الصفحة 163
أبو بكر يبكي، حتى كادت نفسه أن تزهق، وهي تقول: " والله لأدعونّ الله عليك في كلّ صلاة أُصلّيها "(1)، ثم خرج باكياً فاجتمع إليه الناس فقال لهم: يبيت كل رجل منكم معانقاً حليلته، مسروراً بأهله، وتركتموني وما أنا فيه، لا حاجة لي في بيعتكم، أقيلوني بيعتي.

قالوا: يا خليفة رسول الله!!، إنّ هذا الأمر لا يستقيم، وأنت أعلمنا بذلك!!، إنه إن كان هذا لم يقم لله دين(2)!!

فقال: والله لو لا ذلك وما أخافه من رخاوة هذه العروة ما بتّ ليلة ولي في عنق مسلم بيعة بعدما سمعت ورأيت من فاطمة.

قال: فلم يبايع علي (عليه السلام) حتى ماتت فاطمة (عليها السلام)، ولم تمكث بعد أبيها إلا خمساً وسبعين ليلة(3).

وروى غير واحد من علماء الفريقين قسماً وافراً منها، منهم:

الواقدي(4) (المتوفى 207)

____________

1. تجد دعاءها عليه في الرسائل الكلاميّة للجاحظ: 467، أنساب الأشراف: 10/79. ثم ذكر العيادة أيضاً كحالة في أعلام النساء: 4/123 ; الدكتور محمّد بيوّمي مهران في: السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام): 145 ; الاستاذ عبد الفتاح في الإمام علي (عليه السلام): 1/193 ; وفي فاطمة الزهراء (عليها السلام): 2/253 ; توفيق أبو علم في أهل البيت (عليهم السلام): 168 ; كتاب سليم: 253 ; كفاية الأثر: 65 ; دلائل الإمامة: 45 ; الشافي: 4/214، عنه شرح نهج البلاغة: 16/281 ; علل الشرائع: 186 ـ 187، الصراط المستقيم: 2/293، عنهم بحار الأنوار: 28/303 و 36/307 و 43/170، 202 ـ 203، الدرّ النظيم: 483 ـ 484.

2. لقد ابطلت السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) هذه الدعاوي الجوفاء في خطبتها. فإن الأمر ليس بيد الناس حتى يختاروا لأنفسهم اماماً، بل لابدّ من تعيينه من قبل الله تعالى، وقد ذكرهم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم أمير المؤمنين علي وأحد عشر من أولاده (عليهم السلام)، وأشار إليهم أيضاً في خطبة الغدير..

3. الإمامة والسياسة: 17 ـ 20.

4. كتاب الردّة: 46 ـ 47.


الصفحة 164
وأحمد بن أعثم الكوفي(1) (المتوفى 314)

وأبو بكر الجوهري(2) (المتوفى 323)

والمير خواند(3) (القرن التاسع)

غياث الدين البلخي المعروف بخواند مير(4) (المتوفى 942)

ومن المعاصرين كحالة(5)، وعبد الكريم الخطيب(6)، والسيد عبد العزيز سالم(7)، محمد فريد وجدي(8)، ومحمّد حسين هيكل(9)..

ومن الشيعة:

الطبري الإمامي(10) (المتوفى أوائل القرن الرابع)

وابن شهر آشوب المازندراني(11) (المتوفى 588)

والشيخ الطبرسي(12) (القرن السادس)

والحسيني الزيدي(13) (المتوفى 670)

وعزّ الدين المهلبي الحلّي(14) (المتوفى بعد 840)

والشرفي الأُهنومي(15) (المتوفى 1055)

____________

1. الفتوح: 1/13 ـ 14.

2. السقيفة وفدك، عنه شرح نهج البلاغة: 6/11 ـ 12.

3. روضة الصفا: 2/595 ـ 597.

4. حبيب السير: 1/447.

5. أعلام النساء: 4/113.

6. الخلافة والإمامة: 248 ـ 249.

7. التاريخ السياسي والحضاري: 177 ; تاريخ الدولة العربية: 161.

8. دائرة المعارف: 3/758 ـ 759.

