صفحة : 181-202  

الفصل الخامس

  يونس

382 ـ يونس «عليه السلام» ليس لديه الصبر الكافي.

383 ـ الله يؤدِّب نَبِيَّه يونس «عليه السلام».

384 ـ يونس «عليه السلام» تهرَّب من مسؤولياته.

385 ـ الله يعتبر يونس«عليه السلام» هاربا كإباق العبد من سيده.

386 ـ يونس«عليه السلام» يخرج دون أن يتلقى تعليمات من الله.

يتحدث البعض عن تأديب الله ليونس بسبب عدم صبره، بملاحظة حجم يونس، فيقول بلهجة عامية:

«ما كان عنده الصبر الذي تحتاجه المسألة، فتفسير ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ([1]). ليس معناها: أنه ظن أن الله لا يقدر عليه، أن لن نقدر عليه، يعني أن نضيق عليه كأنه في هذا المجال، وما في مانع أن الأنبياء الله سبحانه يتعهدهم بالتربية وبالتأديب في حالة من الحالات، لا سيما إذا كانوا أنبياء في حجم يونس، وأمثال يونس من الأنبياء المحليين الخ..»([2]).

ويتحدث عن هروب يونس «عليه السلام» من مسؤولياته، وإباقه من الله، وأنه عندما لم يستجب له فيها منهم الكثيرون:

«خرج مغاضباً احتجاجاً على ذلك، من دون أن يتلقى أية تعليمات من الله في ذلك منه (اعتقاداً منه)([3]) بأن المسألة لا تحتاج إلى ذلك، فقد قام بدوره كما يجب، ولم يدّخر جهدا في الدعوة إلى الله بكل الأساليب والوسائل، ولم يبق هناك شيء مما يمكن عمله. ولكن الله اعتبرها نوعا من الهروب، فيما يمثله ذلك من معنى الإباق، تماماً كما هو إباق العبد من مولاه»([4]).

ثم هو يقول:

«نستوحي من هذه القصة الخاطفة: أن الله قد يبتلي الدعاة المؤمنين، من عباده ورسله، فيما يمكن أن يكونوا قد قصّروا فيه، أو تهربوا منه من مسؤوليات.

   وأن الداعية قد يضعف أمام حالات الفشل الأولى، أو أوضاع الضغط القاسية، أو مشاكل الظروف الصعبة، كنتيجة لفكرة انفعالية سريعة، أو لشعور حاد غاضب.

   ثم يلطف الله بهم بعد أن يتراجعوا عن ذلك، ويرجعوا إليه، فينجيهم من بلائه، ويحوطهم بنعمائه، ويسبغ عليهم من ألطافه وآلائه، لئلا يتعقد الخطأ، أو الإنفعال في شخصيتهم، لينطلقوا إلى الحياة من روحية الصفاء الروحي، والنقاء الشعوري، من جديد، ليبدؤا الدعوة من حيث انتهوا، ويتابعوا المسيرة بعزم، وقوة، وإخلاص.

ثم نلتقي في أعماق الموقف بالابتهالات الخاشعة الخاضعة لله في روحية الإحساس بالعبودية، التي يشعر المؤمن معها بأن الله يلتقيه في مواقع الإنابة، مهما كانت الخطايا والذنوب، وأن الخطأ لا يتحول إلى عقدة، بل يتحول إلى فرصة للقاء بالله من جديد، في مواقع التوبة الحقيقية الخالصة، التي يبدأ فيها التائب تاريخا جديدا، وصفحة بيضاء من حياته»([5]).

وقفة قصيرة: 

إننا قبل أن نتعرض لشرح الآيات الخاصة بنبي الله يونس «عليه الصلاة والسلام»، نشير إلى أمرين:

   أحدهما: إن ذلك البعض ـ حسبما أسلفنا ـ قد استوحى من قصة يونس «عليه السلام» أمورا ترتبط بما يبتلي الله به الدعاة من عباده ورسله، وذلك يعني: أن ما استوحاه من قصة هذا النبي ظهر له من قصته، وأنه مما ابتلي به هذا النبي نفسه، وذلك يعني أنه يمكن أن ينال جميع الأنبياء الآخرين، كما أنه قد قرر إمكانية ابتلاء الدعاة المؤمنين من عباد الله ورسله، بمثل ما ابتلى الله يونس، فيما يمكن أن يكونوا قد قصّروا فيه، أو تهربوا منه من مسؤوليات.. وها نحن هنا نذكر النقاط التي استوحاها، وهي التالية:

ألف: الدعاة من الرسل قد يقصرون في واجباتهم كدعاة.

