آداب الأذان والإقامة .. - منتديات موقع الميزان
موقع الميزان السلام عليك أيتها الصدِّيقة الشهيدة يا زهراء السيد جعفر مرتضى العاملي
يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ اللهُ الَّذي خَلَقَكِ قَبْلَ اَنْ يَخْلُقَكِ، فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً، وَزَعَمْنا اَنّا لَكِ اَوْلِياءُ وَمُصَدِّقُونَ وَصابِرُونَ لِكُلِّ ما اَتانا بِهِ اَبُوكِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَاَتى بِهِ وَصِيُّهُ، فَاِنّا نَسْأَلُكِ اِنْ كُنّا صَدَّقْناكِ إلاّ اَلْحَقْتِنا بِتَصْديقِنا لَهُما لِنُبَشِّرَ اَنْفُسَنا بِاَنّا قَدْ طَهُرْنا بِوَلايَتِكِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * صَدَقَ اللّهُ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ – منتديات موقع الميزان للدفاع عن الصدِّيقة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها – منهاجنا الحوار الهادف والهادئ بعيداً عن الشتم والذم والتجريح ولا نسمح لأحد بالتعرض للآخرين وخصوصاً سب الصحابة أو لعنهم وهذا منهاج مراجعنا العظام والعلماء الأعلام حفظ الله الأحياء منهم ورحم الماضين
 
اضغط هنا
اضغط هنا اضغط هنا اضغط هنا
اضغط هنا
عداد الزوار
العودة   منتديات موقع الميزان .: ميزان أنوار السلوك :. ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ}

إضافة رد
كاتب الموضوع سليلة حيدرة الكرار مشاركات 4 الزيارات 1798 انشر الموضوع
   
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع

سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.57 يوميا
النقاط : 311
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 1  
المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي آداب الأذان والإقامة ..
قديم بتاريخ : 07-Jul-2013 الساعة : 11:41 AM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين


في آداب أوقات الأذان والإقامة
الفصل الأول
في سرّهما الجملي وآدابهما الاجمالية (روى الشيخ الصدوق (رضوان الله عليه) في كتابه من لا يحضره الفقيه عن عبدالله بن علي قال: " حملت متاعي من البصرة إلى مصر فقدمتها فبينا أنا في بعض الطريق فاذا أنا بشيخ طويل شديد الادمة (شديد السمرة) أبيض الرأس واللحية عليه طمران أحدهما أسود والاخر أبيض فقلت من هذا؟ قالوا: بلال مولى رسول الله فأخذت ألواحي فأتيته ".
أقول: الظاهر ان الراوي وهو عبدالله بن علي كان تاجرا، وقوله أخذت ألواحي فأتيته مما يلفت النظر إلى أن المسلمين في الصدر الأول كانوا حريصين على أخذ العلم والحديث. فهذا الرجل التاجر في حين انه كان يدور البلدان في تجارته فان له ألواحا معدّة لكتابة الحديث كمتعلم مستعدّ للدراسة، وبمجرد أن عرف بلالا أخذ ألواحه وأسرع في حضور مجلس الدرس.
قال: فأتيته فسلّمت عليه فقلت له: السلام عليك أيها الشيخ. فقال: وعليك السلام. فقلت: يرحمك الله حدّثني بما سمعت من رسول الله . فقال: وما يدريك من أنا؟ فقلت: أنت بلال مؤذن رسول الله. قال: فبكى وبكيت حتى اجتمع الناس علينا ونحن نبكي.
أقول الظاهر أن بلالا لما سمع اسم رسول الله، تذكّر تلك الايام الذهبية ومثل له رسول الله بسيمائه الملكوتيّة وتجدّدت له خواطر اللطف و المحبة التي كانت له من رسول الله فبكى حتّى أبكى الرجل التاجر أيضا وانجذب الناس اليه ينظرون ويتفكرون في امره.
قال: ثم قال: يا غلام من أي البلاد أنت؟ قلت: من أهل العراق. قال: بخ بخ ثم سكت ساعة ثم قال اكتب يا أخا أهل العراق: بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله يقول: المؤذنون أمناء المؤمنين على صلاتهم وصومهم ولحومهم ودمائهم لا يسألون الله عز وجل الا أعطاهم ولا يشفعون في شيء الا شفعوا.
أقول: إن قبول الشفاعة وإعطاء السؤال للمؤذنين في مقابل ما لهم من كلفة المسؤولية ومشقة أداء الوظيفة التي على عهدتهم كالشرطة في المدينة والدرك في البرّ فانهم وان كانوا متعهدين حفظ اموال الناس ونفوسهم والوفاء بهذا العهد أمر صعب ولكنه في مقابل هذا التعهدّ تقبل تقريراتهم وشهاداتهم عند الحكومة، فكذلك المؤذنون موظّفون ان يعلنوا اسلام أهل المدينة او القرية عندما يمرّ عليهم جند الاسلام، وكذلك أن يعلنوا ان اللحوم التي تباع في سوقهم يجوز أكلها لان السوق سوق المسلمين، وفي الافطار في الصوم وكذلك الامساك عن الاكل والشرب وسائر المفطرات الاعتماد على أذانهم وكذلك دخول أوقات الصلاة فلابد أن يكونوا أمناء وأن يتحملوا ويراقبوا الوقت وهذا يلازم المشقة وبازاء هذه المشقة تكون شفاعتهم مقبولة ودعاؤهم مستجابا.
رجعنا إلى الحديث:
قلت: زدني رحمك الله تعالى. قال: أكتب بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله يقول: " من أذن أربعين عاما محتسبا بعثه الله عز وجل يوم القيامة وله عمل أربعين صدّيقا عملا مبرورا مستقبلا ".
قلت: زدني رحمك الله. قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله يقول: " من أذن عشرين عاما بعثه الله عز وجل يوم القيامة وله من النور مثل زنة السماء ".
أقول: ان تلقين توحيد الله وعظمته جل جلاله للنفس طوال عشرين سنة كل يوم من أيامها خمس مرات مرافقاً للتقلين السمعي يوجد في سماء الروح والقلب نوراً أضاء صراطه في الآخرة ظهوراً تاماً عند مروره بالصراط الجسر الممدود بين الجنة والنار فتقول لهم جهنم جَزْياً فلان فقد أطفأ نورك ناري.
رجعنا إلى الحديث:
قلت: زدني رحمك الله. قال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله يقول:" من أذن عشر سنين أسكنه الله مع ابراهيم الخليل في قبّته أو درجته. ".
قلت: زدني يرحمك الله. قال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله يقول: " من أذن سنة واحدة بعثه الله عز وجل يوم القيامة وقد غفرت له ذنوبه كلّها بالغة ما بلغت ولو كانت مثل زنة جبل أحد ".
قلت: زدني يرحمك الله. قال: نعم فاحفظ واعمل واحتسب. سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " من أذّن في سبيل الله صلاة واحدة ايمانا واحتسابا وتقرّبا إلى الله تعالى غفر الله له ما سلف من ذنوبه ومنّ عليه بالعصمة فيما بقي من عمره وجمع بينه وبين الشهداء في الجنة ".
أقول: هذا تفضّل من الله سبحانه بأنه يعطي لمن أذن في سبيل الله صلاة واحدة وقام بالايثار والفداء والتفدّي لله سبحانه ولو بهذا المقدار اليسير أجر الذين ضحوّا بأنفسهم ودمائهم واستشهدوا في سبيل الله وان الله يجمع بينه وبنيهم في الجنة ولا يذهب عليك ان الاجتماع مع الشهداء في الجنة لا يلازم الاشتراك معهم في المقام والمرتبة والتنعّمات الروحانية كما هو كذلك في هذا العالم فإن الاجتماع روحاني أو كبير من الكبراء وان كان فخرا وشرفا في حدّ نفسه لكنه لا يلازم البلوغ إلى مرتبته كما هو واضح.
يقية الحديث:
قلت: زدني يرحمك الله، حدّثني بأحسن ما سمعت من رسول الله . قال: ويحك يا غلام قطعت نياط قلبي.
وبكى وبكيت حتى اني والله لرحمته ثم قال:
أقول: لا ندري مِمَّ كان بكاء بلال وهذه الجذبة الجديدة من أين كانت له أكان من مضمون الحديث الذي ذكره بعد هذا السؤال أو أن كيفية سؤال الراوي جدّدت في قلبه خواطر كانت منسيّة؟ وعلى كل حال ثم قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله يقول:" اذا كان يوم القيامة وجمع الله عز وجل الناس في صعيد واحد بعث الله إلى المؤذنين ملائكة من نور ومعهم ألوية وأعلام من نور يقودون نجائب أزمّتها من زبرجد أخضر وخفائفها المسك الاذفر يركبها المؤذنون فيقومون عليها قياما تقودهم الملائكة ينادون بأعلى صوتهم بالاذان. ".
أقول: اهتمام رسول الله بتعريف الازمة والخفائف فلعله من جهة أن الزمام والخفّ يرمزان إلى المبدأ والمنتهى، فالاذان الذي هو يبدأ بالتكبير والتعظيم لله سبحانه ويختتم بكلمة التوحيد ففي عالم تجسّم الاعمال وتبدّل الاعراض بالجواهر ينبغي أن يتمثّل هذا العمل النوراني ووسيلة السلوك إلى الله بمركوب من نور يكون مبدؤه جوهرة قيّمة وعظيمة كزبرجد باللون الاخضر الذي هو مبتدأ اللون للجماد عند تحوله إلى عالم الحياة وهو عالم النبات ويكون منتهاه وخفّه من المسك الاذفر الذي يرمز إلى تعطّر فضاء الروح بعطر التوحيد أو أنّ الزمام يرمز إلى الامام والمقصد هو سيادة الاسلام ولواء الفتح الاخضر وان الاذان يفوح كالمسك الاذفر حيثما حلّ وقدم ويكون أثر قدومه تعطير ذاك المحيط. وعلى أي حال فالمؤذنون يركبون تلك المراكب النورية وهم قيام عليها وعلى هيئة موقرة وبعظمة وجلال لانهم أذنوا في الدنيا وهم قائمون وأظهروا عظمة الاسلام وجلاله.
(قال الراوي): ثم بكى بكاء شديدا حتى انتحب وبكيت فلما سكت قلت: ممّ بكاؤك؟ فقال: ويحك ذكّرتني أشياء سمعت حبيبي وصفيّي صلى الله عليه وآله يقول: " والذي بعثني بالحق نبيّا إنهم يمرون على الخلق قياما على الجنائب فيقولون: الله أكبر فاذا قالوا ذلك سمعت لأمّتي ضجيجا فسأله اسامة بن زيد عن ذلك الضجيج ما هو؟ قال: الضجيج: التسبيح، والتحميد، والتهليل. واذا قالوا أشهد أن لا إله إلا الله قالت أمتي إيّاه نعبد في الدنيا. فيقال: صدقتم. واذا قالوا: أشهد أن محمدا رسول الله : قالت أمتي: هذا الذي أتانا برسالة ربنا جل جلاله وآمنّا به ولم نره فيقال لهم صدقتم هذا الذي أدّى إليكم الرسالة من ربّكم وكنتم به مؤمنين فحقيق على الله عز وجل أن يجمع بينكم وبين نبيّكم فينتهي بهم إلى منازلهم وفيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ". ثم نظر اليّ فقال: ان استطعت ولا قوّة الا بالله ألا تموت الا وأنت مؤذن فافعل.
فقلت يرحمك الله، تفضّل علّي وأخبرني فإني فقير محتاج وأدّ إليّ ما سمعت من رسول الله فانك قد رأيته ولم أره وصف لي كما وصف لك رسول الله وسلم بناء الجنة.
فقال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله يقول: " أن سور الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ولبنة من ياقوت وملاطه المسك الاذفر وشرفها الياقوت الاحمر والاخضر والاصفر ". قلت: فما أبوابها؟ قال: ان ابوابها مختلفة.
أقول: ان الرجل التاجر شرع في السؤال عن بناء الجنة وتضرّع إلى بلال أن يحدّثه بما سمع من رسول الله فأجابه بلال بما تحمّله من التكلّف كما يظهر من الحديث فحدّث بلال عن الجنة المأوى وجنة عدن وجنة الفردوس ولكنه قبل أن يحدّث عنةهذه الجنّات حدّث عن بناء الجنة وأبوابها ومن أجل فهم أسرار الحديث وبالخصوص كلمة الباب لابد أن نتوجّه إلى معنى الباب في المقام وما معنى باب الجنة؟
