منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - أفلا تذكّرون..
الموضوع: أفلا تذكّرون..
عرض مشاركة واحدة

خادم الزهراء
الصورة الرمزية خادم الزهراء
.
رقم العضوية : 10
الإنتساب : Mar 2007
الدولة : رضا الزهراء صلوات الله عليها
المشاركات : 6,228
بمعدل : 1.00 يوميا
النقاط : 10
المستوى : خادم الزهراء تم تعطيل التقييم

خادم الزهراء غير متواجد حالياً عرض البوم صور خادم الزهراء



  مشاركة رقم : 9  
كاتب الموضوع : خادم الزهراء المنتدى : ميزان الثقلين القرآن الكريم والعترة الطاهرة عليهم السلام
افتراضي 2 ـ وضع النقاط على الحروف..
قديم بتاريخ : 21-Jul-2009 الساعة : 02:06 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


2 ـ وضع النقاط على الحروف..
وكان الرد على المالكي:
بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله، والصلاة على محمد وآله الطاهرين. واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين..
إلى حسن فرحان المالكي..

لقد قرأت جوابك الأخير، فأخذتني الدهشة مما قرأت.. ولا أريد أن أقول أكثر من ذلك.. غير أني أسجل على جوابك ما يلي:

مقدمة تشير إلى عدة نقاط هي:
1 ـ إن الفقرات الأخيرة الثامنة عشرة والتاسعة عشرة لا ربط لها بما تحدثنا عنه في رسالتنا السابقة لك..

2 ـ إنني أطلب وألح في الطلب من كل من يطلع على رسالتي إليك وجوابك عليها.. أن يقارن بين أجوبتك وبين تلك الرسالة، ليجد أنك لم تجب على أكثر الأدلة التي وردت في رسالتي لك. كما أنك لم تشر إلى قبولك أو رفضك لما سكتّ عنه..

3 ـ والغريب في الأمر أن رسالتك هذه تلح على أن تلقي في روع القارئ أن نزاعي معك واستدلالاتي عليك إنما هي لإثبات كفر أبي بكر وعمر.. أو كفر غيرهم من الصحابة.. ولأجل ذلك فأنا أطلب أيضاً من كل قارئ منصف أن يقرأ رسائلي إليك عشر مرات. وأن يرصد كل حروفها وكلماتها ليدلني على الموارد التي حكمت فيها على الصحابة أو على أبي بكر وعمر بالكفر والارتداد..

فلماذا تسعى إلى عطف مسار البحث إلى ذلك الاتجاه، أم أنك تريد أن تثير حماس وعواطف الناس وحميتهم، ضد إجاباتي وذلك لكي لا يلتفتوا إلى قوتها أو أنك تريد التستر على ضعف أجوبتك عليها..

وبعد هذه المقدمة ورغم كل هذا، فإنني سأذكر النقاط التي تعرضت لها في جوابك واحدة فواحدة، وأسجل ملاحظاتي عليها كما يلي:

1 ـ بالنسبة لما ذكرته تحت رقم (1) أقول:أ ـ إننا لا نتكلم عن مذاهب السنة والشيعة والنواصب حول أحاديث الوعيد، هل هي في أبي بكر أو في غيره.. ولكن السؤال هو عن ما ورد في البخاري وغيره من أن فاطمة قد ماتت وهي واجدة على أبي بكر.. وأن من يكون كذلك فإنه يكون ـ بنص البخاري وغيره أيضاً ـ قد أغضب الرسول.. وأن من يفعل ذلك لا يكون أهلاً لمقام إمامة الأمة وقد صرحنا بذلك في الفقرة رقم 8 في رسالتنا السابقة إليك، فنحن نسألك أنت ما هو موقفك من هذا الأمر وكيف تحل هذه المشكلة.. ولا يعنينا ما يقوله السنة والشيعة والنواصب.

ب ـ قد ذكرنا لك في الفقرة رقم 12 في رسالتنا السابقة: أننا لم ندع كفر الصحابة.. بل طرحنا عليك أسئلة لا بد لك من الإجابة عنها لتتمكن أنت من تصحيح خلافة أبي بكر، وإلا فإنك تكون قد أوقعت نفسك في المحذور الكبير..

ج ـ قد ذكرنا أن مناقشتك فيما تستدل به لا يعني إلا إبطال قولك، ولا يعني أننا نلتزم بالمحاذير التي تواجهها أنت بسبب استدلالاتك التي لو قُبِلَتْ، استلزمت القبول بأمور خطيرة.

ولأجل ذلك قلنا لك: إن كل دليل إنما يصح الاستدلال به بعد إثبات بطلان كل احتمال يعارضه وينافيه..

وأنت قد استدللت ببعض الاحتمالات ولم تبطل الاحتمالات الأخرى.. فقلت إن إغضاب النبي () لا يوجب الكفر بدليل: أن هناك من أغضب النبي () في حياته، ولم يكفّره النبي () فأجبناك بأن هذا غير صحيح.. لأن رفق النبي () بالناس وتألفهم على الإسلام لا يعني أن النبي () لم يكفّر من يؤذيه. فراجع رسالتنا السابقة الفقرة رقم8.

فلماذا طبقت ذلك على أبي بكر وعمر، أو على المهاجرين والأنصار، ولم تطبقه على ابن أبي المنافق مثلاً الذي كان يغضب النبي () باستمرار، وكان النبي () يرفق به.

د ـ وأما حديثك عن عصمة الزهراء.. فنحن لم نذكر عصمتها ولم نستدل بها عليك..

والذي قلناه: إن النبي () هو الذي قال: من أغضبها فقد أغضبني ولم يستثن أبا بكر ولم يستثن الأذى بتأويل.

ولم يقل: إلا إذا كانت مخطئة باعتقاد أبي بكر، أو باعتقادي أو باعتقادك.. وأنت لم تجب عن هذا بل حورت كلامنا، وعطفت اتجاهه، وحشرت عصمة الزهراء في الاستدلال من دون مبرر ظاهر.

هـ ـ وأما جوابك عن سؤال: لماذا لم ينهها الصحابة أو علي.. بأن أهل السنة يجوزون الخطأ..

على علي وعلى غيره من الصحابة. ولا يجوز الاستدلال بفعل فرقة ضد الأخرى إلا بدليل.. إلخ.

والقرائن قوية على إيمان أبي بكر، فلا يرفع اليد عنها بظن العصمة فلا يصح الحكم على أبي بكر بالكفر أو النفاق..

فهو جواب عجيب، وذلك لما يلي:
أولاً: إنك قلت: إن إيمان أبي بكر قرينة قطعية على أن إغضابه للزهراء كان من باب التأويل..

فأجبناك: بأن القرينة لو كانت قطعية لعرفتها فاطمة، ولكان الصحابة أرشدوها إليها ولم يتركوها تهجر أبا بكر إلى أن ماتت حسب نص الصحاح وغيرها..

فأجبت على هذا: بأن أهل السنة يجوزون الخطأ على علي وغيره من الصحابة.

ونقول لك: هل جميع الصحابة قد أخطأوا في عدم إرشادهم الزهراء إلى هذه القرينة التي زعمت أنها قطعية؟!

وألا يدل سكوتهم جميعاً عن ذلك، على عدم قطعية القرينة التي أشرت إليها؟!

وألا يسقط ذلك استدلالك على صحة خلافة أبي بكر بأن من غير المعقول أن يقدم الصحابة على مخالفة الرسول () وهم الموصوفون بالأوصاف الحميدة في القرآن.. وهم الذين ضحوا في سبيل هذا الدين..

إن استدلالك هذا لا بد أن يسقط، فإنهم جميعاً لم يعملوا بواجبهم هنا وقد تركوا فاطمة واجدة على أبي بكر إلى أن ماتت.. وكانوا السبب في بقاء غضبها عليه، مع أن هذا الغضب، يوجب الشك على الأقل في صلاحيته للخلافة..

ثانياً: إننا حين شككنا بقوة القرائن التي ذكرتها لم نستدل على ذلك بالعصمة لتقول إنها ظنية، والظني لا يوجب رفع اليد عن القطعي..

ثالثاً: إننا لم نحكم على أبي بكر بالكفر والنفاق.. بل قلنا إن القرائن على أن أبا بكر قد أغضبها من باب التأويل ليست قطعية كما زعمت.. بل هي ظنية أيضاً إذ يمكن للإنسان بعد مرور عمر طويل على طاعته لله تعالى أن تحلو الدنيا في عينيه، ولا سيما في أمر عظيم، كالخلافة والملك.. فمع وجود هذا الاحتمال لا تكون القرينة التي ذكرتها قطعية ولا يصح الاستدلال بها..

