منتديات موقع الميزان

منتديات موقع الميزان (http://www.mezan.net/vb/index.php)
-   ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام (http://www.mezan.net/vb/forumdisplay.php?f=128)
-   -   {إنّ أوّل عبادة الله معرفته} (http://www.mezan.net/vb/showthread.php?t=27620)

عشق الحسين رقية 22-Jun-2011 09:58 AM

{إنّ أوّل عبادة الله معرفته}
 
يقول أمير المؤمنين عليه السلام:
{إنّ أوّل عبادة الله معرفته، وأصل معرفته توحيده، ونظام توحيده نفي الصّفات عنه لشهادة العقول أنّ كلّ صفة وموصوف مخلوق وشهادة كلّ مخلوق أنّ له خالقاً ليس بصفة ولا موصوف، وشهادة كلّ صفة وموصوف بالإقتران وشهادة الإقتران بالحدث وشهادة الحدث بالإمتناع من الأزل الممتنع من حدثه، فليس اللهَ عرفَ منْ عرف ذاته}٦٨.

وردت عبارةٌ في نفس هذه الخطبة النورانيّة لأمير المؤمنين عليه السلام وهي: {فليس الله عرف من عرف ذاته}٦٩، وقد نستفيد منها بعض المطالب اللطيفة الخاصّة.

هذه العبارة في واقعها مبيّنة للعبارة الإفتتاحيّة لهذه الخطبة حيث يقول: {إنّ أوّل عبادة الله معرفته}، بمعنى أنّ أعظم عبادة الله معرفته.

من خلال العبارة التي وردت فيما بعد في كلامهعليه السلام، يتبيّن أنّ المعرفة التي هي أعظم العبادة ليست معرفة الذات المقدسة {فليْسَ اللهَ عرف منْ عرفَ ذاته}، فإنّ المقام الذي تتعلّق به المعرفة ليس ذات الباري تعالى وتقدّس، فالذات المقدّسة ليست متعلق المعرفة أصلاً، بل وكلّ من يتصوّر أنّه تعرّف على الله بمعرفة ذاته المقدسة ليس عارفاً بالله، فليس الله من وُضعت القدم لمعرفة ذاته وتُصوّر أنّه يُتعرّف عليها.

وبعبارة واضحة وصريحة، نقول أنّ طيّ طريق المعرفة في مقام الذات محال، وكلّ ما يُعرف عن الله تعالى وتقدس هو غير الذات المقدسة.

حتّى نغوص في البحث، نسأل: ما هي وسيلة المعرفة المتيّسرة لمعرفة الله تعالى؟
يقول عليه السلام بصراحة: {وبالعقول تُعتقد معرفته}٧٠.

إنّ طريق معرفة الحقّ تعالى هي بالعقول، ولكن ما هي تلك العقول التي يمكن معرفة الحقّ تعالى بها؟

هنا لا بدّ من معرفة العقل، وما لمْ نعرف العقل لا يمكن أنْ يُفتح لنا طريق المعرفة أصلاً، ولكن ما هو العقل؟

ينبغي توخّي الدقة في المقام وعدم التسرّع في تحديد معنى العقل الذي به تتمّ معرفة الله تعالى، فإنّ الغوص في هذا الطريق سواء بتحديد معناه أو بمعرفة تفاصيله وشؤونه لا يتيسر إلاّ بعنايّة خاصّة.

الخلاصة أنّ معرفة الله تعالى لا يمكن أنْ تكون بمعرفة الذّات، فإنّ الطّريق مسدود في هذا المقام، والكلام عاجزٌ عن كشف شيء من هذه الحقائق، ولكنّنا مضطرون لأنْ نتكلّم بشيءٍ من هذه الكلمات لعلّه يتجلّى لأفهامنا شيءٌ من الحقائق على قدر معيّن، وكلّ عبارة مذكورة في كلامه عليه السلام هي بمثابة الإشارة التي تكشف عن تلك الحقائق.

