الصفحة 38
طاهرة مطهرة لا يُرى لها دم في طمث ولا ولادة.

خرجه الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام).(1)

الخطيب بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ابنتي فاطمة حوراء آدمية لم تحض ولم تطمث وإنّما سمّاها فاطمة لأنّ الله عزّ وجلّ فطمها ومحبيها من النار.(2)

محبّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لفاطمة (عليها السلام)

النسائي: أخبرنا محمد بن بشار قال: أنا عثمان بن عمر قال: أنا اسرائيل عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن عائشة بنت طلحة أنّ عائشة قالت:

ما رأيت أحداً أشبه سمتاً وهدياً ودلا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في قيامها وقعودها من فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

قالت: وكانت إذا دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قام إليها وقبلها وأجلسها في مجلسه.

وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته

____________

1- ذخائر العقبى، محب الدين: 44، عنه فيض القدير: 4 / 422.

2- تاريخ بغداد، الخطيب البغدادي: 12 / 331 رقم 6772، معجم الشيوخ: 1 / 359، ذخائر العقبى، محب الدين: 26.


الصفحة 39
وأجلسته في مجلسها...الخ.(1)

الحاكم بسنده عن عائشة أنّها قالت: ما رأيت أحداً كان أشبه كلاماً وحديثاً من فاطمة (عليها السلام)برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكانت إذا دخلت عليه رحب بها وقام إليها فأخذ بيدها فقبلها وأجلسها في مجلسه.

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.(2)

أول من يدخل عليه إذا قدم
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة(عليها السلام)

البيهقي بسنده عن ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة (عليها السلام)، وأول من يدخل عليها إذا قدم فاطمة (عليها السلام).(3)

____________

1- فضائل الصحابة، النسائي: 1 / 78 ح 264، صحيح ابن حبان: 15 / 403، المستدرك على الصحيحين: 4 / 303، سنن الترمذي: 5 / 700، السنن الكبرى، النسائي: 5 / 96، السنن الكبرى، البيهقي: 7 / 101، سنن أبي داود: 4 / 355، الذرية الطاهرة: 1 / 100.

2- المستدرك على الصحيحين: 3 / 167.

3- السنن الكبرى، البيهقي: 1 / 26، سنن أبي داود: 4 / 87 ح 4213، الكامل في ضعفاء الرجال: 2 / 270، العلل المتناهية: 2 / 800، ذخائر العقبى، محب الدين: 37.


الصفحة 40
وعن أبي ثعلبة قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا قدم من غزو أو سفر بدأ بالمسجد فصلّى فيه ركعتين ثمّ أتى فاطمة (عليها السلام)، ثمّ أتى أزواجه. خرجه أبو عمر.(1)

أحب أهلي إليَّ فاطمة (عليها السلام)

الطبراني بسنده عن اُسامة بن زيد قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)أي أهل بيتك أحبّ إليك؟

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): أحب أهلي إليَّ فاطمة.(2)

الطبراني بسنده عن جميع بن عمير قال: دخلت مع عمتي على عائشـة فقلت: يا اُمّ المؤمنين، أي الناس كان أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟

قالت: فاطمة.(3)

أحب النساء إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة (عليها السلام)

الحاكم بسنده عن عبدالله بن بريدة عن أبيه، قال: كان أحب النساء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة، ومن الرجال علي (عليهما السلام).

____________

1- ذخائر العقبى، محب الدين: 37.

2- المعجم الكبير، الطبراني: 22 / 403 ح 1007.

3- المعجم الكبير، الطبراني: 22 / 403 ـ 404 ح 1008 و 1009.


الصفحة 41
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.(1)

يؤذيني ما أذاها

وروي عن المسور بن مخرمة: أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما أذاها، ويريبني ما رابها.(2)

إن الله يرضى لرضاك

وعن علي بن الحسين (صلى الله عليه وآله وسلم) بن علي عن أبيه، عن علي، قال النبي لفاطمة: إنّ الله يرضى لرضاك، ويغضب لغضبك.(3)

إنّ الله يغضب لغضبك

وأخرج أبن أبي عاصم، عن عبدالله بن عمرو بن سالم المفلوج

____________

1- المستدرك على الصحيحين: 3 / 168.