ب: الدعاة والرسل قد يتهربون من مسؤولياتهم.

ج: قد يضعفون أمام حالات الفشل الأولى.

د: ضعفهم أمام الفشل قد يجعلهم ينفعلون ويغضبون.

هـ: قد يلطف الله بهم لئلا يتعقدوا من الخطأ، أو الإنفعال.

و: يجب أن لا يتحول خطؤهم إلىعقدة بل إلى فرصة للقاء الله.

ز: توبتهم تكون بفتح صفحة بيضاء جديدة، أو تاريخ جديد.

الثاني: قد ظهر أن هذا البعض يرى: أن تأديب الله لأنبيائه تابع لأحجامهم!! فثمّة أحجام تستدعي التأديب وتبرره، وقد كان يونس «عليه السلام» من هذا النوع بالذات!!

   ولا ندري إذا كان السبب في اتخاذ يونس لهذا الحجم (!!) وهو كونه نبياً محلياً(!!) الأمر الذي يجعله ـ بنظر ذلك البعض ـ غير جامع للكمالات المطلوبة، وليس في المستوى الذي يؤهله لتقدير مسؤولياته، ويمنعه من الهروب منها!!

   ولكن ليت شعري أَيُّ نبي سَلِمَ من نسبة الخطأ في تقدير الأمور إليه، من قبل هذا البعض؟! فقد تقدم: أن موسى «عليه السلام» (وهو من أولي العزم) وأخاه هارون «عليه السلام» قد أخطأا، أو أحدهما في تقدير الأمور.. بل قد جُعِلَ الخطأ قاعدة ـ لدى هذا البعض ـ نالت جميع الأنبياء حتى سيّد المرسلين وأفضل الأنبياء نبيّنا محمد «صلى الله عليه وآله».

تفسير الآيات:

ومهما يكن من أمر، فإننا نشير هنا إلى تفسير الآيات التي تحدثت عن يونس، فنقول:

إن قصة يونس «عليه السلام» من خلال الآيات لا تدل على تلك المقولات التي أطلقها البعض، فقد تحدث الله سبحانه عن يونس «عليه السلام» في أكثر من موضع من كتابه العزيز، ونحن نذكر أولا الآيات التي ذكرت، وهي التالية:

ألف: قال تعالى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ([6]).

   ب: وقال تعالى مخاطباً نبيّه: ﴿..فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ([7]).

   ج: وقال سبحانه: ﴿وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَفَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ([8]).

وهنا نذكرّ القارئ الكريم بنقاط تدل على براءة يونس «عليه السلام» مما ينسب إليه، وهي التالية:

1 ـ كلمة مغاضباً التي تعني حدوث فعل الإغضاب من طرفين، ـ أحدهما يونس «عليه السلام» ـ حيث يريد كل منهما أن يغضب الآخر، ولا يصح القول بأن المغاضبة قد كانت بين يونس «عليه السلام» وبين الله سبحانه، فإن فرض ذلك لا يليق بمؤمن صالح فضلا عن أن تكون قائمة بين الله سبحانه وبين يونس «عليه السلام»، فلم يكن ثمة سعي من يونس «عليه السلام» لإغضاب الله تعالى، ولا إرادة من الله سبحانه لإغضاب يونس «عليهم السلام»، فإذا كان الله سبحانه يقول عن سائر المؤمنين: ﴿رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ([9])، فكيف بالأنبياء الكرام، ومنهم يونس «عليهم السلام»؟!

إن الحقيقة: هي أن المغاضبة كانت بين يونس «عليهم السلام» وبين فريق آخر، والظاهر: أنهم قوم يونس «عليه السلام»، الذين يئس من هدايتهم، وتنحى عنهم بعد أن علم أن العذاب سينزل عليهم. فالتجأ إلى الفلك المشحون بالناس، وكان قومه يطلبونه، ليوصلوا إليه الأذى، لأنهم كانوا يرونه قد أساء إليهم، فاعتبروه فارّاً وآبقاً منهم، وكانوا لا يصدقون بنزول العذاب عليهم.

فلما رأوا علائم العذاب استكانوا إلى الله وخضعوا له، فكشف الله عنهم العذاب، ومتعهم إلى حين. وكان ذلك في غياب يونس «عليه السلام»، ولم يكن يونس «عليه السلام» يعلم بذلك، وتذكر بعض الروايات: أَنَّ جبرئيل «عليه السلام» كان قد استثنى في هلاكهم، ولم يسمعه يونس «عليه السلام»، فإن كان ذلك الإستثناء قد حصل حين الوحي ليونس فلا بد من توجيه الرواية أو طرحها، حتى لا يكون ثمة تقصير من قبل جبرئيل «عليه السلام» في إيصال الوحي، ولا في يونس «عليه السلام» في تلقيه له.

