بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين
++++++++++++++++++++++++++++++++
وظائف شاغرة
(موضوع قيم أرسله لنا مشكوراً الأخ الأستاذ ابو الزهراء الدمشقي)
الحلقة الثالثة
و لمزيد من التوضيح سأحاول بعون الله بيان بعض الأمور المتعلقةِ بمعرفة أهل البيت
وبعضِ مقاماتِهمُ الوجوديةِ وولايتِهِمُ التكوينيةِ والعباراتِ التي توهم الآخرين بالغلو في زياراتهم المأثورة
.
و لا بد قبل البدء بالبحث من بيان المقدمتين التاليتين :
المقدمة الأولى :
حد الغلو الذي لا ينبغي تجاوزه في مقامات أهل البيت
قد بينه أئمتنا بوضوح في أحاديثهم ، فقد ورد في بحار الأنوار عن الإمام علي (ع) أنه قال : " لا تتجاوزوا بنا حد العبودية ثم قولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا ".
و جاء عن أبي عبد الله الصادق u(ع) قولُه : " إجعلونا عبيداً مخلوقين وقولوا فينا ما شئتم إلا النبوة " .
و نحن يومياً نؤكد هذه الحقيقةَ في تشهدنا في الصلاة فنقول :
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
فدوماً نشهد بالعبودية للرسول الأعظم
قبل أن نشهد له بالرسالة ، فهو لم ينل مقاماته العالية ومسؤولياته الجسيمة إلا بسبب عبوديته المطلقة لله تعالى . وما أحلى قوله عزّ وجلّ : " سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى " فجعل الحيثيةَ التي من أجلها كان الإسراء والمعراج هي مقامُ العبوديةِ لا أيُّ مقام آخر .
حتى قال رسول الله
:" الفقر فخري وبه أفتخر على سائر الأنبياء"...
ومعنى الفقر هنا يتسع ليشمل الفقر المطلق إلى الله تعالى في كل حركةٍ وسكنةٍ ونفسٍ فضلاً عن الفقر المادي. .....
كما ورد في الكافي عَنْ هَارُونَ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدٍ فِي الْيَوْمِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَبُو جَعْفَرٍ (ع) فَقَال : إِنَّا لِلَّهِ وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ مَضَى أَبُو جَعْفَرٍ (ع) ، فَقِيلَ لَهُ : وكَيْفَ عَرَفْتَ قَالَ : لِأَنَّهُ تُدَاخِلُنِي ذِلَّةٌ لِلَّهِ لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهَا.
المقدمة الثانية :
كلنا يعرف حديث الثقلين المشهور المتواتر عن الرسول الأعظم
:
" إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتابَ الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض".
كما ورد عنه
:" إن للقرآن ظهراً وبطناً ولبطنه بطن إلى سبعةِ أبطن"
ويلزم من هذين الحديثين الشريفين أن يكون للعترة الطاهرةِ ظاهراً وباطناً ، ولباطنِهم باطنٌ إلى أبطن عديدة لأنهم إذا لم يكونوا كذلك فيكونوا قد لازموا القرآن في ظاهره وافترقوا عنه في باطنه وهذا يخالف حديث الثقلين المتواتر والذي ينص على عدم افتراقهما أبداً.
وهناك العديد من آي الذكر الحكيم تشير إلى أن لكل شيء في هذا الوجود - بما فيه البشر - ظاهراً وباطناً، تنزيلاً وتأويلاً، شهادة وغيباً، مُلكاً وملكوتاً، وكلُّها مترادفات لمعنىً واحد.
وبالتالي فالكثيرُ من الأحاديث والزيارات التي يزار بها أهل البيت
تخاطب حقائقَهم لا ظواهرَهُمُ الشريفة....
وكما أن للقرآن الكريم محكماً ومتشابهاً، فعلينا لفهم متشابهه رده إلى محكمه...
فكذلك لأفعال أهل بيت العصمة محكماً ومتشابهاً فإذا لم نستطع فهم تصرف ورد عنهم، فعلينا رده لمحكم أفعالهم الشريفة (كي لا نكون في زمرة من في قلوبهم زيغ باتباعنا ما تشابه من القرآن الصامت والناطق)..
ويُسأل أهل العلم عن المحكم من أفعالهم لننسب إليه كل ما لم ندركه عنهم. ...
وعند عدم فَهمنا لبعضِ معاني زياراتهم أو أفعالهم الشريفة فيجب عدمُ إنكارِها بل نَعزي الأمرَ لقصورنا عن إدراك وسبر هذه الأغوار العميقة، وقد ورد عنهم
قولُهم : " إن أمرنا صعب مستصعب لا يحتمِله إلا ملَك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان ".
وقولُهم
: " ما جاءكم منا مما يجوز أن يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه فلا تجحدوه وردوه إلينا، وما جاءكم عنا مما لا يجوز أن يكون في المخلوقين فاجحدوه ولا تردوه إلينا ".
فمن سمع فضلهم فقبله دونما إنكار فليسجد لله تعالى شاكراً وحامداً ليل نهار لهذه النعمة السابغة ، ومن يشعر بضيق لدى ذكر فضائلهم أمامه فليستغفر ربه ولا ينكر ما سمع وليدع الله تعالى أن يشرح صدره لدرك ووعي مقاماتهم العالية التي من عرفها فقد ازداد من الله قرباً ومن جهلها فقد ازداد عن الله بعداً وليستعين بما سيأتي علّه يعي بعض الأجوبة عن سؤالاته وأوهامه التي تصده عن قبول كراماتهم ومقاماتهم
.....
... يتبع ...