم مؤمنين)(86).

وفي الدعاء: «اللهم واستغفرك لكل ذنب حملني على الخوف من غيرك أو دعاني إلى التواضع لأحد من خلقك أو استمالني إليه الطمع فيما عنده…»(87).

وقال الإمام علي بن الحسين (عليه السلام): «يا بن آدم انك لا تزال بخير ما كان لك واعظاً من نفسك وما كان الخوف شعارك والحزن دثارك، ابن آدم انك ميت ومحاسب فاعد الجواب»(88).

وقال سيد العابدين (عليه السلام): «ليس الخوف من بكى وجرت دموعه مالم يكن له ورع يحجزه عن معاصي الله وانما ذلك خوف كاذب»(89).

وقال (عليه السلام): «المؤمن بين مخافتين: ذنب قد مضى لا يدري ما يصنع الله فيه، وعمر قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه من المهالك، فهو لا يصبح إلا خائفاً ولا يمسي إلا خائفاً ولا يصلحه إلا الخوف»(90).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): «عند الخوف يحسن العمل»(91).

وقال (عليه السلام): «غاية العلم الخوف من الله سبحانه»(92).

وقال (عليه السلام): «خير الأعمال اعتدال الخوف والرجاء»(93).

وقال (عليه السلام): «الخوف سجن النفس عن الذنوب ورادعه عن المعاصي»(94).

وقال (عليه السلام): «الخوف أمان»(95).

هذا كله في الخوف الممدوح.

وقد ورد في الخوف المذموم: «لا ينبغي للعاقل أن يقيم على الخوف إذا وجد إلى الأمن سبيلا»(96).

وقال أمير المؤمنين(عليه السلام): «ثلاثة تنقص النفس: الفقر والخوف والخزن، وثلاثة تحييها: كلام العلماء ولقاء الأصدقاء ومر الأيام بقلة البلاء»(97).

قولها عليها السلام: (تخافون) إشارة إلى الآية الكريمة: (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون ان يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون)(98) فانهم كانوا في خوف دائم من أن يغير عليهم مغير فيستولي عليهم ويسلبهم ويجعلهم عبيداً واماءً، كما كانت عادة الجاهليين فإن حال الأمم المستضعفة هكذا حتى في هذا العصر، مع اختلاف من حيث الزيادة والنقصان، والمد والجزر، والنوعية والكيفية(99).

 

أن يتخطفكم الناس من حولكم

حرمة الاختطاف والعنف

مسألة: يحرم الاختطاف وأخذ الرهائن كما كان متعارفاً في ذلك الزمن، وكما هو متعارف في زماننا هذا، وهكذا يحرم جميع مصاديق العنف والإرهاب، مما يوجب إيذاء الناس أو تشويه سمعة الإسلام والمسلمين، سواء من الحكومة للقوى المعارضة ولو تحت عنوان الاعتقال، أو من المعارضة لأركان السلطة، فان كل شيء يسلب الناس حريتهم الممنوحة من الله سبحانه وتعالى لهم محرم، وكل مصادرة لحق من حقوق الناس محرمة.

نعم في كل مورد حكمت الشريعة الإسلامية فيه بالسجن ـ وهي قليلة جداً بالنسبة إلى موارد السجن في عالم اليوم كما ذكرنا تفصيله في الفقه(100) ـ جاز ذلك مع رعاية جميع حقوق السجين(101)، وهو بالدليل الخاص، لأنـه علـى خلاف

قاعدة (الناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم)(102) كما ان كل مورد عين الشرع فيه حصة من المال لبيت المال (كالخمس والزكاة) أيضا يكون تخصيصا لهذه الكلية التي جزء منها حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)(103)، وجزء منها مستفاد من قوله تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم)(104) فان كونه أولى دليل على ثبوت الولاية للإنسان على نفسه، وان النبي (صلى الله عليه وآله) أولى منه إذا تعارضت الولايتان، أو مطلقاً كما لا يخفى.

وشيوع حالة الاختطاف في المجتمع دليل على جاهلية ذلك المجتمع، أو على وجود قوانين كابتة وظلامات وحقوق مصادرة تسبب تفجر فئات من الناس ضد الوضع بهذه الطريقة السلبية.

