يقول السيد محمد حسين فضل الله:

عبس وتولى يعني كأنه هيك نصور القصة قله عيفنا منك هلق (باللهجة اللبنانية ولا تصدر عن أشخاص محترمين في المجتمع) بتسأل بعد وقت آخر أنا مشغول في ناس قدامي مثلاً ، عبس وتولى يعني أعرض عنه قال له أنا مشغول ودار ظهره اله (إليه) قعد يحكي مع ناس آخرين في وحدة حال هذه بتمثل عمل غير أخلاقي هيدي لو صارت مع كل واحد من عندنا أنت الآن قاعد مثلاً وإجاك خّيَّك (أخوك)مثلاً وعندك ناس وأنت شخصية مهمة وفي عندك ناس وجهاء وأنت داخل معهم بجدل أما حتى تقنعهم أو أنهم جايين فارضين نفسهم عليك واللياقة تقتضي أنك تحترمهم مثلاً يجي يقول لك مش وقتك هذا روح بعدين هذا تتضايق النبي يجوز متضايق من هؤلاء الجماعة من قريش جايين يشغلوا له وقته وجايين يأخذوا له وقته مثلاً وإجا (أتى) هيدا (هذا) أيضاً وهو النبي متضايق من عندهم وإجا هيدا شغله بالموضوع فعبس وتولى أن جاءه الأعمى إذن ليش (لماذا) الله عاتبه هو كان يقال أنه النبي كان عندما يستقبل ابن أم مكتوم يقول له أهلاً بمن عاتبني فيه ربي ليش الله عاتبه الله سبحانه وتعالى من قبيل إياك أعني واسمعي يا جارة ما بقول بحكي معك حتى تسمعي يا جارة مش هذا مثل شعبي القرآن نزل بحسب روايات أهل البيت أن القرآن نزل بعنوان إياك أعني واسمعي يا جارة فالله سبحانه وتعالى بقول للنبي أنك لو صارف مع هذا الأعمى كان أفضل لأن هذا جاي حتى يستفيد أما هؤلاء جايين حتى يأخذوا وقتك ما في بعض الناس يزوروك يجوا حتى يعطلولك الوقت وبدون فائدة. [ للإستماع إضغط هنا ]

ويقول:

عبس وتولى أن جاءه الأعمى هذا بينا أمس بالندوة التي أثرناها في موضوع المرجعية بالأمس أن عبس وتولى لا تدل على عدم عصمة النبي لو كان المراد بها هو النبي صلى الله عليه وآله كما نرجح ذلك [ للإستماع إضغط هنا]

ونقول:

إن آيات سورة عبس هي التالية: {عبس وتولّى. أن جاءه الأعمى. وما يدريك لعله يزّكى. أو يذّكّر فتنفعه الذّكرى. أمّا من استغنى. فأنت لـه تصـدّى. وما عليك ألاّ يزّكّى. وأمّا من جاءك يسعى. وهو يخشى. فأنت عنه تـلهّى} سورة عبس الآيات 1-10

ونحن نشير هنا إلى ما يلي:

1 ـ إن الذي يلاحظ الآيات الشريفة لا يجد فيها أي شيء يدل على أن المقصود بها هو شخص رسول الله (ص) بل فيها ما يدل على أنها لا تليق به (ص)، فلماذا الإصرار على ذلك؟‍ من قبل البعض، وبشكل لا يقول به حتى من يدّعي نزولها في النبي(ص) من العامة.

2 ـ إنّ قوله تعالى: {وما يدريك} ليس خطابا لرسول الله، وإنما هو التفات من الغيبة إلى الخطاب، مع العابس نفسه.

3 ـ إنّ قوله تعالى: {فأنت له تصدّى} لا يدل على أنّه كان يتصدى له لأجل الدين، فلعله كان يتصدّى للأغنياء لأهداف دنيوية، ولعل ذلك العابس يتظاهر بأنّه مهتمّ بنشر هذا الدين، وقد جاء مع أولئك الأغنياء مظهرا حرصه على إيمانهم، فكان يتلهّى بالحديث معهم، مظهرا الضّيق والإشمئزاز من ذلك الفقير.

