![]() |
مناظرة هشام بن الحكم مع عمرو بن عبيد
بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين هشام بن الحكم من تلامذة الأمام الصادق والكاظم عليهم السلام، وقد قال في حقّه الاِمام الصادق عليه السلام : "هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده" كان هشام بن الحكم من متكلمي الشيعة، وممن فتق الكلام في الإمامة، وهذّب المذهب والنظر، وكان حاذقاً بصناعة الكلام... ---- ننقل لكم مناظرته مع عمرو بن عبيد: كان عند الإمام الصادق ( عليه السلام ) جماعة من أصحابه ، فيهم هشام بن الحكم وهو شاب فقال الإمام "عليه السلام" : يا هشام قال : لبيك يا ابن رسول الله قال "عليه السلام" : ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عبيد وكيف سألته ؟ قال هشام : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، إني أُجِلُّكَ واستحييك ، ولا يعمل لساني بين يديك فقال "عليه السلام": إذا أمرتكم بشيء فافعلوه قال هشام: بلغني ما كان فيه عمرو بن عبيد وجلوسه في مسجد البصرة ، فعظم ذلك عليَّ لأنه كان ينكر الإمامة ويقول: مات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بلا وصي فخرجت إليه ودخلت البصرة يوم الجمعة وأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة ، وإذا بعمرو بن عبيد عليه شملة سوداء مؤتزر بها من صوف وشملة مرتدٍ بها ، والناس يسألونه فاستفرجت الناس فأفرجوا لي ، ثم قعدت في آخر القوم على ركبتي ثم قلت: أيها العالم ! أنا رجل غريب ، أتأذن لي فأسألك عن مسألة ؟ قال عمرو بن عبيد : سَلْ قلت له : أَلَكَ عين ؟ قال عمرو : يا بني أي سؤال هذا ؟!! فقلت : هذه مسألتي فقال عمرو : يا بني ، سَلْ ، وإن كانت مسألتك حمقاء قلت : أجبني فيها قال : نعم قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أرى بها الألوان والأشخاص قلت : أَلَكَ أنف ؟ قال : نعم قلت : فما تصنع به ؟ قال : أَشَمُّ به الرائحة قلت : أَلَكَ لسان ؟ قال : نعم قلت : فما تصنع به ؟ قال : أتكلم به قلت : أَلَكَ أذن ؟ قال : نعم قلت : فما تصنع بها ؟ قال : أسمع بها الأصوات قلت : أَلَكَ يدان ؟ قال : نعم قلت : فما تصنع بهما ؟ قال : أبطش بهما ، وأعرف بهما اللَّيِّن من الخشن قلت : أَلَكَ رجلان ؟ قال : نعم قلت : فما تصنع بهما ؟ قال : انتقل بهما من مكان إلى آخر قلت : أَلَكَ فَم ؟ قال : نعم قلت : فما تصنع به ؟ قال : أعرف به المطاعم والمشارب على اختلافها قلت : أَلَكَ قلب ؟ قال : نعم قلت : فما تصنع به ؟ قال : أُميِّز به كلما ورد على هذه الجوارح قلت : أفليسَ في هذه الجوارح غنىً عن القلب ؟ قال : لا قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة ؟ قال : يا بني ، إن الجوارح إذا شكَّت في شيء شمَّتهُ أو رأتهُ أو ذاقَتْهُ ، ردَّته إلى القلب فَتَيَقَّنَ لها اليقينُ وأُبطِلَ الشك فقلت : فإنما أقام الله عزَّ وجلَّ القلب لشك الجوارح ؟ قال : نعم قلت : لا بد من القلب وإلا لم تستيقن الجوارح ؟ قال : نعم قلت : يا أبا مروان ، إن الله تبارك وتعالى لم يترك جوارحكم حتى جعل لها إماماً يصحح لها الصحيح وينفي ما شكَّت فيه ويترك هذا الخلق كله في حيرتهم وشكِّهم واختلافهم لا يقيم لهم إماماً يردُّون إليه شكَّهم وحيرتهم ويقيم لك إماماً لجوارحك تَرِدُّ إليه حيرتك وشكك ؟!! فسكت عمرو ولم يقل لي شيئاً ، ثم التفت إليَّ فقال لي : أنت هشام بن الحكم ؟ فقلت : لا فقال لي : أَجَالَسْتَهُ ؟ فقلت : لا قال عمرو : فمن أين أنت ؟ قلت : من أهل الكوفة قال عمرو : فأنت إذاً هو ، ثمَّ ضمني إليه وأقعدني في مجلسه ، وما نطق حتَّى قمتُ فضحك الإمام الصادق "عليه السلام" ثم قال : يا هشام ، من علَّمَك هذا؟ قلت : يا ابن رسول الله ، جرى على لساني... قال "عليه السلام" : يا هشام ؟! هذا والله مكتوب في صحف إبراهيم وموسى هذه واحدة من المناظرات الكثيرة لهشام ابن الحكم وقد ناظر هشام الفلاسفة في مختلف الميادين العلمية حتى تفوّق عليهم وكانت نوادي بغداد تعجّ بمناظراته القيّمة التي دلّت على تفوّقه في هذا الفن... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته نسألكم الدعاء |
الساعة الآن »09:28 PM. |