وإن كان ذلك على سبيل الحديث العادي، الذي يجري بين اثنين، فأراد جبرئيل أن يخبر يونس من عند نفسه، لا على سبيل إيصال الوحي الإلهي إليه، فلا مانع من أن يكون جبرئيل «عليه السلام» قد تعمد أن لا يسمع يونس «عليه السلام» هذا الإستثناء إذ لا يضر ذلك في تلقي الوحي، ولا في إلقائه، لأن هذا ليس من الوحي أساساً، ولكننا لانجد مبررا عقلانيا لتصرف كهذا من قبل جبرئيل «عليه السلام». وإن كان حديثه مع الأنبياء في أمور ليست من الوحي الإلهي مما لاشك فيه.

وقد روي أن جبرئيل كان بعد وفاة رسول الله «صلى الله عليه وآله» يأتي إلى فاطمة «عليها السلام» ويحدثها بما يسليها، وكان علي «عليه السلام» يكتب ذلك في مصحف فاطمة«عليها السلام»([10]).

   2 ـ قوله تعالى: ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ([11]). أي: أن نضيق عليه، فالذي يكون آبقا وهاربا من المسؤولية لا يظن أن الله سوف لا يضيق عليه، بل هو يتوقع التضييق، وأن يلاقي جزاء هروبه هذا..

إذن، الفقرة تشير: إلى أنه «عليه السلام» كان واثقا من رضا الله عنه، ولم يكن آبقا منه تعالى، ولا هاربا من مسؤولياته.

   وكلمة ظن هنا بمعنى: عَلِمَ([12])، لكن بما أن العلم هو انكشاف للواقع.. وبما أن المتعلق هنا أمر مستقبلي، فإن المستساغ هو استعمال كلمة ظن بدل علمه مراعاة لهذه الخصوصية، في الظواهر التعبيرية، وحسب.

   3 ـ إن مناداة يونس «عليه السلام» في الظلمات الثلاث، اعني ظلمة الليل، وظلمة أعماق البحار، وظلمة بطن الحوت ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ﴾. تؤكد على حقيقة التوحيد الخالص لدى يونس «عليه السلام» ـ خصوصا في هذا الموقع ـ حيث لم يتعلق بغير الله سبحانه كمنقذ له من ذلك البلاء.. فهو العالم به، وهو القادر دون سواه على إنقاذه.

أما قوله: ﴿إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ([13])، فهو تعبير يشير إلى رسوخ قدم هذا النبي في معرفة الله، فإنه يرى نفسه باستمرار مقصراً عن أداء شكر ربه، وعن قيامه بواجبه تجاهه، وعن عبادته حق عبادته، فكلمة (كنت) قد جاءت مجردة عن الزمان، والمراد بها الحديث عن خصوصية ذاته، كما يقتضيه مقام العبودية.

ويشير إلى ذلك: ما روي من تفسير الإمام الرضا «عليه السلام» له بقوله: إني كنت من الظالمين بتركي مثل هذه العبادة التي أفرغتني لها في بطن الحوت.

وبكلمة موجزة نقول:

لا بد من تنزيه الأنبياء عن ارتكاب الظلم الذي ربما يخطر بالبال حين سماع هذا التعبير، قبل التأمل والتعمق في فهم المراد..

4 ـ إنه لو كان سبحانه هو الذي ابتلى يونس «عليه السلام» بالتقام الحوت ليؤدبه بذلك على ما فرط منه، وعلى إباقه منه، فان المناسب أن يقول فرفعنا عنه العقوبة، لا أن يعبر بكلمة أنجيناه من الغم فان ذلك يشير إلى أن الله سبحانه قد نجاه من بلاء ناله من غير جهة الله سبحانه.

5 ـ إن قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ([14]). كأنه تعليل لإنجائه تعالى ليونس «عليه السلام»، مشيراً بذلك إلى أن إيمان يونس «عليه السلام» هو السبب في هذا التدخل الإلهي، وهذا ما لا يتناسب مع ما يقوله هذا البعض من إباق يونس «عليه السلام» كإباق العبد من سيده، وهروبه من مسؤولياته..

