صفحة : 125-150  

الفصل الرابع

الإسلام لا يملك وسيلة بيان..

العمل بالرأي

 

عودة إلى نماذج من مناهجه على النحو التالي:

70 ـ الإسلام يعاني من مشكلة.

71 ـ الإسلام لا يملك وسيلة بيان قاطعة ويقينية.

72 ـ الكلمة والفعل لا تملك روحاً مطلقة تحميها من الاحتمال الآخر.

73 ـ اختلاف المسلمين بدأ من زمن النبي.

74 ـ اختلاف المسلمين من زمنه «صلى الله عليه وآله» هو بسبب الاحتمالات في الكلام النبوي وفي الأفعال النبوية.

75 ـ المختلفون لم يكونوا جميعاً قادرين على لقاء النبي فبقيت خلافاتهم تأخذ طابع الإسلام.

76 ـ الاجتهاد بالرأي موجود في زمنه «صلى الله عليه وآله».

77 ـ النبي ـ إذا صحت الأحاديث ـ أمرهم بالعمل بآرائهم حيث لا نص.

78 ـ الأحزاب جعلت الخلافة قضية مركزية.

79 ـ المختلفون على الخلافة متواصلون ـ والأحزاب جعلوا الخلافة سبب انقسام.

يقول البعض، وهو يتحدث عن هوية الحوار الإسلامي ـ الإسلامي:

«وهكذا كان الإسلام الواحد يهيىء للأمة الواحدة أن تلتقي على كل مفاهيمه، لتلتقي من خلال هذه المفاهيم على كل مواقع حياتها، لكن مشكلة الإسلام كمشكلة أي فكر آخر، سواء كانت دينية أو غير دينية، أنه لا يملك أن يدخل إلى أفكار الناس بطريقة غيبية، وإنما يدخل من خلال الكلمة ومن خلال الفعل.

ومن الطبيعي: أن الكلمة لا تملك روحاً مطلقة تحميها من الاحتمال الآخر، وهكذا الفعل لا يملك أيضاً انفتاحاً لما يختزنه، ما يجعل الاحتمالات كثيرة في تفسير طبيعته وخلفياته..

لذلك اختلف المسلمون في زمن النبي «صلى الله عليه وآله»، ولم يكن كل المسلمين قادرين على لقاء النبي «صلى الله عليه وآله»، لذا بقيت كثير من الخلافات تتحرك في وعي هؤلاء وأولئك على أنها الإسلام. ونحن نعرف أن الاجتهادات بالرأي كانت موجودة، خاصة إذا صحت الأحاديث التي تقول بأن بعض الناس ممن أرسلهم النبي ليقضوا في بعض المناطق، قد قال لهم ما مفاده أنه إذا لم يجد أحدكم شيئاً في كتاب الله وسنة رسوله ـ مما يعرض عليكم ـ فإنه يعمل باجتهاد رايه. إنها وجهة نظر على أي حال.

ثم جاءت الأحزاب بعد النبي «صلى الله عليه وآله»، لتجعل من قضية الخلافة قضية مركزية استطاعت أن تمثل حداً فاصلاً يفصل المسلمين عن بعضهم البعض. ربما لم يتحقق هذا الانفصال في عهد الخلافة، إذ نجد تواصلاً من الذين اختلفوا حول قضية الخلافة»([1]).

وقفة قصيرة:

ونقول:

إن ما ورد في هذه الأسطر اليسيرة من مقولات يحتم علينا الوقوف ـ ولو للتنبيه والتحذير ـ عند النقاط التالية:

1 ـ هل يصح لأحد أن يقول: إن الإسلام يعاني من مشكلة أنه لا يملك الدخول إلى أفكار الناس بطريقة غيبية. بل من خلال الكلمة والفعل الخ؟!

ألا يوحي ذلك:

ألف: أن في الإسلام خللاً أو نقصاً في قدراته وفي وسائله وهو عاجز عن سدّ هذا العجز؟!

ب: أن الوسائل التي اعتمدها الإسلام لم تستطع أن تقوم بالمهمة التي أوكلت إليها على أتم وجه، بسبب ما تعاني منه من عجز ووهن؟!

ج: أن القول: إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد جاءهم بها بيضاء نقية، وأن الكتاب يهدي إلى الرشد.. وأنه مبين، وأن الحجة تامة على الخلائق. وأن لله الحجة البالغة.. وأنه: ]قد تبين الرشد من الغي..[ ووو الخ.. ـ إن ذلك كله ـ يصبح بلا معنى، وبلا فائدة؟!

بل يكون مجرد شعارات رنّانة خالية من الصدقية!! باعتبار ان الإسلام لا يزال يعاني من مشكلة!! أعاذنا الله من الزلل في القول، وفي الفكر، وفي العمل.

2 ـ ما ادعاه من أن الكلمة لا تحمل روحاً مطلقة تحميها من الاحتمال الآخر.. لا مجال لقبوله.. فإن ذلك إنما هو في بعض الموارد، فهو الإستثناء وليس هو القاعدة.. ولولا ذلك لانهارت حياة الناس، واختلط الحابل بالنابل، ولم يعد لهم ما يحل مشاكلهم على صعيد الخطاب الذي يدخل في صميم حياتهم، وعليه تدور أمور معاشهم ومعادهم. وبه وعلى أساسه يكون الأخذ والعطاء، والفصل في القضاء.

