منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - ظلم ذوي القربى(02) عقد قران
عرض مشاركة واحدة

حسين نوح مشامع
عضو نشيط

رقم العضوية : 768
الإنتساب : Feb 2008
المشاركات : 459
بمعدل : 0.08 يوميا
النقاط : 214
المستوى : حسين نوح مشامع is on a distinguished road

حسين نوح مشامع غير متواجد حالياً عرض البوم صور حسين نوح مشامع



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان الكتب والمكتبات والأبحاث الدينية والعلمية
افتراضي ظلم ذوي القربى(02) عقد قران
قديم بتاريخ : 14-Apr-2015 الساعة : 05:25 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


ظلم ذوي القربى(02) عقد قران
تأكد من خلو البيت من ساكنيه، فأمه عند جيرانها تقضي وقت فراغها، وأخوته في الشارع يلعبون مع أقرانهم، ووالده بعيدا لا يزال في عمله.
رفع سماعة الهاتف وهو على حذر يلتفت يمنة ويسرة، كأنه ينقل سر خطير، خوفا من أن يسمعه احد.
كلم صاحبه محاولا محاكاة السناجب في مخاطبتها لأقرانها، ملتصقة ببعضها، تهمس بصوت منخفض، يشوبه الخوف والوجل، تتلعثم الكلمات بين شفتيه: اودووو...اودووو مقابلتك هذه الليلة، عندي كلام ثقيل جاثم على صدري.
خرج متسللا من داره كما يتسلل السراق بعد قيامهم بسيء فعالهم، وقبل فضيحة ضوء النهار لهم.
خرج قبل رجوع والده، الذي أصبح يشك في كل حركة، فيربطها بما يدور بينه وبين أخوه العزيز.
قابله صاحبه على شاطئ البحر، وهو يتأمل الأمواج كيف تأتي قوية مندفعة، ثم ترجع خاسئة ذليلة قد فقدت قوتها. وكذلك هو عندما رأى صاحبه، شعر إن مجيئه مضيعة للوقت، مخيبة للآمال.
شاهد صاحبه كل ذلك في عينيه، فأخذه من يده، وراحا يتمشيان ذهابا وجيئة على الرصيف الصخري الممتد على الساحل لفترة ليست بالقصيرة، وهما صامتان لا ينطقان ببنت شفة، كأنهما زاهدان في صومعة صائمان عن الكلام.
قطع صاحبه حبل الصمت الطويل سائلا: هل أتيت بي لتعلمني كيف أتعود على السكوت، فلقد رأيت ذلك في عينيك أول وصولي؟
انفجر فجأة باكيا منتحبا، كأنه أم حبلى تصرخ لفقد جنينها قبل إتمامه شهره التاسع: أصبح بيتنا كبيت العنكبوت، لا يأمن أي منا على نفسه، ويتوقع أن الطرف الآخر سوف يشي به، فلا يستطيع أن يبدي برأيه بصراحة.
أصبحت كل حركة وكل كلمة تؤل بأن لها علاقة بما يدور بين الأخوة كبار.
وما الجديد هذه الأيام؟
تعلم انه تم منعنا من قبل عمنا المتنازل عن حقه من زيارة عمنا العزيز، أو لقاء أبناءه، منذ مدة طويلة، لأنه معتدي قد سلب حقوق أخوانه.
ولقد تم تزريق هذا المفهوم بقوة في عقولنا، كما تزرق ابر الدواء عبر عبوة المغذي. فقبلناه بكل خشوع وخضوع، كأنه قرءان يتلى، أو وحي منزل، دون نقاش أو حوار. بعد أن دعمت بدعوى عمنا المتنازل أن لديه ما يثبت ذلك.
فمضت الأيام بل السنوات ونحن نطبق ما أملي علينا حرفيا، حتى غدت قلوبنا كحفنة الطين التي فقدت مائها، فأصبحت صلدة قاسية.
قاطعنا عمنا العزيز مقاطعة تامة، وانعزلنا عن أبنائه وعائلته. فلم تعد علاقة النسب تربطنا به، ولا العلاقة الإنسانية تجمعنا به، ولم نعد نفكر في المصالحة، أو الجلوس معه إلى طاولة المفاوضات كما تفعل الدول الكبرى، عندما لا تستطيع الحروب جر النفع لها، أو إيصالها إلى مآربها.
جلسا على احد الكراسي الحجرية المتناثرة هنا وهناك، والبعيدة عن التجمعات البشرية، ليريحا أقدامهما بعد طول دورانهما.
أعاد الصديق متسائلا متعجبا مما يسمع، لأنه ليس بجديد عليه، وقد سمعه أكثر من مرة: ماذا جد في الأمر هذه المرة؟
خبر فاجأ الجميع حتى والدي الذي اقتنع قناعة تامة أن أخيه العزيز قد ابتز حقه وحق عياله.
لقد تم عقد قران عمنا المتنازل عن حقه مؤخرا، ولعظيم فرحته نسي ما هو فيه، ونسي القضية التي أقامها ضد أخيه العزيز، ونسي إرجاع حق أبي المسلوب، فدعا إلى الحفل كل من يعرفه ومن لا يعرفه، ومن يحب ومن لا يحب، ومن بينهم....
عمك العزيز، على ما أظن!
توقعك صحيح، وهذا ما حدث بالفعل.
كيف كان موقف أباك من ذلك العمل؟!
بل قلي ماذا يحب أن يكون موقفنا نحن الأبناء من هذا التصرف الغريب والعجيب؟!
بقلم: حسين نوح مشامع

رد مع اقتباس