منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - ظاهرة انتشار التشيع (دراسة معمقة)
عرض مشاركة واحدة

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.18 يوميا
النقاط : 215
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : صفوان بيضون المنتدى : صفوان بيضون
افتراضي الحلقة الأولى : المقدمة .
قديم بتاريخ : 09-Feb-2010 الساعة : 06:13 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


قال الله تعالى في كتابه الكريم



بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ



إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَ الْفَتْحُ (1)


وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)


سورة النصر










مقدمة



بسم الله الرحمن الرحيم


والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام


على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.


انتشرت في العقود الأخيرة ظاهرة دينية عالمية ، هي أن نخبة من المثقفين والعلماء أعلنوا تحولهم من ديانتهم أومذاهبهم إلى مذهب أهل بيت النبي’.
ولم يكن طريقهم معبداً بل كان صعباً شاقا ، بدءاً من أنفسهم حيث كانت المعركة الأولى مع النفس والهوى ، ثم مع الموروثات والشبهات والحقائق ، حتى تجاوزوا كل العقبات والموانع ببركة أهل بيت النبي’ووصلوا إلى سفينة أهل البيت^التي من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهوى .
ثم جعل أكثرهم الدعوة إلى مذهب أهل البيت هدفاً لهم ، فهم يؤلفون ويكتبون ويحاضرون في فكر أهل البيت^وقضيتهم قضية الإسلام .
هذه الظاهرة أصبحت واضحة لكل مراقب ، بسبب سعتها في قارات العالم ، وبسبب أن أفرادها من كل الأديان والمذاهب ، حتى وصلت أعدادهم إلى الملايين في بعض البلاد . ومن خصائص هذه الظاهرة أن حالة كل معتنق لمذهب أهل البيت^تراه يحمل قدراً كبيراً من الحماسة والشوق ، والأهم من ذلك اليقين والوضوح في الرؤية في مذهبه الجديد ، ويؤكد أن ولاية أهل البيت^نعمة لاتكافؤها نعمة أخرى، ولا يعرف قيمتها جيداً إلا الذي كان محروماً منها تائهاً عنها ، ثم وجدها !
وعندما أفاقت الفئة المعادية لأهل البيت^أو الجاهلة للعقيدة الصحيحة بهم، قررت أن الاعتراف بالظاهرة وإعلان محاربتها أنفع من السكوت عليها ! لكنها عجزت عن دراسة الظاهرة دراسة علمية موضوعية ، وغلب عليها التعصب والتشنج والوهم !
في حين أنّ بعض المثقفين المراقبين للظاهرة بدؤوا يعترفون سراً بالقدرة الذاتية لمذهب التشيع على الانتشار و التوسع ، ولذا عمد أعداء أهل البيت إلى استعمال كل الطرق غير الشرعية من التكفير حتى التفجير لتوقيفها، وشملت أدوات الحرب الكذب والتزوير والاتهامات والتشويه ، وحتى التحالف مع الصهاينة من أجل ذلك !
ولم يكن هذا بدعاً بل هو امتداد لسياسة السلاطين الأمويين والعباسيين وغيرهم من حكام الجور ، الذين ارتكبوا أبشع أنواع التنكيل والتقتيل والمجازر ضد أتباع أهل البيت^.
ومن العجيب أن السلطات المحاربة للتشيع لم تعتبر التبشير المسيحي في العالم الإسلامي خطراً ، ولم تقم تجاهه بأي مواجهة ! ولكنها قامت بالشحن والتعبئة ضد التشيع وعبأت كل قواها من مال وفضائيات ومخابرات وقمع واضطهاد ، معتبرةً تلك النعمة خطراً ، وأقحمت فيها السياسة لمصلحة توهمتها، و بها استغلت الأنظمة رجال دين البلاطات العربية فركبتهم تارة و حلبتهم أخرى دون أن ينتبهوا لوقوعهم في مصيدة الحكام الذين صيّروهم موضوعا للاستغلال و بضاعة للاستهلاك، و حشرتهم في تحالف يجهلون فيه أبعاده و قذفت بهم في الطرف المعادي للأمة، فعلت أصواتهم محذرة من المد الشيعي والخطر الشيعي والهلال الشيعي !.
لعلك ترى أن علماء البلاط الذين يكيلون التهم تلوالتهم لأتباع أهل البيت^، عاجزون عن إبداء أي ملاحظة على السلطان وأعوانه وممارساتهم غير الشرعية !
وهم أعجز عن الحديث عن ارتباط حاكمهم بالقوى الأجنبية المعادية للأمة ، وعن القواعد الأجنبية المنتشرة في أشبار الأرض العربية، وعن مخازن السلاح المكدسة في عقر دارهم التي تستعمل ضد المسلمين من بني مذهبهم السنيين !
لكن زمن استغفال الشعوب قد مضى ، فلا يمكن لدولة أن تقنع المسلمين بأنها تحقق مصلحة شعبها باضطهادها فتية آمنوا بمذهب آل بيت نبيهم’!
