منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - الإمام الباقر عليه السلام وعمر بن عبد العزيز
عرض مشاركة واحدة

منتظرة المهدي
عضو
رقم العضوية : 421
الإنتساب : Sep 2007
الدولة : طيبة الطيبة
المشاركات : 5,448
بمعدل : 0.90 يوميا
النقاط : 0
المستوى : منتظرة المهدي is on a distinguished road

منتظرة المهدي غير متواجد حالياً عرض البوم صور منتظرة المهدي



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
Unhappy الإمام الباقر عليه السلام وعمر بن عبد العزيز
قديم بتاريخ : 13-Jun-2010 الساعة : 12:11 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واللعن عدوهم .



كان عهد عمر بن عبد العزيز منطلقاً للإمام الباقر (ع)


(كانت ولاية عمر ثلاثين شهراً... وتوفي لست بقين من رجب سنة 101، وهو ابن تسع وثلاثين سنة ، وكان أسمر ، رقيق الوجه حسن اللحية ، غائر العينين بجبهته أثر ، وعهد إلى يزيد بن عبد الملك). (اليعقوبي:2/308 ، والطبري:5/318).

وكان في وجهه أثر جرح من رفسة فرس ويسمى أشجَّ بني أمية . (فتن ابن حماد/75) .
وكان عهده على قصر مدته متنفساً للمسلمين من اضطهاد قومه بني أمية ! وسبب استخلافه أن سلفه سليمان بن عبد الملك كان ظلوماً عسوفاً أكولاً لايكاد يشبع! لكن كانت لعمر بن عبد العزيز يدٌ عليه حيث وقف معه لما أراد أخوه أن ينتزع الخلافة منه ، فحفظها له سليمان وكتب له عهده عندما عاجله الموت وهو شاب ، ونصه: (هذا كتاب من عبد الله سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز: إني قد وليتك الخلافة من بعدي ، ومن بعدك يزيد بن عبد الملك ، فاسمعوا له وأطيعوا واتقوا الله ، ولا تختلفوا فيطمع فيكم). (تاريخ الطبري:5/306) . وأمر أولاده وهو يحتضر أن يبايعوه: (ونزل عمر بن عبد العزيز قبره وثلاثة من ولده ، فلما تناولوه تحرك على أيديهم فقال ولد سليمان: عاش أبونا ورب الكعبة ! فقال عمر: بل عوجل أبوكم ورب الكعبة ! وكان بعض من يطعن على عمر يقول دَفَنَ سليمان حياً . وكانت ولاية سليمان بن عبد الملك سنتين وثمانية أشهر ، وخلف من الولد الذكور عشرة ). ( اليعقوبي:2/299) .


