تجهيز جيش العسرة 

   

صفحة :99-134   

تجهيز جيش العسرة 

المنفقون في جيش العسرة:

لما عزم رسول الله «صلى الله عليه وآله» على قتال الروم عام تبوك، وكان ذلك في زمان عسرة من الناس، وشدة من الحر، وجدب من البلاد، وحين طابت الثمار، والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص على تلك الحال من الزمان الذي هم عليه([1]).

قرر رسول الله «صلى الله عليه وآله» المسير إلى تبوك وحضّ على الصدقات، فجاؤوا بصدقات كثيرة، فكان أول من جاء أبو بكر، جاء بماله كله أربعة آلاف درهم.

فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «هل أبقيت لأهلك شيئاً»؟.

فقال: أبقيت لهم الله ورسوله([2]).

وجاء عمر بن الخطاب بنصف ماله، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «هل أبقيت لأهلك شيئاً»؟

قال: نعم، مثل ما جئت به.

وحمل العباس، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن عبادة، وحمل عبد الرحمن بن عوف مائتي أوقية إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وتصدق عاصم بن عدي بسبعين وسقاً من تمر([3]).

وعند الدياربكري: أن عمر جاء بنصف ماله. وأن طلحة جاء بمال، وجاء عبد الرحمن بماءتي أوقية من الفضة. وجاء سعد بن عبادة بمال، وجاء محمد بن مسلمة بمال، وجاء عاصم بن عدي بتسعين وسقاً من تمر([4])..

وجعل الرجل من ذوي اليسار يحمل الرهط من فقراء قومه، ويكفيهم مؤونتهم، وبعثت النساء بكل ما قدرن عليه من مسك، ومعاضد، وخلاخل، وقرطة، وخواتيم([5]).

كما أن العباس بن عبد المطلب قد حمل مالاً يقال: إنه تسعون ألفاً.

وفي نص آخر: جاء بمال كثير([6]).

وفي نص آخر: وحمل رجال، وقوى ناس دون هؤلاء من هم أضعف منهم، حتى إن الرجل ليأتي بالبعير إلى الرجل والرجلين فيقول: هذا البعير بيننا نعتقبه، ويأتي الرجل بالنفقة، فيعطيها بعض من يخرج، حتى إن النساء كنَّ يبعثن بما يقدرن عليه.

وحمل كعب بن عجرة واثلة بن الأسقع([7]).

فعن واثلة بن الأسقع قال: نادى منادي رسول الله «صلى الله عليه وآله» في غزوة تبوك، فخرجت إلى أهلي ـ وقد خرج أول أصحابه ـ فطفت في المدينة أنادي: ألا من يحمل رجلاً وله سهمه؟ فإذا شيخ من الأنصار ـ سماه محمد بن عمر: كعب بن عجرة ـ فقال: سهمه على أن تحمله عقبة، وطعامه معنا؟

فقلت: نعم.

فقال: سر على بركة الله تعالى.

فخرجت مع خير صاحب حتى أفاء الله علينا([8]).

قال الواقدي: بعثه رسول الله «صلى الله عليه وآله» مع خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة.

قال: فأصابني قلائص ـ قال الواقدي: ستة ـ فسقتهن حتى أتيته بهن.

فخرج، فقعد على حقيبة من حقائب إبله، ثم قال: سقهن مقبلات، فسقتهن.

ثم قال: سقهن مدبرات، فقال: ما أرى قلائصك إلا كراماً.

فقلت: إنما هي غنيمتك التي شرطت لك.

قال: خذ قلائصك يا ابن أخي، فغير سهمك أردنا([9]).

عثمان يجهز جيش العسرة:

وقال الواقدي أيضاً: وجهز عثمان بن عفان ثلث ذلك الجيش، حتى أنه كان يقال: ما بقيت لهم حاجة حتى كفاهم شنق أسقيتهم([10]).

قال الصالحي الشامي:

قلت: كان ذلك الجيش زيادة على ثلاثين ألفاً، فيكون جهز عشرة آلاف([11]).

وذكروا: أن عثمان حمل على تسعمائة بعير ومائة فرس بجهازها.

وقال ابن إسحاق: أنفق عثمان في ذلك الجيش نفقة عظيمة، لم ينفق أحد مثلها([12]).

وفي نص آخر: أن عثمان أنفق في جيش العسرة ألف دينار. قلت: غير الإبل والزاد، وما يتعلق بذلك.

قال: فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «اللهم ارض عن عثمان، فإني عنه راض»([13]).

وعن عبد الرحمن بن سمرة قال: جاء عثمان إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» بألف دينار في كمه حين جهز رسول الله «صلى الله عليه وآله» جيش العسرة، فصبها في حجر النبي «صلى الله عليه وآله»، فجعل النبي «صلى الله عليه وآله» يقلبها بيده ويقول: «ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم»([14]). يرددها مراراً.

وعن عبد الرحمن بن خُباب قال: خطب رسول الله «صلى الله عليه وآله» فحثّ على جيش العسرة، فقال عثمان: عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها.

ثم نزل مرقاة أخرى من المنبر فحث، فقال عثمان: عليَّ مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها.

ثم نزل مرقاة أخرى فحث، فقال عثمان: علي مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها.

فرأيت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول بيده ـ هكذا ـ يحركها كالمتعجب: «ما على عثمان ما عمل بعد هذا اليوم».

أو قال: بعدها([15]).

وعن الأحنف بن قيس قال: سمعت عثمان يقول لسعد بن أبي وقاص، وعلي، والزبير، وطلحة: أنشدكم الله، هل تعلمون أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال: «من جهز جيش العسرة غفر الله له»، فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاماً ولا عقالاً؟

قالوا: اللهم نعم([16]).

مناقشة النصوص:

ولا بد لنا من وقفة أو وقفات مع النصوص المتقدمة، لكي ندل على زيف الزائف، ونأخذ بما هو متيقن أو أرجح، فنقول:

أبو بكر ينفق ماله كله:

ويستوقفنا هنا حديث نفقة أبي بكر في تبوك، من عدة جهات، نذكر منها ما يلي:

1 ـ قولهم إن أبا بكر جاء بماله كله، أربعة آلاف درهم يجعلنا نتساءل:

لماذا لم ينفق من هذه الأربعة آلاف ولو درهماً واحداً ليناجي رسول الله «صلى الله عليه وآله» حين أمر الله تعالى المسلمين بذلك؟! حيث لم يعمل بآية النجوى سوى علي «عليه السلام»([17]).

2 ـ كيف قبل النبي «صلى الله عليه وآله» منه أن لا يبقي لأهله شيئاً؟ فأين رحمة النبي «صلى الله عليه وآله» ورأفته بالمؤمنين؟!..

