|
مشرفة
|
|
|
|
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
|
|
|
|
المستوى :
|
|
|
|
المنتدى :
ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان">
ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
نبذة من آداب القراءة في خصوص الصلاة
بتاريخ : 13-Jul-2013 الساعة : 10:49 PM

اللهم صل على محمد
وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم
السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا وولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين
في ذكر نبذة من آداب القراءة في خصوص الصلاة الفصل الاول في آداب القراءة في الصلاة خاصة اعلم أن للقراءة في هذا السفر الروحاني والمعراج الالهي مراتب ومدارج نكتفي ببعضها حسب ما يناسب هذه الرسالة: المرتبة الاولى: الا يشتغل القارئ الا بتجويد القراءة وتحسين العبارة، ويكون همّه التلفّظ بهذه الكلمات فقط وتصحيح مخارج الحروف حتى يأتي بتكليف ويسقط عنه أمر، ومعلوم أن التكاليف لهذه الاشخاص موجبة للكلفة والمشقة وقلوبهم منها منضجرة وبواطنهم عنها منحرفة وليس لهم حظ من العبادة الا أنهم ليسوا معاقبين بعقاب تاركها الا ان يتفضّل عليهم من خزائن الغيب ويقعوا موردا للاحسان والانعام بمجرد لقلة اللسان، ويتّفق لهذه الطائفة أحيانا أن ألسنتهم مشغولة بذكر الحق وقلوبهم عنه عارية وبرئية ومتعلقة بالكثرات الدنيوية والمشاغل الملكية، وهذه الطائفة داخلة في الصلاة بحسب الصورة ولكنهم بحسب الباطن والحقيقة مشغولون بالدنيا ومآربها والشهوات الدنيوية، ويتفق أحيانا أن قلوبهم أيضا مشغولة بالتفكر في تصحيح صورة الصلاة. ففي هذه الصورة قد دخلوا في صورة الصلاة بحسب القلب واللسان، وهذه الصورة منهم مقبولة ومرضية.
المرتبة الثانية: هم الذين لا يقتنعون بهذا الحد بل يرون الصلاة وسيلة لتذكر الحق ويعدّون القراءة تحميدا وثناء على الحق، ولهذه الطائفة مراتب كثيرة يطول ذكرها ولعله أشير إلى هذه الطائفة في الحديث الشريف القدسي " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي فنصفها لي ونصفها لعبدي فاذا قال بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله ذكرني عبدي واذا قال الحمد لله يقول الله حمدني عبدي وأثنى علي وهو معنى سمع الله لمن حمده. و اذا قال الرحمن الرحيم يقول الله عظّمني عبدي، واذا قال مالك يوم الدين يقول الله مجّدني عبدي، وفي رواية فوّض إليّ عبدي واذا قال ايّاك نعبد وإياك نستعين يقول الله هذا بيني وبين عبدي، واذا قال اهدنا الصراط المستقيم يقول الله هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ". وحيث أن الصلاة قد قسمت بحسب هذا الحديث الشريف بين الحق والعبد فلا بدّ للعبد أن يقوم بحق المولى إلى حيث حقّه ويقوم بأدب العبودية الذي ذكره في هذا الحديث حتى يعمل الحق تعالى شأنه معه باللطائف الربوبية كما يقول تعالى " أوفوا بعهدي أوف بعهدكم "(البقرة - 40).
والحق تعالى قد أقام آداب العبودية في القراءة على أربعة اركان:
الركن الأول: التذكر، ولا بد أن يحصل في بسم الله الرحمن الرحيم وينظر العبد السالك إلى جميع دار التحقق بالنظر الاسمى الذي هو الفناء في المسمّى ويعوّد القلب أن يكون طالباّ للحقّ ومحبّا للحق في جميع ذرّات الممكنات وفطرة تعلّم الاسماء التي فطر بها في مخمّر ذاته المشار اليها في قوله تعالى: " وعلّم آدم الاسماء كلّها "(البقرة - 31) لا بدّ وأن تصل من حضرة اسم الله الأعظم إلى مرتبة الفعلية والظهور بمقتضى جامعية نشأة الظهور، ويحصل هذا المقام من الخلوة مع الحق وشدّة التذكر والتفكر في الشؤون الالهية حتى ينتهي إلى حدّ يكون قلب العبد حقانيا ولا يكون في جميع زوايا قلبه اسم سوى الحق. وهذه مرتبة من الفناء في الالوهية، والقلوب المنكوسة القاسية للجاحدين لا تستطيع انكارها بهذا البيان الذي بيّنّاه الا أن يكون جحوده جحودا ابليسيا، فإن تلك القلوب والعياذ بالله متنفّرة بالطبع عن اسم الحق وذكره وتنقبض اذا جرى حرف من المعارف الالهية أو ذكر من أسماء الله ولا يفتحون بصيرتهم الا إلى الشهوات البطنية والفرجية، وفي هذه الطائفة أفراد لا يعتقدون للانبياء والأولياء أيضا سوى المقامات الجسمانية والجنة الجسمانية التي يُقضى فيها الوطر الحيواني، ويحسبون عظمة المقامات الاخروية كالعظمة الدنيوية بسعة الجنات والانهار الجارية وكثرة الحور والغلمان والقصور، واذا سمعوا كلاما عن العشق والمحبة والجذبة الالهية فيحملون على صاحبه بالالفاظ الركيكة والكلمات القبيحة، فكأن هذا الكلام سبّ لهم فيجبرونه، هؤلاء مأمورون من قبل الشيطان قد قعدوا على الصراط المستقيم الالهي بمقتضى: " ولاقعدنّ لهم صراطك المستقيم "(الأعراف - 16).