عندما قال عليه السلام: {إنّ أوّل عبادة الله معرفته}٧١، فهو بمعنى أنّ أعظم وأكبر عبادة الله هي معرفته، والسبب الكامن وراء هذه الأوّليّة هو أنّ أكثر الأعمال التي تتطلّب الجهد والسعي هي المعرفة، حيث أنّ أفضل الأعمال أحمزها.

صحيحٌ أنّ السعي والجهد مطلوبٌ في الصلاة والصوم والحج وغيرها من العبادات بنحو معيّن، ولكنّه في مجال المعرفة التي هي أعظم العبادات مطلوبٌ بنحو أعظم.

ههنا يطرح سؤال: ما هي العبادة التي أفضلها المعرفة؟ هل هي عبادة الذّات؟

لا يمكن أنْ تكون كذلك بأيّ نحو من الأنحاء، لأنّ الذّات محجوبة إحتجاباً كليّاً عن أيّ مقام وشأن وصفة، وهو ما سيتبيّن، بل هي معرفة الاسم وعبادة الاسم٧٢، وبعبارة أخرى إنّ معرفته تعالى هي عن طريق الإسم، ويشهد بهذا الآيات القرآنيّة التي تُبيّن أنّ الله تعالى قدْ أمر الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بالتوجّه إلى الإسم.

يقول تعالى في كتابه الكريم: {سَبِّحْ اسْمَ رَبّكَ الأَعْلى}٧٣.

التسبيح هنا عبادة، والأمرُ بالتسبيح هو الأمر بنحو خاصّ من العبادة، أيْ أنّ الله تعالى يأمر الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بأنْ يعبد اسم ربّه الأعلى على نحو مخصوص وهو التسبيح، سواء كان الأعلى وصفاً لنفس الربّ أو وصفاً لاسم الربّ.

وهذا موجود في موارد أخرى من القرآن الكريم، حيث أنّ الله يأمر الرسولَ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بعبادة الاسم وتسبيح وتحميده، والسبب في ذلك أنّ منطقة الذّات ممنوعة ولا طريق لأحدٍ إليها حتّى خاتم الإنبياء صلى الله عليه وآله وسلم.

في نفس هذه الخطبة، أمير المؤمنين عليه السلام ينفي معرفة الذات حيث يقول:
{فليس اللهَ عرفَ منْ عرف ذاته}.
إنّ كلّ ما يقال عن الله في مجال المعرفة هو غيره تعالى، وأمّا وسيلة المعرفة فهي كما بيّن صلوات الله وسلامه عليه: {وبالعقول تُعتقد معرفته}.

إنّ الله تعالى في كتابه الكريم يأمر الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله بعبادة الاسم، ولكن ينبغي الإلتفات إلى أنّه لا يلزم في هذا المقام المحذور في عبادة الاسم الذي تشير إليه الروايات بنحو واضح، فقد ورد أنّه لو كان الاسم وحده هو المقصود بالعبادة فهو الكفر، ولو كان الاسم والمسمّى معاً هما المقصودان بالعبادة فهو الشرك.

فإنّ الاسم الذي تتعلق به العبادة هو عين المسمّى وليس منفصلاً عنه وإلاّ لتمّ الوقوع في الكفر الصريح٧٤، فإنّ انفصال الاسم عن المسمّى هو الكفر وليس التوحيد.

عندما يأمر الله بعبادة الاسم فإنّما هي عبادة للمسمّى الذي يكشف الاسم عنه، فالاسم هنا هو عين المسمّى وليس منفصلاً عنه حتّى يلزم المحذور، كما لوْ كانت العبادة للاسم والمسمّى على نحو الاثنينيّة حيث محذور الشرك.

ومن هنا قالوا أنّ كمال التّوحيد هو إلقاء الاسم على المسمّى، وهو معنى ما نقرأه في شهر رجب من الدعاء الرجبي المشهور الوارد عن الناحيّة المقدسة:
{لا فرق بينك وبينهم إلاّ أنّهم عبادك وخلقك}٧٥.
إلهي، يوجد لك اسم لا يوجد أيّ فرق بينك وبينه، وليس منفصلاً عنك بأيّ نحوٍ من الأنحاء.
حتّى يتضح هذا المطلب ننقل بعض الروايات عن البصائر حيث ينقل المرحوم الصفار روايات صحيحة عن الأئمة عليهم السلام خصوصاًَ الإمام الصادق عليه السلام:
{بنا عُرف الله، بنا عُبد الله، بنا وُحّد الله، نحن الأدلاء على الله، ولولانا ما عبد الله}٧٦؛ ههنا ثلاث عبارات تجعل المعرفةَ متعلقةً بالإسم.
الإمام عليه السلام يريد أنْ يقول إنّ أيّ معرفة لله تعالى إنّما تكون بنا أهل البيت، وأيّ عبادة لله تعالى إنّما تكون بنا أهل البيت، وأيّ موحّد له تعالى إنّما يوحّده بنا، ولا يوجد أيّ طريق غير طريقنا.

قال أبو عبد الله عليه السلام: {وبعبادتنا عبد الله عز وجل، ولولانا ما عبد الله}٧٧.
هذا هو الاسم.!
يا رسول الله إجعل رابطتك التوحيديّة باسم ربّك، وسبّح اسمَ الربّ.
إنّ خاتم الأنبياء محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم، أوّل مخلوق وأوّل موجود في مقام المعرفة، قد جُعل من قبل الحقّ تعالى في إثر الاسم في العبادة والتوجّه.

ولأجل هذا، عندما كان ينظر إلى وجه الصدّيقة الطّاهرة فاطمة أم أبيها، كان يقول يا فاطمة إنّي أرى الله في وجهك، وهذه هي المعرفة عن طريق الاسم، ولا يوجد عندنا ما هو أرفع من هذا الاسم المخصوص وهو الوجود المقدّس لفاطمة الزّهراء سلام الله عليها التي هي اسم الله، وكذا عندما كان ينظر إلى وجه أمير المؤمنين عليه السلام كان ينظر إلى وجه الله، فعليٌّ وجهُ الله.

وحده الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان يعرف ما هو وجه الله وما هي حقيقته الظاهرة في عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فإنّ النظر في وجه أمير المؤمنين عليه السلام هو النظر في وجه الله الأتم، وهو طريق الارتباط بعبادة الحقّ تعالى ومعرفته وتسبيح الاسم.

ليس لله تبارك وتعالى اسم أرفع من الوجود المقدس لأمير المؤمنين عليه السلام، وليس له آيّة أكبر من وجود أمير المؤمنين عليه السلام، وهو قوله عليه السلام: {ما لله أيّة أكبر مني}٧٨، وكذا: {وما لله نبأٌ أعظمُ منّي}٧٩.

كلّ من يريد أنْ يجد الله ويشاهد الله ويصل إلى معرفة الحقّ تعالى، لا بدّ له أنْ يصل من خلال الاسم، ومن يبدأ في معرفة التوحيد من خلال نفسه فلأجل كونه اسماً صغيراً، وقد بدأ كلّ موحدي العالم في مجال المعرفة من أنفسهم؛ ولكن لو كان يوجد من هو أولى منك في الولايّة وظهور الأسماء الإلهيّة وأقرب إلى الحقّ منك، أليس من الأولى أنْ تتعرّف على الحقّ تعالى من خلاله؟

الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في يوم الغدير قال للناس: {ألستُ أولى بكم من أنفسكم}٨٠؟

قالوا: بلى؛ فالكلّ شهد بهذا الأمر.
فقال لهم الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: {من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه}، فكلّ ما كان لي من الشؤون الولائيّة عليكم فهي لعليّ كذلك، وما قاله الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم كان لأجل تفهيم التوحيد.

إنّ كلّ الموحدين في العالم وكلّ من وصل إلى معرفة الله قد بدأ من نفسه، وبقدر ظرفه الوجودي استفاد من معرفة الحقّ تعالى، وهذا ما ورد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: {من عرف نفسه فقد عرف ربه}٨١.