4 ـ وقوله تعالى: وما يدريك لعله يزّكى ليس فيه أن الغني سوف يزّكى على يد ذلك العابس، فلعله يتزكى على يد شخص آخر غيره، ممن هم في ذلك المجلس، كالنبي(ص)..

5 ـ إن الآيات تشعر ـ إن لم نقل تدل ـ أنّه قد كان من عادة العابس أن يتصدّى للأغنياء ويتلهّى عن الفقراء، ولم يكن ذلك من عادة النبي(ص).

6 ـ قد روي عن أهل البيت (ع) أن الآيات قد نزلت في رجل من بني أمية، وبعض الروايات قد صرحت باسمه راجع تفسير القمي ج2ص405 وتفسير البرهان ج4ص427و428 وتفسير نور الثقلين ج5 ص508 و509 ومجمع البيان ج10ص437 وروى الطبرسي أيضا عن الإمام الصادق عليه السلام: أن رسول الله كان إذا رأى ابن أم مكتوم قال: مرحبا مرحبا، لا والله، لا يعاتبني الله فيك أبدا، وكان يصنع به من اللطف، حتى كان يكفّ عن النبي (ص) مما يفعل به. والظاهر أنه (ص) كان يريد بهذا الفعل التعريض بمن صدر منه ذلك في حق ابن أم مكتوم.. كأنه يقول له: والله أنا لا أعاملك كما عاملك فلان..

هذا بالإضافة إلى أن دعوى نزول الآيات في النبي (ص) إنما وردت في روايات غير الشيعة.

واغترار البعض بها، وقبوله لها وترك ما روي عن أهل البيت (عليهم السلام)، لا يعلم له وجه صحيح، علما أن بعض مفسري العامة، ومنهم الفخر الرازي في رسالته في عصمة الأنبياء قد طرح هذه الروايات، وعلل ذلك بأنها أخبار آحاد ومخالفتها للقواعد العقلية.

7 ـ إن الإعتذار عن نزول الآية في النبي(ص): بأن ابن أم مكتوم كان أعمى، وليس في العبوس إساءة له، لأنه لا يرى، إعتذار غير سديد، لأن الله سبحانه قد طالب العابس بهذا الأمر، واعتبره أمرا يستحق اللوم والعتاب..

وإذا كان ابن أم مكتوم لا يرى العبوس، فان الحاضرين قد رأوه وأدركوه، واستقر في أنفسهم أن العابس غير مرتاح من ذلك الأعمى.

8 ـ إن الإعتذار عن ذلك بوجود وحدة حال بين الأعمى وبين النبي(ص) هو الآخر اعتذار غير سديد، إذ لا يوجد ما يثبت وجود وحدة الحال هذه، وقصة دخوله على بعض زوجات النبي(ص) لا تدل على وجود وحدة حال.. وذلك لعدة أمور:

أولاً: عدم وجود ما يشهد لتكرر ذلك، فالرواية لا تذكر أزيد من أنه جاء واستأذن، فقال النبي (ص) لزوجتيه قوما وادخلا البيت، فاحتجتا بأنه أعمى، فقال لهما أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟‍ مجمع البيان ج10ص437 وتفسير البرهان ج4ص428 وتفسير نور الثقلين ج5ص509

ثانياً: إن وقوع مثل هذه الأمور لا يدل على وحدة الحال، فقد كان الكثيرون من الصحابة يدخلون على النبي (ص)، في حين تكون زوجاته عنده، لا سيّما مع عدم تعدد الحجرات التي كانت تسكنها النساء مما قد بني حول المسجد.

ثالثاً: إذا كانت هذه الحادثة قد حدثت في مكة وفي أوائل البعثة، فمن أين يثبت لنا وجود وحدة الحال هذه، في تلك الفترة بالذات، فيما بين ابن أم مكتوم وبين النبي(ص)..