ومن الظلم أن ينسب تحول المستبصرين إلى الدين الحق إلى أسباب مالية فالحقائق تكذبه، ويكذبه تشيع بعض التجار ورجال الأعمال والوزراء وأفراد من الأسر الحاكمة في الجزيرة العربية و ضباطها و أقارب الحكام ممن لا يتهمون بعوز في المال !
ثم إنك لا تجد المستبصرين تحسنت أحوالهم المالية بعد استبصارهم ، بل إنّ بعضهم حرم من امتيازات كثيرة كالعالم الأزهري الشيخ حسن شحاته المصري ، الذي كان إمام جمعة في أحد أضخم مساجد القاهرة، وموجهاً دينياً في الجيش المصري، وصاحب حلقات في الإذاعة والتلفزيون والمساجد، وقد حرم من ذلك كله بسبب استبصاره وموالاته لأهل البيت^. ولكن فقدان ذلك شئٌ يسيرٌ لا يقاس ولا يقارن بعظمة نعمة الولاية.
كما أن من الظلم القول إن الشيعة أغنياء والتشيع ينتشر بغناهم! لأن الشيعة يعانون من التهميش و الفقر في المنطقة مع أن آبار نفطهم تحت أقدامهم ، و لكنها تذهب إلى جيوب الحكام!
والسنيون أغنى من الشيعة ، والسلاطين المتسلطون على رقاب المسلمين منهم ، والودائع المخزنة في البنوك الأمريكية والغربية لهم.!
وقد أغدق الحكام السعوديون مليارات النفط ، وأنواع الدعم لمؤسسات وهابية في أنحاء العالم ، لكنها لم تكتسح الساحات ، ولم ينضم المثقفون والعلماء إليها ، مما دلّ على عجز المذهب الوهابي عن الانتشار !
إنّ كتب المستبصرين شاهدة على أنهم يملكون عمقاً فكرياً وعقائدياً وأن ذلك كان السبب في تشيعهم وليس الدافع المادي .
إن النسبة العظمى من المستبصرين هم من الطبقة المثقفة وعلماء الدين وحملة الشهادات الجامعية وأساتذة دراسات عليا وإعلاميين وصحافيين!
ألا ترى الكتب التي ألفوها بعد استبصارهم ، وإنّ من بينهم أعداد لا يستهان بها من علماء الأزهر والطبقة العليا من المثقفين !
كما أن من بينهم وهابيين سلفيين وبعضهم كانوا حاقدين على التشيع فاستبصروا وندموا على ما جهلوا في سالف أعمارهم ، وبعضهم من مناطق الجزيرة العربية ممن كانوا يشهدون لهم ..
وفي مقابل ذلك ترى جماعات التكفيريين يتصفون بضعف التحصيل العلمي ، وقلة الإطلاع وفقدان الدليل حين المحاججة !
كما قالوا إن التشيع سياسي وليس عقائدياً، هروبا و تنصلا من الأسباب الحقيقية حيث تبدو قاسية و هذا منهج خاطئ في التفكير ، فإن التشيع عقيدة بالدرجة الأولى، والتأثيرات السياسية ليست إلا بوابة للدخول إلى معرفة أهل بيت النبي^ ، فهي تأثيرات حديثة سبقتها حركة التشيع و الاستبصار بزمن ، قبل انتصار الثورة الإسلامية في إيران .
وهنا يجب التفريق بين التشيع كعقيدة ثابتة وراسخة الأسس والأحكام منذ ظهور خاتم الأنبياء محمد’وأهل بيته الطاهرين^ إلى اليوم ، وبين التشيع السياسي المحض من أفراد أو جماعات أو دول تغير مواقفها طبقا لأغراضها !
والنتيجة: أنه يجب على العاقل أن يتعامل مع ظاهرة التشيع هذه بإنصاف فالاستبصار بنور أهل البيت حق من حقوق الإنسان ، وحرية العقيدة حق، وتعليم المواطن أبناءه ما يدينون به حق!
وربما يندهش أعداء التشيع في البلاد العربية حينما يعرفون أن المدارس الحكومية في أوربا تدرس مادة الإسلام للمسلمين في مناطقهم، بينما تجبر الأنظمة العربية الطلاب جميعاً على تعلم مذاهب الحكام حتى في الدول التي يمثل فيها الشيعة غالبية ويحكمها سنة ! فهم يجبرونهم على تعلم مادة الدين طبقاً للمفاهيم السنية كما هو الحال في العراق في حكم الديكتاتور صدام وأمارة البحرين في حكم طغاة آل خليفة، وهذا ظلم فاحش وانتهاك لحقوق الغالبية !
إنّ حرية اختيار المعتقد مكفول في الدساتير العالمية عامة بما فيها الدساتير العربية نظرياً على الأقل، ولا يحق للدولة أو مؤسساتها الإدارية و الدينية إجبار أفراد الشعب على التمذهب بمذهب معين، والتدخل في معتقدات الأفراد أو إنشاء محاكم تفتيش وتجسس على الناسو جرهم لهوى و غريزة السلطة و النظام !
وكمثال فإنّ دستور المملكة المغربية ينص الفصل السادس من الباب الأول منه على هذه الحرية إذ يقول: (الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية).
وفي الدستور المصري تنص المادة 46 منه على ذلك : (تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية).
وهذه البنود ملزمة للحاكم والمحكوم ، وهي مهمة بالنسبة إلى المجتمعات العربية التي تتكون من أقليات دينية ومذاهب مختلفة وأديان متعددة . فتونس مثلاً تضم المسلمين واليهود والمسيحيين ، والمسلمون فيها مذاهب مختلفة من مالكية و أباضية و شيعة. و المغرب فيها مسلمون مالكيون وشيعة ، وفيها مسيحيون ويهود.