أقول:أراد الله تعالى في مطلع القرن الثاني للهجرة ، أن يفتح باب رحمة على أمة نبيه (ص) وباب عذاب على بني أمية ! وقد شعر بنو أمية خطر خلافة ابن عبد العزيز عندما أعلن إدانة الخلفاء قبله بظلمهم للمسلمين ومصادرتهم حرياتهم واستباحتهم أموالهم، وأعلن أنه سيحقق العدالة ويرد ظلامة كل مظلوم ! وباشر بإعادة الحريات وأصدر المراسيم بتغيير الولاة ورد الظلامات ، فاستنفر بنو أمية ضده وكانوا قبيلة كثيرة بيدهم مفاصل الدولة ، وقتلوه بعد سنتين بالسم ، وأعادوا الظلم كما كان ، ونصبوا بعده يزيد بن عبد الملك ، ثم الطاغية هشام بن عبد الملك الذي ارتكب جريمة قتل الإمام الباقر (ع)بالسم على يد والي المدينة أو غيره من المقربين اليه .
والنص التالي يكشف الفرق في نظر الإمام الباقر (ع)بين سليمان بن عبد الملك وخليفته عمر بن عبد العزيز: فقد روى اليعقوبي في تاريخه:2/306 ،أن عمر بن عبد العزيز ذكر الإمام زين العابدين (ع)يوماً فقال:( ذهب سراج الدنيا وجمال الإسلام وزين العابدين ! فقيل له: إن ابنه أبا جعفر محمد بن علي فيه بقية ، فكتب عمر يختبره ، فكتب إليه محمد كتاباً يعظه ويخوفه ! فقال عمر: أخرجوا كتابه إلى سليمان فأخرج كتابه فوجده يقرظه ويمدحه ، فأنفذ إلى عامل المدينة وقال له: أحضر محمداً وقل له: هذا كتابك إلى سليمان تقرظه ، وهذا كتابك إليَّ مع ما أظهرت من العدل والإحسان ! فأحضره عامل المدينة وعرفه ما كتب به عمر فقال: إن سليمان كان جباراً كتبت إليه بما يكتب إلى الجبارين ، وإن صاحبك أظهر أمراً فكتبت إليه بما شاكله ! وكتب عامل عمر إليه بذلك فقال عمر: إن أهل هذا البيت لا يخليهم الله من فضل) ! انتهى.
ومعناه أن سليمان برأي الإمام (ع)جبارٌ لا يتحمل أن يطرح الإمام مذهب أهل البيت() ، فكان يداريه كما دارى الأنبياء() فراعنة عصورهم . أما ابن عبد العزيز فأعلن أنه يريد تحقيق العدل ويتحمل النصيحة ، فكتب له الإمام (ع)بما كتب . فأعجب ذلك عمر .
لقد كان عهده فرصة للإمام (ع)ليبدأ مشروعه في الجهر بالحق ، وينشط تلاميذه في البلاد لنشر الإسلام ! فبَقَرَ الإمام الباقر (ع)علوم جده (ص) وفجَّرها ، كما بَقَرَ طريق الثورة على الأمويين ، وشقها أمام فئات الهاشميين !



نقاط إيجابية من عصر ابن عبد العزيز




1- عندما تولى الخلافة دعا الإمام الباقر (ع)الى الشام

، ليسشتيره في أمور الخلافة: (فدخل فحدثه ساعة وقال إني: أريد الوداع يا أمير المؤمنين ، قال عمر فأوصني يا أبا جعفر ، قال: أوصيك بتقوى الله ، واتخذ الكبير أباً ، والصغير ولداً ، والرجل أخاً ، فقال: رحمك الله جمعت لنا والله ما إن أخذنا به وأماتنا الله عليه ، استقام لنا الخير إن شاء الله ). (تاريخ دمشق:54/268، وأمالي القالي/495).



2- (قال أبو بكر بن أبي سبرة:

لما رد عمر بن عبد العزيز المظالم قال: إنه لينبغي أن لا أبدأ بأول إلا من نفسي ، فنظر إلى ما في يديه من أرض أو متاع فخرج منه حتى نظر إلى فص خاتم فقال: هذا مما أعطانيه الوليد بن عبد الملك مما جاءه من أرض المغرب ، فخرج منه) . (الطبقات:5/341).
( لما استخلف قال: يا أيها الناس ، إني قد رددت عليكم مظالمكم ، وأول ما أرد منها ما كان في يدي ، وقد رددت فدك على ولد رسول الله (ص) وولد علي بن أبي طالب ، فكان أول من ردها ). (بحار الأنوار:29/208).
(ونكث عمر أعمال أهل بيته وسماها مظالم ، وكتب إلى عماله جميعاً: أما بعد فإن الناس قد أصابهم بلاء وشدة وجور في أحكام الله ، وسنن سيئة سنتها عليهم عمال السوء ، قلما قصدوا قصد الحق والرفق والإحسان ، ومن أراد الحج فعجلوا عليه عطاءه حتى يتجهز منه ، ولا تحدثوا حدثاً في قطع وصلب حتى تؤامروني..
وأعطى بني هاشم الخمس ، ورد فدكاً وكان معاوية أقطعها مروان فوهبها لابنه عبد العزيز فورثها عمر منه ، فردها على ولد فاطمة ، فلم تزل في أيديهم حتى ولي يزيد بن عبد الملك ، فقبضها . ورد عمر هدايا النيروز والمهرجان ، ورد السُّخَر (الإجبار على العمل مجاناً) ، ورد العطاء على قدر ما استحق الرجل من السنة ، وورث العيالات على ما جرت به السنة ، غير أنه أقر القطائع التي أقطعها أهل بيته والعطاء في الشرف لم ينقصه ولم يزد فيه ، وزاد أهل الشأم في أعطياتهم عشرة دنانير ، ولم يفعل ذلك في أهل العراق). (تاريخ اليعقوبي:2/305 ، ونحوه الطبري:5/321).


