طرح سؤال بحث

التصنيفات

· عرض جميع التصنيفات

· أسئلة عقائدية
· أسئلة فقهية
· أسئلة حول فضل الله

· الصفحة الرئيسية

أسئلة حول فضل الله: إشكال العوام على فضل الله السؤال: بسم الله الرحمن الرحيم سماحة العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي دامت بركاته.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. سيدي الجليل.. يقول بعض طلبة العلم: إن علينا أن لا نشغل أنفسنا بقضية السيد محمد حسين فضل الله، لأننا لسنا من أهل التخصص في العقائد، لنتكلم ونخبر الناس أن له انحرافات عقائدية، ويقولون دعوا هذه الأمور للعلماء، كالميرزا جواد التبريزي، والسيد جعفر مرتضى العاملي، وغيرهما.. أما أن تقوموا أنتم العوام بقراءة كتب السيد فضل الله، وتصيّد الأخطاء عليه، فهذا خطأ كبير وقد تقعون في كثير من الإشكالات، كما أنكم أنتم العوام لا تفهمون العقائد حتى تعترضوا على مقولات السيد فضل الله.. ويقولون لنا: هذا ليس تكليفكم أنتم العوام، كما أنه لا يحصل لكم ثوابٌ من جراء متابعتكم لهذه الأمور، وإثارة هذه القضايا. فاتركوا عنكم هذه الأمور وتوجهوا لمعرفة تكاليفكم الشرعية. فأسألك يا سيدي الجليل: هل علينا أن نترك هذا الأمر، وأن لا نخوض فيه، لأننا كما قالوا: لسنا من أهل التخصص حتى نعترض على مقولات السيد فضل الله؟ ويقولون: إننا، على سبيل المثال، لا نفهم ما هو العنصر الغيبي لكي ننتقد السيد فضل الله على قوله بأنه لا يوجد في الزهراء عنصر غيبي.. أو يقولون: إن السيد فضل الله في وصفه لاعتراض عمر على رسول الله يوم الحديبية، بوعي الصحابة، أن هناك وعي كامل وهناك وعي ناقص، وقد يكون السيد فضل الله يقصد هذا الجانب لأنه يعيش في لبنان، وهناك الكثير من الإخوان السنة الذين يسمعون خطاباته.. ولهذا هو يستخدم هذه الألفاظ، فما هو رأيك سيدي الجليل في هذا الكلام؟؟ أرجو منكم بيان ذلك بشيءٍ من التفصيل ودمتم سالمين.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فأولاً: إن المطلوب من غير المتخصص هو: أن يرجع إلى أهل الاختصاص ليستعلم منهم ما يجب عليه عمله في مورد جهله وعلمهم، ومراجع الأمة، وعلماؤها هم المرجع في قضايا الدين والشريعة، لكل جاهل بقضايا الدين وأحكامه..
ونحن قد رجعنا إليهم، فوجدنا أنهم قد أصدروا فتاوى في حق هذا الشخص، وحددوا موقعه، وبيَّنوا حقيقة الأمر بالنسبة لأخطائه، فما علينا إلا أن نسلم لهم، ونلتزم بأوامرهم، ونواهيهم، سددهم الله تعالى..
فإذا قال لنا هؤلاء المراجع العظام: لا يجوز تأييد هذا الشخص، ولا الأخذ منه، ولا تقويته، ولا قراءة كتبه، وجب علينا القبول منهم، والعمل بأوامرهم.
وإذا قالوا لنا: يجب عليكم معرفة أخطائه العقائدية، وتعريف وتحذير الناس منها ومنه، وإبعادهم عن التأثر به، والأخذ عنه، فعلينا أن نقوم بما يأمروننا به، لأنهم أهل اختصاص..
ثانياً: إنه يظهر من كلام هؤلاء الناصحين، أنهم يطلبون من الجاهل أن يعمل بتكاليفه الشرعية، حسبما ورد في السؤال.