ولا يتركون أحدا يحصل له الانس مع الهه ويخلص من ظلمات التعلّق بالشهوات الحيوانية التي منها التعلّق بالحور والقصور.
ومن الممكن أن يستشهد هؤلاء بشواهد من أدعية الانبياء وأهل بيت العصمة بأنهم ايضا كانوا يطلبون الحور والقصور وهذا من قصور هذه الطائفة حيث أنهم لم يفرقوا بين حبّ كرامة الله حيث يكون النظر فيه إلى كرامة المحبوب واعطائه الذي هو علامة المحبة والعناية وبين حب الحور والقصور وأمثالها استقلالا، الذي هو في خميرة الشهوة الحيوانية، فحب كرامة الله هو حب الله ويسري إلى الكرامة والعناية بالتبع (عاشقهم برهمه عالم كه همه عالم ازاواست) (مصراع بيت للشاعر المعروف السعدي الشيرازي يقول: أنا للعالم عاشق حيث منه الكون أجمع).
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من من سكن الديارا والا فما لعليّ والحور والقصور؟ وأي تناسب بينه وبين الاهواء النفسانية والشهوات الحيوانية؟ من كانت عبادته عبادة الاحرار فلا يكون جزاؤه جزاء التجار.. قد اُرخي عنان القلم وبعدت عن المطلب، وبالجملة من عوّد نفسه على قراءة الآيات والاسماء الالهية من كتاب التكوين والتدوين الالهي يصوّر قلبه بالتدريج على الصورة الذكرية والآيتية ويتحقق باطن الذات بذكر الله واسم الله وآيات الله كما فسر وطبّق الذكر بالرسول الاكرم وعلي بن أبي طالب صلوات الله عليهما وآلهما والاسماء الحسنى بأئمة الهدى وكذلك فسّرت وطبّقت آيات الله عليهم، صلوات الله عليهم، فهم الآيات الالهية واسماء الله الحسنى وذكر الله الأكبر ومقام الذكر من المقامات العالية الجليلة لا يسع في مجال البيان وحيطة التقرير والتحرير، وتكفي لاهل المعرفة والجذبة الالهية وأصحاب المحبة والعشق الآية الشريفة الالهية " فاذكروني أذكركم "(البقرة - 152). وقال الله تعالى لموسى " يا موسى أنا جليس من ذكرني ".. وفي رواية الكافي قال رسول الله " من اكثر ذكر الله أحبه الله " وفي الوسائل باسناده إلى الصادق قال: قال الله عزّ وجلّ " يابن آدم اذكرني في نفسك اذكرك في نفسي، يابن آدم اذكرني في خلاء أذكرك في خلاء يابن آدم اذكرني في ملأ أذكرك في ملأ خير من ملئك ". وقال:" ما من عبد ذكر الله في ملأ من الناس الا ذكره الله في ملأ من الملائكة ".
الركن الثاني: التحميد وهو في قول المصلّي الحمد لله رب العالمين.
اعلم ان المصلّي اذا تحقق بمقام الذكر ورأى جميع ذرّات الكائنات وعوالي الموجودات ودوانيها أسماء إلهية وأخرج عن قلبه جهة الاستقلال ونظر إلى الموجودات عوالم الغيب والشهود بعين الاستظلال تحصل له مرتبة التحميد ويعترف قلبه ان جميع المحامد من مختصات الذات الاحدية وليست لسائر الموجودات فيها شركة لأنه ليس لها كمال من عند أنفسها حتى يقع الحمد والثناء لها، ويأتي البيان التفصيلي لهذه اللطيفة الالهية في تفسير هذه السورة المباركة ان شاء الله.