رابعاً: إننا لم نقل: إن ذلك قرينة على نفاق أو كفر أبي بكر، بل قلنا: إن ذلك لا يصلح قرينة على أنه أغضب فاطمة من باب التأويل كما زعمت.. فلماذا تحشر هذا الموضوع في سياق الرد علينا، ألا يوجب ذلك وقوع القارئ في وهم أن نكون نحن الذين ادعينا ذلك؟!.

خامساً: إنك قد جوزت الخطأ على أبي بكر، وعلى غيره من الصحابة.. ولم تجوز عليه المعصية. بل زعمت أن خطأه عن تأويل.. فما الذي أثبت عصمة أبي بكر عن المعاصي يا ترى؟ حتى قطعت بأن خطأه ليس من المعصية.. فإذا كان التاريخ الطويل في الطاعة دليلاً على عصمة أبي بكر عن المعصية ـ مع أن ذلك لا يصلح دليلاً كما أوضحناه أكثر من مرة ـ فلماذا لا تكون آية التطهير، وجعل غضب فاطمة هو الميزان في رضا الله وغضبه دليلاً على عصمة الزهراء عن المعاصي، وعن الأخطاء أيضاً.. إذ لا يجوز إناطة رضا الله وغضبه برضاها وغضبها إلا في حالة عصمتها عن ارتكاب الخطأ، وعن ارتكاب المعصية..

فإن من يخطئ ويعصي لا بد أن يردع عن خطئه ومعصيته، فإذا غضب، فإن الله لا يهتم لغضبه، بل سوف يكون راضياً ممن يغضبه..

سادساً: قولك: إن ما يهمك هو أن لا تنجر التخطئة لهذا أو ذاك إلى الحكم بالكفر والنفاق.

نقول في جوابه: إن التخطئة هنا تجر إلى الحكم بعدم أهليته لمقام الخلافة والإمامة وهذا يكفي.

2 ـ بالنسبة لما ذكرته تحت رقم (2) نقول:
أولاً: سواء فر أبو بكر في الهجمة الأولى في أحد، أو في الأخيرة فإن ذلك لا يؤثر في كونه من الفارين الذين تركوا رسول الله () ليموت بسيوف الأعداء.

ثانياً: دعوى كون فرارهم تحرفاً للقتال.. تحتاج إلى إثبات بالدليل..

ثالثاً: لو كان فرارهم تحرفاً لقتال لم يؤنبهم الله عليه في العديد من الآيات الصريحة، التي نزلت في هذه المناسبة، فراجع الآيات الشريفة في سورة آل عمران..

رابعاً: إن تخصيصك الآيات بمن فر ولم يرجع كعثمان تخصيص بلا دليل ما هو إلا تبرع منك.

خامساً: إن فرارهم في حنين هو الآخر قد وقع مورداً للذم الإلهي في الآيات القرآنية فلا معنى لأن يذمهم الله على أمر إذا لم يكن فيه مخالفة.

سادساً: ليتك تعرفنا الفرق بين الهزيمة والفرار، مع أن الآيات القرآنية قد تحدثت عن الهزيمة، وقد عبرت عنها بالتولي يوم التقى الجمعان.

ويقول: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ}[16].
عن حنين يقول الله سبحانه: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ}[17].

فهل توليهم مدبرين شيء آخر سوى الهزيمة؟!

سابعاً: وأما أن الله سبحانه قد عفا عن عثمان فيحتاج إلى إثبات بالأدلة القطعية.

ثامناً: وأما قولكم إن الدليل على فرار أبي بكر يوم حنين كان ضعيفاً. فنكتفي في جوابه بما رواه الحاكم: عن العباس بن عبد المطلب قال:

(شهدت مع رسول الله () يوم حنين فلقد رأيته وما معه إلا أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهو آخذ بلجام بغلة رسول الله () وهو راكبها، وأبو سفيان لا يألو أن يسرع نحو المشركين)..

قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.. ووافقه الذهبي[18].
وهناك حديث آخر[19] وتلخيصه للذهبي وصححاه على شرط الشيخين أيضاً. فليراجع، وقد قال فيه الذهبي أخرجه مسلم.

وذكر الحاكم أيضاً: (أن العباس مكث معه ـ أي النبي () ـ يوم حنين في أهل بيته حين انكشف الناس عنه)[20].

*وروى البخاري ومسلم ما جرى في حنين، وقالا:
(فأدبروا عنه ـ أي عن النبي () ـ حتى بقي وحده)[21].
فكيف تقول: إن الحديث عن فرار أبي بكر يوم حنين ضعيف.. فإن هذه الأخبار قد رويت في الصحاح..

وقد أضربنا عن ذكر ما روي في مسند أحمد وغيره.. اعتماداً على حصافة القارئ، الذي سيكون قادراً على متابعة البحث عن صحاح الروايات إن أحب ذلك.

ولست بحاجة إلى تذكيرك بأنك لا تستطيع أن تدعي أن هذه الروايات تدل على فرار غير أبي بكر أيضاً.. فإن ذلك إنما يصح لك لو كان غيرك يلزم نفسه بما تلزم به نفسك من الأخذ بما في كتب الصحاح التي هي معتبرة لدى فريق من المسلمين دون فريق..

ثامناً: إننا لم نقل لك: إن أبا بكر قد فر في الأحزاب، بل قلنا: إنه لم يرغب في الجنة التي ضمنها الرسول () لمن يبرز لعمرو بن عبد ود حين قال: من لعمرو، وأضمن له على الله الجنة.

فلماذا تنسب ما لم نقله..

وكيف تطالبني بمصدر لكلام نسبته أنت إلي، وأنا منه بريء؟

تاسعاً: إن ذكرك لعمار وسلمان والمقداد في من لم يبارز عمرواً، لا يحل الإشكال، فإن هؤلاء لم يتصدوا لأمر الإمامة والخلافة.. ولم يغضبوا فاطمة ورسول الله () بعد وفاته..

ولم يسترضوها حتى ماتت.. ثم يأتي من يقول: رجماً بالغيب: إنهم قد أغضبوا فاطمة () بتأويل. ولم يدعوا لهم أنهم يجمعون كافة الصفات التي تؤهلهم لمقام الخلافة والإمامة.. ولم يقل أحد إنهم معصومون عن الخطأ مبرؤون من الزلل.

عاشراً: لماذا لا زلت تطعن بالشيعة تارة وبالسنة أخرى.. و من قال لك إن من يخاطبك ويحاورك هو من السنة، أو من الشيعة الإمامية، أو الزيدية، أو من غير هؤلاء..

3 ـ وحول ما ذكرته في الفقرة رقم (3) نقول:
قولك: إن قاعدة أن بعض الناس قد ينتكسون في آخر عمرهم لا يجوز إنزالها برجل مؤمن إلا بدليل قطعي..

نقول في جوابه:
أولاً: ما المانع من أن يكون هناك رجل مؤمن، ثم تغره الدنيا في آخر عمره فيسعى لها سعيها، ويهيء الظروف التي تمكنه من الحصول عليها، ولا يلزم من سعيه للحصول على الدنيا أن يكون محكوماً بالكفر أوالنفاق.

وأما فيما يرتبط بأبي بكر، فإننا نقول: إننا حين تحدثنا عن وقوعه في الخطأ في حق الزهراء، قد جئنا بالدليل والبرهان والحجة التي أمرنا بالأخذ بها.. والدليل قد يكون آية وقد يكون نصاً محكوماً بالصحة..

وقد قلنا: إن حديث من أغضب فاطمة فقد أغضب الرسول () موجود في الصحاح، وكذا حديث: أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر موجود في الصحاح أيضاً.. وهذا دليل وحجة لا بد من الالتزام بها كما نلتزم بالحديث الصحيح في أحكام الصلاة والحج وغير ذلك، فإننا إذا خالفناه بلا برهان يزيل حجيته ويسقطها، فإن الله سبحانه سيحاسبنا على ذلك..

ثانياً: إننا لا زلنا نكرر لك: أن حديثنا يتلخص في أن أبا بكر قد عمل عملاً يجعله غير مؤهل لمقام الخلافة. حتى لو كان هو إغضاب الرسول () بإغضاب فاطمة ().. ولم نقل إن ذلك الذنب هو الكفر، فلماذا عدتم إلى تكرار هذه المقولة..

ثالثاً: إننا قد قلنا: إن دعواكم أن أبا بكر لم يدخل الإسلام خوفاً ولا طمعاً تحتاج إلى دليل قاطع..

رابعاً: قد قلنا لك: لم يثبت أن أبا بكر كان من المهاجرين الأولين بصورة قاطعة لأن في الطبري رواية تقول: إنه قد أسلم بعد أكثر من خمسين بالإضافة إلى دلائل أخرى على تأخر إسلامه..