3- ( لما ولي عمر بن عبد العزيز ،

فردَّ فدك على ولد فاطمة () وكتب إلى واليه على المدينة أبي بكر بن عمر بن حزم يأمره بذلك ، فكتب إليه: إن فاطمة قد ولدت في آل عثمان وآل فلان وآل فلان ! فكتب إليه: أما بعد فإني لو كنت كتبت إليك آمرك أن تذبح شاة لسألتني جمَّاء أو قرناء ! أو كتبت إليك أن تذبح بقرة لسألتني ما لونها ! فإذا ورد عليك كتابي هذا فاقسمها بين ولد فاطمة من علي والسلام ! قال أبو المقدام: فنقمت بنو أمية ذلك على عمر بن عبد العزيز وعاتبوه فيه وقالوا له: هجََّنْتَ فعل الشيخين ! وخرج إليه عمرو بن عبس في جماعة من أهل الكوفة ، فلما عاتبوه على فعله قال: إنكم جهلتم وعلمت ونسيتم وذكرت ، إن أبا بكر محمد بن عمرو بن حزم حدثني عن أبيه عن جده ، أن رسول الله قال: فاطمة بضعة مني يسخطني ما يسخطها ويرضيني ما يرضيها، وإن فدك كانت صافية على عهد أبي بكر وعمر ، ثم صار أمرها إلى مروان فوهبها لأبي عبد العزيز ، فورثتها أنا وإخواني فسألتهم أن يبيعوني حصتهم منها فمنهم من باعني ، ومنهم من وهب لي ، حتى استجمعتها فرأيت أن أردها على ولد فاطمة ! فقالوا: إن أبيت إلا هذا فأمسك الأصل واقسم الغلة ، ففعل) ! (الشافي:4/102، وشرح النهج:16/278).
(فسلمها إلى محمد بن علي الباقر (ع)وعبد الله بن الحسن ، فلم تزل في أيديهم إلى أن مات عمر بن عبد العزيز ). (كشف الغمة:2/117).
(فقيل له: طعَنْتَ على الشيخين ! فقال: هما طعنا على أنفسهما ! وذلك لما صار إليه محمد بن علي (ع)). (المسترشد لمحمد بن جرير الطبري ( الشيعي)/503).
( لما دخل المدينة عمر بن عبد العزيز نادى مناديه: من كانت له مظلمة وظلامة فليحضر فدخل إليه مولاه مزاحم فقال: إن محمد بن علي بالباب ، فقال له: أدخله يا مزاحم قال: فدخل وعمر يمسح عينيه من الدموع ، فقال له محمد بن علي: ما أبكاك يا عمر؟ فقال هشام: أبكاه كذا وكذا يا ابن رسول الله ، فقال محمد بن علي)فلما رآه استقبله وأقعده مقعده فقال (ع): إنما الدنيا سوق من الأسواق يبتاع فيها الناس ما ينفعهم وما يضرهم ، وكم قوم ابتاعوا ما ضرهم فلم يصبحوا حتى أتاهم الموت ، فخرجوا من الدنيا ملومين لمَّا لم يأخذوا ما ينفعهم في الآخرة فقسم ما جمعوا لمن لم يحمدهم ، وصاروا إلى من لا يعذرهم . فنحن والله حقيقون أن ننظر إلى تلك الأعمال التي نتخوف عليهم منها ، فكف عنها واتق الله ، واجعل في نفسك اثنتين: إلى ما تحب أن يكون معك إذا قدمت على ربك فقدمه بين يديك ، وانظر إلى ما تكره أن يكون معك إذا قدمت على ربك فارمه ورائك . ولا ترغبن في سلعة بارت على من كان قبلك فترجو أن يجوز عنك ، وافتح الأبواب وسهل الحجاب ، وأنصف المظلوم ورد الظالم . ثلاثة من كن فيه استكمل الإيمان بالله (فجثا عمر على ركبتيه ، ثم قال: إيه أهل بيت النبوة ، قال: نعم يا عمر ، من إذا رضي لم يدخله رضاه في باطل ، ومن إذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق ، ومن إذا قدر لم يتناول ما ليس له . فدعا عمر بدواة وبياض وكتب: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما رد عمر بن عبد العزيز ، ظلامة محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم بفدك).( الخصال/105 ، والمناقب:3/337 ، والمسترشد/504) .
أقول: ذكرت بعض الروايات أنه رد غلة فدك دون أصلها ، وبعضها أنه سلمها الى الإمام الباقر (ع)ليقسمها بين أولاد فاطمة () ، وبعضها أنه سلمها له ولعبد الله بن الحسن المثنى . واتفق الرواة على أن يزيد بن عبد الملك الذي حكم بعده ، أعادها الى بني أمية ! لكن يبقى ردها عملاً مهماً لأنه اعتراف من خليفة أموي بظلامة فاطمة () وظلامة أبنائها ، وتخطئة لسياسات الحكام نحوهم بعد وفاة النبي () .
وفي تاريخ دمشق:70/255:( لما رد عمر بن عبد العزيز مظالم أهل بيته وأخذهم بالحق قال مولى لآل مروان بربري: وأنتم أيضاً فتزوجوا بنات عمر بن الخطاب) !
يقصد أن عمر بن الخطاب أنفق أيضاً من أموال المسلمين فبناته إماء لهم !
وفي الطرائف/252: (فردها عليهم السفاح ، ثم قبضت فردها عليهم المهدي ، ثم قبضت فردها عليهم المأمون... قبضت منهم بعد المأمون فردها عليهم الواثق ، ثم قبضت فردها عليهم المستعين ، ثم قبضت فردها عليهم المعتمد ، ثم قبضت فردها المعتضد ، ثم قبضت فردها عليهم الراضي) .
وفي المناقب:2/52: (وردها عليهم المأمون ، والمعتصم والواثق وقالا: كان المأمون أعلم منا به ، فنحن نمضي على ما مضى هو عليه ، فلما ولي المتوكل قبضها... وردها المعتضد وحازها المكتفي ، وقيل إن المقتدر ردها عليهم).