ولا سيما إذا كان أبوب بكر يملك بعض الأموال، إذ إن ذلك يجعله مسؤولاً عن نفقة عائلته، ولا يصح منه تركهم بلا مال، كما لا يصح أن يكفلهم النبي «صلى الله عليه وآله» بالطرق الغيبيّة على سبيل الكرامة لأبي بكر..

3 ـ على أن لنا أن نسأل: هل أبقى النبي «صلى الله عليه وآله» لأهله شيئاً أيضاً؟

فإن كان الجواب بالإيجاب، فإن أبا بكر يكون أفضل وأسخى واكثر رغبة بثواب الله من رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟.. ولماذا لم يقتد «صلى الله عليه وآله» بأبي بكر في هذه الحالة؟!!

وإن كان الجواب بالنفي، فنقول: ألَم يكن لأهل أبي بكر حقوق عليه؟! أم أن ذلك لا يعد تفريطاً بحقوق الأهل، وتخلياً عن أمر واجب عليه؟!

أم أن الذي سوَّغ له ذلك هو تزاحم الواجبات، فقدّم الأهم على المهم؟! فإن كان الأمر كذلك، فقد كان يجب على عمر أيضاً، وعلى غيره من الصحابة أن يأتوا بجميع أموالهم.

أم أن القصة مختلقة من أساسها؟!!

4 ـ لماذا لم ينزل في هذا الذي أنفق ماله كله شيء من القرآن، ولو بمقدار نصف آية، كما نزل في علي «عليه السلام» حين نزلت فيه الآيات والسور، لتثني على تصدقه بخاتم في صلاته، فنزلت فيه آية الولاية، وبأقراص شعير فنزلت سورة هل أتى، وبدرهم ليلاً، ودرهم نهاراً، وبدرهم سراً، ودرهم علانية، فنزلت الآية المشيدة بذلك([18]).

فهل اقتضت عدالة الله الثناء على هذا، وحرمان ذاك ولو من نصف آية رغم بذله لماله كله في سبيل الله؟!..

واللافت هنا: أن هذه الأربعة آلاف تبقى هي المحور بالنسبة إلى أبي بكر، كما سنشير إليه فيما يأتي إن شاء الله تعالى، فسبحان من يغيّر، ولا يتغير.

كعب بن عجرة كان عثمانياً:

وعن حديث واثلة بن الأسقع مع كعب بن عجرة، وأن كعباً حمله إلى تبوك، ولم يرد إلا ثواب الله نقول:

قد تكون هذه القصة موضوعة إكراماً لعيني كعب بن عجرة، كما أنها قد تكون صحيحة، ولكن ذلك لا يعني أن تكون عاقبة كعب بن عجرة إلى خير ، فقد ذكر الطبري: أن كعباً هذا كان عثمانياً، وقد امتنع عن بيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام»([19]).

حديثهم يكذب بعضه بعضاً:

وبعد، فإننا إذا أخذنا بحديث مناشدة عثمان لعلي «عليه السلام» وسعد، وطلحة، والزبير في أنه جهز جيش العسرة حتى ما يفقدون خطاماً ولا عقالاً([20])، فإنه يدل على ارتفاع حاجة جيش العسرة إلى مال أبي بكر، وعمر، وطلحة، وسعد، والعباس، وابن عوف، وابن مسلمة، وسواهم من المقربين والمؤيدين للسلطة، أو من أركانها المنحرفين عن أمير المؤمنين علي وأهل بيته «عليهم السلام»..

وسنشير إلى طائفة من تناقضات رواياتهم هذه فيما يأتي من مناقشة لتجهيز عثمان لجيش العسرة..

لم يكن في تبوك عسرة مالية:

وجميع دعاواهم هذه ترتكز على دعوى أن غزوة تبوك كانت في شدة من الزمان، حتى سموا ذلك الجيش بجيش العسرة([21])، اقتباساً من الآية القرآنية التي أطلقت هذا الوصف في هذه المناسبة، فقد قال تعالى في إلماحة منه إلى حالتهم هذه: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالُمهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}([22]).

ثم رتبوا مقولات لا أساس لها عن نفقات هذا الصحابي أو ذاك، وجعلوا ذلك ذريعة لنسبة الفضائل والكرامات لمن أعوزتهم الفضائل في شتى مجالاتها ومظاهرها.

والحقيقة هي: أنه لم تكن في تبوك عسرة مالية، ولا احتاج «صلى الله عليه وآله» إلى أخذ الأموال من أحد، وهذا هو ما قررته الآيات القرآنية الكثيرة، التي نزلت لتعالج أمر هذه الغزوة..

ويدلنا على ذلك أمور:

1 ـ قد ذكرت الآيات والروايات: أن المشكلة الأساسية في حرب تبوك هي الخوف والرعب من بني الأصفر، ففي بعض النصوص: أن الجد بن قيس مثلاً قد اعتذر عن تخلفه بقوله: «ما لي وللخروج في الريح والحر الشديد، والعسرة إلى بني الأصفر، فوالله ما آمن خوفاً من بني الأصفر، وأنا في منزلي، أفأذهب إليهم أغزوهم، إني والله يا بني عالم بالدوائر»([23]).

2 ـ إنهم لا يتوقّعون من تلك الغزوة غنائم ولا سبايا، ولا فتح بلاد، وهذا هو ما يسعى إليه الكثيرون منهم، حيث رضوا بالحياة الدنيا، ولولا ذلك لسارعوا إلى الخروج، لأنهم كانوا يعرفون أن الحرب ستكون مع جبار، لا يسهل الحصول على شيء من ذلك معه.

وقد رووا: أنه «صلى الله عليه وآله» قال للجد بن قيس يحرضه على الخروج: «تجهز فإنك موسر، لعلك تحقب من بنات بني الأصفر»([24]).

وقال تعالى مشيراً إلى ذلك، وإلى كذبهم في تعللاتهم التي يسوقونها للتخلص والتملص من المسير: {لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}([25]).

3 ـ إنهم كرهوا أن ينفروا في الحر ـ بحسب زعمهم ـ قال تعالى: {..وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}([26]).

4 ـ إنهم قد رضوا بالحياة الدنيا من الآخرة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}([27]).

5 ـ إنه لا صحة لما يدَّعى من وجود شحة في الأموال، وحاجة إلى النفقات، ولذلك لم تزل الآيات الكثيرة تنعى عليهم امتناعهم عن الإنفاق في سبيل الله تعالى، رغم كثرة الأموال لديهم.. ومن ذلك قوله تعالى: {فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا} ([28]).

وقال جل وعلا: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاَقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ}([29]).

وقال سبحانه وتعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ، فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ، فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}([30]).

وقال سبحانه: {فَرِحَ المُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ}([31]).

وقال تبارك وتعالى: {وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}.

{وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ}([32]).

6 ـ قد صرحت الآيات القرآنية في نفس مناسبة غزوة تبوك: بأن الله تعالى لم يطلب من الذين لا يجدون ما ينفقون أن ينفروا للغزو، فلا معنى للتعلل بفقدان ما يحتاجون إليه من أموال، قال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى المَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَ يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ}([33]).