   إذ لو كان الهروب من المسؤولية، لكان الأنسب سوق الحديث باتجاه تأكيد التوبة والإستغفار، لأنه هروب يحتاج إلى ندم وتضرع وتوبة، ثم قبول إلهي لها، فيقول مثلا، وكذلك نرحم التائبين، ونحسن إليهم ونتوب عليهم، بدل أن يقول وكذلك ننجي المؤمنين، الظاهر في أن انجاءه له، إنما كان جائزةً ومكافأةً له على إيمانه..

6 ـ أما آيات سورة القلم، التي تقدمت في أوائل هذه الوقفة، فإنما يراد بها أن يتذرع الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» بالصبر، لينال بذلك مقاما عظيما يفوق مقام يونس «عليه السلام».

فان دعاء يونس «عليه السلام» وهو مكظوم أي مختنق بغيظه، لم يحط من مقام يونس، ولولا أن تداركته نعمة من الله لنبذ من قبل غير الله سبحانه ـ تماماً كما هي سنّة الله في هذه المواقع ـ بالعراء على أقبح صورة ممكنة ولناله أعظم السوء، ولكنه لو تحمّل المزيد لحصل على مقام أسمى مما هو فيه..

فالله يريد لنبيّه أن يتسامى في مدارج القرب ليصل إلى أبعد منازل الكرامة الإلهية، ولا يريد له أن يقف عند هذا الحد، ويرضى بما ناله، وبما وصل إليه، كما كان الحال بالنسبة إلى يونس «عليه السلام»، فالتشبيه إنما هو في هذه الناحية.

فالآيات إذن، ما هي إلّا إرشاد من الله للرسول إلى هذه الخصوصية، التي لا يستلزم تركها تنزلا عن المقام الذي هو فيه، غير أن فعلها له آثاره الكبيرة في نيل أسمى درجات القرب والكرامة.

7 ـ فيونس «عليه السلام» إذن واقع في مأزق، فلحقته نعمة الله فنجا، ولو كان المراد قبول توبته، لكان الأنسب التعبير بالرحمة بدل النعمة.

   وقوله: ﴿وَهُوَ مَذْمُومٌ([15]) لا يراد به الذمّ من قبل الله سبحانه كما ألمحنا إليه.

8 ـ قد ظهر أن الإباق إلى الفلك المشحون، لم يكن إباقا من الله سبحانه، ولا هروبا من المسؤولية، بل هو إباق إليه، من موقع المسؤولية في مواجهة تبعاتها.

9 ـ وقوله تعالى: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ([16]) يشير إلى عدم إباق يونس «عليه السلام» من الله تعالى، لأن من كان كل حياته من المسبحين، حتى استحق بذلك معونة الله له، فإنّه لا يهرب من ربّه، ولا يتمرد عليه.

10 ـ إن معنى أبق العبد: ذهب بلا خوف، ولا كد عمل، أو استخفى، ثم هرب([17])، هذا هو المعنى اللغوي لكلمة أبق، فليس فيه أن هروبه لا بد أن يكون من مولاه، على صفة التمرد، والخروج عن زي العبودية.

نعم.. قد فسّر في الشرع بذلك، فإن الآبق شرعاً: «مملوك فرّ من مولاه، تمرداً أو عناداً لسوء خلقه»([18]).

11 ـ قوله: ﴿وَهُوَ مُلِيمٌ([19]). أي يلوم غيره، لا أنه يلوم نفسه، فإن هذه الكلمة هي اسم فاعل من (ألام) بمعنى (لام)، أو بمعنى (أتى ما لا يستحق اللوم عليه)، وتلك إشارة أخرى تؤكد عدم استحقاق يونس «عليه السلام» لأدنى لوم، ولو كان آبقا من ربّه لاستحقّ أشدّ اللوم بل العقاب بلا ريب.

387 ـ يونس استنفد تجاربه في الدعوة إلى الله.

388 ـ يونس لم يفكر بالمرحلة الجديدة من عمله.

389 ـ يونس لم ينتظر نتائج التجربة الأخيرة.

390 ـ يونس يعيش جو الحيرة.

391 ـ أراد يونس أن يخرج من جو الغم والحزن والحيرة ليجد ملجأ جديدا.

392 ـ ظن يونس أن لن يضيق الله عليه فجاءت النتيجة عكس ما كان يتصوره.

393 ـ يونس خرج من دون أن يستأذن الله في ذلك.

394 ـ يونس يقول ظلمت نفسي في تقصيري في أمر الدعوة من غير قصد.

395 ـ أنا عائد إليك يا رب لتكشف عني أجواء الحيرة.

