منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - أفلا تذكّرون..
الموضوع: أفلا تذكّرون..
عرض مشاركة واحدة

خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 1.00 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 7  
كاتب الموضوع : خادم الزهراء المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 16-Jul-2009 الساعة : 10:45 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


2 ـ الرد الدقيق والشامل..
هذا هو الرد:
بسم الله الرحمن الرحيم

وله الحمد، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين..

حضرة حسن فرحان المالكي..

السلام عليك ورحمة الله وبركاته..

وبعد..
فقد ألمحت في جوابك إلى قسوة في الخطاب معك.. ولكنني راجعت كلامي فلم أجد فيه إلا قسوة الصراحة، وعفوية البيان وصفاءه، وعدم المواربة، والابتعاد عن الإحالة على مجهول.. ولم أرم أي إنسان بالتعصب ولا بغيره.

وآمل أن لا تجد في خطابي هذا معك أيضاً إلا الجهر بالحق، وإلا صراحة في البيان. وأن لا يكون ذلك سببا في تكدر خاطرك، فإن البحث العلمي يهدف إلى بيان الحق، لا إلى النيل من الأشخاص.. ولو أردنا أن نربط بينهما لانسد باب البحث العلمي مع كل أحد..

فليتسع صدرك إذن، ولتطب نفسك. وها أنا في إجابتي على النقاط التي ذكرتها. أقول، وأتوكل على خير مسؤول ومأمول..

1 ـ لقد ذكرت في إجابتك، انه لا بد أن نحكم بالإسلام لمن أخطأ في حق الزهراء. أو أخطأ في حق أبي بكر.

ونقول:
إن الأخطاء ليست على حد واحد، فإن هناك أخطاء في أمور عادية.. ولا يلزم منها محذور خطير، وهناك أخطاء يلزم منها ذلك.. وقد بين رسول الله (): أن الخطأ في حق فاطمة () ليس على حد الخطأ في حق غيرها، بل هو خطير إلى درجة أنه يغضبه هو، ويغضب الله أيضاً.. فلو كان أبو بكر معذوراً في خطئه، فلا معنى لأن تغضب منه فاطمة ()، ولا معنى لأن يغضب الرسول ()، ثم لا معنى لأن يغضب الله تعالى.. إلا إذا كانت فاطمة () لم تدرك معذوريته، فكيف أدركتها أنت إذن؟! فهل ظهر لك ما غاب عنها؟!
2 ـ قلتَ: إن إغضاب أبي بكر لفاطمة كان من باب التأويل. ومن القرائن الدالة على ذلك تاريخ أبي بكر الطويل في نصرة النبي ()، وهو تاريخ قطعي، فكيف يترك القطعي بمخالفة يحتمل فيها التأويل؟!

وأقول:
أولاً: لماذا لم تأخذ فاطمة نفسها بهذه القرينة، فهجرته إلى أن ماتت.. فهل كانت عالمة بها أم كانت جاهلة؟.

فإن كانت عالمة بها فكيف لم تعمل بمقتضاها؟.

وإن كانت جاهلة بها، فكيف جهلتها الزهراء () وعرفها الآخرون بعد ألف وأربعمائة سنة؟.

وعلى كلا التقديرين، لماذا لم ينهها الصحابة ـ وعلي معهم ـ عـن المنكر، وإن كانت جاهلة بهذه القرينة القطعية ـ عندكم ـ فلماذا لم يعلموها ـ وعلي معهم ـ ما جهلته؟ بل هم جميعاً قد تركوها، ووقف علي () إلى جانبها في ذلك، فلم يبايع أبا بكر إلى أن ماتت..
ثانياً: لا نريد أن نناقش في صحة القرينة التي ذكرتموها حول نصرته وغير ذلك، فإن أبا بكر قد فرّ في أحد، وفي حنين، وفي خيبر، وفي الأحزاب، ولم يبادر إلى الحصول على الجنة التي وعد الرسول () بها من يبرز لعمرو بن عبد ود.

وإنما نريد أن نفترض صحتها، ولكن السؤال هو:كيف أصبحت هذه القرينة قطعية؟!.
أليس نرى أن كثيرين تكون حياتهم حياة صلاح، ثم يضلهم الشيطان في آخر عمرهم؟! وكذلك العكس، فإن كثيرين يعيشون عمراً طويلاً في الضلال، بل في الكفر والشرك، ثم يهتدون إلى طريق الصلاح؟!.
ألم يكن هناك من ارتدّ عن الإسلام في عهد رسول الله ()؟ ثم حارب الرسول ()؟!.. وألم يكن هناك من ارتدّ في عهد أبي بكر، ثم حارب أبا بكر؟! ومنهم طليحة بن خويلد، والأسود العنسي، ومسيلمة و.. و.. الخ..

فلماذا لا تفترضون: أن هذا الصلاح السابق لا يمنع من أن تحلو الدنيا في أعين البعض، فيحاولون الحصول على شيء من حطامها ـ سواء أكان ذلك عن تأويل أم لا؟ فيفعل ما يغضب فاطمة ()، ويغضب الرسول ()، ويغضب الله تعالى.. فإن التأويل لا ينفع مع وجود هذا الغضب، لأن التأويل لا بد أن يكون في دائرة العلم برضى الله ورسوله ()، لا مع العلم بغضب الله ورسوله ()، مع تصريحهم لذلك المتأول ولغيره بهذا الغضب.
ثالثاً: إنك تعلن أنك تحسن الظن في الصحابة وتقول: إنهم لا يتفقون على مخالفة أمر رسول الله ()، وهم الذين آووا ونصروا، وضحّوا، وجاهدوا.. وكان فيهم الأبرار والأخيار، وذلك يدل على أنه لا يوجد نص من الله ورسوله على علي ()..