ويقول بعض الإخوة هنا: إن نفس هذه الآيات دليل على أن الأكثيرين كانوا يجدون ما ينفقون، إذ لا يصح في الحكمة ترخيص غير الواجد إذا كانوا الأكثر، أو فقل: إذا كانوا بحيث لو رخِّصوا لم يبق من يخرج إلا القليل، ثم هي تدل على أن الآخرين كانوا واجدين من عند أنفسهم، لا بتبرع فلان وفلان، وإلا فلماذا الترجيح بجعل هذا واجداً، وهو لم يجد إلا من التبرعات، وجعل ذلك فاقداً ثم ترخيصه في العقود؟!

7 ـ إنه ليس بالضرورة أن يكون المقصود بالآيات التي مدحت اتباع النبي «صلى الله عليه وآله» في ساعة العسرة خصوص العسرة المالية، فإن كون الإسلام والمسلمين في خطر شديد وأكيد من قبل جبار بني الأصفر، مع ظهور الفشل في أصحابه، وإصرار المنافقين على المكر به «صلى الله عليه وآله» وبالمسلمين ـ إن ذلك ـ من أعظم موجبات العسر والحرج على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فكيف إذا كان سبب تخلف الكثيرين هو هذه الأمور التافهة، مثل بُعد الشقة، وكون الجو حاراً، وترك مواسم القطاف للثمار التي أينعت، وما إلى ذلك؟!

وذلك كله يدل على أن المقصود بقوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ}([34])، ليس هو العسرة المالية، بل هو الخطر الشديد والأكيد على الإسلام وأهله، إذ لو كان المراد العسر المالي، فالمفروض أنه لم يكلفهم بالمسير معه، كما أنهم معذورون في التخلف عنه، ولا مورد لشن هذا الهجوم على المتخلفين، ولا يحسن تأنيبهم بهذه الحدة والشدة..

8 ـ على أنهم يدَّعون: أن عثمان وبعضاً آخر قد أزاحوا علة الجيش كله من الناحية المالية، ولم تبق عسرة، رغم أن الآية المشار إليها آنفاً تقول: إن العسرة باقية، وقد كاد يزيغ قلوب فريق من المهاجرين والأنصار، لولا أن الله تعالى قد تداركهم بالتوبة..

9 ـ إن الذين تولوا وأعينهم تفيض من الدمع هم أفراد قليلون جداً، لا يزيدون على سبعة أشخاص معروفة أسماؤهم وقبائلهم([35]).

فإذا كان عثمان وطلحة وعمر وبعض آخر، قد جهزوا جيش العسرة الذي كان يعد بعشرات الألوف، فهل عجزوا عن تجهيز سبعة أشخاص، وتركوهم حتى تولوا وأعينهم تفيض من الدمع؟! ولم يرق لهم قلب، ولا ارتعش لهم جفن. رغم أن ما سألوه لم يكن هو الدواب والمراكب، بل مجرد أن يزودوهم بنعال([36])، أو بالماء والزاد، كما في بعض الروايات([37]).

إن ذلك كله يدلنا على أن القضية لم تكن هي أن الجيش كله أو جله كان في عسرة من أمره، بل القضية هي شحة هؤلاء الناس بأموالهم وأنفسهم وسعيهم للتملص من هذا المسير، الذي كان لازماً وضرورياً جداً.. وعليه يتوقف حفظ الدين وحياة المسلمين، في حين أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يذكرهم في كل يوم من على منبره ويقول: «اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض».

تجهيز عثمان لجيش العسرة خرافة:

وأما بالنسبة لحديث تجهيز عثمان لجيش العسرة، فلا يمكن قبوله، من الناحية العلمية، بل الأدلة متضافرة على لزوم رده، والحكم عليه بأنه موضوع ومصنوع.. وقد تعرَّض العلامة الأميني «رحمه الله» في كتابه القيم «الغدير» لهذا الحديث، وبيَّن طرفاً من تناقضاته، وأكد عدم صحة أسانيده([38]).

ونحن نذكر هنا بعض تناقضات هذا الحديث، ثم نعقِّب ذلك ببعض ما يفيد ويزيد في جلاء الحق، و سطوع شمس الحقيقة، فنقول:

تناقض الروايات:

قال ابن هشام: أنفق عثمان بن عفان في ذلك نفقة عظيمة، لم ينفق أحد مثلها، حدثني من أثق به: أن عثمان بن عفان أنفق في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار.

زاد الصالحي الشامي قوله: غير الإبل والزاد([39])..

وأنه «صلى الله عليه وآله» قال: ما يضر عثمان ما فعل بعد هذا اليوم..

وعند الكلبي: جهزهم بألف بعير بأقتابها وأحلاسها، زاد قتادة عليها سبعين فرساً أيضاً([40])..

وعند البلاذري: جهزهم بسبعين ألفاً([41])..

وعند الطبراني: جهزهم بماءتي بعير بأحلاسها وأقتابها، ومائتي أوقية من الذهب([42]).

وعند أبي يعلى: سبع مائة أوقية من الذهب([43]).

وعند ابن عدي: بعشرة آلاف دينار([44]).

وعند ابن حنبل: بثلاث مائة بعير بأحلاسها وأقتابها، وقال صلى الله عليه وآله: ما على عثمان ما عمل بعد هذا([45]).

وعند ابن عساكر: جهز ثلث الجيش([46]).

وعند ابن الأثير: جهز نصف جيش العسرة([47]).

وفي الكامل في التاريخ: قيل كانت ثلاث مئة بعير وألف دينار([48]).

وعند عماد الدين العامري: أنفق ألف دينار، وحمل على تسعمائة بعير، ومائة فرس. والزاد، وما يتعلق بذلك، حتى ما تربط به الأسقية([49]).

وفي الحلبية أيضاً: عند بعض أعطى ثلاث مئة بعير بأحلاسها وأقتابها وخمسين فرساً([50]).

وعن أبي عمرو في الدرر: أن عثمان حمل على تسعماية بعير ومئة فرس بجهازها([51]).

أبو بكر أعطى ماله كله:

تقدم: أنهم يقولون: إن أبا بكر قد أعطى في هذه الغزوة ماله كله([52]).

وقالوا: إنه ـ يعني مال أبي بكر ـ كان أربعة آلاف درهم([53]).

ونحن وإن كنا قد أثبتنا قبل صفحات يسيرة عدم صحة ذلك، ولكننا نقول:

إنه على فرض صحة ذلك، وإلزاماً لهؤلاء القائلين بما ألزموا به أنفسهم نسأل: ألم يكن من حمل ماله كله أولى من عثمان بالإعلان بشأنه، والدعاء له، والثناء عليه؟! وإذا كانت النفقات العظيمة لا تختص بعثمان، فلماذا يفوز عثمان وحده بالأوسمة، والألقاب، دون غيره. ممن أنفق وساهم من الرجال والنساء؟!.