وتحديد المهاجرين الأولين بخمس مئة رجل كما ذكرت في بعض النقاط التالية ما هو إلا دعوى تفتقر إلى البرهان القاطع والدليل والحجة..

خامساً: أما مطالبتك لي بترك المنظومة الشيعية، وترك التقليد فمن أين علمت أنني شيعي، ومن أين علمت أنني مقلد للشيعة أو للسنة..

وها نحن نراك تطعن بالشيعة تارة, وتطعن بالسنة أخرى، ثم تنسب نفسك إليهم كما فعلت في النقطة الأولى.. فلماذا تنسب نفسك لمن لا زلت تطعن فيهم؟..

سادساً: متى قلنا لك: إن تكفير أبي بكر وعمر وبقية المهاجرين والأنصار هو من مفردات البحث الموضوعي المنصف.. ولماذا تمارس في بحثك العلمي (!!) هذه الأساليب التحريضية المبطنة.

4ـ وأما ما ذكرته في الفقرة رقم (4) فنقول فيه ما يلي:إن إصرارك على أن إغضاب أبي بكر لفاطمة كان بتأويل لإيمان أبي بكر المتواتر..

يرد عليه:
أولاً: إنه إذا كان متواتراً عندك فهو ليس متواتراً عند غيرك، فأين هذه الأخبار التي أظهرت باطن هذا الرجل، وأطلعتك على حقيقة ما في قلبه.. فلا يصح دعوى التواتر جزافاً حتى لو كان أبو بكر مؤمناً في الواقع فإن التواتر هو صفة للخبر.

ثانياً: نحن لا نقول لك: إن أبا بكر قد كفر، بل نقول لك: إنه قد فعل فعلاً يسقطه عن الأهلية لمقام الإمامة.. كأي إنسان يتصدى لمقام له شرائط، ويكون ذلك المتصدي فاقداً لبعض تلك الشرائط. فإن أستاذ الجامعة يحتاج إلى شهادة الدكتوراه فإذا فقدها لم يكن أهلاً لذلك المقام وذلك لا يعني أنه أصبح كافراً.

5 ـ بالنسبة للفقرة رقم (5) نقول:
قد طلبت منا أن لا نتمسك بأحاديث الآحاد ونترك النصوص القرآنية المتواترة..

ونقول:
أولاً: بأي نص قرآني استدللت علينا ورفضناه.. وأي خبر آحاد قدمناه على نص قرآني، فهل يمكنك أن تبين لنا ذلك؟!

ثانياً: لماذا لا يكون سعيك إلى إحقاق الحق، والالتزام له، وتوحيد الفكر والاعتقاد والسلوك. بدلاً من أن يكون سعيك إلى قبول الناس بعضهم بعضاً مع بقاء الاختلاف في الاجتهاد والتأويل.

ولماذا إذن تفتح حواراً علمياً مع الآخرين؟ وهل الحوار العلمي بمثابة قبلات فيما بين صديقين، وتبادل عبارات المجاملة بين فريقين مختلفين في الفكر وفي الاعتقاد..

وهل الإصرار على الاختلاف في وجهات النظر سعة أفق؟ أم السعي إلى توحيد النظرة على أساس الدليل، ونبذ التعصب هو الأفق الأرحب والموافق لما يريده الله ورسوله منا..

ثالثاً: ما معنى هذا الطعن في الأحاديث بزعم أنها أتتنا مبتورة؟! وهل يمكنك تسرية هذا النهج إلى سائر الموارد التي جاءت الأحاديث لتثبتها أو لتنفيها؟! أم أن ذلك تشكيك تبرعي بخصوص ما دل على مظلومية الزهراء، وما فيه إدانة لما جرى عليها؟!

وأي خبر ظني طلبنا منك تقديمه على القطعي من نصوص القرآن؟! فهل خلافة أبي بكر قطعية بنص القرآن، وموت الزهراء واجدة على أبي بكر حديث ظني..

بل نقول لك: إن القطعي من نصوص القرآن يدعونا لالتزام إمامة علي بنص آية إنما وليكم الله ورسوله وغيرها من الآيات..

رابعاً: أما حديثك عن دوران السنة والشيعة حول نصوص حديثية وتركهم لنصوص القرآن فهو حجة عليك من جهة، واتهام لفريق تخالفه، وتعمل على التخلص من فكره وأدلته من جهة أخرى..

فلا بد أن يؤخذ باعترافك، أما دعواك على غيرك، فليس على من ردها عليك جناح، بل ذلك هو حقه الطبيعي، لأنك تعترف بهذا الأمر وبغيره من أمور لا زلت تعترف بها، مع أنها تدين أهل نحلتك من جهة، ثم تدعي أن من يخالفك أيضاً مبتلى بهذا البلاء، وما كنا نحب لك أن تسجل هذا الاعتراف المهين، ولا ذلك الادعاء الذي يحق لغيرك رده عليك. وذلك في كلا الحالتين يمثل اتهاماً للفريقين من السنة والشيعة إما بقلة الدين أو بقلة الفهم..

والسنة والشيعة أمة كبيرة تعد بالمليارات، ولا سيما إذا أخذنا هذا الامتداد عبر مئات السنين، ولن يكون من الإنصاف أبداً توجيه هذا الاتهام لهم جميعاً، وتبقى أنت وربما أفراد آخرون مثلك في دائرة الإنصاف، أو في دائرة الالتزام الديني..

خامساً: ثم عدت إلى الحديث عن أن إغضاب فاطمة ليس كفراً..

ونعود لنقول لك: إن هذا الأسلوب لن يجدي نفعاً. فإن إغضاب فاطمة حتى لو كان معصية صغيرة فإن من شأنه أن يسقط أبا بكر عن صلاحية الإمامة. فانظر كيف تخرج من هذا المأزق..

وتمثيلك بشارب الخمر والسارق والزاني.. وتسليمك بأن إغضابها ذنب من الذنوب.. يكفي للدلالة على سقوط الأهلية بذلك، ولا يحتاج أحد إلى إثبات كفر أبي بكر أبداً، فلماذا تصر على هذه المقولة، وعلى اتهام الشيعة أو غيرهم بها، إمعاناً منك في التحريض غير المبرر ولا المقبول.. خصوصاً مع هذه التعميمات التي يظلم فيها الكثيرون ممن تشملهم وهم منها براء.

سادساً: إن الكلام ليس في الذهاب إلى النار وعدمه، فإن المعصية وإن لم توجب الذهاب للنار لكنها قد توجب عدم صلاحية فاعلها لمقام الإمامة..

وذلك لأن كثيرين يكونون في الجنة، لكنهم لا يصلحون للإمامة والخلافة، فهناك نساء مؤمنات لايصلحن للإمامة ويدخلن الجنة.

وهناك أناس يدخلون الجنة ولكنهم لضعف معرفتهم بالأحكام لا يصلحون للقضاء أو للإمامة..
سابعاً: لقد حكمت على حديث إغضاب فاطمة بأنه حديث آحاد..

ونقول لك: إن خبر الواحد حجة عليك وعلى غيرك، وليست الحجج محصورة بالمتواترات، ولو انحصرت بها لمحق الدين، وطمست معالمه. وعفيت آثاره..

فأخبار الآحاد هي التي تتعبد بها أنت وغيرك من المسلمين.. فالمهم هو ثبوت الحجة، التي يؤاخذ الله سبحانه على تجاهلها..

وأما ادعاؤك أنهم يتركون النص القرآني فأي نص قرآني تركناه، وأخذنا بحديث إغضاب فاطمة الذي هو خبر واحد بزعمك؟!

لقد قدمنا لك الأدلة التي تؤمن بها.. وتحتج بها على غيرك، فإن كان مرادك هو آية: {وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ} فسيأتي الحديث عنها.. في أكثر من مناسبة في ردنا في هذه الرسالة.

ثامناً: وأمـا آيـة: {وَالسَّابِقُـونَ الأوَّلُـونَ مِنَ الْمُهَاجِـرِيـنَ وَالأنْصَارِ}[22].. فقد زعمت أنها نص قطعي لا يقبل به الشيعة..

ونقول:
ألف: إن الشيعة يقبلون بالقرآن كله.. ولا يرفضون حرفا منه، وما هذا منك إلا افتئات منك عليهم.

ب: إنك تستدل بآية السابقون، وهي وإن كانت قطعية السند لكنها ليست قطعية الدلالة، بل هي ليست ظنية الدلالة على مطلوبك.. وإنما تدل على خلاف مطلوبك، حيث قد ذكرنا أن أبا بكر لم يثبت أنه من المهاجرين الأولين، ولا سيما بعد أن ذكر الطبري ما هو صريح في أنه قد أسلم بعد أكثر من خمسين هذا بالإضافة إلى قرائن أخرى قلنا لك إن بعضها مذكور في الجزء الثاني من كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم ()..

