منتديات موقع الميزان - عرض مشاركة واحدة - مقابلة خاصة مع الشاعر الكبيرالأستاذ مهدي جناح الكاظمي
عرض مشاركة واحدة

صفوان بيضون
أديب وشاعر
رقم العضوية : 6568
الإنتساب : Oct 2009
الدولة : دمشق العقيلة
المشاركات : 964
بمعدل : 0.18 يوميا
النقاط : 215
المستوى : صفوان بيضون is on a distinguished road

صفوان بيضون غير متواجد حالياً عرض البوم صور صفوان بيضون



  مشاركة رقم : 21  
كاتب الموضوع : صفوان بيضون المنتدى : ميزان شعراء أهل البيت صلوات الله عليهم
افتراضي مقابلة خاصة مع الشاعر الكبيرالأستاذ مهدي جناح الكاظمي3
قديم بتاريخ : 06-Feb-2010 الساعة : 11:49 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


مقابلة خاصة مع الشاعر الكبير





الأستاذ مهدي جناح الكاظمي


الحلقة الثالثة :

إخوتي أسرة الميزان وزوار منتدياتها ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، تقبل الله أعمالكم وعظم الله أجوركم بمناسبة أربعينية مولانا الحسين (ع) ، رزقنا الله في الدنيا زيارته ، وفي الآخرة شفاعته .
نتابع معكم هذا الحوار الجميل ، بعد أن توقفنا خلال الأيام السابقة لضرورة الزيارة واحتراماً لتلك الأيام العصيبة على أهل البيت (ع) ، نتابع تنسم هذا العبير الفواح مع شاعر أهل البيت الأستاذ مهدي جناح الكاظمي .

كنا نتحدث عن هذه الثنائية الرائعة التي تشكلت ما بين الشاعر الأستاذ مهدي ، والملا القدير الحاج باسم الكربلائي ، وقد حدثنا الأستاذ مهدي عما أضافته تلك العلاقة له ، وكان السؤال الذي وقفنا عنده :

ماذا أضافت تلك التجربة المميزة مع الملا باسم للملا باسم نفسه ؟

الأستاذ مهدي : الذي أضافته التجربة للملا باسم هو انتقاله من تكرار المفردات الدارجة ، ومن المحاكاة المحلية باللهجة العامية إلى العالمية والشمولية ، وأضافت مفردات الفصيح نكهةً لمْ يعهدها من قبل جمهور الساحة في صوته .
ودليل صحة كلامي إقبال جمهور الساحة بشكل استثنائي ، بحيث يطلبون منه قراءة قصائدي ( على حد قوله ) ، فالعودة إلى الفصحى هو عودة إلى الفطرة ، لأنها لغة القرآن والآل (ع) ، ولغة الأسرار الجمالية ، والتطور الإبداعي الذي يتناغم مع معطيات الحياة ، والذات الإنسانية للإنسان الذي يعي اللغة العربية ، بغض النظر عن هويته الانتمائية ، وللعلم أنا بفضل الله أمتلك قدرة مشهود لها في كتابة القصيدة الدارجة ( الشعبية ) والأبوذية بشكل عالي الإبداع ، ولكن رسالتي تحول بين هذا الاتجاه وبيني ، والدليل على تمكني : هناك عدة نصوص قرأها الملا باسم منها في مولاتنا رقية (ع) وزينب والحسين وأخيه (ع) ، وأبوذيات في موسى بن جعفر (ع) وأبيه (ع) ، ومنها لم يقرأها في أمير المؤمنين والأئمة (ع) أنا حجبتها التزاماً مني في اتجاه مسيرتي الفصيحة ، التي أعشقها عشق الروح لروح .