2- راجع: السنن الكبرى، البيهقي: 10 / 201، كشف الخفاء، العجلوني: 2 / 130، كنز العمال، الهندي: 12 / 107 ح 34215 و 112 ح 34223، الإصابة، ابن حجر: 8 / 265، معجم الصحابة: 3 / 110 ح 1076، فضائل الصحابة، النسائي: 1 / 78، صحيح مسلم: 4 / 1903، المعجم الكبير، الطبراني: 22 / 404 ح 1009، تاريخ دمشق، ابن عساكر: 3 / 156.

3- الإصابة، ابن حجر: 8 / 265، تهذيب الكمال، المزي: 35 / 250، تهذيب التهذيب: 12 / 468، علل الدارقطني: 3 / 103 ح 305.


الصفحة 42
بسند عن أهل البيت (عليهم السلام)، عن علي (عليه السلام)، أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لفاطمة (عليها السلام): إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك.(1)

يغضبني ما أغضبها

الطبراني بسنده عن اُمّ بكر بنت المسور عن أبيها أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إنّ فاطمة (عليها السلام) شجنة مني يغضبني ما أغضبها ويبسطني ما يبسطها.(2)

يغيظني ما يغيظها

حدثنا مؤمل بن هشام قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن أبن أبي مليكة عن ابن الزبير عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّما فاطمة (عليها السلام) بضعة مني يغيظني ما يغيظها.

____________

1- المعجم الكبير، الطبراني: 1 / 108 ح 182 و 22 / 401 ح 1001، المستدرك على الصحيحين، الحاكم: 3 / 154 و 167 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، مجمع الزوائد الهيثمي: 9 / 206، الإصابة، ابن حجر: 8 / 266، مسند أبي يعلى: 1 / 190 ح 220، الآحاد والمثاني: 5 / 363 ح 2959، كنز العمال، الهندي: 12 / 111 ح 34238، تاريخ دمشق، ابن عساكر: 3 / 156، ذخائر العقبى، محب الدين: 39، التدوين في أخبار قزوين: 3 / 11 ب الذال، الذرية الطاهرة: 1 / 120 ح 235.

2- المعجم الكبير، الطبراني: 22 / 405 ح 1014، تاريخ دمشق، ابن عساكر: 3 / 156.


الصفحة 43
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ مرّة اُخرى ـ: ويؤذيني ما آذاها.(1)

من أغضبها أغضبني

البخاري: حدثنا أبو الوليد حدثنا بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)قال: إنّ فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني.(2)

يقبضني ما يقبضها

وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: فاطمة بضعة مني، يقبضني ما يقبضها، ويبسطني ما يبسطها، وإنّ الأنساب تنقطع به يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري.(3)

وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إنّما فاطمة شجنة مني، يبسطني ما يبسطها، ويقبضني ما يقبضها.(4)

____________

1- مسند البزاز: 6 / 150 ح 2193.

2- صحيح البخاري: 5 / 26 و 36، السنن الكبرى، النسائي: 5 / 97 و 148، المصنف، ابن أبي شيبة: 6 / 388 ح 32269، فضائل الصحابة، النسائي: 1 / 78 ح 266، المعجم الكبير، الطبراني: 22 / 404 ح 1012، الفردوس بمأثور الخطاب: 3 / 145 ح 4389، كنز العمال، الهندي: 12 / 108 ح 34222 و 112 ح 34244.

3- كنز العمال، الهندي: 12 / 108 ح 34223.

4- كنز العمال، الهندي: 12 / 111 ح 34240.


الصفحة 44

من آذاها فقد آذاني

وروي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): إنّما فاطمة بضعة مني، ومن آذاها فقد آذاني.(1)

وقفة مع فيض القدير والبخاري

قال في فيض القدير: فاطمة ابنته بضعة بفتح أوله وحكي ضمة وكسرة وسكون المعجمة والأشهر الفتح أي جزء مني كقطعة لحم مني، فمن أغضبها بفعل ما لا يرضيها فقد أغضبني.

استدل به السهيلي على أنّ من سبها كفر لأنّه يغضبه وأنّها أفضل من الشيخين.(2)

ومن لطيف ما يذكر في هذا الباب ما ذكر عن بهاء الملة والدين انّه قال: كنت في الشام مظهراً أني على مذهب الشافعي، فقال لي يوماً أفضل فضلائهم: يا فلان تحصل عند الشيعة حجة يُعتمد عليها؟

فقلت له: حججهم كثيرة!