وهذا ما نشاهده واضحاً اثر سيطرة الحضارة الغربية التي أرست دعائمها على استعمار الشعوب الأخرى عسكريا أو اقتصادياً وحتى فكرياً وثقافياً، كما هو منهج الاستعمار في الفترة الأخيرة عبر الأقمار الصناعية وسيل من الكتب والمجلات والجرائد والأفلام وغيرها.

وكلامها (صلوات الله عليها) وان كان إخباراً عن واقع معين في زمن معين، إلا انه يكشف عن قوانين كلية وسنن اجتماعية وسياسية جارية على مر السنين، تصلح كمؤشر لتشخيص حالة المجتمع صحة ومرضاً، قوة وضعفاً.

لا يتخطفوك

مسألة: يلزم على الإنسان أن لا يجعل نفسه عرضة لأن يتخطفه إنسان أو شيطان، ويكون على حذر من ذلك، وهناك روايات في أسلوب خطف الشيطان للإنسان بنفسه أو بإنسان آخر وما يلزم في مواجهته.

فعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «بينما موسى بن عمران جالس إذ أقبل إبليس وعليه برنس ذو ألوان، فلما دنا من موسى خلع البرنس وأقبل إلى موسى فسلم عليه، فقال له موسى: من أنت؟ فقال: أنا إبليس، قال: أنت فلا قربك الله، قال: جئت لأسلم عليك لمكانك من الله، قال موسى: فما هذا البرنس، قال: به اختطف قلوب بني آدم، قال موسى: فاخبرني بالذنب الذي إذا أذنبـــه بــني آدم استحوذت عليه؟ قال: إذا أعجـــبتـــه نـفــسه واستكثر عــمله وصغـــر في عينه ذنبه»(105).

وقال (عليه السلام): «النظر سهم من سهام إبليس وكم من نظرة أورثت حسرة طويلة»(106).

وقال (عليه السلام): «الحسد مقنصة إبليس الكبرى»(107).

وقال (عليه السلام): «الكبر مصيدة إبليس العظمى»(108).

وسئل الإمام الصادق (عليه السلام): «يا بن رسول الله ما الذي يباعد عنا إبليس؟ قال: الصوم يسود وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحب في الله والموازرة على العمل الصالح يقطعان دابره، والاستغفار يقطع وتينه»(109).

وقال (صلى الله عليه وآله): «ثلاثة معصومون من إبليس وجنوده: الذاكرون لله، والباكون من خشية الله، والمستغفرون بالأسحار»(110).

وقال (عليه السلام): «تحرز من إبليس بالخوف الصادق»(111).

وقال (عليه السلام): «إن صغــار الــذنوب ومحقـــراتها من مكائـــد إبليس يحقــرها لكــم ويصغـــرها في أعينكم فتجتمع وتكثر فتحيط بكم»(112).

وعن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) قال: «علماء شيعتنا مرابطون في الثغر الذي يلي إبليس وعفاريته، يمنعوهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا، وعن أن يتسلط عليهم إبليس وشيعته والنواصب، الا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة، لأنه يدفع عن أديان محبينا وذلك يدفع عن أبدانهم»(113).

 

فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد

إنقاذ المسلمين(114)

مسألة: يجب إنقاذ المسلمين في زماننا هذا من جاهليتهم وذلتهم وضعفهم، تأسياً برسول الله (صلى الله عليه وآله) واقتداءً به، وقد جاء في الحديث عن أمير المؤمنين(عليه السلام): (فليتأس متأس بنبيه وإلا فلا يأمنن الهلكة)(115) ولحكم العقل والنقل، ولان جاهليتهم وذلتهم وضعفهم من اشد المحرمات، إذ هي جماع لشتى خصال الشر والفساد(116).

وقد قال سبحانه: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون)(117)، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «الإسلام يعلو…»(118) إلى غير ذلك مما ذكرناه في البنود السابقة.

ومن الواضح إن الإنقاذ لا يتحقق ـ عادة ـ دفعة واحدة، بل يتحقق تدريجيا، فيجب العمل للإنقاذ خطوة خطوة، كل حسب إمكانه.. مادياً ومعنوياً وفي مختلف أبعاد الحياة.

وحيث إن الأفعال والأحداث تسند إلى السبب الأول أو العامل الرئيسي وهو القائد والعقل المخطط، لذلك قالت (صلوات الله عليها): (فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد) رغم وجود المسلمين الأشداء في الإيمان والعمل من حوله كما قال عز وجل: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)(119).

