قراءة في كتاب السيد السيستاني رؤية من الداخل ج3 - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: مراجع عظام وعلماء أعلام :. إضاءات من نور المراجع والعلماء
إضاءات من نور المراجع والعلماء قال رسول الله (ص) : مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء

إضافة رد
كاتب الموضوع BAGHDADY مشاركات 1 الزيارات 2688 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

BAGHDADY
الصورة الرمزية BAGHDADY
عضو نشيط

رقم العضوية : 1039
الإنتساب : May 2008
الدولة : عاصمة شيعة امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام
المشاركات : 383
بمعدل : 0.07 يوميا
النقاط : 209
المستوى : BAGHDADY is on a distinguished road

BAGHDADY غير متواجد حالياً عرض البوم صور BAGHDADY



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : إضاءات من نور المراجع والعلماء
افتراضي قراءة في كتاب السيد السيستاني رؤية من الداخل ج3
قديم بتاريخ : 03-Jul-2008 الساعة : 11:24 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


الفصل الثالث
دلالات الموقع
إن قوة الإمام السيستاني السياسية في الشارع العراقي لم تتوكأ على قاعدة الحزب والاتجاه والتحالف السياسي الذي ينظمه هذا الخيار الحزبي أو السياسي أو ذاك.. ولم يشتغل بأدوات إرث هذا المرجع أو ذاك المرجع ولم يسمح لأحد من وكلائه المنتشرين في كافة أنحاء العراق العمل وفق هذه القاعدة التي أثبتت فشلها في استيعاب زخم الحركة السياسية في الأمة بل انطلق لبناء جسور علاقات الأخوة والأبوة وفق أسس الشرعية التي يتمتع بها المرجع ومواصفاته وشروطه التاريخية في الأمة.
إنه الإمام الزاهد بالمناصب السياسية الذي حذر وكلائه والمؤسسة الدينية من الدخول في العمل الحكومي والسياسي المباشر عبر تسلم مواقع ومهام مباشرة في الحياة السياسية وحدد علاقة المؤسسة الدينية بالحياة السياسية وفق قواعد التوجيه والتسديد والنصح والدعم على أن يبقى رجل الدين خارج فضاء المسؤوليات السياسية التي تُحَتم عليه الدخول بقوة في الأعمال والأفعال السياسية المباشرة.
وقد بدأ الإمام في تأسيس هذا الفضاء من خلال البدء بنفسه عبر الابتعاد عن الدخول في تفاصيل الحياة السياسية والإشراف على مبادئها وثوابتها وكُلياتها الوطنية الأمر الذي ترك انطباعاً في الشارع العراقي أن الإمام السيستاني لا يطالب بمنصب سياسي ولا يدافع عن طموحات وأهداف العراقيين من أجل تغليب صوت المؤسسة الدينية على صوت الجماهير وسيادة البلاد وأعطى انطباعاً حقيقياً عن دور القائد الذي يمارس مسؤوليته السياسية بكبرياء الفقهاء المترفعين عن تفاصيل الحياة وتعقيداتها لكنهم يتفانون ويقدمون أنفسهم رخيصة من أجل حقيقة الدين وحقيقة جوهر العلاقات الإنسانية وأهداف ومطالب المسحوقين من أبناء الإسلام يظهر هذا الأمر جلياً في مجمل التصريحات السياسية وآراء المرجع الديني الكبير التي يدافع فيها عن أهداف الشعب العراقي من دون أن يكون له نصيب في السياسة ومواقعها لإيمانه أن العراقيين لابد لهم من زعيم يعبر عن طموحاتهم لا عن زعيم يجسد العراقيون طموحاته وأهدافه الشخصية في الحياة السياسية.
في سؤال وجه لسماحة الإمام يتعلق بمصير العراقيين عبر قرار لسلطة الاحتلال تشكيل مجلس لكتابة الدستور العراقي فكانت إجابة سماحته منسجمة مع كليات مصالح العراقيين السياسية والاجتماعية يقول السؤال:
ـ سماحة سيدنا ومرجعنا المفدى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعلنت سلطات الاحتلال في العراق أنها قررت تشكيل مجلس لكتابة الدستور العراقي القادم وأنها ستعين أعضاء هذا المجلس بالمشاورة مع الجهات السياسية والاجتماعية في البلد ثم تطرح الدستور الذي يقره المجلس للتصويت عليه في استفتاء شعبي عام. نرجو التفضل ببيان الموقف الشرعي من هذا المشروع وما يجب على المؤمنين أن يقوموا به في قضية إعداد الدستور العراقي؟
(جمع من المؤمنين)
20/ربيع الآخر /1424هـ
يجيب سماحة الإمام بالقول:
«بسمه تعالى إن تلك السلطات لا تتمتع بأي صلاحية في تعيين أعضاء مجلس كتابة الدستور، كما لا ضمان أن يضع هذا المجلس دستوراً يطابق المصالح العليا للشعب العراقي ويعبر عن هويته الوطنية التي من ركائزها الأساس الدين الإسلامي الحنيف والقيم الاجتماعية النبيلة، فالمشروع المذكور غير مقبول من أساسه، ولابد أولاً من إجراء انتخابات عامة لكي يختار كل عراقي مؤهل للانتخاب من يمثله في مجلس تأسيسي لكتابة الدستور، ثم يجري التصويت العام على الدستور الذي يقره هذا المجلس، وعلى المؤمنين كافة المطالبة بتحقيق هذا الأمر المهم والمساهمة في إنجازه على أحسن وجه، أخذ الله تبارك وتعالى بأيدي الجميع إلى ما فيه الخير والصلاح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته»(25/ع 2/1424هـ).
علي الحسيني السيستاني
(الختم الشريف)
إن الإمام السيستاني يؤكد في هذه الفتوى الشرعية الموقف السياسي لفقيه الأغلبية المسحوقة التي تطالب باستعادة (حقوقها التاريخية المشروعة في الثروة والسيادة والحرية والديمقراطية والدولة العادلة وإحلال نظام له علاقة بتطور المجتمع) وليس نظاماً يأتي على ظهر شاحنة عبر انقلاب عسكري يحتل القصر الجمهوري ليحتل بعدها السيادة ويصادر الثروة ويعمق الهوة بين الأرض والإنسان وبين الحقوق والمطالب وبين المجتمع وضرورة أن يكون لديه دولة تعبر عن ذاته التاريخية وموروثه العقيدي والديني والسياسي والحضاري والإنساني وتجسد خياره الاستراتيجي في الحياة التي يفترض أن يحياها بكرامة.
إن الإمام المرجع يجسد في فتواه الشرعية هذه موقفه من مبدأ المواطنة فيجعل السلطة السياسية أدنى من قيمة المواطنة المفترضة التي يعتقد الإمام أنها هي السلطة الأولى وليست (الرعية) التي تطيع الحاكم وتنفذ إرادة الدولة السياسية وفي هذا يضع الإمام ركائز لمبدأ المواطنة لكي يضع بالتالي الشروط الأساسية لمبدأ الانتخاب.
ومن بين الركائز حاكمية الدين الإسلامي الحنيف، والقيم الاجتماعية النبيلة، والنخبة السياسية الوطنية القادرة على إدارة العملية السياسية (الانتخابات) لكي يختار العراقيون من يمثلهم في مجلس كتابة الدستور.
إن السيستاني المرجع لا يريد إعادة المجتمع العراقي إلى عصر النظام السابق الذي كان يدير شؤون العراق بمصادرة رأي النخبة السياسية الوطنية المخلصة وقمع توجهاته بقوة الحديد والنار وتحويل الدولة إلى مزرعة لقبائل السلطة وعشائرها وغلمانها ونسائها وشرطتها وأجهزة مخابراتها.
لقد كان العراق مزرعة لولدان السلطة وغلمانها ونسائها وقبائلها السياسية وقد حرم العراق والعراقيون من نعمة التمتع بشروط المواطنة والعيش في ظلال بلدهم بسبب قيام السلطة بأكبر عملية اغتصاب لشروط المواطنة العراقية الحقيقية وما يؤكده الإمام اليوم من توجهات وإحلال لمبدأ الانتخاب لكي يأتي لمهمة كتابة الدستور الرجال العراقيون الحقيقيون الطالعون من حقول الصُبير والمعاناة والقهر والمقابر الجماعية لا يصب إلا في إطار إخراج العراق من دائرة الاستبداد والقهر السياسي والتخلف الاجتماعي والاقتصادي والبداوة إلى دائرة الازدهار والأمن والتنمية وبلوغ مراتب الاجتهاد والعافية السياسية والاجتماعية ووضع العراق على سكة العافية وترك العراقيين يختارون من يمثلهم بكل حرية. فلا سلطة فوق سلطة مبدأ الانتخاب ولا حاكمية فوق حاكمية قانون الإرادة السياسية التي يمثلها المسحوقون في كل مكان من أرض العراق.
الانفتاح.. قاعدة
يتبنى الإمام السيستاني الانفتاح والحوار قاعدة فكرية أساسية ثابتة في علاقته بالأحزاب والحركات والتنظيمات الوطنية والإسلامية العراقية ويعتبرها جزءاً من نسيج الساحة ومحوراً مهماً من محاور الارتقاء بالبلد وتجسيد إرادته والتعبير عن حركته باتجاه الأمن والاستقرار والعافية وهذا الأمر محكوم برأي الإمام بمجموعة من الشروط والمواصفات الواجب توفرها في الحزب والتنظيم والحركة وإلا فقدت شرعية انفتاحه عليها ومن تلك الشروط والمواصفات الوطنية التي تلبي حاجة الوطن والمواطن وتخدم أغراضه وتلبي حاجاته وضروراته السياسية وأن تكون بخدمته ولا يكون بخدمتها كما جرت العادة في سياق الأحزاب السياسية العربية والعراقية أو كما جرت العادة عندما أخضع حزب السلطة البلد والسيادة والإنسان والثروة بخدمته وخدمة أغراضه وحروبه ومشاكله وعصابته المتمردة على القانون والتشريعات الإنسانية والوضعية والسماوية.
وبنفس القوة التي ينفتح بها الإمام على الأحزاب السياسية الوطنية ويبادلها الرأي ويناقش باستمرار معها شؤون البلد والمستقبل وآفاق التنمية والاستقلال وبناء الحياة السياسية الجديدة يقيم أقوى العلاقات مع المرجعية الدينية في العراق والعالم العربي والإسلامي إيماناً منه أن المؤسسة الدينية تمثل قيادة الأمة مثلما تتحمل أعباء ومسؤوليات الحركة السياسية ولا مناص من التباحث معها وتأسيس فضاء الحوار البناء من أجل الوصول إلى نتائج مرضية وجدية على صعيد العراق والعالم الإسلامي لكنه يقف بنفس القوة ضد التوجهات السياسية التي تثير الغبار على المفهوم الأنقى والأطهر للمرجعية الدينية ووجودها وحكمتها في حياة العراقيين ويقولها صراحة في إحدى مواقفه لوكلائه وجموع من المؤمنين أن تصرفات هذه التوجهات والتيارات والجماعات لا علاقة لها بالإسلام وإن غلفت بإطار العمل الإسلامي لأن القاعدة خدمة الناس وليس تحويل الناس إلى خدم لتلك القواعد والأحزاب والتيارات.
