عضو مميز
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ناصر حيدر
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
بتاريخ : 11-May-2012 الساعة : 12:44 PM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
الثواب والعقاب
مسألة الثواب والعقاب من المسائل المهمة عند الشيعة, واعتقادهم بهما أنهما يترتبان على العمل, فالعمل الذي يعمله المكلف إن كان طاعة لله سبحانه وامتثالا لأمره تعالى , أثابه الله عليه بالاحسان وجزاه عليه الخير , أما إذا كان العمل على خلاف ماأمر الله سبحانه ومعصية له عز أسمه , كان له سبحانه أن يعاقبه عليه , فالعمل ان كان خيرا كان عليه الثواب , وان كان معصية كان عليه العقاب, وهذا لاكلام فيه .
وإنما الكلام في أن الثواب والعقاب هل هو بالاستحقاق , بمعنى أن العبد هل يستحق الثواب على الطاعة , والعقاب على المعصية , أم لا؟
العقاب استحقاق
لاشك ولاريب في أن العقاب يكون بالاستحقاق , أي اذا عمل المعصية يستحق العقوبة عليها من المولى , وذلك لأنه اذا فعل الذنب والمعصية بأختياره ومحض ارادته , يكون بحكم العقل متمردا , وخارجا عن زي الرقية ورسم العبودية, فأن القوى التي أودعها الله وأوجدها في الانسان من العقل والقوة والارادة والاختيار وغيرها , كان بأمكان المكلف أن يستعملها في الطاعة , إلا أنه بسوء اختياره تمرد وأستعملها في المعصية ومخالفة المولى , فاستحق بذلك سخطه وعقابه .
الثواب تفضل
وأما الثواب , فلا أشكال في أنه تفضل من الله سبحانه ورحمة منه , لأن العباد مهما فعلوا لايمكن أن يؤدوا حق المولى في الطاعة والانقياد , ولو قيست أعمال العباد بمقياس العدل لما كان لأحد عمل ابدا , فأن اعمالهم تقصر عن ان تكون في مقابل ابسط نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى , ولكن الله سبحانه بمقتضى عدله شاء أن يتفضل على عباده بالثواب ويجزيهم عى الطاعة الحسنة بل الحسنات , ووعدهم بذلك , والعقل يدرك حسن التفضل بالثواب بمقتضى الوعد , والله صادق الوعد , كما تنص على ذلك الايات الكريمة .
قال تعالى ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )
وقال تعالى ( وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا)
فلا أشكال في ان الله سبحانه بإعطائه الثواب على الطاعات والحسنات والأعمال الصالحة متفضل على عباده, إذ ليس لهم عليه سبيل في الاستحقاق , لما سلف لله تعالى عندهم من النعم والفضل والاحسان مايوجب عليهم إداء شكره وطاعته وترك معصيته , فلو لم يثبهم لما كان ظالما لهم , ولكن بوعده الصادق بجعل الثواب تفضلا استحقوا الثواب , ولذلك نسميه استحقاقا تفضليا.
مرتكب الكبيرة
المسلم المرتكب لكبيرة , هل هو كافر أم لا ؟ وهل هو مخلد في النار أم لا ؟ كلام طويل بين أهل المذاهب الاسلامية في هذا الموضوع .
والذي يعتقده الشيعة في مرتكب الكبيرة هو أنه مادام على الاسلام والايمان بالله ربا واحدا لاشريك له , والايمان بمحمد رسولا ونبيا من عند الله , ومصدقا بكل ماجاء به من عند الله , لايمكن الحكم بكفره اطلاقا , وانما هو عاص وفاسق ويستحق العقاب اذا لم يبادر الى التوبة , كما قال تعالى ( ان الله لايغفر ان يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد أفترى إثما عظيما ) .
فالذنوب مكفرة ومغفورة بأجمعها , ولو لم يكن باق على الاسلام والايمان فلا معنى للمغفرة , وكذلك لامعنى للتوبة, بل لايكون هناك محل وموضوع للتوبة, كما ورد في القران الكريم حيث يقول تعالى ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم ) وقال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا توبوا الى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم )
فمع الاسلام والايمان - وهما من أعظم الطاعات والقربات - لايحكم بالكفر, كما لايحكم بالخلود في النار , لما ورد من أن أهل التوحيد لايخلدون في النار , هذا اذا لم تدركه الشفاعة ,فأنها حق , فقد ورد أن النبي (ص) قال ( إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ) ( الامالي الصدوق ص 56 ح 4 بحار الانوار 19/8 ح 4)
فالحاصل أن عذاب مرتكبي الكبائر بالنار إن لم تسبق منهم التوبة للتطهير , لأن الجنة لايدخلها الا طاهر نقي زكي , فيطهر اهل التوحيد بالنار ليخلصوا من غش الذنوب ويدخلوا الجنة بصفاء ونقاء وطهارة .
المعصية وأقسامها
المعصية هي الخروج عن مراسم العبودية لله سبحانه وتعالى بمخالفة أوامره وعدم أمتثالها , وعدم الانتهاء عن نواهيه وارتكابها , وقد يستفاد من بعض الايات أن الذنوب والمعاصي تقسم الى كبيرة وصغيرة , قال تعالى ( إن تجتنبوا كبائر ماتنهون عنه نكفر عنكم سيائتكم ) وقال تعالى ( والذين يجتنبون كبائر الأثم والفواحش ).
وكذلك يستفاد هذا المعنى من بعض الاخبار والاحاديث
ورد في الحديث عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله أنه قال ( لاصغيرة مع الاصرار , ولا كبيرة مع الاستغفار ) ( الكافي الكليني 288/2 ح1 )
وعن جابر , عن ابي عبد الله في قوله تعالى ( ولم يصروا على مافعلوا وهم يعلمون ) قال ( الاصرار هو أن يذنب الذنب فلا يستغفر منه , ولا يحدث نفسه بتوبة, فذلك الاصرار )( الكافي الكليني 288/2 ح 2 )
كما يستفاد هذا ما ظاهر الحديث الشريف ( لاتنظر الى صغر الخطيئة , ولكن انظر الى من عصيت ) ( من وصية النبي (ص) لابي ذر انظر بحار الانوار 77/74)
الا أن تحديد الصغيرة بشكل مستقل غير مذكور , بل صعب جدا ولذلك قيل , أن الصغيرة هي الذنب بالاضافة الى مافوقه , والكبيرة هي الذنب بالاضافة الى مادونه , فالشرك أكبر الكبائر , فهو كبيرة , والغيبة بالنظر الى الشرك صغيرة , والزنا كبيرة , والسب والشتم بالنظر الى الزنا صغيرة.
ولكن الحقيقة في هذا الموضوع هو النظر الى أصل المعصية , وأنها خروج عن مراسم العبودية والتعدي على حرمات الله سبحانه, فإنه مما يستوجب للعبد البعد عن الله والعقاب , سواء أكان الذنب صغيرا أو كبيرا .
والمسألة دقيقة جدا , لاينبغي للمرء أن يتهاون في أمر المحرمات والمعاصي , لأن فيها جرأة وتعديا على الله , وتعرضا لسخط الله , وسخط الله قد يؤدي الى عواقب وخيمة , أعاذنا الله من الزلل وسوء الخطل
الملائكة
|