والخلاصة:

إنه لا ريب في وجود ما هو قطعي الدلالة في اللغة العربية، ووجود ما هو ظاهر في دلالته، فلا يضر وجود الاحتمال الضعيف الذي لا يلتفت إليه العقلاء ولا يقدح في حجية ظاهره وفي الإلزام ولزوم الالتزام به.

وإذا كانت بعض الكلمات أو التعابير القليلة لا تأبى احتمالات أخرى في معناها فإن بالإمكان تجنبها والتزام غيرها مما لا يعاني من هذه المشكلة، إلا إذا أريد للكلام أن يكون على درجة من الابهام والإجمال لأكثر من سبب.

ومهما يكن الحال، فإن ثمة نظاماً عاماً يلتزمه الناس في مجال الخطاب في مختلف جهات حياتهم، وإنما يعتنى بالاحتمالات، وتقبل في دائرة التداول ما دامت خاضعة لهذا النظام العام، فإذا تجاوزت حدوده وخطوطه سقطت وأهملت، واستبعدت من دائرة الاهتمام والتداول. ولولا ذلك، لانسد باب المعرفة على الناس، ولم تقم عليهم حجة، وكان اعتبار فعل المعصوم وقوله وتقريره حجة ودليلاً على الأحكام والحقائق الدينية بلا معنى ولا فائدة.

3 ـ إن وجود احتمالات متعددة للكلام أو للفعل يحتم أن يبقى الناس في دائرة تلك الاحتمالات.. ولا يجوز لهم أن يتعدوها إلى آراء أخرى يخترعونها من عند أنفسهم..

4 ـ قوله: «إن الإسلام لا يملك الدخول إلى أفكار الناس بطريقة غيبية».

غير مقبول أيضاً، فإن الإسلام يقول:

ليس العلم بالتعلم، إنما هو نور يقع في قلب من يريد الله تبارك وتعالى أن يهديه([2]).

وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ([3]).

ويقول الله سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ([4]).

فالهداية بالإيمان وزيادة الهدى، من قبل الله سبحانه ـ كسائر التوفيقات والتسديدات الإلهية ـ إنما هما عمل غيبي، وتصرف إلهي.

وعن الإمام الباقر «عليه السلام»: «من عمل بما يعلم علمه الله ما لم يعلم»([5]).

ولكن شرط أن تتوفر النية الصادقة لقبول هذا الإيمان، وعدم المقاومة له بتمحل المعاذير.

5 ـ على أن التعليم لا ينحصر بالكلمة وبالفعل الذي ترد فيه الاحتمالات. بل إن اجتراح المعجزات القاطعة الدلالة هو الآخر ينتهي بالناس إلى العلم، ويضطرهم إليه، بحيث تصبح حجتهم داحضة. ولا يجدون ثمة أي مهرب.

6 ـ على أن هناك هداية فطرية كالهداية للتوحيد، ولكثير من الأمور التي تدركها الفطرة، وهداية تكوينية وهداية عقلية.. فلا تنحصر سبل الهداية بالقول وبالفعل..

7 ـ قد جعل هذا البعض اختلاف المسلمين في زمن النبي ناشئاً عن أن الكلمة والفعل لا تملك روحاً مطلقة تحميها من الاحتمال الآخر..

فهل يريد بذلك أن يعذر الذين اغتصبوا الخلافة من أمير المؤمنين، واعتدوا على مقام سيدة النساء؟! وضربوها وأخذوا فدكاً.. وما إلى ذلك؟!

باعتبار أن الكلام الذي ألقي إليهم، قرآناً كان أو توجيهاً نبوياً، لا يملك روحاً مطلقة تحميه من الاحتمال الآخر!!

8 ـ ولنا أن نلزم هذا البعض بما ألزم به نفسه، فهل يقبل بأن نقول له: إن كلامه وفعله لا يملك روحاً مطلقة تحميه من الاحتمالات الأخرى. فكلامه يحتمل أن يكون دائماً كلام تضليل، وفعله يحتمل دائماً أن تكون له طبيعة سيئة، وخلفيات شائنة؟!

ولماذا إذن يقيم الدنيا ثم لا يقعدها على منتقدي مقولاته التي هي صريحة في خلاف الحق؟! ولماذا يتهمهم بالعقدة تارة، وبالتغفيل أخرى، وبالوقوع تحت تأثير المخابرات ثالثة، وبعدم الدين والتقوى رابعة وما إلى ذلك؟!

9 ـ على أن هذا الكلام يستبطن أن لا يبقى هناك حق يعرف أو يؤخذ به من أحد من الناس.. كما أنه لا يبقى معنى لتشريع العقوبات ولا لوضع المثوبات. وأن كل ما يقال أو يفعل ترد فيه الاحتمالات المثبتة والنافية، وتدخله الشبهات، فلا مجال للإحتجاج به، أو له أو عليه..