رابعاً: إن وجود وحدة الحال المزعومة، لا يبرر تضييع حق ذلك الأعمى، ففي الخبر: لا تضيعن حق أخيك اتكالا على ما بينك وبينه، فإنه ليس لك بأخ من أضعت حقه الوسائل كتاب الحج أبواب العشرة باب 122 حديث12

خامساً: إن نفس صدور ذلك من النبي (ص) أمام المشركين يعطي انطباعا سيئا عن أخلاق الإسلام، ومنطلقاته في التعامل مع الآخرين.

سادساً: إنه لا معنى للنهي عن أن يفعل الناس مثل فعل النبي(ص)، وقد قال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}.

سابعاً: كيف يمكن أن يقول أحد عن أفضل الرسل: إنه لا يعرف الأهم من المهم، وإنه يستغرق فيما هو مضيعة للوقت، ويفوت الفرص، ويفرط في تنمية المعرفة الإيمانية لدى المؤمنين، وإنه يجهل بحقيقة مسؤولياته، ويخطيء في تشخيص تكليفه، وأي نبي هذا الذي أرسله الله وفيه كل هذه العلل؟!..

والله سبحانه وتعالى يقول:

{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }

{ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ }

قال رسول الله صل الله عليه وآله :

{ إنما بعث لأتمم مكارم الأخلاق } 

روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا رآى عبدالله بن أم مكتوم قال: مرحبا مرحبا والله لا يعاتبني الله بك أبدا ، وكان يصنع به من اللطف حتى كان يكف عن النبي (صلى الله عليه وآله) ما يفعله به .

تفسير الميزان ج -20 ص 204 ، تفسير مجمع البيان الطبرسي ج -10 ص 266 ، بحار الأنوار ج -17 ص 77 ، تفسير نور الثقلين ج -5 ص 509 ، الصحيح من السيرة ج -3 ص 161 ، مجمع البحرين ج -3 ص 112 ، موسوعة التاريخ الإسلامي ج -1 ص 493

روي عن الإمام الصادق عليه السلام : أن عبس وتولى نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي (صلى الله عليه وآله) فجاء ابن أم مكتوم ، فلما رأه تقذر منه ، وجمع نفسه ، وعبس ،  وأعرض بوجهه عنه ، فحكى الله سبحانه ذلك وأنكره عليه .

تفسير الصافي ج -5 ص 284 ، تفسير مجمع البيان الطبرسي ج -10 ص 266 ، تنزيه الأنبياء الشريف المرتضى ص 166 ، منية السائل ص 224 ، صراط النجاة ج -1 ص 462 ، موسوعة التاريخ الإسلامي ج -1 ص 493

(عبس وتولى) نزلت في عثمان وابن ام مكتوم ، وكان ابن ام مكتوم مؤذن رسول الله صلى الله عليه وآله ، وكان أعمى وجاء الى رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده أصحابه وعثمان عنده ، فقدمه رسول الله صلى الله عليه وآله الى عثمان ، فعبس عثمان وجهه وتولى عنه ، فأنزل الله : { عبس وتولى } يعمي عثمان ، { أن جاءه الاعمى* وما يدريك لعله يزكى} أي ان يكون طاهراً أزكى { أو يذكر} قال: يذكره رسول الله صلى الله عليه وآله { فتنفغه الذكرى} ثم خاطب عثمان فقال : {أما من استغنى فأنت له تصدى} قال: أنت اذا جاءك غني تتصدى له وترفعه { وما عليك ألا يزكى } أي تبالي زكيا كان او غير زكي اذا كان غنيا { وأما من جاءك يسعى } يعني ابن أم مكتوم {وهو يخشى*فأنت عنه تلهى} أي تلهو ولا تلتفت إليه .

بحار الأنوار ج -17 ص 85 ، تفسير نور الثقلين ج -5 ص 508

العودة