منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - السناء في مجالس الولاء
عرض مشاركة واحدة

سيد جلال الحسيني
الصورة الرمزية سيد جلال الحسيني
طالب علم متخصص في الحديث
رقم العضوية : 3866
الإنتساب : Feb 2009
الدولة : النجف الاشرف مولدي
المشاركات : 2,567
بمعدل : 0.47 يوميا
النقاط : 286
المستوى : سيد جلال الحسيني is on a distinguished road

سيد جلال الحسيني غير متواجد حالياً عرض البوم صور سيد جلال الحسيني



  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : سيد جلال الحسيني المنتدى : أرشيف تفسير الأحلام ( السيد جلال الحسيني )
افتراضي
قديم بتاريخ : 24-Nov-2013 الساعة : 07:33 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم



الليلة الخامسة عن الحر
إنـي أنا الحرُّ ومأوى الضيف*** أضـرب فـي أعناقكم بالسيف
عن خير من حل بأرض الخيف
إن الحر بن يزيد الرياحي سلام الله عليه هو النوذج الأمثل للتائب وهو العنوان الأكمل لرحمة أهل البيت صلوات الله عليهم وعفوهم وصفحهم الصفح الجميل الذي قاله تعالى في القرآن المجيد فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَميلَ )(85)"الحجر" ويعني العفو بدون عتاب وهو الوارد عن أهل البيت صلوات الله عليهم .
إن الحر هو الذي وقف في وجه الإمام وأرعب عياله وهو الذي منعهم من الرجوع للمدينة المنورة وإذا به يوفق للتوبة النصوح والذي بذل فيه مهجته وهو أغلى ما عنده :
( قُلْ يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَميعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحيمُ) (53)"الزمر"
بل وإن الله تعالى يبدل سيئات التائب توبة نصوحا الى حسنات :
(إِلاَّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحيماً) (70)"الفرقان"
(وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى‏ لِلذَّاكِرينَ) (114)" هود"
فأي حسنة أفضل من التوبة ثم الإصلاح ببذل مهجة الفؤاد دفاعاً عن بهجة قلب رسول الله وريحانته .
وحينما يراجع الإنسان المتأمل سيرة هذا البطل يجده أًنه يستحق التوبة ولم يكن شيئاً في هذه الدنيا يحدث صدفة وعبثا ؛ والأن نبدأ بدراسة مقدار وجيز من سيرته لعله نوفق في معرفة هذا البطل الحر من قيد النفس والهوى .
اولاً لنذكر عدد وجيزاً من الروايات التي وردت في أهمية الأدب :
الكافي ج 1 ص 23 كتاب العقل و الجهل .....
18- عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ الْجَعْفَرِيِّ قَالَ (كُنَّا عِنْدَ الرِّضَا صلوات الله عليه فَتَذَاكَرْنَا الْعَقْلَ وَ الْأَدَبَ فَقَالَ يَا أَبَا هَاشِمٍ الْعَقْلُ حِبَاءٌ مِنَ اللَّهِ وَ الْأَدَبُ كُلْفَةٌ فَمَنْ تَكَلَّفَ الْأَدَبَ قَدَرَ عَلَيْهِ وَ مَنْ تَكَلَّفَ الْعَقْلَ لَمْ يَزْدَدْ بِذَلِكَ إِلَّا جَهْلًا ).
الكافي ج 1 ص 17 كتاب العقل و الجهل .....
