عرض مشاركة واحدة

حسين نوح مشامع
عضو نشيط

رقم العضوية : 768
الإنتساب : Feb 2008
المشاركات : 459
بمعدل : 0.08 يوميا
النقاط : 214
المستوى : حسين نوح مشامع is on a distinguished road

حسين نوح مشامع غير متواجد حالياً عرض البوم صور حسين نوح مشامع



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء ) ميزان مصباح الهدى وسفينة النجاة ( عاشوراء )
افتراضي ثورة اجتماعية (15) عبيد الدنيا
قديم بتاريخ : 07-Nov-2016 الساعة : 08:57 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


ثورة اجتماعية (15) عبيد الدنيا
قال الله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ الأنفال 53.
وقال الامام الحسين(ع): ((الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درت معايشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون.
في احد اليالي العاشورائية من شهر محرم الحرام للسنة الهجرية 1438، لقيني ابن اخي خارج احد المحاضرات الحسينية في منطقتنا، وبعد السلام والتحية، قال: سمعت -يا عم- انك تدون حلقات تاريخية عن ثورة الامام الحسين(ع) الاجتماعية، فأردت ان اطرح عليك بعض ما يدور في خلدي لعلك تستطيع وضع يدي على جواب لها.
- يسعدني - يا ابن اخي العزيز- ذلك، فأنني ابحث بجد عمن يشاطرني هذا الهم، ولكن دعنا نلتقي بعد انتهاء عشرة محرم في بيتنا، لتنظم الينا كل من ابنت عمك وامها، فإن لهما نفس هذا الاهتمام.
بعد عشرة عاشوراء وصل ابن اخي الى درانا حسب الاتفاق المبرم بيننا، وكنا في استعداد تام للقائه، فلقد انهيت شيء من قراءتي، واعد اهل البيت كل ما يلزم لحسن الضيافة. ثم التأم المجلس بانظمام كل من زوجتي وابنتنا وهما تسمعان عن قرب، وتشتركان عن كثب في حوارنا.
بدأ ابن اخي حديثه قائلا: إلى كم جزء - يا عم - يمكننا تقسيم حياة الامام الحسين(ع)؟
- واقعا لا يمكننا الاحاطة بجميع حياته لسعتها وامتدادها، لان هذا سوف يخرجنا عن نطاق بحثنا الذي نحن بصدده، ولان حياته ممتدة من حياة جده رسول الله(ص)، ثم امامة والده امير المؤمنين(ع)، ومن بعدها امامة اخيه الامام الحسن(ع)، وآخرها امامته التي انتهت باستشهاده المروع على يدي جنود الجيش الاموي في كربلاء. حتى ان ما حدث بعد استشهاده يمكن ان يضاف الى كل ذلك، لانه نتيجة له وامتداد لما بدأه .
- فكيف ندرس حياة الامام الحسين(ع) يا والدي؟
- اظن، من الافضل ان يبدأ حديثنا من بعد استشهاد اخيه الامام الحسن(ع)، وتسنمه قيادة الامامة الالهية، اماما ناطقا مفروضة طاعته على الامة.
- عندها - يا حاج - كانت الخلافة الاسلامية تحت سلطة بني امية في الشام.
- احسنتي يا عمة - فماذا كان دور الامة في تلك الحقبة من الزمن، وما هو رد فعلها تجاه ما يقوم به الامويون؟
- لم يسكت ولم يستكين الناس خاصة اهل العراق منهم عن مراسلة الامام الحسين(ع)، بعد أن ذاقوا الامرين تحت حكم بني امية وجورهم، بل كانوا يزورونه في مدينة جده، ويحثونه على القيام واسترجاع حق اهل البيت المسلوب، واستنقاذ الامة من ظلم الامويين.
- ماذا كان رد الامام - يا عم -؟
- كان موقفه كموقف اخيه الامام الحسن(ع) من قبل، كانما ينطقان عن لسان رجل واحد: لقد عاهدا، ولا مفر من امضاء العهد حتى حينه، وعلى الشيعة لزوم بيوتهم حتى ينتهي الوقت المضروب.
- متى بدأ الامام الحسين(ع) تحركه الجهادي - يا والدي -؟
- واقعا لم يتوقف الامام عن جهاده حتى قبل توليه الامامة.