396 ـ كان خروجه السريع سرعة انفعالية في اتخاذ القرار.

397 ـ قد لا يكون خروج يونس تهرباً من المسؤولية.

يقول البعض:

«ولكن المراد هنا من كلمة (نقدر) المعنى الذي يلتقي بالتضييق، أو بالتحديد كما في قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ([20]). وهكذا يكون معنى الآية: إن هذا العبد الصالح خرج مغاضباً لقومه، وهو يظن أنه قد ملك حريته، بعد أن انتهت مهمته باستنفاد كل تجاربه في الدعوة إلى الله وعدم تجاوب قومه معه، واستحقاقهم العذاب على ذلك، وقرب نزوله عليهم، فلم يفكر بالمرحلة الجديدة من عمله، ولم ينتظر عودتهم إلى الإيمان من خلال التجربة الأخيرة التي قد تحقق نتائج كبيرة على هذا الصعيد، وهي مسألة تهديدهم بالعذاب الذي ثبت ـ بعد ذلك ـ أنه كان الصدمة القوية التي أرجعتهم إلى عقولهم، فانفتحت قلوبهم على الإيمان بالله وبرسالاته من جديد. كما حدثنا الله عن ذلك في آية أخرى.

لقد كانت لحظة انفعال تختزن الغضب لله، ولكنها لم تنطلق للتفكير بالمستقبل في آفاق الدعوة إلى الله، التي تعمل على أن تطل على الآفاق الواسعة من عقل الإنسان وروحه وقلبه لتنتظر منه انفتاحة إيمان، ويقظة روح، وخفقة قلب.. وفي هذا الجو كان خروجه السريع، سرعة انفعالية في اتخاذ القرار، وقد لا يكون ذلك تهرباً من المسؤولية، وحباً للراحة، وابتعاداً عن أثقال الرسالة ومشاكلها، فربما كان الجو يتحرك في حالة شديدة من الحيرة والغم والحزن، مما يريد معه أن يخرج من هذا الجو الخانق ليجد لنفسه ملجأً جديداً، أو موقعاً آخر للدعوة، أو لأي مشروع جديد، في هذا الإتجاه، وهو يظن أن الله لن يضيق عليه أمره، في رزقه، وفي حركته، وجاءت النتيجة غير ما كان يتصوره أو ينتظره، فالتقمه الحوت، بعد أن وقعت القرعة عليه، وعاش في ظلمات البحر، وجوف الحوت، وظلمات الهم والغم، وانفتحت أمامه من جديد، آفاق إيمانه الواسع، فعاش روحيته مع الله في ابتهال وخشوع، وبدأ يتذكر لطف الله به ورعايته، وتكريمه إياه من خلال ما اختصه به من رسالته وما سهل له من سبل الحياة، وهداه اليه من وسائلها، وكيف خرج من دون أن يستأذن الله في ذلك، أو ينتظر ما يحدث لقومه، فانطلقت صرخته المثقلة بالهم الكبير الروحي والرسالي الذاتي، من كل أعماقه، في استغاثة عميقة بالله وحده لا سيما في مثل ظروفه التي لا يملك أحد فيها أن يقدم إليه شيئاً.

﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ([21]). فلا ملجأ لأي هارب أو ضائع أو حائر إلا إليك، ولا ملاذ إلا أنت، فأنت القادر على كل شيء، والرحيم لكل مخلوق، والعليم بكل الخفايا والمهيمن على الأمر كله والغافر لكل ذنب، والمستجيب لكل داع، والمغيث لكل ملهوف، والمفرج عن كل مهموم ومكروب.. وليس لي غيرك اسأله كشف ضري والنظر في أمري، فأنت ربي وسيدي ومولاي وملاذي في كل الأمور، ﴿سُبْحَانَكَ﴾ إذ يختزن قلبي وعقلي ووجداني الإحساس بعظمتك في كل مواقع العظمة في مجالات التصور، وفي حركة القدرة في الواقع، في مظاهر الخلق والإبداع.. فيتحول ذلك إلى تسبيح منفتح خاشع مبتهل إلى الله، ﴿إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ([22])، فقد ظلمت نفسي في تحركي، أو تقصيري في سبيل الدعوة، من غير قصد، ولا عمد، وها أنذا ـ يا رب ـ راجع إليك بكل قلبي وعقلي وحياتي، لتتقبلني بكل لطفك ورضوانك ورحمتك، ولتكشف عني في كل أجواء الحيرة والغم التي تغمرني بالآلام والمشاكل، فهل تستجيب لي؟! إنك أنت الذي تستجيب كل الدعوات لمن دعاك»([23]).