4- ( وروي أنه لما صارت الخلافة إلى عمر بن عبد العزيز ،

رد عليهم سهام الخمس سهم رسول الله () وسهم ذي القربى وهما من أربعة أسهم ، رده على جميع بني هاشم ، وسلم ذلك إلى محمد بن علي الباقر وعبد الله بن الحسن . وقيل إنه جعل من بيت ماله سبعين حملاً من الورق والعين من مال الخمس ، فرد عليهم ذلك ، وكذلك كلما كان لبني فاطمة وبني هاشم مما حازه أبو بكر وعمر وبعدهما عثمان ومعاوية ويزيد وعبد الملك ، رده عليهم ! واستغنى بنو هاشم في تلك السنين وحسنت أحوالهم). (المناقب:2/52 ، وكشف الغمة:2/117 ، ويؤيده ما في الطبقات:5/391).
وروى في سمط النجوم/1043، عن الإمام الصادق (ع)أنعمر بن عبد العزيز كان يهدي إليهم الدراهم والدنانير في زقاق العسل ، خوفاً من أهل بيته !



5-ألغى عمر بن عبد العزيز مرسوم معاوية


بلعن أمير المؤمنين (ع)في صلاة الجمعة ،قال اليعقوبي:2/305:(وترك لعن علي بن أبي طالب على المنبر ، وكتب بذلك إلى الآفاق... وأعطى بني هاشم الخمس ، ورد فدكاً وكان معاوية أقطعها مروان فوهبها لابنه عبد العزيز فورثها عمر منه فردها على ولد فاطمة . فلم تزل في أيديهم حتى ولي يزيد بن عبد الملك فقبضها) .
وقال في شرح النهج:4/58: ( فأما عمر بن عبد العزيز فإنه قال: كنت غلاماً أقرأ القرآن على بعض ولد عتبة بن مسعود ، فمر بي يوماً وأنا ألعب مع الصبيان ونحن نلعن علياً ، فكره ذلك ودخل المسجد ، فتركت الصبيان وجئت إليه لأدرس عليه وردي ، فلما رآني قام فصلى وأطال في الصلاة شبه المعرض عني حتى أحسست منه بذلك ، فلما انفتل من صلاته كلح في وجهي فقلت له: ما بال الشيخ؟ فقال لي: يا بنيَّ أنت اللاعن علياً منذ اليوم؟ قلت: نعم ، قال: فمتى علمت أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم ! فقلت: يا أبت وهل كان علي من أهل بدر! فقال: ويحك ! وهل كانت بدر كلها إلا له ! فقلت: لا أعود ، فقال: آلله إنك لا تعود ! قلت: نعم فلم ألعنه بعدها .
ثم كنت أحضر تحت منبر المدينة وأبي يخطب يوم الجمعة وهو حينئذ أمير المدينة ، فكنت أسمع أبي يمر في خطبه تهدر شقاشقه حتى يأتي إلى لعن علي (ع)فيجمجم ويعرض له من الفهاهة والحصر ما الله عالم به ، فكنت أعجب من ذلك َ، فقلت له يوماً: يا أبت أنت أفصح الناس وأخطبهم ، فما بالي أراك أفصح خطيب يوم حفلك حتى إذا مررت بلعن هذا الرجل ، صرت ألكن عيِياً ! فقال: يا بني ، إن من ترى تحت منبرنا من أهل الشام وغيرهم لو علموا من فضل هذا الرجل ما يعلمه أبوك ، لم يتبعنا منهم أحد ! فوقرت كلمته في صدري مع ما كان قاله لي معلمي أيام صغري ، فأعطيت الله عهداً لئن كان لي في هذا الأمر نصيبٌ لأغيرنه ! فلما من الله عليَّ بالخلافة أسقطت ذلك وجعلت مكانه: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ، وكتب به إلى الآفاق فصار سنة).
ومدحه لذلك الشعراء ، فقال كُثيِّر عزة:
ولِيتَ فلم تشتمْ علياً ولم تُخفْ
َرِيَاً ولم تقبل إسـاءة مــجرم

وكفَّرتَ بالعفو الذنوب مع الذي
أتيت فأضحى راضياً كل مسلم

ألا إنما يكفي الفتى بعــد زيغه
من الأود البادي ثقاف المـقوم


وعبَّر الشريف الرضي في رثائه له عن عقيدة الشيعة فيه فقال (ره):
يا ابن عبد العزيز لـو بكت

العيـْـــنُ فتًى من أميةٍ لبكيتكْ

أنت نزهتنا عن السب والشتْم

فلــو أمكن الجــزاءُ جـزيتُك

دير سمعان لا أغبك غــيث

خيرُ ميْت من آل مـروان مـيتُك

فلوَ اني ملكــتُ دفعاُ لما نا

بَكَ مـن طارق الردى لفـديتك






( شرح النهج:4/58 ، ومختصر أخبار شعراء الشيعة/69 ، والحماسة/150)

وفي الطبقات:5/393: (كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز يشتمون علياً رحمه الله فلما ولي عمر أمسك عن ذلك فقال كثير عزة الخزاعي... ) .
وفي سير الذهبي:5/147: ( كان الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز يشتمون رجلاً ! رضي الله عنه ، فلما ولي هو أمسك عن ذلك فقال كثير عزة..)
أقول:ما أن قتل بنو أمية عمر بن عبد العزيز حتى أعادوا سب أمير المؤمنين (ع) على المنابر وغيرها ، كما أثبتناه في أواخر المجلد الثالث .