ولم يكن أيضاً معنى للجهاد، لعدم إمكان قطع العذر، وإقامة الحجة. ولا معنى للحد والقصاص، لأن الحدود تدرأ بالشبهات لأن كل دليل يستدل به على تشريع شيء لا يملك روحاً تحميه من الاحتمال الآخر.

10 ـ وإذا أنجر الكلام إلى هذا الحد، فإنه لا حرج إذا قيل: إن هذا معناه: أن تنتفي الفائدة من بعثة الأنبياء والرسل، ومن تشريع الشرائع والأحكام.. ما دام أنه ليس ثمة من سبيل لنيلها، ولا وسيلة للوصول إليها!!!

11 ـ ثم ما معنى قوله: «لم يكن كل المسلمين قادرين على لقاء النبي «صلى الله عليه وآله»، فبقيت الخلافات تتحرك في وعي هؤلاء وأولئك على أنها الإسلام»؟!

هل يريد أن يقول: إن الذين اختلفوا لم يروا رسول الله «صلى الله عليه وآله» ليسمعوا منه ما يزيل خلافاتهم؟!

إذا كان هذا هو المقصود، فإننا نقول له:

إن الاختلاف في معظمه لم يكن بين من لم يكونوا قادرين على رؤية الرسول.. بل كان في معظمه بين من رأوا الرسول «صلى الله عليه وآله» وعاشوا معه، وسمعوا أقواله وكانوا قادرين على الرجوع إليه فيما شجر بينهم.

12 ـ وحتى لو رجعوا إلى الرسول، فإنه ـ على حسب قول هذا البعض ـ لن يكون «صلى الله عليه وآله» قادراً على حسم مادة النزاع، لأن كل كلام سيقوله لهم لا يملك روحاً مطلقة، تحميه من الاحتمال الآخر. وكذلك الحال بالنسبة لما يمارسه من فعل توجيهي وتعليمي. وسيبقى الحرج في أنفسهم مما يقضيه، ولا يبقى معنى ولا مجال لتحقيق مضمون قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ([6])..

13 ـ إن هذا البعض يدعي: أنه يعرف: «أن الإجتهادات بالرأي كانت موجودة خاصة إذا صحت الأحاديث التي تقول: إن النبي أجاز لقضاة المناطق العمل بالرأي..».

ومن الواضح:

ألف: أن وجود الاجتهاد بالرأي في زمن الرسول لا يعني أن الرسول قد أمضاه وقبل به.. بل هو والأئمة من أهل بيته الطاهرين ما زالوا يقبحون العمل بالرأي وينهون عنه، ويعلنون رفضهم له ويخبرون الناس: بأن دين الله لا يصاب بالعقول، ويعلمونهم بالعقوبات القاسية التي أعدها الله لمن يفعل ذلك.

ونذكر من هذه النصوص الرواية التالية:

محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله «عليه السلام»: ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله، ولا سنة نبيه؛ فننظر فيها؟!

فقال: لا، أما إنك إن أصبت لم تؤجر، وإن أخطأت كذبت على الله عز وجل([7]).

ب: لو صح ما ذكره هذا البعض لم تتحقق بدعة أصلاً.. لأن بإمكان كل أحد أن ينتج رأياً يخالف فيه حكم الله بحجة: أنه لا يستطيع أن يرى النبي، وحتى لو رآه، فإن ما يقوله وما يفعله «صلى الله عليه وآله» لا يملك روحاً مطلقة، تحميه من الاحتمال الآخر..

وقد روي عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قوله: «إذا ظهرت البدع في أمتي، فليُظهر العالم علمه، فمن لم يفعل فعليه لعنة الله»([8]).

وعنه «صلى الله عليه وآله»: من أتى ذا بدعة فعظمه، فإنما يسعى في هدم الإسلام([9]).

وعنه «صلى الله عليه وآله»: «أبى الله لصاحب البدعة بالتوبة.

قيل: يا رسول الله، وكيف ذلك؟!

قال: إنه قد أشرب قلبه حبها»([10]).

وروى الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب عن معاوية بن وهب، قال: سمعت أبا عبد الله «عليه السلام» يقول:

قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «إن عند كل بدعة تكون من بعدي، يُكاد بها الإيمان، ولياً من أهل بيتي، موكلاً به، يذب عنه، ينطق بإلهام من الله، ويعلن الحق وينوّره، ويرد كيد الكائدين، يعبر عن الضعفاء، فاعتبروا يا أولي الأبصار، وتوكلوا على الله»([11]).

وعن يونس بن عبد الرحمان عن أبي الحسن الأول: «يا يونس لا تكونن مبتدعاً، من نظر برأيه هلك، ومن ترك أهل بيت نبيه «صلى الله عليه وآله» ضل، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر»([12]).

وعن أبي جعفر «عليه السلام»: من أفتى الناس برأيه فقد دان الله بما لا يعلم، ومن دان الله بما لا يعلم فقد ضادّ الله، حيث أحلَّ وحرّم فيما لا يعلم([13]).