وقفة قصيرة:

ونقول:

1 ـ إن ثمة إصلاحاً طرأ على عبارة هذا البعض وهو: أنه كان قد جزم في الطبعة الأولى من كتابه «من وحي القرآن» بأن الله سبحانه قد اعتبر ما فعله يونس تهرباً من المسؤولية، لكنه في هذه الطبعة قال: قد لا يكون ذلك تهرباً من المسؤولية.

ولعله قد ظن أن الناس سوف يعتبرونه قد اصلح وتراجع عن مقولته السابقة، الظاهرة في الإخلال بالعصمة للأنبياء..

ولكن الحقيقة هي أن ما فعله هنا قداظهر إصراره الشديد على الطعن بعصمتهم «عليهم السلام» حيث قد نبهنا في الأبحاث السابقة لهذا الكتاب ـ وربما أكثر من مرة ـ إلى أن احتمال صدور المخالفة من النبي لا ينسجم ولا يجتمع مع اليقين بعصمته، مهما كان ذلك الاحتمال ضعيفاً، حتى ولو بنسبة واحد بالمئة.. فإن عبارة: «قد لا يكون ذلك تهرباً» تعني: أن احتمال أن يكون تهرباً، لا يزال باقياً أيضاً. ولا يحتمل في حق المعصوم أن يتهرب من المسؤولية في أي من الظروف والأحوال، لأن احتمال ذلك في حقه معناه: أننا لسنا على يقين من عصمته.. وذلك واضح..

2 ـ من أين علم هذا البعض: أن يونس لم ينطلق للتفكير بالمستقبل في آفاق الدعوة إلى الله، التي تعمل على أن تطل على الآفاق الواسعة من عقل الإنسان وروحه وقلبه، لتنتظر منه انفتاحة إيمان، ويقظة روح، وخفقة قلب ـ على حد تعبيره ـ؟!

فإن هذا الكلام يمثل إخباراً غيبياً عن ضمير يونس، وعن خلجات قلبه، كما أنه يمثل إدانة خطيرة له، فلماذا يسيء الظن ولا يحسنه بهذا النبي الفاني في الله، والباذل نفسه، وكل حياته ووجوده في سبيله؟! أم أن الله أطلعه على قلب نبيه بعد آلاف السنين، فانبرى ليخبرنا بهواجسه واهتماماته، وبنجواه، وخلجات قلبه، وما فيه إدانة بل إهانة له؟!

إننا نعتقد أن جميع الأنبياء لا يفكرون بمصالحهم كأشخاص، وإنما يفكرون في مستقبل الرسالة، ويخططون له، ويتحملون مسؤولياتهم في ذلك.

3 ـ أضف إلى ذلك: أن هذا البعض قد جزم بأن يونس «عليه السلام» قد خرج من دون أن يستأذن الله في ذلك، أو ينتظر ما يحدث لقومه، ولا ندري من أين، وكيف جاز له الجزم بهذا الخبر التاريخي وهو الذي لا يقبل بخبر الواحد، بل يشترط التواتر أو كل ما يفيد الجزم واليقين بالأخبار التاريخية سواء من حيث السند أو من حيث الدلالة..

كما أننا قد قلنا فيما ذكرناه سابقاً من قصة يونس «عليه السلام»: إن قومه هم الذين كانوا يرونه آبقاً منهم وإننا لننزه ساحته وهو النبي المعصوم عن أن يعمل عملاً من تلقاء نفسه، ومن دون أن يتحقق من رضا الله سبحانه وتعالى فيه، فإن ذلك مما ينافي انقياده لله سبحانه، ويخلّ بأهليته لمقام النبوة والرسالة..

4 ـ إننا نعتقد: أن الأنبياء لا يقومون بتجارب في حقل الدعوة إلى الله سبحانه، لأن هذا التعبير (تجربة ـ تجارب) له إيحاءات سيئة ـ وهو يؤمن بالإيحاءات، وكتابه موضوع على أساسها ـ لا مجال للإلتزام بها، من حيث إنه يختزن أن من يمارس التجربة لا يملك المعرفة التامة بجدوى ودقة ما يقوم به.. كما أنه يختزن معنى الخطأ في إصابة الواقع..

إن الأنبياء لا يقومون بتجارب، وإنما يعملون بوظيفتهم الشرعية التي لا يشكون في أنها المعالجة الصحيحة والدقيقة.. غير أن حالة استكبار قومه ـ كما هو الحال في استكبار إبليس ـ وجحودهم، هو الذي يمنع من أن يؤثر هذا البلسم الشافي أثره.