يَا هِشَامُ مَنْ أَرَادَ الْغِنَى بِلَا مَالٍ وَ رَاحَةَ الْقَلْبِ مِنَ الْحَسَدِ وَ السَّلَامَةَ فِي الدِّينِ فَلْيَتَضَرَّعْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي مَسْأَلَتِهِ بِأَنْ يُكَمِّلَ عَقْلَهُ فَمَنْ عَقَلَ قَنِعَ بِمَا يَكْفِيهِ وَ مَنْ قَنِعَ بِمَا يَكْفِيهِ اسْتَغْنَى وَ مَنْ لَمْ يَقْنَعْ بِمَا يَكْفِيهِ لَمْ يُدْرِكِ الْغِنَى أَبَدا (إِلاَّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحيماً )(70)"الفرقان"
(وَ أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى‏ لِلذَّاكِرينَ )(114)" هود"
غررالحكم ص 50
العقول مواهب الآداب مكاسب‏
غررالحكم
إنما الشرف بالعقل و الأدب لا بالمال و الحسب
غررالحكم ص 247
الأدب أحسن سجية
غررالحكم ص 247
أفضل الأدب ما بدأت به نفسك
غررالحكم ص 247
أحسن الآداب ما كفك عن المحارم
غررالحكم ص 247
إن الناس إلى صالح الأدب أحوج منهم إلى الفضة و الذهب
غررالحكم ص 247
ثمرة الأدب حسن الخلق
غررالحكم ص 247
لا يرأس من خلا عن الأدب و صبا إلى اللعب
غررالحكم ص 248
كل شي‏ء يحتاج إلى العقل و العقل يحتاج إلى الأدب
غررالحكم ص 248
حسن الأدب يستر قبح النسب
غررالحكم ص 248
قليل الأدب خير من كثير النسب
غررالحكم ص 407
خير ما ورث الآباء الأبناء الأدب ....."انتهى ما اردت نقله في أهمية الأدب"
وعندما نراجع سيرة هذا البطل نجدها كلها أدب
أولاً : في وقت الصلاة قال للإمام الحسين كما نقله السيد المقرم: وأذّن الحجاج بن مسروق الجعفي لصلاة الظهر فقال الحسين للحر: أتصلي بأصحابك قال: لا بل نصلي جميعا بصلاتك فصلى بهم الحسين.
لاحظتم كيف كان أدبه في صلاته خلف الإمام الحسين مع العلم هو قادم ليلقي القبض عليه ويسلمه لعبيد الله بن زياد .
وعنىما قال له الإمام الحسين صلوات الله عليه :
"ثكلتك أمك ما تريد منا؟"
لاحظ جواب الحر كيف راعى فيه الأدب " قال الحر: أما لو غيرك من العرب يقولها لي و هو على مثل هذا الحال ما تركت ذكر أمه بالثكل كائنا من كان! و اللّه ما لي إلى ذكر أمك من سبيل إلا بأحسن ما نقدر عليه"
ثم قال بكمال الأدب : و لكن خذ طريقا نصفا بيننا لا يدخلك الكوفة و لا يردك إلى المدينة حتى أكتب إلى ابن زياد فلعل اللّه أن يرزقني العافية و لا يبتليني بشي‏ء من أمرك.
هذا الأدب للحر جره لحسن العاقبة علماً بأنه لم يكن من الذين راسلوا الإمام الحسين ولم يعلم بالكتب التي أرسلت إليه كما نقله عنه السيد المقرم .
" أيها الناس إنكم إن تتقوا اللّه و تعرفوا الحق لأهله يكن أرضى للّه و نحن أهل بيت محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم أولى بولاية هذا الأمر من هؤلاء المدعين ما ليس لهم و السائرين بالجور و العدوان و إن أبيتم إلا الكراهية لنا و الجهل بحقنا و كان رأيكم الآن على غير ما اتتني به كتبكم انصرفت عنكم.
فقال الحر: ما أدري ما هذه الكتب التي تذكرها فأمر الحسين عقبة بن سمعان فأخرج خرجين مملوءين كتبا.
قال الحر: إني لست من هؤلاء ....