الإنقاذ من الله وبالعمل بمناهجه

مسألة: يجب الإيمان بأن الإنقاذ لا يتحقق إلا بإذن تكويني من الله تعالى، وبالتزام تشريعي بأوامره الصادرة عبر رسوله الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام).

كما قال تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون)(120).

وقال سبحانه: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى)(121).

فقد جعل الله تعالى الكون عالم الأسباب والمسببات، والنصر الإلهي أيضا ضمن هذه الدائرة، قال تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)(122).

وقال سبحانه: (ثم اتبع سبباً)(123).

وقال تعالى: (وابتغوا إليه الوسيلة)(124).

وورد في الحديث الشريف: (أبى الله أن يجري الأمور إلا بأسبابها)(125).

وعلى هذا فإن (التواكل والتخاذل) محرم، إذ هو خلاف الإعداد واتباع الأسباب.

والتقوى والإيمان وذكر الله ـ والمراد به القرآن الكريم ـ كما في الآيتين السابقتين هي الطرق التكوينية لنصرة الله للإنسان، فلو التزم بها الإنسان نصره الله بإمداد غيبي أيضا، ولذلك كان (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين)(126) فالصبر شرط تكويني تليه نصرة الله التي تجعل الواحد غالباً على العشرة.

وهكذا نجد أن كل ما دخل في دائرة إرادة الإنسان فإن له عاملين طوليين:

1: إذن الله تعالى وتمهيده الأسباب والعلل وجعلها في متناول الإنسان، كالحياة والعلم والقدرة.

2: إرادة الإنسان وتمهيده سائر الأسباب ـ كإعداده ما استطاع من قوة وتخطيطه وصبره واستقامته وما أشبه ذلك ـ وهو في هذه أيضا حدوثاً وبقاءً محتاج إلى الله تعالى.

وقد قال سبحانه: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى)(127).

وقال تعالى: (أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون)(128).

وقال عز وجل: (أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون)(129).

وقال سبحانه: (واتقوا الله ويعلمكم الله)(130).

وقد ذكرنا ذلك في علم الكلام في مبحث الجبر والتفويض(131)، فما ليس في دائرة عمل الإنسان فهو من الله، وما في دائرة عمل الإنسان فعليه أن يسعى، قال سبحانه: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى)(132).

وقال تعالى: (كل امرء بما كسب رهين)(133).

وقال سبحانه: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)(134).

وقال تعالى: ( إنما تجزون ما كنتم تعملون)(135) إلى غيرها من الآيات والروايات.

وقد قالت عليها السلام: (فانقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد) فإن الله هو المنقذ الحقيقي ولكن بواسطة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهو تعالى علة العلل، وهو (صلى الله عليه وآله) واسطة الفيض، فإنه جاء إليهم بالعقيدة الصحيحة والشريعة الكاملة والدين الأغر والأخلاق الرفيعة حتى تحولوا من أذلة صاغرين إلى أعزة عظماء.

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أيّها الناس! إنّ الله عزوجل بعث نبيه محمداً (صلى الله عليه وآله) بالهدى، وأنزل عليه الكتاب بالحقّ وأنتم أميّون عن الكتاب ومن أنزله، وعن الرسول ومَن أرسله، أرسله على حين فترة من الرسل، وطول هجعة من الأمم، وانبساط من الجهل، واعتراض من الفتنة، وانتقاض من البرم، وعمى عن الحقّ، وانتشار من الخوف، واعتساف من الجور، وامتحاق من الدين، وتلظّي من الحروب.

وعلى حين اصفرار من رياض جنات الدنيا، ويبوس من أغصانها، وانتشار من ورقها، ويأس من ثمرها، واغورار من مائها، فقد درست أعلام الهدى، وظهرت أعلام الردى، فالدنيا متهجّمـة في وجــود أهلهــا، مكفهــرّة مدبــرة غيــر

مقبلة، ثمرتها الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها الخوف، ودثارها السيف، قد مزّقتم كلّ ممزّق، فقد أعمت عيون أهلها، وأظلمت عليهم أيّامها.

قد قطعوا أرحامهم، وسفكوا دماءهم، ودفنوا في التراب الموؤدة بينهم من أولادهم، يجتاز دونهم طيب العيش ورفاهيّة خوط، لا يرجون من الله ثواباً، ولايخافون الله عقاباً، حيّهم أعمى نجس، ميّتهم في النار ملبس.