نحن نرى في المجتمع أن أبواب المدينة تسمّى باسم الناحية التي يفتح الباب اليها ففي طهران مثلا يقال باب خراسان أو باب مازندران أو باب شميران مع أن الباب على مدينة طهران لا على خراسان ومازندران وشميران فإن خراسان مثلا منطقة وسيعة ومحافظة كبيرة لا يمكن نصب الباب عليها وكذلك مازندران وشميران فالباب انما هو لأهل طهران وانهم اذا أرادوا أن يصلوا إلى خراسان مثلا فيمرّون بذلك الباب، فكذلك باب الجنة ليس على الجنة بل هو باب لأهل الجنة وعلى مدينة أهل الجنة وبلدهم وعلى اوضاعهم الاخلاقية وأفراد ملّتهم وكذلك باب الرحمة الالهي أو باب مغفرته فانه أطوار وأحوال لنا لا ان الرحمة الالهية عليها باب فإن الرحمة غير المتناهية لا تقبل الباب، وهكذا أبنية الجنة هي الابنية التي تبنى في مجتمع كل ملّة يوجب استحقاقها الجنة، وهكذا سيد شباب أهل الجنة مع أن أهل الجنة بأجمعهم شبّان، فمعنى سيد شباب أهل الجنة أنّ شباب هذه الدنيا اذا أرادوا أن يكونوا من أهل الجنة فلا بد أن يكون سيدهم وأميرهم وقائدهم الحسين والا لم يكونوا من أهلها، فهذا معنى باب الجنة وسورها والا فالجنة أعلى وأعظم من أن نقول عليها باب أو سور، فان الجنة ليست محلا وسيعا ومكانا عظيما فحسب بل هي عالم وسيع وغير متناه وأوسع من السموات والارض " وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض" (آل عمران 133) كعالم الحياة فباب عالم النطفة مفتوح للنطفة واذا مرتّ النطفة به وهو الاحوال والاوضاع والشرايط المعيّنة فتدخل في عالم الحياة الوسيع الذي لا مبدأ له ملا منتهى، كعالمنا هذا بل أوسع.
ولكن حيث أن العالم الوسيع الشريف لكل فرد وأمّة في حياتهم لا يتيسّر الا بصرف الذهب والفضة وتأسيس المشاريع الخيرية بهما وتقديم مهجته الياقوتية ولا يتمكن أحد من أن يدخل الجنة الا من هذا الطريق. وأيضا حيث أن أهل الجنة هم مبادئ الخير والصلاح لمجتمعهم وأهلهم وعوائلهم وحيثما كانوا يعطّرون فضاءه بعطر الخدمات الحسنة فلهذا صار سور الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ولبنة من ياقوت وملاطه المسك الاذفر. فالتاجر وذوو الثروة يتمكنون أن يحصروا الجنة بالذهب والفضة وصرف مهجتهم الياقوتية أن يجعلون أنفسهم من أهل الجنة والا فالبناء والقصر والحصن والسور ممّا يتعلّق بهذا العالم لا الجنة التي هي أوسع من السماء والارض فانها لا تقبل السور والجدار الا من جهتها التي إلى هذا العالم والوجهه الدنيوية وإلى الجدران التي هي حيّة وناطقة كما في الحديث ان جدران الجنة تتكلم. فبناء المشروعات الخيرية وانشاء المؤسسات الحيوية بالانفاقات من الذهب والفضة يحسب لابناء الشعب الاسلامي لبنة لبنة وكل نفقة من الذهب والفضة تكون كلبنة في بناء جنتهم أي في كونهم من أهل الجنة فإن بناء عالم الاخرة يكون في عالم الدنيا والدنيا مزرعة الاخرة.
وبعد هذا التمهيد نقول: ان السؤال الاول للرجل التاجر من بلال السؤال عن بناء الجنة بتضرّع وابتهال، فأجاب بلال بأن سور الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ولبنة من ياقوت وملاطه المسك الاذفر وشرفها الياقوت الاحمر والاخضر والاصفر. قلت: فما أبوابها؟..
فقبل أن نتكلم عن أبواب الجنة نتوقف قليلا في شرف الجنة ونقول: ان الشرف المدرّجة ومسنّنات حصون التاريخ المحققة والمؤسسة لكل فرد وأمّة نتيجة جهاد المجاهدين تمثل المهج الياقوتية التي بذلها المجاهدون فتارة أصابهم الفتح فحقّقوا لانفسهم أو لأمتهم النشاط والسرور والاخضرار، وأخرى أسروا وسجنوا واصفرّت وجوههم وعوارضهم نتيجة الجوع وتحمّل المشاق في السجن وثالثة أصبحوا حمر الوجوه وحمر الالوان لما ضرّجوا بدمائهم. والنموذج الواضح لهذا، الامة الاولى للاسلام وحصرهم في شعب أبي طالب وسجن المؤمنين كعمارة وبلال وصهيب وخباب ابن مسعود، والتعذيب الذي كان من الكفار عليهم وما أصابهم من الجوع وأنواع التعذيب التي صارت سببا لاصفرار وجوههم، ثم الملطّخون بدمائهم في ساحات التعذيب التي صارت كبدر وأحد وكربلاء وفي الامة الاسلامية الاخيرة ما حدث في الثورة الاسلامية بايران من الفتح والاستشهاد والاسر والسجن.
وعلى أي حال، ان تاريخ الاسلام في امتداد الزمان مدرّج بالارتفاع والانخفاض وشرفه ملوّنة بهذه الالوان الثلاثة. ويبدو في النظر أن البناء الذي يكون مدرّجا أوضح وأبين في مدّ البصر مما لم يكن كذلك. هذا واما الكلام في أبواب الجنة فقال الراوي وهو عبدالله بن علي قلت: فما أبوابها؟ فعدّ بلال منها خمسة مع أن أبواب الجنة ثمانية فلعلها سقطت من قلم الراوي أو الناسخ أو أنها امّحت عن خاطر بلال ولكنه ذكر الابواب من أخلاق الامة لا أعمالها: كباب الرحمة والشكر والصبر والبلاء وذكر لبعضها حلقة دون البعض الاخر وذكر ان لبعضها مصراعين ولبعض مصراعا واحدا. وذكر أن باب واحدا من هذه الابواب له نطق وباقي الابواب صامتة. وقد ذكر في بعض الاحاديث أيضا أن حلقة باب الجنة اذا دقّت تقول يا علي ولعله يرمز إلى العلّي الاسم الالهي ويستمدّ من العلوّ ويشير إلى قانون التكامل وسنّة النموّ والارتقاء وتكامل الفرد والامة الذي يوجب كونهم من أهل الجنة أو لعله يرمز إلى المحبة والتبعية للقائد المتعالي الاسلامي علي الذي يقود الامة إلى الجنة.
فالآن يشرع بلال في البحث عن أبواب الجنة جوابا لسؤال الرجل التاجر البصراوي فيقول: ان ابوابها مختلفة ثم عدّها طبقا للأخلاق الخمسة الرحمة والصبر والشكر والبلاء والباب الاعظم الانس بالله، ثم شرع في بيان شؤون جنة المأوى وجنة عدن وجنة الفردوس. فمن المعلوم أن أبواب الجنة تنفتح للفرد والامة من هذه الاخلاق العالية الفاضلة فيطؤون طريق التكامل وسبيل الارتقاء والتعالي فينفتح باب الجنة للافراد أصحاب الرحمة على الفقراء والمستضعفين، ومن خلق الشكر للاغنياء والصبر في البأساء والضرّاء، فالرحمة والشفقة والعاطفة الغريزية في الامهات بالنسبة إلى الاولاد تفتح باب الجنة على الاطفال الذين لايملكون لانفسهم نفعا ولا ضرّا، فكل قدم للام بالنسبة إلى طفلها تفتح لها بابا إلى الجنة فإن الجنة تحت أقدام الامهات لأن قائدها الرحمة وتفكرها الرحمة وتتابع الرحمة على الضعفاء، وبما أن هذه الرحمة غريزية فإنها مأمونة عن النسيان ولا يؤثر في زوالها الحدثان فلا يعطّل أمر الصغار الضفاف وهذا النوع من الرحمة موجود في الآباء بالنسبة إلى الاولاد والاسرة. فهم يقضون حوائجهم ويرتّبون أمورهم ويتعبون أنفسهم لتأمين معاشهم ومسكنهم وملبسهم وهكذا الرحمة في المعلم بالنسبة إلى التلميذ والعلماء بالنسبة إلى الجهال، فبمقدار ما تقل الرحمة في كل قشر وطبقة تقل مظاهرها وأسباب السعادة فأظهر مصاديقها الامهات والاباء الذين يربّون أولادهم بمعاناة المشقة.
وأما شكر الضعفاء للاقوياء والفقراء للأغنياء على ما يخدمونهم ويقضون حوائجهم فيشكرونهم ويقدّمون لهم عواطفهم ومحبتهم، وان كان ايضا ياقوتا الا انه ياقوت ابيض لما فيه من الصفاء والتبلور ولذا يعطي الصفاء والنور لقلوب الساعين في حوائجهم.
وأما باب الشكر فإنه ناطق يتكلم وفيه إشعار بأن الشكر له ظهور وبروز ويكون مع الصلوات والتحيات وتحنّ قلوب الشاكرين إلى من قام بخدمتهم، وله مصراعان فالضعفاء يشكرون الاقوياء بواسطة شكرهم تصير رغبتهم للخدمة أكثر وشوقهم أشدّ فشكر المسضعفين من حيث أنه يشوّق القائمين بالخدمة ويدعو غيرهم بالشركة معهم فهو أيضا باب إلى الجنة، كما أن القيام بحوائجهم باب اليها فلباب الشكر مصراعان وله في نفس الوقت أنين وحنين فالمجالس والاحتفالات التي تقام شكرا لايثار الشهداء وبالخصوص لعاشوراء الحسين وأصحابه والصرخات والزفرات فيها والسلام على عباد الله الصالحين في الصلوات وجماعات المسلمين كلها لاظهار الاحساس والمحبة كما أن صياح فليعش فلان أو فيلحَى فلان أو الاصوات: أحسنت أحسنت كلها تقوى وتشجّع روح الايثار والتضحية في الافراد.
وبالجملة، باب الشكر باب واسع وله ضجيج وأنين. وأما باب الرحمة فليس له نطق بل هو صامت بلا ضجيج يتجلى بصورة عاطفية. واليك نص حديث بلال:
قلت فما أبوابها؟ فقال: ان ابوابها مختلفة، باب الرحمة من ياقوته حمراء، قلت: فما حلقته؟ فقال: ويحك كفّ عني فقد كلّفتني شططا.