والأمر الآخر الذي نراه في سيرة هذا البطل هو يقينه وقوة عقله حيث أنه أول خروجه من الكوفة سمع صوت يقول له يا حر أبشر بالجنة ؛ فلاحظوا كيف تعامل مع النداء:
عن كتاب مقتل السيد المقرم :" فقال الحسين عليه السّلام نعم يتوب اللّه عليك‏ فسره قوله، و تيقن الحياة الأبدية و النعيم الدائم و وضح له قول الهاتف لما خرج من الكوفة فحدث الحسين عليه السّلام بحديث قال فيه لما خرجت من الكوفة نوديت أبشر يا حر بالجنة فقلت ويل للحر يبشر بالجنة و هو يسير إلى حرب ابن بنت رسول اللّه "‏.
نعم الحر لم غŒنخدع بالنداء ويستفيد منها الاستفادة الخاطئة منها حيث كان بإمكانه أن يقول باعتباري أذهب لحرب الحسين وجاءتني هذه البشارة فأنا في قتالي مع الإمام الحسين محق .
أبدا لم ينخدع وإنما قال لا أقبل النداء في حربي للإمام وهو ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ؛ ولما وفق للتوبة قال معتقداً بأن النداء كان يشير إلى توبته وشهادته بين يدي الإمام الحسين . بينما تجد كثير من الناس ينخدعون لرؤيا يروها في تهمة الناس وهتك حرمات الله والغيبة والتهمة لتكهن باطل أو لسماع وسوسة ؛ فإن في زماننا هناك كثير من يدعي الغيب ويدعي العلم ببواطن الناس وهو كذب والدليل عليه هذه الرواية المباركة :
بحارالأنوار ج 26 ص 144
عن بصائر الدرجات: عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَصِيرٍ يَقُولُ( قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ صلوات الله عليه مِنْ أَيْنَ أَصَابَ أَصْحَابَ عَلِيٍّ مَا أَصَابَهُمْ مَعَ عِلْمِهِمْ بِمَنَايَاهُمْ وَ بَلَايَاهُمْ قَالَ فَأَجَابَنِي شِبْهَ الْمُغْضَبِ مِمَّ ذَلِكَ إِلَّا مِنْهُمْ قَالَ قُلْتُ فَمَا يَمْنَعُكَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ ذَاكَ بَابٌ أُغْلِقَ إِلَّا أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ صلوات الله عليه فَتَحَ مِنْهُ شَيْئاً ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ أُولَئِكَ كَانَتْ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ أَوْكِيَةٌ ).
ممكن للبعض عن طريق الكذب والخداع يدعي بأنه صاحب معاجز في إصلاح ذات البين أو نيل الرغائب في حين أن الذهاب لهؤلاء الدجالين غير جائز بل له عاقبة مرعبة كما في هذه الرواية المباركة:
من ‏لايحضره‏ الفقيه ج 3 ص 445
رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ آبَائِهِ صلوات الله عليه قَالَ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله لِامْرَأَةٍ سَأَلَتْهُ أَنَّ لِي زَوْجاً وَ بِهِ عَلَيَّ غِلْظَةٌ وَ إِنِّي صَنَعْتُ شَيْئاً لِأُعَطِّفَهُ عَلَيَّ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ أُفٍّ لَكِ كَدَّرْتِ الْبِحَارَ وَ كَدَّرْتِ الطِّينَ وَ لَعَنَتْكِ الْمَلَائِكَةُ الْأَخْيَارُ وَ مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ قَالَ فَصَامَتِ الْمَرْأَةُ نَهَارَهَا وَ قَامَتْ لَيْلَهَا وَ حَلَقَتْ رَأْسَهَا وَ لَبِسَتِ الْمُسُوحَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ فَقَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهَا ).