9. الصديق أبو بكر: 64 ـ 65.

10. المسترشد: 374 ـ 376، عن زائدة بن قدامة، عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام).

11. مثالب النواصب: 138 ـ 139.

12. الاحتجاج: 1/73 ـ 75.

13. أنوار اليقين: 380.

14. الأنوار البدريّة، عنه إثبات الهداة: 2/377.

15. شفاء صدور الناس: 478 ـ 479.


الصفحة 165
[13] وقال ابن قتيبة: إنّ محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي.

نقله عنه ابن شهر أشوب المازندراني (المتوفى 588) عن كتاب المعارف(1)، ولكنّه اسقط من الكتاب ولا تجد العبارة في المعارف المطبوعة الآن. ويشهد لوجوده في الكتاب ما ذكره الكنجي الشافعي (المتوفى 658) فإنّه قال: وزاد (أي المفيد ـ ظاهراً ـ) على الجمهور وقال: إنّ فاطمة أسقطت بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)ذكراً كان سمّاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) محسناً. وهذا شيء لم يوجد عند أحد من أهل النقل إلا عند ابن قتيبة(2).

وتقدّمت لابن قتيبة الرواية المرقّمة: [10].

11 ـ أحمد بن عمرو بن الضحّاك المشهور بـ: ابن أبي عاصم الشيباني(المتوفى 287)

تقدّمت له الرواية المرقّمة: [11].

12 ـ أحمد بن يحيى البلاذري (المتوفى 289)

[14] عن بكر بن الهيثم، حدثنا عبد الرزاق عن معمر، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: بعث أبو بكر عمر بن الخطاب إلى عليّ (عليه السلام)حين قعد عن بيعته وقال: ائتني به بأعنف العنف..! فلما أتاه جرى بينهما كلام، فقال له: " أحلب حلباً لك شطره، والله ما حرصك على إمارته اليوم إلاّ ليؤمّرك غداً..(3).

____________

1. المناقب: 3/358، عنه بحار الأنوار: 43/233 ; مثالب النواصب: 419.

2. كفاية الطالب: 413.

3. أنساب الأشراف: 1/587. (2/269 ط دار الكفر).


الصفحة 166
ورواه من الشيعة ; الشريف المرتضى(1) (المتوفى 436)

والشيخ الطوسي(2) (المتوفى 460)

والحسيني الزيدي(3) (المتوفى 670)

[15] وروى البلاذري، عن سليمان التيمي(4)، وعن ابن عون(5) : إنّ أبا بكر أرسل إلى عليّ يريد البيعة.. فلم يبايع، فجاء عمر ومعه فتيلة(6)، فتلقته فاطمة على الباب، فقالت فاطمة: " يابن الخطّاب! أتراك محرّقاً عليّ بابي؟! " قال: نعم، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك(7).

ورواه من الشيعة الشريف المرتضى(8) (المتوفى 436)

والشيخ الطوسي(9) (المتوفى 460)

وابن شهر آشوب المازندراني(10) (المتوفى 588)

____________

1. الشافي: 3/240.

2. تلخيص الشافي: 3/76، عنه بحار الأنوار: 28/388.

3. أنوار اليقين: 379.

4. سليمان بن طرخان التيمي أبو المعتمر، توفي سنة 143، ذكره ابن حبان في الثقات: 4/300 وقال: كان من عبّاد أهل البصرة وصالحيهم ثقة وإتقاناً وحفظاً وسنّة وهو من رجال الصحاح الستّة، راجع موسوعة رجال الكتب التسعة: 2/95.

5. عبد الله بن عون بن أرْطبان المزني، توفي سنة 150 أو 151، ذكره ابن حبان في الثقات: 7/3 وقال: كان من سادات أهل زمانه عبادة وفضلاً وورعاً ونسكاً وصلابة في السنّة وشدّة على أهل بدعة، وهو من رجال الصحاح الستّة انظر موسوعة رجال الكتب التسعة: 2/325.

6. خ. ل: قبس.

7. أنساب الأشراف: 1/586. (2/268 ط دار الفكر).

