مقتل الرضيع

- الخوارزمي : ولما فجع الحسين بأهل بيته وولده ، ولم يبق غيره وغير النساء والأطفال وغير ولده المريض ، نادى : هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله ؟ هل من موحد يخاف الله فينا ؟ هل من مغيث يرجو الله في إغاثتنا ، هل من معين يرجو ما عند الله في إعانتنا ؟ وارتفعت أصوات النساء بالعويل ، فتقدم إلى باب الخيمة ، فقال : ناولوني عليا الطفل حتى أودعه . فناولوه الصبي ، فجعل يقبله ويقول : ويل لهؤلاء القوم إذا كان خصمهم جدك ، وبينا الصبي في حجره ، إذ رماه حرملة بن الكاهل الأسدي فذبحه في حجر الحسين ، فتلقى الحسين دمه حتى امتلأت كفه ، ثم رمى به نحو السماء ، وقال : أللهم إن حبست عنا النصر فاجعل ذلك لما هو خير لنا .

ثم نزل الحسين عن فرسه وحفر للصبي بجفن سيفه ، ورمله بدمه ، وصلى عليه .

وروى المجلسي : ثم قال : هون علي ما نزل بي أنه بعين الله .

قال الباقر : فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض .

قالوا : ثم قال : لا يكون أهون عليك من فصيل ، أللهم إن كنت حبست عنا النصر ، فاجعل ذلك لما هو خير لنا .

- الطبري : قال أبو مخنف : قال عقبة بن بشير الأسدي : قال لي أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين : إن لنا فيكم يا بني أسد ! دما .

قال : قلت : فما ذنبي أنا في ذلك رحمك الله يا أبا جعفر ! وما ذلك ؟ ! قال : أتى الحسين بصبي له فهو في حجره إذ رماه أحدكم يا بني أسد بسهم فذبحه ! فتلقى الحسين دمه فلما ملأ كفيه صبه في الأرض ، ثم قال : رب ! إن تك حبست عنا النصر من السماء فاجعل ذلك لما هو خير ، وانتقم لنا من هؤلاء الظالمين .

- المقرم : وفي رواية : لما امتلأت يداه رمى بالدم نحو السماء ، ثم قال : هون ما نزل بي أنه بعين الله تعالى ، أللهم لا يكون أهون عليك من فصيل ! إلهي إن كنت حبست عنا النصر فاجعله لما هو خير منه ، وانتقم لنا من الظالمين ، واجعل ما حل بنا في العاجل ذخيرة لنا في الأجل ، أللهم أنت الشاهد على قوم قتلوا أشبه الناس برسولك محمد .

- الطريحي : وروي أنه لما قتل العباس تدافعت الرجال على أصحاب الحسين ، فلما نظر ذلك نادى : يا قوم ! أما من مجير يجيرنا ، أما من مغيث يغيثنا ، أما من طالب حق فينصرنا ، أما من خائف فيذب عنا ، أما من أحد يأتينا بشربة من الماء لهذا الطفل ، فإنه لا يطيق الظمأ .

فقام إليه ولده الأكبر - وكان له من العمر سبعة عشر سنة - فقال : أنا آتيك بالماء ، يا سيدي ! فقال : امض بارك الله فيك .

قال : فأخذ الركوة بيده ، ثم اقتحم الشريعة وملأ الركوة وأقبل بها نحو أبيه ، فقال : يا أبت ! الماء لمن طلبت ؟ اسق أخي وإن بقي شيء فصبه علي ، فإني والله عطشان ! فبكى الحسين ، وأخذ ولده الطفل وأجلسه على فخذه ، وأخذ الركوة وقربها إلى فيه ، فلما هم الطفل أن يشرب أتاه سهم مسموم ، فوقع في حلق الطفل فذبحه قبل أن يشرب من الماء شيئا ، فبكى الحسين ورمى الركوة من يده ، ونظر بطرفه إلى السماء وقال : أللهم أنت الشاهد على قوم قتلوا أشبه الخلق بنبيك وحبيبك ورسولك .

- أبو مخنف : روى بعد ذكر شهادة علي الأكبر : ثم أقبل الحسين إلى أم كلثوم ، وقال لها : يا أختاه ! أوصيك بولدي الصغير خيرا ، فإنه طفل صغير ، وله من العمر ستة أشهر . فقالت له : يا أخي ! إن هذا الطفل له ثلاثة أيام ما شرب الماء ، فاطلب له شربة من الماء ، فأخذ الطفل وتوجه نحو القوم وقال : يا قوم ! قد قتلتم أخي وأولادي وأنصاري ، وما بقي غير هذا الطفل ، وهو يتلظى عطشا ، فاسقوه شربة من الماء .

فبينما هو يخاطبهم إذ أتاه سهم مشوم من ظالم غشوم ، وهو حرملة بن كاهل الأسدي ، فذبح الطفل من الوريد إلى الوريد ، أو من الأذن إلى الأذن ، فجعل الحسين يتلقى الدم حتى امتلأت كفه ورمى به إلى السماء .

- ابن الجوزي : وقال الحسين : يا قوم ! إن لم ترحموني فارحموا هذا الطفل ! فرماه رجل منهم بسهم فذبحه ، فجعل الحسين يبكى ويقول : أللهم احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا ، فنودي من الهواء : دعه ، يا حسين ! فإن له مرضعا في الجنة .

وفي الناسخ ، قال : يا قوم ! لقد جف اللبن في ثدي أمه ! وفي تظلم الزهراء : ثم وضع كفيه تحت نحر الصبي حتى امتلأتا دما ، قال : يا نفس ! اصبري واحتسبي فيما أصابك ، إلهي ترى ما حل بنا في العاجل ، فاجعل ذلك ذخيرة لنا في الأجل .

- القندوزي الحنفي : وفي رواية أنه قال : يا قوم ! لقد قتلتم أصحابي وبني عمي وإخوتي وولدي ، وقد بقي هذا الطفل - وهو ابن ستة أشهر - يشتكي من الظمأ ، فاسقوه شربة من الماء .

فبينا هو يخاطبهم إذ أتاه سهم فوقع في نحر الطفل فقتله .

قيل : إن السهم رماه عقبة بن بشير الأزدي لعنه الله ، ويقول الحسين : أللهم إنك شاهد على هؤلاء القوم الملاعين ، إنهم قد عمدوا أن لا يبقوا من ذرية رسولك ، وهو يبكي بكاء شديدا .

وفي رواية أخرى قال : أللهم أنت تعلم أنهم دعونا لينصرونا فخذلونا وأعانوا علينا ، أللهم احبس عنهم قطر السماء ، واحرمهم بركاتك ، أللهم لا ترض عنهم أبدا ، أللهم إنك إن كنت حبست عنا النصر في الدنيا فاجعله لنا ذخرا في الآخرة ، وانتقم لنا من القوم الظالمين .

- اليعقوبي : ثم تقدموا رجلا رجلا حتى بقي وحده ما معه أحد من أهله ، ولا ولده ولا أقاربه ، فإنه لواقف على فرسه إذ أتي بمولود قد ولد له في تلك الساعة ، فأذن في أذنه ، وجعل يحنكه إذ أتاه سهم فوقع في حلق الصبي فذبحه ، فنزع الحسين السهم من حلقه ، وجعل يلطخه بدمه ويقول : والله ! لانت أكرم على الله من الناقة ، ولمحمد أكرم على الله من صالح . ثم أتى فوضعه مع ولده وبني أخيه .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>