في رسالة بعث بها جمع من المؤمنين لسماحة الإمام القائد آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله) يؤكد سماحة الإمام موقفه الرافض لتصرفات وسلوكيات هذه الجماعات في الساحة العراقية تقول الرسالة:
مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الأعلى علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قام بعض المعممين بافتتاح مكاتب تحمل عنوان (الحوزة العلمية في النجف الأشرف) في محافظات القطر وأخذوا على عاتقهم استلام المواد المسروقة من أموال الدولة والتصرف فيها ببيعها وتوزيع المبالغ على المنتسبين للمكتب أو صرفها في موارد أخرى، وتارة يقومون باستلام الخمس ممن اشترى مادة مسروقة وبهذا التخميس تصبح المادة المسروقة ملكاً لمشتريها، ويستخدمون سيارات حديثة مسروقة من أموال الدولة وقد كتب عليها (خدمات الحوزة العلمية)، ويتدخلون في شؤون الدوائر الصحية والتربوية والخدمية كالمستشفيات والمدارس ومحطات الوقود وغيرها مما أدى إلى استهجان هذه التصرفات من قبل المنتسبين خصوصاً والمجتمع عموماً وألقوا باللوم على الحوزة العلمية، فصورة هذه المؤسسة المقدسة بدأت وللأسف الشديد تهتز في أنظار الكثيرين إذا لم تعلن الحوزة العلمية موقفها من هذه التصرفات، ومن دافع المسؤولية الشرعية نعرض أمام نظر كم الشريف هذه الأسئلة راجين الإجابة عليها:
1ـ هل أن لهذه المكاتب صفة شرعية أو أنها مأذونة ومخولة من قبلكم؟
2ـ ما رأي سماحتكم في مثل هذه التصرفات التي يقومون بها؟
3ـ هل من كلمة توجيهية للناس حول التعامل مع هؤلاء الأشخاص والمكاتب التي تقوم بهذه الأفعال؟
يجيب الإمام على السؤال الأول بقوله:
«بسمه تعالى، هذه المكاتب غير مخولة من قبلنا ولا علاقة لنا بها».
ويجيب على السؤال الثاني:
«لا نصحح هذه التصرفات ونرى ضرورة الابتعاد عنها وقد أكدنا ذلك لجميع الوكلاء والمعتمدين وغيرهم من طلبة العلوم الدينية منذ بداية الأحداث الأخيرة».
ويجيب على السؤال الثالث بقوله:
«ننصح المؤمنين ـ وفقهم الله تعالى لمراضيه ـ بأن لا يعتمدوا إلا على من يتفوق بعلمه وورعه وتقواه والتزامه التام بتوجيهات المرجع الذي يقلدونه والله الموفق» (29/ع 2/1424هـ).
إن هذه المواقف من شأنها أن تحيد الإمام المرجع من مجمل ممارسات التيارات والتوجهات (الدينية) المسيئة للشريعة الإسلامية وموروث التاريخ العراقي وتجعله بمنأى عن تلك الممارسات فضلاً عن كون الإمام أكد رأيه الحازم منها ومن أفعالها في أوساط المجتمع العراقي.
(تدخل شخصي من الكاتب)
إن انهيار النظام السابق بكل مساوئه وخطاياه وإجرامه وعدوانه المستمر ضد الشعب العراقي هو انهيار لحقبة سوداء من تاريخ العراق السياسي والاجتماعي وحين يكون انهيار النظام بهذا الشكل فإن النخبة السياسية الجديدة وتياراتها وتوجهاتها السياسية في البلاد يفترض أن تمارس فعل الأمة لا فعل الحزب والتيار وتترجم ثقافة الأمة التواقة للحرية والديمقراطية واستعادة الثروة أما أن تقوم بعض النخب والجماعات التي تشتغل بعنوان الحوزة العلمية والحوزة منها ومن أفعالها بُراء فهو يوُجب على القيادة السياسية والدينية والروحية الوطنية المخلصة للبلاد أن تتصدى بحزم وقوة لهذه الجما عات المتخلفة التي أظهرت للشعب العراقي تفاهة الخطاب وتفاهة الممارسة وسوء تقدير الموقف السياسي والأمني ما دلل بالممارسة أن تلك الجماعات مهما اتسعت دائرة المؤيدين لها والملتفين حولها هي جماعات طارئة واستثنائية ولن تستمر أو تتحول إلى فعل استراتيجي في الأمة ما دامت تحتكم للنزوة الشخصية والنزعة الخطية البعيدة عن جوهر الإسلام وحركيته وفعله المجاهد.
الطريق إلى النظام الوطني
من أولى مهام برنامج الإمام الوطني التخلص من أعباء وجود القوات الأمريكية في العراق والانطلاق نحو تمهيد الطريق لإقامة نظام وطني ومنذ أن بدأت الحركة السياسية الفعلية في البلاد تتجه نحو مبدأ تقرير المصير الوطني أو ما يعرف بنقل السلطة للعراقيين من قوات الاحتلال عبر مشاورات مكثفة تجريها النخبة السياسية العراقية الممثلة بمجلس الحكم العراقي ومسؤولي الإدارة المدنية والإمام مستمر بعقد اللقاءات المكثفة مع زعماء البلاد وقيادات أحزابها السياسية على أن الإمام القائد في كل لقاءاته وحواراته المستمرة يؤكد على مبدأ واحد من دونه لا يستتب الأمن والاستقرار في العراق ويقصد به مسألة إجراء الانتخابات العامة وتفويت الفرصة على التوجهات التي تحاول انتزاع حق الأغلبية الجماهيرية الوطنية المسحوقة وإعادة تركيب الدولة على أسس بعيدة عن جوهر كفاح العراقيين.
يقول نص البيان الصحفي الصادر عن القسم الإعلامي بمكتب سماحة السيد السيستاني (دام ظله) بهذا الشأن.
«بسمه تعالى
التقى سماحة السيد السيستاني دام ظله بالسيد عدنان الباجه جي الرئيس الدوري لمجلس الحكم العراقي حيث شرح لسماحته آخر التطورات فيما يتعلق بالعملية السياسية، كما اطلع سماحته على مضمون الرسالة التي بعث بها إليه السيد كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة بهذا الشأن.
وقد أكد سماحة السيد دام ظله في هذا اللقاء على موقفه من أن الآلية المذكورة في اتفاق 15/11 تشكيل المجلس الوطني الانتقالي لا يضمن أبداً تمثيل العراقيين فيه بصورة عادلة، موضحاً أن الآلية المثلى لتلك هي الانتخابات التي يؤكد العديد من الخبراء إمكانية إجرائها خلال الأشهر القادمة بدرجة مقبولة من المصداقية والشفافية.
وأضاف سماحته أن المجلس الوطني الانتقالي إذا تم تشكيله بآلية لا تحظى بالشرعية المطلوبة فإنه لن يكون بمقدوره ولا مقدور الحكومة المنبثقة من القيام بالمهام المعهدة لها والتقيد بالجدول الزمني المحدود للفترة الانتقالية، ولسوف يبرز من جراء ذاك مشاكل جدية، ويزداد الوضع السياسي والأمني تأزماً.
كما أكد سماحته على أن القانون المؤقت لإدارة الدولة العراقية والاتفاقية الأمنية يجب أن يعرض على ممثلي الشعب العراقي في المجلس الوطني الانتقالية للتصديق عليهما تأميناً لشرعيتها.
وتطرق سماحة السيد دام ظله في اللقاء إلى ضرورة الحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً كما أكد على أهمية أن يكون للعراق أوثق العلاقات وأمتنها مع محيطه الإقليمي ولا سيما الدول العربية الشقيقة».
شراكة الهم
يتدخل الإمام المرجع بالمفاصل المهمة في الحياة الاجتماعية والسياسية العراقية كما أسلفنا ويلتقط الأفكار المضيئة ويدفع باتجاه المساهمة في إحياء نمط العلاقات الاجتماعية والسياسية المتكافئة، هذه هي وظيفة المرجع الديني بوصفه قيادة فعلية في الأمة ولهذا فهو يشارك بقوة في الهم الوطني العام ويفتي بقوة لمنع المظاهر الدخيلة والوافدة على المجتمع العراقي ولذلك نلحظ في فتاوى الإمام السيستاني لغة حادة وهو يعبر عن استهجانه لمجمل السلوكيات والممارسات البعيدة عن الذوق العام فضلاً عن ابتعادها وتخلفها عن نمط الممارسات والأفعال القريبة أو البعيدة عن الشريعة الإسلامية وهي دلالة عميقة عن رؤية أعمق لمسيرة البلاد ومستقبلها وتصور حقيقي لما يفترض أن تكون عليه البلاد لمرحلة ما بعد السقوط المفاجئ للنظام الفاشي في بغداد.
تقول صحيفة «الشرق الأوسط» في عدد (الثلاثاء 13/1/2004) وتحت عنوان عريض يتحدث عن مركزية الوجود السياسي للمرجع الإمام السيستاني (أن آية الله العظمى السيد السيستاني يتمتع بشخصية كارزمية في أوساط المجتمع العراقي ويعيش حياة الكفاف والبساطة والتواضع في مدينة العلم (النجف الأشرف) ويسكن بيتاً للإيجار وهو المرجع الديني الذي تتدفق مليارات الدولارات على يديه من مختلف دول العالم ويتصدى بقوة للشأن السياسي كأبرز مرجعية دينية في العراق هذا اليوم ويتصرف في المرحلة الحالية التي يمر بها العراق بأوضاع استثنائية وكأنه القائد الفعلي للحركة السياسية ويتطلع كغيره من زعماء البلاد إلى رؤية الشعب العراقي وقد خرج من أوضاعه السياسية والأمنية المرتبكة إلى حياة الحرية والاستقلال الفعلي).
وبالعودة إلى الفتاوى الشرعية الاستثنائية التي أصدرها الإمام جواباً على أسئلة قدمت لسماحته بشأن بعض التفاصيل الضرورية للحياة العراقية نقول: أن الإمام يحترم الفتوى الشرعية وقيمتها وتوقيتها ولا يكثر من هذه الفتاوى رغم أن المرحلة الحالية والمشاكل المعقدة التي يمر بها العراق على مستوى الأفراد والجماعات تتطلب سرعة في إنجاز الأحكام الشرعية والإجابة على الأسئلة التي ترد مكتب سماحته باستمرار.
إن اختيار الإمام لفتاواه تأسيس لمنهج مختلف في إنتاج الفتوى الشرعية يعيد للفتوى قيمتها وحجمها وحضورها وقدرتها على الفعل والتأثير بعد أن مرت وتمر الفتوى الشرعية بمراحل وفضاءات من التراجع عن تلك القيمة بفعل أسباب تعود بمجملها إلى ظاهرة الاستسهال بإصدارها وزجها في تفاصيل المعترك السياسي ـ تلك التفاصيل التي تسيء للفتوى وشرعيتها ولا ترتفع بها إلى مستوى القيمومة والأهلية واعتبارها السقف والقاعدة كما درجت عليه على ألسنة الفقهاء والعلماء والمجاهدين (حفظهم الله).
يقول السؤال:
ـ سيدنا الكبير
تعاني البلاد حالياً من أزمة حادة في المشتقات النفطية كالبنزين ومن أهم أسبابها الأساسية عمليات التهريب التي تشهدها البلاد بشكل واسع ويمارسها فئات من الناس عمداً وغرضهم محاولة العبث والفتنة وزعزعة الاستقرار وابتزاز المواطنين وتعريضهم لعمليات الاستغلال مما تؤدي إلى الشحة في توفير المشتقات وزيادة الطوابير على محطات الوقود وخاصة في المناطق الوسطى في العراق فما رأي سماحتكم في الذين يمارسون مثل هذه العمليات عبر الحدود والمرافئ وفي داخل البلاد وضمن المدن حيث يتم تهريبها وتخزينها وبيعها ثانية بشكل غير مشروع على المواطنين وبأسعار مرتفعة جداً حفظكم الله للإسلام والأمة عزاً وملاذاً.
يجيب الإمام السيستاني (حفظه الله) بالقول:
«بسمه تعالى هذا حرام كله والربح المستحصل منه سُحت والله الهادي» (3/هـ ق/1424هـ).
علي الحسيني السيستاني (الختم الشريف)
الإمام والحركة الدستورية
حين نتحدث عن دستور مؤقت للعراق فيفترض أن نأخذ بنظر الاعتبار الشروط والخصائص والميزات الأساسية التي يؤسسها الإمام ويعتقد بها ركيزة لهوية المجتمع العراقي الجديد بعد أن مر هذا المجتمع بجملة هائلة من التحولات السياسية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية التي غيرت مجرى تاريخه ونقلته إلى حيز أخر يبدو أن المشهدية الراهنة تتحكم بإيقاعه وحركته السياسية.