8. الشافي: 3/241.

9. تلخيص الشافي: 3/76، عنه بحار الأنوار: 28/388.

10. مثالب النواصب: 419.


الصفحة 167
وابن حمزة الزيدي(1) (المتوفى 614)

[16] وروى البلاذري قال: لما قتل الحسين (عليه السلام) كتب عبد الله بن عمر إلى يزيد بن معاوية: أمّا بعد، فقد عظمت الرزيّة، وجلّت المصيبة، وحدث في الإسلام حدث عظيم، ولا يوم كيوم الحسين (عليه السلام)..

فكتب إليه يزيد: أمّا بعد ; يا أحمق! فإنّنا جئنا إلى بيوت منجّدة(2)وفرش ممهّده، ووسائد(3) منضّدة، فقاتلنا عنها، فإن يكن الحقّ لنا فعن حقّنا قاتلنا، وإن كان الحقّ لغيرنا فأبوك أوّل من سنّ هذا وابتزّ(4) واستأثر بالحقّ على أهله!!

رواه عنه السيد ابن طاووس(5) (المتوفى 664)

والعلاّمة الحلي(6) (المتوفى 726)

13 ـ اليعقوبي (المتوفى 292)

[17] قال: وبلغ أبا بكر وعمر أنّ جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) في منزل فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار وخرج علي ومعه السيف، فلقيه عمر فصرعه وكسر سيفه، ودخلوا الدار فخرجت فاطمة (عليها السلام) فقالت: " والله لتخرجنّ أو لأكشفنّ شعري ولأعجنّ إلى الله "(7).

وتقدّمت له الرواية المرقّمة: [10].

____________

1. الشافي: 4/174.

2. خ. ل: متّخذة، مجدّدة.

3. خ. ل: وسادة.

4. خ. ل: آثر.

5. الطرائف: 247.

6. نهج الحق: 356، عنه بحار الأنوار: 45/328.

7. تاريخ اليعقوبي: 2/126.


الصفحة 168

14 ـ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري (المتوفى 310)

[18] عن حميد بن عبد الرّحمن الحميري(1) :.. وتخلف علي (عليه السلام)والزبير واخترط الزبير سيفه وقال: لا أغمده حتى يُبايَع عليّ (عليه السلام). فبلغ ذلك أبا بكر وعمر فقال عمر: خذوا سيف الزبير فاضربوا به الحجر. قال: فانطلق إليهم عمر فجاء بهما تعباً، وقال: لتبايعان وأنتما طائعان أو لتبايعان وأنتما كارهان.. فبايعا(2).

ورواه عن الطبري غير واحد من المتأخرين نحو محمد رضا(3) وخير الله طلفاح(4).

ومن الشيعة: محمّد بن علي بن شهر آشوب(5) (المتوفى 588)

[19] وروى الطبري بسنده عن زياد بن كليب(6) قال: أتى عمر بن الخطاب منزل علي (عليه السلام) وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين فقال: والله لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة.. فخرج عليه الزبير مصلتاً بالسيف فعثر

____________

1. توفّي سنة 100، ذكره ابن حبان في الثقات: 4/147 وقال: كان فقيهاً عالماً، وهو من رجال الصحاح الستّة، راجع موسوعة رجال الكتب التسعة: 1/400.

2. تاريخ الطبري: 3/203 (دار المعارف مصر).

3. الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): 33.

4. كيف السبيل إلى الله، علي بن أبي طالب (عليه السلام): 15/31.

5. مثالب النواصب: 419.

6. أبو معشر، أبو معبد التميمي الكوفي، توفّي سنة 119 أو 120، ذكره ابن حبان في الثقات: 6/327 وقال: كان من الحفاظ المتقنّين، وهو من رجال مسلم وأبي داود والترمذي والنسائي، انظر موسوعة رجال الكتب التسعة: 1/539.


الصفحة 169
فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه(1).

ورواه عنه كثير من المتأخّرين، نحو محمد رضا(2) وخير الله طلفاح(3).

ومن الشيعة:

محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني(4) (المتوفى 588)

والسيّد ابن طاووس(5) (المتوفى 664)

وتقدّمت للطبري الرواية المرقّمة: [10].

15 ـ أحمد بن أعثم الكوفي (المتوفى 314)

تقدّمت له الروايتان المرقّمتان [6] و[12].

16 ـ أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري البصري البغدادي (المتوفى 323)(6)

____________

1. تاريخ الطبري: 3/202، عنه تشييد المطاعن 1/435.

2. الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام): 35.

3. كيف السبيل إلى الله، علي بن أبي طالب (عليه السلام): 15/32.

4. مثالب النواصب: 419.

5. الطرائف: 238.

6. أبو بكر الجوهري هو صاحب كتاب السقيفة وفدك، لم يصل إلينا كتابه، نقل عنه ابن أبي الحديد كثيراً، ووثّقه مكرّراً، قال: عالم محدث كثير الأدب، ثقة ورع أثنى عليه المحدثون ورووا عنه.. وقال في موضع آخر: هو من الثقات الأُمناء عند أصحاب الحديث.. وفي موضع ثالث: هو من رجال الحديث ومن الثقات المأمونين.. راجع شرح نهج البلاغة: 2/60 و 16/210، 234. من مشايخه: عمر بن شبّه (المتوفّى 262) ومحمد بن زكريّا الغلابي (المتوفى 298) ويعقوب بن شيبة السدوسي (المتوفى 262) وأحمد بن منصور الرمادي (المتوفى 265)، ومن تلاميذه أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني صاحب كتاب الأغاني (المتوفى 356)، وأبو عبيد الله محمّد بن عمران المرزباني (المتوفى 385)، وأبو أحمد الحسن عبد الله العسكري (المتوفى 382)، وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني (المتوفى 360)، راجع مقدمة كتاب السقيفة وفدك، للدكتور محمد هادي الأميني.


الصفحة 170
[20] [روى في كتاب السقيفة وفدك] قال: حدثنا أبو زيد عمر بن شبّة(1) قال: أخبرنا أبو بكر الباهلي قال: حدثنا اسماعيل بن مجالد عن الشعبي(2) قال: سأل أبو بكر فقال: أين الزبير؟ فقيل: عند عليّ وقد تقلّد سيفه، فقال: قم يا عمر! قم يا خالد بن الوليد! انطلقا حتى تأتياني بهما.. فانطلقا، فدخل عمر، وقام خالد على باب البيت من خارج، فقال عمر للزبير: ما هذا السيف؟ فقال: نبايع علياً، فاخترطه عمر فضرب به حجراً فكسره، ثم أخذ بيد الزبير فأقامه ثم دفعه وقال: يا خالد! دونكه فأمسكه، ثم قال لعلي: قم فبايع لأبي بكر، فلتكأ واحتبس، فأخذ بيده وقال: قم، فأبى أن يقوم، فحمله ودفعه كما دفع الزبير فأخرجه. ورأت فاطمة ما صنع بهما، فقامت على باب الحجرة وقالت: " يا أبا بكر! ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله، والله لا اكلّم عمر حتى ألقى الله "..(3).

[21] قال أبو بكر: وأخبرني أبو بكر الباهلي، عن إسماعيل بن مجالد، عن الشعبي قال: قال أبو بكر: يا عمر! أين خالد بن الوليد؟ قال: هو هذا، فقال: انطلقا إليهما ـ يعني علياً والزبير ـ فأتياني بهما.. فانطلقا، فدخل عمر ووقف خالد على الباب من خارج فقال عمر للزبير: ما هذا السيف؟ قال: أعددته لأُبايع علياً،

____________

1. وهو: عمر بن شبّة بن عبيدة بن زيد بن رائطة بن أبي معاذ النميري البصري النحوي الأخباري (المتوفى 262).

2. عامر بن شراحيل الفقيه الناصبي، كان من التابعين، وفي وفاته بين سنة 103 إلى 110 أقوال، وهو من رجال الصحاح الستّة، راجع: موسوعة رجال الكتب التسعة: 2 / 222.