إن الحركة باتجاه أهل البيت^ كانت متوقعة و جاءت البشارة بهامن زمن بعيد ، فقد قالها أمير المؤمنين علي×: لتعطفن علينا الدنيا بعد شماسها عطف الضروس على ولدها !
فلا بد أن تهتدي الأمة إلى منهج أهل البيت ^عاجلاً أم آجلاً ، وذلك عندما تصل إلى مرحلة النضوج الفكري والعلمي وتُغَلِّب لغة العقل على العصبيات ، وترفض منطق التكفير والتضليل ، حينها ستبصر النور و تستبصر و تنتصر.
وفي الختام: فقد درسنا ظاهرة التشيع واطّلعنا على مئات الكتب لمستبصرين، وعشنا مع إخوتنا المستبصرين وتداولنا ظاهرة الإستبصار العالمية ، وقرأنا أعداداً كبيرة من المقالات والتقارير والدراسات المتعلقة بهذه الظاهرة ، وشاهدنا كثيراً من المقابلات من أفلام فيديو وملفات صوتية وبرامج تلفزيونية ، فكانت هذه الدراسة الميدانية ، وقد عرضنا فيها أهم أسباب الظاهرة وبعض جوانبها العقائدية و الاجتماعية ، على أمل أن تكون مفيدة لأمتنا وإخوتنا ، و سيكون منهحنا في الكتاب التوثيق و ذكر المصادر اللازمة من كتب المسلمين عامة ، و نتمنى أن تتم قراءة هذا الكتاب بطريقة علمية و موضوعية و بعيدة عن التعصب و التشنج. والله ولي التوفيق والقبول .


محمد أحمد مختار


رد مع اقتباس