- ( صفوان يسأل ) الانتشار الواسع من الأهداف التي يتمناها كل شاعر ، لكن الانتشار هذا كان على حساب التأني في بناء القصيدة ، وعلى حساب القصيدة العمودية الرزينة الجزلة ، ما رأيك بهذا ؟
الأستاذ مهدي : مسالة الانتشار والاكثار على حساب قانون الابداع ، فبرأي هو : اندثار .
لأن كل شيء في الحياة يسير وفق نظام وقانون لا يتعداه شئنا أم أبينا ، هذه هي سنة الحياة ، وجهلنا بدقائق شمولية هذا النظام وعلى كافة الأصعدة لا يعني أن الانفلات اللامسؤول سيجعل منا أبطالاً ، ذلك لأن المعطيات الجمالية في المفردات ، والتي تصل بنا حدَّ الدهشة ، كلها تنتظم بحركة ربانية ، في تقاربها وتنافرها ، وكل منها لا يقبل إلا عناصره ، فعند توليفها وإخراجها شعراً أو نثراً أو غير ذلك يجب أن يكون التوليف على أساس وعيها ودراستها ، ومعرفة أنظمتها ، حتى لا تخرج مفتقرة إلى أصولها الجمالية ، فتسبب الاندثار لا الانتشار .
- ( صفوان يسأل ) كنت مقلاً مبدعاً بشكل استثنائي ، الآن أنت مضطر للإكثار فهل أثر هذا على استثنائية الإبداع لديك ؟
الأستاذ مهدي : حقيقة أنا كنت ولا أزال مكثراً مبدعاً ، فالقلة المتقنة تعني علمياً ( الكثرة ) ، لذلك دائماً تكون منتصرة ، لتصبح القلة هي الكثرة ، ومثال ذلك : " أصحاب الحسين (ع) " والأمثلة تضرب ولا تقاس .
السؤال الثامن ( صفوان يسأل ) : رغم كل الظروف أنت ما زلت مقلاً ، غيرك له عشرات الدواوين ، وأنت لم يخرج لك سوى جزآن متواضعان من حيث عدد الصفحات ، حتى في القصيدة الواحدة أنت لا تسعى إلى الإكثار ، هل تتقصد الاقتصاد في العطاء ، أم أن هناك سر ؟
الأستاذ مهدي : هناك عندي الكثير المتقن ، لكن أتلفته الظروف السابقة في العراق ، حيث لم يكن الإعلام منسجماً مع معطياتها ، فلم تُحفظ .
والآن وكل ما كتبته في مرحلة لقائي بالمنشدين وخصوصاً الملا باسم ، وما سأكتبه أراه إقلالاً لا إكثاراً ، إزاء القدرة الشعرية التي أودعها الله تعالى بي ، فلا يضطرني الطلب المتواصل إلى الإخفاق إبداعياً أو أقل ، وما قرأه الملا باسم لي شاهد على ذلك فقصيدتي في الزهراء (ع) : " من أدمعي تعلم البكاء " وغيرها كانت في وقت قياسي .
السؤال التاسع ( صفوان يسأل ) : مهدي جناح الكاظمي لك تجارب في شعر التفعيلة ، تنافس بها أرقى تجارب شعراء التفعيلة ، متى يختار الشاعر أسلوبه في الكتابة ، ولمَ يكتب به ولا يتابع ، مع أن تجربتك لو تابعتها لزحزحت الكثيرين عن مواقعهم السابقة واللاحقة ؟
الأستاذ مهدي : من المعروف أن الشعر ( موهبة ) يهبها الله من يشاء من عباده ، كلٌ حسب استعداده ، فواحد تكون سعة موهبته مثلاً 90 وواحد 40 وواحد أكثر أو أقل ، يبقى على الكل المواصلة والجهد لاستكشافها ووعيها وعشقها ، لأن الوعي يسبق العشق والعطاء ، وبعدها يختار الشاعر أسلوبه .
ففي البداية يكون الأسلوب منغلقاً وبلا هوية ، وبعد الجهد والمواصلة يتبين له أسلوبه الخاص ، وليس هو إلا تناسقه النفسي القائم على وضوح الرؤيا عند الشاعر ، وتوظيف اللغة والألفاظ التي تتجانس مع معطيات قضيته .
