كتاب معاوية إليه

- قال الراوندي : كتب معاوية إلى الحسن : يا ابن عم ، لا تقطع الرحم الذي بيني وبينك ، فإن الناس قد غدروا بك وبأبيك من قبلك . فقالوا : إن خانك الرجلان وغدرا ، فإنا مناصحون لك . فقال لهم الحسن : لأعودن هذه المرة فيما بيني وبينكم وإني لأعلم أنكم غادرون ، والموعد ما بيني وبينكم ، إن معسكري بالنخيلة ، فوافوني هناك ، والله لا تفون لي بعهد ، ولتنقضن الميثاق بيني وبينكم .

ثم إن الحسن أخذ طريق النخيلة ، فعسكر عشرة أيام ، فلم يحضره إلا أربعة آلاف ، فانصرف إلى الكوفة فصعد المنبر وقال : يا عجبا من قوم لا حياء لهم ولا دين مرة بعد مرة ، ولو سلمت إلى معاوية الأمر فأيم الله لا ترون فرجا أبدا مع بني أمية والله ليسومنكم سوء العذاب حتى تتمنون أن يلي عليكم حبشيا ولو وجدت أعوانا ما سلمت له الأمر ، لأنه محرم على بني أمية ، فأف وترحا يا عبيد الدنيا .

وكتب أكثر أهل الكوفة إلى معاوية بأنا معك ، وإن شئت أخذنا الحسن وبعثناه إليك ثم أغاروا على فسطاطه ، وضربوه بحربة ، فأخذ مجروحا .

ثم كتب جوابا لمعاوية : " إن هذا الأمر لي والخلافة لي ولأهل بيتي ، وإنها لمحرمة عليك وعلى أهل بيتك ، سمعته من رسول الله ، لو وجدت صابرين عارفين بحقي غير منكرين ، ما سلمت لك ولا أعطيتك ما تريد " ، وانصرف إلى الكوفة .

- روى ابن أبي الحديد : كان الحسن خرج إليهم وعليه ثياب سود ثم وجه عبد [ عبيد ] الله  بن عباس ومعه قيس بن سعد بن عبادة مقدمة له في اثني عشر ألف إلى الشام وخرج وهو يريد المدائن فطعن بساباط وانتهب متاعه ودخل المدائن وبلغ ذلك معاوية فأشاعه وجعل أصحاب الحسن الذين وجههم مع عبد [ عبيد ] الله يتسللون إلى معاوية الوجوه وأهل البيوتات فكتب عبيد الله بن العباس بذلك إلى الحسن فخطب الناس ووبخهم وقال : خالفتم أبي حتى حكم وهو كاره ثم دعاكم إلى قتال أهل الشام بعد التحكيم فأبيتم حتى صار إلى كرامة الله ثم بايعتموني على أن تسالموا من سالمني وتحاربوا من حاربني وقد أتاني أن أهل الشرف منكم قد أتوا معاوية وبايعوه فحسبي منكم لا تغروني من ديني ونفسي وأرسل عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب - وأمه هند بنت أبي سفيان بن حرب - إلى معاوية يسأله المسالمة واشترط عليه العمل بكتاب الله وسنة نبيه وألا يبايع لأحد من بعده وأن يكون الأمر شورى وأن يكون الناس أجمعون آمنين .

- قال ابن أعثم : فلما سمع الناس هذا الكلام من الحسن كأنه وقع بقلوبهم أنه خالع نفسه من الخلافة ومسلم الأمر لمعاوية ، فغضبوا لذلك ، ثم بادروا إليه من كل ناحية فقطعوا عليه الكلام ونهبوا عامة أثقاله وخرقوا ثيابه . . . وتفرقت عنه عامة أصحابه فقال الحسن : لا حول ولا قوة إلا بالله .

قال : فدعا بفرسه فركب وسار وهو مغموم لما قد نزل به من كلامه .

وأقبل رجل من بني أسد يقال له سنان بن الجراح حتى وقف في مظلم ساباط المدائن ، فلما مر به الحسن بادر إليه فجرحه بمعول كان معه جراحة كادت تأتي عليه ، قال : فصاح الحسن صيحة وخر عن فرسه مغشيا عليه ، وابتدر الناس إلى ذلك الأسدي فقتلوه .

قال : وأفاق الحسن من غشائه وقد ضعف ، فعصبوا جراحه وأقبلوا به إلى المدائن ، قال : وعامل المدائن يومئذ سعد بن مسعود الثقفي عم المختار بن أبي عبيدة ، قال : فأنزل الحسن في القصر الأبيض ، وأرسل إلى الأطباء فنظروا إلى جراحته وقالوا : ليس عليك بأس يا أمير المؤمنين . قال : فأقام الحسن بالمدائن يداوى .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>