ولعلك تجعل نفس هذا الكلام مبررا لنسبة التأويل إلى أبي بكر، وأنه لا يعقل أن يقدم على إغضاب الله ورسوله () من دون تأويل..

ونقول لك:
أولاً:

قد عرفت آنفاً: أن التأويل لا ينفع مع وجود التصريح بالغضب، فإن هذا التصريح يلغي ذلك التأويل ويزيل أثره..

ثانياً: قد ثبت أن الرسول () قد حدد أن الخلافة في قريش..

والأنصار كلهم كما نص عليه البخاري في كتاب الحدود، باب رجم الحبلى ـ وهم قد آووا ونصروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم ـ قد اتفقوا على مخالفة هذا النص ـ فاجتمعوا في السقيفة، ليولوا أمرهم سعد بن عبادة، وهو ليس من قريش.

وقد التحق بهم بضعة رجال من المهاجرين، وهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة؟!.

فلماذا جاز أن يُجْمِعَ الأنصار كلهم على مخالفة نص رسول الله () في أن الخلافة والإمامة في قريش، وهو نص لا ريب فيه، ولم يجز أن يسعى أفراد من المهاجرين إلى نيل الخلافة، وإقصائها عن صاحبها الحقيقي؟! ثم تسير الأمور باتجاه فرض هذا الأمر على الأنصار، وعلى علي () وبني هاشم، بالاستعانة ببني سليم، وبغير ذلك من وسائل سجلها التاريخ!!

3 ـ بالنسبة لحلف أبي بكر:
إن قـرابـة النبي () أحب إليه من قرابته، قلتَ: إن ذلـك ثـابـت عنه.
وأقول لك: إنا لا نريد أن نناقشك في ثبوته.. ولكنني أثير أمامك أسئلةً، أحدها: ألا يحتمل أن يكون ذلك قد جاء منه على سبيل السياسة، بهدف امتصاص الأثر الذي تركه هجران فاطمة () له حتى ماتت؟!.

الثاني: لو كان الأمر كما يقول أبو بكر، فلماذا لم يرضِ الزهراء ()، ويتجنب غضبها، وغضب الله ورسوله (

وهل وجود التأويل يبيح لأبي بكر أن يقدم على إغضاب من يعلم أن غضبها موجب لغضب الله ورسوله؟.

وكيف أصبحت بعد كل ما ذكرناه قرائنك التي اعتمدتها قوية؟! وكيف يمكن أن تكون مبرراً للجمع بين النصوص على أساسها؟!.

على أننا لسنا بحاجة إلى التذكير بالعصفور الذي رأى صياداً يذبح عصفوراً آخر، فقال لرفيقه: انظر إلى هذا الصياد كم هو رقيق القلب، فقال له العصفور: أنظر إلى فعل يديه، ولا تنظر إلى دموع عينيه.
وقد عرفت أن هذا الرجل قد كشف بيت فاطمة ()، وأعلن بندمه على ذلك قبل موته، وقال: ليتني لم أكشف بيت فاطمة[5] وأخذ منها فدكاً، وإرثها من أبيها، وقد هجرته هي لذلك، كما تقوله أنت. فكيف نجمع بين هذا كله.. وبين تلك المحبة التي ذكرت ثبوتها عنه؟!!

4 ـ بالنسبة لقولك: إن الشيعة يخالفون ظاهر قوله تعالى:
{وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأنْهَارُ}[6].. وأن الشيعة من أكثر الفرق تأويلاً.

نقول:
أولاً: هذا خروج عن موضوع البحث.

ثانياً: لولا أن ذلك يجر إلى بحوث خارجة عن الموضوع لطلبنا منك فهرساً بالموارد التي ترى أنها من التأويل والخروج عن الظاهر..

وستأتي إشارة أخرى هامة إلى هذا التأويل الذي تنسبه إلى الشيعة، وأنه ما هو إلا التزام بالظواهر.. وفقا لقواعد الخطاب، ولضوابط الجمع بين الأدلة، والأخذ بالمجازات والكنايات، وذلك في إجابتنا على الفقرة الحادية عشرة في كلامك، فانتظر..

ثالثاً: بالنسبة للآية الشريفة وتطبيقها على أبي بكر، نقول:
ألف: إن هناك قرائن تدل على تأخر إسلام أبي بكر عن البعثة إلى أن مضت سنوات عديدة، ففي الطبري: أنه أسلم بعد أكثر من خمسين.

ولا نريد أن نقول: إنها ـ أعني هذه القرائن ـ تفيد اليقين، بل نقول: إنها تسقط اليقين بكونه من السابقين الأولين، وذلك لأن الآية قد حصرت الكلام لا بالسابقين وحسب، بل بالسابقين بقيد كونهم أولين. وذلك يدل على أن الحديث إنما هو عن أفراد قلائل جداً.. وهذا التفسير للآية إنما هو تمسك بالظاهر، وليس من التأويل.

