خبر شطيطة وما فيه من المعجزات

- الخرائج : روي عن داود بن كثير الرقي قال : وفد خراسان وافد يكنى أبا جعفر ، واجتمع إليه جماعة من أهل خراسان ، فسألوه أن يحمل لهم أموالا ومتاعا ومسائلهم في الفتاوى والمشاورة ، فورد الكوفة ونزل وزار أمير المؤمنين ، ورأي في ناحية رجلا حوله جماعة ، فلما فرغ من زيارته قصدهم فوجدهم شيعة فقهاء يسمعون من الشيخ فقالوا : هو أبو حمزة الثمالي قال : فبينما نحن جلوس إذ أقبل أعرابي فقال : جئت من المدينة وقد مات جعفر بن محمد فشهق أبو حمزة ثم ضرب بيده الأرض ، ثم سأل الأعرابي هل سمعت له بوصية ؟ قال : أوصى إلى ابنه عبد الله وإلى ابنه موسى ، وإلى المنصور فقال : الحمد لله الذي لم يضلنا ، دل على الصغير وبين على الكبير ، وسر الامر العظيم ، ووثب إلى قبر أمير المؤمنين فصلى وصلينا ، ثم أقبلت عليه وقلت له : فسر لي ما قلته ؟ قال : بين أن الكبير ذو عاهة ودل على الصغير ، أن أدخل يده مع الكبير ، وسر الامر العظيم بالمنصور ، حتى إذا سأل المنصور من وصيه ؟ قيل أنت ، قال الخراساني : فلم أفهم جواب ما قاله ، ووردت المدينة ، ومعي المال والثياب والمسائل ، وكان فيما معي درهم دفعته إلي امرأة تسمى شطيطة ومنديل فقلت لها : أنا أحمل عنك مائة درهم فقالت : إن الله لا يستحي من الحق فعوجت الدرهم ، وطرحته في بعض الأكياس ، فلما حصلت بالمدينة ، سألت عن الوصي فقيل : عبد الله ابنه ، فقصدته ، فوجدت بابا مرشوشا مكنوسا عليه بواب فأنكرت ذلك في نفسي واستأذنت ودخلت بعد الاذن ، فإذا هو جالس في منصبه فأنكرت ذلك أيضا .

فقلت : أنت وصي الصادق ، الامام المفترض الطاعة ؟ قال : نعم قلت : كم في المأتين من الدراهم الزكاة ؟ قال : خمسة دراهم فقلت : وكم في المئة ؟ قال : درهمان ونصف ، قلت : ورجل قال لامرأته : أنت طالق بعدد نجوم السماء تطلق بغير شهود ؟ قال : نعم ، ويكفي من النجوم رأس الجوزاء ثلاثا ، فتعجبت من جواباته ومجلسه فقال : احمل إلي ما معك ؟ قلت : ما معي شئ ، وجئت إلى قبر النبي فلما رجعت إلى بيتي إذا أنا بغلام أسود واقف فقال : سلام عليك ، فرددت عليه السلام قال : أجب من تريد ، فنهضت معه فجاء بي إلى باب دار مهجورة ، ودخل فأدخلني فرأيت موسى بن جعفر على حصير الصلاة فقال : إلي يا أبا جعفر ، وأجلسني قريبا ، فرأيت دلائله أدبا وعلما ومنطقا وقال لي : احمل ما معك ، فحملته إلى حضرته ، فأومأ بيده إلى الكيس فقال لي : افتحه ، ففتحته وقال لي : اقلبه ، فقلبته فظهر درهم شطيطة المعوج فأخذه وقال : افتح تلك الرزمة ففتحتها وأخذ المنديل منها بيده وقال وهو مقبل علي : إن الله لا يستحيي من الحق يا أبا جعفر اقرأ على شطيطة السلام مني وادفع إليها هذه الصرة .

وقال لي : أردد ما معك إلى من حمله وادفعه إلى أهله ، وقل قد قبله ووصلكم به ، وأقمت عنده وحادثني وعلمني وقال : ألم يقل لك أبو حمزة الثمالي بظهر الكوفة وأنتم زوار أمير المؤمنين كذا وكذا ؟ قلت : نعم ، قال : كذلك يكون المؤمن إذا نور الله قلبه كان علمه بالوجه ، ثم قال : قم إلى ثقات أصحاب الماضي فسلهم عن نصه .

قال أبو جعفر الخراساني : فلقيت جماعة كثيرة منهم شهدوا بالنص على موسى عليه السلام ثم مضى أبو جعفر إلى خراسان ، قال داود الرقي فكاتبني من خراسان إنه وجد جماعة ممن حملوا المال قد صاروا فطحية ، وأنه وجد شطيطة على أمرها تتوقعه يعود ، قال : فلما رأيتها عرفتها سلام مولانا عليها ، وقبوله منها دون غيرها وسلمت إليها الصرة ففرحت وقالت لي أمسك الدراهم معك فإنها لكفني ، فأقامت ثلاثة أيام وتوفيت . بيان : قوله : بين أن الكبير ذو عاهة أي : لو لم يكن الكبير ذا عاهة لأفرده في الوصية فلما أشرك معه الصغير أعلم أنه غير صالح للإمامة ، قوله : أحمل عنك مائة درهم كأن الرجل استحيى عن أن يحمل درهما واحدا لقلته فقال : لا أحمل عنك إلا مائة درهم فأجابته بقوله : إن الله لا يستحيي من الحق فلا تستح من ذلك ، وإنما عوج الدرهم لئلا يلتبس بغيره .