والدليل الأخر على توفيقه هو اختياره السبيل الناجح والحق حينما خير نفسه بين الجنة والنار
(كان من أصحاب ابن سعد فلما رأى الحر أن القوم صمموا على قتال الحسين (صلوات الله عليه ) قال لعمر بن سعد: أمقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: أي والله قتالا أيسره أن تسقط الرؤوس، وتطيح الأيدي، فأخذ الحر يقول: إني أخير نفسي بين الجنة والنار، فوالله لا أختار على الجنة شيئا، ولو قطعت وحرّقت. ثم ضرب فرسه فلحق بالحسين وجاز على عسكر ابن سعد واضعا يده على رأسه، وهويقول اللهم إليك أنبت فتب عليّ فقد أرعبت قلوب أوليائك، وأولاد نبيك ثم قال للحسين (صلوات الله عليه (
فاختار أحسنها عاقبة كما هو أمر أمير المؤمنين صلوات الله عليه بتدبر العواقب قبل الإقدام في العمل :
مستدرك‏ الوسائل ج 11 ص 306
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شُعْبَةَ فِي تُحَفِ الْعُقُولِ، عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صلوات الله عليه أَنَّهُ قَالَ لِوَلَدِهِ الْحُسَيْنِ صلوات الله عليه ( وَ مَنْ تَوَرَّطَ فِي الْأُمُورِ بِغَيْرِ نَظَرٍ فِي الْعَوَاقِبِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلنَّوَائِبِ التَّدْبِيرُ قَبْلَ الْعَمَلِ يُؤْمِنُكَ النَّدَمَ )
بحار الأنوار ج 74 ص 238
(وَ مَنْ تَوَرَّطَ فِي الْأُمُورِ بِغَيْرِ نَظَرٍ فِي الْعَوَاقِبِ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلنَّوَائِبِ التَّدْبِيرُ قَبْلَ الْعَمَلِ يُؤْمِنُكَ النَّدَم‏)
وأخيراً تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ؛ فإن الاهتداء للإمامة شرط قبول التوبة كما في هذه الرواية
وسائل‏ الشيعة ج 1 ص 124
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِهِ .... عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ صلوات الله عليه فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى‏ قَالَ أَلَا تَرَى كَيْفَ اشْتَرَطَ وَ لَمْ تَنْفَعْهُ التَّوْبَةُ وَ الْإِيمَانُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ حَتَّى اهْتَدَى وَ اللَّهِ لَوْ جَهَدَ أَنْ يَعْمَلَ مَا قُبِلَ مِنْهُ حَتَّى يَهْتَدِيَ قَالَ قُلْتُ إِلَى مَنْ جَعَلَنِيَ اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ إِلَيْنَا) .
إن الحر رضوان الله عليه تاب ثم آمن بالحق وعمل أفضل ما يمكن لعامل أن يعمل وهو التضحية بدمه فداء لإمام زمانه ثم اهتدى حيث تمسك بالعروة الوثقى وهو الإمامة الحقة .
وحينما استشهد جاء اليه الإمام الحسين وهو "يقول: بخ بخ لك يا حر أنت حر كما سمتك أمك وأنت الحر في الدنيا والسعيد في الآخرة".
وهذا يعني أن للمرأة في بيت الحر شيخصيتها المرموقة حيث يسمع كلامها ولها الحق في تسمية أبناءها لأن الإمام نسب التسمية لأمه وليس لأبيه .
ومنها نفهم الهدوء العائلي واحترام الشخصيات في بيت الحر سلام الله عليه ولذا قال الإمام إن أمك كانت محقة في التسمية وفائزة بالاختيار . كما أن هذه التسميات من قبل الأم كانت لآخرين في تلك الأزمان كما في هذه الرواية :
الخرائج ‏و الجرائح ج 1 ص 216 الباب الثاني في معجزات أمير المؤمني
قال أنا الذي سمتني أمي مرحبا. فقال علي صلوات الله عليه أنا الذي سمتني أمي حيدرة.
فنفهم من كلام الامام صلوات الله عليه أنت حر كما سمتك أمك حرا أهمية الإسم وتأثيره على المولود .