ب: أما القرائن التي أشرنا إلى أنها تضعف اليقين بكون أبي بكر من السابقين، فضلا عن كونه من الأولين، فيمكن مراجعتها في كتاب: الصحيح من سيرة النبي الأعظم () ج:2 ط: دار السيرة بيروت، تأليف: جعفر مرتضى العاملي.

5 ـ قولكم: لا يجب قتل الممتنع عن البيعة ما لم يشق العصا بالسيف.. وقد ترك علي () بعض من لم يبايعه.. وترك أبو بكر وعمر سعد بن عبادة، فإجبار كل أحد على البيعة غير شرعي..

نقول فيه:
أولاً: إن ترك أبي بكر وعمر قتل سعد بن عبادة لا يدل على أنهم كانوا لا يرون جواز قتله.. فلعلهم تركوا قتله لأجل أن ذلك يوجب ثورة الأنصار ضدهم، وذهاب الأمر من أيديهم.. فإن ثورة الأنصار أو الخزرج على الأقل تسقط خلافتهم كلها.. أو هي ـ على أقل الفروض ـ تشكل خطراً جدياً على حكمهم.

ثانياً: ألم يذكر التاريخ لنا: أن عمر قد طلب من الناس أن يقتلوا سعداً في السقيفة، حيث قال: اقتلوا سعداً، قتل الله سعداً؟!.

ثالثاً: أليس قد حدثنا التاريخ أيضاً: أن سعداً قد اغتالته يد السياسة بعد ذلك.. بل لقد حدثنا كذلك: أن قاتله هو خالد بن الوليد، وليس الجن.. كما زعموا.. فراجع كتاب الغدير للعلامة الأميني (رحمه الله)..
رابعاً: إن الحكم بوجوب قتل الزهراء () وعلي () إنما جاء على سبيل الإلزام لكم، انطلاقاً من قول عمر نفسه، وذلك لأن الزهراء () إن كانت قد بايعت علياً () فإن عمر قد أوجب قتل من يبايعه الناس، حيث قال: لقد كانت بيعة أبي بكر فلتة، وقى الله شرها. وهدد بقتل من بايع ومن بويع معاً. في صورة حدوث ذلك بعد وفاة الخليفة (راجع صحيح البخاري، كتاب الحدود، باب رجم الحبلى).

ورويتم أيضاً: إذا بويع لخليفتين، فاقتلوا الآخر منهما[7]، فاشتراطكم أن يصاحب رفض البيعة ثورة، لم نعرف مأخذه، فإنه يخالف قول عمر الآنف الذكر، ويخالف هذا الحديث الثابت أيضاً.

خامساً: أما ترك علي () لقتل بعض من لم يبايعه، فلعله لأنهم لم يتخذوا إماماً آخر، ولم يبايعوا غيره، فلم ينطبق عليهم الحديث المذكور آنفاً..

وأما الزهراء () فقد ذكرنا حسب الفرض في كلامنا: أنها كان لها إمام آخر، ولم تمت ميتة جاهلية. وقد كانت في عنقها بيعة له..

ومن الواضح: أن حكمها وفقاً لهذه القواعد عندكم هو القتل. وعدم حصول ذلك لعله لأجل أنهم لا يقدرون على قتلها جهاراً..

ولكن لابد من التوضيح: أننا نحن لـم نحكم بقتلهـا وقتـل علي ()، فإن كلامنا إنما كان معكم..

وقد قلنا لكم: إن عليكم أنتم أن تحكموا بـأنـهـا تستحق القتل ـ وإن لم يمكنهم قتلها لأكثر من سبب ـ لأنها قد فعلت ما تستحق به ذلك وفق موازينكم..

6 ـ وأما قولكم في النقطة الخامسة:
سواء اعتقدت فاطمة () إمامة أبي بكر أو بطلانها، لا تكفر فاطمة ولا أبو بكر..

فنقول فيه:
إننا لم نقل: إن أبا بكر قد كفر لأن فاطمة لم تعتقد إمامته.

بل قلنا: إن إغضاب النبي () وأذاه هو الذي يوجب الكفر، وقد ذكرنا كيف أن القرآن قد نص على أن أذى النبي يوجب اللعنة الإلهية في الدنيا والآخرة، والعذاب المهين.. فلماذا غيرتم سياق الكلام، ولماذا أهملتم الإجابة على هذه النقطة بالذات، كما أهملتم الإجابة على نقاط أخرى أساسية وحساسة.

أضف إلى ذلك: أن الأمر قد تجاوز الاعتقاد عند الزهراء () إلى الممارسة، واتخاذ الموقف، ورفض الاعتراف بخلافته، والهجران.. الدال على وجود مخالفة، إما من الزهراء ()، بأن تكون قد هجرته تعديا وظلما له.. أو يكون قد فعل ما استحق به الهجران والمقاطعة..

كما أن رفض البيعة له تبعاته على صعيد الإيمان والأحكام.. فلا بد لكم من حل هذه المعضلة.

7 ـ وأما ما ذكرتموه في الفقرة رقم (6) فإننا نقول:
قد ذكرتم: أنكم لا تعلمون بأن الخلاف بين أبي بكر وبين فاطمة كان على البيعة..

وسؤالنا موجه لكم: هل بايعت فاطمة أبا بكر؟ أم أنها ماتت ولم تبايعه؟! فاختر في الجواب ما شئت!!