وأي دليل قطعي قد حدد لك عدد السابقين الأولين؟! فهل ثلاثة أو خمسة أو عشرة أو عشرون أو خمسون..

إن استدلالك بهذه الآية يتوقف على تحديد ذلك.. وإلا فإن الآية تكون مجملة غير صالحة لإثبات ما ترمي إليه أبداً..

ج: إنه بعد ثبوت أن أبا بكر قد أغضب فاطمة وجاء به النص الصحيح الذي هو حجة فإن هذا يكون مخصصاً لظهور الكتاب في العموم فإن قوله والسابقون الأولون عام.. وحديث إغضاب فاطمة ووجدها عليه مخصص لذلك العموم فكأنه قال: السابقون الأولون كذا وكذا إلا من أغضب فاطمة منهم.. ويكون من قبيل قولك: العلماء حماة الدين.. ثم يأتي دليل آخر يخصص هذا العام ويقول: إن فلاناً العالم ليس حامياً للدين لأنه ممن آتاه الله آياته فانسلخ منها.

والعلماء يقولون إن تخصيص الكتاب بخبر الواحد صحيح ومقبول.. فيكون هذا الحديث قرينة قطعية على المراد بالآية.. وأن المراد بها الغالب والأكثر. وليس المراد جميع أفراد المهاجرين..

وبذلك يكون الشيعة قد عملوا بالآية وبالحديث الشريف معاً، وليس في ذلك أي إشكال من الناحية العلمية..

د: ما المانع من أن يكون إغضاب فرد من أهل البيت مساوياً لإغضاب الله تعالى.. خصوصاً إذا كان الله تعالى هو الذي قرر ذلك على لسان الرسول ()، وقد قال الله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ}[23].. فهو قد جعل طاعة فرد من أهل البيت وهو رسول الله مساوية لطاعة الله.. وقال النبي () ـ كما في القرآن الكريم ـ {اتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ}[24]..

هـ : ثم عدت في نهاية هذه الفقرة لتتحدث من جديد عن أن إغضاب الله بإغضاب فاطمة لا يوجب الكفر كما أن إغضاب الله بفعل شارب الخمر والسارق لا يجعله كافراً..

وقد قلنا لك:
أولاً: إن إسقاط أبي بكر عن الأهلية للخلافة لا يتوقف على إثبات كفره..

ثانياً: إن إغضاب الله بشرب الخمر لا يجب أن يكون في مستوى إغضاب الله بإغضاب فاطمة وإغضاب الرسول، فإن إغضاب الله بإغضاب الرسول أعظم بكثير من إغضاب الله بشرب الخمر والسرقة..

لأن المعاصي تختلف في خطورتها وآثارها، وفي شدة غضب الله على فاعل هذه المعصية أو تلك كما أن إغضاب الله تعالى بالنظر إلى الأجنبية ومصافحتها ليس مثل إغضابه تعالى بقتل مؤمن أو بقتل الحسين مثلاً.

6 ـ وأما بالنسبة لما ذكرته في الفقرة (6) فإننا نقول:
إن تفريقك بين العنسي وطليحة ومسيلمة وبين المهاجرين والأنصار يرد عليه..

أولاً: إننا لم نقل: إن هؤلاء مثل أولئك لتجيبنا بهذا الجواب، بل قلنا لك: إن البعض قد يقضي عمره في الطاعة ثم يرتد في آخر عمره وقد يكون العكس. وذلك لنثبت لك أن من الممكن أن يكون الإنسان مؤمناً تقياً ثم تحلو الدنيا في عينه، فيقدم على إغضاب الزهراء لأجل الحصول على هذه الدنيا أو على ذلك الحكم والسلطان..

ثانياً: إن كون أبي بكر من أول الناس إسلاماً لا يمنع من أن تحلو الدنيا في عينه في آخر عمره..

ثالثاً: قد تقدم أن هناك قرائن تدل على أنه لم يكن من الأوائل بل تأخر إسلامه عدة سنوات. ومن يسلم بعد أكثر من خمسين ـ بناء على رواية الطبري ـ لا يصح وصفه ـ بصورة قاطعة ـ بأنه من أول الناس إسلاماً..

رابعاً: وأما قرائن البراءة المطلوبة التي تحدثتم عنها.. فنقول عنها: إن قضية أبي بكر ليست من هذا القبيل، فإن إغضابه لفاطمة قطعي الثبوت بالحجة التي هي الروايات الصحيحة ولا يراد إثبات أكثر من ذلك، فالإغضاب قطعي وقرائن البراءة ظنية حسب زعمك ولا يقدم الظني على القطعي..

خامساً: قد قدمنا: أن آية مدح المهاجرين والأنصار لا بد أن تخصص بحديث إغضاب فاطمة كما هو معلوم، فلا بد لك من التماس الجواب المقنع عن هذا الاستدلال..

7ـ وأما ما ورد في الفقرة رقم (7) فيرد عليه..أولاً: إن حديث: (هذا الأمر في قريش ما بقي الناس اثنان) ليس المراد به الإخبار عن سير الأحداث على صفحة الواقع الخارجي، بل المراد به التشريع والحكم على الناس بأن عليهم أن يسلموا هذا الأمر لقريش، ولا يجوز لهم معارضتها فيه، واغتصابه منها.

فلا معنى لقولك: وأين هم الآن..

ولو جاريناك فإننا نقول: إن هذا الفهم للحديث هو الأولى والأظهر من الاحتمال الذي ذهبت إليه، وبذلك يسقط كلامك عن صلاحية الإثبات لما تريد إثباته..

ثانياً: قولك: إن المهاجرين لم يحتجوا على الأنصار بأحاديث القرشية.. غير صحيح فإنهم قد احتجوا بها في السقيفة بالذات، واحتجوا بأنهم قرابة رسول الله ()، وأنهم أولياؤه وعشيرته، وبغير ذلك فراجع كتاب: الحياة السياسية للإمام الرضا.. الفصل الأول في هامش مطول ذكر هناك..

ثالثاً: إن طريقة تشكيكك بأحاديث القرشية لم يسبقك إليها أحد، فإنها قد جاءت شبيهة بأحاديث المنجمين أو الذين يكشفون البخت بفنجان القهوة، فراجع قولك: (مما يدل على أنها إما ضعيفة أو مخصصة بمناسبة أو نحو ذلك.. مما قصر المحدثون في استيفائه..)

فهل هذه الإحالة على مجهول تعد طريقة علمية في البحث والاستدلال؟!.

8 ـ وحول الفقرة المذكورة برقم (8) نقول:
قد اعترفت بأن التأويل لا ينفع مع وجود التصريح من الرسول بغضبه () لغضبها.
ثم ذكرت: أنه لا دليل على أن أبا بكر كان يعلم بأن رسول الله () قد قال ذلك في حق فاطمة..

ونقول:
أولاً: إذا كان أبو بكر يجهل ذلك فهل الصحابة جميعاً كانوا يجهلونه؟! فلماذا لم ينبهوه عليه..

ثانياً: إنه إذا كان أبو بكر يجهل بهذا الأمر، فإن ذلك يجعلنا نشك في مقدار علم أبي بكر. ولا سيما في أمور خطيرة فيما يرتبط بخلافته للرسول، ونشر أحكام الدين وتعاليمه وحفظ شرائعه وسياسة الناس وفقاً لما جاء به الرسول (). فلا مجال بعد هذا للطمأنينة بصحة خلافته إذا كان بهذا المستوى من الجهل بالدين وأحكامه.

ثالثاً: ويتأكد ما ذكرناه آنفاً إذا علمنا أنهم يقولون: إن النبي () قد خطب الناس وأعلن أن من أغضب فاطمة فقد أغضبني[25].

فإذا لم يعلم أبو بكر بأمر خطب به الرسول () الناس، على المنبر فما هو مدى معرفته بالأمور الخفية، أو التي لم يخطب بها والتي جاء بها رسول الله ().

رابعاً: لنفترض أنهم أخبروه بالأمر، فلماذا لم يعتذر ويرجع الأمور إلى نصابها بحيث ينال الرضا من جديد؟!. أم أنه لم يكن يهمه رضا فاطمة (

وإذا كان قد اعتذر، فلماذا لم تقبل الزهراء عذره؟!. وما هذه القسوة منها عليه.. فإن كانت محقة في قسوتها هذه فكيف أصبح أهلاً لمقام الإمامة؟!. وإن لم تكن محقة فكيف يجعل النبي () رضاها من رضا الله، وغضبها من غضب الله..

خامساً: قد قلت: إنه يمكن تخطئة أبي بكر.

ونقول لك: إن من يخطئ هنا فما الذي يؤمننا من أن يخطئ فيما هو أعظم..