عن الهنداوي
فلما رأى الحر أن القوم صمموا على قتال الحسين (صلوات الله عليه ) قال لعمر بن سعد: أمقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: أي والله قتالاً أيسره أن تسقط الرؤوس، وتطيح الأيدي، فأخذ الحر يقول: إني أخير نفسي بين الجنة والنار، فوالله لا أختار على الجنة شيئا، ولو قطعت وحرّقت. ثم ضرب فرسه فلحق بالحسين وجاز على عسكر ابن سعد واضعا يده على رأسه، وه ويقول: اللهم إليك أنبت فتب عليّ فقد أرعبت قلوب أوليائك، وأولاد نبيك ثم قال للحسين (صلوات الله عليه )
جعلت فداك أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وسايرتك في الطريق، وجعجعت بك في هذا المكان، وما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضته عليهم، وأنا تائب إلى الله مما صنعت فهل ترى لي من توبة؟ وفي خبر
أنه جاء إلى الحسن وقد طأطأ رأسه إلى الأرض فقال له الحسين ارفع رأسك من أنت؟ فرفعه وسأله هل له من توبة؟ فقال له الحسين (صلوات الله عليه ): نعم يتوب الله عليك. وفي رواية قال له: أهلا وسهلا أنت والله الحر في الدنيا والآخرة.
وعندما رمى ابن سعد سهما نحو مخيم الحسين (صلوات الله عليه ) وصاح: اشهدوا لي عند الأمير إني أول من رمى، فرمى أصحابه كلهم، فلم يبق من أصحاب الحسين أحد إلا أصابه سهم من سهامهم، قال الحسين (صلوات الله عليه ) لأصحابه:
قوموا رحمكم الله إلى الموت الذي لابد منه، فإن هذه السهام رسل القوم إليكم. فقال له الحر: يا ابن رسول الله، كنت أول خارج عليك فأذن لي لأكون أول قتيل بين يديك، وأول من يصافح جدك غدا. فأذن له الحسين فتقدم وهو يقول:
إنـي أنا الحرُّ ومأوى الضيف أضـرب فـي أعناقكم بالسيف
عن خير من حل بأرض الخيف
فقاتل قتالا شديدا حتى قتل أكثر من أربعين فارسا وراجلا، ثم عقر فرسه وبقي يقاتل راجلا فحملت عليه الرجالة وتكاثروا عليه حتى قتلوه، فاحتمله أصحاب الحسين حتى وضعوه بين يديه وقيل بل أتاه الحسين ودمه يشخب فجعل الحسين يمسح وجهه، ويقول: بخ بخ لك يا حر أنت حر كما سمتك أمك وأنت الحر في الدنيا والسعيد في الآخرة.
وأنشأ يقول:
لنعم الحرُّ حرُّ بني الرياح*** صبورٌ عند مشتبك الرماح
لنعم الحرُّ إذ واسى حسينا*** وجـاد بنفسه عند الكفاح
ولكن لو سألتني أيها المحزون عن هذه المسافة الفاصلة بين قبر الحر وقبر الحسين (صلوات الله عليه )، لأجبتك: إن السبب في ذلك هو أن الحر لم يقطع رأسه مع أصحاب الحسين، لأن عشيرته حملته عندما أمر ابن سعد بفصل الرؤوس ورض الأجساد، قامت بنو رياح وقالت: والله لا يقطع رأس زعيمنا وأيدينا على قوائم سيوفنا. فقال ابن سعد: احملوا جسد شيخكم. فحملته عشيرته ودفنوه في هذا المكان.
هذا، وزينب واقفة وتنظر إلى الحر وقد حملته عشيرته، والحسين ملقى على وجه الأرض جثة بلا رأس، وكأني بها تنادي وا حسيناه، وا غريباه.


توقيع سيد جلال الحسيني



لمطالعة مواضيعي تفضلوا

مؤسسة الإمام الباقر لنشر مؤلفات وأبحاث السيد جلال الحسيني

http://www.noursaqlein.ir