منتديات موقع الميزان

منتديات موقع الميزان (http://www.mezan.net/vb/index.php)
-   ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء ) (http://www.mezan.net/vb/forumdisplay.php?f=116)
-   -   وقود الإصلاح الحسيني (02) سليمان بن رزين (http://www.mezan.net/vb/showthread.php?t=40013)

حسين نوح مشامع 11-Jul-2019 02:55 PM

وقود الإصلاح الحسيني (02) سليمان بن رزين
 
وقود الإصلاح الحسيني (02) سليمان بن رزين
قال الله تعالى: "رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار"(النور37).
وقال جل جلاله: "رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه "وما بدلوا تبديلا" (الأحزاب23).
وقال العزيز القدير: "رجال يحبون أن يطهروا والله يحب المطهرين" (التوبة46).

وفي كتب من الإمام الحسين بن عليّ(ع) وهو بمكة إلى أخيه محمّد بن عليّ: ((بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن عليّ إلى محمّد بن عليّ ومَن قِبلَه من بني هاشم: أمّا بعد فإنّ من لحق بي استشهد، ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح والسلام)). كامل الزيارات(75).

عندما تقبل الفتن كقطع الليل المظلم، وتنعدم الرؤية، ويبلغ التمحيص بعض مفاصله الحرجة، ومنعطفاته الحادة، يستخرج من الغربال خلق كثير فلا يقوى على الصمود إلا من طهر مولده وطاب محتده، وحسن إسلامه، وخاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى. وتلك هي خصائص الرجال، وقادتهم، ومهوى أفئدتهم "على الأعراف رجال يعرفون كلاً بسيماهم" (الأعراف47). (1)

إن أصحاب الإمام الحسين عليه السلام، ومن سار على دربه واتبع طريقته كثر، ولكن ليس كلهم استشهد في كربلاء، بل إن البعض منهم قضى نحبه شهيداً مزهوق الروح مصلوب الجسد قبل الواقعة بمدة. ومن بين الذين كانوا على درب الإمام الحسين(ع)، ولم يحضروا كربلاء ليستشهدوا معه، بل استشهدوا وصلبوا قبل وصول الإمام الحسين(ع) إلى العراق وقبل بدأ معركة كربلاء، بالإضافة إلى كونهم مغمورين وغير مشهورين في ثقافتنا المنبرية، هو ضيف حلقتنا هذه.

هو الشهيد الكربلائي الأول سليمان أو أبو رزين مسعود بن مالك رضوان الله تعالى عليه.

نبذة تاريخية عنه:
نعم، استشهد في البصرة على يد ابن زياد، في نفس الفترة التي كان فيها الشهيد مسلم بن عقيل عليه السلام يتابع المستجدات في الكوفة. وكان هو سفير الإمام الحسين(ع) إلي البصرة، يتابع التطورات فيها، لان البصرة كانت الجناح الآخر للمهام التي كانت تناط بالعراق، وعلى مستوى العالم الإسلامي كله وامتداداته. ورغم التقدم والتمايز الواضح للكوفة، لم يلغي محورية البصرة بدرجة تالية. وأبو رزين واحد من هؤلاء الرجال الإبدال المدخرين للشدائد والملمات. (1)