6- وقتله بنو أمية بالسُّموأعادوا ظلم الناس كما كان:

(وعزل يزيد عمال عمر بن عبد العزيز جميعاً).(اليعقوبي:2/308) لكن الأمر كُتب عليهم فقد فضحهم ابن عبد العزيز وجرَّأ المسلمين عليهم ، وفتح لبني هاشم باب الثورة ، فثار زيد بن علي (ره) بعد عشرين سنة ، والعباسيون بعد ثلاثين سنة .
قال الوليد بن هشام: ( لقيني يهودي فأعلمني أن عمر بن عبد العزيز سيلي هذا الأمر وسيعدل فيه ، ثم لقيني بعد فقال لي: إن صاحبك قد سقي فمُرْهُ فليتدارك نفسه ! فلقيته فذكرته له فقال لي: قاتله الله ما أعلمه ! لقد علمت الساعة التي سقيت فيها ، ولو كان شفائي أن أمس شحمة أذني ما فعلت ، أو أوتى بطيب فأرفعه إلى أنفي فأشمه ، ما فعلت) !(الفتن لنعيم بن حماد/68).
يشير النص الى أن اليهود كانوا وراء سمه ، وقد كانت صلاتهم وثيقة بالأمويين! كما يشير الى مبالغات الناس في إيمان عمر بن عبد العزيز وتقواه ، وأنه كان مسلِّماً لقضاء الله وقدره ، الى حد أنه لايعالج نفسه من السُّم !


7- تقدم في سيرة الإمام زين العابدين (ع)(4/182)،


أن ابن عبد العزيز كان يعرف مقام علي والأئمة من العترة() ، وأن الإمام (ع)كان يصفه بالمترف الفاسق ، ورأيت أن الجاحظ يصفه بالفاسق أيضاً ، وهذا يشير الى سلوكه الأخلاقي ، لكن حكمنا عليه لأنه يعلم أن بني أمية غصبوا الخلافة من أهل البيت() ولم يُرجعها الى أصحابها !
(قال أبو بصير: كنت مع الباقر (ع)في المسجد ، إذ دخل عليه عمر بن عبد العزيز ، عليه ثوبان ممصران متكئاً على مولى له ، فقال (ع): لَيَلِيَنَّ هذا الغلام فيظهر العدل ويعيش أربع سنين ، ثم يموت فيبكي عليه أهل الأرض ويلعنه أهل السماء. فقلنا: يا بن رسول الله أليس ذكرت عدله وإنصافه ؟ قال:يجلس في مجلسنا ولا حق له فيه ) ! (الخرائج:1/276).
وتقدم أن روايتهم عن الإمام الباقر (ع)أنه: ( نجيب بني أمية ويبعث يوم القيامة أمة وحده)يدل على تميزه عن غيره من خلفائهم ، ولايدل على نجاته .


8-روى ابن عساكر:69/160،

أن يزيد بن معاوية صَلَبَ رأس الحسين (ع)في دمشق ثلاثة أيام ، ثم وضعه: ( في خزائن السلاح.. فلما ولي عمر بن عبد العزيز بعث إلى الخازن خازن بيت السلاح: وجِّه إليَّ رأس الحسين بن علي ، فكتب إليه أن سليمان أخذه وجعله في سفط وصلى عليه ودفنه ، فصح ذلك عنده . فلما دخلت المسودة سألوا عن موضع الرأس فنبشوه وأخذوه ، والله أعلم ما صُنع به ).
أقول: هذه الرواية من تصوراتهم ، والمعتمد عند المصريين أنه بقي في خزائن بني أمية ودفنوه في عسقلان ثم في القاهرة ، والمعتمد عندنا أن الإمام زين العابدين (ع)أخذه من يزيد وأعاده الى كربلاء ، ودفنه مع الجسد الشريف .