- وكيف ذلك - يا حاج - ونحن لم نسمع بتحركه الا بعد موت معاوية ومبايعة يزيد سلطانا على المسلمين!؟
- على رسلك يا حاجة، فلو تفكرنا مليا في كلام الامام لتبين لنا انه لم يمتنع عن القيام بواجب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يوم واحد، متى ما استطاع الى ذلك سبيلا. ولم يمنع احد ممن يسمع كلامه عن القيام بهذا الواجب، بل كان نهيه وتوقفه عن مواجهة السلطة القائمة سياسا وقلب نظامها.
- هل بالامكان اعطائنا - يا عم - بعض المواقف السلمية التي قام بها الامام الحسين(ع) تجاه السلطة القائمة، ردا لمنكرها واقامة للمعروف، ولو كان ذلك يخرجنا عن مسار موضوعنا؟
- على العكس، انه لا يخرجنا عن مسار موضوعنا - يا ابن اخي - بل هو في صلبه، لانه يعطينا مثالا واضحا وعمليا عن كيفية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وبالطريقة السلمية التى انتهجها الامام .
- وما هي احد تلك الامثلة - يا والدي؟
- عندما لم يستطع والي المدينة ولا رسائل الادارة الاموية بالشام من قناع الصحابة والأنصار بمن فيهم الحسين(ع) بالبيعة ليزيد، فقصد معاوية المدينة بنفسه غاضبا في ألف فارس فاستقبلته شخصيات الصحابة، وكان معهم متنمردا شرسا يشتم ويهدد، فاستدعى الإمام الحسين(ع) وابن عباس وابن الزبير وابن عمر وابن أبي بكر، واستعمل معهم كل دهائه لكنه لم يستطع إقناعهم ببيعة يزيد، بل كان ردهم له شديدا.
- والمثال الثاني يا حاج؟!
- غضبه على مروان بن الحكم(والي المدينة) عندما لعن أمير المؤمنين(ع) ونال منه، فتصدى له الإمام(ع)! وقال له: ألا أخبرك بما فيك وفي أصحابك وفي علي؟ إن الله تبارك وتعالى يقول: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا)، فذلك لعلي وشيعته. و(فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين)، فبشره بذلك النبي(ص)، (وتنذر به قوما لدا)، فذلك لك ولأصحابك.
- والمثال الثالث يا عم؟!
- موقفه من بني امية في جنازة الحسن(ع)، عندها لم يشك بني أمية أنه سيدفن عند رسول الله(ص) فتجمعوا ولبسوا السلاح، فتصدى لهم الحسين(ع) ومن معه من بني هاشم بكل قوة، واخبروهم ان الحسن(ع) قد اوصى ان يدفن عند جدته فاطمة بنت اسد، ولو ذلك لم يستطيعوا منعهم من دفنه عند جده رسول الله(ص).
- وهل هناك مثال اخر - يا والدي - يوضح تحركات الامام الحسين(ع) السلمية؟
- موقفه من خطبة معاوية لابنت أخت الحسين(ع) وامها زينب الكبرى بنت فاطمة الزهراء(ع) لابنه يزيد، فأجهز الحسين(ع) على تلك الخطة الشيطانية بتزويجها من القاسم بن محمد بن جعفر.
- وهل يوجد موقف آخر لتكتمل لدينا الفكرة - يا حاج.
- نعم، مواجهته مرسوم بني امية بلعن علي(ع) بالتسمية باسم علي: حين ما أمر بني امية واليهم على المدينة أن يفرض لشباب قريش عطاء من بيت المال، فأتاه علي بن الحسين السجاد(ع) فقال: ما اسمك؟ فقال: علي؟ وما اسم أخيك؟ فقال: علي. فقال: علي وعلي، ما يريد أبوك أن يدع أحدا من ولده إلا سماه عليا! فرجع فأخبره، فقال: ويلي! لو ولد لي مائة لأحببت أن لا أسمي أحدا منهم إلا عليا.