وقد قلنا: إن الحديث ليس عن كفره وإيمانه، بل عن أهليته لخلافة الرسول ()..

سادساً: قد قلنا: إن التاريخ الطويل لأبي بكر في الإيمان والتقوى لا يجعله أهلاً لمقام الخلافة للرسول ()..

فإن هذا المقام يحتاج إلى العلم الواسع بالأحكام، وإلى الشجاعة, وإلى السياسة والتدبير، وإلى القدرة على القضاء بالحق.. وإلى.. وإلى..

فتاريخ أبي بكر الطويل الذي تحدثت عنه لا يكفي لجعله حائزاً على تلك الصفات والميزات.

سابعاً: إن التاريخ الطويل.. قد انتقض بما ثبت بالدليل الصحيح من أنه قد أغضب الله و الرسول بإغضاب الزهراء..

ثامناً: وأما بالنسبة لاحتمالات أن يكون أبو بكر قد فهم من النص التعميم أو التخصيص، فهي احتمالات لا تجدي في رفع غضب الزهراء ()، ولا في رفع غضب الرسول. فإنهما ثابتان قطعاً..

واحتمالات أن يكون أبو بكر قد فهم هذا أو ذاك.. إن صلحت عذراً لأبي بكر عند الله، فهي لا تصلح عذراً لنا في اعتقاد إمامته وفي التسويق لمشروعيتها. بل تكون من قبيل من يرتكب ذنباً يوجب الحد. فيجب على القاضي حده وجلده لأجل البينة، ولعله يكون عند الله معذوراً والقاضي لا يدري..

9 ـ أما ما ورد تحت رقم (9) فيرد عليه..
أولاً: قد ذكرنا في الرسالة السابقة: أنه لا يحق لك أن تقول: إننا نحسن الظن بأبي بكر فلا يخالف النص القطعي عن رسول الله ().. ولا يعقل أن يخالف الصحابة أمر النبي () فيبايعون أبا بكر.. وهم يعلمون بالنص على غيره..

وقد أجبنا عن ذلك.. بأن الأنصار قد اتفقوا على مخالفة النص الثابت عن رسول الله () لأن حديث الأئمة من قريش ثابت قطعاً وقد خالفه الأنصار كلهم.. ولا يعقل أن يكونوا جميعاً جاهلين به. ولو كان بعضهم جاهلاً، فعلى العالم أن يعلمه، أو ناسياً، فعليه أن يذكر به.. وقد ذكرهم به أبو بكر في السقيفة فلم يلتفتوا إليه.

فإذا كان الأنصار كلهم يخالفون حديث القرشية، فلماذا لا يخالف أبو بكر حديث النص على علي ().. ويطمع في هذا الأمر؟! ولماذا لا يخالف حديث من أغضب فاطمة فقد أغضبني؟!

ثانياً: لقد عدت إلى إطلاق التعميمات التي لا يصح إطلاقها في البحث العلمي.. فإننا نحن أيضاً نقول:

إن كثيراً من الأحاديث تم توليدها فيما بعد، ولم تكن مشهورة.. أو تم الاستدلال بها في غير موقعها..
ولم يكن الإسلام حكراً على عائلة إلخ..

فما الذي ثبت بقولنا هذا؟ هل ثبتت صحة إمامة أبي بكر ومشروعيتها؟! أو ثبت أنه أهل للإمامة؟! وثبت أنه لم يرد الدنيا حين طلب هذا الأمر؟

ولماذا لا تكون الأحاديث حول أبي بكر وإمامته وفضائله مولدة..

فإن قلت: لم لا تكون الأحاديث حول علي () أيضاً كذلك..
فنقول لك: إن الأحاديث في علي مجمع عليها، أما الأحاديث في أبي بكر فيدعيها فريق دون فريق..

يضاف إلى ذلك: أن الأحاديث في علي محاربة من فئات كثيرة من الناس، ومن الحكام وغيرهم..

ومع ذلك فقد وردت في الصحاح، التي يلتزم بها الفريق الحريص على تثبيت إمامة أبي بكر وتشييدها.

ثالثاً: أما قولك: السنة والشيعة يسيئون للإسلام عندما يعرض كل فريق منهم بأن الحكم خاص بالقرشيين. وفريق يخصه بفرع من القرشيين. والإسلام أوسع من هذا..

فهو جرأة عظيمة منك على رسول الله ()، وعلى الله أيضاً، حيث إنك تحاول أن تكذِّب أحاديث الرسول () من دون حجة ظاهرة. وتستند في ذلك إلى مجرد الاستحسان. وزعم أن الإسلام أوسع من ذلك..

نعم.. إن الإسلام واسع وسهل وسمح، ولكنه يريدك أن تتكلم في صلاتك بالعربية، ويريدك أن تصلي إلى خصوص الكعبة..

ثم هو يريدك أن تقدس شخصاً اسمه محمد بن عبد الله ().. ويريدك.. ويريدك.. ويريدك أيضاً أن تعطي الحكم لقريش كما ورد في النص المجمع عليه، والذي عليه اعتقاد علماء الأمة سنة وشيعة إلا من شذ من الخوارج أو من غيرهم..

رابعاً: قولك: إن المهم هو شكل السلطة لا مضمون السلطة.. غير مقبول.. فإن دل الدليل على أن المهم هو الشكل والمضمون معاً، لم يكن لك أن تعترض. وقد علمت أن المهم في الصلاة هو الشكل والمضمون معاً، وفي الحج المهم الشكل والمضمون معاً.. و.. و. إلخ..

فلم لا يكون المهم في السلطة الشكل والمضمون معاً؟!

إن الأمر تابع لتوجيهات رسول الله ()، الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ولا قيمة للتظني وللآراء التي لا تستند إلى علم ولا إلى برهان..

10 ـ وحول النقطة رقم (10) نقول:
قد قلت: إنك لا تعتقد إلا أن أبا بكر كان صادقاً في حلفه على أنه محب لأهل البيت..

ونقول لك:
أولاً: إن اعتقادك إنما هو حجة عليك، وليس من الأدلة العلمية التي يؤخذ بها غيرك.. إلا أن تقدم الدليل النافي لما قلناه من احتمال أن يكون حلفه هذا لأجل امتصاص الأثر السلبي لوجد الزهراء عليه، وغضبها منه إلى أن ماتت حسب نص البخاري وغيره..

ثانياً: قد قلنا: إن دعوى الحب لا بد أن تشفع بأدلة تثبتها، بعد أن ظهر ما يدل على عدم الحب، إلى درجة الإغضاب المستمر إلى الموت. كما حصل للزهراء ().

ثالثاً: إن حلف أبي بكر يشير إلى أنه كان يواجه التشكيك في حبه لأهل البيت، ولم يكن ذلك الشك ليزول بمجرد الدعوى. بل حتى احتاج إلى أن يقسم على ذلك..

ولم يكن القسم الواحد يكفي، بل كان يتكرر هذا القسم منه باستمرار، مما يدل على حجم الشك في هذه الدعوى، وأن الناس كانوا لا يصدقونه فيما يدعيه حتى وهو يقسم لهم..

رابعاً: قولك إن عدم مبادرته إلى إرضاء الزهراء يدل على أنه متأول.. لا يصح.. فإن التأويل الذي تزعمه لا يمنع من المبادرة للإرضاء.

خامساً: إنه لا تأويل في مقابل النص الوارد عن الرسول ().. على أن الإغضاب لها إغضاب لله تعالى وللرسول ().. ولا يصح لأحد أن يقول: إنني أرى نفسي مصيباً في إغضابي لرسول الله، وفي إغضابي لله سبحانه.

سادساً: لقد عدت إلى الحديث عن الكفر والإيمان في هذه النقطة أيضاً لكي توهم الناس: أنني أسعى إلى إثبات ذلك.. أو لتنفر الناس مني ومن الشيعة حتى لا يتفاعلوا مع ما يقدمونه من حجج..

11 ـ وحول ما جاء في الفقرة رقم (11) نقول:
قولك: إن ندم أبي بكر على كشف بيت فاطمة يدل على صلاحه.. لا يصح:

أولاً: لأن ندمه كما قد يكون لأجل اكتشافه الخطأ كذلك قد يكون لأجل أن ما فعله قد نشأت عنه مشكلة, ولم يستطع أن يحقق أهدافه كاملة.. فأراد أن يمتص الآثار السلبية لما فعله في آل النبي () بإظهار هذا الندم، فلماذا جزمت بالأول.. ولم تلتفت إلى الثاني. مع أننا قد نبهناك عليه في رسالتنا السابقة..