3. كتاب السقيفة وفدك، عنه شرح نهج البلاغة: 2/57.


الصفحة 171
قال: وكان في البيت ناس كثير منهم المقداد بن الأسود وجمهور الهاشميين، فاخترط عمر السيف فضرب به صخرة في البيت فكسره، ثم أخذ بيد الزبير فأقامه، ثم دفعه فأخرجه، وقال: يا خالد! دونك هذا.. فأمسكه خالد ـ وكان خارج البيت مع خالد جمع كثير من الناس أرسلهم أبو بكر ردءاً لهما ـ. ثم دخل عمر فقال لعلي: قم فبايع.. فتلكأ واحتبس فأخذ بيده، وقال: قم.. فأبى أن يقوم، فحمله ودفعه كما دفع الزبير، ثم أمسكهما خالد وساقهما عمر ومن معه سوقاً عنيفاً، واجتمع الناس ينظرون، وامتلأت شوارع المدينة بالرجال، ورأت فاطمة ما صنع عمر، فصرخت وولولت واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهنّ فخرجت إلى باب حجرتها ونادت: " يا أبا بكر! ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله.. والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله.. "(1).

[22] أخبرني أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أحمد بن سيّار، قال: حدثنا سعيد بن كثير بن عفير الأنصاري(2) :.. وذهب عمر ومعه عصابة إلى بيت فاطمة ـ منهم أُسيد بن حضير، وسلمة بن أسلم ـ فقال لهم: انطلقوا فبايعوا.. فأبوا عليه، وخرج إليهم الزبير بسيفه فقال عمر: عليكم الكلب.. فوثب عليه سلمة بن أسلم فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار، ثم انطلقوا به وبعلي ومعهما بنو هاشم، وعليّ يقول: " أنا عبد الله وأخو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).. " حتى انتهوا به إلى أبي بكر، فقيل له: بايع..(3).

[23] حدّثنا أبو سعيد عبد الرّحمن بن محمّد، قال: حدثنا أحمد بن

____________

1. شرح نهج البلاغة: 6/48 ـ 49.

2. سعيد الأنصاري أبو عثمان توفّي سنة 226، ذكره ابن حبان في الثقات: 8/266، وهو من رجال البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي، انظر موسوعة رجال الكتب التسعة: 2/51.

3. شرح نهج البلاغة: 6/11.


الصفحة 172
الحكم، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، عن ليث بن سعد(1)، قال: تخلّف عليّ عن بيعة أبي بكر فأخرج ملبباً يمضي به ركضاً، وهو يقول: معاشر المسلمين! علامَ تضرب عنق رجل من المسلمين لم يتخلف لخلاف، وإنما تخلف لحاجة.. فما مرّ بمجلس من المجالس، إلا يقال له: انطلق فبايع.

وحدّثنا علي بن جرير الطائي، قال: حدثنا ابن فضل، عن الأجلح، عن حبيب بن ثعلبة بن يزيد، قال: سمعت علياً يقول: " أما ورب السماء والأرض ـ ثلاثاً ـ إنه لعهد النبي الأُمّي إليّ لتغدرنّ بك الأُمّة من بعدي "(2)(3).

[24] وروى عمر بن شبّة، قال: حدّثني محمد بن يحيى، قال: حدثنا غسان بن عبد الحميد(4)، قال: لما أكثر الناس في تخلف عليّ (عليه السلام) عن بيعة أبي بكر وأشتدّ أبو بكر وعمر عليه في ذلك خرجت أُم مسطح بن اثاثة فوقفت عند القبر، وقالت:

كانت أُمور وأنباء وهنبثة لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنا فقدناك فقد الأرض وابلها واختلّ قومك فاشهدهم ولا تغب(5)(6)

____________

1. ليث بن سعد أبو الحارث الفقيه، توفّي سنة 175، ذكره ابن حبان في الثقات: 7/360 وقال: كان من سادات أهل زمانه فقهاً وعلماً، وهو من رجال الصحاح الستّة، لاحظ: موسوعة رجال الكتب التسعة: 3/312.