لذلك ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار أن صياغة قانون إدارة الدولة العراقية (الدستور المؤقت) أنجزت من دون أن تلحظ حجم التحولات السابقة حيث جاءت مجمل الصياغات خالية من مضمون استشراف أفاق التحولات التي جرت في العراق مضافاً إلى ذلك إن هذا القانون صيغ في وقت يشهد العراق أوضاعاً سياسية واجتماعية وعسكرية واقتصادية غير عادية فيما العراق محتل والقوات الأميركية تسيطر على كل الأراضي العراقية والسيد بـريمر الحاكم المدني الاميركي هو الوصي على مجلس الحكم الانتقالي وقراراته لأنه المالك الحقيقي أميركياً للقرارات والتوصيات المتعلقة بإدارة الدولة وقد ظهر ذلك جلياً وأقصد بذلك البصمات الواضحة في الصياغات العامة والرئيسية التي تستهدف مستقبل العراق وعلاقاته مع جواره العربي والإقليمي والدولي.
إن الجماعات السياسية التي اشرفت على صياغة هذا القانون قد ثبتت خلفياتها ومصالحها السياسية والحزبية والكيانية والمناطقية والطائفية والإثنية وغلبتها على سياق المصالح الوطنية العليا لعراق موحد مستقل ذي سيادة طالما دعت الأحزاب والقوى السياسية التي أشرفت على الصياغة إليه باعتباره الغاية النهائية لنضالاتها الوطنية ضد قمع واستبداد وعهد النظام السابق.
ولذلك كان طبيعياً أن تتسارع وتتزايد الاعتراضات من بين صفوف من وقعوا عليه حال خروجهم مشهدية قاعة الاحتفالات ومواجهتهم للوطن والمواطن العراقي وأيضاً ينبغي أن لا نغفل أن الجماعات السياسية والأحزاب والأفراد المشاركين في مجلس الحكم الانتقالي لا يمثلون كافة شرائح وقطاعات المجتمع العراقي ومن الخطأ الكبير اعتبار الأعضاء الخمس والعشرين الممثلين بهذا المجلس هم كل الأطياف السياسية والاجتماعية الوطنية والإسلامية في العراق لأن العراق الكبير بحدود حضارته العربية الإسلامية وبحدود ما أنجز عبـر تاريخه السياسي الطويل ومن خلال القراءة الفاحصة للتحول العسكري والميداني الذي شهد سقوط النظام في 9/4 من السنة الفائتة أكبـر من أن يستوعب بمجموعة سياسية تعدادها خمسة وعشرون شخصاً وإن كان هؤلاء الأشخاص يمثلون أحزاباً سياسية في الساحة العراقية.
من هنا فإن الكثير مما حدث كان يمكن تجنبه في حال جرى عرض مسودة القانون على الجمهور والفعاليات والنقابات والمؤسسات والنخب الفكرية والثقافية وفوق هذا وذاك المرجعيات الدينية العراقية أما وقد تم الأمر باللحاظات السياسية التي ظهر عليها قانون إدارة الدولة العراقية فإن مجلس الحكم ارتكب خطيئة وطنية واضحة أو فاضحة بوضع الجميع أمام ما نطلق عليه دائماً وبصيغة الاستنكار وعدم الرضى (الأمر الواقع) من خلال ظهور كامل أعضاء مجلس الحكم سواء كانوا هم أو من ناب عنهم وتوقيعهم على القانون ويبدو أن بعض الأعضاء الذين لم يشاركوا في مشهدية تمرير هذا القانون ارتأوا عدم الحضور لأسباب شخصية وليس لأسباب سياسية وإلا لو كانت ا لأسباب موجبة ويمكن التوقف عندها لقرر المتغيبون عدم الحضور أساساً في جلسات صياغة قانون الدولة العراقية المؤقت ولو تم الأمر بهذا الشكل لكانوا ظهروا أمام جمهورهم الخاص وشرائح المجتمع العراقي العام بصورة أقوى ولكان موقفهم أكثر أصالة وحيوية وفاعلية من الموقف الذي ظهروا عليه بعد إقرار القانون.
إن التحفظات التي أبداها الإمام السيستاني بعد صدور القانون يقف وراءها فعلياً ويفسرها ردود الفعل الأولية الجماهيرية والسياسية التي بـرزت على القانون من مرجعيات دينية وشخصيات ومثقفين ونخب واتجاهات اجتماعية شتى هالها ما جرى التواطؤ والاتفاق عليه في جنح الظلام العراقي الطويل فسعوا عبـر إبـراز تحفظاتهم بعد التوقيع إلى تخفيف وقع المسؤولية عن أنفسهم وإبـرازهم في موقع أخر أمام الجمهور السياسي الخاص والعام والمرجعيات الدينية وهذا لا يمكن بالمطلق أن يعفيهم من المسؤولية بأي شكل من الأشكال.
إن صدور القانون بهذا الشكل يعطل إمكانية إصدار دستور دائم يؤسس لعراق موحد ديمقراطي يتمتع بالسيادة الكاملة على أراضيه ويتمتع مواطنه بغض النظر عن عرقه أو مذهبه أو قوميته أو رأيه السياسي بكل حقوق المواطن بما يعيد للعراق حضوره التاريخي في الساحة العربية والإسلامية مركز فكر ومعرفة وثقافة وملتقى للطرق التجارية الإقليمية والدولية ودوره المفترض على الصعيد الإقليمي العربي والدولي السياسي والأمني والأهم من هذا أنه يضع فعلياً الخاتمة النهائية لكل ما يربط العراق أرضاً وشعباً وسيادة وتطلعاتٍ وأهدافاً بعهد النظام السابق.
في هذا الإطار أيضاً يمكن أن نؤكد أن مجمل الإشارات والاستثناءات والتمييز الذي ظهر في قانون إدارة الدولة والخاص بالوضع الكردي ينم عن إشكال حقيقي وعن أشكال من التعاطي تؤشر لحكم كونفدرالي وليس إلى حكم فيدرالي وبهذا فإن التصاعد الكبير في ميل بعض أوساط المجتمع الكردي وأحزابه وقواه السياسية المهمة للتجزئة والاستقلال والاستفراد بموارد شمال العراق وتقاسم الحصص مع الحكومة المركزية وتثبيت مصطلح (حكومة إقليم كردستان) في سياق النصوص التي تتحدث عن علاقة المركز بشمال الوطن يتناقض والاتجاهات العالمية المنتشرة والأخذة في النمو بعالمنا المعاصر نحو التوحد في كيانات وإطارات أكبـر أن لم نقل كيانات كبـرى مثل الاتحاد الأوروبي بتنوعه الإثني والعرقي واللغوي والحضاري حيث ابتنى هذا الاتحاد كما يعرف مجلس الحكم والأكراد والأميركيون والأوروبيون بـرلماناً موحداً وسوقاً و احدة وعملة واحدة ومنطقة جمركية واحدة وهو على طريق تشكيل حكومة موحدة أيضاً في المستقبل القريب.
إن هذا الدستور المليء بالنواقص والثغرات والارتباكات اللغوية والصياغات الجادة يفترض أن لا يسري مفعوله إلى ما بعد 30/6 موعد تسليم السلطة للعراقيين وخروج القوات الأميركية من العراق لأن سريانه سيحد من إمكانية قيام الدولة العراقية العادلة والوطنية التي ينتظرها العراقيون بشغف كبير بعد أكثر من ثلاثة عقود من وجود المنظمة السرية وأجهزتها الأمنية القابضة واستهتارها بالثروات والأرواح والسيادة الوطنية وسيمنع المواطن العراقي العربي والتركماني والكردي من التمتع بحقوقه الكاملة نظراً للبون الشاسع ما بين نظرية قانون الإدارة الذي ظهر بصورته الح الية وتطبيقات الواقع العراقي الجديد.
وإذا كان لا بد من ذكر القوميات بالاسم وتحديد مسؤولياتها وواجباتها الوطنية في إطار الدولة الديمقراطية الحديثة فيجب ذكر القومية التركمانية كقومية ثالثة تقف بموازاة القوميتين العربية والكردية بلحاظ النسبة السكانية التركمانية التي تتجاوز الـ 11% من مجموع سكان العراق. وإلا فنحن مع إقرار قانون لإدارة الدولة تحذف بموجبه عبارة وجود الأديان والقوميات والمذاهب والتأكيد على خصوصية الجنسية العراقية كهوية جديدة لمكونات المجتمع العراقي الحديث.
إن قانون إدارة الدولة العراقية يجب أن يتمتع بكل خصوصيات التفرد بالقرار العراقي الذي يخرج من عباءة الجماعة من دون أن يستخدم أحدٌ ما يسمى بـ(حق النقض) كما يجري العمل به وبفوقية غير مبـررة وعنجهية واضحة من قبل بعض الأطراف الكردية وفي هذا الإطار نشدد على ضرورة إزالة كل أثار الفيتو الكردي وعدم وضع الأكراد في موضع يشعر معه باقي شرائح المجتمع العراقي بالغيرية السياسية رغم أن بقية الشرائح نالها من الضيم والحصار والعزلة والتعسف بشكل متساوٍ مع الأكراد إن لم يكن أكثر منهم.
إننا نشعر أن الكثير من الفئات الاجتماعية والسياسية والقومية والدينية لم يتمتعوا وفق قانون إدارة الدولة العراقية الجديد بالحقوق الطبيعية التي يفترض أن تتمتع بها كافة الطبقات الاجتماعية في العراق.
ولذلك نقول أن الصيغة الدستورية المؤقتة التي خرجت من مجلس الحكم وباحتفالية سياسية شاركت بها قوات التحالف الدولي والحاكم المدني الأميركي في العراق بول بـريمر هي صيغة تخدم شريحة من شرائح المجتمع العراقي (الأكراد) ولا تخدم كل الشعب العراقي. فضلاً عن أن هذه الصيغة يراد لها أن تكون صيغة دائمة بفعل وجود ضغط واضح من قبل بعض الأطراف القومية في مجلس الحكم مع أن تلك الصيغة لا تمتلك شروط البقاء والاستمرار بفعل اشتراطات موعد تسليم السلطة إلى العراقيين أولاً ولكون مجلس الحكم الحالي هو مجلس معين وليس مجلساً منتخباً.
إن الدستور الحالي من وجهة نظر الإمام السيستاني سيمكن جهات سياسية تدعي الانتماء لسيادة العراق العمل على إنتاج عراقٍ مختلف عن تاريخه وهويته وحضارته العربية والإسلامية إلى عراقٍ مدجن بمشاريع وأيديولوجيات وكانتونات سرعان ما تخرج من نواياها الحسنة في إطار ما كان يسمى المعارضة العراقية إلى التصريح العلني بضرورة الخروج من دائرة العراق العربي الكردي التركماني الآشوكلداني إلى صيغ سياسية لا علاقة لها بالعراق شبيهة بوضع جزيرة قبـرص فهناك جزيرة واحدة بحكومتين واحدة للأتراك والأخرى لليونانيين وربما ستنشأ في العراق القادم وبفعل التساهل الذي أبداه أعضاء مجلس الحكم مع الزعامات الكردية التقليدية حكومتان في الشمال يتناصفهما الزعيمان الكرديان كما هو حاصل اليوم في كل من السليمانية وأربيل!.
وهنا وبناء على إدراكنا لقيمة الملاحظات التي أبداها الإمام السيستاني حول قانون إدارة الدولة العراقية فقد كان لنا موقف ووقفة من بعض النصوص المرتبكة لغوياً ودستورياً وسياسياً عبر تسليط الضوء الكاشف عليها وإضاءة الزوايا المعتمة فيها. على أن هذه الملاحظات ربما تكون الأهون من بين مثيلاتها من الملاحظات في الساحة العراقية. وملاحظاتنا هي كالتالي:
نصوص دستورية وملاحظات:
يقول النص (إن الشعب العراقي إذ يقوم الآن بالعمل على استرداد سيادته التي اغتصبها النظام الاستبدادي طويلاً، هذا العمل الهادف إلى الحفاظ على وحدة وطنه بـروح الأخوة، رافضاً العنف والإكراه بصفتهما من أساليب الحكم، وإذ صمم على أن يظل بعد الآن شعباً حراً يسوسه حكم القانون، فقد وضع هذا القانون لإدارة شؤونه خلال المرحلة الانتقالية المؤدية إلى ديمقراطية كاملة حين تظهر إلى حيز الوجود حكومة منتخبة تعمل في ظل دستور دائم وشرعي، فينتهي بذلك مفعول هذا القانون).