بل إن الأمر ليس فقط لم يحقق له أهدافه المرجوة، وإنما هو تسبب له بفضيحة كبرى، حيث أصبح متهماً ببغض أهل البيت، وأصبح يحتاج إلى الحلف على أنه يحبهم.. ولم تعد الدعوى المجردة تكفيه، ولم يكن الحلف يؤثر في رفع التهمة فكان يحتاج تكراره..

ثانياً: قد اعترفت بأن أبا بكر كان قد اندفع لموقف مغضب لله ولرسوله وللزهراء، بسبب جهله ببعض الأدلة ثم ظهر له من الأدلة ما كان يجهله باعترافك.. فكيف نطمئن بعد هذا إلى أنه يملك من المعرفة والعلم ما يجعله أهلاً لمقام الخلافة وسياسة العباد وفق ما يريده الله تعالى؟!

12 ـ بالنسبة للفقرة رقم (12) نقول:
أولاً: لا معنى لأن تستدل على عدم تأخر إسلامه بأن أحداً لم يقل ذلك.. فإنه إذا دل الدليل على أن أبا بكر لم يسلم إلا بعد سنوات من البعثة، فالدليل هو الميزان، ولا ينظر إلى أقوال هذا أو ذاك من المؤرخين والمحدثين.. لأنهم قد تخفى عليهم بعض الحقائق، وما أكثر ما يخفى عليهم منها. وتلك هي الدراسات والبحوث العلمية تثبت لك ذلك بأيسر طريق..

ثانياً: إن لقائل أن يقول: إن ثمة سعياً لتزوير وطمس الحقائق لصالح أبي بكر، باعترافك أنت حيث قلت:

(صحيح أن بعض السنة بالغ وذكر إسلامه قبل علي وزيد).

فمن بالغ هنا بهذا المقدار، لماذا لا يبالغ بأكثر منه؟! إذا اطمأن إلى قبول كلامه وعدم اكتشاف مبالغاته، فإن من يسرق البيضة قد يسرق الجمل أيضاً إن تمكن من ذلك..

ثالثاً: إذا كان قد أسلم بعد أكثر من خمسين كما رواه الطبري في تاريخه، وإذا وجدت قرائن تدل على هذا التأخير في إسلام أبي بكر لسنوات عديدة. فلماذا يكون قولنا (سنوات عديدة) هكذا لفظة غير علمية؟!

رابعاً: قولك: إنه أسلم قبل دخول دار الأرقم لو صح، فمن الواضح: أن دخول دار الأرقم قد كان بعد عدة سنوات من البعثة.

أضف إلى ذلك: أن هذا الأمر هو محل الإشكال وقد جاءت بعض القرائن لتدل على خلافه. فهل تجعل دعواك هي الدليل مع وجود نصوص توجب الريب في صحة تلك الدعوى؟!

خامساً: لقد قلت: إن عمر قد أسلم في السنة السادسة، ولكن كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم () يقول: إن إسلام عمر قد تأخر إلى ما قبل الهجرة بقليل. فراجع ما أورده ذلك الكتاب من أدلة وشواهد على ذلك.. وهي بلا شك توجب الريب في صحة ما تذكره عن إسلام عمر.

سادساً: ما هو دليلك على أن المهاجرين الأولين كانوا خمس مئة.. ولماذا لا يكونون ثلاثة أشخاص، أو خمسة، أو عشرة، أو عشرين، أو خمسين، أو مئة، أو مئتين أو.. أو.. إلخ..

سابعاً: قولك:
عن المهاجرين الأولين: (وكلهم من المرضي عنهم في الكتاب والسنة، وأبو بكر من أوائل هؤلاء).. لا يصحح لك إمامة أبي بكر. وذلك لما يلي:

ألف: إن الآية قد نصت على المهاجرين الأولين.. وليس ثمة ما يدل على المراد بهم، فهل هم ثلاثة، أو خمسة، أو عشرة، أو أزيد.. فإن هذا غير معلوم، فإن كان لديك دليل قاطع فائتنا به لننظر فيه..

فلا يوجد لديك ما يثبت دخول أبي بكر في مدلول الآية، إذا كان يحتمل أن يكون أبو بكر قد أسلم بعد أكثر من خمسين، وبعد عدة سنوات، فكيف تقول: إنه من أوائل المهاجرين الأولين؟

ب: إن الآية قد جاءت بصيغة العموم، وهي لا تأبى عن التخصيص، بالخبر الثابت في حق بعضهم، ويكون أبو بكر قد خرج من الآية بواسطة الحديث الشريف.. على سبيل التخصيص لعمومها.. كما أوضحناه من قبل..

ج: إن هناك أحاديث كثيرة جداً مروية بأسانيد صحيحة في البخاري ومسلم وغيرهما تدل على أن أكثر الصحابة لا يدخلون الجنة يوم القيامة بل يدخلون النار وأنه لا يبقى منهم إلا مثل همل النعم.. فهي مخصصة للآية الكريمة حسبما ذكرناه فيما سبق.. وإليك طائفة من هذه الأحاديث الصحيحة:

1 ـ عن أبي وائل قال: قال عبد الله: قال النبي( وسلم): (أنا فرطكم على الحوض، ليرفعن إليَّ رجال منكم، حتى إذا أهويت لأناولهم اختلجوا دوني، فأقول: أي رب أصحابي، يقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك)[26].

2 ـ عن أبي حازم قال: سمعت سهل بن سعد يقول: سمعت النبي ( وسلم) يقول:

(أنا فرطكم على الحوض من ورده شرب منه، ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبداً ليرد عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم..

قال أبو حازم: فسمعني النعمان بن أبي عيّاش وأنا أحدثهم هذا فقال: هكذا سمعت سهلاً ؟ فقلت: نعم، قال: وأنا أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته يزيد فيه قال: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما بدّلوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً لمن بدّل بعدي)[27].

3 ـ عن ابن عمر أنه سمع النبي ( وسلم) يقول:
(لا ترجعوا بعدي كفاراً. يضرب بعضكم رقاب بعض ونفس ذلك رواه أبو بكرة، وجرير، وابن عباس عنه ( وسلم))[28].

4 ـ عن عبد الله قال: قال رسول الله ( وسلم):
(إني فرطكم على الحوض، وإني سأنازع رجالاً فأغلب عليهم، فأقول: يا رب أصحابي. فيقال: لا تدري ما احدثوا بعدك)[29].

5 ـ عن حذيفة: أن رسول الله ( وسلم) قال:

(ليردن علي الحوض أقوام فيختلجون دوني فأقول: رب أصحابي رب أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)[30].

6 ـ عن ابن عباس في حديث له عنه يقول ( وسلم) فيه: وإن أناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي؟ أصحابي؟ فيقول: إنه لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول، كما قال العبد الصالح: (وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم.. إلى قول الحكيم)[31].

7 ـ وعن أنس عن النبي ( وسلم) قال:
(ليردن عليّ ناس من أصحابي الحوض، حتى (إذا) عرفتهم اختلجوا دوني فأقول: أصحابي. فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك. وعبارة مسلم: ليردنّ عليّ الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إليّ اختلجوا دوني فلأقولنّ: أي رب أصحابي أصحابي)[32].

8 ـ عن أبي هريرة: أنه كان يحدث أن رسول الله ( وسلم) قال:
(يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي، فيحلؤون عن الحوض، فأقول: يا رب أصحابي فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى)[33].

9 ـ عن أبي هريرة عنه ( وسلم) أنه قال:
(ترد عليّ أمتي الحوض وأنا أذود الناس عنه، كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله قالوا: يا نبي الله أتعرفنا قال: نعم لكم سيما ليست لأحد غيركم تردون عليّ غرّاً محجلين من آثار الوضوء وليصدّن عني طائفة منكم فلا يصلون فأقول: يا رب هؤلاء من أصحابي؟ فيجيبني ملك فيقول: هل تدري ما أحدثوا بعدك؟)[34].

10 ـ وعن أبي هريرة أيضاً عن النبي ( وسلم) قال:
(بينا أنا قائم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم فقلت: أين ؟ قال إلى النار والله. قلت: وما شأنهم ؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم. قلت: إلى أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: ما شأنكم ؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم)[35].

11 ـ وروي عن عمار أيضاً:
(إن في أصحاب النبي ( وسلم) اثني عشر منافقاً لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط)[36].

12 ـ عن أبي بكرة: أن رسول الله ( وسلم) قال:
(ليردنّ عليّ الحوض رجال ممن صحبني ورآني، حتى إذا رفعوا إلي ورأيتهم اختلجوا دوني فلأقولن: رب أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك)[37].

13 ـ عن أبي سعيد الخدري عن النبي ( وسلم) أنه قال: تزعمون أن قرابتي لا تنفع قومي؟ والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة إذا كان يوم القيامة يرفع لي قوم يؤمر بهم ذات اليسار فيقول الرجل: يا محمد أنا فلان بن فلان ويقول الآخر: أنا فلان بن فلان، فأقول: أما النسب قد عرفت ولكنكم أحدثتم بعدي وارتددتم على أعقابكم القهقرى[38].

14 ـ قالت أسماء بنت أبي بكر: قال رسول الله ( وسلم):
(إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم. وسيؤخذ أناس دوني فأقول: يا رب مني ومن أمتي فيقال: أما شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم)[39] الخ..

15 ـ عائشة تقول: سمعت رسول الله ( وسلم) يقول، وهو بين ظهراني الصحابة:
(إني على الحوض أنتظر من يرد عليّ منكم فوالله ليقتطعن دوني رجال. فلأقولن: أي رب مني ومن أمتي فيقول: إنك ما تدري ما عملوا بعدك مازالوا يرجعون على أعقابهم)[40].

16 ـ وعن أم سلمة: أنه ( وسلم) قال:
(أيها الناس بينما أنا على الحوض جيء بكم زمراً، فتفرّقت بكم الطرق فناديتكم: ألا هلمّوا إلى الطريق، فناداني منادٍ من بعدي، فقال: إنهم قد بدّلوا بعدك، فقلت: ألا سحقاً ألا سحقاً)[41].

17 ـ عن أم سلمة: أنه ( وسلم) قال:
(أيها الناس إني لكم فرط على الحوض فإياي لا يأتين أحدكم فيذب عني كما يذب البعير الضال، فأقول: فيم هذا ؟

فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً)[42].

18 ـ عن أم سلمة قالت: قال النبي ( وسلم):
(من أصحابي من لا أراه ولا يراني بعد أن أموت أبداً)[43].

19 ـ في كتاب المواهب لمحمد بن جرير الطبري الشافعي عن أبي علقمة قال:
(قلت لسعد بن عبادة وقد مال الناس إلى بيعة أبي بكر: ألا تدخل فيما دخل فيه المسلمون؟ قال: إليك مني فوالله لقد سمعت رسول الله ( وسلم) يقول: إذا أنا متُّ تضِلّ الأهواء، ويرجع الناس على أعقابهم فالحق يومئذ مع علي وكتاب الله بيده، ولا تبايع أحداً غيره)[44].

20 ـ وكان طلحة بن عبيد الله وابن عباس وجابر بن عبد الله يقولون: صلى رسول الله ( وسلم) على قتلى أحد وقال رسول الله ( وسلم): أنا على هؤلاء شهيد، فقال أبو بكر: يا رسول الله أليسوا إخواننا، أسلموا كما أسلمنا وجاهدوا كما جاهدنا ؟ قال:

(بلى ولكن هؤلاء لم يأكلوا من أجورهم شيئاً ولا أدري ما تحدثون بعدي، فبكى أبو بكر وقال: إنا لكائنون بعدك؟)[45].

21 ـ عن مرة قال: حدثني رجل من أصحاب النبي ( وسلم) قال: قام فينا رسول الله ( وسلم) على ناقة حمراء مخضرمة فقال: أتدرون أي يوم هذا؟ إلى أن قال:
(ألا وإني فرطكم على الحوض أنظركم وإني مكاثر بكم الأمم فلا تسوّدوا وجهي. ألا وقد رأيتموني وسمعتم مني، فمن كذب علي فليتبوأ مقعده من النار ألا وإني مستنقذ رجالاً أو إناثاً ومستنقذ مني آخرون فأقول: يا رب أصحابي؟ فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)[46].

وأخيراً..
فقد قال المقبلي: إن أحاديث (لا تدري ما أحدثوا بعدك) متواترة بالمعنى[47].
وإن أردت التوسع في هذا الموضوع فراجع المصادر الموجودة في الهامش[48].
وبعد كل ما تقدم نقول: إذا كان البخاري وغيره يروون هذه الروايات، ويروون أنه لا يبقى من الصحابة إلا مثل همل النعم. والباقون يكون مصيرهم إلى النار..

كيف يصح قولك: إن أكثر المهاجرين كانوا في خط العدالة وأن الخارج عن هذا الخط شاذ، أو أنه من قبائل العرب، أو من الأعراب أو نحو ذلك؟!

13 ـ وحول ما ذكر برقم (13) نقول:أولاً: إن سؤالنا لا يزال حائراً يطلب منك الجواب، وهذا السؤال هو: أنه إذا لم يثبت أن الزهراء قد اتخذت إماماً آخر غير أبي بكر، وإذا كانت غاضبة على أبي بكر منذ وفاة أبيها، وقد ماتت وهي واجدة عليه، فمن كان إمامها.. فهل ماتت ميتة جاهلية؟

فإن قلت: نعم.. فإنك تكون قد كذبت نص آية التطهير فيها وما دل على أن رضاها رضا الله سبحانه وغير ذلك..

وإن قلت: لا.. لزمك الإفصاح عن الذي كانت تعتقد الزهراء إمامته.. وإن لم يكن قد تسلم زمام الخلافة الزمنية فعلاً..

ثانياً: إذا كان الله ورسوله قد توليا نصب علي للإمامة، فلا يحتاج هو إلى نصب نفسه..

ثالثاً: إن اغتصاب الإمامة من الإمام لا ينفي إمامته الواقعية، لكنه يثبت التعدي عليه في ما جعله الله تعالى له..

14 ـ وأما ما ذكرته تحت رقم (14) فنقول فيه:
ألف: إنك قد ادعيت أنك قد أجبت على بقية النقاط التي ذكرتها في رسالتي إليك، ونحن لا نريد أن نجادلك في هذا، ولكن نحيل الأمر إلى القارئ الكريم ليقارن بين الرسالة وبين جوابك..

ب: أما اعتذاراتك بأنك إنما تجيب بالإجابات الحاضرة، وأن هذا لقاء، وليس محلاً للإجابات البحثية، فهو اعتذار غير مقبول، فإن العنوان المعلن هو حوار.. والحوار فيما نفهم ليس حوار مجاملات، وتقبيل لحى، أو تبادل القصائد الشعرية. بل هو حوار فكري هادف إلى الوصول إلى الحق. بكلمة الصدق..

وعلى كل حال.. فإننا لا نريد أن نظن.. ونسأل الله أن يكون ظننا خاطئاً أنك تمهد بهذه الأقوال.. إلى إنهاء هذا الحوار، والتخلص من تبعاته..

وعلى كل حال.. فإننا نقول..
هذه رسالتنا بين يديك تنتظر الإجابة الصريحة منك، والأمر إليك لتقرر كيف ستتعامل معها.

وأما الفقرة رقم 15 والفقرة رقم 16 فليس فيهما جديد..17 ـ أما ما ورد برقم (17) فنقول فيه:
قد قلت: إن العدالتين وهما: صلاح السيرة.. والصدق في الرواية موجودتان في مجموع المهاجرين والأنصار وقد يشذ من هذا العموم من يشذ، إضافة إلى أن كثيراً من الطلقاء والأعراب، وكثيراً من قبائل العرب لم تتحقق فيهم هذه العدالة، فكانوا بين مرتد، أو سيء السيرة. وفيهم من أحسن الاتباع فكان عدلاً..

ونقول لك..
اولاً:

إن ما ذكرناه برقم 12 يكفي في وضع علامة استفهام كبيرة حول هذا الكلام..
خصوصاً.. وأن بعض الروايات الواردة في البخاري وغيره تصرح بأنه لا يبقى من أصحابه إلا مثل همل النعم..

ثانياً:
إنه لا ريب في أن المنافقين كانوا موجودين في زمن الرسول () وقد انخذل ابن أبي بحوالي ثلث الجيش في حرب أحد التي كانت في السنة الثالثة من الهجرة، وقد كان ذلك قبل فتح مكة، وقبل ظهور الطلقاء على الساحة، وقبل سنة تسع التي هي عام وفود قبائل العرب، ليعلنوا إسلامهم.

مع العلم بأن الذين انخذلوا في أحد لم يكونوا كل المنافقين، بل هؤلاء هم الذين وجدوا الجرأة أو المصلحة لأنفسهم بإظهار الخلاف.. ولا دليل على أنه لم يبق منهم في جيش النبي () من كان يرى مصلحته في التستر، وفي المشاركة..

ثم إنك لا تستطيع أن تدعي أن النفاق كان مختصاً بالأنصار وتستثني المهاجرين.. فهل ثلث الجيش، والله أعلم، بمقدار من بقي، كانوا أشذاذاً، أو كانوا من قبائل العرب، أو من الأعراب؟!

وهل يجوز لك أن تحددهم بهذه الطريقة؟! وما هو دليلك على هذا التحديد؟!