5 ـ وقول هذا البعض:

«إن يونس «عليه السلام» لم يفكر في المرحلة الجديدة من عمله» وإنه: »لم ينتظر نتائج التجربة الأخيرة».

ما هو إلا رجم بالغيب، لا يملك دليلاً قطعياً يثبته ـ حسب ما يشترطه هذا البعض ـ وهل يمكن أن يجد دليلاً يثبت على أنبياء الله القصور والتقصير في مسؤولياتهم؟!

أضف إلى ذلك: أنه هو نفسه يقول: «إن النفي يحتاج إلى دليل، كما الإثبات يحتاج إلى دليل».

6 ـ إن الله لم يضيق على يونس، بل كان الله الذي وثق به يونس هو الذي هون عليه المشكلات التي واجهها، وذلل المصاعب والمصائب التي حلت به وحفظه، ورعاه.. فكان الله معه في كل صغيرة وكبيرة، وكان ظن يونس علماً صحيحاً وقطعياً، قد تحقق كما أراد يونس «على نبينا وآله وعليه صلوات الله وسلامه».

7 ـ إن يونس لا يمكن أن يقصر في أمر الدعوة وهو النبي والمسؤول الأول فيها وعنها، وذلك معلوم وواضح.

8 ـ إن كلام هذا البعض عن حيرة يونس لا يمكن قبوله، فإنه كان يعرف تكليفه الإلهي والشرعي بدقة، وينفذ ما يريده الله منه دون زيادة أو نقيصة.

ولا يمكن أن نتصور نبياً حائراً، ولا يدري ما هو تكليفه الشرعي، ولا يعرف كيف يقوم بواجبه، وكيف ينجز مسؤولياته.

9 ـ إن كلامه عن الخروج من جو الحزن والغم والحيرة ليجد لنفسه ملجأً آخر يعطي: أن يونس إنما كان مهتما بنفسه كشخص.. او على الأقل هو يحتمل ذلك في حقه ـ كما ويحتمل أن يكون بصدد البحث عن موقع آخر للدعوة. فلماذا لا يكون واضحاً وصريحاً فيما يريد أن ينسبه إلى يونس ليعرّف القارئ مراده بدقة، ويحفظه من غائلة الريب والشك في أنبياء الله سبحانه وتعالى.

398 ـ درجات الأنبياء في الكمال تتفاوت حسب مواقعهم الإيمانية.

399 ـ استعجال يونس العذاب لقومه بسبب ضعفه البشري.

400 ـ استسلام الأنبياء للضعف البشري تابع لدرجاتهم.

401 ـ يونس لم يصبر لتبلغ الرسالة مداها في تحقيق شروط النجاح، أو نهاية التجربة.

402 ـ ليس ضرورياً أن يكون الاستسلام للضعف في حجم المعصية.

ويقول البعض:

«من إيحاءات الآية: وقد نستوحي من هذه الوصية للنبي أن لا يكون كصاحب الحوت الذي ضاق صدره بتكذيب قومه، فاستعجل العذاب لهم، ولم يصبر على الامتداد في تبليغ الرسالة لتبلغ مداها في تحقيق شروط النجاح أو نهاية التجربة.

   قد نستوحي من ذلك، أن الأنبياء يستسلمون لنقاط الضعف البشري تبعا لدرجاتهم.. وقد لا يكون من الضروري أن يكون ذلك في حجم المعصية، لأنهم ربما انطلقوا من معطيات إيمانية في الغضب لله ولرسوله ولكن ذلك يعني أن درجاتهم في الكمال تتفاوت حسب تفاوت مواقعهم الإيمانية الروحية»([24]).

وقفة قصيرة:

قد شرحنا هذه الآيات فيما مضى من هذا الكتاب.. وأوضحنا: أن الحديث فيها عن صبر يونس لا يتجه إلى اتهام يونس بالاستسلام للضعف البشري وعدم صبره إلى أن تبلغ الرسالة مداها في تحقيق شروط النجاح أو نهاية التجربة ليقول لنا البعض بعد ذلك: هل إن ذلك في حجم المعصية أم لا؟!

1 ـ ولكن الذي لفت نظرنا هنا هو قول هذا الرجل:

 «قد لا يكون من الضروري أن يكون ذلك في حجم المعصية، لأنهم ربما انطلقوا من معطيات إيمانية الخ..».

    فإن هذا الكلام يستبطن احتمال المعصية في حق يونس «عليه السلام» كما يفهم من قوله: «قد لا يكون من الضروري»!!.