2. هذه رواية اُخرى ولكن ذكرها الجوهري وابن أبي الحديد متصلة بالرواية السابقة للدلالة على أنّ مورد الرواية هو إجباره (عليه السلام) على البيعة.

3. شرح نهج البلاغة: 6/45.

4. غسان بن عبد الحميد بن عبيد بن يسار الكناني، يروي عن ابن اسحاق، ذكره ابن حبان في الثقات: 9/2.

5. وأنشدتها أيضاً السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) خطاباً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الخطبة الفدكية، وذكرنا في تعليقتها انتساب هذه الأشعار إلى غير واحد من الصحابيات، فراجع.

6. شرح نهج البلاغة: 2/50 و 6/43.


الصفحة 173
[25] أخبرنا أبو زيد عمر بن شبّة، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود(1)، قال: غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر بغير مشورة، وغضب عليّ (عليه السلام) والزبير فدخلا بيت فاطمة (عليها السلام)معهما السلاح، فجاء عمر في عصابة منهم أُسيد بن حضير، وسلمة بن سلامة بن وقش ـ وهما من بني عبد الاشهل ـ فصاحت فاطمة (عليها السلام) وناشدتهم الله، فأخذوا سيفَيْ علي والزبير فضربوا بهما الجدار حتى كسروهما، ثم أخرجهما عمر يسوقهما حتى بايعا، ثم قام أبو بكر فخطب الناس واعتذر إليهم، وقال: انّ بيعتي كانت فلتة وقى الله شرّها..(2).

[26] وقد روي بإسناد آخر ذكره أن ثابت بن قيس بن شماس كان مع الجماعة الذين حضروا مع عمر في بيت فاطمة (عليها السلام)(3)..

[27] وحدّثني أبو زيد عمر بن شبّة عن رجاله قال: جاء عمر إلى بيت فاطمة (عليها السلام) في رجال من الأنصار ونفر قليل من المهاجرين، فقال: والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقنّ البيت عليكم..!، فخرج إليه الزبير مصلتاً بالسيف، فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري ورجل آخر، فندر السيف من يده، فضرب به عمر الحجر فكسره، ثم أخرجهم بتلابيبهم يساقون سوقاً عنيفاً حتّى بايعوا أبا بكر(4).

[28] وقد روي في رواية اُخرى: إن سعد بن أبي وقاص كان معهم في

____________

1. محمد بن عبد الرّحمن بن نوفل الأسدي، المشتهر بيتيم عروة، وفي وفاته بين 117 إلى 137 أقوال، ذكره ابن حبان في الثقات: 7/364، وهو من رجال الصحاح الستّة، راجع موسوعة رجال الكتب التسعة: 3/412.

2. شرح نهج البلاغة: 2/50 و 6/47.

3. شرح نهج البلاغة: 2/50.

4. شرح نهج البلاغة: 6/48.


الصفحة 174
بيت فاطمة (عليها السلام) والمقداد بن الأسود أيضاً وإنهم اجتمعوا على أن يبايعوا علياً (عليه السلام)، فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت فخرج إليه الزبير بالسيف وخرجت فاطمة (عليها السلام)تبكي وتصيح فنهنهت من الناس(1)..

[29] وحدثني أبو زيد عمر بن شبّة، قال: حدّثنا أحمد بن معاوية، قال: حدّثني النضر بن شميل، قال: حدّثنا محمّد بن عمرو، عن سلمة بن عبد الرّحمن(2)، قال: لما جلس أبو بكر على المنبر، كان علي (عليه السلام) والزبير وناس من بني هاشم في بيت فاطمة، فجاء عمر إليهم فقال:

والّذي نفسي بيده لتخرجنّ إلى البيعة أو لأحرقنّ البيت عليكم، فخرج الزبير مصلتاً سيفه فاعتنقه رجل من الأنصار وزياد بن لبيد، فبدر السيف، فصاح به أبو بكر وهو على المنبر: اضرب به الحجر، فدق به.