وعن محمد بن يحيى، عن بعض أصحابه: وعلي بن إبراهيم [عن أبيه] عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله «عليه السلام»: وعلي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب رفعه، عن أمير المؤمنين «عليه السلام» أنه قال:

«إنّ من أبغض الخلق إلى الله عز وجل لرجلين: رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل، مشغوف([14]) بكلام بدعة، قد لهج بالصوم والصلاة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدي([15]) من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد موته، حمّال خطايا غيره، رهن بخطيئته.

ورجل قمش جهلاً في جهّال الناس، عان([16]) بأغباش الفتنة، قد سماه أشباه الناس عالماً ولم يغن([17]) فيه يوماً سالماً، بكّر([18]) فاستكثر، ما قلّ منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن([19]) واكتنز من غير طائل([20]) جلس بين الناس قاضياً ضامناً لتخليص ما التبس على غيره، وإن خالف قاضياً سبقه، لم يأمن أن ينقض حكمه من يأتي بعده، كفعله بمن كان قبله، وإن نزلت به إحدى المبهمات المعضلات هيّأ لها حشواً من رأيه، ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في منزل غزل العنكبوت لا يدري أصاب أم أخطأ، لا يحسب العلم في شيء مما أنكر، ولا يرى أن وراء ما بلغ فيه مذهباً، إن قاس شيئاً بشيء لم يكذب نظره وإن أظلم عليه أمر اكتتم به، لما يعلم من جهل نفسه، لكيلا يقال له: لا يعلم، ثم جسر فقضى.

فهو مفتاح عشوات([21])، ركّاب شبهات، خبّاط جهالات، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم ولا يعضّ في العلم بضرس قاطع فيغنم، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم([22]).

تبكي منه المواريث، وتصرخ منه الدماء؛ يستحل بقضائه الفرج الحرام، ويحرّم بقضائه الفرج الحلال، لا ملىءٌ بإصدار ما عليه ورد([23])، ولا هو أهل لما منه فرط، من ادعائه علم الحق»([24]).

14 ـ ثم إن هذا البعض قد أشار إلى:

«الأحاديث التي تقول بأن بعض الناس ممن أرسلهم النبي ليقضوا في بعض المناطق، قد قال لهم ما مفاده: أنه إذا لم يجد أحدكم شيئاً في كتاب الله وسنة رسوله ـ مما يعرض عليكم ـ فإنه يعمل باجتهاد رأيه..».

ونقول:

إنه يشير بكلامه هذا إلى ما يستدل به بعض أهل السنة على تشريع الرأي والقياس، وهو ما رووه عن الحارث بن عمر، بن أخي المغيرة بن شعبة عن ناس من أصحاب معاذ [من أهل حمص]، عن معاذ، قال:

لما بعثه «صلى الله عليه وآله» إلى اليمن، قال كيف تقضي، إذا عرض لك قضاء؟!

قال: أقضي بكتاب الله.

قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟!

قال: فبسنَّة رسوله.

قال: فإن لم تجد في سنّة رسول الله ولا في كتاب الله؟!

قال: أجتهد رأيي ولا آلو.

قال: فضرب رسول الله «صلى الله عليه وآله» صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضاه رسول الله([25]).

وهذه الرواية قد حكم عليها أهل السنة أنفسهم بالضعف وذلك:

ألف: لجهالة الحارث بن عمر، ولأن الرواية لم تبين من هم أصحاب معاذ، ليمكن التأكد من وثاقتهم أو عدمها([26]).

ب: قال أبو محمد: هذا حديث ساقط، لم يروه أحد من غير هذا الطريق، وأول سقوطه: أنه عن قوم مجهولين لم يسموا، فلا حجية في من لا يعرف من هو. وفيه: الحارث بن عمرو، «وهو مجهول لا يعرف من هو، ولم يأت هذا الحديث قط من غير طريقه»([27]).

وقد أورد الجوزجاني هذا الحديث في الموضوعات، وقال: هذا حديث باطل، رواه جماعة عن شعبة. وقد تصفحت هذا الحديث في أسانيد الكبار والصغار، وسألت من لقيته من أهل العلم بالنقل عنه، فلم أجد له طريقاً غير هذا.

إلى أن قال: ومثل هذا الإسناد لا يعتمد عليه في أصل الشريعة([28]).

وقال البخاري عن هذا الحديث: «لا يعرف الحارث إلا بهذا ولا يصح»([29]).

ج: إن هذا الحديث الضعيف لا يقوى على معارضة ما دل على الردع عن إعمال الرأي.

د: قد أشار البعض إلى أن من الممكن أن تصح الأحاديث التي تقول: إن النبي قال لبعض من أرسلهم إلى بعض المناطق أن يعملوا بالرأي.

ونقول له:

إن حديث معاذ الذي ذكرناه هو المعتمد، بل وحتى لو انضم إليه حديث أبي موسى الأشعري، ومعاذ، أو انضم إليه حديث ابن مسعود أيضاً([30]).

