فيما أخبر به الكهنة وأضرابهم وما وجد من ذلك مكتوبا في الألواح والصخور

نادر فيما أخبر به الكهنة * واضرابهم وما وجد من ذلك مكتوبا في الألواح والصخور روى البرسي في مشارق الأنوار عن كعب بن الحارث قال : إن ذاجدن الملك أرسل إلى السطيح لامر شك فيه فلما قدم عليه أراد أن يجرب علمه قبل حكمه فخبأ له دينارا تحت قدمه ثم أذن له فدخل فقال له الملك : ما خبأت لك يا سطيح ؟ فقال سطيح : حلفت بالبيت والحرم ، والحجر الأصم ، والليل إذا أظلم ، والصبح إذا تبسم ، وبكل فصيح وأبكم ، لقد خبأت لي دينارا بين النعل والقدم ، فقال الملك : من أين علمك هذا يا سطيح ! فقال : من قبل أخ لي حتى ينزل معي أني نزلت . فقال الملك : أخبرني عما يكون في الدهور ، فقال سطيح : إذا غارت الأخيار وقادت الأشرار ، وكذب بالاقدار ، وحمل المال بالأوقار ، وخشعت الابصار لحامل الأوزار ، وقطعت الأرحام ، وظهرت الطغام ، المستحلي الحرام ، في حرمة الاسلام واختلفت الكلمة ، وخفرت الذمة ، وقلت الحرمة ، وذلك عند طلوع الكوكب الذي يفزع العرب ، وله شبيه الذنب ، فهناك تنقطع الأمطار ، وتجف الأنهار ، وتختلف الاعصار ، وتغلو الأسعار ، في جميع الأقطار .

ثم تقبل البربر بالرايات الصفر ، على البراذين السبر ، حتى ينزلوا مصر فيخرج رجل من ولد صخر ، فيبدل الرايات السود بالحمر ، فيبيح المحرمات ، و يترك النساء بالثدايا معلقات ، وهو صاحب نهب الكوفة ، فرب بيضاء الساق مكشوفة على الطريق مردوفة ، بها الخيل محفوفة ، قتل زوجها ، وكثر عجزها ، واستحل فرجها فعندها يظهر ابن النبي المهدي ، وذلك إذا قتل المظلوم بيثرب ، وابن عمه في الحرم ، وظهر الخفي فوافق الوشمي فعند ذلك يقبل المشوم بجمعه الظلوم فتظاهر الروم ، بقتل القروم ، فعندها ينكسف كسوف ، إذا جاء الزحوف ، وصف الصفوف . ثم يخرج ملك من صنعاء اليمن ، أبيض كالقطن اسمه حسين أو حسن ، فيذهب بخروجه غمر الفتن ، فهناك يظهر مباركا زكيا ، وهاديا مهديا ، وسيدا علويا فيفرج الناس إذا أتاهم بمن الله الذي هداهم ، فيكشف بنوره الظلماء ، ويظهر به الحق بعد الخفاء ، ويفرق الأموال في الناس بالسواء ، ويغمه السيف فلا يسفك الدماء ، ويعيش الناس في البشر والهناء ، ويغسل بماء عدله عين الدهر من القذاء ويرد الحق على أهل القرى ، ويكثر في الناس الضيافة والقرى ، ويرفع بعدله الغواية والعمى ، كأنه كان غبار فانجلى ، فيملأ الأرض عدلا وقسطا والأيام حباء ، وهو علم للساعة بلا امتراء .

( وروى ابن عياش في المقتضب ، عن الحسين بن علي بن سفيان البزوفري عن محمد بن علي بن الحسن البوشنجاني ، عن أبيه ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن النوشجان بن البودمردان ، قال : لما جلى الفرس عن القادسية وبلغ يزدجرد بن شهريار ما كان من رستم وإدالة العرب عليه وظن أن رستم قد هلك والفرس جميعا وجاء مبادر وأخبره بيوم القادسية وانجلائها عن خمسين ألف قتيل ، خرج يزدجرد هاربا في أهل بيته ووقف بباب الإيوان ، وقال : السلام عليك أيها الإيوان ! ها أنا ذا منصرف عنك وراجع إليك ، أنا أو رجل من ولدي لم يدن زمانه ولا آن أوانه .

قال سليمان الديلمي : فدخلت على أبي عبد الله فسألته عن ذلك وقلت له : ما قوله : " أو رجل من ولدي " فقال : ذلك صاحبكم القائم بأمر الله عز وجل السادس من ولدي قد ولده يزدجرد فهو ولده .