بيان الرأي:
إن مسألة السيادة مسألة جوهرية في حياة الشعب العراقي وإذا كان الحديث عن السيادة مهماً عند الأخوة في مجلس الحكم فيفترض أن يتم الحديث عنها في إطار العمل الوطني العراقي العام من أجل استرداد السيادة كاملة غير منقوصة لأن البلد محتل فعلياً من قبل القوات الأمريكية وهذا الاحتلال أفقده عملياً سيادته بشكل كامل.
صحيح أن النظام السابق اغتصب السيادة العراقية بأساليبه الإرهابية وعنفه ضد العراقيين وتحويله للعراق إلى مزرعة يسوسها أبناء السلطة لتمتد بعد ذلك وبالوراثة العفلقية المتعارفة إلى أبناء أبناء السلطة. لكن عملياً العراق الآن مغتصب السيادة ومن المفترض أن تكون الفقرة الأخيرة مقدمة تؤكد أن هدف هذا القانون هو إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية وتشطب عبارة استرداد السيادة التي اغتصبها النظام. لأن الشعب العراقي عملياً موجود في هذه السيادة رغم كل عمليات القمع التي مورست ضده.
إن السيادة مسألة وجودية حتى وإن لم ينجز المجتمع المقموع كل اشتراطات حريته في ظلالها فإما أن نخرج السيادة من إطار الاغتصاب السابق والاحتلال الحالي وإما أن نتحدث عن السيادة بمفهوم تمتع المجتمع العراقي الحديث بكل الحقوق التي تؤهله للعيش بوئام واستقرار في ظل دولته الوطنية العادلة التي يترقبها بعد انتخابات 2005.
الباب الأول ـ المبادئ الأساسية
المادة الثانية:
(أ) ـ يسري مفعول هذا القانون في محافظات العراق كافة، ويعتبـر ملزماً لجميع المؤسسات الحكومية العراقية سواء كانت في المركز أو غيره. ولا يجوز تعديله في المرحلة الانتقالية، كما يعتبـر أي نص مخالف له باطلاً أينما ورد.
بيان الرأي:
إن هذا التعبير يحمل مخاطر أكيدة على مستوى السيادة العراقية ومستقبل بقائها واستمرارها فلأول مرة يتحدث قانون لإدارة الدولة بصيغة المحافظات لا بصيغة السيادة الجغرافية الواحدة فثمة أراضٍ تقع خارج إطار المحافظات وهناك أراضٍ تخضع للحكومة المركزية (محميات مناطق حرة، مناطق محايدة، مناطق متنازع عليها، مقرات الحكومة المركزية)، تجد أمثلة ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية فهناك أمن فيدرالي وجيش فيدرالي ومحميات فيدرالية..الخ. والسيطرة عليها للحكومة الفيدرالية المركزية.
وبخصوص إلزام الدستور لجميع المؤسسات الحكومية العراقية فيفترض أن ننبه إلى أن الدستور لا يتوجه بالإلزام إلى المؤسسات فقط بل هو ناظم للعلاقات بين الشعب والمؤسسات ومجموع الأمة بكافة شرائحها تعمل بهديه سواء كانت مؤسسات حكومية أو غير حكومية وكذلك الأفراد والجماعات.
المادة الثالثة:

كتاب في حلقات
كتابات - لـ عمار البغدادي
الإمام السيستاني رؤية من الداخل
الفصل الثالث
دلالات الموقع
إن قوة الإمام السيستاني السياسية في الشارع العراقي لم تتوكأ على قاعدة الحزب والاتجاه والتحالف السياسي الذي ينظمه هذا الخيار الحزبي أو السياسي أو ذاك.. ولم يشتغل بأدوات إرث هذا المرجع أو ذاك المرجع ولم يسمح لأحد من وكلائه المنتشرين في كافة أنحاء العراق العمل وفق هذه القاعدة التي أثبتت فشلها في استيعاب زخم الحركة السياسية في الأمة بل انطلق لبناء جسور علاقات الأخوة والأبوة وفق أسس الشرعية التي يتمتع بها المرجع ومواصفاته وشروطه التاريخية في الأمة.
إنه الإمام الزاهد بالمناصب السياسية الذي حذر وكلائه والمؤسسة الدينية من الدخول في العمل الحكومي والسياسي المباشر عبر تسلم مواقع ومهام مباشرة في الحياة السياسية وحدد علاقة المؤسسة الدينية بالحياة السياسية وفق قواعد التوجيه والتسديد والنصح والدعم على أن يبقى رجل الدين خارج فضاء المسؤوليات السياسية التي تُحَتم عليه الدخول بقوة في الأعمال والأفعال السياسية المباشرة.
وقد بدأ الإمام في تأسيس هذا الفضاء من خلال البدء بنفسه عبر الابتعاد عن الدخول في تفاصيل الحياة السياسية والإشراف على مبادئها وثوابتها وكُلياتها الوطنية الأمر الذي ترك انطباعاً في الشارع العراقي أن الإمام السيستاني لا يطالب بمنصب سياسي ولا يدافع عن طموحات وأهداف العراقيين من أجل تغليب صوت المؤسسة الدينية على صوت الجماهير وسيادة البلاد وأعطى انطباعاً حقيقياً عن دور القائد الذي يمارس مسؤوليته السياسية بكبرياء الفقهاء المترفعين عن تفاصيل الحياة وتعقيداتها لكنهم يتفانون ويقدمون أنفسهم رخيصة من أجل حقيقة الدين وحقيقة جوهر العلاقات الإنسانية وأهداف ومطالب المسحوقين من أبناء الإسلام يظهر هذا الأمر جلياً في مجمل التصريحات السياسية وآراء المرجع الديني الكبير التي يدافع فيها عن أهداف الشعب العراقي من دون أن يكون له نصيب في السياسة ومواقعها لإيمانه أن العراقيين لابد لهم من زعيم يعبر عن طموحاتهم لا عن زعيم يجسد العراقيون طموحاته وأهدافه الشخصية في الحياة السياسية.
في سؤال وجه لسماحة الإمام يتعلق بمصير العراقيين عبر قرار لسلطة الاحتلال تشكيل مجلس لكتابة الدستور العراقي فكانت إجابة سماحته منسجمة مع كليات مصالح العراقيين السياسية والاجتماعية يقول السؤال:
ـ سماحة سيدنا ومرجعنا المفدى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعلنت سلطات الاحتلال في العراق أنها قررت تشكيل مجلس لكتابة الدستور العراقي القادم وأنها ستعين أعضاء هذا المجلس بالمشاورة مع الجهات السياسية والاجتماعية في البلد ثم تطرح الدستور الذي يقره المجلس للتصويت عليه في استفتاء شعبي عام. نرجو التفضل ببيان الموقف الشرعي من هذا المشروع وما يجب على المؤمنين أن يقوموا به في قضية إعداد الدستور العراقي؟
(جمع من المؤمنين)
20/ربيع الآخر /1424هـ
يجيب سماحة الإمام بالقول:
«بسمه تعالى إن تلك السلطات لا تتمتع بأي صلاحية في تعيين أعضاء مجلس كتابة الدستور، كما لا ضمان أن يضع هذا المجلس دستوراً يطابق المصالح العليا للشعب العراقي ويعبر عن هويته الوطنية التي من ركائزها الأساس الدين الإسلامي الحنيف والقيم الاجتماعية النبيلة، فالمشروع المذكور غير مقبول من أساسه، ولابد أولاً من إجراء انتخابات عامة لكي يختار كل عراقي مؤهل للانتخاب من يمثله في مجلس تأسيسي لكتابة الدستور، ثم يجري التصويت العام على الدستور الذي يقره هذا المجلس، وعلى المؤمنين كافة المطالبة بتحقيق هذا الأمر المهم والمساهمة في إنجازه على أحسن وجه، أخذ الله تبارك وتعالى بأيدي الجميع إلى ما فيه الخير والصلاح والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته»(25/ع 2/1424هـ).
علي الحسيني السيستاني
(الختم الشريف)
إن الإمام السيستاني يؤكد في هذه الفتوى الشرعية الموقف السياسي لفقيه الأغلبية المسحوقة التي تطالب باستعادة (حقوقها التاريخية المشروعة في الثروة والسيادة والحرية والديمقراطية والدولة العادلة وإحلال نظام له علاقة بتطور المجتمع) وليس نظاماً يأتي على ظهر شاحنة عبر انقلاب عسكري يحتل القصر الجمهوري ليحتل بعدها السيادة ويصادر الثروة ويعمق الهوة بين الأرض والإنسان وبين الحقوق والمطالب وبين المجتمع وضرورة أن يكون لديه دولة تعبر عن ذاته التاريخية وموروثه العقيدي والديني والسياسي والحضاري والإنساني وتجسد خياره الاستراتيجي في الحياة التي يفترض أن يحياها بكرامة.
إن الإمام المرجع يجسد في فتواه الشرعية هذه موقفه من مبدأ المواطنة فيجعل السلطة السياسية أدنى من قيمة المواطنة المفترضة التي يعتقد الإمام أنها هي السلطة الأولى وليست (الرعية) التي تطيع الحاكم وتنفذ إرادة الدولة السياسية وفي هذا يضع الإمام ركائز لمبدأ المواطنة لكي يضع بالتالي الشروط الأساسية لمبدأ الانتخاب.
ومن بين الركائز حاكمية الدين الإسلامي الحنيف، والقيم الاجتماعية النبيلة، والنخبة السياسية الوطنية القادرة على إدارة العملية السياسية (الانتخابات) لكي يختار العراقيون من يمثلهم في مجلس كتابة الدستور.
إن السيستاني المرجع لا يريد إعادة المجتمع العراقي إلى عصر النظام السابق الذي كان يدير شؤون العراق بمصادرة رأي النخبة السياسية الوطنية المخلصة وقمع توجهاته بقوة الحديد والنار وتحويل الدولة إلى مزرعة لقبائل السلطة وعشائرها وغلمانها ونسائها وشرطتها وأجهزة مخابراتها.
لقد كان العراق مزرعة لولدان السلطة وغلمانها ونسائها وقبائلها السياسية وقد حرم العراق والعراقيون من نعمة التمتع بشروط المواطنة والعيش في ظلال بلدهم بسبب قيام السلطة بأكبر عملية اغتصاب لشروط المواطنة العراقية الحقيقية وما يؤكده الإمام اليوم من توجهات وإحلال لمبدأ الانتخاب لكي يأتي لمهمة كتابة الدستور الرجال العراقيون الحقيقيون الطالعون من حقول الصُبير والمعاناة والقهر والمقابر الجماعية لا يصب إلا في إطار إخراج العراق من دائرة الاستبداد والقهر السياسي والتخلف الاجتماعي والاقتصادي والبداوة إلى دائرة الازدهار والأمن والتنمية وبلوغ مراتب الاجتهاد والعافية السياسية والاجتماعية ووضع العراق على سكة العافية وترك العراقيين يختارون من يمثلهم بكل حرية. فلا سلطة فوق سلطة مبدأ الانتخاب ولا حاكمية فوق حاكمية قانون الإرادة السياسية التي يمثلها المسحوقون في كل مكان من أرض العراق.
الانفتاح.. قاعدة
يتبنى الإمام السيستاني الانفتاح والحوار قاعدة فكرية أساسية ثابتة في علاقته بالأحزاب والحركات والتنظيمات الوطنية والإسلامية العراقية ويعتبرها جزءاً من نسيج الساحة ومحوراً مهماً من محاور الارتقاء بالبلد وتجسيد إرادته والتعبير عن حركته باتجاه الأمن والاستقرار والعافية وهذا الأمر محكوم برأي الإمام بمجموعة من الشروط والمواصفات الواجب توفرها في الحزب والتنظيم والحركة وإلا فقدت شرعية انفتاحه عليها ومن تلك الشروط والمواصفات الوطنية التي تلبي حاجة الوطن والمواطن وتخدم أغراضه وتلبي حاجاته وضروراته السياسية وأن تكون بخدمته ولا يكون بخدمتها كما جرت العادة في سياق الأحزاب السياسية العربية والعراقية أو كما جرت العادة عندما أخضع حزب السلطة البلد والسيادة والإنسان والثروة بخدمته وخدمة أغراضه وحروبه ومشاكله وعصابته المتمردة على القانون والتشريعات الإنسانية والوضعية والسماوية.
