منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - الرياء - جميل جداً
عرض مشاركة واحدة

الروح المجرد
عضو نشيط

رقم العضوية : 190
الإنتساب : Jun 2007
المشاركات : 173
بمعدل : 0.03 يوميا
النقاط : 225
المستوى : الروح المجرد is on a distinguished road

الروح المجرد غير متواجد حالياً عرض البوم صور الروح المجرد



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي الرياء - جميل جداً
قديم بتاريخ : 12-Jun-2007 الساعة : 05:43 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الرياء

قال لي معلمي :
في ايام شبابي كثير ما احببت ان يعرفني الناس بالتدين ، ولذا كنت ابذل كل ما بوسعي في اخفاء ذنوبي ، واظهار افعالي الطيبة ، وشيئا فشيئا اكتشفت بانني مصاب بالرياء .
يعني ان صلاتي في خلوتي تختلف عن صلاتي بين الناس ، مناجاتي ودموعي وآهاتي في حضور الناس افضل مما كان ذلك في خلوة بعيدا عن العيون .
حتى في تناول الطعام كنت احرص على تناول اليسير ، ابدا بالملح ، واختتم به واقول بسم الله في اوله ، والحمد لله في آخره ، وبصوت يسمعه مني الناس حتى يقولوا انه يؤدي المستحبات من الاعمال الطيبة ، وهو ملتزم بها التزامه بالواجبات (1) .
ذات يوم قال احدهم : عفا الله عني وعنك .
ومع اني غارق في الذنوب لكني لم اسر بما قال ، ذلك اني لا اود ان يعدني من اهل الذنوب ويحشرني معه .
وذات يوم خطر في بالي ان اضغط بجبهتي على محل السجود حتى تظهر آثار السجود على جبيني ، واظهر بمظهر العابد الزاهد امام الناس .
وكنت احرص على حلاقة رأسي بالموسى مع اني ما ازال شابا كي اظهر بمظهر المتوسّين .
---------------
(1) قال امير المؤمنين : «ثلاث علامات للمرائي : ينشط اذا رأى الناس ، ويكسل اذا كان وحده ، ويحب ان يحمد في جميع الامور» بحار الانوار 69 / 288 ، الحديث 8 .
بين يدي الاستاذ 84

---------------


وكنت في المحافل اذا ما جلست على المنبر اتحدث مع الناس بصوت رقيق شجي وكنت اعصر عيني فلعل دمعة تظهر اخدع بها الناس .
بل انني نصحت الناس ذات مرة الا يكونوا مرائين في اعمالهم ، فيما انا امارس الرياء في افعالي .
وربما التزمت الصمت في محفل لانه ليس لدي ما اقول فاتظاهر بصمت الحكماء .
ولعلي سعيت بان اظهر نفسي بمظهر يوحي الى الناس كما لو اني على ارتباط باولياء الله .
غير اني كنت اتعذب ؛ ذلك اني عندما اكون وحدي كنت اواجه نفسي اللوامة تنكل بي فاشعر باشقاء .
ذات ليلة وقد مارست الرياء بشكل فظيع ، تعرضت الى تقريع نفسي اللوامة ، فتوسلت بـ «سيد الشهداء» ، وبكيت للمصائب التي حلت به ؛ ثم غلبني النوم ، فرأيت صحراء الحشر وجاء ملك يحمل قصعة اعمالي ، ووضعها قرب الميزان ، اخرج في البداية صلواتي ، وكانت تشبه تفاحة قد نخرها الدود ، فلم يضعها في الميزان وانما رماها بعيدا (1) .
ثم جاء بصومي ، فاذا هو كالكمثرى ، تملؤها الديدان ، فلما اراد ان يطوح به امسكت بساعده وقلت :
ان املي في هذه الصحراء القاحلة هو ان ابيع هذه الاشياء فلعلي احصل على مبلغ من المال يؤمن حياتي .
قال : حسنا ولكني اعرف انه لا يقبل بمثل هذا .
قلت : من تعني ؟
---------------
(1) سمعت ابا عبد الله قال : «يجاء بعبد يوم القيامة قد صلى فيقول : يا رب ، صليت ابتغاء وجهك ، فيقال له : بل صليت ليقال ما احسن صلاة فلان ، اذهبوا به الى النار ، و...» بحار الانوار 69 / 301 ، الحديث 44 .
---------------
قال : المشتري .
قلت : فمن هو ؟
قال : الله .
قلت : حسنا اسأله هو !
فجأة سمعت صوتا مهيبا يقول : لانك اشركت فيها آخر وانا خير شريك ، اجعل حصتي لشريكي فاعطها جيمعا لشريكي .
فبكيت وقلت : مولاي ، انه لا يملك مالا ، ولا يملك شيئا وهو مثلي مسكين (1) .
قال : هو ما اقول ، وكان عليك الا تختار لي شريكا من المساكين .
ثم خاطب الملك قائلا : خذ اعماله وارم بها في الازبال ، انا لا اريدها .
ونفذ الملك على الفور ذلك ، فأخذها الى مكان فيه زبالة ، وافرغ الكيس منها وسلمني الكيس فارغا .
وبقيت حائرا لحظات انظر الى تلك الفاكهة ، انتبهت الى انها لا تصلح لاخذها الى الجنة ، وانها تسبب لي الخجل .
قلت : يا الهي ، فاعدني الى الدنيا مرة اخرى لاعود منها بزاد سليم .
لكن الصمت كان مهيمنا فلم اسمع جوابا .. فصرخت ولم اعد اسمع سوى اصداء صوتي . بكيت ، فلم يغثني احد ..
فجأة انتبهت من نومي .. ولازمني شعور كلما مارست الرياء تذكرت الرؤيا فأنتبه الى نفسي ، وبحمد لله وفقت في ترك الرياء ، وها انا اشعر بلذائذ العبادة وحيدا مستأنسا بالمحبوب .
---------------
(1) عن ابي عبد الله ، قال : «يقول الله عز وجل : انا خير شريك ، فمن عمل لي ولغيري فهو لمن عمل له غيري» بحار الانوار 69 / 299 ، الحديث 32 .


رد مع اقتباس