فإنه يبقى غير مقبول.. لأن رواته لم تثبت وثاقتهم عند علماء المذهب. بل ثبت ضدها.

بل إننا نطمئن القارىء الكريم إلى أن أهل السنة أنفسهم يصرحون ـ وقد قدمنا بعض تصريحاتهم ـ بإرسال تلكم الأحاديث، وبمجهولية رواتها، وتفرّد هؤلاء المجاهيل بنقلها.

إذن، فلماذا هذا التهويل على الآخرين بوجود أحاديث بصيغة الجمع!! وبأنها يمكن أن تكون صحيحة!! فإنها لا يمكن أن تكون كذلك عند السنة أنفسهم، فكيف تصح عند الشيعة..

هـ: قال ابن ماجة: حدثنا الحسن بن حماد، سجّادة، حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، عن محمد بن سعيد بن حسان، عن عبادة بن نسيّ، عن عبد الرحمن بن غنم، حدثنا معاذ بن جبل، قال: لما بعثني رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى اليمن قال: لا تقضين ولا تفصلن إلا بما تعلم، وإن أشكل عليك أمر، فقف حتى تبينه، أو تكتب إليّ فيه([31]).

قال في هامش عون المعبود: «وهذا أجود إسناداً من الأول، ولا ذكر فيه للرأي»([32]).

و: إن من الواضح: أن الله سبحانه، قد أكمل الدين وأتم النعمة، ورضي لنا الإسلام ديناً بولاية علي «عليه السلام».. وكان كمال هذا الدين بحيث إن الإمام الصادق «عليه السلام» يقول: إن عندنا الجامعة، وما يدريهم ما الجامعة؟!

قال: قلت (أي الراوي): جعلت فداك، وما الجامعة؟!

قال: صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله «صلى الله عليه وآله» وإملائه، من فلق فيه، وخط علي «عليه السلام» بيمينه، فيها حلال وحرام، وكل شيء يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش. وضرب بيده إليّ، فقال: تأذن لي يا أبا محمد؟!

قال: قلت: جعلت فداك، إنما أنا لك، فاصنع ما شئت.

قال: فغمزني بيده، وقال: حتى أرش هذا([33]).

وفي حديث آخر عن الإمام الصادق «عليه السلام» حول الجفر الأبيض، قال «عليه السلام»: «فيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد، حتى فيه الجلدة، ونصف الجلدة، وربع الجلدة، وأرش الخدش»([34]).

وعن أبي عبد الله «عليه السلام» حول الجامعة: «..فيها كل ما يحتاج الناس إليه، وليس من قضية إلا وهي فيها»([35]).

وفي نص آخر عنه «عليه السلام»: «إن عندنا كتاباً أملاه رسول الله «صلى الله عليه وآله» وخط علي «عليه السلام» صحيفة فيها كل حلال وحرام إلخ..»([36]).

وفي نص آخر يقول عن كتاب علي «عليه السلام»: «..ما على الأرض شيء يحتاجون إليه إلا وهو فيه حتى أرش الخدش»([37]).

وعن الإمام الرضا «عليه السلام» حول علامات الإمام قال «عليه السلام»: «يكون عنده الجفر الأكبر والأصغر [و] إهاب ماعز وإهاب كبش، فيهما جميع العلوم، حتى أرش الخدش، وحتى الجلدة، ونصف الجلدة، وثلث الجلدة»([38]).

15 ـ قوله: «إن سبب بقاء الاختلاف بين المسلمين هو عدم قدرة كثير منهم على لقاء رسول الله «صلى الله عليه وآله»..».

غير صحيح، فإن بعضهم قد خالف رسول الله «صلى الله عليه وآله» نفسه، وتنازعوا عنده، ومعه وقالوا: إن النبي ليهجر، ومنعوه من أن يكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده..

ونقول أيضاً:

ألف: إن قول رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «إيتوني بكتف ودواة أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً» يوضح: أن تلك الكتابة وذلك الفعل سوف يملك روحاً مطلقة تحميه من جميع الاحتمالات الأخرى.. ولولا ذلك لم يصح قوله «صلى الله عليه وآله»: «لن تضلوا بعده أبداً».

ب: إن الأحاديث التي يراد الإيحاء بصحتها هي تلك التي رواها أتباع غير أهل البيت «عليهم السلام» والتزموا بها. وهي لا تمت إلى أهل البيت ولا إلى شيعتهم بأية صلة. بل المروي عن أهل البيت مناقض لها، فقد روي عنهم «عليهم السلام»:

القضاة أربعة: ثلاثة في النار، وواحد في الجنة:

رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار.

ورجل قضى بجور وهو لا يعلم، فهو في النار.

ورجل قضى بحق وهو لا يعلم فهو في النار.

ورجل قضى بحق وهو يعلم، فهو في الجنة([39]).

فأئمتنا «عليهم السلام» يقولون: إن من قضى بالحق، وهو لا يعلم فهو في النار.. فهل يصح أن يقول هذا البعض: «إن النبي صرح لهم بأن يعملوا باجتهاد آرائهم».. إذا لم يعلموا؟!