وقوله: «لأنهم ربما انطلقوا».

وهذا الأمر مرفوض في حق الأنبياء حتى على مستوى الاحتمال.

2 ـ ولفت نظرنا أيضاً: ما أطلقه في حق الأنبياء من أن استسلامهم لنقاط الضعف البشري يكون تبعا لدرجاتهم.

   فلو فرضنا جدلاً: أنهم يستسلمون لنقاط الضعف البشري، فمن أين استنتج أنهم يختلفون في درجات الاستسلام هذه تبعاً لدرجاتهم، فما هي القرينة في الآية المباركة التي تدل على ذلك؟! فالآية قد جاءت خطاباً للنبي «صلى الله عليه وآله» وهي تدل إذن على أن ذلك ممكن في حق نبينا «صلى الله عليه وآله» كما هو ممكن في حق يونس «عليه السلام» مع علمنا باختلاف الدرجة فيما بينهما.

   هذا بالإضافة إلى أن هذا البعض يزعم عدم ثبوت تفضيل النبي «صلى الله عليه وآله» على سائر الأنبياء «عليهم السلام»([25]).

ثم يشرح حقيقة ما فضل الله به بعض الأنبياء على بعض فيقول:

«..﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ([26]) فيما ميزناهم به من مواقع العمل، وطبيعة المعجزة، ونوعية الكتب، من قاعدة الحكمة التي أقام الله عليها الحياة([27]).

   3 ـ ولفت نظرنا أيضاً: ما زعمه من أن استعجال يونس العذاب لقومه، إنما هو لأن صدره قد ضاق بتكذيبهم.

   فهل ذلك يعني: أن يونس «عليه السلام» كان متسرعاً، وأن المسألة قد انطلقت من ضعف يونس الذي ألجأه إلى مواجهة ألوف من الناس بالعذاب الماحق، وبالخطر الداهم والساحق، الأمر الذي يعني أن قومه قد ذهبوا ضحية ضعفه البشري؟!

   وهذه تهمة خطيرة في حق أنبياء الله صلوات الله عليهم.

   والأدهى من ذلك: أن الله سبحانه قد جارى نبيه هذا الضعيف في ذلك حتى رأوا نذير العذاب بالفعل..

   4 ـ ثم هو ينسب إلى نبي من أنبياء الله أنه لم يصبر على الامتداد في تبليغ الرسالة، حتى تبلغ مداها في تحقيق شروط النجاح أو نهاية التجربة.

   وهذا معناه: تسجيل تهمة على هذا النبي أنه لم يقم بمهمة التبليغ الرسالي على الوجه الأكمل والأمثل، لأنه لم يصبر على الرسالة لتحقق شروط النجاح. مع أنه هو نفسه يسلم بعصمة النبي في مقام التبليغ، ولا بد أن يكون ذلك يشمل صورتي الخطأ والتقصير في التبليغ على حد سواء.


([1]) الموسم عدد 21 ـ 22 ص 322.

([2]) الآية 87 من سورة الأنبياء.

([3]) أضفنا هذه الكلمة لينسجم الكلام ويتم المعنى.

([4]) من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج 19 ص 241.

([5]) من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج 15 ص 284.

([6]) الآيتان 87 و 88 من سورة الأنبياء.

([7]) الآيتان 48 و 49 من سورة القلم.

([8]) الآيات 139 ـ 148 من سورة الصافات.

([9]) الآية 100 من سورة التوبة.

([10]) راجع كتاب مأساة الزهراء ج1 ص106 ـ 117.

([11]) الموسم عدد 21 ـ 22 ص 322.

([12]) راجع قواميس اللغة.

([13]) الآية 87 من سورة الأنبياء.

([14]) الآية 88 من سورة الأنبياء.

([15]) الآية 49 من سورة القلم.

([16]) الآية 143 من سورة الصافات.

([17]) محيط المحيط ص 2.

([18]) المصدر السابق.

([19]) الآية 142 من سورة الصافات.

([20]) الآية 16 من سورة الفجر.

([21]) الآية 87 من سورة الأنبياء.

([22]) الآية 87 من سورة الأنبياء.

([23]) من وحي القرآن ج15 ص258 و 259.

([24]) من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج 23ص70.

([25]) راجع: من وحي القرآن (الطبعة الأولى) ج5 الصفحات 8 ـ 14 ـ 15.

([26]) الآية 55 من سورة الإسراء.

([27]) من وحي القرآن ج14ص157.

 
   
 
 

موقع الميزان