وسنرى أن أي جواب اخترته، سوف تنتج عنه أسئلة أخرى، تحتاج إلى جواب..

ولماذا لم يبايع علي () أبا بكر إلى أن مضت ستة أشهر، أي إلى أن ماتت فاطمة () ـ حسب رواية البخاري وغيره ـ ؟!

ولو سلمنا أن سبب الخلاف هو الإرث وفدك، فإن ذلك يكفي لإثبات أن أبا بكر قد أغضب فاطمة () التي يرضى الله ورسوله () لـرضاها.. والأمـر في غضبها أيضاً كذلك. فهل من يـكـون الله ـ وكذلك الرسول ـ غاضباً عليه، يصلح للإمامة والخلافة؟!..

وإذا كان النزاع حول فدك، فإن هناك أسئلة كثيرة لا بد لكم من الإجابة عنها..

ومنها: هل كانت الزهراء () تعلم بأن النبي () لا يورث؟ أم تجهل؟!..

والذي يجهل الأحكام، هل يحق له أن يغضب؟! وإذا كان لا يحق له ذلك، فهل يصح أن يقال: إن الله يغضب لغضبه، وأن رسول الله () يغضب لغضبه؟!..

وبعد إجابتكم على هذه الأسئلة نطرح عليكم سواها..

وأما حديثكم في هذه النقطة (السادسة) عن تبادل التكفير، فهو عجيب، فإن البحث يجري بيننا وبينكم في سياق علمي، يستند إلى الدليل والبرهان، ويعتمد الأصول المرعية في الكتاب والسنة.. واللغة العلمية لا بد أن تأخذ مداها. وإذا كان الدليل القرآني، أو الوارد في السنة يسوق إلى أمر بعينه، فلماذا لا ننساق معه؟! ويكون سبباً في وقوفنا على حدود الله، وتراجعنا عن كل ما يخالف قول الله ورسوله؟!

8 ـ وأما حديثكم في الفقرة رقم 7 عن أن بعضهم قد أغضب النبي () ولم يكفّره النبي ().

فيرد عليه:
أولاً: هل من أغضبوا النبي () في حياته أو بعد وفاته ـ حتى لو سكت النبي () عنهم ـ يصلحون لمقام الإمامة والخلافة لرسول الله ()؟!..

وهل يؤمَنُ هؤلاء الذين يغضبون الرسول () ويؤذونه، ويغضبون الله بذلك، على دماء الناس وأعراضهم، وأموالهم، وعلى دينهم، وسياساتهم، ومصيرهم فلا يغضبون الله ورسوله فيها؟!.

وهل يمكن أن يوكل إليهم أمر تربية الأمة تربية صالحة، وفق ما يرضى الله ورسوله ()؟!..

ثانياً: إن رفق النبي () بهم وتألفهم على الإسلام، وهم حديثو عهد بجاهلية، وسكوته () عنهم؛ لا يعني أنهم بإغضابهم لرسول الله () لم يكفروا.. وليس ذلك بأكثر مما فعله طليحة بن خويلد، الذي أسلم ثم ارتد، ثم عاد إلى الإسلام، وقد قلتم: إن من فعل ذلك، فإن ارتداده يذهب صحابيته، فإذا عاد عادت إليه!!..

ثالثاً: قولكم: إنه () كان يراعي جانب الجهل، وحسن النية فيهم، أو جانب الضعف البشري..

لا يعني: أنهم لم يكفروا بذلك كما قلنا، ولكنهم لما ندموا عادوا إلى الإسلام، فلم ير () من داع لهذا التفريق بينهم وبين زوجاتهم. ولا لغير ذلك. وليكن سكوت النبي () عن ذلك دليلاً على أن من فعل ذلك قد عاد إلى الصلاح.

ولكن كيف يمكن إثبات العودة إلى الصلاح لمن أحدث بعد وفاة الرسول ()؟ ولا يوجد وحي، ولا أنبياء يطلعهم الله على غيبه ليعرف الناس إن كانوا قد عادوا إلى الصلاح، أم لا..

أضف إلى ذلك: أن النبي () قد قبل المنافقين في مجتمعه ولم يعلن بحربهم، ولا اتخذ إجراءات عملية ضدهم، كالتفريق بينهم وبين زوجاتهم، وإجراء أحكام الإرث فيهم، وغير ذلك.
وقد كانوا من الكثرة بين المسلمين إلى حدّ أن عبد الله بن أبي قد انخذل بثلث الجيش في أحد.. ولعل من بقي، ولم يظهر نفسه كان أكثر من الذين ذهبوا مع ابن أبي..

وأما بالنسبة للحديث عن إغضاب زوجات النبي (ص) للنبي ()، وأن النبي () لم يتخذ أي إجراء ضدهن، فراجع ما ذكرناه آنفاً، ولا أحب إثارة هذا البحث على صفحات الإنترنت، لأن فيه مهالك ومزالق، لا أراك تتحمل الدخول في البحث فيها وحولها.. ويكفي أن نشير لك إلى ما ورد في سورة التحريم، من تعريض قوي لزوجاته اللواتي كن يؤذينه ().

فكيف إذا عطفنا النظر إلى قول من تقول له منهن: أنت الذي تزعم أنك نبي. وغير ذلك؟!..