وإذا قال هذا البعض: إن حكم الله تابع لآراء المجتهدين، وإن تباينت تلك الآراء واختلفت. فإذا لم يكن في كتاب الله وسنة رسوله كانت آراء الناس هي الحق المعلوم.. وإن الرواية السابقة ناظرة لموافقة أو مخالفة الحق الموجود في كتاب الله وسنة رسوله فقط، دون ما لم يكن وارداً فيهما.

فإن الجواب لهذا البعض هو:

ألف: إن هذا الكلام يستبطن التصويب في اجتهاد الآراء. والتصويب باطل بلا ريب.

ب: روي عن أمير المؤمنين «عليه السلام» قوله:

«ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام، فيحكم فيها برأيه، ثم يرد تلك القضية بعينها على غيره، فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم، فيصوّب آراءهم جميعاً وإلِههم واحد! ونبيهم واحد! وكتابهم واحد!.

أفأمرهم الله سبحانه بالاختلاف فأطاعوه! أم نهاهم عنه فعصوه! أم أنزل الله سبحانه ديناً ناقصاً فاستعان بهم على إتمامه»!([40]).

وروي عن عمر بن أذينة، وكان من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد «عليه السلام» أنه قال: دخلت يوماً على عبد الرحمن بن أبي ليلى بالكوفة، وهو قاض، فقلت: أردت أصلحك الله أن أسألك عن مسائل وكنت حديث السن.

فقال: سل يا ابن أخي عما شئت.

فقلت: أخبرني عنكم معاشر القضاة ترد عليكم القضية في المال والفرج والدم فتقضي أنت فيها برأيك، ثم ترد تلك القضية بعينها على قاضي مكة فيقضي فيها بخلاف قضيتك، وترد على قاضي البصرة وقضاة اليمن وقاضي المدينة فيقضون بخلاف ذلك، ثم تجتمعون عند خليفتكم الذي استقضاكم فتخبرونه باختلاف قضاياكم فيصوّب قول كل واحد منكم، وإلهكم واحد ونبيكم واحد ودينكم واحد، أفأمركم الله عز وجل بالاختلاف فأطعتموه؟! أم نهاكم عنه فعصيتموه؟! أم كنتم شركاء الله في حكمه فلكم أن تقولوا وعليه أن يرضى؟! أم أنزل الله ديناً ناقصاً فاستعان بكم على إتمامه؟! أم أنزله الله تاماً فقصّر رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن أدائه؟! أم ماذا تقولون؟!

فقال: من أين أنت يا فتى؟!

قلت: من أهل البصرة.

قال: من أيها؟!

قلت: من عبد القيس.

قال: من أيهم؟!

قلت: من بني أذينة.

قال: ما قرابتك من عبد الرحمن بن أذينة؟!

قلت: هو جدي.

فرحب بي وقربني وقال: أي فتى لقد سألت فغلظت، وانهمكت فعوّصت. وسأخبرك إن شاء الله.

أما قولك في اختلاف القضايا، فإنه ما ورد علينا من أمر القضايا مما له في كتاب الله أصل وفي سنة نبيه فليس لنا أن نعدو الكتاب والسنة، وما ورد علينا ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله فإنّا نأخذ فيه برأينا.

قلت: ما صنعت شيئاً لأن الله عز وجل يقول: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ([41])، وقال فيه: ﴿تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ([42])»([43])..

وبديهي: أنه إذا لم يستطع الناس أن يكتشفوا الحق بأنفسهم، فعليهم أن يرجعوا إلى العالمين به، الذين يتيقنون تأويله.. وهم أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة.

16 ـ إنه يقول: «إن الأحزاب بعد النبي «صلى الله عليه وآله» هي التي جعلت قضية الخلافة قضية مركزية، وحداً فاصلاً فصل المسلمين عن بعضهم البعض..».

ونقول:

من الواضح: أن جعل قضية الخلافة قضية مركزية إنما كان من قبل الله عز وجل ورسوله «صلى الله عليه وآله»..

والأحاديث المتواترة عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» خير شاهد على ما نقول. وقد صرحت بذلك الآيات أيضاً. ومنها قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ([44]).

حيث اعتبر أن عدم إبلاغ أمر الإمامة والقيادة من بعده، يوازي عدم إبلاغ الرسالة نفسها من الأساس.. وليلاحظ قوله أخيراً: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ الذي جاء ليؤكد على أن من يقف في الموقع المناهض لهذا الأمر، فإنه يصبح في معسكر الكفر. ولا يكون في دائرة الإسلام، فضلاً عن الإيمان..

ونذكر من الأحاديث التي أكدت على محورية أمر الإمامة والولاية في الإسلام والإيمان ـ وهي أحاديث متنوعة، وكثيرة جداً ـ الحديث التالي:

محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر «عليه السلام» يقول:

«كل من دان الله بعبادة يجهد فيها نفسه، ولا إمام له من الله، فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير، والله شانىء لأعماله..

