منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - ظاهرة انتشار التشيع (دراسة معمقة)
عرض مشاركة واحدة

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.18 يوميا
النقاط : 214
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 27  
كاتب الموضوع : صفوان بيضون المنتدى : صفوان بيضون
افتراضي ظاهرة انتشار التشيع (24)
قديم بتاريخ : 25-Mar-2010 الساعة : 07:19 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


ظاهرة انتشار التشيع



الحلقة (24)



السبب الثالث عشر


استقلال المؤسسة الدينية الشيعية


من العوامل التي ساعدت على انتشار التشيع و الاستبصار : استقلال المؤسسة الدينية الشيعية ، فإنّ المستبصرين كانوا يلحظون تبعية المؤسسة الدينية السنية و عناصرها للحاكم الطاغية تبعية تامة ومخزية ، وإن كان فاسقاً وفاجراً . وعلى العكس من ذلك يرون مدى استقلال عالم الدين الشيعي والمؤسسة الدينية الشيعية عن الدوائر الرسمية والحاكم وإن كان عادلاً . فالحوزة في إيران مستقلة عن الحاكم تماماً ، وكذلك في النجف الأشرف و بقية بقاع الأرض .
وهذا الاستقلال مالياً وإدارياً وسياسياً و فتوائياً ، من أهم عناصر نجاح هذه الحوزات ، و هذا ما جعل صالح الورداني يذكرها في كتابه سبباً من أسباب استبصاره[1] ، ويعتبر استقلال المؤسسة الدينية بفروعها المختلفة من مساجد وحسينيات وهيئات ومواكب من الثوابت والدعائم التي يمنع اختراقها .
لكن إذا نظرنا إلى حال المؤسسات الدينية عند المذاهب الأخرى ، نجد انغماسها في بلاط السلطان وإخراجها الفتاوى على قياسه !
وهذا ما يحصل في الأزهر الشريف وفي بلاد الحرمين ، بل في أية مؤسسة دينية مرتبطة بالسلطات السياسية الرسمية ، حيث ترى قصورا واضحا في القيام بواجباتها الدينية على نحو كامل ، و يتحكم الحاكم برجل الدين كما يشاء لا كما يشاء الشرع المقدس ، و من هنا تخرج فتاوى مخالفة لضروريات الدين في قضايا مصيرية للأمة ، كحرمة الدعاء للمجاهدين في لبنان في حرب تموز 2006 ، وحرمة التظاهر تأييداً لأبناء غزة في حربهم ضد الكيان الغاصب في حرب كانون الأول 2008 واعتبار جهادهم أعمالاً غوغائية ، إلى الكثير من الفتاوى المخزية التي تصدر في الجزيرة العربية .
وارتباط المؤسسة الدينية بالنظام يعني سقوطها بسقوطه ، ولذا فإنّ المؤسسة الدينية السنية قد اضمحلت في العراق بسبب سقوط النظام الذي كان يقومها ، في حين برزت القوة الهائلة للمؤسسة الدينية الشيعية وتسارع نشاطها وتطورها ، بسبب ارتفاع سيف الجلاد الذي كان مسلطاً على رقبتها .
وتشبه المؤسسات الدينية الصحافة التي هي سلطة رابعة في الدولة المعاصرة ، فهي أيضاً في البلاد العربية بيد الحاكم ، وهو يختار رؤساءها من بين أناس لا إرادة لهم ولا كرامة في الغالب ، كما يختار رؤساء المؤسسة الدينية كهيئة كبار العلماء أو المجلس الإسلامي للدولة أومفتي الجمهورية أوغيرها .
والشرط الأهم أن يكون هذا الرئيس في هاتين المؤسستين مطيعاً لأوامر السلطان ونواهيه ، وليس شرطاً أن يكون صاحب كفاءة ، أو من أبناء البلد كما في بعض أمارات الخليج ، ولكن الشرط أن يسبح بحمد الحاكم من دون الله ، فيكون أداة يحركه الحاكم كيفما يشاء ، ويستغله لأغراض لا تناسب مقامه ومنصبه !
وبذلك يشارك رجال الدين السنيون في القبضة الدكتاتورية والفكر الإستبدادي ونشر ثقافة الطاعة والخضوع للحاكم الظالم .
ولذا تلحظ التناقض في مجتمع السنيين ، فهم ينادون بالجهاد ، ولكنهم يقرُّون بولاية الحاكم الفاجر الفاسق ، ويطيعونه حتى في صومهم وصلاتهم فيصومون قبل رمضان بيوم ويفطرون قبل العيد ، فتدخل السياسة حتى في صومهم وفطرهم ويعلن المفتي رؤية الهلال ، مع أن القمر لم يخرج من المحاق ولا إمكانية لرؤيته بإجماع الفلكيين كما حدث في سنة 1428.
و أحاديث الرسول تصرح بعدم طاعة من لم يطع الله ، و منها قول النبي : ( لا طاعة لمن عصى الله عز وجل) [2] . و قال علي قال رسول الله : ( لا طاعة لبشر في معصية الله) [3] . ( لا طاعة لمخلوق في معصية الله عز وجل ) [4] .
و روي : عن عبد الله بن مسعود ، أن النبي قال : (سيلي أموركم بعدي رجال يطفئون السنة ويعملون بالبدعة ، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها ، فقلت : يا رسول الله ! إن أدركتهم ، كيف أفعل ؟ قال : تسألني يا بن أم عبد كيف تفعل ؟ لا طاعة لمن عصى الله ) [5]. وروى أحمد في مسنده عدة روايات بهذا المضمون [6].

[1] - كتاب الخدعة، صالح الورداني ، ص 152
[2] - التاريخ الكبير - البخاري:6/332
[3]- مسند احمد - الإمام احمد بن حنبل:1/129
[4]- مسند احمد - الإمام احمد بن حنبل:1/132
[5]- سنن ابن ماجة - محمد بن يزيد القزويني:2/956، السنن الكبرى - البيهقي:3/124، السنن الكبرى - البيهقي:3/127، المعجم الكبير - الطبراني:10/173، كنز العمال - المتقي الهندي:6/70، تاريخ مدينة دمشق - ابن عساكر:63/240، إمتاع الأسماع - المقريزي:13/212
[6]- مسند احمد - الإمام احمد بن حنبل:1/94، ج 1/409، ج 3/213، ج 4/426، ج 4/427، ج 4/432، و غيرها.
... يتبع ...


رد مع اقتباس