قلت: ما أنا بكافّ عنك حتى تؤدي إليّ ما سمعته من رسول الله وسلم، قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم أما باب الصبر فباب صغير مصراع واحد من ياقوته حمراء لا حلقة له، وأما باب الشكر فإنه من ياقوتة بيضاء لها مصراعان ما بينهما مسيرة خمسمئة عام له ضجيج وحنين يقول اللهم جئني بأهلي. قال: قلت: هل يتكلم الباب؟ قال: نعم ينطقه الله ذو الجلال والاكرام.
أقول: حلقة الباب للاعلام والاطلاع للذين هم في الجانب الاخر للباب وقد يستعان بها لفتح الباب وسدّه فلهذه الجهة الانسب ألاّ تكون لباب الصبر حلقة ولا يطّلع من في الجانب الآخر على من في هذه الجانب. فقد قال المحقق الطوسي: الصبر حبس النفس عن الجزع عند المكروه وهو يمنع الباطن عن الاضطراب واللسان عن الشكاية والاعضاء عن الحركات غير المعتادة. وقال الصادق في جواب جابر وقد سأله عن الصبر الجميل: ذلك صبر ليس فيه شكوى إلى الناس.
وأما قوله فباب صغير له مصراع واحد بخلاف باب الشكر فإن له مصراعين مسيرة ما بينهما خمسمئة عام فلعله يرمز إلى سعة رحمة الله تعالى وقلّة الابتلاء كما قال تعالى: " وان تعدّوا نعمة الله لا تحصوها "(النحل - 18).. وقال تعالى: " ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع "(البقرة - 155). وهذا مقتضى سبق الرحمة الغضب كما ورد: يا من سبقت رحمته غضبه.. وقال تعالى: " عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء "(الاعراف - 156).. هذا مع الغضّ عن أن الابتلاء في كثير من الموارد بل في جميعها حتى بالنسبة إلى الكفّار من مظاهر رحمته تعالى كما حقق في محلّه، ويتضح ما ذكرنا من تتمة الحديث: قال بلال وأما باب البلاء، قلت: أليس باب البلاء هو باب الصبر؟ قال: لا قلت. فما البلاء؟ قال: المصائب والاسقام والامراض والجذام، وهو باب من ياقوتة صفراء بمصراع واحد ما أقل من يدخل فيه.
أقول: الاصفرار على وجوه المرضى والمبتلين بالاسقام والمصائب والجذام مشهود وما أقل أمثال أيّوب نبي الله في الانام.
قال التاجر البصراوي: قلت: يرحمك الله زدني وتفضّل عليّ فإني فقير. فقال: يا غلام لقد كلّفتني شططا، أما الباب الاعظم فيدخل منه العباد الصالحون وهم أهل الزهد والورع والراغبون إلى الله عز وجل المستأنسون به. قلت: يرحمك الله فإذا دخلوا الجنة فماذا يصنعون؟
قبل أن نسمع الجواب من بلال لابد أن نتوجه إلى أنّ الجنة من الجهة التي تواجه الدنيا لها أبواب وأبنية وضجيج وحنين، وأما الجهة الاخرى التي تواجه الاخرة فإلى اين تنتهي؟ انها تنتهي إلى العالم اللا متناهي لا محالة أي لا تتناهى ولكن كلّياتها هي جنة المأوى وجنة عدن وجنة الفردوس.
فأولها الماء والخضرة، فالماء يرمز للحياة والخضرة إلى النشاط والسرور ووسطها مساكن ومواقف ومحلّ الاقامة (عدن بالمكان: أقام فيه) فهي المستقّر الفكري والروحي والاخلاقي لكل انسان وآخرها جنّة الفردوس التي تمتد بامتداد النور فإلى العالم اللامتناهي إلى ما لابدء له ولا نهاية فحدّها عدم الحدّ وسرورها بلا حدّ كحسّ التجمّل وحبّ الجمال فانه لا يشبع ولا ينتهي ولا يقف في حدّ فالتاجر المسافر لشعوره ونشاطه يسأل بلالا عن هذه الامور.
قلت: يرحمك الله، فاذا دخلوا الجنة فماذا يصنعون؟ قال: يسرون (يصيرون) على نهرين في ماء صاف (من ماء صاف) في سفن الياقوت مجاذيفها اللؤلؤ فيها ملائكة من نور عليهم ثياب خضر شديدة خضرتها.
قلت: يرحمك الله: هل يكون من النور أخضر؟ قال: ان الثياب خضر لكن فيها نوراّ من رب العالمين (جل جلاله) يسيرون على حافتي ذلك النهر.
أقول: الاستبعاد والاستفهام عن النور الاخضر ليس بغريب في ذاك اليوم وحتى اليوم مع الغفلة عن التجزئة الطيفية فظاهرة جديدة لكن جواب بلال ظاهر في أنه توهم النور الاخضر كالانوار الملوّنة لا أنه نور حقيقة بين الانوار.
والملائكة التي تعمل بالسفينة والماء ملائكة العمران ومبدأ لكل نشاط وسرور، فالماء هو المنشأ للحياة واليخضور الذي تخضر منه الاغصان والاوراق يحتوي قوي طبيعية وهو بخضرته ألقى عليها سترا والقوى دائما مستورة تحت ثياب الالوان والاشكال والاوضاع وتظهر الملائكة والقوى الفعّالة جمالها من وراء الالوان والاشكال الهندسية والانظمة فتغمر الأرض وتجعلها مخضرّة شديدة الخضرة، هذه حقيقة الامر في هذا العالم. وأما ما أجابه بلال قلت: فما اسم ذلك النهر؟ قال: جنة المأوى. قلت: هل في وسطها غيرها؟ قال: نعم جنة عدن وهي في وسط الجنان، وأما جنة عدن فسورها ياقوت أحمر وحصاتها اللؤلؤ.
أقول: قد ذكرنا ان جنة عدن هي مساكن ومحل الاقامة لاهل الجنة فبناء هذا يمكن أن يكون المراد من وسط جنة المأوى الذي وقعت فيه جنة عدن الباطن لا المعنى الوضعي والمحاذاتي، فجنة عدن هي باطن جنة كما أن جنة المأوى هي نهاية السير التكاملي للمجتمع. فعالمنا هذا مع ما له من الجمال كأنه حاشية لجنة المأوى، وفي نهاية العالم واخضراره وقد أظلتها شجرة الحياة وهو سدرة المنتهى بقرب من جنة المأوى فهنالك آخر مراتب السير التكاملي لامّة آخر الزمان، والرسول الخاتم رأى جبرائيل في النوبة الاخيرة عند سدرة المنتهى والنوبة الاخيرة هي المرحلة الاخيرة التي صار فيها كل ما في القوة صائرا في الفعل " ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى "(النجم 13 - 15) تأوي اليها القلوب.. فنسبة جنة عدن وجنة المأوى نسبة ساحل البحر ووسطه. فالامواج الساحلية من وسط البحر.
فجنة المأوى كموج ساحلي لجنّة عدن ولا بد للوصول من الساحل إلى وسط البحر من ركوب السفينة، فهذا العالم بما له من الجمال حاشية الجنة من جانبها الدنيوي فيوصلنا إلى جنة المأوى ويوصلنا الجمال الصافي لجنة المأوى إلى جنة عدن التي يفور منها الجمال، فكما أن الموج يبدأ من وسط البحر فيجيء إلى الساحل فيأخذ ما في الساحل ويرجع إلى المركز فيستقرّ فيه كذلك لموج الجمال أيضا مستقرّ وقرار أفلا تنظرون إلى موج الجمال كيف يطفح من أكناف السماء وأطراف الأرض فيجذب القلوب ويردّها إلى مستقرّها وهو جنّة الفردوس؟.
قال التاجر البصراوي: فقلت: وهل فيها غيرها؟ فقال: نعم جنة الفردوس. قلت: وكيف سورها؟
قال: ويحك كفّ عني حرت (حيّرت) على قلبي. قلت: بل أنت الفاعل بي ذلك. قلت: ما أنا بكاف عنك حتى تتم لي الصفة وتخبرني عن سورها.
أقول: أنا لا ادري ما الذي كان يزعج بلالاً ويجور على قلبه. ولماذا لا يجيب السائل بسهولة؟ أكان لتذكرة الاحبّاء والاعزّة الذين مضوا على السبيل وتركوه، وإن تذكر الاحبة ليضغط القلب ويؤلمه أو أن بلالاً كان يتألم من ذكرياته والنبي الاكرم أو أن هذه الاسئلة تجبره على التفكر والتذكر لما كان مخبوءا في ذهنه ولبّه فيضطرّه لتعتيم الجواب أو كلا الامرين؟ وعلى كل حال، قال: سورها نور.
أقول: لعلّ قوله: سورها نور بمعنى أنه ليس لها سور فإن النور ليس له حدّ يقف فيه بل يسري ويجاوز حدود السموات، والجو الذي لم يعلم له نهاية فمدى سير النور جنة الفردوس ومنتزهها مع العلم بأن مسير النور هو العالم غير المتناهي، النور يسري في كل ثانية خمسين ألف فرسخ، ونور الشمس يصل إلينا في مدة ثماني دقائق وسبع عشرة ثانية، ويسري النور بهذه السرعة أربع سنوات حتى يصل إلى أوَّل كوكب قريب منا (نجمة آلفا) ويسري ملايين السنين قبل أن يصل الينا الان منذ تحرك من مبدئة وحيث أن نور العلم يضيء إلى هذا العالم الذي لا حدّ له و إلى غير النهاية فمنتزه الجنة وجنة الفردوس مع سير النور يتصلان بالعالم غير المتناهي.
قلت: ما الغرف التي فيها؟ قال: هي من نور رب العالمين عزّ وجلّ.
أقول: قد عبّر عن العلم بالنور في كثير من الاحاديث وشعب العلم كلها غرف وهي غير متناهية.
قلت: زدني يرحمك الله: قال: ويحك إلى هذا انتهى بي رسول الله طوبى لك إن أنت وصلت إلى ما له هذه الصفة وطوبى لمن يؤمن بهذا.
قلت: يرحمك الله، أنا والله من المؤمنين بهذا.
قال: ويحك، انه من يؤمن أو يصدق بهذا الحق والمنهاج لم يرغب في الدنيا ولا في زينتها وحاسب نفسه.