قال أبو عمرو بن حماس: فلقد رأيت الحجر فيه تلك الضربة، ويقال هذه ضربة سيف الزبير(3)..

وروى عن الجوهري الرواية الأخيرة السيد أحمد بن طاووس(4)(المتوفى 673)، والسيد علي خان المدني(5) (المتوفى 1120)

وتقدّمت للجوهري الروايات المرقّمة: [2]، [10]، [11]، [12].

____________

1. شرح نهج البلاغة: 2/56.

2. الظاهر أنّه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المتوفى 94 أو 104 بقرينة رواية محمّد بن عمرو بن علقمة عنه راجع تهذيب التهذيب: 12/127، ذكره ابن حبان في الثقات: 5/1 ـ 2، وقال: كان من سادات قريش، وهو من رجال الصحاح الستّة، لاحظ: موسوعة رجال الكتب التسعة: 4/404.

3. شرح نهج البلاغة: 2/56.

4. بناء المقالة الفاطمية ـ مع اختلاف يسير ـ ص 401.

5. الدرجات الرفيعة: 196.


الصفحة 175

17 ـ ابن عبد ربّه الأندلسي (المتوفى 328)

[30] قال: الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر: علي والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة، حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم(1) من بيت فاطمة وقال له: إن أبوا فقاتلهم.

فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار.. فلقيته فاطمة فقالت: " يابن الخطاب! أجئت لتحرق دارنا؟! " قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأُمة(2).

ورواه من العامّة أبو الفداء(3) (المتوفى 732)

ومن المعاصرين كحالة(4) والبكري(5) ومن الشيعة: السيد ابن طاووس (المتوفى 664)

وقال: وروى مثل ذلك صاحب كتاب أنفاس المحامل ونفائس الجواهر عن ابن سهلوه(6).

وتقدّمت لابن عبد ربّه الروايتان المرقّمتان: [6] و[10].

18 ـ خيثمة بن سليمان الإطرابلسى (المتوفى 343)

تقدّمت له الرواية المرقّمة: [10].

____________

1. خ. ل: ليخرجوا.

2. العقد الفريد: 4/242 (دار الكتاب العربي) و 4/259 (مكتبة النهضة المصرية).

3. تاريخ أبي الفداء: 1/156.

4. أعلام النساء: 4/115 ـ 116.

5. حياة الخليفة عمر بن الخطاب: 181.

6. الطرائف: 239.


الصفحة 176

19 ـ عليّ بن الحسين المسعودي (المتوفى 346)

تقدّمت له الروايات المرقّمة: [3]، [8]، [10].

ويأتي له الروايتان المرقّمتان: [136]، [137].

20 ـ مطهّر بن طاهر المقدسي (المتوفى 355)

[31] قال:.. لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انتقض نظام الجماعة، وتشتت الكلمة، واضطرب حبل الأُلفة، وانحاز هذا الحيّ من الأنصار إلى سقيفة بني ساعدة، وقالوا: منّا أمير ومنكم أمير. واعتزل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)وطلحة والزبير بن العوام في بيت فاطمة (عليها السلام)، فأتاهم أبو بكر قبل أن يفرغ من جهاز النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)!! وقد ذكرت قصة البيعة في ذكر وفاة النبيّ(1).

أقول: لم يذكر هناك كيفية أخذ البيعة من هؤلاء المتخلّفين، ولعلّه قد ذكرها إلا انه قد حذفتها الأيدي المحرِّفة، نعم قوله: فأتاهم أبو بكر... هنا كاف لمن له أدنى بصيرة، إذ الخليفة يؤتى ولا يأتي هو بنفسه لأخذ البيعة، فتأمّل.

وللمقدسي كلام يأتي في الرقم: [81].

21 ـ الحافظ الطبراني (المتوفى 360)

تقدّمت له الرواية المرقّمة: [10].

____________

1. البدء والتاريخ: 5/151 ط بغداد.