وإذا كان الله تعالى يقول: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ}[49].

ويقول أيضاً: {لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ}[50] إن رسول الله () لا يعلمهم.. فهل علمتهم أنت بعد ألف وأربع مئة وثلاثة عشر سنة من وفاته ()..

إلا أن تقول: إن الناس بمجرد موت رسول الله () صاروا مؤمنين، وخرجوا من النفاق؟!

ثالثاً:
قد ذكرنا أن آية: {وَالسَّابِقُونَ الأوَّلُونَ}.. خاصة بالسابقين. وخاصة بالأولين. وخاصة بغير المنافقين وخاصة بغير من أغضب الزهراء () وخاصة بغير همل النعم الذين يبقون بعد أن يؤخذ بالبقية ذات الشمال في يوم القيامة..

فكيف حكمت بهذا الحكم وحددت العدول من الصحابة وميزتهم من غير العدول؟!

وبقيت الفقرتان رقم 18 و19 فإننا لم نجد لهما أي ارتباط بما نحن فيه ونحن لم نتحدث عن وصول الأمة إلى قبضة شارون.. ولا عن غير ذلك مما أوردته فيهما..

ولذلك فنحن نرد بضاعتك في هاتين الفقرتين إليك..

والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله الطاهرين..

[16] سورة آل عمران /153.
[17] سورة التوبة /25.
[18] راجع مستدرك الحاكم ج3 ص255 وتلخصيه للذهبي بهامشه.
[19] في المستدرك على الصحيحين ج3 ص327.
[20] راجع المستدرك على الصحيحين ج3 ص321.
[21] راجع صحيح البخاري ج5 ص106 وصحيح مسلم ج3 ص106.
[22] سورة التوبة/100.
[23] النساء/80 .
[24] آل عمران /31 .
[25] راجع هذه النصوص في: صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف. وكتاب الخمس وكتاب المناقب، وصحيح مسلم ج7 ص141، وفي فضائل فاطمة، ومسند أحمد ج4 ص328، وحلية الأولياء ج2 ص40، وسنن البيهقي ج7 ص64، ومستدرك الحاكم ج3 ص158 و159، وغوامض الأسماء المبهمة ص340 و341، وسنن ابن ماجة ج1 ص616، وأسد الغابة ج 5 ص 521، والمصنف ج7 ص301، و302 و300 بعدة نصوص، وفي هامشه عن عدد من المصادر، ونسب قريش ص87 و312، وفتح الباري ج7 ص6، وج9 ص286، وتهذيب التهذيب ج7 ص90، وشرح النهج للمعتزلي ج 12 ص 88 و 51 وج 4 ص 64 ـ 66، ومحاضرة الأدباء المجلد الثاني ص 234، والسيرة الحلبية ج 2 ص 208، وتلخيص الشافي ج 2 ص 276، ونقل عن سنن أبي داود ج 2 ص 326.
وراجع: المناقب لابن شهرآشوب ج 1 ص 4، ونزل الأبرار ص 82 و 83، وفي هامشه عن صحيح البخاري ج 2 ص 302 و 189 وج 3 ص 265، وعن الجامع الصحيح للترمذي ج 5 ص 698.
[26] صحيح البخاري ج9 ص58 كتاب الفتن وج8 ص148 وفي آخره أنه نقل أيضاً عن حذيفة ومسند أحمد ج1 ص439 مع تفاوت يسير.
[27] صحيح البخاري ج9 ص58/59 وج8 ص150 وصحيح مسلم ج7 ص96 والاستيعاب هامش الإصابة ج1 ص159 ومسند أحمد ج5 ص333 وراجع ج3 ص28.
[28] صحيح البخاري ج9 ص63 و64 وصحيح مسلم ج1 ص58.
[29] صحيح مسلم ج7 ص68 بعدة أسانيد ومسند أحمد ج1 ص402 و406 و407 و384 و425 و453.
[30] مسند أحمد ج5 ص388 وراجع ص393 وأشار إليه في صحيح البخاري ج8 ص148/149.
[31] صحيح البخاري ج8 ص169 و204 وج6 ص122 و69 و70 وج8 ص136 وصحيح مسلم ج8 ص157 ومسند أحمد ج1 ص235 و253 والاستيعاب هامش الإصابة ج1 ص160 وعن الجمع بين الصحيحين.
[32] صحيح البخاري ج8 ص149 وصحيح مسلم ج7 ص70 و71 ومسند أحمد ج3 ص381 وعن الجمع بين الصحيحين الحديث رقم 131 وفي إحقاق الحق باب ما رواه الجمهور في حق الصحابة أنهم رووا مثل ذلك عن أم سلمة وأسماء بنت أبي بكر وسعيد بن المسيب وحذيفة وأبي الدرداء.
[33] صحيح البخاري ج8 ص150 وبعده نفس الحديث الذي رواه ابن المسيب عن أصحاب النبي ’.
[34] صحيح مسلم ج1 ص150.
[35] صحيح البخاري ج8 ص150/151 والمصنف لعبد الرزاق ج11 ص406 وعن الجمع بين الصحيحين الحديث 267.
[36] راجع: صحيح مسلم ج7 ص122 و123.
[37] مسند الإمام أحمد ج5 ص48 وص50 بسند آخر.
[38] مسند أحمد ج3 ص39 ويقرب منه ما في ص18 وكنز العمال ج11 رقم 2472.
[39] صحيح البخاري ج8 ص151/152 وصحيح مسلم ج7 ص66 وكنز العمال ج11 رقم 2461.
[40] صحيح مسلم ج7 ص66 والاستيعاب هامش الإصابة ج1 ص159 وكنز العمال حديث رقم 1416.
[41] مسند أحمد ج6 ص297.
[42] صحيح مسلم ج7 ص67.
[43] مسند أحمد ج6 ص298.
[44] ملحقات إحقاق الحق ج2 ص296.
[45] مغازي الواقدي ج1 ص410.
[46] مسند أحمد ج5 ص412 وفي صحيح البخاري ج5 ص159-160: عن العلاء بن المسيب عن أبيه، قال: لقيت البراء بن عازب رض فقلت: طوبى لك، صحبت النبي ص وبايعته تحت الشجرة، فقال: يا بن أخي لا تدري ما أحدثنا بعده.
[47] راجع: أضواء على السنة المحمدية ص350 نقلاً عن العلم الشامخ للمقبلي.
[48] بالإضافة إلى ما تقدم: مصنف عبد الرزاق ج11 ص406 ـ 407، وتنوير الحوالك ج1 ص51، والبحار ج28 كتاب الفتن ص26 حتى 36، وكنز العمال ج11 ص157 رقم 645 وفي ذيله: >إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك مرتدين على أعقابهم< ورقم 746 ورقم 747 وفيه: >ولكنكـم ارتـددتـم بعدي ورجعتم القهقرى< وص155 رقم 776 وفيه: >فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم بعضاً< وج11 ص221 رقم 2411 عن أبي هريرة وفيه: >إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى< وفي بعضها عن حذيفة رقم 2412 وعن أنس رقم 2414 وعن سمرة رقم 2481 وعن أبي هريرة رقم 2415 وعن حذيفة رقم 2476 و2471 وعن أم سلمة رقم 417 وعن أنس وحذيفة رقم 2418 وعن زيد بن خالد رقم 2424 وعن ابن مسعود رقم 2470 وعن أسماء بنت أبي بكر وعائشة رقم 2416 وعن أبي سعيد رقم 2472 وغير ذلك مما لا يمكن استقصاؤه في هذه العجالة.
[49] سورة التوبة: الآية 101.
[50] سورة التوبة: الآية 101.


يتبع>>>

نسألكم الدعاء


توقيع خادم الزهراء

قال الرسول صلوات الله عليه وآله : ( إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة ، وباهتوهم كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم ، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة ) .

قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه : يا سلمان نزلونا عن الربوبية ، وادفعوا عنا حظوظ البشرية ، فانا عنها مبعدون ، وعما يجوز عليكم منزهون ، ثم قولوا فينا ما شئتم ، فان البحر لا ينزف ، وسر الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف ، ومن قال هناك : لم ومم ، فقد كفر.
اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك
اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك
اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني
قال إمامنا السجاد زين العابدين صلوات الله عليه:
إني لأكتم من علمي جواهره * كيلا يرى الحق ذو جهل فيفتتنا
وقد تقدم في هذا أبو حسن * إلى الحسين وأوصى قبله الحسنا
فرب جوهر علم لو أبوح به * لقيل لي : أنت ممن يعبد الوثنا
ولاستحل رجال مسلمون دمي * يرون أقبح ما يأتونه حسنا

للتواصل المباشر إضغط هنا لإضافتي على المسنجر



رد مع اقتباس