أيّها الموالي إنّ ظرفك صغير، ولكن عندنا ظرف ووعاء وجودي أرفع وأكبر، وعندنا اسم وآية أكبر، أفليس حريّاً بك أنْ تعرف الحقّ تعالى به، فهو الوليّ المطلق، ولا قبال له في عالم الولاية.

في مجال معرفة الحقّ تعالى، نقول إنّ من ادّعى معرفة الله في مقام ذاته لم يعرف الله، فليس اللهَ عرف من عرف ذاته، بل طريق معرفة الله تعالى هو معرفة النفس في المقام الأول وهو قوله صلّى الله عليه وآله وسلم: {منْ عرف نفسه فقد عرف ربّه}، وفي المقام الثاني هو معرفة الوليّ، والمعرفة الثّانيّة أشمخ وأرفع من المعرفة الأولى، ولا يوجد طريق آخر لمعرفة الحقّ تعالى.

يقول المولى أمير المؤمنين عليه السلام: {إنّ أوّل عبادة الله معرفته}.

أولاً لا بدّ من الشروع من معرفة النفس، ولكن لوْ أنّ شخصاً سلك طريق معرفة النّفس من الأوّل، فإنّ الحاصل من هذه المعرفة سوف يكون مقيّداً، لأنّه سلك طريقاً محدوداً له ظرفيّة وجوديّة خاصّة، وكلّ من يسلك من أهل المعرفة والولايّة والتّوحيد عن طريق النفس ويغوص في مجال معرفة الله تعالى عن طريقها، تكون معرفته بالله وعبادته له مقيّدة ومحدودة في النقطة الأخيرة من سلوكه، لأنّ معرفته إنّما كانت بمقدار ظرف وجوده الخاص المتعلّق به، وأمّا لوْ قطع الطريق بظرف وجوديّ أكبر وهو ظرف الوليّ، فإنّ النتيجة سوف تكون مختلفة، وهذه هي معرفة الوليّ.

وذاك هو الوليّ الذي ورد عنه: {عليّ ميزان الأعمال}٨٢، فأوّل عمل هو معرفته.

لوْ أراد شخص أنْ يصل إلى معرفة الله عن طريق معرفة النفس فلن يقنع ولن يكتفي، بل سيسعى نحو نقطة أرفع وأعظم، وتلك النقطة هي نقطة الولايّة وهي محمّد وآل محمّد صلوات الله وسلامه عليهم.
ـــــــــــــــــــــــــ
٦٨ تحف العقول، ابن شعبة الحراني، ص٦١.
69 م.ن، ص61.
70 م.ن.، ص61
71 م.ن.، ص.61
٧٢ ينبغي الالتفات إلى أنّ الاسم الملحوظ للعبادة ليس هو الاسم المنفصل عن المسمى بلْ هو مقام يكون الاسم والمسمى واحداً وسيتبيّن انْ شاء الله تعالى.
٧٣ سورة الأعلى، الآيّة ١.
٧٤ الكافي، الكليني، ج١، ص٨٨.
٧٥ الدعاء الرجبي الصادر من الناحيّة المقدسة، مفاتيح الجنان.
٧٦ بصائر الدرجات، وكذا التّوحيد، ص١٥٢.
٧٧ تفسير نور الثقلين، ج٥، ص٣٤٠.
٧٨ تفسير القمي، علي بن ابراهيم القمي، ج١، ص٣٠٩.
٧٩ بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج٣٦، ص١.
٨٠ عيون أخبار الرضا عليه السلام، الشيخ الصدوق، ج٢، ص٥٨.
٨١ شرح أصول الكافي، المولى محمّد صالح المازندراني، ج٣، ص٢٣.
٨٢ مستدرك سفينة البحار، الشيخ علي النمازي، ج١٠،ص٢٩٤

التوحيد الشهودي
االشهود السادس

يتيم الحسين (ع) 29-Jun-2011 11:47 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلى على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم
بارك الله في جهودك اوخيه
ربي يجعله في موازين صالح الاعمال
حفظك الله ورعاك

عشق الحسين رقية 29-Jun-2011 01:32 PM

http://www.mezan.net/forum/g11/339-thanks.gif


الساعة الآن »04:24 PM.

المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc