الإرتباط الفكري لا يكفي

   

:   

الإرتباط الفكري لا يكفي:

فلا يصح إذن ما يردده البعض من أن المطلوب هو مجرد الارتباط الفكري بهم «عليهم السلام» من خلال معرفتنا بسياساتهم، وأنماط سلوكهم الشخصي، وبأنشطتهم الاجتماعية ليكونوا لنا أسوة وقدوة على طريقة التقليد والمحاكاة، وليثير ذلك فينا حالة من الزهو والإعجاب بهم كأشخاص، كإعجابنا بغيرهم من العباقرة والمفكرين، مثل أديسون أو ابن سينا.

إذ أن المطلوب هو الارتباط الفكري، والضميري، والوجداني الذي تشارك فيه المشاعر، وتستجيب له الأحاسيس بعفوية وانقياد، ويهتز له كل كيان الإنسان وعمق وجوده بطواعية واستسلام.

المطلوب هو أن يدخل هؤلاء الأصفياء إلى قلوبنا ليكونوا حياة لها، وإلى أرواحنا لتكون أكثر توهجا وتألقا، وإلى نفوسنا لتصبح أكثر صفاء ونقاء وخلوصا.

المطلوب هو أن يكون لهم الحظ الأوفر في صياغة شخصيتنا الايمانية وأن يسهموا في صنع مشاعرنا وتكوين أحاسيسنا.

ولنستبعد نهائياً إذن مقولة: هذا علم لا ينفع من علمه، ولا يضر من جهله، فإنها مقولة مضرة بالتأكيد لا تجلب لنا إلا الخسران، والبوار والخيبة.

ولو غضضنا النظر عن ذلك كله، فإن ميزان النفع والضرر الذي يتحدثون عنه غير واضح المعالم، فهو يختلف في حالاته وموارده، فقد يكون الحديث عن الطب غير نافع للنجار في مهنته، والحديث عن الفلك غير نافع للحداد، أو الحائك في حرفته، أو للإداري في دائرة عمله..

لكن الأمر بالنسبة لقضايا الإيمان والسلوك ليس بالضرورة من هذا القبيل وإن كانت درجات المعرفة ومقتضياتها تختلف من شخص لآخر على قاعدة: أمرنا أن نحدث الناس على قدر عقولهم.

 
   
 
 

موقع الميزان