إلى أن قال: «وكذلك ـ والله ـ يا محمد، من أصبح من هذه الأمة، لا إمام له من الله جل وعز ظاهراً عادلاً أصبح ضالاً تائهاً، وإن مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق.

واعلم يا محمد، أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله، وقد ضلوا وأضلوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون مما كسبوا على شيء، ذلك هو الضلال البعيد»([45]).

17 ـ إنه يفهم من كلام هذا البعض:

«أن قضية الخلافة هي التي تفصل المسلمين عن بعضهم البعض».

وقد اعتبر: «أن هذا الانفصال لم يكن في عهد الخلافة، بل كان هناك تواصل من الذين اختلفوا حول قضية الخلافة..».

ونقول:

ألف: إنه لا شك في أن كل ما يختلف فيه الناس لا يمكن أن يكون جميع الفرقاء محقين فيه، فلا شك ـ والحالة هذه ـ من وجود مبطل في البين، وإذا كان الطرف الآخر ملتزماً بالحق، فلا بد من وقوع الفصل والانفصال بين الحق والباطل والمحق والمبطل.. وقد تحدث الله سبحانه في كتابه الكريم عن هذا التمايز والإنفصال ـ ربما في عشرات الآيات ـ كقوله تعالى: ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ([46]).

وقوله: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ([47]).

وقوله تعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ([48]).

وقال: ﴿لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ([49]).

وقال: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ([50]).

وقال: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ([51]).

وقال: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ([52]).

وغيره كثير وكثير جداً.

ب: إنه قد نسب إلى الأحزاب أنهم هم الذين جعلوا قضية الخلافة قضية مركزية، فهل يقصد بالأحزاب: الشيعة؟! أم السنة؟! أم هما معاً؟!

إننا نرجح أنه يقصد الشيعة، أو أنهم في جملة من يقصد، ولكن:

هل الشيعة، أتباع أهل البيت حزب بنظره؟! فإذا كانوا كذلك عنده، فإنهم ليسوا كذلك في واقع الأمر بل هم الصفوة المؤمنة، والملتزمة بما جاء به الرسول الكريم «صلى الله عليه وآله» وهم الذين يحملون دين الإسلام الصحيح، وهم المحقون، المدفوعون عن حقهم؟!

وهل تصح مساواة من يصرّ على الالتزام بالحق بمن يصرّ على مجانبة الحق، ومحاولة منع أهله من الالتزام به؟!

ج: إن ما يقوله الشيعة في أمر الخلافة لا يختلف عما يقوله أئمتهم «عليهم السلام» ونبيهم «صلى الله عليه وآله» فيها. فإذا كان ذلك يجعل الشيعة حزباً، فإنه يجعل أئمتهم «عليهم السلام»، ونبيهم الأكرم «صلى الله عليه وآله» حزباً..

وليسمح لنا هذا البعض بأن نوجه إليه سؤالاً واحداً هنا: هل هو راض عن هذا الحزب أم ساخط عليه؟!

إننا نرجح أن يجيبنا: بأنه ساخط عليه، وماقت له، لأن الأحزاب ـ بنظره ـ هي السبب في فصل المسلمين عن بعضهم البعض.

هـ: ما معنى تواصل الذين اختلفوا على الخلافة؟! هل معناه: أنهم قد اعترفوا لبعضهم البعض بخطئهم فيما يعتقدونه. وأنهم قد تخلوا عن التمسك بالحق لصالح الباطل، أو عن الباطل لصالح الحق؟!

أم أن معناه: أنهم لم يواجهوا العنف بالعنف، واهتموا بحفظ بيضة الإسلام، كما صرح به أمير المؤمنين «صلوات الله وسلامه عليه»؟!

وهل تجد أن موقف الشيعة اليوم يختلف عن موقف إمامهم الأول علي بن أبي طالب «عليه السلام»؟!

فهل تجدهم قد حاربوا أحداً ليرغموه على الاعتقاد بإمامة علي «عليه السلام»؟!

أم تجدهم يدفعون بالتي هي أحسن ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً؟! وأنهم ما زالوا مسالمين ومسلمين ما سلمت أمور المسلمين؟!

وأن غاية ما يقومون به هو بيان الحق لمن يريد الحق.. وليس ثمة أكثر من ذلك..


([1]) بينات عدد 199 بتاريخ 22 جمادى الثانية 1421هـ ـ الموافق 22 أيلول 2000م.

([2]) بحار الأنوار ج1 ص225.

([3]) الآية 9 من سورة يونس.

([4]) الآية 17 من سورة محمد.

([5]) البحار ج75 ص189.

([6]) الآية 65 من سورة النساء.

([7]) الكافي ج1 ص56.

([8]) الكافي ج1 ص54.

([9]) الكافي ج1 ص54.

([10]) الكافي ج1 ص54.

([11]) الكافي ج1 ص54.

([12]) الكافي ج1 ص56.

([13]) الكافي ج1 ص58.

([14]) في بعض النسخ بالغين المعجمة وفي بعضها بالمهملة وبهما قرىء قوله تعالى: (قد شغفها حباً) وعلى الأول معناه: دخل حب كلام البدعة شعاف قلبه أي حجابه وقيل سويداءه، وعلى الثاني غلبه حبه وأحرقه فإن الشغف بالمهملة شدة الحب وإحراقة القلب (آت).