قوله : كان علمه بالوجه أي : بالوجه الذي ينبغي أن يعلم به ، أو بوجه الكلام وإيمائه من غير تصريح ، كما ورد أن القرآن ذو وجوه ، أو إذا نظر إلى وجه الرجل [ علم ] ما في ضميره فيكون ذكره على التنظير .

- مناقب ابن شهرآشوب : اختلفت الأمة بعد النبي في الإمامة بين النص والاختيار فصح لأهل النص من طرق المخالف والمؤالف بأن الأئمة اثنا عشر ، ونبغت السبعية بعد جعفر الصادق وادعوا دعوى فارقوا بها الأمة بأسرها . وكان الصادق قد نص على ابنه موسى وأشهد على ذلك ابنيه إسحاق وعليا ، والمفضل بن عمر ، ومعاذ بن كثير ، وعبد الرحمان بن الحجاج ، والفيض ابن المختار ، ويعقوب السراج ، وحمران بن أعين ، وأبا بصير ، وداود الرقي ويونس بن ظبيان ، ويزيد بن سليط ، وسليمان بن خالد ، وصفوان الجمال ، والكتب بذلك شاهدة ، وكان الصادق أخبر بهذه الفتنة بعده وأظهر موت إسماعيل وغسله وتجهيزه ودفنه ، وتشيع في جنازته بلا حذاء وأمر بالحج عنه بعد وفاته .

ابن بابويه بالاسناد عن منصور بن حازم قال : كنت جالسا مع أبي عبد الله على الباب ومعه إسماعيل ، إذ مر علينا موسى وهو غلام ، فقال إسماعيل : سبق بالخير ابن الأمة . زرارة بن أعين قال : دعا الصادق داود بن كثير الرقي وحمران بن أعين وأبا بصير ودخل عليه المفضل بن عمر وأتى بجماعة حتى صاروا ثلاثين رجلا فقال : يا داود اكشف عن وجه إسماعيل ، فكشف عن وجهه ، فقال : تأمله يا داود فانظره أحي هو أم ميت ؟ فقال : بل هو ميت ، فجعل يعرضه على رجل رجل حتى أتى على آخرهم ، فقال : اللهم اشهد ، ثم أمر بغسله وتجهيزه ، ثم قال : يا مفضل احسر عن وجهه ، فحسر عن وجهه ، فقال : حي هو أم ميت ؟ انظروه أجمعكم ! فقال : بل هو يا سيدنا ميت ، فقال : شهدتم بذلك وتحققتموه ؟ قالوا : نعم وقد تعجبوا من فعله ، فقال : اللهم اشهد عليهم ، ثم حمل إلى قبره ، فلما وضع في لحده قال : يا مفضل اكشف عن وجهه ، فكشف فقال للجماعة : انظروا أحي هو أم ميت ؟ فقالوا : بلى ميت يا ولي الله : فقال : اللهم اشهد فإنه سيرتاب المبطلون يريدون إطفاء نور الله ، ثم أومأ إلى موسى وقال : والله متم نوره ولو كره الكافرون ، ثم حثوا عليه التراب ، ثم أعاد علينا القول ، فقال : الميت المكفن المحنط المدفون في هذا اللحد من هو ؟ قلنا : إسماعيل ولدك ، فقال : اللهم اشهد ثم أخذ بيد موسى فقال : هو حق والحق معه ومنه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . عنبسة العابد قال : لما توفي إسماعيل بن جعفر قال الصادق : أيها الناس إن هذه الدنيا دار فراق ، ودار التواء لا دار استواء في كلام له .

ثم تمثل بقول أبي خراش : فلا تحسبن أني تناسيت عهده * ولكن صبري يا أميم جميل أبو كهمس في حديثه : حضرت موت إسماعيل وأبو عبد الله جالس عنده ثم قال بعد كلام : كتب على حاشية الكفن : إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله .

وروي عن الصادق أنه استدعى بعض شيعته وأعطاه دراهم وأمره أن يحج بها عن ابنه إسماعيل وقال له : إنك إذا حججت عنه لك تسعة أسهم من الثواب ولإسماعيل سهم واحد .

- مناقب ابن شهرآشوب : أبو بصير قال الصادق قال : أبي : اعلم أن عبد الله أخاك سيدعو الناس إلى نفسه فدعه فان عمره قصير ، فكان كما قال أبي ، وما لبث عبد الله إلا يسيرا حتى مات .

العودة إلى الصفحة الرئيسية

www.mezan.net <‎/TITLE> ‎<META HTTP-EQUIV="Content-Type" CONTENT="text/html; charset=windows-1256">‎ ‎<META NAME="keywords" CONTENT=" السيد محمد حسين فضل الله في الميزان ">‎ ‎<META NAME="description" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله في كتبه ">‎ ‎<META NAME="author" CONTENT=" مقولات السيد فضل الله بصوته ">‎ ‎<META NAME="copyright" CONTENT=" رأي المراجع العظام والعلماء ">‎ <‎/HEAD>