ومنه ، عن عبد الله بن القاسم البلخي ، عن أبي سلام الكجي ( عن ) عبد الله بن مسلم ، عن عبد الله بن عمير ، عن هرمز بن حوران ، عن فراس ، عن الشعبي قال : إن عبد الملك بن مروان دعاني فقال : يا أبا عمرو إن موسى بن نصر العبدي كتب إلي وكان عامله على المغرب يقول : بلغني أن مدينة من صفر كان ابتناها نبي الله سليمان بن داود ، أمر الجن أن يبنوها له فاجتمعت العفاريت من الجن على بنائها وأنها من عين القطر التي ألانها الله لسليمان بن داود ، وأنها في مفازة الأندلس ، وأن فيها من الكنوز التي استودعها سليمان وقد أردت أن أتعاطى الارتحال إليها فأعلمني الغلام بهذا الطريق أنه صعب لا يتمطى إلا بالاستعداد من الظهور والأزواد الكثيرة مع بقاء بعد المسافة وصعوبتها ، وأن أحدا لم يهتم بها إلا قصر عن بلوغها إلا دارا بن دارا ، فلما قتله الإسكندر قال : والله لقد جئت الأرض والأقاليم كلها ودان لي أهلها ، وما أرض إلا وقد وطئتها إلا هذه الأرض من الأندلس ، فقد أدركها دارا بن دارا ، وإني لجدير بقصدها كي لا أقصر عن غاية بلغها دارا .

فتجهز الإسكندر واستعد للخروج عاما كاملا فلما ظن أنه قد استعد لذلك ، وقد كان بعث رواده فأعلموا أن موانعا دونها . فكتب عبد الملك إلى موسى بن نصر يأمره بالاستعداد والاستخلاف على عمله فاستعد وخرج فرآها وذكر أحوالها فلما رجع كتب إلى عبد الملك بحالها ، وقال في آخر الكتاب : فلما مضت الأيام وفنيت الأزواد ، سرنا نحو بحيرة ذات شجر وسرت مع سور المدينة فصرت إلى مكان من السور فيه كتاب بالعربية فوقفت على قراءته وأمرت بانتساخه فإذا هو شعر :

ليعلم المرء ذو العز المنيع ومن   يرجو الخلود وما حي بمخلود
لو أن خلقا ينال الخلد في مهل  

لنال ذاك سليمان بن داود

سالت له القطر عين القطر فائضة  

بالقطر سنة عطاء غير مصدود

فقال للجن أبنوا لي به أثرا   يبقى إلى الحشر لا يبلى ولا يؤدي
فصيروه صفاحا ثم هيل له    إلى السماء باحكام وتجويد
وأفرغ القطر فوق السور منصلتا  

فصار أصلب من صماء صيخود

وثب فيه كنوز الأرض قاطبة   وسوف يظهر يوما غير محدود
وصار في قعر بطن الأرض   مضطجعا مصمدا بطوابيق الجلاميد
لم يبق من بعده للملك سابقة   حتى تضمن رمسا غير أخدود
هذا ليعلم أن الملك منقطع   إلا من الله ذي النعماء و الجود
حتى إذا ولدت عدنان صاحبها  

من هاشم كان منها خير مولود

وخصه الله بالآيات منبعثا   إلى الخليقة منها البيض والسود
له مقاليد أهل الأرض قاطبة   والأوصياء له أهل المقاليد
هم الخلائف اثنا عشرة حججا   من بعدها الأوصياء السادة الصيد
حتى يقوم بأمر الله قائمهم   من السماء إذا ما باسمه نودي

فلما قرأ عبد الملك الكتاب وأخبره طالب بن مدرك وكان رسوله إليه بما عاين من ذلك ، وعنده محمد بن شهاب الزهري قال : ما ترى في هذا الامر العجيب ؟ فقال الزهري : أرى وأظن أن جنا كانوا موكلين بما في تلك المدينة حفظة لها يخيلون إلى من كان صعدها ، قال عبد الملك : فهل علمت من أمر المنادي من السماء شيئا قال : اله عن هذا يا أمير المؤمنين ، قال عبد الملك : كيف ألهو عن ذلك وهو أكبر أوطاري لتقولن بأشد ما عندك في ذلك ، ساءني أم سرني .

فقال الزهري : أخبرني علي بن الحسين أن هذا المهدي من ولد فاطمة بنت رسول الله فقال عبد الملك : كذبتما لا تزالان تدحضان في بولكما وتكذبان في قولكما ، ذلك رجل منا .

قال الزهري أما أنا فرويته لك عن علي ابن الحسين فإن شئت فاسأله عن ذلك ولا لوم علي فيما قلته لك فان يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم ، فقال عبد الملك : لا حاجة لي إلى سؤال بني أبي تراب فخفض عليك يا زهري بعض هذا القول فلا يسمعه منك أحد قال الزهري : لك علي ذلك .

بيان : لا يؤدي : أي لا يهلك .

وقال الجوهري : كل شئ أرسلته إرسالا من رمل أو تراب أو طعام أو نحوه قلت : هلته أهيله هيلا فانهال أي جرى وانصب وقال : صلت ما في القدح أي صببته ، وقال : صخرة صيخود أي شديدة . قوله : مصمدا بالصاد المهملة أو بالضاد المعجمة .

قال الجوهري : المصمد لغة في المصمت وهو الذي لا جوف له وقال : صمد فلان رأسه تصميدا أي شده بعصابة أو ثوب ما خلا العمامة ، وقال : الطابق : الآجر الكبير ، فارسي معرب ، والجلاميد جمع الجلمود بالضم هو الصخر .

والرمس بالفتح : القبر أو ترابه ، والأخدود بالضم شق في الأرض مستطيل و ( الصيد جمع ) الأصيد : الملك ، والرجل الذي يرفع رأسه كبرا ) .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>