فإن الثناء على الرجل بملاحظة مستوى تضحيته أولى من الثناء عليه بملاحظة مقدار ما يبذله من مال!. لا سيما وأن الثناء إنما جاء من رسول الله «صلى الله عليه وآله» الذي لا ينطق عن الهوى..

حديث المناشدة باطل:

ثم إنهم يقولون: إن جيش العسرة ـ كما يقولون ـ كان ثلاثين ألفاً وكان معهم من الإبل اثنا عشر ألف بعير، وعشرة آلاف فرس، وعند أبي زرعة كانوا سبعين ألفاً، وفي رواية أربعين ألفاً([54]).

وقد تقدم: أن عثمان حينما حوصر، ناشد طلحة والزبير، وسعداً، وأضافت بعض الروايات الإمام علياً «عليه السلام» أيضاً، فكان مما قررهم به، فأقروا: أنه صاحب جيش العسرة، وأنه اشترى بئر رومة([55]).

وعند البلاذري أنه قال: أنشدكما الله هل تعلمان أني جهزت جيش العسرة من مالي؟!([56]).

وفي نص آخر: ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من حفر بئر رومة فله الجنة، فحفرتها؟ ألستم تعلمون أنه قال: من جهز جيش العسرة فله الجنة، فجهزته؟ قال: فصدقوه لما قال([57]).

وقد صرح بأنهما اعترفا له بأن النبي حكم له بأنه شهيد، وبأنه من أهل الجنة، مقابل ما بذله في بئر رومة، ومقابل ما بذله في شراء ما أضيف إلى المسجد.

ونقول:

ألف: كيف أقر طلحة والزبير لعثمان بما ذكر، ثم واصلا حربه ضدهم، ولم يرتدعا عن محاصرته التي انتهت بقتله؟!.. وكيف وبماذا بررا ذلك للناس، الذين سمعوا عثمان يقررهما، وسمعوهما يقران له بذلك؟!

ب: كيف عرف سائر الصحابة: أن الله قد غفر لعثمان ذنوبه ثم يعاملونه هذه المعاملة ويحرضون على قتله، بل ويشاركون فيه بحجة أنه قد خالف أحكام الله، وتعدى حدوده؟!

وكيف يقتلون رجلاً وعده الله ورسوله بالجنة، وحكم بغفران كل ذنوبه، التي سوف يرتكبها.. أو صرح بعدم إضرار أي من ذنوبه به عند الله؟!..

ج: هل صحيح: أن من يبذل هذا المقدار من المال الذي بذله عثمان  يمكنه أن يفعل ما يشاء من الذنوب، كبيرها، وصغيرها، حتى ما توعد الله عليه بالخلود بالنار كقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وما إلى ذلك؟

د: إذا صحت هذه الرواية فينبغي أن لا يتخلف أحد عن المسير إلى تبوك لارتفاع العسرة عن الجميع بما أعطاه عثمان، فلماذا يرجع الناس إلى منازلهم يبكون، لأنهم لم يجدوا عند رسول الله «صلى الله عليه وآله» ما يحملهم عليه كما نصت عليه الآيات الآتية؟!

هـ: إذا كان ذلك صحيحاً، فلماذا احتاج إلى مال أبي بكر، ونصف مال عمر، وما أعطاه العباس، وطلحة، وسعد، والزبير، وابن مسلمة، و.. و.. الخ..

و: إذا صح ذلك لم يكن معنى للتخفيف عن الذين لا يجدون، وتصبح الآية الكريمة التي تتحدث عن هؤلاء بلا موضوع ويبطل قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَ يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ}([58]).

ز: إذا صح ذلك فلماذا تنزل الآية المقرعة واللائمة، والمتوعدة بالعذاب والعقاب لأولئك الذين لم ينفقوا في سبيل الله، إذ لا مورد ولا محل لنفقاتهم بعد ما أعطاه عثمان.

إلا إذا كان قد ظهر منهم قبل إنفاق عثمان ما يدل على امتناعهم عن البذل في سبيل الله، مع قدرتهم على ذلك.

بئر رومة:

إن شراء عثمان لبئر رومة بماله، ووقفه لها على المسلمين، حديث باطل لأسباب كثيرة، كما أن حديث مناشدته لطلحة والزبير، أو لهما بالإضافة إلى أمير المؤمنين «عليه السلام»، المتضمن لذكر هذا الأمر، ولأمور باطلة أخرى، ولتناقضات لا دواء لها، لا يمكن أن يصح أيضاً، فراجع([59]).

لا توجد أموال بهذا الحجم:

إنه لم يكن لدى الصحابة تلكم المبالغ الهائلة، التي يدَّعى أن عثمان قدّم أرقاماً منها في جيش العسرة، لا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا في عهد أبي بكر.

فقد روي أن أنس بن مالك، جاء بمال إلى عمر، بعد موت أبي بكر، فبايع عمر، ثم أخبره بأنه قد جاء بأربعة آلاف، فأعطاه إياها. قال أنس: فكنت أكثر أهل المدينة مالاً([60]).

عثمان والعدل الإلهي:

إذا كان لعثمان هذا السخاء، وهذا الاندفاع للعطاء في سبيل الله، فلماذا لم يتصدق ولو بدرهم، في مناسبة آية النجوى، التي لم يعمل بها سوى علي «عليه السلام»؟!([61]).

فمن يبخل بدرهم كيف يعطي هذه الألوف المؤلفة، ثم يجهز جيشاً بأكمله؟! إننا نتوقع أن تنزل في الثناء عليه سورة مثل سورة البقرة، فضلاً عن آية أو آيات..

كما أن الإمام علياً «عليه السلام» حين تصدق بأربعة دراهم سراً وجهراً وليلاً ونهاراً، نزلت فيه آية قرآنية([62]).

وحين يُطعم ثلاثة أقراص شعير لمسكين ويتيم وأسير، تنزل فيه سورة كاملة، هي سورة «هل أتى»([63])..

ويتصدق بخاتم في الصلاة فتنزل فيه آية الولاية: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}([64])»([65]).

فلماذا أهمل الله نفقات عثمان، وهي هائلة، واهتم بذكر نفقات أمير المؤمنين «عليه السلام»، وهي بضعة دراهم، أو بضعة أقراص من شعير؟!

هل كان عثمان من الأجواد؟!:

ولماذا لا يعدون عثمان من أجواد قريش، بل من أجواد العرب، إن لم نقل: إنه من أجواد الدنيا؟!

إلا أن يقال: إن عثمان كان سخياً في سبيل الله، بخيلاً على الناس، والجواد إنما يقال له: جواد، إذا كان يجود بماله على الناس!!

من أين لك هذا؟!:

من أين وكيف حصل عثمان على هذه الأموال الطائلة والهائلة، وهو قد جاء إلى المدينة صفر اليدين؟!