- يبدو ان هناك مواقف أخرى تبين مواجهة الحسين(ع) لغطرسة بني امية، فهل لا اتحفتنا بعدد منها، يا عم؟
- بعون الله تعالى - وهذا جوابه عن يقين علي(ع) وشجاعته: دخل على معاوية فقال له: ما حمل أباك على أن قتل أهل البصرة ثم دار عشيا فطرقهم في ثوبين(اسم مكان)؟ فقال: حمله على ذلك علمه أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه. قال: صدق.
- لقد حرك ما طرحت شهيتنا، فهلا اضفت مواقف اخرى - يا والدي!!
- نعم منها، رأي الإمام الحسين(ع) في تصنع معاوية و إظهاره الحلم. فلقد بلغه كلام نافع بن جبير في معاوية: إنه كان يسكته الحلم وينطقه العلم. فقال (): بل كان ينطقه البطر ويسكته الحصر!
- وهذا مثال آخر لمقاومته بني امية، عندما اراد معاوية التفريق بالحيلة بين عبد الله بن سلام القرشي وزوجته - أرينب بنت إسحاق - ليزوجها بيزيد، فتزوجها الامام ليمنع هذا الزواج المشؤوم. وعندما جاءه عبدالله مطالبا بمالا كان اعطاه الى ارينب قبل طلاقهما، وراى الامام عدم ممانعتها من العودة الى زوجها السابق، طلقها وردها اليه.
- هل هناك المزيد - يا عم؟؟
- هناك الكثير والكثير لكن ما نطرحه هي مجرد امثلة لتوضيح الفكرة وتقريبها. فلقد قام الامام بمواجهة الحرب الاقتصادية التي قام بها بنو امية على أهل البيت(ع) بمنع عنهم العطاء، واغرائهم بالإنفاق والسخاء الجنوني، ثم محاولتهم الستيلاء على مصادر ماليتهم وهي أوقاف النبي(ص) وأوقاف فاطمة وأوقاف علي(ع)، فعندما نازعه والي الامويين على المدينة في مال كان بينهما بذي المروة، فتحامل الوالي عليه فقال له : أحلف بالله لتنصفني من حقي أو لآخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله(ص) ثم لأدعون بحلف الفضول.
- وهذا مثال آخر لما قام به الحسين(ع) في مقاومته السلمية، فلقد قام بصادرة قافلة مرت بالمدينة من اليمن تحمل مالا وحللا وعنبرا وطيبا لايداعها خزائن دمشق وتوزيعها في بني امية، فأخذها ووزعها في اهل بيته.
- وهل هناك مثال اخير تتوج به حديثنا، يا حاج؟
- إعداده () لبني هاشم والأنصار لكربلاء قبل موت معاوية بسنتين، فلقد جمع بني هاشم رجالهم ونساءهم ومواليهم وشيعتهم من حج منهم ومن لم يحج، ومن الأنصار ممن يعرفونه وأهل بيته، ثم لم يدع أحدا من أصحاب رسول الله(ص) ومن أبنائهم والتابعين، من المعروفين بالصلاح والنسك، فاجتمع عليه بمنى أكثر من ألف رجل، فقام فيهم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: وإني أريد أن أسألكم عن أشياء فإن صدقت فصدقوني، وإن كذبت فكذبوني، ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ومن أمنتموه ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون، فإني أخاف أن يندرس هذا الحق ويذهب، والله متم نوره ولو كره الكافرون.
- هل بقي شيء لم تذكره وتتحفنا به - يا يا والدي؟!
- هناك جوابه لمعاوية وهو يفتخر بقتل حجر بن عدي: يا أبا عبد الله هل بلغك ما صنعنا بحجر وأصحابه؟ فقال (): وما صنعت بهم؟ قال: قتلناهم وكفناهم وصلينا عليهم. فضحك () ثم قال: خصمك القوم يا معاوية، لكننا لو قتلنا شيعتك ما كفناهم ولا صلينا عليهم ولا قبرناهم!
- الان وبعد ان اخذنا نظرة عامة لمواقف الامام الحسين(ع) - يا عم - وتوثقنا انه لم يكن صامتا ساكتا، بل كان يتحرك سلميا بقدر ما يسمح له الموقف تلك الايام. الان نود العودة للحديث عن وضع الامة الاسلامية قبل ثورة الامام الحسين(ع)؟
- كما عرفنا سابقا ان الامة الاسلامية وصلت الى الحضيض في ايمانها بالله وثقتها بنفسها، وسبب هذا الانحراف عن جادة الصواب يمكننا حصره في ثلاثة محاور.
