هل ضرب الزهراء مسألة شخصية؟!

   

صفحة :   

هل ضرب الزهراء مسألة شخصية؟!:

ويتابع البعض اعتراضاته، فيقول:

إن كنتم تقولون: إن علياً لم يدافع عن الزهراء، بسبب وصية النبي «صلى الله عليه وآله» له حيث «قيدته وصية من أخيه».

فإننا نقول لكم: إنما أوصاه النبي «صلى الله عليه وآله» أن لا يفتح معركة من أجل الخلافة، ولم يقل له: لا تدافع عن زوجتك. وضرب الزهراء لا علاقة له بالخلافة، لأنها مسألة شخصية، كما أن الزهراء نفسها لا علاقة لها بالخلافة، أما مسألة الخلافة فهي تتعلق بالواقع الإسلامي كله.

والجواب:

إننا قبل الإجابة على ما تقدم نسجل ملاحظة هنا مفادها:

أن مسألة الزهراء مع القول هي مسألة الإمامة، ثم الخلافة، لأن هؤلاء إنما ينصبون أنفسهم أئمة للناس، والإمامة مقام إلهي جعله الله لغيرهم، والخلافة هي أحد شؤون الإمامة، والدليل على ما نقول: هو محاولتهم تخصيص أنفسهم بحق التشريع، بل يقول أحدهما حينما عوتب على بعض تشريعاته: أنا زميل محمد([1]).

وقد ذكرنا بعض ما يتعلق بهذا الأمر في كتابنا الحياة السياسية للإمام الحسن «عليه السلام»، فراجع.

وبعد هذا الذي أشرنا إليه نقول:

أولاً: إن القوم إنما جاؤا إلى بيت الزهراء «عليها السلام» من أجل إجبار أمير المؤمنين «عليه السلام» عليه البيعة لهم، لكي تثبت خلافتهم، ويتأكد استئثارهم بها دونه «عليه السلام»، والزهراء تريد منعهم من تحقيق هذا الأمر بالذات، وكذلك علي «عليه السلام»، فكان القوم يريدون إزاحة الزهراء «عليها السلام» من طريقهم ليمكنهم جبار علي () على البيعة.

إذن فهذه معركة يخوضها أعداء علي «عليه السلام» ضده من أجل الخلافة، وقد أوصاه الرسول «صلى الله عليه وآله» أن لا يخوض معركة من أجل الخلافة([2]) باعتراف نفس المعترض، فما معنى قوله: إن الزهراء وضربها لا علاقة له بالخلافة؟ بل الحقيقة هي: أن قضية الزهراء وما جرى عليها يتعلق بالواقع الإسلامي كله.

وهل يظن هذا القائل أن مطالبتها «عليها السلام» بفدك أيضاً كانت من أجل أن تستفيد منها في إنعاش حياتها المعيشية؟ مع أن من الواضح أن حياتها «عليها السلام» بقيت على حالها قبل ذلك، ومعها، وبعدها، فهي لم تبن بأموال فدك قصرا، ولا تزينت بالذهب والفضة، ولا استحدثت فرش بيتها، ولا اقتنت التحف، ولا ادخرت شيئاً للمستقبل، ولا اشترت البساتين والعقارات، والمراكب الفارهة، كما فعل أو يفعل الآخرون، بل كانت غلة فدك تصرف في سبيل الله، وعلى الفقراء والمساكين.


 

([1]) تاريخ الأمم والملوك: ج3 ص291 (ط الاستقامة) والفائق: ج2 ص11.

([2]) ذكر المفيد: أن علياً «عليه السلام» نقل عن النبي «صلى الله عليه وآله» قوله له: «إن تموا عشرين فجاهدهم» الإختصاص: ص187. وراجع: البحار: ج28 ص229 و 313 و 270 وفيه: «لو وجدت أربعين ذوي عزم لجاهدتهم»، وتفسير العياشي: ج2 ص68، وتفسير البرهان: ج2 ص93، وراجع الصراط المستقيم: ج3 ص12، والاحتجاج: ج1 ص188 و 213 والمسترشد في إمامة علي «عليه السلام»: ص63، وكتاب سليم بن قيس (بتحقيق الأنصاري): ج2 ص568، وشرح نهج البلاغة لابن ميثم: ج2 ص27.

 
   
 
 

موقع الميزان