وكيف إذا أخذنا بما ذكرته في رسالتك هذه، في الفقرة الرابعة، من أن شق عصا المسلمين بالثورة يوجب القتل. وأردنا تطبيقه على الذين حاربوا علياً () من الصحابة وغيرهم.. فتنبه لهذا..

9 ـ وأما ما ذكرته في الفقرة رقم 8 من عدم ضرر الجهل ببعض معاني القرآن.. فيرد عليه:
أن الجهل ببعض معاني القرآن، ولا سيما إذا كانت بديهية وظاهرة، كتلك التي ذكرتها له الزهراء () يكفي دليلاً على عدم أهلية الجاهل بها للحلول في موقع النبي ()، هذا الموقع الخطير جداً، الذي يطلب منه فيه تعليم الناس أحكام دينهم، وتربيتهم، وتزكية نفوسهم، والحكم فيهم بما أنزل الله سبحانه، وسياستهم وفق شرائعه وأحكامه..

وقولكم: إن المضر هو المخالفة بعناد، لا المخالفة بحسن نية واجتهاد.

غير دقيق، فإن هذه المخالفة إذا كانت بحسن نية في بادئ الأمر، فهل تبقى كذلك بعد التعليم، والاستدلال والبيان، وإطلاق الصرخة، ثم الهجران؟!

وكيف لا تضر المخالفة، إذا كانت في أمور أساسية وحساسة، من شأنها تدمير وحدة المسلمين، وزرع الفتنة بينهم، وإحداث الشقاق الموجب لانقسامهم إلى فرق ومذاهب، لا يزال الصراع قائماً بينها إلى يومنا هذا، ولا نرى أي فرصة للخروج من هذه الصراعات القاتلة.. في المستقبل القريب على الأقل؟!.

10 ـ أما ما ذكرته في الفقرة التاسعة، فيما يرتبط بتكفير علي() للخوارج، فيرد عليه:
أولاً:

قولكم: إن علياً () لم يكفر الخوارج لم تأتوا عليه بدليل. فإن مجرد معاملتهم بالرفق من قبله ()، لا يكفي دليلاً على ذلك. وقد منَّ النبي () على بعض المشركين، ثم قتلهم بعد بدر بعد أن تكرر عدوانهم..

كما أن معاملته () للمنافقين، والمؤلفة قلوبهم، حتى لقد أعطاهم الغنائم في حنين، معروفة وظاهرة..

ثانياً: إن مراتب الكفر، وحالاته وأحكامه مختلفة. وأنتم تعرفون الفرق في الأحكام بين أهل الكتاب، وهم كفرة، وبين غيرهم من المشركين، وغيرهم ممن ليس لهم كتاب سماوي.. كما أن من يكفر بإنكار ضروري من ضروريات الدين، أو بإكفاره أخاه المسلم، كما ورد في الروايات، أو بخروجه على الإمام أو نحو ذلك، له أحكام تختلف عن أحكام غيره. وكذلك الحال في الكافر ببعض الأسباب الأخرى، كمن سب النبي () فإن فيئه لا يؤخذ، ولا تسبى نساؤه، ولا يحرم أولاده من إرثه..
ثالثاً: قد ذكرت لك في الإجابة السابقة: أن النبي () قد وفّر الأمر وسهله على علي ()، وأغناه عن أي بيان، بعد أن حكم بكفر الخوارج. فهل ثبت لك: أن علياً () خالف رسول الله ()، وحكم بإيمانهم؟!

11 ـ وأما ما ذكرتموه في الفقرة العاشرة.. حول التفريق بين أهل الدنيا وغيرهم.. فيرد عليه.
أولاً: ما هو الميزان في تحديد: أن هذا الإنسان من أهل الدنيا، وأن ذلك ليس من أهلها، فحكمتم على يزيد، وقاتل عمار، وعلى معاوية بأنهم من أهل الدنيا، ولم تحكموا على غير معاوية ويزيد بذلك؟!
فإن قلت: إن سوابق معاوية جعلتنا نحكم عليه بذلك، أما سوابق أبي بكر ففرضت الحكم بالعكس.

قلنا لك:
ألف: لعل هذا الزاهد العابد الذي زعمت أنه جاهد ونصر رسول الله ()، قد طمع الآن في الدنيا. وما أكثر الذين يعيشون عمرهم في الزهد والتقوى.. أو على طريق الهدى، ثم يضلون، أو تغرهم الدنيا في آخر حياتهم. وكذلك العكس..

ب: إن سوابق أبي بكر في نصرة النبي () تظهر أنه لم يكن بالمثابة التي تتحدث عنها، ولأجل ذلك نجده يفر في أحد، وفي حنين، وخيبر، ولا يرغب في الجنة في الأحزاب، حين نادى رسول الله (): من لعمرو، وأضمن له على الله الجنة.. ووإلخ..

ثانياً: قد ذكرت أن قاتل عمر مجوسي، فكيف ثبت لك ذلك..

ثالثاً: وبغض النظر عن ذلك، فماذا تقول في قتلة عثمان. ومن ألب عليه، وساعد على قتله، هل يجب قتلهم جميعاً؟ وهل كفروا بخروجهم عليه، وثورتهم ضده، وشقهم العصا بالسيف؟! كما ذكرته في الفقرة الرابعة؟!