الصفحة 177

22 ـ القاضي ابن قريعة(1) (المتوفى 367)

[32] قال:
إن كان عندي درهم أو كان في بيتي دقيقْ
فبرئت من أهل الكسا وكفرت بالبيت العتيقْ
وظلمت فاطمة البتو ل كما تحيّفها عتيقْ
رواه الصفدي(2) (المتوفى 764)

وله أبيات أُخرى تأتي عند ذكر الدفن ليلاً.

23 ـ ابن حنزابة(3)

[33] [قال في كتاب الغرر:] قال زيد بن أسلم(4) : كنت ممن حمل الحطب مع عمر إلى باب فاطمة حين امتنع علي وأصحابه عن البيعة(5)، فقال عمر لفاطمة: أخْرجي مَنْ في البيت وإلا أحرقته ومن فيه، قال: وفي البيت علي والحسن والحسين (عليهم السلام) وجماعة من أصحاب النبيّ، فقالت فاطمة: " أفتحرق عليّ ولدي "(6)؟ فقال: إي والله أو ليخرجنّ وليبايعنّ.

____________

1. محمّد بن عبد الرحمن القاضي، أبو بكر بن قريعة البغدادي.

2. الوافي بالوفيات: 3/228.

3. ابن حنزابة، هو أبو الفضل جعفر بن الفضل البغدادي (المتوفى 391) أو أبوه الفضل بن جعفر (المتوفى 327)، إذ كلاهما مشتركان في التكنية بـ: ابن حنزابة، قال الذهبي في ترجمة الأول: الإمام الحافظ الثقة، الوزير الأكمل، ثم ذكر عن غير واحد من الأعلام وثاقته وجلالة شأنه وقال في ترجمة أبيه: كان كاتباً بارعاً ديّناً خيراً. راجع سير أعلام النبلاء: 16/484 ـ 488 و 14/479. وفي مؤلّف كتاب الغرر احتمالات أُخرى، راجع تعليقة إحقاق الحق: 2/371.

4. أبو عبد الله العدوي، توفي سنة 136، ذكره ابن حبان في الثقات: 4/246 وهو من رجال الصحاح الستّة، انظر موسوعة رجال الكتب التسعة: 1/545. والظاهر وقوع السقط في العبارة لأنّه لم يكن ممّن حضر الواقعة وإنّما يرويها عن أبيه وغيره.

5. خ. ل: أن يبايعوا.

6. خ. ل: عليّاً وولدي.


الصفحة 178
رواه عنه ابن شهر آشوب المازندراني(1) (المتوفى 588)

والسيّد ابن طاووس(2) (المتوفى 664)

والعلاّمة الحلّي(3) (المتوفى 726)

[34] وروى ابن حنزابة عن الحسين الفضال، قال: روى عدي بن حاتم وعمرو بن حريث، قال واحد منهما: ما رحمت أحداً كرحمي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، رأيته حين أُتي به إلى بيعة الأول، فلمّا نظر إلى القبر قال:

" يـ ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) "(4) فقال: بايع، فقال: " إن لم أفعل؟ " قال: إذاً نقتلك، قال: " إذاً تقتلون عبد الله وأخا رسول الله ".. فبايع وأصابعه مضمومة(5)!.

24 ـ الحاكم النيسابوري (المتوفى 405)

[35] عن أبي سعيد الخدري قال: لما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قام خطباء الأنصار.. فلما قعد أبو بكر على المنبر نظر في وجوه القوم فلم ير عليّاً (عليه السلام)، فسأله عنه، فقام ناس من الأنصار فأتوا به. فقال أبو بكر: ابن عمّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وختنه أردت أن تشقّ عصا المسلمين! فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! فبايعه، ثم لم ير الزبير، فسأل عنه حتى جاؤوا به، فقال: ابن عمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وحواريه أردت أن تشق عصا المسلمين؟! فقال: لا تثريب يا خليفة رسول الله! فبايعه(6).

____________

1. مثالب النواصب: 419.

2. الطرائف: 239.

3. نهج الحق: 271، عنه بحار الأنوار: 28/339.

4. الأعراف (7): 150.

5. كتاب الغرر، وكتاب أصفياء أمير المؤمنين (عليه السلام)، عنهما مثالب النواصب: 141.

6. المستدرك: 3/76.