وبنفس القوة التي ينفتح بها الإمام على الأحزاب السياسية الوطنية ويبادلها الرأي ويناقش باستمرار معها شؤون البلد والمستقبل وآفاق التنمية والاستقلال وبناء الحياة السياسية الجديدة يقيم أقوى العلاقات مع المرجعية الدينية في العراق والعالم العربي والإسلامي إيماناً منه أن المؤسسة الدينية تمثل قيادة الأمة مثلما تتحمل أعباء ومسؤوليات الحركة السياسية ولا مناص من التباحث معها وتأسيس فضاء الحوار البناء من أجل الوصول إلى نتائج مرضية وجدية على صعيد العراق والعالم الإسلامي لكنه يقف بنفس القوة ضد التوجهات السياسية التي تثير الغبار على المفهوم الأنقى والأطهر للمرجعية الدينية ووجودها وحكمتها في حياة العراقيين ويقولها صراحة في إحدى مواقفه لوكلائه وجموع من المؤمنين أن تصرفات هذه التوجهات والتيارات والجماعات لا علاقة لها بالإسلام وإن غلفت بإطار العمل الإسلامي لأن القاعدة خدمة الناس وليس تحويل الناس إلى خدم لتلك القواعد والأحزاب والتيارات.
في رسالة بعث بها جمع من المؤمنين لسماحة الإمام القائد آية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله) يؤكد سماحة الإمام موقفه الرافض لتصرفات وسلوكيات هذه الجماعات في الساحة العراقية تقول الرسالة:
مكتب سماحة آية الله العظمى المرجع الديني الأعلى علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف) السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قام بعض المعممين بافتتاح مكاتب تحمل عنوان (الحوزة العلمية في النجف الأشرف) في محافظات القطر وأخذوا على عاتقهم استلام المواد المسروقة من أموال الدولة والتصرف فيها ببيعها وتوزيع المبالغ على المنتسبين للمكتب أو صرفها في موارد أخرى، وتارة يقومون باستلام الخمس ممن اشترى مادة مسروقة وبهذا التخميس تصبح المادة المسروقة ملكاً لمشتريها، ويستخدمون سيارات حديثة مسروقة من أموال الدولة وقد كتب عليها (خدمات الحوزة العلمية)، ويتدخلون في شؤون الدوائر الصحية والتربوية والخدمية كالمستشفيات والمدارس ومحطات الوقود وغيرها مما أدى إلى استهجان هذه التصرفات من قبل المنتسبين خصوصاً والمجتمع عموماً وألقوا باللوم على الحوزة العلمية، فصورة هذه المؤسسة المقدسة بدأت وللأسف الشديد تهتز في أنظار الكثيرين إذا لم تعلن الحوزة العلمية موقفها من هذه التصرفات، ومن دافع المسؤولية الشرعية نعرض أمام نظر كم الشريف هذه الأسئلة راجين الإجابة عليها:
1ـ هل أن لهذه المكاتب صفة شرعية أو أنها مأذونة ومخولة من قبلكم؟
2ـ ما رأي سماحتكم في مثل هذه التصرفات التي يقومون بها؟
3ـ هل من كلمة توجيهية للناس حول التعامل مع هؤلاء الأشخاص والمكاتب التي تقوم بهذه الأفعال؟
يجيب الإمام على السؤال الأول بقوله:
«بسمه تعالى، هذه المكاتب غير مخولة من قبلنا ولا علاقة لنا بها».
ويجيب على السؤال الثاني:
«لا نصحح هذه التصرفات ونرى ضرورة الابتعاد عنها وقد أكدنا ذلك لجميع الوكلاء والمعتمدين وغيرهم من طلبة العلوم الدينية منذ بداية الأحداث الأخيرة».
ويجيب على السؤال الثالث بقوله:
«ننصح المؤمنين ـ وفقهم الله تعالى لمراضيه ـ بأن لا يعتمدوا إلا على من يتفوق بعلمه وورعه وتقواه والتزامه التام بتوجيهات المرجع الذي يقلدونه والله الموفق» (29/ع 2/1424هـ).
إن هذه المواقف من شأنها أن تحيد الإمام المرجع من مجمل ممارسات التيارات والتوجهات (الدينية) المسيئة للشريعة الإسلامية وموروث التاريخ العراقي وتجعله بمنأى عن تلك الممارسات فضلاً عن كون الإمام أكد رأيه الحازم منها ومن أفعالها في أوساط المجتمع العراقي.
(تدخل شخصي من الكاتب)
إن انهيار النظام السابق بكل مساوئه وخطاياه وإجرامه وعدوانه المستمر ضد الشعب العراقي هو انهيار لحقبة سوداء من تاريخ العراق السياسي والاجتماعي وحين يكون انهيار النظام بهذا الشكل فإن النخبة السياسية الجديدة وتياراتها وتوجهاتها السياسية في البلاد يفترض أن تمارس فعل الأمة لا فعل الحزب والتيار وتترجم ثقافة الأمة التواقة للحرية والديمقراطية واستعادة الثروة أما أن تقوم بعض النخب والجماعات التي تشتغل بعنوان الحوزة العلمية والحوزة منها ومن أفعالها بُراء فهو يوُجب على القيادة السياسية والدينية والروحية الوطنية المخلصة للبلاد أن تتصدى بحزم وقوة لهذه الجما عات المتخلفة التي أظهرت للشعب العراقي تفاهة الخطاب وتفاهة الممارسة وسوء تقدير الموقف السياسي والأمني ما دلل بالممارسة أن تلك الجماعات مهما اتسعت دائرة المؤيدين لها والملتفين حولها هي جماعات طارئة واستثنائية ولن تستمر أو تتحول إلى فعل استراتيجي في الأمة ما دامت تحتكم للنزوة الشخصية والنزعة الخطية البعيدة عن جوهر الإسلام وحركيته وفعله المجاهد.
الطريق إلى النظام الوطني
من أولى مهام برنامج الإمام الوطني التخلص من أعباء وجود القوات الأمريكية في العراق والانطلاق نحو تمهيد الطريق لإقامة نظام وطني ومنذ أن بدأت الحركة السياسية الفعلية في البلاد تتجه نحو مبدأ تقرير المصير الوطني أو ما يعرف بنقل السلطة للعراقيين من قوات الاحتلال عبر مشاورات مكثفة تجريها النخبة السياسية العراقية الممثلة بمجلس الحكم العراقي ومسؤولي الإدارة المدنية والإمام مستمر بعقد اللقاءات المكثفة مع زعماء البلاد وقيادات أحزابها السياسية على أن الإمام القائد في كل لقاءاته وحواراته المستمرة يؤكد على مبدأ واحد من دونه لا يستتب الأمن والاستقرار في العراق ويقصد به مسألة إجراء الانتخابات العامة وتفويت الفرصة على التوجهات التي تحاول انتزاع حق الأغلبية الجماهيرية الوطنية المسحوقة وإعادة تركيب الدولة على أسس بعيدة عن جوهر كفاح العراقيين.
يقول نص البيان الصحفي الصادر عن القسم الإعلامي بمكتب سماحة السيد السيستاني (دام ظله) بهذا الشأن.
«بسمه تعالى
التقى سماحة السيد السيستاني دام ظله بالسيد عدنان الباجه جي الرئيس الدوري لمجلس الحكم العراقي حيث شرح لسماحته آخر التطورات فيما يتعلق بالعملية السياسية، كما اطلع سماحته على مضمون الرسالة التي بعث بها إليه السيد كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة بهذا الشأن.
وقد أكد سماحة السيد دام ظله في هذا اللقاء على موقفه من أن الآلية المذكورة في اتفاق 15/11 تشكيل المجلس الوطني الانتقالي لا يضمن أبداً تمثيل العراقيين فيه بصورة عادلة، موضحاً أن الآلية المثلى لتلك هي الانتخابات التي يؤكد العديد من الخبراء إمكانية إجرائها خلال الأشهر القادمة بدرجة مقبولة من المصداقية والشفافية.
وأضاف سماحته أن المجلس الوطني الانتقالي إذا تم تشكيله بآلية لا تحظى بالشرعية المطلوبة فإنه لن يكون بمقدوره ولا مقدور الحكومة المنبثقة من القيام بالمهام المعهدة لها والتقيد بالجدول الزمني المحدود للفترة الانتقالية، ولسوف يبرز من جراء ذاك مشاكل جدية، ويزداد الوضع السياسي والأمني تأزماً.
كما أكد سماحته على أن القانون المؤقت لإدارة الدولة العراقية والاتفاقية الأمنية يجب أن يعرض على ممثلي الشعب العراقي في المجلس الوطني الانتقالية للتصديق عليهما تأميناً لشرعيتها.
وتطرق سماحة السيد دام ظله في اللقاء إلى ضرورة الحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً كما أكد على أهمية أن يكون للعراق أوثق العلاقات وأمتنها مع محيطه الإقليمي ولا سيما الدول العربية الشقيقة».
شراكة الهم
يتدخل الإمام المرجع بالمفاصل المهمة في الحياة الاجتماعية والسياسية العراقية كما أسلفنا ويلتقط الأفكار المضيئة ويدفع باتجاه المساهمة في إحياء نمط العلاقات الاجتماعية والسياسية المتكافئة، هذه هي وظيفة المرجع الديني بوصفه قيادة فعلية في الأمة ولهذا فهو يشارك بقوة في الهم الوطني العام ويفتي بقوة لمنع المظاهر الدخيلة والوافدة على المجتمع العراقي ولذلك نلحظ في فتاوى الإمام السيستاني لغة حادة وهو يعبر عن استهجانه لمجمل السلوكيات والممارسات البعيدة عن الذوق العام فضلاً عن ابتعادها وتخلفها عن نمط الممارسات والأفعال القريبة أو البعيدة عن الشريعة الإسلامية وهي دلالة عميقة عن رؤية أعمق لمسيرة البلاد ومستقبلها وتصور حقيقي لما يفترض أن تكون عليه البلاد لمرحلة ما بعد السقوط المفاجئ للنظام الفاشي في بغداد.
تقول صحيفة «الشرق الأوسط» في عدد (الثلاثاء 13/1/2004) وتحت عنوان عريض يتحدث عن مركزية الوجود السياسي للمرجع الإمام السيستاني (أن آية الله العظمى السيد السيستاني يتمتع بشخصية كارزمية في أوساط المجتمع العراقي ويعيش حياة الكفاف والبساطة والتواضع في مدينة العلم (النجف الأشرف) ويسكن بيتاً للإيجار وهو المرجع الديني الذي تتدفق مليارات الدولارات على يديه من مختلف دول العالم ويتصدى بقوة للشأن السياسي كأبرز مرجعية دينية في العراق هذا اليوم ويتصرف في المرحلة الحالية التي يمر بها العراق بأوضاع استثنائية وكأنه القائد الفعلي للحركة السياسية ويتطلع كغيره من زعماء البلاد إلى رؤية الشعب العراقي وقد خرج من أوضاعه السياسية والأمنية المرتبكة إلى حياة الحرية والاستقلال الفعلي).
وبالعودة إلى الفتاوى الشرعية الاستثنائية التي أصدرها الإمام جواباً على أسئلة قدمت لسماحته بشأن بعض التفاصيل الضرورية للحياة العراقية نقول: أن الإمام يحترم الفتوى الشرعية وقيمتها وتوقيتها ولا يكثر من هذه الفتاوى رغم أن المرحلة الحالية والمشاكل المعقدة التي يمر بها العراق على مستوى الأفراد والجماعات تتطلب سرعة في إنجاز الأحكام الشرعية والإجابة على الأسئلة التي ترد مكتب سماحته باستمرار.
إن اختيار الإمام لفتاواه تأسيس لمنهج مختلف في إنتاج الفتوى الشرعية يعيد للفتوى قيمتها وحجمها وحضورها وقدرتها على الفعل والتأثير بعد أن مرت وتمر الفتوى الشرعية بمراحل وفضاءات من التراجع عن تلك القيمة بفعل أسباب تعود بمجملها إلى ظاهرة الاستسهال بإصدارها وزجها في تفاصيل المعترك السياسي ـ تلك التفاصيل التي تسيء للفتوى وشرعيتها ولا ترتفع بها إلى مستوى القيمومة والأهلية واعتبارها السقف والقاعدة كما درجت عليه على ألسنة الفقهاء والعلماء والمجاهدين (حفظهم الله).