وكيف لم يقتلهم علي ()، ولا غير علي ()؟! هل خالفوا فيهم هذا الحكم القطعي الثابت عمداً؟! أم أنهم قد تأولوا ذلك؟ وهل كان تأويلهم هو أن عثمان كان مستحقاً للقتل؟! أم أنهم يرون أن من يُقتل نتيجة الاجتهاد فإنه لا يُقتص من قاتله؟..

وأين جاء هذا الاستثناء لقاتل المؤمن؟ ولماذا لا يدعي القتلة في كل زمان الاجتهاد والتأويل، للتخلص من القصاص على جرائم القتل، ومن حدود الزنى، والسرقة، وشرب الخمر، وما إلى ذلك؟!.

12 ـ بالنسبة للفقرة الحادية عشرة نقول:

أولاً: إننا لم نقل لك: إن هناك من المسلمين من يقول: إن الزهراء () قد ماتت ميتة جاهلية.. فلماذا حولت الكلام بهذا الاتجاه، وإنما قلنا ـ على سبيل الإلزام بالحجة، لك، ولمن يـرى إمامة أبي بكر ـ: هل ماتت الزهراء () ميتة جاهلية، حيث لم يكن في عنقها بيعة لأبي بكر؟! أم أنها لم تمت كذلك؟!

ثانياً: لماذا تحيل على الآخرين، وتنأى بنفسك عن إعطاء الرأي الحاسم؟

إننا نسألك أنت: هل تكفر الزهراء () لأنها لم تبايع أبا بكر فتكون عندك (حسب نص مسلم في كتاب الإمارة حديث 58) قد ماتت ميتة جاهلية؟!.. أو لا؟

وإن زعمت أنها قد كان لها إمام، فمن كان إمامها الذي بايعته؟! فإن كان إمامها أبا بكر، فكيف يمكنك إثبات بيعتها لأبي بكر؟!.. فإن علياً () قد امتنع عن بيعة أبي بكر ستة أشهر إلى أن ماتت فاطمة()[8] ، وكان امتناعه ـ كما تقولون ـ لأجلها، فهل بايعته فاطمة () وامتنع علي ()؟!

ثالثاً: إننا لم ندّع كفر الصحابة من المهاجرين والأنصار، بل قلنا: إنه لا بد لك من الإجابة على الأسئلة التي طرحناها عليك، والتي تستند إلى الضوابط المستخلصة من الكتاب والسنة، لكي يتم لك تصحيح إمامة أبي بكر.

رابعاً: إنك قلت: إن من يكفر فاطمة () لا بد أن يكون معنى كلمة أهل البيت عنده هم أمهات المؤمنين، فيخرج منهم فاطمة.. ولكنك لا تكفّر من يكفّر فاطمة ()، ولكنك قلت: إنك ترى أنه خطأ بلا ريب..

ونقول لك:
ألف: إنك بقولك هذا تمهد الطريق للجرأة على مقام الزهراء () الأقدس. وتسهِّل ـ باسم الاعتدال ـ على الناس تكفيرها.. وتقول لهم: إنكم معذورون في ذلك، إذا كان عندكم حسن نية، أو تأويل، مهما كان ذلك التأويل باطلاً..

فهل سيأتي يوم تقول فيه أيضاً: إن من يجترئ على الرسول () ويرميه بالجهل والكفر، والزندقة، وشرب الخمر، ثم يحاول التشبث لذلك بما رواه الحاقدون، وافتراه عليه الكذابون من قصة الغرانيق، وأساطير روايات الخمر، التي أريقت عند المسجد الذي سموه بمسجد الفضيخ، أو حادثة تأبير النخل المزعومة، وغير ذلك من ترهات، لديه تأويل أيضاً.. ولكنه مخطئ بلا ريب. ولا يكفر بذلك؟!

وهل إذا تأول أحد آيات خلق عيسى، خصوصاً قوله تعالى:
{وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا}[9]..

فادعى صحة قول النصارى: إن في عيسى عنصراً إلهياً، وأنه يكون بذلك ابن الله، هل يكون بتأويله هذا معذوراً، ويبقى على ملة الإسلام؟!

ب: إن اتهام من يكفّر فاطمة () بتكذيب القرآن غير مقبول عندك، ويبقى تكفيره لفاطمة () مجرد خطأ!!

فأنت تريد بذلك أن تحفظ أولئك الجهلة عن أن توجه إليهم تهمة تكذيب القرآن، أما فاطمة () فما أهون شأنها، وما أحط مقامها عندك؟! فإن اتهامها بالكفر أهون من اتهام أولئك بتكذيب القرآن الذي حكم بطهارتها، وتكذيب الرسول الذي حكم بأن من يغضبها يغضبه، ومن يغضبه يغضب الله!!.

أو لعل هذا التسهيل قد جاء إكراماً لأبي بكر، لكي تقر عينه بتصحيح خلافته، ولو بقيمة تكفير الزهراء، والحكم عليها بأنها قد ماتت ميتة جاهلية..

لا ندري! ولعل الفطن الذكي يدري.

ج: إنك بفتح هذا الباب تكون قد وجهت ـ بصورة ضمنية ـ اتهاماً لله أولاً، ثم لرسوله () ثانياً. بعجزهما عن البيان القاطع للعذر، والمثبت للحجة، والقاطع لدابر الخلاف في شأن فاطمة الزهراء ()، وطهارتها، وإيمانها..

فلماذا إذن تطلب الوحدة في الفكر، وفي الاعتقاد؟!

وكيف يمكن جمع الناس على الحق؟!..