فجاءهم النبي (صلى الله عليه وآله) بنسخة ما في الصحف الأولى، وتصديق الذي بين يديه، وتفصيل الحلال وبيان الحرام، وذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق لكم، أخبركم عنه أنّ فيه علم ما مضى، وعلم ما يأتي إلى يوم القيامة، وحكم ما بينكم، وبيان ما أصبحتم فيه مختلفون، فلو سألتموني عنه لأخبرتكم عنه لأني أعلكم)(136).

هذا وقد دامت العزة للمسلمين إلى ما قبل مائة سنة ـ ولو في بعض أبعادها(137) ـ وعندما تركوا شيئاً فشيئاً مما تبقى من أحكام الإسلام عادت إليهم الذلة الجاهلية والعبودية للشرق والغرب، حتى أصبحوا ألعوبة بيد الكفار فأشعلوا في بلادهم النيران على طول الخط، وساعد بعضهم بعضها على الحرب والسلب والنهب ومناصرة الأجانب في ضرب المسلمين.

وإني أذكر منذ خمسين سنة حتى الآن ورحى الحرب تدور في بلاد الإسلام(138)..

وفي الحال الحاضر هناك حروب دامية في أذربيجان والعراق والخليج وكشمير وإرتريا والهرسك والبوسنة ومورو ولبنان وفلسطين وغيرها. والسبب في ذلك هو ان المسلمين تركوا العمل بمناهج الله التي صرح بها في القرآن الحكيم من: (الأمة الواحدة) و(الأخوة الإسلامية) و(الشورى) و(الحرية) و(التنافس الإيجابي) وسائر أحكام الإسلام المنقذة، وإلا فقد قال تعالى: (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين)(139)، نسأل الله الفرج والمخرج.

التنبيه على عظيم فضل رسول الله (صلى الله عليه وآله)

مسألة: يستجب تنبيه الناس إلى أن سعادتهم طوال قرون وقرون كانت ببركة الله والرسول (صلى الله عليه وآله)، وقد يجب ذلك.

قال سبحانه: (واذكروا إذ انتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون)(140).

وقال تعالى: (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين)(141).

وقال عز وجل: (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك)(142).

وقال سبحانه: (وما بكم من نعمة فمن الله)(143).

ومن المعلوم ـ كما قلنا ـ ان مراتـب(144) من سعادة الإنسان والتي هي ببركة الله والرسول (صلى الله عليه وآله)، لا تتحقق إلا بتطبيق أوامرهما، كما أن شفاء المريض يتحقق باستعمال الأدوية التـي عينهـا له الطبيب في نسخته.

وقد سبق أن المسلمين في يومنا هذا حيث تركوا أوامر الله سبحانه وتعالى ابتلوا بالضنك الذي ذكره الله عز وجل(145) فإنهم تركوا:

قوله سبحانه:( إن هذه أمتكم أمة واحدة)(146). في الأمة الواحدة.

وقول تعالى: (إنما المؤمنون أخوة)(147). في الأخوة الإسلامية.

وقول سبحانه: (ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم)(148). في الحريات الإسلامية.

بالإضافة إلى انهم تركوا الشورى، والتنظيم، فقد قال تعالى: (وأمرهم شورى بينهم)(149) وقال سبحانه: (من كل شيء موزون)(150)، وفي كلام أمير المؤمنين(عليه السلام): (نظم أمركم)(151)..

وقد فصلنا جملة من ذلك في جملة من كتبنا(152).

بل إن سعادة البشرية والجوانب الإيجابية في عالم اليوم(153) كلها ببركة النهضة الإنسانية التي قام بها الرسـول الأعظــم (صلى الله عليه وآله)، وأهــل بيتــه الأطهــار (عليهم السلام)، ضد رذائل الأخلاق وضد المحرمات: من الجهل والمرض والفقر ووأد البنات وغير ذلك، كما اعترف بذلك الغربيون أنفسهم حيث صرحوا بأن المسلمين هم آباء العلم الحديث(154) حيث تتلمذ الغرب على أيديهم إبان القرون الوسطى ـ وقبلها ـ في الأندلس وغيرها.

 

1 - غرر الحكم: ص48 الفصل الثالث في العالم.

2 - غرر الحكم: ص275 ح6032.

3 - أي الذي لولا اللطف الإلهي لتحقق وتنجز.

4 - سورة الضحى: 6 ـ 7.