- ما هي هذه المحاور - يا عم؟
- الاول والثاني: هو انحراف الساسة الامويون وعمالهم على الولايات عن اوامر الاسلام واحكامه، ووضعهم مصالحهم الشخصية نصب اعينهم، وتبريرهم لكل ما يوصلهم الى تلك المصالح، حتى ولو كان مخالفا للطبيعة الانسانية، فضلا عن الدين الاسلامي.
- وما هو المحور الثالث - يا والدي؟
- المحور الثالث: كراهية الامة الاسلامية للحروب بعد خوضها لمعارك الجمل، وصفين والنهروان، مع الامام علي(ع)، واعتقد ان ذلك لعدم قناعتها بما تقوم به، وعدم ايمانها انه هو لوجه الله تعالى، وان من تحارب هم اهل فسق وفجور وجور، وخارجون على امام زمانهم، وعدم اعتقادها وقناعتها بقائدها ووجوب طاعته عليها، خاصة وان اكثر شيوخ القبائل ومن بايديهم عقول عامة الناس واهوائهم، قد اغوتهم الدنيا فخضعوا لها، واشترتهم اموال ومناصب بني امية فركضوا خلفها. فاستسلمت الامة للدعة والركون، فخضعت وخنعت وسلبت حريتها.
- الى ماذا ادت هذه السلبيات التي ذكرتها - يا حاج؟
- ادت اولا: الى ضعف الوازع الديني، حيث اضحى الشارع الاسلامي لا يكترث ولا يعترض على الانتهاكات والتعديات التي يقوم بها بني امية وزلامهم.
- وثانيا يا والدي ؟
- تذبذب المقياس الاخلاقية للناس، فذابت الاخلاق التي كان يتحلى بها الانسان العربي، مثل الشهامة وحفظ الجوار والوقوف مع المظلوم، والتي حث الاسلام على المحافظة عليها، فاندثرت ايام الحكم الاموي، واستبدلت بالخوف والانانية والخذلان.
- وثالثها يا عم؟
- تدني الشعور بمسؤولية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلم يعد هناك تغيير للمنكر لا باليد ولا بالسان ولا بالقلب، ونسيت الامة حديث رسول الله(ص): أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.
- سمعتك تذكر ان الامة انقسمت الى ثلاث فئات قبل ثورة الامام ، فما هي تلك الفئات - يا والدي؟
- انقسم الناس الى ما قبل ثورة الامام الحسين(ع) الى ثلاث فئات:
- وما هي الفئة الاولى يا حاج؟
- الفئة الاولى: تتبع السلطة فيما تقوم به دون نقاش او اعتراض، اما خوفا من الاضطهاد او خوفا على مصالحها الخاصة او اتباعا لكبار رؤسائها، كما ان عامة الناس على دين ملوكهم.
- وما هي الفئة الثانية - يا عمي؟
- الفئة الثانية: الاقلية التي لم تؤمن بصلاحية بني اومية للحكم، لكنها سكتت على مضض، اما لعدم مقدرتها على مواجهة السلطة، او عدم استعدادها عسكريا للمواجهة.
- ومن هي الفئة الثالثة - يا والدي؟
- الفئة الثالثة: وهم الصفوة المؤمنة والذين تم تصفية اكثرهم مع بداية الحكم الاموي، ولم تعد المجموعة المتبقية منهم يأبه لوجودها.
- اذا - يا عم - هذه الحالة استمرت حتى قيام الامام الحسين(ع) بالتضحية بنفسه واهل بيته واصحابه المخلصين في نهضته المباركة من اجل اعادة الامة الى دينها الذي تركته ووعيها الذي فقدته.
- الان يا والدي - نريد معرفة حال الامة عند قيام الامام بنهضته المباركة.
- اعتقد ان بن اخي قد اكتفى بما قدمناه له في هذه الحلقة، وعليه الانتظار حتى الخلقة القادمة، اذا كانت لديه تساؤلات اخرى.
اعداد: حسين نوح مشامع

رد مع اقتباس