وكيف يقول الله تعالى في وصف كتابه الكريم: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}[10]؟!..

وكيف يطلب من الناس أن يردوا ما اختلفوا فيه إلى الله ورسوله.. ليبين لهم؟!.

د: لقد قلت: إنه ليس هناك من يدعي الإسلام ويكذب القرآن لكنها، الخصومات المذهبية وحسب..

ونقول لك:
ما هو دليلك على هذا الادعاء؟!

وكيف تفسر الكذب على الله وعلى رسوله () في عهد رسول الله ()؟! وقد استمر ذلك بعده مئات السنين، حتى إنه () قال: ألا وإنه قد كثرت علي الكذابة، فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار..

ولماذا ألف العلماء كتب الموضوعات؟! ألم يكن الوضاعون يدّعون الإسلام؟ فكيف تجرؤوا وكذبوا على الله ورسوله؟! وكيف جاز للعلماء أن يرموا آلاف الرواة بالكذب على رسول الله ()؟..

هـ : وبماذا تحكم على المدعين للنبوات بعد رسول الله ()؟ حيث أنشأوا مذاهب وأدياناً، وهم يتظاهرون بأنهم إنما يتأولون القرآن، ويبررون بدعتهم من خلال التلاعب بآياته الكريمة، ومن خلال التأويلات الشيطانية، وتفسير القرآن بآرائهم؟!..

و : قد روي في صحاح أهل السنة: عن ابن عمر، وأبي هريرة عنه (): إذا قال الرجل لأحد: يا كافر، فقد باء به أحدهما[11].

وفي نص آخر، عن ابن عمر: أيما امرئ قال لأخيه: يا كافر فقد باء به أحدهما، إن كان كما قال، وإلا رجعت عليه[12].

وفي نص آخر عن النبي (): أيما رجل كفر رجلاً، فإن كان كما قال، وإلا فقد باء بالكفر[13].

وفي نص أبي داود: أيما رجل مسلم أكفر رجلاً مسلماً، فإن كان كافراً، وإلا كان هو الكافر[14].
وعن أبي ذر، عن النبي (): لا يرمي رجل رجلاً بالفسوق، ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه، إن لم يكن صاحبه كذلك[15].

خامساً: أما قولك: لو رجع أحدنا إلى أحاديث الترغيب لحكم على الأمة كلها بدخول الجنة.. ولو رجعنا إلى أحاديث الترهيب وأخذنا بظواهرها لحكمنا على أكثر الأمة بالنار، ثم تمثيلك لذلك بالنمام، وباني المساجد..

فهو كلام غير دقيق، فإن حمل العام على الخاص، وتقييد المطلقات، والجمع بين الأخبار مع وجود قرينة وشاهد.. ليس من موارد مخالفة الظهورات المستقرة، بل هي ظهورات بدوية، فإذا وجد ذو القرينة قرينته، واجتمع العام مع الخاص، والمطلق مع المقيد، حصل الظهور المستقر، الذي بنيت عليه الحجج، وعرف به الدين وأحكامه.. واستقامت به حياة الناس في محاوراتهم، وفي مجالات التفهيم، والتفهم وتبادل المفاهيم والأفكار، ونقلها إلى الآخرين، وتسجيلها للأجيال اللاحقة، لتستفيد منها عبر العصور، وعلى مر الدهور..

وإذا أحببت الاستزادة في البيان، فبإمكانك مراجعة كتب الأصول..

13 ـ وأما بالنسبة للفقرة الثانية عشرة في كلامكم..

فإنني أقول:
لا أخفيكم أنني قد أصبت بخيبة أمل حين رأيت إجابتكم هذه، فقد لاحظت أنكم تجاهلتم نقاطاً أساسية، فلم تجيبوا عليها، واكتفيتم بالإشارة إلى أمور جانبية، مما ليس هو محط النظر بصورة أساسية، وها أنتم تعتذرون هنا بأن البسط سيأخذ مساحة كبيرة؟!..

ولا ندري ما هو المانع من هذا البسط، إذا كان من شأنه أن يفتح القلوب على الحق.. في أشد المسائل حساسية، وأعظمها أثراً في جمع كلمة المسلمين.. ولم شعثهم، وتأكيد قوتهم بوحدتهم. فعلى أساس هذه المسألة بالذات تفرقت الفرق، ونشأت المذاهب، بل لقد قال الشهرستاني في الملل والنحل:
(وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة، إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثلما سل على الإمامة في كل زمان).. انتهى.

وأما قولك: إنك تجيب بما حضر في الذاكرة.. فهو مثير للقلق، ويدعو إلى الريب في صدقية الكلام، فإن ذلك يعني: أن الأجوبة قد تكون غير دقيقة.

مع أن بإمكانك مراجعة الكتب، وهي في متناول يدك، إن لم يكن في بيتك، ففي جهاز الكومبيوتر، أو عبر الإنترنت أو أي وسيلة أخرى.

ونرى أن المسؤولية الشرعية تفرض عليك السعي لإقناع الآخرين بالحق.. فإن المقام ليس مقام إطلاق إجابات سريعة، ولا هو لأجل مجرد الدعاية والإعلام.. ولا هو مقام إطلاق الفتاوى، والاقتصار على إعطاء النتائج..