وهذا قد لا يتأتى للكثيرين ، فيبقى عائماً ، يتعكز على إبداع هذا وذاك ، فتلفظه ساحة الشعر ، وفي التاريخ نماذج كثيرة من هذا النوع ....
يبقى أن تجربتي الشعرية تحتاج إلى تأمل ودراسة ، وهي وحدها – أي التجربة – مَنْ ترتفع بنفسها ، فكل قوى العالم لا تجعل من قاع الوادي جبلاً ، والشعر وحده الذي يُقدم نفسه ، لا المدح ولا الإطراء ، والإعلام اللامسؤول الذي يستجديه الشاعر المخفق .
فالغاية تكون متدنية عندما يجهد الشاعر سنين عديدة كي يصل إلى نقطة الانتشار ، يعني يكون الانتشار همه الأساسي .
أنا أكتب الشعر منذ أكثر من أربعين سنة ، ولم أُعرف إلا قبل سنين قليلة ، ولم أكن متحسراً على ما فاتني من إعلام ، وكنت أستطيع الانتشار وأنا ابن العشرين ، ولكن الموقف المطلوب من الإنسان قبل الشاعر حال بيني وبين ذلك .
فعشاق الجمال جمهورهم وعوالمهم المتداعية في عمق استقصاءاتهم الفكرية والروحية ، وبعض من يجانسهم من الناس .
وهذا لا يعني أن الانتشار العام غير مطلوب وغير محبب ، بل هو سبيل إلى أن تصل القضية إلى الناس ، وتتم رسالة الشاعر ، ولكن لا على حساب قضية الشعر والشاعر .
فالغاية ليست التنافس اللامشروع ، وحب الذات الضيق ، وأنا سواء زحزحت الكثيرين ممن سبق وممن لحق أم لا ، هذا لا يهم إلا بقدر ما يرضي الحسين (ع) .
هناك معانٍ ومفردات لم تكن قبل طرح شعري موجودة في الساحة ، والآن أراها تُستخدم ويتداولها الشعراء بشكل وبآخر ، وأنا سعيد جداً فهذا شيء من أداء الرسالة التي أحملها ، والتأثر بشعر الشعراء ومعانيهم حالة مشروعة ، وهكذا جُبلَ الناس : يتأثرون ويؤثرون .
وللعلم أنا لا أرى أني الأفضل والأمثل ، وهذا ليس تواضعاً ، ولكن ما أكتبه هو الذي يحدد مكاني من الشعر والشعراء ، لا في الساحة الحسينية فحسب ، بل في ساحات العالم الشعرية كافة .
وأنا استمع للشعر المؤثر من غيري ، وأتفاعل معه حدَّ البكاء ، أكثر مما أستمع لشعري .
وعندما يكون شعر غيري رائعاً ، صدقني أكون راوية له سواء كان ممن سبقني ، أو من المعاصرين ، فهذا الخلُق يجعل النفسَ كبيرة ، والشعرَ كبيراً ، والإباء عن التدني هو درس الحسين (ع) الأول لخدامه .
++++++++++++++++++++++++++++++++++++
أحسنتم أستاذ مهدي ، سنتوقف عند هذه الإجابة وسنتابع الموضوع في حلقات قادمة .
++++++++++++++++++++++++++++++++++++
إخوتي الأعزاء تلاحظون ونحن نحاور الأستاذ مهدي جناح أننا نحاور الإنسان والشاعر والمبدع والمثقف والتجربة العميقة ، وخلال ذلك نطوف معه في فضاءات عالية المستوى أحياناً ومتخصصة ، لكنها قريبة من القلب والوجدان لأنها تنبع من نفس إنسانية مشبعة بالبساطة والحب ، وأنا أنقل لكم تجربتي الخاصة في التعاطي مع الأستاذ مهدي جناح الكاظمي الشاعر والإنسان .
سنتابع بإذن الله حوارنا ، تابعوا بقية المقابلة ، وابقوا في رعاية الله وحفظه .
أخوكم صفوان بيضون ، من جوار مرقد عقيلة بني هاشم في دمشق الفيحاء .
7-2-2010


رد مع اقتباس