فإن كان ذلك من مال التجارة.. فنحن لم نسمع ولم نقرأ شيئاً عن هذه التجارة التي تدرُّ عليه هذه الأرباح العظيمة..

ولماذا لم يشتغل غير عثمان بهذه التجارات، ويحصل على تلك الأرباح؟!

أم يعقل أن يكونوا قد اشتغلوا، وعلى المال حصلوا، ثم هم به قد بخلوا؟!.. ولماذا لم ينقل لنا أسماء بعض هؤلاء المشتغلين الأغنياء والبخلاء؟!

وإن كان قد حصل عليها من الغنائم.. فإن غيره لا بد أن يكون قد نال منها مثل ما نال.. فلماذا تكون العسرة يا ترى؟! بل لماذا ينال هذه الأموال الهائلة من الغنائم، ونحن لم نجد له أي مقام محمود أو مشهود في حروب الإسلام؟!..

وأين هي الغنائم التي حصل عليها أمير المؤمنين «عليه السلام»، فارس الإسلام الأعظم، ونصيره الأكبر، أوَهل يعقل أن يكون علي «عليه السلام» قد بخل بماله.. وجاد به عثمان؟!.

وإن كان عثمان قد حصل على ذلك من سهم المؤلفة قلوبهم فلماذا لا يصرحون لنا بذلك؟!

وهل من يُحصِّل المال عن هذه الطريق، ثم يسخو به في سبيل الله، يستحق غفران ذنوبه، ثم يدخله الله الجنة؟!

ولو أنه كان كذلك، فلماذا يدخل الجنة بمال حصله من سهم المؤلفة، ويبقى الناس خالصو الإيمان يكافحون من أجل الجنة، ويتوسلون بشفاعة الشفعاء، لغفران ذنوبهم وستر عيوبهم؟!

الإستفاقة المتأخرة:

إذا كانت عند عثمان هذه الأموال الهائلة، فلماذا استفاق على الإنفاق في سبيل الله في هذا الوقت المتأخر، ألم يكن الأجدر به أن يظهر هذه الأموال قبل مناسبة تبوك، وينفقها على المسلمين أنفسهم، إذا كانوا في عسرة حقيقية؟! ولماذا يتركهم يواجهون تلك الشدائد؟!.. ولا يرق له قلب، ولا يرفُّ له جفن؟!

بل لماذا لم يساعد أقاربه من أهل مكة عندما أصابهم القحط؟!

هل هذا تعريض بأبي بكر؟!:

لقد زعموا: أن قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلاَ أَذًى}([66]). قد نزل في عثمان لإنفاقه في جيش العسرة([67]).

ونقول:

ألف: إن هذه الآية في سورة البقرة، وهي أول سورة نزلت في المدينة في أول الهجرة([68]).

وجيش العسرة قد كان في سنة تسع من الهجرة في شهر رجب..

ب: إذا صح أن أبا بكر قد قدم ماله كله في جيش العسرة، فإن المناسب هو أن تنزل هذه الآية في حقه، لا أن تنزل في حق عثمان..

ج: إن هذه الآية قد صرحت بالقول: بأن المنفقين لا يتبعون ما أنفقوا مناً ولا أذى. فهل هي بصدد التعريض بأبي بكر الذي يقول عنه رسول الله «صلى الله عليه وآله»: ما من أحد أمنّ عليَّ في صحبته وذات يده من أبي بكر([69]).

الإغراء بالمعاصي:

إن حديث: ما يبالي عثمان ما فعل بعد اليوم، أو نحو ذلك، فيه إغراء للناس بالمعاصي، ما دام أنه قد تأكد لدى من قيلت في حقه: أنه غير معاقب على شيء..

ولا ندري لو أن عثمان زنى بعد هذا العطاء، أو سرق، أو قتل، فهل كان يقام عليه الحد، أو يقتص منه، أو لا يفعل به شيء من ذلك؟!..

إننا لا نعرف السبب في هذه العسرة التي ألمَّت بالمسلمين فجأة في سنة تسع، مع أن التاريخ لم يحدثنا عنها إلا في مناسبة نفقات عثمان، وإعطاء الأوسمة له!!

العسرة لم ترتفع بما فعل عثمان:

إن ظاهر كلمات عمر بن الخطاب أن العسرة قد بقيت ولم ترتفع بما بذله عثمان، وغيره، فقد قال الدياربكري:

وكان العشرة يتعقبون على بعير واحد، وربما يمص التمرة الواحدة جماعة، يتناوبونها، وكانوا يعصرون الفرث ويشربونه من شدة العطش.

وعن عمر بن الخطاب قال: نزلنا منزلاً أصابنا فيه عطش، حتى إن الرجل لينحر بعيراً، فيعصر فرثه، ويشربه، ويجعل ما بقي على كبده. كذا في معالم التنزيل..

وفي تفسير عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن عقيل، قال: فخرجوا في قلة من الظَهر في حر شديد، حتى إنهم كانوا ينحرون البعير، ويشربون ما في كرشه من الماء. فكان ذلك الوقت عسرة في الماء والظهر، والنفقة، فسميت غزوة العسرة([70])..

عثمان يعطي من بيت المال:

وآخر كلمة نقولها هنا: إن التاريخ قد سجل لنا أرقاماً هائلة جداً عن عطايا عثمان من بيت مال المسلمين في أيام خلافته، وكان ذلك من أهم أسباب ثورة الصحابة والمسلمين عليه حتى قتلوه..

فلعل الذين وضعوا هذه الأفيكة قد أرادوا الإيحاء بأن هذه العطايا إنما كانت من أمواله الشخصية، لا من بيت المال..

وعن حجم عطايا عثمان غير المعقولة، ولا المقبولة، نقول: لقد ذكر العلامة الأميني قائمة ببعض عطاياه من الدراهم والدنانير ولبضعة أشخاص فقط، مع أنها لا تكاد تذكر إلى جانب اقطاعاته، وعطاياه من الأمور العينية، وكيف لو أضيفت إلى ذلك عطاياه الأخرى طيلة سنوات حكمه؟!..

والقائمة هي التالية:

لقد أعطى عثمان لسبعة أشخاص فقط هو أحدهم:

مبلغ: أربعة ملايين وثلاث مئة، وعشرة آلاف دينار.

وأعطى مئة وستة وعشرين مليوناً وسبع مئة وسبعين ألف درهم، لأحد عشر شخصاً فقط وكان هو في جملة من أخذ؛ فكيف بعطاياه طيلة سنوات حكمه؟!

وفي الغدير ج8 نصوص تصرح بامتلاكه وامتلاك أتباعه أرقاماً هائلة تكاد لا تصدق.. فيمكن الرجوع إلى ذلك الكتاب للاطلاع عليها..