([15]) بفتح الهاء وسكون المهملة أي السيرة والطريقة.

([16]) كذا في أكثر النسخ من قولهم عنى فيهم أسيراً أي أقام فيهم على اسارة واحتبس وعند غيره حبسه والعاني: الأسير، أو من عنى بالكسر بمعنى تعب، أو من عنى به فهو عان أي اهتم به واشتغل. وفي بعض النسخ بالغين المعجمة من الغنى بالمكان كرضي أي أقام به، أو من غنى بالكسر أيضاً بمعنى عاش. والغبش بالتحريك ظلمة آخر الليل (آت).

([17]) أي لم يلبث يوماً تاماً.

([18]) أي خرج للطلب بكرة وهي كناية عن شدة طلبه واهتمامه في كل يوم أو في أول العمر إلى جمع الشبهات والآراء الباطلة.

([19]) أي شرب حتى ارتوى، والآجن: الماء المتغير المتعفن.

([20]) أي عدّ ما جمعه كنزاً وهو غير طائل. أي ما لا نفع فيه.

([21]) العشوة: الظلمة أي يفتح على الناس ظلمات الشبهات؛ والخبط المشي على غير استواء.

([22]) أي كما أن الريح في حمل الهشيم وتبديده لا تبالي بتمزيقه واختلال نسقه كذلك هذا الجاهل يفعل بالروايات ما تفعل الريح بالهشيم؛ والهشيم ما يبس من النبت وتفتت.

([23]) المليىء بالهمزة: الثقة والغنى، والاصدار الارجاع.

([24]) الكافي ج1 ص58 ـ 59 وبحار الأنوار ج101 ص266 و 267 ونهج البلاغة ج1 الخطبة رقم 17 ومصادر نهج البلاغة عن: غريب الحديث لابن قتيبة وعن قوت القلوب ج1 ص290 وأمالي الطوسي ج1 ص240 وعن الاحتجاج ج1 ص390 وعن الإرشاد للمفيد ص109 وغيرهم.

([25]) إرشاد الفحول ص202 عن أحمد، وأبي داود، والترمذي وغيرهم، والسنن الكبرى ج10 ص114 والإحكام في أصول الأحكام ج7 ص111 وج6 ص26 لابن حزم وأعلام الموقعين ج1 ص202 وسنن أبي داود ج3 ص330 والأحكام السلطانية ص85 والبرهان في أصول الفقه ج2 ص772 و 1186 و 1356 والإحكام في أصول الاحكام للآمدي ج4 ص123 و 280 ونصب الراية ج4 ص63 وسنن أبي داود ج2 ص303 والجامع الصحيح ج3 ص616.

([26]) عون المعبود ج9 ص510.

([27]) الإحكام في أصول الأحكام ج7 ص112 وراجع ج6 ص35.

([28]) عون المعبود ج9 ص510.

([29]) الإحكام في أصول الأحكام ج7 ص112 وج6 ص35 ونصب الراية ج4 ص63 وعون المعبود ج9 ص510 و 511.

([30]) راجع: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج4 ص29.

([31]) سنن ابن ماجة ج1 ص21 وراجع: أعلام الموقعين ج1 ص202.

([32]) عون المعبود ج9 هامش ص509.

([33]) الكافي ج1 ص239 والوسائل ج29 ص356 وبصائر الدرجات ص151 ـ 152 حديث 3.

([34]) الكافي ج1 ص240 وبصائر الدرجات ص150 و 151 وبحار الأنوار ج26 ص37 و 38.

([35]) الكافي ج1 ص241.

([36]) الكافي ج1 ص242.

([37]) بصائر الدرجات ص147.

([38]) راجع معاني الأخبار ص102 و103 والخصال ج2 ص527 وعيون أخبار الرضا ج1 ص212 و213 والبحار ج25 ص116.

([39]) بحار الأنوار ج75 ص247 وج101 ص263 و264 والكافي ج7 ص407.

([40]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص88 ونهج البلاغة ج1 الخطبة رقم 18 ومطالب السؤل ج1 ص641 والاحتجاج ج1.

([41]) الآية 38 من سورة الأنعام.

([42]) الآية 89 من سورة النحل.

([43]) بحار الأنوار ج101 ص270 ودعائم الإسلام ج1 ص92 و93 ومستدرك الوسائل ج17 ص245. وبصائر الدرجات.

([44]) الآية 67 من سورة المائدة.

([45]) الكافي ج1 ص375.

([46]) الآية 32 من سورة يونس.

([47]) الآيتان 35 و 36 من سورة القلم.

([48]) الآيات 19 ـ 21 من سورة فاطر، وقريب من ذلك الآية 16 من سورة الرعد.

([49]) الآية 20 من سورة الحشر.

([50]) الآية 9 من سورة الزمر.

([51]) الآية 18 من سورة السجدة.

([52]) الآية 34 من سورة فصلت.

 
   
 
 

موقع الميزان