منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - ظاهرة انتشار التشيع (دراسة معمقة)
عرض مشاركة واحدة

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.17 يوميا
النقاط : 227
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 36  
كاتب الموضوع : صفوان بيضون المنتدى : صفوان بيضون
افتراضي ظاهرة انتشار التشيع (33)
قديم بتاريخ : 08-Apr-2010 الساعة : 05:49 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


ظاهرة انتشار التشيع



الحلقة (33)


السبب (21)

اللقاءات والعلاقات الاجتماعية بالشيعة


الطابع الأخلاقي الخاص للشيعة هو أحد عناصر تميزهم عن بقية الطوائف الإسلامية ، وهذه الأخلاقية كانت سبباً لتشيع نماذج من المستبصرين ، حيث فتحت الباب للتعرف على الشيعة ابتداءً وبدد ت حملات التشويه والتضليل التي تقوم بها أطراف ضدهم، ثم سببت هدايتهم إلى مذهب الحق بقوة حجتهم .
لقد رأى السلفيون هذه الأخلاقية في زميلهم المستبصر الوهابي السلفي ، فسألوه بعد أن نظروا إلى ملامح وجهه وتحسن أخلاقه : هل صرت شيعياً ؟!
تتم تلك اللقاءات والعلاقات من خلال زيارة المناطق الشيعية أوالإقامة فيها ، كما حصل للمصريين في الكويت ، و الفلسطينيين في العراق ، أو للعمل كالمعلمين والموظفين العاملين في بعض الدول العربية ، أو تواجد أعداد من شيعة أهل البيت (ع) كمقيمين في الدول الأخرى كالعراقيين في الأردن ، وأوربا ، والخليجيين والعراقيين في مصر، والذين يكونون في مستوى عال من الثقافة الدينية ، فيؤدي اختلاطهم بالمجتمعات الأخرى إلى تشيع أعداد من تلك المجتمعات ، أو يتفق وجود عدد من العلماء والمراجع الشيعة في البلدان الأخرى ، فيؤدي إلى تأثر مجتمعاتها و انشدادها نحو التشيع ، كما كان لبعض العلماء في سوريا ، وعلماء آخرين في الأردن ، أو اللقاءات الشخصية كالتي تحصل مع المتدينين الإيرانيين ، أو مع علماء دين شيعة ، كما حصل للدكتور السماوي التيجاني التونسي صاحب كتاب ثم اهتديت مع السيد الخوئي والسيد الصدر ، فهم يبددون اللبس ويوضحون الصورة للمستبصر ويثبتون أحقية المذهب ، أو عن طريق وكلاء المراجع في الخارج ، أو عن طريق الطلاب الشيعة الوافدين من دول الخليج العربية كالعراق والسعودية والبحرين والإمارات وعُمان والكويت الذين يقومون بواجبهم الديني في بيان العقيدة الصحيحة والمذهب الحق .
وقد كان لتواجد العراقيين والبحرانيين في مصر في الثمانينيات من القرن الماضي تأثير على مجموعات من المجتمع الجامعي المصري وتصحيح أفكارهم عن التشيع .
كما كان لتواجد العراقيين في الأردن بعد سقوط الطاغية صدام أثر نبيل في نشر التشيع .
و كذلك كان للعمال والتجار الذين يقيمون في أوربا تأثير أيضاً ، كما هو الحال في الجالية المغاربية في أوربا وخاصة في بلجيكا وأسبانيا وهولندا . وعن طريق المدرسين والموظفين الشيعة القادمين من العراق وسوريا ولبنان الذين يؤثرون بثقافتهم وأخلاقهم على أبناء المذاهب الأخرى ، ويمارسون الدعوة إلى أهل البيت(ع) ومثاله الأساتذة والمعلمون الشيعة في الجزائر .
ومن أمكنة اللقاءات والتعارف السجون العربية ، و سنتحدث عنه .
ثم تتضاعف الهداية حينما يؤثر المستبصر عبر اللقاءات المباشرة والحوار المباشر والعلاقات بين الأقارب والأصدقاء ، الذي يؤدي لاحقا إلى إتباع المذهب الحق .

