[صفوان بيضون]

[justify]ثقافة الدمعة[/justify]
الحلقة السادسة :

5- دمعة المعصوم :

ذكرت لنا الأحاديث الكثير عن بكاء رسول الله والأئمة والأنبياء (ص) ، ولكل كان له سببه أو مناسبته ، وذكرت الأخبار أن البكائين خمسة آدم ونوح ويعقوب ويوسف والسجاد (ع) ، ولا ننس فاطمة الزهراء وبيتَ أحزانها .
وكان رسول الله يبكي حتى يغشى عليه ، فقيل له يا رسول الله : " أليس الله عز وجل قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : بلى ، أفلا أكون عبداً شكوراً " ( بحارج10ص40) .
وكان أمير المؤمنين يناجي بقوله : " آه من نار تنضج الأكباد والكلى ، آه من نار نزاعة للشوى ، آه من غمرة من ملهبات لظى ، ثم ينعم في البكاء " .
ولكن رسول الله بكى عندما رأى الحسين يتعثر بثوبه وذكر مقتله ، وبكى علي (ع) ولده الحسين (ع) عندما مر بنينوى وهو راجع من صفين ، والزهراء (ع) بكت ولدها وفلذة كبدها ، والحسن المجتبى بكى الحسين والتفت إلى أخيه وهو يقول : " أبكي لما يصنع بك ... لا يوم كيومك يا أبا عبد الله " ، والسجاد بكى أباه سنين طويلة ، وكلما قدم له ماء أو طعام ذكر أباه وبكى ، إلى أن قال له أحد مواليه : أما آن لحزنك أن ينقضي ولبكائك أن يقل ؟ فقال له (ع) : " ويحك إن يعقوب بن اسحق كان نبياً ابن نبي وله اثنا عشر ابناً ، فغيب الله تعالى واحداً منهم ، فشاب رأسه من الحزن ، واحدودب ظهره من الغم ، وذهب بصره من البكاء ، وابنه حي في دار الدنيا ، وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة وعشرين من أهل بيتي صرعى مقتولين ، فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي ؟! " ..
والأئمة المعصومون بكوا جدهم الحسين وأقاموا له مجالس العزاء ، والمهدي المنتظر (عجل ) يقول في : " ولأبكينك بدل الدموع دماً " .
وكما أن المعصوم لا يشبهه أحد في الوجود ، فإن دمعة المعصوم لا تشبهها دمعة مخلوق ، ولست أنا ممن يستطيع فهم هذه الدمعة السماوية الغالية العالية أو يستطيع وصفها وتفسيرها ، لكنها بالطبع دمعة حري بنا أن نتمثلها ونقتدي بها ونثقف أرواحنا بسنتها .
... يتبع ...