يقول السؤال:
ـ سيدنا الكبير
تعاني البلاد حالياً من أزمة حادة في المشتقات النفطية كالبنزين ومن أهم أسبابها الأساسية عمليات التهريب التي تشهدها البلاد بشكل واسع ويمارسها فئات من الناس عمداً وغرضهم محاولة العبث والفتنة وزعزعة الاستقرار وابتزاز المواطنين وتعريضهم لعمليات الاستغلال مما تؤدي إلى الشحة في توفير المشتقات وزيادة الطوابير على محطات الوقود وخاصة في المناطق الوسطى في العراق فما رأي سماحتكم في الذين يمارسون مثل هذه العمليات عبر الحدود والمرافئ وفي داخل البلاد وضمن المدن حيث يتم تهريبها وتخزينها وبيعها ثانية بشكل غير مشروع على المواطنين وبأسعار مرتفعة جداً حفظكم الله للإسلام والأمة عزاً وملاذاً.
يجيب الإمام السيستاني (حفظه الله) بالقول:
«بسمه تعالى هذا حرام كله والربح المستحصل منه سُحت والله الهادي» (3/هـ ق/1424هـ).
علي الحسيني السيستاني (الختم الشريف)
الإمام والحركة الدستورية
حين نتحدث عن دستور مؤقت للعراق فيفترض أن نأخذ بنظر الاعتبار الشروط والخصائص والميزات الأساسية التي يؤسسها الإمام ويعتقد بها ركيزة لهوية المجتمع العراقي الجديد بعد أن مر هذا المجتمع بجملة هائلة من التحولات السياسية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية التي غيرت مجرى تاريخه ونقلته إلى حيز أخر يبدو أن المشهدية الراهنة تتحكم بإيقاعه وحركته السياسية.
لذلك ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار أن صياغة قانون إدارة الدولة العراقية (الدستور المؤقت) أنجزت من دون أن تلحظ حجم التحولات السابقة حيث جاءت مجمل الصياغات خالية من مضمون استشراف أفاق التحولات التي جرت في العراق مضافاً إلى ذلك إن هذا القانون صيغ في وقت يشهد العراق أوضاعاً سياسية واجتماعية وعسكرية واقتصادية غير عادية فيما العراق محتل والقوات الأميركية تسيطر على كل الأراضي العراقية والسيد بـريمر الحاكم المدني الاميركي هو الوصي على مجلس الحكم الانتقالي وقراراته لأنه المالك الحقيقي أميركياً للقرارات والتوصيات المتعلقة بإدارة الدولة وقد ظهر ذلك جلياً وأقصد بذلك البصمات الواضحة في الصياغات العامة والرئيسية التي تستهدف مستقبل العراق وعلاقاته مع جواره العربي والإقليمي والدولي.
إن الجماعات السياسية التي اشرفت على صياغة هذا القانون قد ثبتت خلفياتها ومصالحها السياسية والحزبية والكيانية والمناطقية والطائفية والإثنية وغلبتها على سياق المصالح الوطنية العليا لعراق موحد مستقل ذي سيادة طالما دعت الأحزاب والقوى السياسية التي أشرفت على الصياغة إليه باعتباره الغاية النهائية لنضالاتها الوطنية ضد قمع واستبداد وعهد النظام السابق.
ولذلك كان طبيعياً أن تتسارع وتتزايد الاعتراضات من بين صفوف من وقعوا عليه حال خروجهم مشهدية قاعة الاحتفالات ومواجهتهم للوطن والمواطن العراقي وأيضاً ينبغي أن لا نغفل أن الجماعات السياسية والأحزاب والأفراد المشاركين في مجلس الحكم الانتقالي لا يمثلون كافة شرائح وقطاعات المجتمع العراقي ومن الخطأ الكبير اعتبار الأعضاء الخمس والعشرين الممثلين بهذا المجلس هم كل الأطياف السياسية والاجتماعية الوطنية والإسلامية في العراق لأن العراق الكبير بحدود حضارته العربية الإسلامية وبحدود ما أنجز عبـر تاريخه السياسي الطويل ومن خلال القراءة الفاحصة للتحول العسكري والميداني الذي شهد سقوط النظام في 9/4 من السنة الفائتة أكبـر من أن يستوعب بمجموعة سياسية تعدادها خمسة وعشرون شخصاً وإن كان هؤلاء الأشخاص يمثلون أحزاباً سياسية في الساحة العراقية.
من هنا فإن الكثير مما حدث كان يمكن تجنبه في حال جرى عرض مسودة القانون على الجمهور والفعاليات والنقابات والمؤسسات والنخب الفكرية والثقافية وفوق هذا وذاك المرجعيات الدينية العراقية أما وقد تم الأمر باللحاظات السياسية التي ظهر عليها قانون إدارة الدولة العراقية فإن مجلس الحكم ارتكب خطيئة وطنية واضحة أو فاضحة بوضع الجميع أمام ما نطلق عليه دائماً وبصيغة الاستنكار وعدم الرضى (الأمر الواقع) من خلال ظهور كامل أعضاء مجلس الحكم سواء كانوا هم أو من ناب عنهم وتوقيعهم على القانون ويبدو أن بعض الأعضاء الذين لم يشاركوا في مشهدية تمرير هذا القانون ارتأوا عدم الحضور لأسباب شخصية وليس لأسباب سياسية وإلا لو كانت ا لأسباب موجبة ويمكن التوقف عندها لقرر المتغيبون عدم الحضور أساساً في جلسات صياغة قانون الدولة العراقية المؤقت ولو تم الأمر بهذا الشكل لكانوا ظهروا أمام جمهورهم الخاص وشرائح المجتمع العراقي العام بصورة أقوى ولكان موقفهم أكثر أصالة وحيوية وفاعلية من الموقف الذي ظهروا عليه بعد إقرار القانون.
إن التحفظات التي أبداها الإمام السيستاني بعد صدور القانون يقف وراءها فعلياً ويفسرها ردود الفعل الأولية الجماهيرية والسياسية التي بـرزت على القانون من مرجعيات دينية وشخصيات ومثقفين ونخب واتجاهات اجتماعية شتى هالها ما جرى التواطؤ والاتفاق عليه في جنح الظلام العراقي الطويل فسعوا عبـر إبـراز تحفظاتهم بعد التوقيع إلى تخفيف وقع المسؤولية عن أنفسهم وإبـرازهم في موقع أخر أمام الجمهور السياسي الخاص والعام والمرجعيات الدينية وهذا لا يمكن بالمطلق أن يعفيهم من المسؤولية بأي شكل من الأشكال.
إن صدور القانون بهذا الشكل يعطل إمكانية إصدار دستور دائم يؤسس لعراق موحد ديمقراطي يتمتع بالسيادة الكاملة على أراضيه ويتمتع مواطنه بغض النظر عن عرقه أو مذهبه أو قوميته أو رأيه السياسي بكل حقوق المواطن بما يعيد للعراق حضوره التاريخي في الساحة العربية والإسلامية مركز فكر ومعرفة وثقافة وملتقى للطرق التجارية الإقليمية والدولية ودوره المفترض على الصعيد الإقليمي العربي والدولي السياسي والأمني والأهم من هذا أنه يضع فعلياً الخاتمة النهائية لكل ما يربط العراق أرضاً وشعباً وسيادة وتطلعاتٍ وأهدافاً بعهد النظام السابق.
في هذا الإطار أيضاً يمكن أن نؤكد أن مجمل الإشارات والاستثناءات والتمييز الذي ظهر في قانون إدارة الدولة والخاص بالوضع الكردي ينم عن إشكال حقيقي وعن أشكال من التعاطي تؤشر لحكم كونفدرالي وليس إلى حكم فيدرالي وبهذا فإن التصاعد الكبير في ميل بعض أوساط المجتمع الكردي وأحزابه وقواه السياسية المهمة للتجزئة والاستقلال والاستفراد بموارد شمال العراق وتقاسم الحصص مع الحكومة المركزية وتثبيت مصطلح (حكومة إقليم كردستان) في سياق النصوص التي تتحدث عن علاقة المركز بشمال الوطن يتناقض والاتجاهات العالمية المنتشرة والأخذة في النمو بعالمنا المعاصر نحو التوحد في كيانات وإطارات أكبـر أن لم نقل كيانات كبـرى مثل الاتحاد الأوروبي بتنوعه الإثني والعرقي واللغوي والحضاري حيث ابتنى هذا الاتحاد كما يعرف مجلس الحكم والأكراد والأميركيون والأوروبيون بـرلماناً موحداً وسوقاً و احدة وعملة واحدة ومنطقة جمركية واحدة وهو على طريق تشكيل حكومة موحدة أيضاً في المستقبل القريب.
إن هذا الدستور المليء بالنواقص والثغرات والارتباكات اللغوية والصياغات الجادة يفترض أن لا يسري مفعوله إلى ما بعد 30/6 موعد تسليم السلطة للعراقيين وخروج القوات الأميركية من العراق لأن سريانه سيحد من إمكانية قيام الدولة العراقية العادلة والوطنية التي ينتظرها العراقيون بشغف كبير بعد أكثر من ثلاثة عقود من وجود المنظمة السرية وأجهزتها الأمنية القابضة واستهتارها بالثروات والأرواح والسيادة الوطنية وسيمنع المواطن العراقي العربي والتركماني والكردي من التمتع بحقوقه الكاملة نظراً للبون الشاسع ما بين نظرية قانون الإدارة الذي ظهر بصورته الح الية وتطبيقات الواقع العراقي الجديد.
وإذا كان لا بد من ذكر القوميات بالاسم وتحديد مسؤولياتها وواجباتها الوطنية في إطار الدولة الديمقراطية الحديثة فيجب ذكر القومية التركمانية كقومية ثالثة تقف بموازاة القوميتين العربية والكردية بلحاظ النسبة السكانية التركمانية التي تتجاوز الـ 11% من مجموع سكان العراق. وإلا فنحن مع إقرار قانون لإدارة الدولة تحذف بموجبه عبارة وجود الأديان والقوميات والمذاهب والتأكيد على خصوصية الجنسية العراقية كهوية جديدة لمكونات المجتمع العراقي الحديث.
إن قانون إدارة الدولة العراقية يجب أن يتمتع بكل خصوصيات التفرد بالقرار العراقي الذي يخرج من عباءة الجماعة من دون أن يستخدم أحدٌ ما يسمى بـ(حق النقض) كما يجري العمل به وبفوقية غير مبـررة وعنجهية واضحة من قبل بعض الأطراف الكردية وفي هذا الإطار نشدد على ضرورة إزالة كل أثار الفيتو الكردي وعدم وضع الأكراد في موضع يشعر معه باقي شرائح المجتمع العراقي بالغيرية السياسية رغم أن بقية الشرائح نالها من الضيم والحصار والعزلة والتعسف بشكل متساوٍ مع الأكراد إن لم يكن أكثر منهم.
إننا نشعر أن الكثير من الفئات الاجتماعية والسياسية والقومية والدينية لم يتمتعوا وفق قانون إدارة الدولة العراقية الجديد بالحقوق الطبيعية التي يفترض أن تتمتع بها كافة الطبقات الاجتماعية في العراق.
ولذلك نقول أن الصيغة الدستورية المؤقتة التي خرجت من مجلس الحكم وباحتفالية سياسية شاركت بها قوات التحالف الدولي والحاكم المدني الأميركي في العراق بول بـريمر هي صيغة تخدم شريحة من شرائح المجتمع العراقي (الأكراد) ولا تخدم كل الشعب العراقي. فضلاً عن أن هذه الصيغة يراد لها أن تكون صيغة دائمة بفعل وجود ضغط واضح من قبل بعض الأطراف القومية في مجلس الحكم مع أن تلك الصيغة لا تمتلك شروط البقاء والاستمرار بفعل اشتراطات موعد تسليم السلطة إلى العراقيين أولاً ولكون مجلس الحكم الحالي هو مجلس معين وليس مجلساً منتخباً.