وهذا كلام مقبول منهم، فليس لهم أن يلومونا إذا قال لنا مراجعنا: إنه يجب عليكم منع الناس من الأخذ بأفكار واعتقادات «زيد» من الناس، فإن هذا يصبح من جملة تكاليفنا الشرعية..
إذ إن التكاليف الشرعية لا تنحصر بما كان من قبيل الصلاة والصيام، ونحو ذلك..
ثالثاً: إن السيد محمد حسين فضل الله، الذي يدافع عنه هؤلاء، لا يرضى بما يقوله هؤلاء، بل هو يقول: إن العلم ليس حكراً على فئة من الناس. ويرى أن اللازم تعريف الناس بالحقائق وعدم ستر أي شيء عنهم، ولأجل ذلك لا يرضى هو إلا بأن ينشر أفكاره في الناس، ويصر على أن يوصلها للقاصي والداني، والكبير والصغير..
فكيف يجوز له هو ذلك، ولا يجوز لنا نحن تعريف الناس بخطئه.. وهو الذي يقول في نشرة بيَّنات العدد الصادر بتاريخ 25/10/1996م. ما يلي:
«إنني أشعر: بأن مسؤولية العالم أن يظهر علمه إذا ظهرت البدع في داخل الواقع الإسلامي وخارجه، وإذا لم يفعل ذلك (فعليه لعنة الله) كما يقول النبي صلى الله عليه وآله، والله تعالى قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنات وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ}([235]).
ويقول: «أنا لا أؤمن بأن الناس عوام يجب أن نبقيهم على جهلهم، إنما يجب أن نثقفهم ليعوا دورهم ومسؤولياتهم في الحياة وأمام الله تعالى..
إني أرى أن من الخطأ إثارة القضايا في المجالس الخاصة وحسب، بل لا بد من أن نثيرها في المجالس العامة بالطريقة التي تحقق للناس توازناً في فهمهم وأفكارهم، حتى يعيشوا ثقافة الإسلام بوعي، وفهم، وتدبر. لأن الله لم يخاطب الخاصة ليحولهم إلى طبقة مغلقة، ولكنه خاطب الناس والمؤمنين جميعاً..
وإذا كان بعض الناس يختلفون معي في الرأي أو في فهم القضايا لأن لهم وجهة نظر أخرى، فليس معنى ذلك أن آرائي التي أطرحها تؤدي إلى نتائج سلبية على مستوى آرائهم. وإذا كان هؤلاء لا يجدون مشكلة في طرح أفكارهم على الناس لأنهم يرون صوابيتها، فما المشكلة في طرح أفكار أخرى يعتقد أصحابها بصوابيتها؟» انتهى كلامه..
رابعاً: إن هؤلاء الناصحين قد قالوا لكم: إن كونكم عواماً، يوجب عليكم الابتعاد عن قراءة كتب ذلك الرجل، وتصيد أخطائه، وعرضها على الناس.. ولكنهم لم يمنعوكم من عرض كلام الشيخ التبريزي، والوحيد الخراساني، والسيد جعفر مرتضى، وغيرهم، على الناس.. ولم يقولوا لكم إن هؤلاء لا يفهمون في أمور العقيدة، ولا يعرفون الخطأ من الصواب..
خامساً: بالنسبة لقولهم لكم: إنكم لا تحصلون على ثواب وأجر من متابعة هذه القضايا، غير دقيق..
إذ إن هؤلاء القائلين ليسوا من المراجع، ولا من العلماء، ولا يعرفون ما يثيب الله عليه وما لا يثيب عليه: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ}..([236]).
فعلى طبق قاعدتهم التي قالوها لكم، لا بد من سؤال العلماء، والمراجع عن هذا الأمر، فإن قالوا لنا: إنه يوجب المثوبة، فكلامهم حجة بالنسبة إلينا نحن العوام، لأنهم سددهم الله، أبصر منا بقضايا الدين، وبالأحكام وبآثار التعرض لامتثالها..
سادساً: إن الذين يقولون لكم هذا الكلام، ليسوا من المراجع، ولا من علماء الأمة الكبار، الذين يُرجع إليهم، فعليهم وعلينا أن نرجع جميعاً إلى علماء الأمة ومراجعها، لنسألهم عن مقصود السيد محمد حسين فضل الله من قوله: إنه لا يوجد عنصر غيبي في الزهراء، وكذلك عن مقصوده بما قاله عن وعي الصحابة في الحديبية..
فإنهم أعرف منا بمعاني الكلام، لأننا نحن عوام، وهم علماء..
ولا يصح لنا أن نسأل السيد محمد حسين فضل الله عن ذلك، لأنه هو المتهم، والمتهم لا يكون حَكَماً..
وكلامه لم يعد ملكاً له، بل أصبح للناس جميعاً، فهم الذين يقرؤون ما يفهم منه، ولا نقبل دعوى أنه يقصد منه غير ذلك..
إذ لو سب إنسان الله ورسوله، فإنك لا تسأله عن مراده، بل تبادر إلى تأديبه حتى لو ادعى أنه يقصد أمراً آخر..
والحاصل: أن علينا نحن العوام أن نرجع إلى العلماء ليدلونا على الصحيح من الخطأ في كلام ذلك الرجل..
وحين سألناهم بيَّنوا لنا: بفتاواهم في حقه، وبالكتب التي ألفوها للرد عليه، أنه مخطئ في أقواله هذه..
وقالوا لنا: إن للسيد فضل الله مئات بل آلاف الأخطاء التي تمس العقيدة والدين، وتوضح مقاصده، وتفصح عن واقع ما يعتقده ويؤمن به..
وعلينا جميعاً ـ نحن وأنتم ـ أن نرجع إليهم، وأن نأخذ منهم، وأن نقبل عنهم لأنهم أهل خبرة واختصاص.. وهم الذين يعرفون إن كان يجوز لنا أن نحذِّر الناس من أفكار هذا الرجل أم لا يجوز..
وقد قالوا لنا: يجب عليكم ذلك، وعلينا وعليكم أن نكون في موقع الطاعة لهم، كما ذكرتم أنتم..
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين..
كلمة أخيرة:
وبعد..
فإنني أرجو أن يجد القارئ الكريم في هذا الكتاب جواباً عن بعض الأسئلة التي ربما تكون قد جالت في خاطره، أو راودت وتراود فكره بين الحين والآخر.
وربما يكون الاختصار الذي هو سمة هذا الكتاب لا يرضي طموحه، ولا يتلاءم مع تطلعاته.. ولكن عذرنا في ذلك هو: أن هذا هو ما تفرضه طبيعة الأمور في حالات كهذه.. ولولا ذلك، فإن من الواضح: أن ثمة أسئلة تحتاج الإجابة المقنعة والمرضية عنها إلى المزيد من التتبع للنصوص، وإلى الاستقصاء للأدلة والشواهد، وإلى طرح مسائل، وتمهيد مقدمات تساعد على إعطاء الانطباع الصحيح، وتجلية الحق، وظهوره، وإبعاد الشوائب، وإزاحة الشبهات عنه.
وعلى كل حال، فإنه إذا كان لنا من رجاء، فهو أن يتحفنا القارئ الكريم بأية ملاحظة تراود خاطره، وأن لا يبخل علينا بما يراه تصويباً ودلالة، فإننا لا ندعي العصمة لأنفسنا. فما أكثر ما نقع في الخطأ والزلل. وما أشد حاجتنا للتوفيق والتسديد والرعاية.. وإن لدعاء الصالحين أكبر الأثر في ذلك..
ولذلك فإن لنا أملاً وطيداً بالقارئ الكريم بأن لا ينسانا من صالح أدعيته، له علينا المنة وله منا جزيل الشكر والتقدير.
نسأل الله سبحانه أن يسبغ علينا جميعاً نعمه، ظاهرة وباطنة، وأن يشملنا بعين رعايته، وأن لا يحرمنا من فيوضه وألطافه.. إنه ولي قدير.
والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله الطاهرين.

  • آخر تحديث: 2005-11-10 00:39
  • الكاتب: l

    إعداد نسخة للطبع إبلاغ صديق