5 - سورة الأنعام: 11.

6 - سورة النمل: 19.

7 - سورة الروم: 42.

8 - دعوات الراوندي: ص158 ح434.

9 - كمال الدين: ص576.

10 - قوله تعالى: (وكنتم على شفا حفرة من النار فانقذكم منها) سورة آل عمران: 103.

11 - سورة التوبة: 49.

12 - موسوعة الفقه: ج94 ـ 97 كتاب الآداب والسنن.

13 - سورة الروم: 7.

14 - سورة العنكبوت: 54.

15 - سورة النساء: 10.

16 - معاني الأخبار: ص267.

17 - هذا مع إمكان حملها على عالم الآخرة مجازا بالأول أو المشارفة.

18 - سورة التحريم: 6.

19 - غوالي اللئالي: ج1 ص129، وإرشاد القلوب: ص184.

20 - سورة التوبة: 122.

21 - راجع مصباح الكفعمي: ص555، دعاء أمير المؤمنين (عليه السلام) ليلة النصف من شعبان.

22 - سورة القمر: 1.

23 - راجع الصراط المستقيم: ج2 ص277.

24 - أي بعض مراتب الإذلال.

25 - سورة (المنافقون): 8.

26 - مشكاة الأنوار: ص50.

27 - مشكاة الأنوار: ص260.

28 - غرر الحكم: ص465 ح10706.

29 - سورة آل عمران: 146.

30 - راجع عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج1 ص277 ح15.

31 - غرر الحكم: ص259 ح5525.

32 - غرر الحكم: ص259 ح5529.

33 - غرر الحكم: ص375 ح8443.

34 - سورة المنافقون: 8.

35 - اللهوف: ص97 ـ 98، ويشير (عليه السلام) إلى أن الذله هي بعيدة عنه اشد البعد، إذ أن الله ورسوله(صلى الله عليه وآله) يأبيان ذلك وكذلك المؤمنون، ثم إن مقتضى التربية الصالحة (وحجور طابت) أيضا هو رفض ذلك، إضافة إلى أن النفس بفطرتها الصافية ترفض ذلك أيضا (ونفوس أبية).

36 - معاني الأخبار: ص342.

37 - بشارة المصطفى: ص222، مستطرفات السرائر: ص650.

38 - فلا تروي غليلاً ولا تطفئ عطشاً.

39 - سورة آل عمران: 139.

40 - الشرط هو (ان كنتم مؤمنين) في الآية المباركة.

41 - غوالي اللئالي: ج1 ص226، نهج الحق: ص515.

42 - مشكاة الأنوار: ص46 عن أبي عبد الله (عليه السلام).

43 - راجع للإمام المؤلف دام ظله: (المتخلفون مليارا مسلم) و(إلى نهضة ثقافية إسلامية) و(نحو يقظة إسلامية) و(إلى حكم الإسلام) و(لماذا تأخر المسلمون) و(السبيل إلى إنهاض المسلمين) و(ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين) و...

44 - الاختصاص: 240.

45 - سورة النساء: 75.

46 - سورة الإسراء: 70.

47 - تحف العقول: ص76 كتابه إلى الحسن (عليه السلام).

48 - انظر رسالة الحقوق للإمام زين العابدين (عليه السلام).

49 - طب النبي (صلى الله عليه وآله): ص21.

50 - راجع موسوعة الفقه: كتاب النظافة.

51 - راجع موسوعة الفقه: ج 76 و77 كتاب الأطعمة والأشربة.

52 - وفي بعض النسخ: (وتقتادون الورق).

53 - سورة الأعراف: 157.

54 - سورة الأعراف: 157.

55 - راجع موسوعة الفقه: ج76-77.

56 - المسألة السابقة (حرمة إذلال المؤمن نفسه) تختلف عن هذه من جهة ان تلك كانت بياناً لحكم المرء نفسه بالنسبة لنفسه، وهذا بيان حكمه بالنسبة لغيره.

57 - الدعاء والزيارة، زيارة الناحية المقدسة.

58 - سورة آل عمران: 123.

59 - راجع الأمالي للشيخ الصدوق: ص165 المجلس 31 ح3، والإرشاد: ج2 ص115، وكشف الغمة ج2 ص63، وإعلام الورى ص252، ومثير الأحزان ص90.