إن الدستور الحالي من وجهة نظر الإمام السيستاني سيمكن جهات سياسية تدعي الانتماء لسيادة العراق العمل على إنتاج عراقٍ مختلف عن تاريخه وهويته وحضارته العربية والإسلامية إلى عراقٍ مدجن بمشاريع وأيديولوجيات وكانتونات سرعان ما تخرج من نواياها الحسنة في إطار ما كان يسمى المعارضة العراقية إلى التصريح العلني بضرورة الخروج من دائرة العراق العربي الكردي التركماني الآشوكلداني إلى صيغ سياسية لا علاقة لها بالعراق شبيهة بوضع جزيرة قبـرص فهناك جزيرة واحدة بحكومتين واحدة للأتراك والأخرى لليونانيين وربما ستنشأ في العراق القادم وبفعل التساهل الذي أبداه أعضاء مجلس الحكم مع الزعامات الكردية التقليدية حكومتان في الشمال يتناصفهما الزعيمان الكرديان كما هو حاصل اليوم في كل من السليمانية وأربيل!.
وهنا وبناء على إدراكنا لقيمة الملاحظات التي أبداها الإمام السيستاني حول قانون إدارة الدولة العراقية فقد كان لنا موقف ووقفة من بعض النصوص المرتبكة لغوياً ودستورياً وسياسياً عبر تسليط الضوء الكاشف عليها وإضاءة الزوايا المعتمة فيها. على أن هذه الملاحظات ربما تكون الأهون من بين مثيلاتها من الملاحظات في الساحة العراقية. وملاحظاتنا هي كالتالي:
نصوص دستورية وملاحظات:
يقول النص (إن الشعب العراقي إذ يقوم الآن بالعمل على استرداد سيادته التي اغتصبها النظام الاستبدادي طويلاً، هذا العمل الهادف إلى الحفاظ على وحدة وطنه بـروح الأخوة، رافضاً العنف والإكراه بصفتهما من أساليب الحكم، وإذ صمم على أن يظل بعد الآن شعباً حراً يسوسه حكم القانون، فقد وضع هذا القانون لإدارة شؤونه خلال المرحلة الانتقالية المؤدية إلى ديمقراطية كاملة حين تظهر إلى حيز الوجود حكومة منتخبة تعمل في ظل دستور دائم وشرعي، فينتهي بذلك مفعول هذا القانون).
بيان الرأي:
إن مسألة السيادة مسألة جوهرية في حياة الشعب العراقي وإذا كان الحديث عن السيادة مهماً عند الأخوة في مجلس الحكم فيفترض أن يتم الحديث عنها في إطار العمل الوطني العراقي العام من أجل استرداد السيادة كاملة غير منقوصة لأن البلد محتل فعلياً من قبل القوات الأمريكية وهذا الاحتلال أفقده عملياً سيادته بشكل كامل.
صحيح أن النظام السابق اغتصب السيادة العراقية بأساليبه الإرهابية وعنفه ضد العراقيين وتحويله للعراق إلى مزرعة يسوسها أبناء السلطة لتمتد بعد ذلك وبالوراثة العفلقية المتعارفة إلى أبناء أبناء السلطة. لكن عملياً العراق الآن مغتصب السيادة ومن المفترض أن تكون الفقرة الأخيرة مقدمة تؤكد أن هدف هذا القانون هو إدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية وتشطب عبارة استرداد السيادة التي اغتصبها النظام. لأن الشعب العراقي عملياً موجود في هذه السيادة رغم كل عمليات القمع التي مورست ضده.
إن السيادة مسألة وجودية حتى وإن لم ينجز المجتمع المقموع كل اشتراطات حريته في ظلالها فإما أن نخرج السيادة من إطار الاغتصاب السابق والاحتلال الحالي وإما أن نتحدث عن السيادة بمفهوم تمتع المجتمع العراقي الحديث بكل الحقوق التي تؤهله للعيش بوئام واستقرار في ظل دولته الوطنية العادلة التي يترقبها بعد انتخابات 2005.
الباب الأول ـ المبادئ الأساسية
المادة الثانية:
(أ) ـ يسري مفعول هذا القانون في محافظات العراق كافة، ويعتبـر ملزماً لجميع المؤسسات الحكومية العراقية سواء كانت في المركز أو غيره. ولا يجوز تعديله في المرحلة الانتقالية، كما يعتبـر أي نص مخالف له باطلاً أينما ورد.
بيان الرأي:
إن هذا التعبير يحمل مخاطر أكيدة على مستوى السيادة العراقية ومستقبل بقائها واستمرارها فلأول مرة يتحدث قانون لإدارة الدولة بصيغة المحافظات لا بصيغة السيادة الجغرافية الواحدة فثمة أراضٍ تقع خارج إطار المحافظات وهناك أراضٍ تخضع للحكومة المركزية (محميات مناطق حرة، مناطق محايدة، مناطق متنازع عليها، مقرات الحكومة المركزية)، تجد أمثلة ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية فهناك أمن فيدرالي وجيش فيدرالي ومحميات فيدرالية..الخ. والسيطرة عليها للحكومة الفيدرالية المركزية.
وبخصوص إلزام الدستور لجميع المؤسسات الحكومية العراقية فيفترض أن ننبه إلى أن الدستور لا يتوجه بالإلزام إلى المؤسسات فقط بل هو ناظم للعلاقات بين الشعب والمؤسسات ومجموع الأمة بكافة شرائحها تعمل بهديه سواء كانت مؤسسات حكومية أو غير حكومية وكذلك الأفراد والجماعات.
المادة الثالثة:
(أ) نظام الحكم في العراق فدرالي، ديمقراطي، تعددي، ويجري تقاسم السلطات فيه بالاشتراك بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان والمحافظات والبلديات. ويقوم النظام الفيدرالي الحكومي على أساس مبادئ الجغرافية والحكم الصالح والفصل بين السلطات وليس على أساس العرق أو الإثنية أو القومية أو المذهب.
بيان الرأي:
لم يكشف قانون إدارة الدولة العراقية عن هوية النظام الديمقراطي الجديد الذي سيحكم العراقيين بعد سقوط النظام السابق أكان نظاماً جمهورياً أو ملكياً أو ملكية دستورية إلى ما هنالك من أنظمة الحكم المتداولة والمتعارف عليها بين النظم والحكومات في العالم وهنا لم يجر النص على توصيف طبيعة النظام ولذلك يؤشر هذا التوصيف أما عن تغافل عن طبيعة هوية النظام القادم أو أن الأخوة في مجلس الحكم أرتأوا عدم البت فيه إلى وقت أخر وهو تناقض دستوري واضح إذ لأول مرة يصدر قانون لإدارة الدولة من دون أن يحدد شكلها واسمها؟.
أن السلطات لا يجري تقاسمها كما ورد في نص الفقرة بل يجري تحمل لمسؤوليتها في إطار توزيع عادل يلحظه الدستور وفي إطار متداول في مختلف النظم الديمقراطية وغير الديمقراطية عبـر وجود سلطات ثلاث، سلطة تشريعية، سلطة تنفيذية، سلطة قضائية. أما القول بتقاسم السلطات والنص في ذلك على: الحكومة المركزية، حكومة إقليم كردستان، المحافظات، البلديات، فهو يحمل في طياته طابع اقتسام التركة (السلطة) وليس توزيع السلطات في إطار لا مركزي.
المادة الثالثة
(ب) يعترف بحكومة إقليم كردستان بصفتها الحكومة الرسمية للأراضي الواقعة في محافظات نينوى ودهوك وأربيل وكركوك والسليمانية وديالى، والتي كانت تدار من قبل الحكومة المذكورة في (19 آذار 2003).
بيان الرأي:
ينبغي أن يورد الإطار الجغرافي للفيدرالية على أساس جغرافي وبما ينسجم ووحدة الأراضي العراقية بعيداً عن التسميات والألفاظ والمفردات المطاطة. إن الاعتراف بحكومة إقليم كردستان يجعل الفيدرالية موضوعة سياسية غير محددة المعالم حيث أن الفيدرالية التي يتحدثون عنها كثيراً ينبغي أن توصف بالنظام الفيدرالي على أساس جغرافي كذلك أن الاستمرار في التعامل مع محافظات نينوى، دهوك، كركوك، السليمانية، ديالى، التي كانت تدار منذ 19 آذار 2003 وبتوافق مع النظام السابق إن إبقاءها على هذا الحال وبهذا التوصيف يعني الإجهار والإقرار الجدي ببنية سياسية كيانية كردية أنتجها النظام السابق وفرضتها ظروف دولية معينة بعد نهاية حرب الخليج الثانية عام 1991. في حين أن القانون والدستور الجديدين قد قوضا كل أسس وقوانين ودساتير النظام السابق فلماذا إذن العودة إلى قوانين النظام السابق إذا كانت القوى الكردية و القوى السياسية العربية المؤتلفة والمتحالفة مع الأكراد تبشر الناس بعهد جديد لا علاقة له بإرث النظام السابق.
(ج) (تؤجل تسوية وضع المناطق المتنازع عليها، بما فيها كركوك، إلى أن يكون من الممكن تقرير وضعها في الدستور الدائم، أو إلى أن من الممكن إنشاء آلية لتقرير وضعها في الدستور الدائم. وتبقى جميع الحدود والوظائف للمحافظات الثماني عشرة كما هي بلا تغيير خلال الفترة الانتقالية).
بيان الرأي:
إن استخدام تعبير (المناطق المتنازع عليها) هو استخدام غير دقيق ولا يجوز تداوله في اللغة الدستورية فهو يستخدم عادة في حال الخلاف بين دولتين حدوديتين وفي حال سيطرة دولة على دولة أخرى (مثال احتلال إسرائيل للضفة الغربية بدعوى أنها جزء من أرض إسرائيل اليهودية) فتشير إسرائيل إليها بأنها متنازع عليها.
إن استخدام هذا التعبير يشي بعلاقة كونفدرالية وليس علاقة فيدرالية بين المركز وحكومة إقليم كردستان. إن الفرق واضح هنا فالكونفدرالية تعني (اتحاداً يقوم بين دولتين مستقلتين) في حين أن الفيدرالية هي اتحاد طوعي يتأسس في إطار الدولة الواحدة. كذلك إن إبقاء تعبير (تبقى الحدود والوظائف للمحافظات الثماني عشرة كما هي بلا تغيير) يتناقض مع مواد القانون نفسه لاسيما بالنسبة إلى الوظائف إذا حدث وهو ممكن وحاصل في الوظائف التي أوجدتها الحكومة الكردية والوظائف التي أوجدها القانون.
أننا ومعنا قوى سياسية واجتماعية ودينية نضع علامة استفهام كبيرة على مسألة الوظائف الواردة في قانون إدارة الدولة العراقية في المناطق الواقعة كما يسميها الدستور الجديد في المحافظات الكردية لنقول أن هناك تفضيلاً قومياً يجري من الآن في المؤسسات الحكومية التربوية والصحية والخدمية والتجارية ومجمل الوظائف الإدارية حيث يقدم المواطن الكردي على غيره من المواطنين العراقيين من التركمان والعرب في تلك المناطق من دون أن يظهر حل ما في تلك الفقرة أو وعد بحل ما يفكك المشكلة الوظيفية التي ستستفحل في القادم من الأيام بفعل الاغراءات التي يقدمها قانون إدارة الدولة لطرف دون طرف آخر.
وهنا نقول أيضاً إذا كان المراد عراقاً فيدرالياً فلم لم يلحظ الوضع الخاص للتركمان أيضاً رغم أن هناك تشابهاً كبيراً في وضع الاثنيتين الكردية والتركمانية عدا انه لم يلحظ إمكان التعاطي مع ذلك مستقبلاً بالنسبة للتركمان فيما أقره بقوة للأكراد؟
المادة الرابعة:
(أ) ـ لا يجوز للقوات المسلحة العراقية الاشتراك في السياسة، ولكن لأفرادها الاقتراع في الانتخابات.
(ب) ـ تخضع القوات المسلحة العراقية للسيطرة المدنية.