وفي الختام نقول:

هذا ما أفصحت عنه كتبٌ حرص مؤلفوها على حفظ ماء وجه عثمان، بعد أن افتضح أمره بإصرار الصحابة والمسلمين على قتله، وبعد أن كان لا بد لهم من مراعاة الحال في مجتمع يرى الزهد فضيلة، ويعيش أبناؤه حالات قاسية من الحاجة والفقر..

فكيف لو أرادوا أن يطلقوا لأقلامهم العنان في بيان الحقائق، فإن الخطب جلل، والمصاب أليم، وإلى الله المشتكى، وعليه المعول في الشدة والرخاء.


([1]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص434. وتفسير الواحدي ج1 ص463 و 464، وزاد المسير ج3 ص296، وتفسير السمرقندي ج2 ص57و58، وتفسير ابن زمنين ج2 ص205و206، وتفسير الثعلبي ج5 ص46، ولباب النقول ص117.  

([2]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 والمغازي للواقدي ج3 ص991 وحياة الصحابة ج1 ص429 عن ابن عساكر ج1 ص110.

([3]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435. وتفسير السمرقندي ج2 ص77، والتفسير الكبير للرازي ج16 ص145.

([4]) تاريخ الخميس ج2 ص123. وكنز العمال ج2 ص428 وج10 ص563، وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص35 وإمتاع الأسماع ج2 ص48.

([5]) تاريخ الخميس ج2 ص123 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص148.

([6]) السيرة الحلبية ج3 ص148 والغدير ج9 ص330 وإمتاع الأسماع ج2 ص48 والشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض ج1 ص113 وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص421.

([7]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 والمغازي للواقدي ج3 ص991.وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج62 ص357، وأسد الغابة ج5 ص77.

([8]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص436 عن الواقدي، وأبي داود. وراجع المصادر السابقة.

([9]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص436 عن الواقدي. وسنن أبي داود ج1 ص604، والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص28، والآحاد والمثاني ج2 ص179، والمعجم الكبير ج22 ص81 و82.

([10]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 عن الواقدي. وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج2 ص35 إمتاع الأسماع ج2 ص48.

([11]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435.

([12]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 عن أبي عمرو في الدرر، وتبعه في الإشارة، وراجع: الغدير ج9 ص329 عن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص172 و (نشر مكتبة محمد علي صبيح) ج4 ص945 وعيون الأثر ج2 ص253 والدر المنثور ج3 ص248 والبداية والنهـايـة ج5 ص7 والكـامل في التـاريخ ج2 = = ص277 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص100 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص6 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص367 والثقات لابن حبان ج2 ص92 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص33.

([13]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 عن ابن هشام، وراجع: البداية والنهاية ج5 ص7، والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص945، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص6، والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص100.

([14]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 عن أحمد، والبيهقي، والترمذي وحسنه، وقال في هامشه: أخرجه الترمذي (3701) والحاكم ج3 ص102 وابن أبي عاصم ج2 ص587 (592) والبيهقي في الدلائل ج5 ص215، وانظر البداية والنهاية ج5 ص4، وراجع: سنن الترمذي ج5 ص289، وكتاب السنة لعمرو بن أبي عاصم ص573، وتفسير السمعاني ج5 ص367.

([15]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 و 436 عن زوائد المسند، والبيهقي، والترمذي، وفي هامشه عن: الترمذي (3700) وأحمد ج4 ص75 وابن سعد ج7 ص55، وأبي نعيم في الحلية ج1 ص99، والدولابي في الكنى ج2 ص17، والبخاري في التاريخ ج5 ص247، وراجع: الغدير ج9 ص331 وسنن الترمذي ج5 ص289 وعمدة القاري ج14 ص72 ومسند أبي داود الطيالسي ص164 والآحاد والمثاني ج3 ص103 والمعجم الأوسط ج6 ص98 وكنز العمال ج11 ص594. بالإضافة إلى مصادر كثيرة..

([16]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص436 عن الطيالسي، وأحمد، والنسائي، وفي هامشه= = قال: أخرجه البيهقي ج6 ص167 والدارقطني ج4 ص200 والنسائي في الأحباس باب (4)، والبيهقي في الدلائل ج5 ص215. وراجع: مسند أحمد ج1 ص70 وسنن النسائي ج6 ص235 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص167 ومسند أبي داود الطيالسي ص14 والسنن الكبرى ج4 ص96 وكنز العمال ج13 ص70 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص 33 وتاريخ المدينة لابن شبة ج3 ص1113 والبداية والنهاية ج5 ص8 وج7 ص199 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص7.

([17]) راجع: الأوائل ج1 ص297 ودلائل الصدق ج2 ص120 وتلخيص الشافي ج3 هامش ص235 و 237 عن العديد من المصادر. وراجع: المستدرك للحاكم ج2 ص482، وفتح الباري ج11 ص68، وتحفة الأحوذي ج9 ص138، وغيرهم.

([18]) راجع مصادر ذلك في فصل: هجرة النبي «صلى الله عليه وآله»، في الأجزاء الأولى من هذا الكتاب.

([19]) قاموس الرجال ج7 ص423. وأنساب الأشراف للبلاذري ص291.

([20]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص436 عن الطيالسي، وأحمد، والنسائي، وفي هامشه عن: سنن البيهقي ج6 ص167 ودلائل النبوة للبيهقي أيضاً ج5 ص215 وسنن الدارقطني ج4 ص200 والنسائي في الأحباس، باب4.

([21]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص434. وتفسير غريب القرآن للطريحي ص263، والجامع لأحكام القرآن ج8 ص280 وعمدة القاري ج16 ص202 وج18 ص277 وتحفة الأحوذي ج10 ص130 ومعاني القرآن للنحاس ج3 ص209 وتفسير الثعلبي ج5 ص78 وتفسير البغوي ج2 ص315 والمحرر الوجيز لابن عطية الأندلسي ج3 ص65 وتفسير الرازي ج16 ص59 وتفسير ابن كثير ج2 ص372 و391 والنهاية لابن الأثير ج3 ص235.

([22]) الآية 117من سورة التوبة.

([23])  سبل الهدى والرشاد ج5 ص437.

([24]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص437 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص33 والدر المنثور ج3 ص248.

([25]) الآية 42 من سورة التوبة.

([26]) الآية 81 من سورة التوبة.

([27]) الآية 38 من سورة التوبة.

([28]) الآية 55 من سورة التوبة.

([29]) الآية 69 من سورة التوبة.

([30]) الآيات 75 ـ 77 من سورة التوبة.

([31]) الآية 81 من سورة التوبة.

([32]) الآيتان 85 و 86 من سورة التوبة.

([33]) الآيات 91 ـ 93 من سورة التوبة.

([34]) الآية 117 من سورة التوبة.

([35]) الدر المنثور ج3 ص267 و 268 عن ابن جرير، وابن مردويه، وابن أبي شيبة، وابن سعد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وابن إسحاق، وأبي الشيخ ، عن محمد بن كعب، ومجمع بن حارثة، ومجاهد، والزهري، ويزيد بن يسار، وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم بن عمر وبن قتادة وغيرهم.. وراجع: تفسير السمرقندي ج2 ص81، وتفسير الثعلبي ج5 ص81.

([36]) الدر المنثور ج3 ص268 عن ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن مشيخة من جهينة، وإبراهيم بن أدهم، والحسن. وراجع: تفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1863، وفتح القدير ج2 ص394، وتفسير الآلوسي ج10 ص159، وتفسير الثعلبي ج5 ص81، وأسباب نزول الآيات ص174، وتفسير البيضاوي ج3 ص165، وغيرهم.

([37]) الدر المنثور ج3 ص268 عن ابن أبي حاتم عن أنس.

([38]) راجع: الغدير (ط مركز الغدير للدراسات الإسلامية سنة 1416هـ قم ـ إيران) ج9 ص447 ـ 472.

([39]) السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص161 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص435 وتاريخ الخميس ج2 ص123 والسيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ) ج3 ص148 وابن أبي عاصم ج2 ص587 ومستدرك الحاكم ج3 ص102 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص215 وحلية الأولياء ج1 ص59 ومسند أحمد ج6 ص55 حديث رقم 20107، وقرة العيون المبصرة ج1 ص179 والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص585.

([40]) تاريخ الخميس ج2 ص123. وعمدة القاري ج8 ص297، وأسباب نزول الآيات للواحدي ص55.

([41]) أنساب الأشراف ج6 ص112.

([42]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص123 وراجع: الغدير ج9 ص329 عن الطبراني.  

([43]) فتح الباري ج5 ص306 ومجمع الزوائد ج9 ص85 والغدير ج9 ص329.  

([44]) الكامل ج1 ص340 وراجع: السيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ) ج3 ص148 والبداية والنهاية ج7 ص238 وفتح الباري ج8 ص408 وج7 ص54 والمواهب اللدنية ج1 ص627 وشرح المواهب ج3 ص65 وتاريخ الخميس ج2 ص123 والغدير ج9 ص329.

([45]) مسند أحمد ج5 ص28 و38 وحلية الأولياء ج1 ص59 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص435 و436 وابن سعد ج7 ص55 والتاريخ الكبير للبخاري ج5 ص247 والدولابي في الكنى ج2 ص17 والترمذي رقم 3700.

([46]) السنن الكبرى ج6 ص167 وتاريخ الخميس ج2 ص123 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص435 وسنن الدارقطني ج4 ص124 وصحيح ابن حبان ج15 ص348 والمعجم الأوسط ج2 ص39 وموارد الظمآن ج7 ص120.  

([47]) أسد الغابة ج3 ص582 ومسند أحمد ج1 ص59 وسنن النسائي ج6 ص236 وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص581 والسنن الكبرى ج4 ص98 وسنن الدارقطني ج4 ص124 وكنز العمال ج13 ص69 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص339.

([48]) الكامل في التاريخ ج1 ص635 والغدير ج9 ص329 عنه.

([49]) السيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ مطبعة مصطفى محمد بمصر) ج3 ص148 و (ط دار المعرفة) ج3 ص100 والغدير ج9 ص329 عنه.

([50]) راجع: الغدير ج9 ص448 و 449، والسيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ) ج3 ص148 و (ط دار المعرفة) ج3 ص100.

([51]) الدرر لابن عبد البر ص238 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص435 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص49 و (ط دار المعرفة) ج3 ص100.

([52]) تاريخ الخميس ج2 ص123 وتاريخ ابن عساكر ج1 ص110، وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص64 والسيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ بمصر) ج3 ص148 و (ط دار المعرفة) ج3 ص100 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص435.

([53]) حياة الصحابة ج1 ص429 عن ابن عساكر ج1 ص110 وسبل الهدى والرشاد = = ج5 ص435 والمغازي للواقدي ج3 ص991 والسيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ) ج3 ص148 و (ط دار المعرفة) ج3 ص100 وتاريخ الخميس ج2 ص123.

([54]) راجع: الطبقات الكبرى لابن سعد: رقم التسلسل 683، وتاريخ ابن عساكر ج1 ص111 وإمتاع الأسماع ص650 وفتح الباري ج8 ص93 والمواهب اللدنية ج1 ص173 وإرشاد الساري ج6 ص438 وشرح بهجة المحافل ج2 ص30 والغدير ج5 ص450 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص442 والسيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ) ج3 ص149 وتاريخ الخميس ج2 ص125 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص442.

([55]) راجع: مسند أحمد ج1 ص113 و 120 حديث 556 و 513، والإصابة ج2 ص462 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص167 وحلية الأولياء ج1 ص58 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص436 وسنن الدارقطني ج4 ص200 وسنن النسائي في الأحباس باب 4 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص215.

([56]) أنساب الأشراف ج6 ص106 وراجع: السنن الكبرى ج6 ص168 والغدير ج9 ص332 وسنن النسائي ج6 ص235 وكنز العمال ج13 ص74 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص336.

([57]) البخاري كتاب الوصايا (ط دار الفكر سنة 1401 هـ) ج3 ص193 وفتح الباري ج8 ص408 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص167 وسنن الدارقطني ج4 ص125.

([58]) الآيات 91 ـ 93 من سورة التوبة.

([59]) الجزء الرابع من هذا الكتاب (الطبعة الرابعة) ص163 ـ 168.

([60]) حياة الصحابة ج2 ص235 وكنز العمال ج5 ص405 عن ابن مسعود. وراجع: تهذيب الكمال للمزي ج3 ص372، وتاريخ المدينة لابن شبة ج3 ص854.

([61]) المناقب للخوارزمي ص196 والرياض النضرة ج3 ص180 والصواعق المحرقة ص129 عن الواقدي، ونظم درر السمطين ص90 و 91 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص327 و 326 وجامع البيان ج28 ص14 و 15 وغرائب القرآن (مطبوع بهامش جامع البيان) ج28 ص24 و 25 وكفاية الطالب ص136 و 137 وأحكام القرآن للجصاص ج3 ص428 ومستدرك الحاكم ج2 ص482 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامش المستدرك) ج2 ص482 وتفسير نور الثقلين ج5 ص264 و 265 وتأويل الآيات الظاهرة ج2 ص673 و 675 ولباب التأويل ج4 ص224 ومدارك التنزيل (مطبوع بهامش لباب التأويل) ج4 ص224 وأسباب النزول ص235 وشواهد التنزيل ج2 ص231 و 240 والدر المنثور ج6 ص185 عن ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن أبي حاتم، وعبد الرزاق، = = والحاكم وصححه، وسعيد بن منصور، وابن راهويه. وفتح القدير ج5 ص191 والتفسير الكبير ج29 ص271 والجامع لأحكام القرآن ج17 ص302 والكشاف ج4 ص494 وكشف الغمة ج1 ص168 وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج3 ص129 و 140 وج14 ص200 ـ 217 وج20 ص181 ـ 192 عن بعض من تقدم، وعن مصادر كثيرة أخرى. وإعلام الورى ص188.