الركن الثالث: هو التعظيم، وهو يحصل في الرحمن الرحيم:
إن العبد السالك إلى الله اذا حصر المحمدة في ركن التحميد على الحق تعالى وسلب الكمال والتحميد عن الكثرات الوجودية يقرب من أفق الوحدة وتعمي بالتدريج عينه الرائية للكثرة وتتجلى لقلبه الصورة الرحمانية التي هي بسط الوجود والصورة الرحيمية التي هي بسط كمال الوجود. ويصف الحق بالاسمين المحيطين الجامعين المضمحلة فيهما الكثرات فيحصل للقلب بواسطة التجلي الكمالي الهيبة الحاصلة من الجمال بتنزل عظمة الحق في قلبه، واذا تمكنت هذه الحالة في قلبه ينتقل إلى الركن الرابع.
الركن الرابع: الذي هو مقام التقديس الذي هو حقيقة التمجيد. وبعبارة أخرى تفويض الامر إلى الله، وهو عبارة عن رؤية مقام مالكية الحق وقاهريته وزوال غبار الكثرة وانكسار أصنام كعبة القلب، وظهور مالِكيّة بيت القلب والتصرف فيه بلا مزاحمة الشيطان، ويصل في هذه الحالة إلى مقام الخلوة. ولا يمكن بين العبد والحق حجاب وتقع اياك نعبد واياك نستعين في تلك الخلوة الخاصة ومجمع الانس، ولهذا قال: هذا بيني وبين عبدي واذا اشتملته العناية الازلية وأفاق يسأله الاستقامة في هذا المقام والتمكين في حضرته بقوله اهدنا الصراط المستقيم، ولهذا فسّر اهدنا بألزمنا وأدّبنا وثبّتنا وهذا لاولئك الذين خرجوا من الحجاب ووصلوا إلى المطلوب الازلي. وأما أمثالنا نحن أهل الحجاب لا بد وأن نسأل الهداية من الحق تعالى بمعناها المعروف، ولعلّه تأتي بقية من هذا في تفسير السورة المباركة الحمد، ان شاء الله تعالى.
تكميل: يظهر من الحديث الشريف أن الصلاة كلها قسمت بين الحق والعبد وقد ذكر الحمد من باب النموذج والمثل فبناء على هذا نقول: ان التكبيرات الصلاتية أعمّ من الافتتاحية وغيرها التي تقال في خلال انقلاب الاحوال الصلاتية كلها حظ الربوبية قسمة الذات المقدسة، فإن قام العبد السالك إلى الله بهذه الوظيفة العبودية وأدّى حق الربوبية بمقدار ما في وسعه فيؤدي الحق تعالى أيضا بألطافه الخاصة الازلية حق العبد وهو فتح باب المراودة والمكاشفة، كما اشار اليه في الحديث الشريف في مصباح الشريعة حيث يقول: " فاذا كبّرت فاستصغر ما بين العلى والثرى دون كبريائه ". إلى أن قال: " فاعتبر انت قلبك حين صلاتك فإن كنت تجد حلاوتها وفي نفسك سرورها وبهجتها وقلبك مسرورا بمناجاته ملتذا بمخاطباته فاعلم أنه قد صدّقك في تكبيرك، والا فقد عرفت من سلب لذة المناجاة وحرمان حلاوة العبادة انه دليل على تكذيب الله لك وطردك عن بابه.
وعلى هذا المقياس ففي كل حال من الاحوال الصلاتية وكل فعل من افعالها حق تعالى لابد للعبد من القيام به وهو آداب العبودية في ذلك المنزل وللعبد حظ ونصيب يعطيه الحق باللطف الخفي والرحمة الجلية بعد قيام العبد بآداب العبودية، واذا رأي نفسه فيب هذه المقامات الالهية محروما فيعلم أنه لم يقم بآداب العبودية وعلامة ذلك للمتوسطين ان لا تذوّق ذائقة القلب لذة المناجاة وحلاوة العبادات ويحرم عن البهجة والسرور والانقطاع إلى الحق.
والعبادة التي خلت عن اللذة والحلاوة عبادة بلا روح ولا يستفيد القلب منها.
فيا أيها العزيز آنس قلبك بآداب العبودية وأذق ذائقة الروح حلاوة الذكر، وهذه اللطيفة الالهية تحصل في بدء الامر بشدة التذكر والانس بذكر الحق، ولكن في حال الذكر لا يكون القلب ميّتا ولا تستولي عليه الغفلة، فاذا آنست قلبك بالتذكر فتشملك العنايات الازلية بالتدريج ويفتح على قلبك أبواب الملكوت وعلامة ذلك التجافي عن دار الغرور والانابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل حلول الفوت.
اللهم أعطنا نصيباً من لذة مناجاتك وحلاوة مخاطباتك واجعلنا في زمرة الذاكرين والمنقطعين إلى عزّ قدسك، وهب لقلوبنا الميّتة حياة دائمة واقطعها عمّن سواك ووجهها اليك انك ولي الفضل والانعام.
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا
|
توقيع سليلة حيدرة الكرار |
تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك
|
|
|
|
|