عضو مميز
|
|
|
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ناصر حيدر
المنتدى :
ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
بتاريخ : 05-Jul-2012 الساعة : 04:44 AM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
النقطة الثالثة
لماذا أحرقت الروايات التي جمعت في عهد النبي (ص)
من الثابت والاكيد , أن أصحاب النبي (ص) سجلوا العديد من الروايات التي سمعوها من النبي (ص) , وقد ورد أن أبا بكر سجل خمسمائة حديثا سمعها من النبي (ص) , فلما توفي النبي (ص) أحرقها. (راجع تذكرة الحفاظ الذهبي ج1 ص5, وكنز العمال المتقي الهندي ج10 ص285, فقد رويا عن عائشة أنها قالت جمع أبي الحديث عن رسول الله (ص) وكانت خمسمائة حديث , فبات ليلته يتقلب كثيرا قالت فغمّني فقلت أتتقلب لشكوى أو لشيء بلغك ؟ فلما أصبح الصبح قال أي بنية هلمي الاحاديث التي عندك فجئته با , فدعا بنار فحرقها , فقلت لم أحرقتها ؟ قال خشيت ان اموت وهي عندي فيكون فيها احاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت ولم يكن كما حدثني فأكون قد نقلت ذاك )
وأمر عمر الصحابة بأن يأتوه بما لديهم من الاحاديث التي سجلوها عن النبي (ص) وسمعوها منه مباشرة , فجمعت له فأحرقها بأجمعها. ( راجع طبقات ابن سعد الكبرى 5/188 فقد روى عن عبد الله بت العلاء قال سألت القاسم يملي علي أحاديث فقال ان الاحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب , فأنشد الناس أن يأتوه بها, فلما أتوه بها أمر بتحريقها ثم قال مثناة كمثناة أهل الكتاب , قال فمنعني القاسم يومئذ أن أكتب حديثا) ( راجع كتاب العلم , ابو خيثمة النسائي (ت 234ه ) ص11 , فقد روى عن يحيى بن جعدة أنه قال أراد عمر أن يكتب السنة ثم كتب في الناس من كان عنده شيء من ذلك فليمحه )
( راجع ايضا كنز العمال المتقي الهندي 10/ 291 - 292 فقد روى أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستفتى أصحاب رسول الله (ص) في ذلك فأشاروا عليه أن يكتبها , فطفق عمر رضي الله عنه يستخير الله فيها شهرا , ثم اصبح يوما وقد عزم الله له فقال إني كنت أريد أن أكتب السنن , وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتابا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله , وإني والله لاأشوب كتاب الله بشيء ابدا )
بل ان عمر كان ينهى عن الرواية عن النبي (ص) ويقول ( حسبنا كتاب الله ) (راجع مسند احمد 1/325, صحيح مسلم النيسابوري 5/76), بل أنه حبس جماعة من الصحابة , وفرض عليهم الاقامة الجبرية , لأنهم لم يتقيدوا بكلامه.( كنز العمال 10/ 292- 293 قال أخبرني صالح بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال والله ما مات عمر بن الخطاب حتى بعث الى اصحاب رسول الله (ص) فجمعهم من الافاق عبد الله بن حذافة , وأبا الدرداء, وأباذر , وعقبة بن عامر , فقال ماهذه الاحاديث التي قد أفشيتم عن رسول الله (ص) في الآفاق ؟ قالوا أتنهانا ؟ قال لا أقيموا عندي , لا والله لاتفارقوني ما عشت , فنحن أعلم نأخذ ونرد عليكم , فما فارقوه حتى مات )
وهنا يتساءل المرء: إذا كان الصحابة هم الحفظة للدين , فما هو الهدف من إحراق هذه الروايات ومحوها؟ هل هو عدم الرواية عنه (ص) كي لايفترى عليه في قول , أو رأي , أو حكم , أم هناك هدف آخر من وراء ذلك ؟.
أظن أنا لانحتاج الى كثير من المؤنة في أثبات الغاية وبيان الهدف من إحراق الروايات التي سمعها الصحابة من النبي وسجّلوها.
فنحن عندما نقرأ الأحداث التي رافقت مرض النبي (ص) الى حين وفاته وما كان من الصحابة في ذلك الوقت , وما جرى من أحداث ومواقف, مثل التخلف عن جيش أسامة مع تشديد النبي (ص) على إنفاذه , ومخالفة النبي (ص) لمّا طلب أن يأتوه بدواة وكتف لكي يكتب لهم كتابا لن يضلوا بعده أبدا , وقولهم ( إن النبي ليهجر) أو غلبه الوجع ( غلبه الوجع ) مما يفيد أنه يهذي وغير متمالك لوعيه و وانقسام المسلمين أثناء ذلك الى قسمين : قسم مؤيد لقول عمر وقسم مستنكر.
وعند وفاته , حيث تسارع القوم الى سقيفة بني ساعدة لانتخاب الخليفة , وتركوا النبي (ص) مسجى لايهمهم أمره ابدا, وعلي وأصحابه وأهله مشغولون بتجهيزه (ص) .
وبعد أن تمت البيعة لأبي بكر بالكيفية التي تمت بها وحصلت , خرج بنو أسلم فورا لنصرة الموقف ومؤازرة البيعة لأبي بكر والوقوف في وجه المعارضة , وقول عمر - لما رأى أن بني أسلم أقبلت بجماعتها حتى تضايق بهم السكك- ( ماهو إلا رأيت أسلم , فأيقنت بالنصر )!!( تاريخ الطبري , ابن جرير (ت 310 ه) 2/458 - 459 )
عندما نقرأ هذه الاحداث بأجمعها ونضيف اليها غيرها من الامور التي جرت بعد ذلك مما لايسع المقام لذكره , نعرف تماما لماذا أحرقت تلك الروايات , لقد كانت هذه العملية تستهدف القضاء على كل ماورد في حق علي من احاديث ووصايا سجلها المسلمون في وقتها والتي تضمنت بيان احقية علي بالخلافة بعد النبي (ص) , فأن بقاء تلك الروايات سوف يحدث إرباكا لهم , ولذلك سارعوا الى القضاء على كل ماسجله الصحابة مما سمعوه عن النبي (ص) فيما يتعلق بالامام علي وبالاحكام الشرعية تغطية للموضوع.
وكذلك الدعوة الى القران والاخذ به كما قال عمر ( حسبنا كتاب الله ) ومع الاسف الشديد إن هذه الكلمة لم يكن لها واقع أبدا, فقد اضطر القوم الى أن يرجعوا للسنة كما فعل ابو بكر لمّا أخذ فدكا من فاطمة الزهراء , واستشهد بالرواية التي كانت مخالفة للكتاب تماما, وهي ( نحن معاشر الانبياء لانوّرث , ماتركناه صدقة ) ( هذا الحديث مشهور بينهم , راجع مثلا تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 36/310 ) إتماما لمشروع إبعاد أهل البيت عن حقهم وعن الخلافة بالذات التي ينص عليها القران.
هذه قصة إحراق الروايات بعد وفاة النبي (ص) وهذه خلفياتها , ويؤكد هذه الحقيقة تصريحات عمر لابن عباس لما تولى الخلافة .( شرح نهج البالغة ابن ابي الحديد ( 656 ه) 12/ 20 - 21 قال قال وروى ابن عباس رضي الله عنه قال دخلت على عمر في أول خلافته وقد ألقي له صاع من تمر على خصفة - وهي جلة تعمل من الخوص للتمر - فدعاني الى الاكل , فأكلت تمرة واحدة وأقبل يأكل حتى أتى عليه , ثم شرب من جر- وهي آنية من خزف - كان عنده واستلقى على مرفقة له وطفق يحمد الله يكرر ذلك , ثم قال من أين جئت ياعبد الله ؟ قلت من المسجد قال كيف خلفت ابن عمك؟ فظننته يعني عبد الله بن جعفر قلت خلفته يلعب مع اترابه , قال لم أعن ذلك , إنما عنيت عظيمكم أهل البيت , قلت خلفته يمتح بالغرب - أي يسقي بالدلو - على نخيلات من فلان وهو يقرأ القرآن قال ياعبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها ! هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة ؟ قلت نعم قال أيزعم أن رسول الله (ص) نص عليه ؟ قلت نعم وأزيدك , سألت أبي عما يدذعيه , فقال صدق , فقال عمر لقد كان من رسول الله (ص) في أمره ذرو - أي طرف - من قول لايثبت حجة , ولايقطع عذرا , ولقد كان يربع في أمره وقتا ما , ولقد أراد في مرض أن يصرح بأسمه فمنعت من ذلك إشفاقا وحيطة على الاسلام , لا ورب هذه البنية لاتجتمع عليه قريش ابدا , ولو وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها فعلم رسول الله (ص) أني علمت ما في نفسه , فأمسك وأبى الله إلا إمضاء ماحتم وقال ابن أبي الحديد ذكر هذا الخبر احمد بن ابي الطاهر صاحب كتاب تاريخ بغداد في كتابه مسندا انتهى . وعنه كتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات , الشيخ حسين الراضي ص 282 ).
ومع هذا كيف يمكننا أن نثبت أن الصحابة هم حفظة الدين والشريعة والأحكام , ونثبت لهم العدالة
لقد اتضح مما خلال ماعرضناه
|