فطلب مني أن أحكي له شيئاً منها... فقلت له: يقولون إنّ البخاري روى في صحيحه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انّه قال: فاطمة بضعة مني

____________

1- كنز العمال، الهندي: 12 / 111 ح 34241.

2- فيض القدير: 4 / 421.


الصفحة 45
فمن أغضبها أغضبني(1)، ثمّ روى بعد هذا بأربع ورقات أنّها خرجت من الدنيا وهي غاضبة عليهما(2) ـ يعني الشيخين ـ فما ندري كيف الجواب؟!

فأطرق مليّاً وقال: هذا كذب على البخاري أنا أراجعه الليلة فغدوت عليه من الصباح، فلما رآني ضحك!

ثمّ قال: أما قلت لك أنّ الرافضة تكذب، وراجعت صحيح البخاري البارحة فرأيت بين الحديثين أزيد من خمس ورقات، وكان يتباجح بهذا الجواب...!!(3)

وقوف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على باب فاطمة (عليها السلام)

1 ـ حدثنا إبراهيم بن عبدالله، حدثنا حجاج، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد عن أنس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يمر باب فاطمة (عليها السلام) ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الصبح ويقول: الصلاة الصلاة (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ

____________

1- صحيح البخاري: 5 / 26 و 36.

2- صحيح البخاري: 4 / 96 ك فرض الخمس، وفيه قال:... فغضبت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فهجرت أبا بكر فلم تزل مُهاجرته حتى توفيت، وفي ج 8 ص 185، ك الفرائض: قال: فهجرته فاطمة (عليها السلام) فلم تكلمه حتى ماتت.

3- روضات الجنات: 7 / 71.


الصفحة 46
تَطْهِيرًا)(1).(2)

2 ـ حدثنا إبراهيم بن عبدالله، حدثنا حجاج، حدثنا حماد، حدثنا علي بن زيد عن أنس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يأتي بيت فاطمة (عليها السلام) ستة أشهر إذا خرج من صلاة الفجر يقول: يا أهل البيت الصلاة الصلاة يا أهل البيت: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).(3)

3 ـ الطبري بسنده عن أبي الحمراء، قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة (عليهما السلام) فقال: الصلاة الصلاة (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).(4)

في بيوت أذن الله أن تُرفع

1 ـ الحسكاني بسنده عن أبي برزة قال: قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاَةِ

____________

1- سورة الأحزاب: 33.

2- فضائل الصحابة، ابن حنبل: 2 / 761 ح 1340.

3- فضائل الصحابة، ابن حنبل: 2 / 761 ح 1341.

4- تاريخ الطبري: 11 / 589، تاريخ دمشق، ابن عساكر: 42 / 137.


الصفحة 47
وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ)(1)، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): هي بيوت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). قيل: يا رسول الله أبيت علي وفاطمة منها؟

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): من أفضلها.(2)

2 ـ الحسكاني بسنده عن أنس بن مالك وعن بريدة قالا: قرأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)هذه الآية: (فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ ـ إلى قوله تعالى ـ وَالأَبْصَارُ)(3)، فقام رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟

فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): بيوت الأنبياء.

فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله هذا البيت منها؟ لبيت علي وفاطمة؟

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم، من أفضلها.(4)

وهذا البيت الذي هو من البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.

____________

1- سورة النور: 36.

2- شواهد التنزيل، الحسكاني: 1 / 532 ح 566.

3- سورة النور: 36.

4- شواهد التنزيل، الحسكاني: 1 / 533 ـ 534 ح 567 و 568، الدر النثور، السيوطي: 6 / 203، روح المعاني، الألوسي: 18 / 174.


الصفحة 48
اجتمعوا عليه بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) واقتحموه وروعوا أهله والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)لما يقبر وأدخلوه الرجال بلا إذن من أهله!

وهذا الباب باب فاطمة الذي طالما وقف عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)قائلا: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).