كان الدكتور التونسي السيد محمد التيجاني السماوي من أوائل المتشيعين في العقود الماضية وكان لكتابه (ثم اهتديت) أثر كبير وقد ترجم إلى عدد كبير من اللغات .
وكانت بداية تشيعه لقاء مع أستاذ جامعي على متن باخرة تقوم برحلة بين الإسكندرية وبيروت ، وكان ذلك مفتاح التعرف على مذهب أهل البيت (ع) تبعته لقاءات في النجف الأشرف ، لكن من كان يعلم أو يتوقع أنّ لقاءً على متن باخرة كان يمكن أن يكون عابراً يغير مجرى حياة الدكتور بشكل كلي ومجرى حياة كثير من الناس الذين اهتدوا ببركة كتبه و حواراته .
والسؤال الصعب للسنيين خاصة والمذاهب والأديان الأخرى عامة هو : لماذا الشيعة هم في موقع المؤثر دائماً ، ولا تكون الأطراف الأخرى إلا في موقع القابل الذي يبدّل مذهبه ومعتقده ؟ و لماذا ظاهرة التشيع وليس ظاهرة التسنن أو التنصر؟
وهنا تبرز الأسباب التي تناولناها في هذا الكتاب كجواب لهذا الإستفسار ، ولكن الأهم هو القدرة الذاتية للمذهب الشيعي لإثبات أحقيته ، وهذا لا يتوقف على قدرة المحاور ، بمقدار ما يتوقف على موضوع الحوار العقائدي والديني الذي هو دائماً لصالح التشيع .
ولقد التقيت في دولة أوربية مع إمام لأحد المساجد من أتباع مذهب السنيين وتحدثنا بود ومحبة ، وناقشنا المذاهب ، فما رأيته إلا مقتنعاً بمذهب أهل البيت (ع) ، لكنه كان مترددا في إعلان ذلك ، وكان رواد الملتقى حولنا يسمعون حوارنا .
ومن الملاحظات المهمة في اللقاءات والمحاورات مسألة الفرق في الحالة النفسية والسيكولوجية التي تحدث أثناء اللقاءات قبل الإستبصار وبعده ، بين المستبصر ورجال الدين السنيين والشيعة ، فإن غالبية المشايخ السنيين يتشنجون وينفعلون وربما يوبخون السائل حين السؤال عن العقائد والأحكام الفقهية أو القضايا التاريخية الخلافية ، أو يحاولون التهرب من الإجابة ، وأن المسألة فيها قولان ، وفي أحسن الأحوال ينصح الشيخ السائل بالإبتعاد عن التنقيب والبحث في التاريخ وعدم محاولة القراءة والإطلاع ، ويقول له إن عليه فقط أن يصلي ويصوم ويتعبد تقليداً لطريقة عبادة والديه ، ويصلي الجمعة خلف شيخ الحي .
أما طريقة علماء الشيعة أمام مثل هذه الأسئلة فتختلف كلياً ، حيث يستقبلها العالم بترحيب وسعة صدر ويغتنم الفرصة وربما يشعر بأن هذه المحاورة نعمة إلهية ورزق للهداية ساقه الله إليه ، مصداقاً لحديث رسول الله (ص) : (ياعلي ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم) [1].
فيقبل من كل قلبه على محاوره ويقدم له الحجج والبراهين على أحقية مذهب أهل البيت (ع) ، و يتحدث بحماس مفتخراً بمذهبه ، ويشعرهم بكرامتهم وأهميتهم ، فيكبر في عين محاوريه ولا تمضي سوى دقائق أو جزء ساعة حتى يشعر السائل براحة نفسية باعثة على مواصلة البحث حتى معرفة الحقيقة .
وأقل ما يخرج به السائل ارتياحه ومحبته لعالم الدين الشيعي الذي أحسن معاملته بطريقة لم يجدها من رجال دين مذهبه .
وقد حصل ما يشبه هذا للمستبصر السوري علي رضا ناصر آغا ، وزوجته المستبصرة الجزائرية .
