روايات الأولاد له (
) لا تصح ولا تدل:
إن ظاهر بعض الأخبار: يدل على ثبوت الأولاد له (

)، وهي ـ فيما نعلم ـ الروايات التالية:
1ـ رواية الشيخ الطوسي، بسنده عن المفضل بن عمر، عن الإمام الصادق (

)، والتي يقول فيها:
«لا يطلع على موضعه أحد من ولده ولا غيره، إلا المولى الذي يلي أمره»
(1).
والاستدلال بهذه الرواية لا يصح وذلك لما يلي:
أولاً: إن النعماني قد روى نفس هذه الرواية، ولكنها قالت: «لا يطلع على موضعه أحد من ولي، ولا غيره»
(2).
فمع اتحاد الروايتين عند الطوسي والنعماني، ووجود هذا الاختلاف فيما هو محل الشاهد، فإن الرواية تسقط عن صلاحية الاستدلال بها
(3).
وثانياً: قد يقال بحصول تحريف في خصوص رواية الشيخ الطوسي، (رحمه الله) تعالى حيث قد استعمل فيها ضمير المفرد محل ضمير الجمع فقال:
«من ولده ولا غيره».
مع أن الصحيح هو أن يقول: «ولا غيرهم» إلا أن تكون الهاء في كلمة «ولده» قد زيدت من النساخ.
أو يقال: إن المقصود الإشارة إلى أنه ليس للإمام المهدي (

) سوى ولد واحد.
أو يقال: قد قصد فيه جنس الولد وأعيد الضمير إليه مفرداً لمراعاة لفظه.
وثالثاً: لو سلمنا فإننا نقول: ليس في الرواية ما يدل على زمان وجود الأولاد له (

)، فقد يولدون له (

) بعد قرون من الزمن. مع التأكيد على أن مجرد دعوى البنوة له (

) من البعض لا تكفي للتصديق بها.
2 ـ رواية «الجزيرة الخضراء»، التي هي موضع البحث
(4).
وقد قدمنا ما يكفي لإسقاطها عن درجة الاعتبار، وعن صلاحية الاعتماد.
3 ـ رواية المدائن الخمس التي رواها أحمد بن محمد بن يحيى الأنباري
(5).
وقد ضعفها العلماء وردوها بصورة قوية وحاسمة، فلتراجع كلماتهم رضوان الله تعالى عليهم
(6).
4 ـ ما رواه ابن طاووس عن الإمام الرضا (

) في الصلاة على الإمام المهدي (

)، فقد وردت العبارات التالية:
«اللهم أعطه في نفسه، وأهله وولده وذريته، وجميع رعيته ما تقر به عينه، وتسرّ به نفسه، وتجمع له ملك المملكات كلها، قريبها وبعيدها، وعزيزها وذليلها، حتى يجري حكمه على كل حكم، ويغلب بحقه على كل باطل الخ»
(7).
ونقول:
أولاً: إن سند هذه الرواية لا يصح الاعتماد عليه.
ثانياً: إن غاية ما يدل عليه هذا الدعاء الذي صدر عن الإمام الرضا (

) قبل ولادة الإمام المهدي (

) بأكثر من نصف قرن: أنه سيكون ثمة مهدي للأمة، وأنه سوف يولد له أولاد.
وليس فيه ما يدل على زمان ولادة أولئك الأولاد، فقد يولدون له في أول عمره، وقد يولدون له بعد قرون من الزمن، وربما بعد ظهوره (

)، كما ربما يفهم من سياق الكلام الناظر في الأكثر إلى عصر ظهوره، وقيام دولته (

).
5 ـ ما ذكره ابن طاووس من أنه قد روي عن الإمام الرضا (

) أنه قال: «اللهم صل على ولاة عهده، والأئمة من ولده»
(8).
ولكن هذه الرواية أيضاً، لا يمكن الاعتماد عليها.
أولاً: لضعف أسنادها.
وثانياً: لأن هناك نصاً آخر للرواية يقول: «اللهم صل على ولاة عهده والأئمة من بعده» بتصريح ابن طاووس نفسه .
فمع هذا الاختلاف فيما هو محل الشاهد، فإن الرواية تسقط عن صلاحية الاستدلال بها، كما لا يخفى.
ثالثاً: لو سلمنا صحة الرواية فليس في الرواية دلالة على زمان ولادتهم له(

).
6 ـ قد ورد ذكر الأئمة من ولده وذريته أيضاً في توقيع كان مع إنسان يزعم أنه قد أرسل إلى رجل يقال له القاسم بن العلاء وقد تعرف ذلك الرجل على امرأة عجوز سمراء، مجهولة الهوية، تدعي أنها على اطلاع على أمور كهذه، فعرض التوقيع عليها طالباً منها تأييده أو تفنيده، فأيدته له .
فترى: أن هذه كلها مجموعة مجاهيل، لا يمكن الاستناد إليهم، ولا الاعتماد عليهم في شيء.
بالإضافة إلى أن ذلك لا يدل على فعلية وجود الولد له (

) كما قلنا.
------
(1) الغيبة للشيخ الطوسي ص 102 والأخبار الدخلية ج 1 ص 150 عنه وتاريخ الغيبة الكبرى ص 69 وعن النجم الثاقب ص 224.
(2) الغيبة للنعماني ص 172 والأخبار الدخلية ج 1 ص 150 وتاريخ الغيبة الكبرى ص 69.
(3) راجع: الأخبار الدخلية ج 1 ص 150 وتاريخ الغيبة الكبرى ص 70.
(4) تاريخ الغيبة الكبرى ص 69.
(5) المصدر السابق والرواية موجودة في البحار ج 53 ص 213/221 والصراط المستقيم ج2 ص264/266 والأنوار النعمانية ج 2 ص 59/64 وراجع: الأخبار الدخلية ج 1 ص 140/145 وراجع: تاريخ الغيبة الكبرى ص 69/77/80/83 عن النجم الثاقب ص 217 وقد اشار إليها ـ فيما يظهر ـ في جمال الأسبوع ص 512.
(6) راجع: الذريعة ج 5 ص 107/108 [الهامش] والأخبار الدخلية ج1 ص 152/146 وهامش كتاب الأنوار النعمانية ج2 ص69/64.
(7) جمال الأسبوع ص 510/516.
(8) جمال الأسبوع ص 512.
يتبع>>>