منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - ظاهرة انتشار التشيع (دراسة معمقة)
عرض مشاركة واحدة

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.18 يوميا
النقاط : 215
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 30  
كاتب الموضوع : صفوان بيضون المنتدى : صفوان بيضون
افتراضي ظاهرة انتشار التشيع (27)
قديم بتاريخ : 31-Mar-2010 الساعة : 05:33 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


ظاهرة انتشار التشيع


الحلقة (27)

السبب الخامس عشر


التصوف والعرفان


أطلق بعض علماء الإسلام اصطلاح العرفان على منهج الإسلام في التربية والتهذيب ، تمييزاً له عن التصوف .
والعرفان هوعبادة الله سبحانه عن حب وإخلاص ، لا عن رجاء للثواب ، ولا عن خوف العقاب ، فالعرفان إذن طريق من طرق عبادة الحب والإخلاص ، وقد سلك هذا الطريق مجموعة من علماء الشيعة .
والتصوف إذا كان طريقة من طرق الورع والزهد وذكر الله سبحانه وتعالى ، وذكر النبي (ص) والصلاة عليه وأهل بيته (ع) و الإنقطاع إلى الخالق جل شأنه ، ولم يتضمن عقائد باطلة كالقول بالحلول فهو من طرق السالكين .
وذكر بعض المستبصرين أن التصوف كان سبب استبصارهم ، حيث أنهم يجالسون الصوفيين ويستمعون إلى أذكارهم وأناشيدهم في مدح الرسول وأهل بيته . ولا شك أنّ ذكر النبي (ص) وآل بيته (ع)له آثار كبيرة على الذاكرين والسالكين ، وفيه أجر وثواب عظيم .
و التصوف بطريقته في بعض البلدان و بجلسات الذكر للنبي (ص) و أهل بيته (ع) يفتح الأذهان والقلوب إلى معرفة أكبر لأهل البيت ، وعندما يعرفهم الناس يهتدون بهديهم [1].
والمتصوفون عندما يبحثون عن تطوير علاقتهم بالله عز وجل والقرب منه و الزلفى لديه ، لا يجدون بغيتهم في مذاهب السنيين بل يجدونها في مذهب أهل البيت (ع) ، و يكتشفون أن التعلق الروحي الصافي بالله عز وجل لا يكون إلا بعد التعرف على أهل البيت (ع) ، فهم حلقة الوصل بيننا وبين الله عز وجل ، ومهما حاول أحدنا أن يتقرب منه لن يستطيع إذا لم يكن قلبه مليئاً بحب محمد وأهل بيته(ع) الطاهرين ، وهذا ما قالته مستبصرة مغربية .
قالت الأخت المستبصرة : إن أهم سبب في إتباعها لمذهب أهل البيت (ع) هو عرفان أهل البيت فلقد وجدت في سيرتهم ضالتها .
إن الاغتراف من التراث الروحي العظيم لدى أهل البيت (ع) و أتباعهم و التغذي بالعلوم والمعارف الروحية من طريقتهم ، والتعلق الروحي الصافي بالله عز وجل ، إنما يتأتى بالسير عبر الطريق الذي سلكوه .
ولذا تكون الثورة الكبرى للمستبصر هي ثورة النفس والوجدان ، بعد أن يتحول إلى مذهب أهل البيت(ع) فيعيش حالة الرضا النفسي و السكينة الروحية و الإستقرار الداخلي ، بعدما يرتبط بتعاليمهم ، ويجد نفسه كأنه ولد من جديد وأن ممارساته السابقة وسلوكه كانت تخبطاً لا يوصل إلى الله سبحانه وتعالى ، لأن الوصول إليه عبر سبيل النبي (ص) وأهل بيته (ع) .
يتنبه المستبصر إلى الخلل الذي كان يعيشه في علاقته الجافة مع دينه وربه ، هذا الجفاف المؤدي إلى المعاصي والتعصب عند كثير من السنيين ، بل إلى الجريمة باسم الدين ، وقتل الأبرياء باسم الدين ، وسبب ذلك يكمن في البعد عنهم ، فهم حلقة الوصل ، والعروة الوثقى ، والحجة على أهل الدنيا .
إنك تجد في تراث أهل البيت (ع) مادة ضخمة في العرفان ونصوصاً عميقة في الروحانية ، تحلق بك إلى عالم أرفع وفضاء أوسع :
قال الإمام علي (ع) و هو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم (أي الملسوع) و يبكي بكاء الحزين : يا دنيا يا دنيا إليك عني ، أبي تعرضت أم إليَّ تشوقت ، لا حان حينك ، هيهات غري غيري ، لا حاجة لي فيك ، قد طلقتك ثلاثاً لا رجعة فيها ، فعيشك قصير، وخطرك يسير وأملك حقير ..
آه من قلة الزاد ، وطول الطريق ، وبعد السفر ، وعظيم المورد [2].
ومن دعاء الصباح لأمير المؤمنين (ع) :
إلهي إن لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق ، فمن السالك بي إليك في واضح الطريق ، وإن أسلَمَتني أناتُك لقائد الأمل والمنى ، فمن المقيل عثراتي من كبوات الهوى ، وإن خَذَلني نصرُك عند محاربة النفس والشيطان ، فقد وكَلَني خُذلانُك إلى حيث الَّنصَبُ والحرمان !
إلهي أتراني ما أتيتك إلا من حيث الآمال ، أم عَلِقْتُ بأطراف حبالك إلا حين باعَدَتني ذنوبي عن دار الوِصال ، فبئس المطيةُ التي اْمتَطَتْ نفسي من هواها ، فواهاً لها لما سوَّلت لها ظنونها ومُناها ، وتباً لها لجرأتها على سيدها ومولاها ، إلهي قَرَعْتُ باب رحمتك بيد رجآئي ، وهربتُ إليك لاجئاً من فرط أهوائي ، وعلَّقتُ بأطراف حبالك أنامل ولائي ، فاْصْفَح اللهم عما كنت أجرمته من زللي وخطائي ، وأقلني من صَرعة ردائي ، فإنك سيدي ومولاي ومعتمدي ورجائي ، وأنت غاية مطلوبي ومناي في منقلبي ومثواي [3].
وقالت الزهراء (ع) وهي تناجي ربها بكلمات عظيمة : اللهم ذلل نفسي في نفسي ، وعظم شأنك في نفسي ، وألهمني طاعتك ، والعمل بما يرضيك ، والتجنب لما يسخطك ، يا أرحم الراحمين [4].
ولك أختي المؤمنة في السيدة فاطمة الزهراء قدوة وأسوة في جوانب شخصيتها العظيمة ، وفي الجانبي العبادي تصوريها وهي واقفة تتعبد في محرابها في جوف الليل تسجد وتركع ، إلى أن يتضح عمود الصبح .
وقال الإمام الحسين (ع) وهو يناجي ربه :
اِلهي ترددي في الآثار يوجب بعد المزار، فاجمعني عليك بخدمة توصلني إليك ، كيف يستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك ، أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك ، حتى يكون هو المظهر لك ، متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ، ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك، عميت عين لا تراك عليها رقيبا ، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من حبك نصيبا ، اِلهي أمرت بالرجوع إلى الآثار فارجعني إليك بكسوة الأنوار ، وهداية الإستبصار ، حتى أرجع إليك منها ، كما دخلت إليك منها ، مصون السر عن النظر إليها ، ومرفوع الهمة عن الاعتماد عليه ا، إنك على كل شئ قدير [5].
فتأمل في هذه الفقرة وهي من دعاء الإمام الحسين يوم عرفة ، وهو دعاء عظيم وكل أدعيتهم عظيمة ، يستحب الدعاء به يوم الوقفة في عرفات يوم التاسع من ذي الحجة ، ننصح جميع الحجاج بقراءته في ذلك اليوم العظيم .



[1]- روي عن أبي الحسن الرضا ( فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا) ، معاني الأخبار - الشيخ الصدوق/180
[2]- شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد المعتزلي:18/224
[3]- فقرة من دعاء الصباح لأمير المؤمنين ، يستحب قراءة هذا الدعاء في كل صباح، كما أنّ عدد من الفضائيات العربية الشيعية تبث الدعاء صباح كل يوم، تستطيع الحصول عليه كاملا في كتب الأدعية مثل مفاتيح الجنان.
[4]- أعيان الشيعة - السيد محسن الأمين:1/323
[5]- بحار الأنوار - العلامة المجلسي:64/142.
...يتبع ...


رد مع اقتباس