وقد حصلت لي قصة بعد أن وفقني الله للحج ، عندما ذهبت في إحدى الليالي إلى بيت الله الحرام وصعدت إلى سطح الرواق الأعلى حيث يكون النظر عظيما إلى الكعبة والحجيج يطوفون حولها ذاكرين الله سبحانه وتعالى ، رافعين أصواتهم بالأدعية ، مبتهلين إليه بمناجاتهم ، وطالبين الرحمة والغفران .
هناك تلتفت يميناً وشمالاً فلا ترى إلا ذاكراً ومتعبداً وقارئاً للقرآن ، في منظر سرور عظيم ، لا نقص فيه إلا سلوك رجال الهيئة السعودية (للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) و أشباههم وهم يتهمون بعض الحجيج بالشرك والكفر دون دليل .
في هذه الأثناء التفت إليَّ رجل حجازي شاب يبدو من ملامحه أنه في العقد الثالث من عمره وأنه رجل دين أو متدين ، ولم يكن غليظاً ولكنه دخل معي مباشرة سائلاً عن أسئلة تقوده لمعرفة مذهبي ، وكان له ذلك وما كنت لأخفي عنه ما كنت أعتقد دون تقية من ضرر ، وبدأ برأيه بمحاولة هدايتي وقال : هل تقسم بهذا البيت أو الكعبة إن أنا أقنعتك لمذهب الحق تتحول من مذهبك هذا ؟ فقلت نعم ، ولكن بالمقابل تقسم أنت أيضاً بذلك ؟ فرفض وراوغ ، فأصريت عليه فقبل ، إذ لا معنى أن يكون حواراً يتضمن قسماً ويشبه مباهلة و في البيت الحرام ، من طرف واحد .
وبدأنا المحاورة وإن هي إلا دقائق حتى بانت الهزيمة عليه واعتذر الشيخ أو الرجل ، وتملص من الحوار ومضى في سبيله ، لقد منح فرصة للهداية لدين الإسلام الحقيقي لم يستغلها ، قال تعالى : ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُو أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [2] .
وفي هذا اليوم وقبل ساعة من الآن تقريباً كنت ماراً في الطريق فسمعت حواراً بين اثنين شخص عليه ملامح الطيبة والسماحة وهو من شمال أفريقيا ، وآخر عليه ملامح الشر وهو من منطقة الشرق الأوسط ، واستمعت إلى حديثهم للحظات وكان حول المغرب والتشيع ، فناداني الشرقي مستنصراً وقال : أنت شيعي أو سني فلم أجبه على سؤاله ، ثم قال موبخاً : هذا كان سنياً فصار شيعياً ، والمغرب يشيعونها ، فقلت إن اختيار الدين والمذهب حق ، وإن الله يحاسبنا على خياراتنا ، أما من يتبع آبائه دون معرفة فهو مذموم ، قال تعالى : ( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ) [3] ، وأما مسألة المغرب فإن قطع العلاقات مع إيران لم يكن في السياق هو الأول ، وإنما جاء متأخرا ، إذ لاحظ المراقبون أثناء وبعد حرب غزة 2009 أنه بعد أن قطعت فنزويلا علاقاتها مع إسرائيل قطعت المغرب علاقاتها مع فنزويلا ، وحينما قطعت موريتانيا علاقاتها مع إسرائيل قطعت المغرب علاقاتها مع موريتانيا ، وحينما دعمت إيران الفلسطينيين قطعت المغرب علاقاتها مع إيران ، وما قضية التذرع بانتشار التشيع إلا ضحكاً على ذقون من لهم قابلية للضحك عليهم .



[1]- مسند احمد - الإمام احمد بن حنبل:5/333، صحيح البخاري - البخاري:4/207، صحيح مسلم - مسلم النيسابوري:7/122، السنن الكبرى - النسائي:5/110، صحيح ابن حبان - ابن حبان:15/378، البداية والنهاية - ابن كثير:4/211 ، و في تفسير الرازي - الرازي:2/180 : لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك مما تطلع عليه الشمس أو تغرب.
[2]- سورة القصص، آية56.
[3]- سورة الزخرف، آية 23


رد مع اقتباس