موقع البصرة بين الدول الإسلامية حينها:
في الفترة التي كانت فيها شهادة السفير الأول مسلم بن عقيل، الذي هو من حيث الموقع والمقومات بمستوى ثقة الإمام الحسين وأهل بيته سلام الله عليه وعليهم، والذي استشهد على يد "شر البرية" كذلك كانت شهادة أخيه في الحسين "أبي رزين"، قبيل توجهه مسرعاً إلى الكوفة. وقد غيَّب تعتيم البلاط وعهود الجبابرة حقيقة ما جرى في البصرة، قبل وصول رسول الإمام إليها، وبعد شهادته مباشرة، مما حال دون معرفة انعكاس أحداث الكوفة في الرئة الأخرى رغم عدم التعادل، إلا أن من المقطوع به أن طاغية كابن زياد لا يمكن أن يترك البصرة دون إجراءات مشددة قبل خروجه منها، وقبل أن يكتب من الكوفة إلى عامله بالبصرة أن يضع المناظر، ويأخذ بالطريق. ومثل ما عصف بالكوفة من إرهاصات عصف بالبصرة، فالواجب أن تتواصل القبائل – أو بطون القبيلة الواحدة أو أقسام البطن - في المصرين، وأن يكون ثمة تناغم ولو جزئي في التحفز والولاء، لكن لم يصلنا شيء من كل ما حفلت به البصرة من أحداث - ماعدا حديث الشهداء البصريين في ساحة كربلاء - وشهادة رسول الإمام عليه السلام، والرسالة التي حملها، وردة فعل بعض من وجهت الرسالة إليهم، وهو كاف لتحول التساؤل عما جرى في البصرة إلى سؤال جاد شديد الإلحاح: هل اقتصر الأمر على قتل رسول الإمام إلى البصرة، وانتهى الأمر؟! (1)

كادت البصرة أن تكون مؤهلة لتعويض الخسارة الفادحة التي نجمت عن الانقلاب الكوفي لولا:
01- سرعة عصف الانقلاب الكوفي التي فاقت تصورات جميع الخبراء آنذاك.
02- اعتماد النظام سياسة المبادرة في قتل الإمام حتى "لا تلتأم إليه شيعته"، وكان المصر الطليعي الذي يتخوف النظام من تحركه هو البصرة بالتحديد. (1)

أصول الشهيد:
سليمان هذا أمه كبشة جارية للحسين عليه السلام، اشتراها بألف درهم، وكانت تخدم في بيت أم إسحاق بنت طلحة بن عبدالله التيمية، زوجة الحسين(ع)، تزوجها أبو رزين، فولدت منه سليمان. وسليمان هذا هو القائد الجهادي الكبير الذي يشار إليه بالبنان، والذي "شهد وأخوه حَمَّال بن مالك القادسية معاً" وكانت لهما فيها صولات مفصلية؟ وسليمان هذا هو مولى الحسين عليه السلام كما في نسخة، ومولى الحسن عليه السلام كما في نسخة أخرى، وقتل مع الحسين عليه السلام، ولذا عد من أصحاب الحسين عليه السلام. (1)

كيفية استشهاده:
كتم بعض أشراف البصرة خبر الكتاب الذي أرسله الإمام الحسين(ع) إليهم مع سليمان، طالباً فيه نصرتهم له، ولكن المنذر بن الجارود – كما زعم - خاف أن تكون هذه القضية مؤامرة من عبيدالله ابن زياد، الذي هو صهره على ابنته - بحريّة - فقام بتسليّم سليمان والكتاب إلى ابن زياد، وكان ذلك عشية مغادرة عبيدالله البصرة باتجاه الكوفة، فقرأ الكتاب وأمر بضرب عنق سليمان، وفي خبر آخر أخذ الرسول - أي: سليمان - فصلبه. (2)

موضع قبر الشريف:
مِن العدلِ والإنصاف والوفاء لتلك الشَّخصيَّةِ أنْ يذكَرَ ويُوضَعُ له رمزاٌ على أرض البصرة، ويعمل الباحثون على إيجادِ قبرِهاِ المُغيَّبِ، الذي استقربَ بعضُ المُحقِّقينَ أنْ يكونَ في ناحيةِ "الدّيرِ"، كما ذكر ذلك البحَّاثةُ الشَّيخُ محمَّد حرزالدين في كتابه "مراقد المعارف" ج 1 ص325. (3)

هذه نهاية حلقتنا الثانية،من هذه السلسة المباركة ونتمنى أن نكون قد وفينا جزء ولو بسيط من حق هذا البطل الهمام، ونلتقي مع شهيد منسي مغمور آخر في القريب العاجل.
بقلم: حسين نوح المشامع
(1)((موقع السرائر للشيخ حسين كوراني)) (2)(ويكي شيعة) (3)((العتبة العباسية المقدسة - شبكة المعارف للتراث الإسلامي)).


الساعة الآن »04:09 PM.

المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc