منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - أصول العقيدة(3)في النبوة والرسالة
عرض مشاركة واحدة

زائر الأربعين
عضو مجتهد

رقم العضوية : 8240
الإنتساب : Feb 2010
المشاركات : 94
بمعدل : 0.02 يوميا
النقاط : 189
المستوى : زائر الأربعين is on a distinguished road

زائر الأربعين غير متواجد حالياً عرض البوم صور زائر الأربعين



  مشاركة رقم : 12  
كاتب الموضوع : زائر الأربعين المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 05-Mar-2013 الساعة : 05:52 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


-[ 194 ]-

حديث سليمان بن هارون

ومنها: حديث سليمان بن هارون عن الإمام الصادق (عليه السلام) حول بعض الفرق المنحرفة عن خط الإمامية، حيث قال (عليه السلام) عن سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منكراً دعواهم:
"وإن صاحبه لمحفوظ محفوظ له. ولا يذهبن يميناً ولا شمالاً، فإن الأمر واضح. والله لو أن أهل الأرض اجتمعوا على أن يحولوا هذا الأمر (يعني الإمامة) عن موضعه الذي وضعه الله ما استطاعوا. ولو أن خلق الله كلهم جميعاً كفروا حتى لا يبقى أحد جاء الله لهذا الأمر بأهل يكونون هم أهله" (1).
وهذا منه (عليه السلام) إخبار قاطع ببقاء دعوة الإمامية وعدم انقراضها، في وقت كانت في مهب الرياح، مستهدفة للقوى المعادية القاهرة، ومع ذلك تعاني من الفتن والمشاكل المعقدة. وكأنه (عليه السلام) يجري في كلامه هذا على غرار قوله تعالى: ((وَإن تَتَوَلَّوا يَستَبدِل قَوماً غَيرَكُم ثُمَّ لاَ يَكُونُوا أمثَالَكُم)) (2)، ويكون مفسراً له.
وكيف كان فقد صدق هذا الخبر القاطع عيانًا، حيث بقيت هذه الدعوة المباركة هذه المدة الطويلة رغم كل المعوقات والمحن والمصائب والفتن.
ولاسيما محنة الغَيبة وما ترتب عليها من انشقاقات وفتن يفترض
ـــــــــــــــــــــــ
(1) بحار الأنوار 26: 204.
(2) سورة محمد آية: 38.
-[ 195 ]-
فيها أن تنسف هذه الدعوة من أساسها، لولا أنها دعوة حق تعهد الله تعالى ببقائها، لتقوم بها الحجة على الناس، وأخبر عن ذلك على لسان أمنائه على وحيه والناطقين عنه جلّ جلاله.

الكتاب المتضمِّن تعيينَ الأئمة (عليهم السلام)

ومنها: الكتاب المنزل من الله تعالى على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأسماء الأئمة من أهل بيته وشيء من أحوالهم واحداً بعد واحد، وفيه بعد ذكر الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) :
"ثم أُكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب. سيذل أوليائي في زمانه ويتهادون رؤوسهم كما تتهادى رؤوس الترك والديلم، فيقتلون ويحرقون، ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم، ويفشو الويل والرنين في نسائهم. أولئك أوليائي حقًّا، بهم أدفع كل فتنة عمياء حِندِس، وبهم أكشف الزلازل وأرفع الآصار والأغلال ((أُولَئِكَ عَلَيهِم صَلَوَاتٌ مِن رَبِّهِم وَرَحمَةٌ وَأُولَئِكَ هُم المُهتَدُونَ)) " (1).
وهو - كما ترى - يحكي ما عانت منه شيعة أهل البيت في عصور الغيبة الطويلة، ومنها ما نراه في هذه العصور، حيث ظهرت فتنة المتطرفين الذين يستحلون سفك دمائهم علنًا، كما استحلها كثير مِن قبلهم، وفعلوا الأفاعيل بوحشية مسرفة.
ـــــــــــــــــــــــ
(1) إعلام الورى بأعلام الهدى 2: 177.
-[ 196 ]-
هذا من جانب ومن جانب آخر بقيت هذه الطائفة هذه المدة الطويلة متماسكة في نفسها محافظة على مفاهيمها الدينية الرفيعة ومبادئها السامية، تعتمد الحوار والبرهان، مسموعة الدعوة.
وبذلك تقوم بها الحجة على الناس في التعريف بالإسلام الحق القريب من الفطرة، بعيداً عن التشويه والتحريف، نتيجة التطرف المرفوض فطريًّا، أو التبعية للحكام التي من شأنها الإغراق في التسامح والتخفيف من قيود الدين والخروج عن ثوابته.
وبهذا حفظت هذه الطائفة للإسلام بهاءه وكرامته، وفرضت احترامه على الناس. وظهر صدق قوله عز وجل في الكتاب المتقدم: "بهم أدفع كل فتنة عمياء حِندِس..."... إلى غير ذلك من شواهد صدقهم (صلوات الله عليهم)، ومعرفتهم بمآيل الأمور، بتعليم من الله تعالى لهم، فضلاً منه سبحانه خصهم به، بعد أن وجدهم أهلاً لذلك، لخضوعهم له، وبخوعهم لحكمه، وفنائهم في ذاته، وجهادهم في سبيله.

تأثير أهل البيت (عليهم السلام) في أتباعهم

وبسبب ظهور صدقهم (عليهم السلام) وإخلاصهم، وتفاعلهم مع الواقع الذي يتحدثون عنه، كان لهم التأثير الملفت للنظر في ذوي المستوى الرفيع من العقل والرشد والإخلاص من أتباعهم، حيث تفاعلوا معهم ومع الحق الذي جاؤوا به.
وكانت نتيجة ذلك الثبات العجيب والتضحيات الجسام، كما ذكره
-[ 197 ]-
أهل الحديث والمؤرخون عن النخبة الصالحة من صحابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) ومن بعدهم من المؤمنين جيلاً بعد جيل، حيث جاهدوا في سبيل الدعوة بتصميم وإصرار وتحملوا في سبيلها القتل والسجن والتشريد وصنوف البلاء... وهكذا استمرت الدعوة إلى يومنا هذا، وما زالت في قوة وظهور وعلوّ وانتشار، محفوفة بالمحن والمآسي والمتاعب والمصائب.
هذا ما تيسر لنا ذكره من شواهد نبوة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) التي تعرف العاقل المتدبر بصدقه وواقعيته، وتحمله على الإيمان به والإذعان له. وفي مجموعها، بل في كل منها بلاغ للمتبصر المنصف والناقد غير المتعسف.
وهي توضح ما سبق عن الإمام أبي الحسن علي بن محمد الهادي (عليه السلام) في حديثه مع ابن السكيت من أن الحجة بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على صدقه هو العقل الذي يعرف به الصادق من الكاذب.
-[ 198 ]-


رد مع اقتباس