اللهم صل على الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم واشفي قلب الزهراء صلوات الله عليها بظهور وليك المهدي صلوات الله عليه وعلى آبائه الطيبين الطاهرين
واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
[ المجلس الحادي العشرون ]
ذكر المؤرخون : أن وحشي بن حرب كان عبدا حبشيا لابنة الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف ، وقيل : كان لجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل فقالت له ابنة الحارث : إن أبي قتل يوم بدر ، فإن أنت قتلت أحد الثلاثة محمدا أو عليا أو حمزة فأنت حر ، فإني لا أدري في القوم كفوا لأبي غيرهم .
فقال : أما محمد فإن أصحابه لن يسلموه ، وأما حمزة فوالله لو وجدته نائما ما أيقظته ، وأما علي فألتمسه .
قال وحشي : فكنت يوم أحد ألتمسه فبينا أنا في طلبه ، إذ طلع علي فطلع رجل حذر مرس ، كثير الالتفات فقلت : ما هذا بصاحبي ، فبينا أنا كذلك إذ رأيت حمزة يفري الناس فريا ، فكمنت إلى صخرة وهو مكبس له كيت ، فاعترض له سباع بن أم اينار ، فقال له حمزة : وأنت يا بن مقطعة البذور ممن يكثر علينا فاحتمله حتى إذا برقت قدماه رمى به فبرك عليه فشحط شحط الشاة ، ثم أقبل علي مكبا حين رآني ، فلما بلغ المسيل وطأ على جرف فزلت قدمه فهززت حربتي حتى رضيت منها ثم ضربت بها في خاصرته حتى خرجت من مثانته ، وكرت عليه طائفة من أصحابه فأسمعهم ينادونه : أبا عمارة فلا يجيب ، فقلت : والله مات الرجل ، وذكرت هندا وعداوتها لبني هاشم فأتيتها فقلت : ماذا لي إذا قتلت قاتل أبيك . قالت : سلبي .
فأخبرتها الخبر فنزعت ثيابها وحليها فأعطتنيه وقالت : إذا جئت مكة فلك عشرة دنانير ، ثم قالت : أرني مصرعه فدللتها عليه ، فبقرت بطنه ، وأخرجت كبده فمضغتها ثم لفظتها ، وقطعت مذاكيره ، وجدعت أنفه ، وقصت أذنيه ، ثم جعلت ذلك خلخالين ودملجين حتى قدمت بذلك مكة وقدمت بكبده معها . قال محمد بن إسحاق : ومن الشعر الذي ارتجزت به هند يوم أحد :
شفيت من حمزة نفسي بأحد * حين بقرت بطنه عن الكبد
أذهب عني ذاك ما كنت أجد * من لوعة الحزن الشديد المعتمد
والحرب تعلوكم بشأيوب برد * تقدم أقداما عليكم كالأسد
وجاءت صفية فجلست عند رسول الله
فجعلت إذا بكت يبكي رسول الله ، وإذا نشجت ينشج ، وجعلت فاطمة تبكي على عمها ، فلما بكت بكى رسول الله
.
جعلت فداك يا رسول الله ، يا نبي الرحمة ، كيف بك لو رأيت عقائلك يوم عاشوراء وقد ذبح نصب أعينهن ثمانية عشر من حماتهن ، وسبعون من أنصارهن ، وليتك ترى كريمتكم زينب إذ وقفت على أخيها الحسين
حافية حاسرة ، ووجدته وهو ريحانتك مزملا بالدماء ، موزع الأعضاء ، عاري اللباس ، مقطوع الرأس ، مذبوحا من القفا ، مفطور القلب من الظمأ ، فنادتك بصوت وقلب كئيب : يا جداه يا رسول الله ، صلى عليك مليك السما ، هذا حسينك بالعرا ، مزملا بالدما ، مسلوب العمامة والردا ، ثم قالت : بأبي من لا غائب فيرتجى ، ولا جريح فيداوى ، بأبي من نفسي له الفدا ، بأبي المهموم حتى قضى ، بأبي العطشان حتى مضى ، بأبي من شيبه يقطر بالدما ، بأبي من جده رسول إله السما ، فأبكت والله كل عدو وصديق .
وشتان ما بين صفية إذ قتل أخوها حمزة ، وزينب إذ قتل أهلوها ، أما صفية فبقي لها رسول الله وأمير المؤمنين ، وأبطال بني عبد المطلب ، وليوث بني هاشم ، وبقي عزها ، وسرداق مجدها ، والمهاجرون والأنصار يتفانون دون خباها . . ويا لهف نفسي لزينب ، وبقية العقائل من آل الرسول
، إذ أصبحن بعد حماتهن غنيمة للقوم الظالمين ، يضربونهن تارة ويسلبونهن أخرى ولقد كانت المرأة منهن تنازع ثوبها عن ظهرها حتى تغلب عليه ، ولم يبق لهن من يرتجينه لدفع الأعداء ، إلا عمر بن سعد لعنه الله ، ولذا صحن في وجهه لما رأينه وبكين شاكيات إليه ، فقال لأصحابه : لا يدخل أحد منكم بيوت هذه النسوة ، ولا تتعرضوا لهذا الغلام المريض ، فسألته النسوة أن يسترجع ما أخذ منهن من الملاحف ليستترن به ، فقال : من أخذ منهن شيئا فليرده ، فوالله ما رد أحد شيئا .
عجبا لمال الله أصبح مقسما * في رائح للظالمين وغاد عجبا
لآل الله صاروا مغنما * لبني الطليق هدية وزياد عجبا
لذي الأفلاك لم لا عطلت * والشهب لم تبرز بثوب حداد
نسألكم الدعاء
اللهم اجعلنا من شيعة الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ولا تفرق بيننا وبينهم في الدنيا والآخرة