أضرموا فيه النار وإلى جنبه حدثت المأساة الكبرى والتي تتفطر لها القلوب، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

فتعال معي ـ أيها القاريء الكريم ـ لقراءة هذه المحن التي نزلت على بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وكيف قابلتها بالصبر الجميل، وكيف كشفت تلك الأقنعة المظلمة التي لولا جهودها (عليها السلام) الجبارة لما عرفنا زيفها إلى يومنا هذا؟

ولنعم ما أنشدته الشاعرة عزيزة صدوق السورية، إذ تقول:


لا لن تكون فواطم أسطورةأو صفحة كفّ القضاء طواها
يكفي لفاطم أن نقول بمدحهالم يبق دين محمد لولاها
يا آية حوت الفضائل كلهامنك القصائد ألحمت معناها


الصفحة 49

ففضائل الزهراء يعيي حصرهاعبثاً يحاول مدّع أحصاها
مهما وصفت فإنّ شعري قاصرٌفالوصف يعجز عن بلوغ مداها
لا لن تكون كما ادّعى أعداؤهازهراء أعظم أن يُنال علاها
فولاؤها فرض بأعناق الورىوقلوبنا لا ترتضي بسواها
إمنح إلهي رحمة أبناءهاشفع بنا يوم الحساب أباها
أيتامها نحن الضّعاف وحزبهالم ندر ما درب الهدى لولاها


الصفحة 50

الصفحة 51

الفصل الأوّل
اقتحام بيت فاطمة (عليها السلام)


الصفحة 52

الصفحة 53

لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم؟

قال ابن قتيبة الدينوري (ت 276 هـ): فخرجوا فبايعوا إلاّ علياً (عليه السلام) فإنّه زعم أنّه قال: حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن، فوقفت فاطمة (عليها السلام) على بابها، فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم، تركتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا، ولم تردوا لنا حقاً؟!

ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟

إلى أن قال: ثمّ قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة (عليها السلام) فدقوا الباب، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟!

فلما سمع القوم صوتها وبكاءها، انصرفوا باكين، وكادت قلوبهم تنصدع، وأكبادهم تنفطر!!(1)

____________

1- الإمامة والسياسة، ابن قتيبة: 19 ـ 20، أعلام النساء، كحالة: 4 / 114 ـ 115.


الصفحة 54

والله لتخرجن أو لأكشفن شعري ولأعجنّ إلى الله

قال اليعقوبي (ت 284 هـ): وبلغ أبا بكر وعمر أنّ جماعة من المهاجرين والأنصار قد اجتمعوا مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) في منزل فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

فأتوا في جماعة حتى هجموا الدار، وخرج عليّ (عليها السلام) ومعه السيف، فلقيه عمر، فصارعه عمر فصرعه، وكسر سيفه، ودخلوا الدار فخرجت فاطمة (عليها السلام)فقالت: والله لتخرجنّ أو لأكشفنّ شعري ولاعجنّ إلى الله!

فخرجوا وخرج مَن كان في الدار.(1)

يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم
على أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

فقد روى الجوهري (ت 323 هـ) وقد تقدّم حديثه كاملا في أخبار السقيفة فراجع، ولكن نورد مختصراً من أجل الشاهد ـ قال: ثمّ دخل عمر فقال لعلي (عليه السلام): قم فبايع، فتلكأ واحتبس، فأخذ بيده، وقال: قم! فأبى أن يقوم، فحمله ودفعه كما دفع الزبير، ثمّ أمسكهما خالد، وساقهما عمر ومن معه سوقاً عنيفاً، واجتمع الناس ينظرون،

____________

1- تاريخ اليعقوبي: 2 / 126.


الصفحة 55
وامتلأت شوارع المدينة بالرجال.

ورأت فاطمة (عليها السلام) ما صنع عمر، فصرخت وولولت، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهنّ، فخرجت إلى باب حجرتها، ونادت: يا أبا بكر، ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)! والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله.(1)

فصاحت فاطمة (عليها السلام) وناشدتهما الله

الجوهري بسنده عن أبي الأسود، قال: غضب رجال من المهاجرين في بيعة أبي بكر بغير مشورة، وغضب علي (عليه السلام) والزبير، فدخلا بيت فاطمة (عليها السلام)، معهما السلاح، فجاء عمر في عصابة، فيهم أسيد بن خضير، وسلمة بن سلامة بن قريش، وهما من بني عبد الأشهل، فاقتحما الدار، فصاحت فاطمة (عليها السلام) وناشدتهما الله.