([62]) الكشاف ج1 ص319 وتفسير المنار ج3 ص92 عن عبد الرزاق، وابن جرير، وغيرهما، والتفسير الكبير ج7 ص83 والجامع لأحكام القرآن ج3 ص347 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص326 عن ابن جرير، وابن مردويه وابن أبي حاتم، وفتح القدير ج1 ص294 عن عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والطبراني، وابن عساكر وغيرهم، والدر المنثور ج1 ص363 ولباب النقول (ط دار إحياء العلوم) ص50 وأسباب النزول ص50 وتفسير نور الثقلين ج1 ص341 عن العياشي، والفصول المهمة لابن الصباغ ص107 ونظم درر السمطين ص90 وذخائر العقبى ص88 والبرهان (تفسير) ج4 ص412 والمناقب لابن المغازلي ص280 وينابيع المودة ص92، وروضة الواعظين ص383 و 105 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص21.

([63]) المناقب للخوارزمي ص189 و 195، والرياض النضرة ج3 ص208 و 209 والتفسير الكبير ج30 ص234 و 244 عن الواحدي، والزمخشري. وغرائب القرآن (مطبوع بهامش جامع البيان) ج29 ص112 و 113 والكشاف ج4 ص670 ونوادر الأصول ص64 و 65 والجامع لأحكام القرآن ج19 ص131 عن النقاش، والثعلبي، والقشيري، وغير واحد من المفسرين. واللآلي المصنوعة ج1 ص372 و 374 ومدارك التنزيل للنسفي (مطبوع بهامش تفسير الخازن) ج4 ص339 وكشف الغمة ج1 ص169 وتفسير نور الثقلين ج5 ص469 و 477 عن أمالي الصدوق، والقمي، والطبرسي، وابن شهرآشوب، وتأويل الآيات الظاهرة ج2 ص749 و 752 وتفسير فرات ص521 و 528 وذخائر العقبى ص89 وتفسير القمي ج2 ص398 و 399 والبرهان (تفسير) ج4 ص412 والوسائل ج16 ص190، وفرائد السمطين ج2 ص54 و 56 ومجمع البيان ج10 ص404 و 405 والمناقب لابن المغازلي ص273 والإصابة ج4 ص378 وينابيع المودة ص93 و 94 وروضة الواعظين ص160 و 163 ونزهة المجالس ج1 ص213 وربيع الأبرار ج2 ص147 و 248 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص21 وأسد الغابة ج5 ص530 و 531 والبحار ج35 ص237 ـ 254 وإحقاق الحق ج9 ص110 ـ 123 وج3 ص157 ـ 170 عن مصادر كثيرة.

([64]) الآية 55 من سورة المائدة.

([65]) راجع المصادر التالية: الكشاف ج1 ص649 ولباب النقول (ط دار إحياء العلوم) ص93 عن الطـبراني، وابن جـريـر، وأسبـاب النـزول ص113 وتفسير المنـار ج6 ص442، = = وقال: رووا من عدة طرق وتفسير نور الثقلين ج1 ص533 و 337 عن الكافي، والإحتجاج، والخصال، والقمي، وأمالي الصدوق، وجامع البيان ج6 ص186، وغرائب القرآن (مطبوع بهامش جامع البيان) ج6 ص167 والتفسير الكبير ج12 ص26 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص71 والدر المنثور ج2 ص293 و 294 عن أبي الشيخ وابن مردويه، والطبراني، وابن أبي حاتم، وابن عساكر، وابن جرير، وأبي نعيم، وغيرهم، وفتح القدير ج2 ص53 عن الخطيب في المتفق والمفترق. وراجع ما عن عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وغيرهم ممن تقدم ذكره. ولباب التأويل للخازن ج1 ص475 والجامع لأحكام القرآن ج6 ص221 والكافي ج1 ص228 وشواهد التنزيل ج1 ص173 و 184 والخصال ج2 ص580 وكفاية الطالب ص229 وكنز العمال ج15 ص146 والفصول المهمة لابن الصباغ ص108 ومجمع الزوائد ج7 ص17 ومعرفة علوم الحديث ص102 وتذكرة الخواص ص15 والمناقب للخوارزمي ص186 و 187 ونظم درر السمطين ص86 و 87 والرياض النضرة ج3 ص208 وذخائر العقبى ص102 عن الواقدي، وأبي الفرج ابن الجوزي، والبداية والنهاية ج7 ص358 ونور الأبصار ص77 وفرائد السمطين ج1 ص188 وتأويل الآيات الظاهرة ج1 ص151 ـ 154 والبحار ج35 ص183 و 203 عن مصادر كثيرة، وربيع الأبرار ج2 ص148 والمناقب لابن المغازلي ص312 و 313 وروضة الواعظين ص92 والعمدة لابن بطريق ص119 و 125 وإثبات الهداة ج2 ص47 والمنافب لابن شهرآشوب ج3 ص2 و 10 وكشف الغمة ج1 ص166 و 167 والأمالي للصدوق ص109 و 110، والوسائل ج6 ص334 و 335 وسعد السعود ص96 والبرهان (تفسير) ج1 ص480 و 485 ومجمع البيان ج3 ص310 ـ 312 وإحقاق الحق ج20 ص3 ـ 22 وراجع ج3 ص502 ـ 511 وج2 ص399 ـ 408 عن مصادر كثيرة.

([66]) الآية 262 من سورة البقرة.

([67]) التفسير الكبير ج7 ص45 والغدير ج8 ص57 وتفسير مقاتل بن سليمان ج1 = = ص142 وتفسير السمرقندي ج1 ص200 وتفسير الثعلبي ج2 ص258 وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص55 وتفسير البغوي ج1 ص249 وزاد المسير لابن الجوزي ج1 ص275 وتفسير القرطبي ج3 ص306 وتفسير البيضاوي ج1 ص565.

([68]) الجامع لأحكام القرآن ج1 ص132 وتفسير الخازن ج1 ص19 وتفسير الشوكاني ج1 ص16.

([69]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص32 ولسان الميزان ج2 ص23 وصحيح البخاري كما في إرشاد الساري ج6 ص214 و 215 والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص608 و 609 وراجع: مجمع الزوائد للهيثمي ج9 ص45 والمعجم الكبير للطبراني ج12 ص93 وكنز العمال ج11 ص554 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص476 وكنز العمال ج11 ص552 و 554 وج12 ص523 وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص501.

([70]) تاريخ الخميس ج2 ص123 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 و 436 وفتح الباري ج8 ص84، وإمتاع الأسماع ج8 ص391.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان