أيخافون من فتح الباب وهم مسلحون؟!

   

صفحة :   

أيخافون من فتح الباب وهم مسلحون؟!:

وثمة محاولة أخرى، يبذلها البعض لترجيح مقولة: إنه لا مبرر لأن تفتح الزهراء «عليها السلام» الباب دون غيرها ممن كانوا في داخل البيت، فهو يقول: «إذا جاؤا ليعتقلوك، فهو تقول لزوجتك: افتحي الباب، أم تبادر أنت إلى فتحه؟!».

والجماعة قد جاؤا ليعتقلوا عليا، فلماذا تفتح الزهراء «عليها السلام» الباب؟ خصوصا وأن الذين في داخل البيت كانوا مسلحين، فهم لا يخافون من المواجهة مع المهاجمين، وقد خرج الزبير مصلتا سيفه، فكسروا سيفه.

ويظهر أن هذا الإشكال مأخوذ من الفضل بن روزبهان، الذي قال:

«إن عيون بني هاشم، وأشراف بني عبد مناف، وصناديد قريش، كانوا مع علي. وهم كانوا في البيت، وعندهم السيوف اليمانية، وإذا بلغ أمرهم إلى أن يحرقوا من في البيت، أتراهم طرحوا الغيرة وتركوا الحمية رأسا، ولم يخرجوا بالسيوف المسلمة فيقتلوا من قصد إحراقهم بالنار»؟!([1]).

والجواب:

أولاً: إنني أعتقد أن ما ذكرناه في الإجابة على السؤال السابق يكفي لبيان ضرورة أن تجيب الزهراء على الباب.

فإن القضية ليست هي مجرد منع المهاجمين من اعتقال علي «عليه السلام»، بل القضية هي أن مواجهة علي «عليه السلام» لهم سوف تتسبب بتضييع الحق، وإعطائهم الفرصة لتحقيق مآربهم في تزوير الحقيقة والتاريخ..

وقد كان إظهار هؤلاء القوم على حقيقتهم، وتعريف الناس بأنهم هم المعتدون والظالمون، منحصرا في أن تجيبهم الزهراء «عليها السلام»، دون سواها حتى ولا فضة، أو غيرها من بني هاشم.

وليلاحظ: أنه رغم وضوح هذا الأمر، فإن البعض يعبر بكلمات لا تتناسب مع هذه الحقيقة، مثل قوله «إعتقال علي». وستأتي عبارات أخرى له من قبيل: «إخضاع المعارضة» و «مواجهة التمرد»، وما إلى ذلك.

وكأنهم يرون أن قعود علي «عليه السلام» في بيته، وإجابة الزهراء لهم إنما كان خوفاً من الإعتقال، لا أنه خطة تهدف إلى إفساد ما كان المهاجمون يريدون تحقيقه في محاولتهم تلك، وقد نجحا «عليهما السلام» في ذلك أيما نجاح رغم كل ما تعرضا له.

وثانياً: لقد كان من الواضح: أن مواجهة المهاجمين بالسيف وبالعنف كان هو مطلوب المهاجمين، وهو يخدم مصالحهم بدرجة كبيرة، وهو ما كان يتحاشاه علي صلوات الله وسلامه عليه، وقد نهاه عنه رسول الله «صلى الله عليه وآله» أيضاً.

وقد اعترف المستدل بأنه: «قيدته وصيته من أخيه» بعدم استعمال السيف والعنف في أمر الخلافة..

فما معنى توقعه ذلك منه «عليه السلام»؟!

فهل يريد منه مخالفة أمر النبي «صلى الله عليه وآله»، والاستسلام للفخ المنصوب له، ليضيع على الأمة فرصة معرفة الحق؟!

وثالثاً: إن عدم الإستجابة إلى دعوة العنف لا يعني أن لا يتخذ أولئك المعتدى عليهم الاحتياطات اللازمة للدفاع عن أنفسهم، لو أريد بهم شر وأذى، فإن عدم طلب الخلافة بالسيف شيء، والذب عن النفس حينما يراد سفك دمائهم شيء آخر..

وأما ما فعله الزبير، فإنما صدر منه حين أخذوا علياً «عليه السلام»، فلم يحتمل الزبير ذلك، فحاول أن يهاجمهم لتخليص علي «عليه السلام»، فرماه خالد بصخرة، فأصابت قفاه، وسقط السيف من يده، فأخذه عمر، وضربه على صخرة فانكسر([2]).

وذكر في نص آخر: مجيء عمر في جماعة، ثم قال: فخرج عليه الزبير مصلتا بالسيف، فعثر، فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه([3]).


 

([1]) إبطال نهج الباطل (مطبوع مع دلائل الصدق): ج3 ص46.

([2]) الإختصاص: ص186 و 187، والبحار ج28، ص229 ح 15.

([3]) تاريخ الأمم والملوك: ج3 ص202.

 
   
 
 

موقع الميزان