60 - الاحتجاج: ص307 ـ 310، احتجاج زينب بنت علي (عليها السلام) حين رأت يزيد يضرب ثنايا الحسين(عليه السلام) بالمخصرة، ومثير الأحزان: ص100ـ 101، واللهوف: ص181.

61 - الاحتجاج: ص310 ـ 311، احتجاج علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) على يزيد بن معاوية لما أدخل عليه.

62 - الأمالي للشيخ الصدوق: ص140 المجلس 29 ح5، الخصال: ص272 البكاءون خمسة ح15.

63 - المناقب: ج3 ص362، فصل في وفاتها وزيارتها، وفيه: «روي أنها مازالت بعد أبيها معصبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة، وتقول لولديها: أين أبوكما الذي كان يكرمكما ويحملكما مرة بعد مرة..».&&وفي روضة الواعظين: ص150، مجلس في ذكر وفاة فاطمة (عليها السلام): «وروي أن فاطمة لازالت بعد النبي (صلى الله عليه وآله) معصبة الرأس ناحلة الجسم، منهدة الركن من المصيبة بموت النبي (صلى الله عليه وآله) وهي مهمومة مغمومة محزونة مكروبة كئيبة حزينة باكية العين محترقة القلب…».

64 - راجع كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم ج1-2) للإمام المؤلف دام ظله.

65 - انظر المناقب: ج3 ص167، فصل في حرب صفين، وشرح النهج: ج3 ص244 الفصل الخامس.

66 - سورة المجادلة: 11.

67 - سورة الفتح: 26.

68 - سورة الأحزاب: 33.

69 - سورة المائدة: 50.

70 - الأمالي للشيخ الصدوق: ص173 المجلس 32 ح7، وعلل الشرائع: ص473 باب النوادر ح35.

71 - تحف العقول: ص25.

72 - كمال الدين: ص512.

73 - علل الشرائع: ص157.

74 - أي انتهاج منهج الجاهليين.

75 - فذوات الأعلام في ذلك الزمن اصبحن يحملن (الكارتات) وأرقاماً رسمية في هذا الزمن! والسفور والمسابح المختلطة أصبحت دليل التحرر والتنور، والذيلية للشرق والغرب أصبحت دليل الحكمة والتعقل وعلامة الرشد والرقي ووسيلة الخلاص من الأخطار الداخلية والخارجية تماماً كما كان الجاهليون يلتجئون ويتمنون حماية الروم والفرس لهم أمناً من شرورهم أنفسهم.

76 - سورة الأحزاب: 33.

77 - تفسير القمي: ج2 ص193 سورة الأحزاب.

78 - دعوات الراوندي: ص39، جامع الأخبار: ص85، مجموعة ورام: ج2 ص297.

79 - العدد القوية: ص249، وكشف الغمة: ج1 ص77، وعدة الداعي: ص208.

80 - سورة يونس: 62.

81 - سورة البقرة: 112.

82 - سورة الأنبياء: 90.

83 - ثواب الأعمال: ص147، ثواب زيارة الأخوان ومصافحتهم ومعانقتهم ومسائلتهم.

84 - سورة الرحمن: 46.

85 - مكارم الأخلاق: ص455 الفصل 4.

86 - سورة آل عمران: ص175.

87 - البلد الأمين: ص45.

88 - إرشاد القلوب: ص105 ب28.

89 - عدة الداعي: ص176.

90 - تحف العقول: ص377.

91 - كنز الفوائد: ج1 ص278.

92 - غرر الحكم: ص63 ح789.

93 - غرر الحكم: ص156 ح2938.

94 - غرر الحكم: ص190 ح3682.

95 - غرر الحكم: ص191 ح3695.

96 - غرر الحكم: ص263 ح5664.

97 - جامع الأخبار: ص184 الفصل 41.

98 - سورة الأنفال: 26.

99 - إذ الأسر قد يكون جسمياً وقد يكون فكرياً أو اقتصادياً أو سياسياً أو ما أشبه كما سيوضحه دام ظله.

100 - راجع موسوعة الفقه ج100 كتاب الحقوق. و(الفقه: القانون) و(الفقه: الحريات) وكتاب (الصياغة الجديدة لعالم الإيمان والحرية والرفاه والسلام) للإمام المؤلف دام ظله.

101 - راجع كتاب (كيف ينظر الإسلام إلى السجين) للإمام المؤلف.

102 - راجع موسوعة الفقه، كتاب القواعد الفقهية.

103 - وهو الجزء الأول منها: «الناس مسلطون على أموالهم»، راجع غوالي اللئالي: ج1 ص222، ونهج الحق: ص494.

104 - سورة الأحزاب: 6.

105 - مشكاة الأنوار: ص313 ـ 314.

106 - ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: ص264 عقاب الزاني والزانية.

107 - غرر الحكم: ص299 ح6796.

108 - غرر الحكم: ص309 ح7119.

109 - فضائل الأشهر الثلاثة: ص76 ح58 وح71 كتاب فضائل شهر رمضان.

110 - إرشاد القلوب: ص196 ب52.

111 - تحف العقول: ص284 وصيته (عليه السلام) لجابر بن يزيد الجعفي.

112 - تحف العقول: ص392 وصيته (عليه السلام) لهشام.

113 - الاحتجاج: ص17.

114 - راجع حول هذا المبحث كتيب (إنقاذ المسلمين) وكتاب (الفقه: طريق النجاة) و(ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين) و(المتخلفون مليارا مسلم) و(القطرات والذرات) و... للإمام المؤلف (دام ظله).

115 - نهج البلاغة: الخطبة

116 - فضعفهم مثلاً سبب سلطة قوى الشرق والغرب عليهم، فانتهكت أعراضهم وسلبت أموالهم وأريقت دماؤهم، كما حدث في الجزائر أبان الاحتلال الفرنسي، وهكذا في الدول الإسلامية التي كانت تحت سيطرة المنظمة الشيوعية كأفغانستان والجمهوريات الإسلامية الستة، وفي العراق أبان السلطة المباشرة للاستعمار البريطاني ثم عبر السلطة المقنعة زمن البعث.

117 - سورة آل عمران: 139.

118 - متشابه القرآن: ج2 ص212.

119 - سورة الفتح: 29.

120 - سورة الأعراف: 96.

121 - سورة طه: 124.

122 - سورة الأنفال: 60.

123 - سورة الكهف: 89 و92.

124 - سورة المائدة: 35.

125 - راجع غوالي اللئالي: ج3 ص286 باب النكاح ح27، وفيه: «أبى الله أن يجري الأشياء إلا على الأسباب». ومثله في بصائر الدرجات: ص6 ح2.

126 - سورة الأنفال: 65.

127 - سورة الأنفال: 17.

128 - سورة الواقعة: 64.

129 - سورة الواقعة: 72.

130 - سورة البقرة: 282.

131 - راجع موسوعة الفقه، المدخل، كتاب العقائد.

132 - سورة النجم: 39.

133 - سورة الطور: 21.

134 - سورة التوبة: 105.

135 - سورة الطور: 16، وسورة التحريم: 7.

136 - تفسير القمي: ج1 ص2-3.

137 - إشارة إلى العزة الظاهرية، حيث كانوا حكاماً وملوكاً دون خضوع لسلطة استعمارية خارجية من روم أو فرس أو شرق أو غرب.

138 - راجع كتاب (المسلمون يتضررون) للإمام المؤلف.

139 - سورة المنافقون: 8.

140 - سورة الأنفال: 26.

141 - سورة آل عمران: 164.

142 - سورة النساء: 79.

143 - سورة النحل: 53.

144 - قولـه (مراتب من سعادة الإنسان) يشير إلى ان مراتب أخرى قد تحققت بصرف لطف الله وبجهود رسول الله (صلى الله عليه وآله)، دون مدخلية لالتزام المسلمين بأوامرهم في ذلك.

145 - في قوله: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً)، سورة طه: 124.

146 - سورة الأنبياء: 92.

147 - سورة الحجرات: 10.

148 - سورة الأعراف: 157.

149 - سورة الشورى: 38.

150 - سورة الحجر: 19.

151 - روضة الواعظين: ص136، شرح نهج البلاغة: ج17 ص5.

152 - راجع (السبيل إلى إنهاض المسلمين) و(الصياغة الجديدة) و(الفقه: السياسة) و(الفقه: الإدارة) و(الفقه: النظافة) و(الفقه: القانون) وغيرها للإمام المؤلف دام ظله.

153 - كالتطور العلمي والتكنولوجي وبعض التوجه والالتزام بحقوق الإنسان وغير ذلك.

154 - راجع (قصة الحضارة) و(أميركا والفرصة التاريخية) و(حضارة العرب) وغيرها من المصادر الكثيرة.