9-روى ابن عساكر:30/297 ،وغيره ،

أن عمر بن العزيز أرسل محمد بن الزبير الى الحسن البصري يقول له: (إشفني فيما اختلف فيه الناس: هل كان رسول الله (ص)استخلف أبا بكر؟ فاستوى الحسن قاعداً فقال: أوَفي شك هو لا أباً لك ! إي والله الذي لا إله إلا هو لقد استخلفه ).وعلق عليه الأميني (ره)في االغدير:5/345 ، بقوله:(أنظر إلى هذا المتقشف المتزهد الجامد ، كيف يحلف كذباً بالله تعالى على ما لا تعترف به الأمة جمعاء ، حتى نفس أبي بكر وعمر ) !
أقول:يدل ذلك على أن ابن عبد العزيز والناس في عصره يرون أن الخلافة لاتكون إلا بالنص ، وأن بني أمية أو غيرهم ادعوا النص على أبي بكر ، وكان الخليفة متحيراً ، فأراد أن (يُشفي) شكه بسؤال الحسن البصري ! وقد يكون ذلك في مرحلة من حياته ، ثم وصل الى تفضيل أهل البيت() على نفسه وجميع الناس ، فقد قضى في رجل فضَّل معاوية على علي (ع)بالتعزيز والنفي، وكان يقول: (ما علمنا أحداً كان في هذه الأمة أزهد من علي بن أبي طالب بعد النبي). (الكامل:3/401 ، راجع جواهر التاريخ:4/183).
وقضى بأن علياً (ع)أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان ، فقد روى ابن الكلبي أن عامل عمر بن العزيز رفع اليه مسألة رجل حلف أن علياً خير هذه الأمة وأولاها برسول الله (ص) وإلا فامرأته طالق ثلاثاً ، فقال له أبوها طَلُقَتْ منك ، واختلفا: ( فجمع عمر بن عبد العزيز بني هاشم وبني أمية... ما تقولون في يمين هذا الرجل؟... وكتب عمر إلى عامله ابن مهران..: قد صدَّق الله يمين الزوج وأبرَّ قسمه ، وأثبته على نكاحه ، فاستيقن ذلك واعمل عليه ).( شرح النهج:20/222 ،وملاحم ابن طاووس/385 ).

10- في هذا الجو السياسي

الذي هيأه الله للإمام الباقر (ع)انطلق في جهده النبوي على مدى أربع عشرة سنة ، يجهر بالحق ، ويواجه تآمر قريش وتحريفها للإسلام ، ويفضح سياسات الحكام ، ويعلي الصرح الفكري والإجتماعي للفئة الثابتة في زمن الإنحراف! وقد نشأت ثورة الحسنيين والعباسيين من هذه الأرضية بفضل الموجة التي أحدثها الإمام (ع)، ثم استمدت دفعها من ثورة أخيه زيد (ره)أبكر ثورة هاشمية بعد كربلاء. وعندما مات عمر بن عبد العزيز ، وتولى بعده يزيد بن عبد الملك أربع سنين ثم هشام بن عبد الملك عشر سنين ، لم يستطيعا إيقاف الموجة الفكرية والإجتماعية والسياسية التي أحدثها الإمام (ع) ، لأنها كَوَّنَتْ واقعاً جديداً في الأمة ، جريئاً على بني أمية وطغيانهم . وساعد عليه عدم الإستقرار السياسي للنظام الأموي ، وأن الخليفة كان مشغولاً بالصراع مع ولاته ومع الطامعين بالخلافة حوله ، وقد انفتح هذا الباب في زمن ابن عبد العزيز عندما عزل حاكم البصرة وبلاد فارس ابن المهلب ، وحبسه في الشام ، فهرب من سجنه وعاد الى موطنه وأعلن الحرب على بني أمية ! وكذلك اضطربت ولاية خراسان وشمال إيران ، واستفحل الخوارج في العراق..الخ.

رد مع اقتباس