كما أن محاولة رمي الآخرين بالتعصب، لا يعفي من مسؤولية العمل على تليين القلوب، وتقديم حقائق الدين بصورة مقنعة، وذلك لا يكون إلا بالاستدلال، ومراجعة المصادر، والاعتماد على الأدلة القاطعة للعذر.

ولا يكفي فيه الاعتماد على الذاكرة.. إلا إذا كنتم لا ترون أن ثمة من يستحق إتعاب النفس، وتحمل المشاق.. فإن كان هذا هو السبب فالأمر يعود إليكم..

وأما إذا كان ذلك يتخذ ذريعة لتجنب الخوض في البحث.. فلماذا لا تصرحون بالحقيقة..

وأما وصيتك بالاطلاع على وجهة النظر الأخرى.. فها نحن نحاول الاطلاع على وجهة نظرك، ولكنك ـ كما يظهر ـ تحاول أن تسد الطريق أمامنا، بحجة أن ذلك يأخذ مساحة كبيرة ووقتاً طويلاً.. وأنك إنما تجيب بما حضر في الذاكرة، فهل تريد حرماننا ـ من مواصلة البحث معك بجدية وعمق.

وفي جميع الأحوال نقول: الأمر إليك.. ولن نحاول الإلحاح عليك بأكثر من هذا..

ونلاحظ على إجاباتك أيضاً:
أنك مع معرفتك باطلاعنا على آراء الآخرين، تحاول باستمرار أن تطرح تلك الآراء على أنها من أسباب ضعف استدلال الطرف الآخر، مع أنك تعلم أن آراء الناس ليست من جملة الحجج، فإن الحجج لا بد أن تنتهي إلى ما ثبت من عقل أو شرع.

وبعد.. فإننا نريد منك إجابات علمية، ولا نريد مواعظ إلا بعد بيان الحق، بالدليل، ولم نكن بحاجة إلى إطلاق اتهامات بالمذهبية والتعصب..

ونريد أن تعطينا رأيك أنت، لا أن تلجأ إلى الإحالة على الغير، وإظهار وجود رأي كذا وكذا. فإن هذا لا ينفع لأنك تعرف أننا على اطلاع على آراء الناس ومذاهبهم..

وإن ذلك لا يقدم ولا يؤخر في إثبات الحق، ولا يعفي أحداً من تقديم الدليل على ما يدعيه.

ونريد منك أن تجيب عن جميع النقاط المطروحة، لا أن تتعامل مع ما يطرح عليك بطريقة انتقائية، بأن تجيب عن هذه النقطة وتهمل تلك..

وأخيرا.. فإن الأمانة العلمية تفرض طرح الدعوى والاستدلال عليها، ثم الاعتراف بصحة دليل الطرف الآخر، إن كان الأمر كذلك.

وفي الختام، فإننا نرجو أن لا تصدق توقعاتنا في أن تكون الإجابة على كل هذا الذي ذكرناه: أن لا فائدة من هذا البحث، وأن هناك ما هو أهم.

وأن العصبيات المذهبية هي التي تدفعنا إلى كتابة هذه الحقائق.

وأنه ليس ثمة من أفقٍ للحوار، بل الهدف هو تسجيل النقاط..

وما إلى ذلك من أعذار تسهل الاستقالة من البحث، مع ترك انطباع سيء، واتهام ظالم للآخرين. الذين يطرحون القضايا بجدية وبإخلاص..

كما أننا نرجو أن لا يكتفى بإثارة بعض الأسئلة على أمور جزئية وهامشية، مع ترك سائر النقاط الرئيسية الحساسة بلا جواب، ويكون العذر هو أن لدينا ما هو أهم، ونفعه أعم..

نعم، إننا نسأل الله سبحانه وتعالى أن لا تصدق هذه التوقعات.. فإننا نحب الحق، ونحب أهل الحق..

ونسأل الله أن يحشرنا معهم، وهو ولينا، وهو الهادي إلى سواء السبيل..

والحمد لله رب العالمين..

[6] سورة التوبة: الآية 100.
[7] صحيح مسلم كتاب الإمارة 61.
[8] راجع: صحيح البخاري ط مصطفى البابي الحلبي سنة 1387هـ القاهرة ج5 ص177 وصحيح مسلم ج3 ص1380 ط دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
[9] سورة التحريم: الآية12.
[10] سورة الشعراء: الآية 195.
[11] البخاري ج4 ص43 ط سنة 1309هـ. ومسلم ط مشكول ج1 ص56 ومسند أحمد 2/142 و60 وفيه : من كفر أخاه فقد باء به أحدهما.
[12] صحيح مسلم 1/57 وراجع 5/22.
[13] مسند أحمد 2/23.
[14] سنن أبي داود 4/221.
[15] البخاري 4/38 ومسند أحمد 2/181.



يتبع >>>

نسألكم الدعاء


توقيع خادم الزهراء

قال الرسول صلوات الله عليه وآله : ( إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة ) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : يا سلمان نزلونا عن الربوبية ، وادفعوا عنا حظوظ البشرية ، فانا عنها مبعدون ، وعما يجوز عليكم منزهون ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، فان البحر لا ينزف ، وسر الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لم ومم ، فقد كفر.
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك
اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
قال إمامنا السجاد زين العابدين صلوات الله عليه:
إني لأكتم من علمي جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

للتواصل المباشر إضغط هنا لإضافتي على المسنجر



رد مع اقتباس