بيان الرأي:
التعبير الوارد في الفقرة الرابعة غير صحيح والصحيح هو ان القوات العراقية يجب أن لا تشارك في الحياة السياسية كما تشي الفقرة بمحاولة دفع العسكر إذ لم يجدوا آلية سياسية لتصحيح أوضاع مرتبكة في البلاد مستقبلاً الاشتغال بآليات العسكر. لأن السياسة تشمل أيضاً النشاطات العسكرية كذلك أن تعبير تخضع القوات المسلحة للسيطرة المدنية ليس صحيحاً والصحيح هو تخضع القوات المسلحة لسيطرة الحكومة المنتخبة (جمعية وطنية، رئاسة، مجلس وزراء) كما يوضحها القانون.
المادة الخامسة:
تتخذ الحكومة العراقية الانتقالية خطوات فعالة لتصحيح المظالم السابقة التي نشأت عن التشريد القسري في العراق والتي جرت لتحقيق مأرب سياسية. ومن هذه الخطوات تنفيذ قانون تأسيس الهيئة المختصة بحل منازعات الملكية العراقية.
بيان الرأي:
تعالج موضوعة الأراضي والسكان المهجرين باعتبارها موضوع ملكية فقط في حين أنه ينبغي أن تتناول باتجاه تعزيز التعايش المشترك وحل الخلافات بما يكفل ذلك بين العرب والتركمان والأكراد وإذا لم يعمل قانون إدارة الدولة العراقية على هذا المستوى الوطني فإن الخشية كل الخشية أن يتحول الدستور المؤقت إلى خطوة متقدمة باتجاه إشاعة الفوضى الاجتماعية وتقرير مبدأ العنف حلاَ استراتيجياً لفض الخلافات والمنازعات الثنائية أو الثلاثية بين القوميات والأثنيات العراقية.
المادة السابعة:
يحدد علم الدولة وشعارها بقانون.
بيان الرأي:
لم يحدد اسم الدولة وعلمها وشعارها وهي منقصة سياسية سيادية يفترض أن يتحلل منها مجلس الحكم وهو يضع قانون إدارة الدولة على اعتباره أول مجلس سياسي يقود العراق من الديكتاتورية إلى الديمقراطية ومن الاستبداد إلى الشرعية الدستورية في وقت ينتظر العراقيون ميلاد اسم دولتهم ومضمونها بعد ثلاثة من غياب النظام العادل.
المادة الثامنة:
اللغة العربية هي اللغة في البلاد بأسرها، واللغة الكردية هي اللغة الرسمية لحكومة إقليم كردستان. وإن حق العراقيين بتدريس أبنائهم بلغاتهم في مدارسهم الخاصة هو حق مُعترف به.
بيان الرأي:
لم توضح المادة موقع اللغة العربية في إطار حكومة كردستان إذ يفترض أن ينص قانون إدارة الدولة على اعتبار اللغة العربية لغة رسمية أيضاً في كردستان كما أنه جرى غض الطرف عن اللغة التركمانية لاعتبارها لغة ثالثة في البلاد على خلفية أن القومية التركمانية (قومية ثالثة).
الباب الثاني ـ الحقوق السياسية
المادة التاسعة:
للشعب العراقي السيادة التامة. ومن مظاهر سيادته أن يقوم هذا الشعب، أفراداً وجماعات بتشكيل الهياكل الحكومية لدولة العراق بحرية.
بيان الرأي:
إن قصر إيراد مظاهر السيادة على تشكيل المؤسسات السياسية والوطنية البـرلمان، الحكومة الرئاسة، جهاز القضاء، ليس دقيقاً وينبغي أن تعمم مظاهر السيادة على كل التعبيرات السيادية بما فيها الحدود، الحكومة، العلم، الجيش، الدستور، وسائل الإعلام، الموانئ، المطارات، الكود البـريدي، الهاتف، الإلكتروني.
المادة الحادية عشرة:
جميع الأشخاص الموجودين في العراق متساوون في حقوقهم بصرف النظر عن الجنس أو القومية أو الدين أو الأصل العرقي، والعراقيون سواء أمام القانون. ويحرم التمييز ضد المواطن العراقي على أساس جنسه أو قوميته أو ديانته أو أصله العرقي.
بيان الرأي:
أهملت المادة التالية التمييز على أساس الرأي أو المعتقد السياسي وأكدت الفوارق وهي رواسب أدبيات القوى السياسية العراقية السابقة ما يعني أن هناك استشرافاً من قبل القانون بوجود مشكلات من هذا النوع مع إهمال واضح للخارطة السياسية المفترض رسمها للعراقيين إذ لا وجود لفرضيات إدارة مواجهات ثقافية لمعتقدات سياسية كما يستشرف ذلك قانون إدارة الدولة. وهي نقطة بداية سيئة لدستور يفترض أن يشرع لنا ما يقدم المعتقد السياسي والرأي السياسي على المواجهات التي يغلب عليها الطابع العرقي والقومي المسلح.
المادة الثانية عشرة:
(أ) الحريات العامة والخاصة مصانة.
(ب) للناس الحق بحرية التعبير، بضمن ذلك الحق بتسليم وإرسال المعلومات شفهياً أو خطياً أو إلكترونياً أو بأي شكل آخر أو من خلال أي وسيلة يجري اختيارها.
(ج) إن الحق بحرية الاجتماع السلمي وبحرية التنظيم في جمعيات هو حق مضمون وفقاً للقانون.
بيان الرأي:
للناس الحق في حرية التعبير بمختلف وسائل التعبير المتاحة والمتداولة كحرية التنظيم. وكذلك حرية التنظيم في جمعيات غامضة بسبب من تحديد قانون إدارة الدولة مصطلح الجمعيات والنقابات وهنا فإما يشمل تعبير الجمعيات مختلفة الأشكال والأداءات السياسية والمدنية وإما أن يجري النص على كل منها بمفرده (مؤسسات المجتمع المدني، NGOS) التنظيمات السياسية، النقابات والاتحادات العمالية والمهنية.
المادة الثالثة عشرة:
للفرد الحق بالتعليم والصحة، وعلى الدولة العراقية ووحداتها الحكومية وبضمنها حكومة إقليم كردستان وإدارات المحافظات والبلديات، أن تحاول بحدود مواردها ومع الأخذ بالاعتبار الحاجات الحيوية الأخرى، توفير الحق للشعب بفرص الرفاه والعمل والأمن.
بيان الرأي:
أن ينص قانون إدارة الدولة على حق المواطن بالحصول على الرعاية الصحية والتعليم هذا يفترض أن الدولة تتحمل مسؤولية هاتين الخدمتين فقط فهل هذا ما عناه المشرع؟ أوليس هناك حقوق أخرى أيضاً مثل الضمان والرعاية الاجتماعية؟ هنا يفترض أن يستبدل النص بالعمل على تلبية الحقوق الأساسية للمواطنين من صحة وتعليم ورعاية اجتماعية وثقافية وفنون وآداب… الخ وهنا بالنسبة للموارد إن التعبير حسب الموارد المتاحة ينبغي أن يقنن مركزياً لا محلياً لأن تشميل حكومة كردستان هذا النص يعني ضمنياً امتلاكها لموارد خاصة بمعزل عن الحكومة المركزية وهذا شرخ سيادي وسياسي واضح في العلاقة ما بين المركز والحالة الكردية.
إن غياب الحكومة المركزية راهناً يعني تقاسماً غير معلن للثروة القومية مع الأكراد! وهذه سابقة غير دستورية عدا عن معانيها السياسية سيما وأن هذا القانون هو نسخة أولية أو مقدمة لصياغة الدستور الدائم!
المادة العشرون:
لا يجوز للحكومة العراقية الانتقالية أن تتدخل بحق الشعب العراقي في تطوير مؤسسات المجتمع المدني سواء بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني الأجنبية أو غيرها.
بيان الرأي:
غيب المشرّع التعاون لعمل منظمات المجتمع المدني العراقية مع مثيلاتها العربية والإقليمية والدولية فالتعبير الأجنبي لا يشمل هؤلاء. نتذكر في هذا الصدد الضجة السياسية التي جرت في مصر على هامش قيام الولايات المتحدة الأمريكية كما أكدت وسائل الإعلام والتحقيقات بدعم مركز ابن خلدون الأهلي الإنمائي الاستراتيجي الذي يشرف عليه الدكتور سعد الدين إبـراهيم وبهذا الصدد يعتقد المراقبون أن لغة هذه المادة ليست لغة عراقية بل هي إملاء من خارج حدود قانون إدارة الدولة بإرادة خارجية.
الباب الثالث ــ الحكومة العراقية الانتقالية
المادة الرابعة والعشرون:
(هـ) السيطرة على الموارد الطبيعية، على أن يتم إنفاق إيراداتها على حاجات المناطق المختلفة وفقاً لنسب السكان ورغباتهم ودرجة التطور فيها وغير ذلك من الاعتبارات، وأن يجري كل ذلك بالتشاور مع الأطراف المعنية.
بيان الرأي:
في نهاية الفقرة جملة تشير إلى (الأطراف المعنية) وهنا السؤال ماذا يقصد بالأطراف المعنية ولماذا لم يجرِ تسمية المحافظات، البلديات، حكومة كردستان كما أشير في أكثر من مكان وهل يعني ذلك ضمناً قصرها على حكومة كردستان؟
المادة الخامسة والعشرين:
(أ) ستبقى القوانين النافذة في العراق في (30 حزيران 2004) مطبقة فيه، إلا إذا نص هذا القانون على خلاف ذلك إلى حين قيام الحكومة العراقية الانتقالية بإلغائها وفقاً لهذا القانون.
(ب) إن القوانين التي تشرعها الحكومة المركزية حسب الأصول وفقاً لهذا القانون تعتبـر سائدة على القوانين التي تشرعها الهيئات التشريعية أو الحاكمة الأخرى في العراق عن الموضوع ذاته، وفي حالة نشوء تناقض بين هذه القوانين يسري قانون الحكومة المركزية.
(ج) إن القوانين والأنظمة التي تصدرها سلطة الائتلاف الانتقالية بناء على سلطتها بموجب قرار مجلس الأمن رقم (1483) تبقى نافذة المفعول إلى حين إلغائها بقانون. [ولا يجوز إصدار مثل هذا القانون قبل 31 كانون الأول 2004].
بيان الرأي:
إن النصوص التي جرى تسريبها تتضمن الحق بالفيتو على أي مشروع قانون من قبل الأكثرية في محافظتين من ثلاث وقصد به أساساً محافظات كردستان وهو ما يشكل إلغاء لكل مظاهر الديمقراطية والمواطنة حيث يشرع هيمنة الأقلية على قرار الأكثرية سواء أكانت حكومة مركزية أو جمعية وطنية أو هيئة الرئاسة وهو بهذا يشل قدرات الحكومة المركزية.
المادة السابعة والعشرون:
(ب) لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يكون المنتسب للقوات المسلحة عضواً في الجمعية الوطنية. ولكي يحق له أن يكون وزيراً أو رئيساً للوزراء أو عضواً في مجلس الرئاسة فعليه أن يكون قد استقال أو تقاعد من القوات المسلحة قبل ذلك بثمانية عشر شهراً على الأقل.
بيان الرأي:
إن النص على ترشيح العسكري لمناصب مدنية بعد ثمانية عشر شهراً على الأقل ليس مبـرراً نظراً لطبيعة ودورية الانتخابات وهو إبعاد واضح للكفاءات العراقية عن دائرة إنتاج الحياة السياسية الجديدة وأعتقد أن هذا النص صيغ بعناية من قبل ذات الأحزاب السياسية المشاركة والمؤتلفة في إطار مجلس الحكم فليس من مصلحة أي من هذه الأحزاب أن يأتي مدني من الجيش العراقي ليلعب دوراً أساسياً في مستقبل بلده من دون أن يكون من هذا الحزب أو ذاك.



توقيع BAGHDADY





BAGHDADY
الصورة الرمزية BAGHDADY
عضو نشيط

رقم العضوية : 1039
الإنتساب : May 2008
الدولة : عاصمة شيعة امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام
المشاركات : 383
بمعدل : 0.07 يوميا
النقاط : 209
المستوى : BAGHDADY is on a distinguished road

BAGHDADY غير متواجد حالياً عرض البوم صور BAGHDADY



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : BAGHDADY المنتدى : إضاءات من نور المراجع والعلماء
افتراضي
قديم بتاريخ : 04-Jul-2008 الساعة : 12:07 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم




توقيع BAGHDADY




إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc