منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - ختومات العارفين
عرض مشاركة واحدة

مسكين مستكين
الصورة الرمزية مسكين مستكين
عضو مميز
رقم العضوية : 7148
الإنتساب : Dec 2009
الدولة : ارض عزيز الزهراء
المشاركات : 465
بمعدل : 0.09 يوميا
النقاط : 192
المستوى : مسكين مستكين is on a distinguished road

مسكين مستكين غير متواجد حالياً عرض البوم صور مسكين مستكين



  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : مسكين مستكين المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 09-Oct-2010 الساعة : 03:20 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الفيوضات الإلهية
والتجليات الربانية

يقول السيد حسين العالم قدس سره: "إن الفيض الإلهي والتجليات الربانية حاضرة لكل فرد من أفراد البشر ، ولكن شهودها يستلزم تصفية الذات ، والتوجه صوب الآخرة ، والفراغ من غير الله ، وحينها تصل إليك الكمالات الوجودية ، لأنه جل اسمه ليس ممسكا طرفة عين".

إذا تدبرت مليا فيما يقوله السيد ، من أن الفيض الإلهي والتجليات الربانية حاضرة لكل فرد من أفراد البشر ، تعرف على التحقيق ، بأن هذه الفتوحات ميسرة لكل أفراد البشر ، لا الأنبياء وحدهم ، ولا محمد ص وأهل بيته الطاهرين وحدهم ، بل إنها حاضرة لكل البشر. فالخطوة الأولى هي أن تصفي ثقافتك أولا من الترهات ، فالثقافة المعوجة هي المانعة الأولى ، التي تدرأ عنك الفيض الإلهي والتجليات الربانية. أو ما قرأت القرآن حيث يقول الله تعالى في سورة الشورى: "وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ، أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم". فالله سبحانه وتعالى يقول بأن الله يكلم البشر إما كذا أو كذا. فهل نحن نخاطب الجدران والنصب ؟

أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي

ثانيا لا بد من تصفية الذات ، كما يقول السيد حسين العالم قدس سره. لا بد من تزكية النفس عما سوى الله ، والتجافي عن دار الغرور ، والجهاد الأكبر الذي يفضي إلى الوجدان النوراني ، وإلى روح من الله نفخه فيك ، حتى يبزغ ويسطع في كل وجودك ، ويحييك الله بعد أن تكون ميتا ومقبورا في بدنك المادي ، كما يقول الله تعالى في سورة الأنعام: "أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس".

فانهض إلى التطهير والتزكية التي تفضي لوجدان ونور سناها
تفضي لروح النفخ غير ملوث فبزوغه ختم الردى ومناها

ثالثا أن تجعل الآخرة أكبر همك ودوما نصب عينيك ، وأن تتجافى عن دار الغرور ، وأن تنيب إلى دار الخلود. فإذا تيقنت بأن النشأة الدنيا ممرك إلى دار الخلود ، وأن الدنيا مزرعة الآخرة ، وأن الآخرة هي دار القرار ، وهي دار الحصاد ، وأن وطنك هناك لا هنا ، فحينذاك تكون قد غيرت اتجاهك من الدنيا صوب الآخرة. يقول الرسول ص: "إن العبد إذا كان همه الآخرة ، كف الله تعالى عليه ضيعته ، وجعل غناه في قلبه ، فلا يصبح إلا غنيا ، وإذا كان همه الدنيا ، أفشى الله تعالى ضيعته ، وجعل فقره بين عينيه ، فلا يمسي إلا فقيرا ، ولا يصبح إلا فقيرا". ويقول ص: "خيركم أزهدكم في الدنيا وأرغبكم في الآخرة".

وهذا لا يعني انزوائك في الجبال والكهوف ، بل أن تكون في معمعة الحياة الدنيا وأنشط إنسان على وجه البسيطة ، ولكن يجب أن يكون همك كبيرا ، بكبر عالمك الأكبر الذي انطوى فيك ، وأن يكون اهتمامك بالعلل الغائية من خلقك ، لا أن تكون الدنيا مبلغ علمك وأكبر همك ، ولا مثل البهيمة همها علفها !!!

رابعا أن تتفرغ من غير الله ، وتتجه إلى الإنقطاع إلى الله ، والإنشغال بذكره وحبه وعشقه ، كما يقول إمامنا علي ع: "عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم" ، وكما يقول إمامنا الحسين ع: "ماذا وجد من فقدك وما الذي فقد من وجدك" ، ويقول ع في مكان آخر: "خسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا". فالفراغ من غير الله هو الفراغ من (الأغيار) بعينه ، كما يقول أبو عبد الله الحسين ، روحي له الفداء: "أنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبائك ، حتى لم يحبوا سواك ولم يلجئوا إلى غيرك". فإذا أنت تيقنت – فكرا وعقيدة ولسانا وقلبا وبكل وجودك - بأن لا إصالة البتة للموجودات ، وإنما الإصالة للوجود وحده ، , وأن الموجودات هي مجرد تعينات ، وأنها ليست شيئا مذكورا ، هنالك تتفرغ كليا من غير الله ، لأنك حينذاك لا ترى إلا الله.

وهل تعرف ماذا يعنيه السيد حسين العالم قدس سره ، بأن الكمالات الوجودية تصل إليك ، لأنه جل اسمه ليس ممسكا طرفة عين ؟ إنه يعني بأن فيضه تعالى حاضر لكل إنسان ، ولكل أفراد البشر ، وهو تعالى لا يمسك فيوضاته وتجلياته عن المستعدين والمتلقين طرفة عين. ففيوضاته وتجلياته متدفقة منهمرة تملأ الخافقين ، ولكن ما أقل المتلقين !!!

فلننظر مليا في الكون كي نأتيك بالأمثال ، حتى تستوعب الأمر جيدا. فلننضرب مثال الأمواج الكهرومغناطيسية التي تملأ الكون ، وهي ليست ممسكة طرفة عين ، ولكن لا يتلقاها جهاز التلقي إلا إذا كان صالحا. أما إذا كانت الأجهزة فاسدة ، فتحرم من تلقي تلك الأمواج ، رغم أن الأمواج تملأ الأثير.

واعلم أن كثيرا جدا من الآيات وردت في القرآن الكريم تحث على العمل الصالح ، الذي هو العمل الذي يصلح جهازك الذي فسد في عالم الكون والفساد. فصلاح جهازك يجعلك مؤهلا لتلقي الأنوار الربانية والفيوضات الإلهية التي تملأ الخافقين. فالله أقرب إليك من حبل الوريد ، ولكنك بعيد عنه بسبب فساد أجهزتك ، وهذا الفساد ، مع الأسف الشديد ، يكون مانعا من تلقى الأنوار والفيوضات. أو ما سمعت الله تعالى يقول في سورة الأعراف: "ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون".

فأين أعينك التي لا تبصر ؟ وأين آذانك التي لا تسمع ؟ وأين قلوبك التي لا تفقه ؟ هذه هي الأجهزة المتلقية في وجودك ، طمستها بأياديك الجاحدة وأفكارك المعوجة ، ثم أنت لا تقوم بالعمل الصالح لإصلاحها. وبدل ذلك تملأ حياتك بالظنون والأوهام ، وسوء الظن بهذا أو ذاك ، والشك في عباد الله الصالحين ، كأنك خير محض والآخرون شر محض !!! يقول الإمام علي ع: "طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب غيره".

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم

ويؤكد السيد حسين العالم قدس سره على دور العلم والمعرفة للإنفتاح على روائع النفس والكون ، ويقول بأن تحصيل العلم والمعرفة تنفخان فيك يقظة الروح ، وتهبان لك ثروة الحياة الروحانية. ويقول قدس سره ، في مكان آخر ، بأن العلم والمعرفة تزيد الإيمان قوة ، وتوصل الإنسان إلى المراتب العالية من السعادة ، بل إنها توصل الإنسان إلى مراتب من الإيمان ، يكون العمل فيها وفي وقتها يعادل عمل الثقلين. وأعطى السيد لذلك مثالا من إيمان الإمام علي ع يوم الخندق ، حتى قال الرسول ص عنه: "برز الإيمان كله إلى الشرك كله". وقال ص أيضا: "لضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين".

ويعزو السيد حسين العالم قدس سره هذه البطولات التاريخية للإمام علي ع إلى إيمانه القوي وإلى سعة علمه ومعرفته ، حتى قال سلام الله عليه: "لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا". فعليه صلوات الله خالدة الدوام ، عدد قطر الرهام ، وزنة الجبال والآكام ، ما أورق السلام ، واختلف الضياء والظلام.




كتاب
قدوة الفقهاء والعارفين
279

رد مع اقتباس