فأخذوا سيفيهما فضربوا بهما الحجر حتى كسروهما! فأخرجهما عمر يسوقهما.(2)

____________

1- السقيفة وفدك، الجوهري: 71 ـ 72، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 57 و6 / 48 ـ 49.

2- السقيفة وفدك، الجوهري: 70 و 44، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 47 و3 / 49، السيرة النبوية، ابن هشام: 4 / 307، الرياض النضرة، الطبري: 1 / 241 بتفاوت.


الصفحة 56
إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة وقد تقدم الكثير من ذلك في أخبار السقيفة وكذلك فيما يأتي المزيد فراجع.

ولعل هناك من تأخذه العصبية العرجاء فيبرىء ساحة هؤلاء عن هذا العمل الشنيع فيحاول إنكاره وإن لم يستطع أن يبرهن على خلاف ذلك؟!

ولكن الحقيقة لا تخفى فإليك بعض المصادر التي تنصّ على اعتراف الخليفة في مرض الموت بأنّه كشف بيت فاطمة (عليها السلام) وأدخله الرجال. ولكن بعد فوات الأوان، وحين لا ينفع الندم.

وليتني لم افتش بيت فاطمة (عليها السلام) وأدخله الرجال؟

اليعقوبي: ودخل عبد الرحمن بن عوف في مرضه ـ أي مرض أبي بكر ـ إلى أن قال له: فلا تأس على الدنيا؟

قال: ما أسي إلاّ على ثلاث خصال صنعتها ليتني لم أكن صنعتها... وليتني لم افتش بيت فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وأدخله الرجال، ولو كان أغلق عليَّ الحرب...(1)

____________

1- تاريخ اليعقوبي: 2 / 137.


الصفحة 57

فوددت أنّي لم أكن كشفت بيت فاطمة (عليها السلام)

وفي رواية اُخرى: فوددت أنّي لم أكن كشفت بيت فاطمة (عليها السلام)أو تركته وأن أغلق عليَّ الحرب.(1)

وفي رواية الهندي: فوددت أني لم أكن أكشف بيت فاطمة وتركته وإن كانوا قد غلقوه على الحرب.(2)

وفي رواية المسعودي: فوددت أني لم أكن فتشت بيت فاطمة (عليها السلام) وذكر في ذلك كلاماً كثيراً.(3)

وفي رواية الجوهري قال: وحدثني أبو زيد قال: حدثني محمد بن عباد قال: حدثني أخي سعيد بن عباد، عن الليث بن سعد، عن رجاله، عن أبي بكر انّه قال: ليتني لم أكشف بيت فاطمة (عليها السلام)،

____________

1- الأحاديث المختارة: 1 / 89 ح 12، مجمع الزوائد، الهيثمي: 5 / 203، مسند فاطمة الزهراء (عليها السلام)، السيوطي: 17 ـ 18 ح 28، السقيفة وفدك، الجوهري: 40، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 47، تاريخ الإسلام، الذهبي: 3 / 117 ـ 118، المعجم الكبير، الطبراني: 1 / 62 ح 43.

2- كنز العمال، الهندي: 5 / 632 ح 14113، تاريخ الطبري: 3 / 430، تاريخ دمشق، ابن عساكر: 30 / 418 ـ 422، العقد الفريد: 5 / 21، مختصر تاريخ دمشق، ابن عساكر: 13 / 122، تاريخ دمشق، ابن عساكر: 30 / 418 و 420 و 421 و 422.

3- مروج الذهب، المسعودي: 2 / 301 ـ 302.


الصفحة 58
ولو أعلن عليَّ الحرب.(1)

وفي رواية ابن قتيبة، قال:... فليتني تركت بيت علي (عليه السلام) وإن كان أعلن عليَّ الحرب.(2)

____________

1- السقيفة وفدك، الجوهري: 73، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 51.

2- الإمامة والسياسة، ابن قتيبة: 24.


الصفحة 59

الفصل الثاني
حرق بيت فاطمة (عليها السلام)


الصفحة 60

الصفحة 61

ما ذاك بمانعي... أن يحرق عليهم البيت

1 ـ قال ابن أبي شيبة (ت 235 هـ): حدثنا محمد بن بشر، حدثنا عبيدالله بن عمر، حدثنا زيد بن أسلم، عن أبيه أسلم أنّه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)كان علي (عليه السلام) والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم.

فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة (عليها السلام) فقال لها:... وأيم الله ما ذاك بمانعي أن اجتمع هؤلاء النفر عندك، إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت؟(1)

يا أبا حفص إن فيها فاطمة (عليها السلام)

2 ـ قال ابن قتيبة الدينوري (ت 276 هـ) تحت عنوان: كيف كانت بيعة علي (عليه السلام): وإن أبا بكر تفقد قوماً تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث إليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي (عليه السلام)فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفسُ عمر بيده

____________

1- الكتاب المصنف، ابن أبي شيبة: 7 / 432 ح 37045، مسند فاطمة الزهراء (عليها السلام)، السيوطي: 20 ـ 21 ح 31، كنز العمال، الهندي: 5 / 651 ح 14138.


الصفحة 62
لتخرجن أو لأحرقنها على مَن فيها!

فقيل له: يا أبا حفص، إن فيها فاطمة (عليها السلام)؟

فقال: وإن!!(1)

أتراك محرقاً عليَّ بابي؟!

3 ـ البلاذري (ت 279 هـ) عن المدائني، عن مسلمة بن محارب، عن سليمان التيمي، وعن ابن عون: أنّ أبا بكر أرسل إلى علي (عليه السلام) يريد البيعة، فلم يبايع!

فجاء عمر، ومعه قبس، فتلقته فاطمة (عليها السلام) على الباب، فقالت فاطمة (عليها السلام): يا بن الخطاب، أتراك مُحرقاً عليَّ بابي؟

قال: نعم، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك؟!(2)

والله لأحرقنَّ عليكم

4 ـ الطبري (ت 310 هـ) قال: حدثنا ابن حميد، قال: حدّثنا جرير، عن مغيرة، عن زياد بن كليب، قال: أتى عمر بن الخطاب منزل علي (عليه السلام) وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين.

____________

1- الإمامة والسياسة، ابن قتيبة: 19، أعلام النساء، كحالة: 4 / 114.

2- أنساب الأشراف، البلاذري: 2 / 268.


الصفحة 63
فقال: والله لأحرقنَّ عليكم أو لتخرجنَّ إلى البيعة!

فخرج عليه الزبير مصلتاً بالسيف، فعثر فسقط السيف من يده!

فوثبوا عليه فأخذوه.(1)

أو لأحرقنَّ البيت عليكم!

5 ـ قال أبو بكر الجوهري (ت 323 هـ): حدّثني أبو زيد عمر بن شبة، عن رجاله قال: جاء عمر إلى بيت فاطمة (عليها السلام) في رجال من الأنصار، ونفر قليل من المهاجرين.

فقال: والذي نفسي بيده لتخرجن إلى البيعة أو لأحرقنَّ البيت عليكم!

فخرج إليه الزبير مصلتاً بالسيف، فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري ورجل آخر فندر(2) السيف من يده فضرب به عمر الحجر فكسره! ثمّ أخرجهم بتلابيبهم يُساقون سوقاً عنيفاً حتى بايعوا أبا بكر.(3)

____________

1- تاريخ الطبري، 3 / 202.

2- ندر: سقط.

3- السقيفة وفدك، الجوهري: 71 و 50، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 6 / 48 و 2 / 56.


الصفحة 64

فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت

الجوهري: روي... إن سعد بن أبي وقاص كان معهم في بيت فاطمة (عليها السلام)، والمقداد بن الأسود أيضاً، وأنّهم اجتمعوا على أن يبايعوا علياً (عليه السلام).

فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت! فخرج إليه الزبير بالسيف، وخرجت فاطمة (عليها السلام) تبكي وتصيح فنهنهت من الناس!(1)

يا بن الخطاب؟ أجئت لتحرق دارنا!!

6 ـ ابن عبد ربّه الأندلسي (ت 328 هـ) قال تحت عنوان: الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر: علي، والعباس، والزبير، وسعد بن عبادة.

فأمّا علي (عليه السلام) والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة (عليها السلام)حتى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجوا من بيت فاطمة (عليها السلام)وقال له: إن أبوا فقاتلهم!

فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة (عليها السلام)، فقالت: يا ابن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا؟!

____________

1- السقيفة وفدك، الجوهري: 50 ـ 51، شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: 2 / 56.