قلت: أنا مؤمن بهذا. قال: صدقت، ولكن قارب وسدّد ولا تيأس واعمل ولا تفرّط، وأرح وخف واحذر، ثم بكى وشهق ثلاث شهقات فظننّا أنه قد مات، ثم قال: فداكم أبي وأمي لو رآكم محمد لقرّت عينه حين تسألون عن هذه الصفة. ثم قال: النجا، النجا، الوحا، الوحا، الرحيل، الرحيل، العمل، العمل، وإيّاكم والتفريط وإيّاكم والتفريط. ثم قال: ويحكم اجعلوني في حلّ مما قد فرّطت، فقلت له: انت في حلّ ممّا قد فرّطت جزاك الله الجنة كما أدّيت وفعلت الذي يجب عليك. ثم ودّعني وقال: أتّق الله وأدّ إلى أمة محمد ما أدّيت اليك. فقلت: أفعل ان شاء الله. قال: استودعك الله دينك وأمانتك وزوّدك التقوى وأعانك على طاعته بمشيئته.
أقول: أن عليا أمير المؤمنين : أيضا ينادي كل ليلة عند السحر:" تجهّزوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل ".)
اعلم أن السالك إلى الله لابد له في الأذان أن يعلن للقلب الذي هو سلطان القوى الملكوتية والملكية ولسائر الجنود المنتشرة في الجهات المشتتة للملك والملكوت، اعلان الحضور في المحضر وحيث أنه قد قرب وقت الحضور والملاقاة فيهيئ تلك القوى حتى أنه إن كان من المشتاقين والعاشقين. فلا يفقد الصبر والتحمّل بالتجلّي مفاجاة.
وان كان من المحجوبين فلا يدخل المحضر المقدس بدون تهيئة الاسباب والاداب فالسرّ الاجمالي للأذان هو الاعلان للقوى الملكوتية والملكية والجيوش الالهية للحضور، والادب الاجمالي له هو التنبّه إلى عظمة المقام وخطره وعظمة المحضر والحاضر وتذلّل الممكن وفقره وفاقته ونقصه وعجزه عن القيام بالامر وعن القابلية للحضور في المحضر ان لم يؤيده اللطف والرحمة للحق جل وعلا ويجبر نقصه.
والاقامة: هي اقامة القوى الملكوتية والملكية في المحضر واحضارها في الحضور، وأدبها هو الخوف والخشية والحياء والخجل والرجاء الواثق إلى الرحمة غير المتناهية.
والسالك لابد له أن يفهم قلبه في جميع فصول الأذان والاقامة عظمة المحضر والحضور والحاضر ويجعل ذل نفسه وعجزها وقصورها نصب عينيه حتى يحصل الخوف والخشية ومن الجانب الاخر لابد ان يريه الرحمة الواسعة والالطاف الكريمة حتى يحصل له الرجاء والشوق، فالقلوب العشيقة يغلبها الشوق والجذبة. وبقدم الحب والعشق تضع أقدامها في محضر الأنس، وقلوبهم بواسطة تلك الجذبة الغيبيّة وبما فيها من عشق المحضر والحاضر تشتغل إلى آخر الصلاة بالمعاشقة والمعانقة مع ذكر الحق وفكره.
وفي الحديث عن علي بن ابي طالب قال:
" أفضل الناس من عشق العبادة وعانقها وأحبّها بقلبه وباشرها بجسده وتفرّغ لها فهو لا يبالي على ما أصبح من الدنيا على يسر أم على عسر ".
والقلوب الخوفية يتجلى لها سلطان العظمة وتغلب عليها جذبة القهر وتجعلها في حالة الصعق ويذوبّها الخوف والخشية ويمنعها عن كل شيء القصور الذاتي والاستشعار بذلّة نفسه وعجزة.
وفي الحديث عن موسى بن جعفر عليهما السلام (قال كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي في حقه هو الامام الكبير القدر العظيم الشأن الكثير التهجد الجاد في الاجتهاد المشهور بالعبادة المواظب على الطاعات المشهور بالكرامات يبيت الليل ساجدا أو قائما ويقطع النهار متصدقا وصائما ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دُعي كاظما. كان يجازي المسيء بإحسانه اليه ويقابل الجاني عليه بعفوه عنه ولكثرة عباداته كان يسمّى بالعبد الصالح ويعرف في العراق بباب الحوائج إلى الله ينجح المتوسلون إلى الله به. كراماته تحار منها العقول وتقضي بأن له عند الله قدم صدق لا تزلّ ولا تزول (انتهى). ولد بالابواء - منزل بين مكة والمدينة - يوم الاحد لسبع خلون من صفر سنة 128 ثمان وعشرين ومئة أمّة حميدة المصفاة البربرية وكانت من أشراف الاعاجم قال الشيخ الاجل الاقدم ابو محمد الحسن بن موسى النوبختي في كتاب الفرق ولد موسى بن جعفر في سنة ثمان وعشرين ومئة وقال بعضهم سنة تسع وحمله الرشيد من المدينة لعشر ليال بقين من شوال سنة تسع وسبعين ومئة وقد قدم هرون الرشيد المدينة منصرفا من عمرة شهر رمضان ثم شخص هرون إلى الحج وحمله معه ثم انصرف على طريق البصرة فحبسه عند عيسى بن جعفر بن أبي جعفر المنصور ثم أشخصه إلى بغداد فحبسه عند السندي بن شاهك فتوفي في حبسه ببغداد لخمس ليال بقين من رجب سنة 183 ثلث وثمانين ومئة (قفج) وهو ابن خمس أو أربع وخمسين سنة ودفن في مقابر قريش. ويقال في رواية أخرى أنه دفن بقيوده وأنه أوصى بذلك فكانت إمامته خمسا وثلاثين سنة وشهورا.) قال: " قال أمير المؤمنين :" ان لله عبادا كسرت قلوبهم خشيته فأسكتهم عن النطق ".
والحق تعالى يتجلى لاوليائه الكمّل تارة التجلّي اللطفي ويكون العشق والجذبة الحبية هاديا لهم، كما في الحديث بأن رسول الله كان ينتظر الصلاة ويشتدّ عشقه وشوقه فيقول لبلال المؤذن: " أرحنا يا بلال ".. وأخرى يتجلى لهم بتجلي العظمة والسلطنة ويحصل فيهم الخوف والخشية كما نقلت الحالات الخوفية عن رسول الله وعن أئمة الهدى ، وثالثة يتجلى لهم بالتجلي الاحدي الجمعي على حسب طاقة قلوبهم وسعة أوعيتها، ونحن - المحجوبين، المشتغلين بالدنيا والمحبوسين في سجن الطبيعة والمغلولين بأغلال الشهوات والآمال، والمحرومين من السعادات العقلية الالهية الذين لا نصحو من سكر الطبيعة إلى صبح الازل، ولا نفيق من نومنا الثقيل أبدا - خارجون عن نطاق هذه التقسيمات ومستثنون من نطاق هذا البيان، فآداب الحضور لنا طور آخر والقيام بالوظائف القلبية على شكل آخر ولكن المقدم على الكل أن نخرج من قلوبنا اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله الذي هو من الجنود العظيمة لابليس ومن القاءات شياطين الانس والجن ولا نتوهم ان لباس هذه المقامات قد خيّط على قامة أشخاص خاصة وأيدي آمالنا عنها قاصرة وأرجل سير البشر عنها راجلة فلا نخطو أصلا ونبقى بالبرودة والوهم مخلّدين في أرض الطبيعة، لا فليس الامر على ما نتوهّم. نعم في نفس الوقت أيضا أنا أقول: ان المقام الخاص لكمّل أهل الله لا يتيسّر لاحد ولكن للمقامات المعنوية والمعارف الالهية مدارج غير متناهية لها مراتب كثيرة يتيسّر للنوع أكثر تلك المقامات والمعارف والحالات والمدارج، ان تركتهم البرودة والتهاون الذي في أنفسهم، وترتفع يد العناد والتعصب لاهل الجهل والعناد عن قلوب عباد الله ولا يكون لهم شيطان طريق سلوكهم، فأدب الحضور بالنسبة الينا هو أنه حيث انا في بدء الامر لم نتجاوز عن مرتبة الحس والظاهر، وليس في أعيننا سوى العظمة والجلالة الدنيوية وليس عندنا أي خبر عن العظمات الغيبية الالهية، فلا بد لنا أن نرى محضر الحق تعالى كمحضر سلطان عظيم الشأن قد أدرك القلب عظمته وأن نفهم قلوبنا أن كل عظمة وجلال وكبرياء هي تجلٍ من عظمة عالم الملكوت قد تنزّلت في هذا العالم، وان عالم الملكوت بالنسبة إلى العوالم الغيبية وفي جنبها ليس له قدر محسوس، فنفهّم القلب ان العالم هو المحضر المقدّس لحضرة الحق وأن الحق تعالى حاضر في جميع الامكنة والاحياز، وبالخصوص فإن الصلاة هي إذن خاص للحضور وميعاد مخصوص للملاقاة والمراودة مع الحضرة الاحدية فاذا جعلنا القلب مستشعرا العظمة والحضور وان كان ذلك في بدء الامر مع التكلّف ولكن يستأنس به القلب على التدريج ويكون هذا المجاز حقيقة، فاذا قمنا بالآداب الصورية للتعامل مع مالك الملوك، وأتينا بالآداب الحضورية الظاهرية فيحصل أثر منها في القلب أيضا، ويستشعر القلب العظمة ويصل الانسان تدريجيا إلى النتائج المطلوبة وكذلك بالنسبة إلى آثار الحب والعشق فانها ايضا تحصل بالتحصيل والرياضة، ففي أول الامر لابد أن يعرض على النفس الرحمات الصورية والالطاف الحسية ويوصل إلى القلب مقام الرحمانية والرحيمية والمنعمية كي يستأنس القلب على التدريج ويحصل الأثر في الباطن من الظاهر وتتنوّر مملكة الباطن من آثار الجمال وتحصل النتائج المطلوبة والانسان اذا قام بالأمر وجاهد في سبيل الله فالحق تعالى يؤيده وينجيه باليد الغيبية من ظلمات عالم الطبيعة وينوّر أرض قلبه المظلمة بإشراق نور جماله ويبدله بها السموات الروحية ومن يقترف حسنة نزد فيها حسنا ان الله غفور رحيم. (الحسن بن موسى بن أخت سهل نوبخت متكلم فيلسوف من أعاظم متكلمي الامامية وكان يجتمع اليه جماعة من نقلة كتب (جش) الحسن بن موسى أبو محمد النوبختي شيخنا المتكلم المبرز على نظرائه في زمانه قبل الثلاث مئة وبعدها له على الاوائل كتب كثيرة منها كتاب الآراء والديانات كتاب كبير حسن يحتوي على علوم كثيرة قرأت هذا الكتاب على شيخنا ابي عبدالله رحمه الله وله كتاب فرق الشيعة (انتهى).
(وكتاب الفرق مطبوع في المطبعة الحيدرية في النجف).)
(الشورى - 23).
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا



توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك




سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.57 يوميا
النقاط : 311
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 07-Jul-2013 الساعة : 12:14 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين



في آداب أوقات الأذان والإقامة
الفصل الثاني
في بعض آداب تكبيرات الاذان والاقامة وأسرارهما
اعلم ان الاذان حيث إنه إعلام الحضور لقوى النفس الظاهرة والباطنة في محضر الحق الربوبي لاجل الثناء على الذات المقدسة على حسب جميع الاسماء والصفات والشؤون والآيات لان الصلاة كما أشير اليها ثناء جامع ومورد هذا الثناء هو الذات المقدسة على حسب تجلّيها بالاسم الاعظم الذي هو مقام أحدية جمع الاسماء في الحضرة الواحدية ومقام التجلي بالجمع والتفريق والظهور والبطون في حضرات الاعيان والاسماء العينية، فالسالك يتوجّه في بدء الامر إلى كبرياء الذات المقدسة على حسب هذا الشأن الجامع فيعلن عظمتها وكبرياءها اولا على قوى مملكة نفسه الملكوتية منها والملكية. وثانيا على ملائكة الله الموكلة على ملكوت السموات والأرضين فيعلن على حسب التكبيرات الاربعة كبرياء الاسم الاعظم على جميع سكنة عوالم الغيب والشهادة في المملكة الداخلية والخارجية، وهذا نفسه اعلان بعجزه عن القيام بالثناء على الذات المقدسة واعلام قصور نفسه عن اقامة الصلاة وهذا هو من الامور الشاملة في السلوك والاداب المحيطة على الثناء والعبادة، لابد أن يكون في جميع احوال الصلاة نصب عين السالك ولهذا يكرّر في الاذان والاقامة ويكرّرها دائما في الصلاة ويعاد في حال الانتقال من كل حال إلى حال آخر حتى يتمكن في قلب السالك القصور الذاتي لنفسه والعظمة والكبرياء للذات المقدسة.
ومن هنا يعلم أدبه أيضا من أنه لا بد للسالك أن يذكّر القلب وقواه بعجز نفسه وكبرياء الحق.
وبوجه آخر يمكن أن تكون التكبيرات الاولية في الاذان كل واحدة منها اشارة إلى مقام، فتكون التكبيرة الاولى اشارة إلى التكبير عن التوصيف ذاتا، والثانية إلى التكبير عن التوصيف وصفا، والثالثة إلى التكبير عن التوصيف اسما، والرابعة إلى التكبير عن التوصيف فعلا، فكان السالك يقول الله أكبر من أن توصف ذاته أو تجليات ذاته والله أكبر من أن توصف صفاته وأسماؤه وأفعاله أو تجلياتها بحسبها.
وفي حديث طويل عن أمير المؤمنين انه قال: " والوجه الاخر الله أكبر فيه نفي كيفيته كأنه يقول - أي المؤذن -: " الله أجل من أن يدرك الواصفون قدر صفته التي هي موصوف بها وإنما يصفه الواصفون على قدرهم لا على قدر عظمته وجلاله تعالى الله عن أن يدرك الواصفون صفته علوّا كبيرا " الحديث.
ومن الآداب المهمة للتكبير أن السالك عليه أن يجاهد ويجعل قلبه محلا لكبرياء الحق جلّ جلاله بالرياضات القلبية ويحصر كبر الشأن والعظمة والسلطان والجلال بذات الحق المقدسة جلّ وعلا ويسلب الكبرياء عن سائر الموجودات، واذا كان في القلب اثر من كبرياء أحد لا يراه ولا يعلمه شعاع كبرياء الحق فقلبه مريض ومعلول ومورد لتصرف الشيطان وربما تكون التصرفات الشيطانية سببا لان يكون سلطان الكبرياء لغير الحق في القلب أكثر من الحق ويعرفه القلب أكبر من الحق، ففي هذه الصورة يكون الانسان محسوبا في زمرة المنافقين، وعلامة هذا المرض المهلك ان الانسان يقدّم رضا المخلوق على رضا الحق ليسخط الخالق لرضا المخلوق. وفي الحديث قال الصادق :" اذا كبّرت فاستصغر ما بين العلا والثرى دون كبريائه فإن الله اذا اطلع على قلب العبد وهو يكبّر وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره قال: يا كاذب أتخدعني، وعزّتي وجلالي لاحرمنّك حلاوة ذكري ولأحجبنك عن قربي والمسارة بمناجاتي ". يقول : اذا كبّرت فاستصغر في محضر كبرياء تلك الذات المقدسة ما في الكون من الأرض إلى العرش لان الله تبارك وتعالى اذا رأى عبدا يكبّر ولكن في قلبه علّة عن حقيقة التكبير - يعني أن قلبه لا يوافق ما يجريه على اللسان - يقول: يا كاذب أتخدعني وعزّتي وجلالي.. إلى آخر الحديث.
فيا أيها العزيز ان حرمان قلوبنا المسكينة من حلاوة ذكر الحق تعالى وان لذة مناجاة تلك الذات المقدسة لم ترد في ذائقة أرواحنا ونحن محتجبون عن الوصول إلى قرب الجناب ومحرومون من تجليات الجمال والجلال لان قلوبنا عليلة ومريضة وقد حجبنا الاخلاد إلى الأرض والاحتجاب بالحجب المظلمة للطبيعة عن معرفة كبرياء الحق وأنوار الجمال والجلال، فما دام نظرنا إلى الموجودات نظرا ابليسيا استقلاليا فلا نذوق من شراب الوصل، ولا ننال لذة المناجاة، وما دمنا نرى لاحد في عالم الوجود العزّة والكبرياء والعظمة والجلال ونحن في حجاب أصنام التعينّات الخلقية فلا يتجلى سلطان كبرياء الحق جلّ وعلا في قلوبنا.
فمن آداب التكبير هو أن السالك لا يتوقف على صورته ولا يكتفي باللفظ فقط ولقلقة اللسان بل ينبّه القلب في أول الامر بقوة البرهان ونور العلوم الالهية، على كبرياء الحق وأنّ العظمة والجلال مقصورة على الذات المقدسة جلّت عظمتها وعلى فقر كافة السكنة الامكانية وقاطبة الموجودات الجسمانية والروحانية وذلّتها ومسكنتها، وبعد ذلك فبقوة الرياضة وكثرة المراودة والانس التام يحيي قلبه بهذه اللطيفة الالهية ويعطيه السعادة والحياة العقلية الروحانية، فاذا صار فقر الممكن وذلّته وعظمة الحق وكبرياؤه جلّت قدرته نصب عين السالك ووصل التفكر والذكر إلى حد النصاب وحصل للقلب الانس والسكينة فيشاهد بعين البصيرة آثار جلال الحق وكبريائه في جميع الموجودات وتعالج العلل والامراض القلبية فيجد لذة المناجاة وحلاوة ذكر الله ويصير القلب مقرا لسلطان كبرياء الحق جلّ جلاله وتظهر آثار الكبرياء في ظاهر المملكة وباطنها ويوافق القلب واللسان والسر والعلن فتكبّر جميع قوى الباطن والظاهر و الملك والملكوت ويرتفع أحد الحجب الغليظة ويقترب السالك مرحلة إلى حقيقة الصلاة التي هي معراج القرب. وقد أشير إلى بعض ما ذكر في الحديث المنقول عن العلل عن الصادق سلام الله عليه في حديث طويل يصف فيه المعراج قال: " أنزل الله العزيز الجبار عليه مَحمَلا من نور فيه أربعون نوعا من أنواع النور كانت محدقة حول العرش، عرشه تبارك وتعالى تغشي أبصار الناظرين، أما واحد منها فأصفر، فمن أجل ذلك اصفرّت الصفرة، وواحد منها أحمر، فمن أجل ذلك احمرّت الحمرة. إلى أن قال: فجلس فيه ثم عرج به إلى السماء الدنيا فنفرت الملائكة إلى اطراف السماء ثم خرّت سجّدا فقال سبّوح قدّوس ربنا ورب الملائكة والروح ما أشبه هذا النور بنور ربنا، فقال جبرائيل: الله أكبر الله اكبر فسكتت الملائكة وفتحت السماء واجتمعت الملائكة ثم جاءت وسلّمت على النبيّ أفواجا " الحديث.
وفي هذا الحديث اسرار عظيمة تقصر أيدي آمالنا عنها، وما يمكن ان يذكر منها خارج فعلا عن مقصدنا كسرّ تنزّل محمل من نور وسرّ كثرة الانوار، وسر كثرتها النوعية وسر عدد الاربعين وسر تنزيل الله اياها وسر احاطتها حول العرش، وحقيقة العرش في هذا المقام وسر اصفرار الصفرة واحمرار الحمرة بواسطتها وسرّ نفور الملائكة وسجودهم وتسبيحهم وتقديسهم وتشبيههم ذلك النور بنور الرّبّ إلى غير ذلك مما يطول البيان في أطراف كل منها، وما يناسب المقام ويشهد على المطلب هو أن الملائكة بواسطة تكبير جبرائيل سكتت واطمأنّت واجتمعت حول جمع شمع الوليّ المطلق. وفتحت السماء الاولى بواسطة التكبير وخرق أحد الحجب الذي كان في طريق العروج إلى الله وليعلم أن هذه الحجب التي تخرق وترفع في الاذان غير الحجب التي في التكبيرات الافتتاحية، ولعله تأتي الاشارة إلى ذلك فيما بعد ان شاء الله.
لعل السر في أن الوارد في الاقامة هو تكبيرتان، ان السالك قد أقام قواه في المحضر وانتقل من الكثرة إلى الوحدة شيئا ما فيكبّر الذات والاسماء أو الاسماء والصفات، ولعل تكبير الصفات والافعال يكون منطويا في تكبير الذات والاسماء.
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا


توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك




سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.57 يوميا
النقاط : 311
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 07-Jul-2013 الساعة : 12:20 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين



الفصل الثالث
في بعض آداب الشهادة بالالوهية
وبيان ربطها بالأذان والصلاة

فاعلم أن للالوهية مقامات يعبّر عنها على حسب الجمع بمقامين:
الأول: مقام الالوهية الذاتية.
والثاني: مقام الالوهية الفعلية.
واذا كان المقصود من الشهادة على قصر الالوهية في الحق هو الالوهية الذاتية تكون حقيقتها متقاربة مع التكبير، واذا كانت مشتقة من اله في الشيء أي تحيّر فيه، أو مشتقة من لاه بمعنى ارتفع، أو مشتقة من لاه يلوه بمعنى احتجب فيعلم ربطه بالاذان والصلاة بعد المراجعة إلى باب التكبير، ويعلم أدبها أيضا واعادته وان لم تكن خالية من بعض الفوائد ولكنها منافية للاختصار.
وان كان الاله مأخوذا من اله بمعنى عبد ويكون المراد هو المألوه بمعنى المعبود فعلى السالك أن يجعل الشهادة الصورية على قصر المعبودية للحق تعالى جلّت عظمته منطبقة على الشهادة القلبية الباطنية، ويعلم أنه ان كان في القلب معبود سواه فهو منافق في هذه الشهادة فلا بد له ان يوصل الشهادة بالالوهية إلى القلب بكل رياضة ويكسر الاصنام الصغيرة والكبيرة المنحوتة بيد تصرف الشيطان والنفس الامارة في كعبة القلب ويحطّمها حتى يصير لائقا لحضور حضرة القدس وما دامت أصنام حب الدنيا والشؤون الدنيوية موجودة في كعبة القلب لا يجد السالك طريقا إلى المقصد، فالشهادة بالالوهية للاعلان للقوى الملكية والملكوتية أن تجعل المعبودات الباطلة والمقاصد المعوجّة تحت قدمها كي تتمكن من العروج إلى معراج القرب.
واذا كان المقصود من قصر الالوهية، الالوهية الفعلية التي هي عبارة أخرى عن التصرف والتدبّر والتأثير فيكون معنى الشهادة أني أشهد ان لا متصرف في دار التحقق ولا مؤثّر في الغيب والشهادة الا ذات الحق المقدسة جلّ وعلا واذا كان في القلب السالك اعتماد على موجود من الموجودات واطمئنان لأحد من العباد فقلبه معتل وشهادته زور ومختلفة، فلا بد للسالك أن يُحكم أولا بالبرهان الحكمي حقيقة لا مؤثّر في الوجود الا الله ولا يفرّ من المعارف الالهية التي هي غاية بعثة الانبياء ولا يعرض عن تذكر الحق والشؤون الذاتية والصفاتية، فإن منبع جميع السعادات هو تذكر الحق. " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا " (طه - 124).. وبعدما وصل بقدم التفكر والبرهان إلى هذه اللطيفة الالهية التي هي منبع المعارف الالهية وباب أبواب الحقائق الغيبيّة فيؤنس القلب معها بقدم التذكر والرياضة حتى يؤمن القلب بها، وهذ أول مرتبة لصدق مقالته وعلامة الانقطاع إلى الحق وغضّ بصر الطمع والرجاء عن جميع الموجودات ونتيجته التوحيد الفعلي الذي هو من أجلّ مقامات أهل المعرفة، فاذا قصرّ السالك جميع التأثيرات على الحق وغمض عين الطمع عن جميع الموجودات سوى الذات المقدسة يكون لائقا للمحضر المقدس بل يكون قلبه متوجها إلى ذلك المحضر فطرة وذاتا ولعلّ تكرار الشهادة لأجل التمكين ويكون المقصود من الشهادة احدى الشهادتين، ولعله لا يكون تكرارا وتكون احداهما اشارة إلى الالوهية الذاتية والاخرى اشارة إلى الالوهية الفعلية، ففي هذه الصورة تكون إعادتها في آخر الاقامة للتمكين فلذا لم يذكر هناك بلفظ الشهادة.
تنبيه عرفاني:
اعلم أن للشهادة مراتب نكتفي ببعضها على حسب ما يناسب هذه الاوراق.
المرتبة الاولى: الشهادة القولية وهي معلومة، وهذه الشهادة القولية اذا لم تكن مشفوعة بالشهادة القلبية ولو ببعض مراتبها النازلة لا تكون شهادة بل تكون خدعة ونفاقا كما ذكر في الحديث عن الصادق في باب التكبير.
المرتبة الثانية: الشهادة الفعلية: وهي أن يشهد الانسان على حسب الأعمال الجوارحية فمثلاّ يُدخل في طور أعماله وجريان أفعاله حقيقة لا مؤثر في الوجود الا الله فكما أن لازم شهادته القولية ألاّ يعلم أحدا مؤثرا الا الله تكون خريطة أعماله أيضا كذلك فلا يمدّ يد حاجته الا إلى المحضر المقدس للحق جلّ وعلا ولا يفتح عين رجائه إلى موجود من الموجودات ويظهر الغنى والاستغناء عند العباد الضعفاء ويجتنب عندهم عن الضعف والذلة والعجز، وهذا المعنى وارد في كثير من الاحاديث الشريفة. كما في حديث الكافي الشريف: " إن عزّ المؤمن استغناؤه عن الناس " وان من احدى المستحبات الشرعية اظهار النعمة والغنى، ومن المكروهات طلب الحوائج من الناس.
وبالجملة، على الانسان أن يجري اللطيفة الالهية: لا مؤثر في الوجود الا الله في مملكة الظاهرة.
المرتبة الثالثة: الشهادة القلبية، وهي منبع الشهادات الأفعالية والأقوالية، وما لم تكن تلك لا تكون هذه ولا تتحق وهي أن يتجلى التوحيد الفعلي للحق في القب ويدرك القلب بسرّه الباطني حقيقة هذه اللطيفة وينقطع عن سائر الموجودات وينفصل عنها، وعمدة الاحاديث الواردة عن أهل بيت العصمة في ترك الطمع في الناس واليأس من العباد والثقة والاعتماد على الله تبارك وتعالى راجعة إلى هذا المقام.
عن الكافي باسناده عن علي بن الحسين عليهما السلام قال:
" رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عمّا في أيدي الناس ومن لم يرج الناس في شيء وردّ أمره إلى الله تعالى في جميع أموره استجاب الله تعالى له في كل شيء ". والاحاديث من هذا القبيل كثيرة.
المرتبة الرابعة: الشهادة الذاتية، والمقصود منها الشهادة الوجودية وهي تتحقق في الكمّل من الاولياء، وفي نظر الاولياء هذه الشهادة بمعنى موجودة في جميع الموجودات، ولعل الآية الشريفة " شهد الله ان لا إله الا هو والملائكة وأولو العلم "(آل عمران - 18) اشارة إلى الشهادة الذاتية لأن الحق تعالى في مقام أحدية الجمع يشهد شهادة ذاتية بوحدانية نفسه لأن صرف الوجود له أحدية ذاتية، وعند طلوع يوم القيامة يظهر بالوحدانية التامة وتظهر هذه الاحدية أولا في مرآة الجمع وبعده في مرآة التفصيل، ولهذا قال تعالى: " والملائكة وأولو العلم " وهنا مقامات من المعارف خارجة عن عهدة هذه الاوراق.
وصل: عن محمد بن مسعود العياشي في تفسيره عن عبدالصمد ابن بشير قال: ذكر عند أبي عبدالله بدء الاذان إلى أن قال: " ان رسول الله كان نائما في ظلّ الكعبة فأتاه جبرائيل ومعه طاس فيه ماء من الجنة فأيقظه وأمره أن يغتسل به ثم وضع في محمل له ألف ألف لون من نور ثم صعد به حتى انتهى إلى أبواب السماء فلما رأته الملائكة نفرت عن أبواب السماء وقالت: إلهين إله في الارض وإله في السماء فأمر الله جبرائيل فقال الله أكبر الله أكبر فتراجعت الملائكة نحو أبواب السماء ففتحت الباب فدخل حتى انتهى إلى السماء الثانية فنفرت الملائكة عن ابواب السماء فقال: أشهد أن لا اله الا الله فتراجعت الملائكة وعلمت أنه مخلوق ثم فتح الباب فدخل " الحديث.
وقد ورد في الحديث العلل ما يقرب من هذا المضمون.
ويعلم من هذه الاحاديث أن الشهادة بالالوهية موجبة لفتح أبواب السماء وخرق الحجاب وباعث لاجتماع ملائكة الله، وهذا الحجاب الذي يخرق بواسطة الشهادة بالالوهية وقصرها فــــي الذات المقدسة من الحجب الغليظة الظلمانية التي ما دام السالك فيها لا يوجد له طريق إلى الحضور في المحضر، وما لم يفتح هذا الباب له فليس له طريق إلى السلوك وهو حجاب الكثرة الافعالية والوقوع في الاحتجاب التكثيري الذي نتيجتة رؤية فاعلية الموجودات ومؤثريتها وثمرة هذه الرؤية رؤية استقلالها في الفاعلية والتفويض المحال والشرك الاعظم كما أن نتيجة الشهادة بالالوهية وحصرها في الحق تعالى هو التوحيد الافعالي وافناء الكثرات في فعل الحق ونفي التأثير والفاعلية عن الغير وطرد الاستقلال عن غير الحق تعالى، ومن هذه الجهة خرج الملكوتيون عن حجاب كثرة إله في السماء واله في الارض بواسطة هذه الشهادة ورجعت إلى الانس والاجتماع من النفور والتفرقة وفتحت ابواب السماء. فالسالك ايضا لابدّ له أن يخرق بهذه الشهادة حجاب نفسه الظلماني ويفتح أبواب السماء لنفسه ويرفع قدما من الحجاب العظيم وهو الاستقلال ليقترب له طريق العروج إلى معراج القرب.
ولا تحصل هذه الحقيقة بلقلقة اللسان والذكر القولي، ولهذا لا تتجاوز عباداتنا عن حد الصورة والدنيا، ولا يفتح لنا الباب ولا يرفع لنا الحجاب.
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا


توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك




سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.57 يوميا
النقاط : 311
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 4  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 07-Jul-2013 الساعة : 12:25 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين




الفصل الرابع
في بعض آداب الشهادة بالرسالة، وفيها إشارة إلى الشهادة بالولاية
إعلم أنه لا يمكن طيّ هذا السفر الروحاني والمعراج الايماني بهذه الرجل المكسورة والعنان المرخي والعين العمياء والقلب الذي هو بلا نور.

" ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور "(النور - 40).. فمن المحتوم واللازم لسلوك هذا الطريق الروحاني وعروج هذا المعراج العرفاني التمسك بمقام روحانية هداة طرق المعرفة وأنوار سبل الهداية الذين هم الواصلون إلى الله والعاكفون على الله ولو أراد أحد أن يطوي هذا الطريق بقدم أنانية نفسه من دون التمسك بولايتهم فسلوكه إلى الشيطان والهاوية.
وببيان علمي كما أن ربط الحادث بالقديم، والمتغيّر بالثابت، محتاج إلى الواسطة، والرابط تكون له وجهتا الثبات والتغيّر والقدم والحدوث، واذا لم تكن الواسطة موجودة فلا يعبر في السنّة الالهية الفيض القديم الثابت منه إلى المغيّر الحادث. ولا تحصل الرابطة الكونية الوجودية، والانظار العلمية لأرباب العلوم البرهانية بالنسبة إلى الرابط بين هذين مختلفة، كما أن للذوق العرفاني اقتضاء آخر يخرج تفصيله عن عهدة هذه الاوراق، وفي الذوق العرفاني الرابط هو الفيض المقدس والوجود المنبسط الذي له مقام البرزخية الكبرى والواسطية العظمى وهو بعينه مقام روحانية الرسول الخاتم وولايته المتحدة مع مقام الولاية المطلقة العلوية.
وقد ورد تفصيل ذلك في رسالتي مصباح الهداية كذلك في الرابطة الروحانية العروجية التي هي عكس الرابطة الكونية النزولية، وبعبارة اخرى في قبض الوجود والرجوع إلى ما بدئ، يحتاج إلى الواسطة وبدونها لا تتحقق الرابطة ولا يتحقق ارتباط القلوب الناقصة المقيدة والارواح النازلة المحدودة بالتام الذي هو فوق التمتم ومطلق من جميع الجهات من دون الوسائط الروحانية والروابط الغيبية، واذا ظنّ أحد ان الحق تعالى قيّوم لكل موجود ومحيط بكل الالوان من دون وساطة الوسائط كما أشير إلى ذلك في الآية الشريفة " وما من دابّة الا هو آخذ بناصيتها "(هود - 56) فقد اختلطت عنده المقامات واشتبهت عليه الاعتبارات وخلط مقام كثرة مراتب الوجود بفناء التعينات وليس لهذا البحث ربط كامل بهذه الرسالة، وهذا المقدار ايضا صار من طغيان القلم.
وبالجملة، التمسّك بأولياء النعم الذين اهتدوا إلى طريق العروج إلى المعارج وأتمّوا السير إلى الله من لوازم السير إلى الله كما أشير إلى ذلك في الاحاديث الكثيرة، وقد عقد في الوسائل باباً في أن العبادة بدون ولاية الائمة والاعتقاد بإمامتهم باطلة.
وقد روي عن الكافي الشريف باسناده عن محمد بن مسلم قال: سمعت باقر العلوم يقول:" واعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضلّوا وأضلّوا فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون ممّا كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد ".
وفي رواية أخرى عن أبي جعفر انه قال:" أما لو أن رجلا قام ليلة وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله وحجّ جميع دهره ولم يعرف ولاية وليّ الله فيواليه فتكون جميع أعماله بدلالته اليه ما كان له على الله حق في ثوابه وما كان من أهل الايمان ".
وروى الصدّوق (قدس سره) بسنده عن أبي حمزة الثمالي قال: قال لنا علي بن الحسين زين العابدين : " ايّ البقاع أفضل؟ فقلت؟ ألله ورسوله أعلم، فقال: إن أفضل البقاع ما بين الركن والمقام ولو أنّ رجلا عمّر ما عمّر نوح في قومه ألف سنة الا خمسين عاما يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك الموضع ثم لقي الله بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئا ".
والأحاديث في هذا الباب أكثر من أن تسعها هذه الرسالة.
وأما آداب الشهادة بالرسالة فهي ان يوصل الشهادة بالرسالة من الحق إلى القلب وخصوصا الرسالة الختمية التي جميع دائرة الوجود من عوالم الغيب والشهود تتنعّم تكوينا وتشريعا ووجودا وهداية من سقطات موائد نعمة وان ذاك السيد الكريم هو الواسطة لفيض الحق والرابط بين الحق والخلق، ولولا مقام روحانيته وولايته المطلقة لم يكن لأحد من الموجودات لياقة الاستفادة عن مقام الغيب الاحدي ولما عبر فيض الحق إلى موجود من الموجودات، ولما أشرق نور الهداية في عالم من عوالم الظاهر والباطن، وذاك السيد لهو النور الذي ورد في آية " الله نور السموات والارض "(النور - 35) فإذا دخلت عظمة شرع الدين ورسول رب العالمين في قلب الانسان يدخل فيه أهمية أحكامه وسننه وعظمتها، فإذا أدرك القلب عظمتها تخضع له سائر القوى الملكية والملكوتية وتنفذ الشريعة المقدسة في جميع المملكة الانسانية، وعلامة صدق الشهادة أنه تظهر آثارها في جميع القوى الغيبيّة والظاهرة ولا تتخلف عنها كما أشير اليه في السابق.
وقد علم ممّا ذكر إلى الان ارتباط الشهادة بالرسالة بالاذان واقامة الصلاة لأن السالك في هذا الطريق الروحاني محتاج إلى التمسك بذاك الوجود المقدّس حتى يعرج بمصاحبته وتأييده هذا العروج الروحاني.
والوجه الاخر، هو أن في هذه الشهادة اعلانا للقوى الملكية والملكوتية بأن الصلاة التي هي حقيقة معراج المؤمنين ومنبع معارف أصحاب العرفان وأرباب الايقان هي نتيجة الكشف التام المحمدي ، وهو صلوات الله عليه وعلى آله بسلوكه الروحاني والجذبات الالهية والجذوات الرحمانية قد وصل إلى مقام قاب قوسين أو أدنى وتبعا للتجليات الذاتية والاسمائية والصفاتية والإلهامات الأنسيّة كشف حقيقة هذه الصلاة من الحضرة الغيبية الاحدية، وفي الحقيقة هي هدية (وسوقات) لأمّته خير الامم جاء بها من هذا السفر المعنوي الروحاني ومنّ عليهم بها وأغرقهم في بحر النعمة فاذا استقرّت هذه العقيدة في القلب وتمكن بالتكرار فيدرك السالك عظمة المقام وجلالة المحلّ البتة ويطوي هذه المرحلة بقدمي الخوف والرجاء، والمرجو منه أن يؤيده ان شاء الله ويقرّبه إلى مقام القرب الاحدي الذي هو المقصد الاصلي والمقصود الفطري، اذا قام السالك الأمر بمقدار مقدوره وقد ثبت في العلوم الالهية ان معاد جميع الموجودات انما يتحقق يتوسط الانسان الكامل " كما بدأكم تعودون " (هو العارف الكامل والفيلسوف الحكيم المتألّه الشيخ محمد علي شاه آبادي أحد العلماء الكبار في عاصمة ايران وكان الامام الخميني قد تتلمذ عنده في الفلسفة وكان معجبا به وبآرائه ويخاطبه في أكثر كلماته بالشيخ العارف الكامل روحي فداه) بكم فتح الله وبكم يختم وإياب الخلق اليكم.
نكتة عرفانية
قد ورد في الحديث الشريف في العلل الذي يذكر تفصيل صلاة المعراج ويصفها " ان رسول الله عرج إلى السماء بعدما أنزل الله عليه محملا من نور ومعه جبرائيل: ثم عرج بي إلى السماء الثالثة فنفرت الملائكة إلى اطراف السماء وخرّت سجّدا وقالت سبّوح قدّوس ربّ الملائكة والروح ما هذا النور الذي يشبه نور ربنا؟ فقال جبرائيل : أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، فاجتمعت الملائكة وفتحت أبواب السماء وقالت مرحبا بالاول ومرحبا بالاخر ومرحبا بالحاشر ومرحبا بالناشر محمد خاتم النبيّين وعلّي خير الوصيّين فقال رسول الله سلّموا علي وسألوني عن أخي علي.. إلى أن قال: ثم عرج بي إلى السماء الرابعة فلم تقل الملائكة شيئاً وسمعت دويّا كأنه في الصدور واجتمعت الملائكة ففتحت أبواب السماء.. فقال جبرائيل: حيّ على الصلاة حي على الصلاة إلى آخر الاقامة " الحديث.
وفي تفسير العياشي أيضا ما يقرب من هذا المضمون، فيعلم من هذا الحديث أن ملائكة جميع السموات لا تطيق مشاهدة الجمال الاحمدي وتسجد لرؤية نوره المقدس وتنفرق وتتوهم أنه نور الحق المطلق وترجع بفصول الاذان والاقامة إلى الانس وتنفتح ابواب السماء وتوتفع الحجب، فللسالك ان يخرج بهذه الشهادة عن الاحتجاب، وفي الشهادة بالرسالة يخرج بالكلية عن احتجاب التعين الخلفي لأنه اذا اثبت مقام الرسالة لاشرف الخليقة فهو الفناء المطلق ولا استقلالية التامة لان الرسالة المطلقة الختميّة هي الخلافة الكبرى الالهية البرزخية وهذه الخلافة هي خلافة في الظهور والتجلّي والتكوين والتشريع ولا يكون للخليفة من عند نفسه أيّ استقلال وتعيّن وإلا لانقلبت الخلافة إلى الاصالة وهذا لايمكن لأحد من الموجودات. فللسالك إلى الله ان يوصل إلى باطن قلبه وروحه مقام الخلافة الكبرى الاحمدية وبها يكشف الحجاب ويخرق الستور ويخرج بالكلّية عن حجب التعيّن الخلقي فتنفتح له جميع أبواب السموات ويصل إلى مقصده بلا حجاب.
فرع فقهي وأصل عرفاني
قد ورد في بعض الروايات غير المعتبرة أن يقال بعد الشهادة بالرسالة في الاذان أشهد أن عليا وليّ الله مرّتين وفي بعض الروايات أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا مرتّين وفي بعض آخر محمد وآل محمد خير البرية، وقد جعل الشيخ الصدوق (رحمه الله) هذه الروايات من موضوعات المفوّضة وكذبها والمشهور بين العلماء رضوان الله عليهم عدم الاعتماد بهذه الروايات، وجعل بعض المحدثين هذه الشهادة جزءا مستحبا من جهة التسامح في أدلّة السنن، وهذا القول ليس ببعيد عن الصواب وان كان أداؤها بقصد القربة المطلقة أولى وأحوط لانه يستحب بعد الشهادة بالرسالة الشهادة بالولاية وإمارة المؤمنين كما ورد في حديث الاحتجاج عن قاسم بن معاوية قال: قلت لابي عبدالله:" هؤلاء يروون حديثا في معراجهم أنه لما أسري برسول الله رأي على العرش مكتوبا لا إله الا الله محمد رسول الله أبو بكر الصدّيق، فقال: سبحان الله غيرّوا كل شيء حتى هذا؟ قلت نعم، قال: ان الله عزّ وجل لما خلق العرش كتب عليه: لا اله الا الله محمد رسول الله عليّ أمير المؤمنين ولما خلق الله عزّ وجل الماء كتب في مجراه: لا اله الا الله محمد رسول الله عليّ أمير المؤمنين، ثم تذكر الرواية كتابة هذه الكلمات على قوائم الكرسي واللوح وعلى جبهة اسرافيل وعلى جناحي جبرائيل وأكناف السموات وأطباق الارضين ورؤوس الجبال وعلى الشمس والقمر، ثم قال: فاذا قال أحدكم لا اله الا الله محمد رسول الله فليقل عليّ أمير المؤمنين ".
وبالجملة هذا الذكر الشريف يستحب بعد الشهادة بالرسالة مطلقا وفي فصول الاذان لا يبعد استحبابة بالخصوص وان كان الاحتياط يقتضي أن يؤتى به بقصد القربة المطلقة لا بقصد الخصوصية في الاذان لتكذيب العلماء الاعلام تلك الروايات.
وأما النكتة العرفانية في كتابة هذه الكلمات على جميع الموجودات من العرش الأعلى إلى منتهى الارضين فهي أن حقيقة الخلافة والولاية هي ظهور الالوهية وهي أصل الوجود وكماله وكل موجود له حظ من الوجود له حظ من حقيقة الالوهية وظهورها الذي هو حقيقة الخلافة والولاية اللطيفة الالهية ثابتة على ناصية جميع الكائنات من عوالم الغيب إلى منتهى عالم الشهادة، وتلك اللطيفة الالهية هي حقيقة الوجود المنبسط والنفس الرحماني والحق المخلوق به الذي هو بعينه باطن الخلافة الختمية والولاية المطلقة العلوية، ومن هذه الجهة كان الشيخ العارف شاه ابادي يقول: ان الشهادة بالولاية منطوية في الشهادة بالرسالة لان الولاية هي باطن الرسالة.
ويقول الكاتب: ان الشهادتين منطويتان جميعا في الشهادة بالالوهية وفي الشهادة بالرسالة أيضا الشهادتان الاخريان منطويتان، كما أن في الشهادة بالولاية الشهادتنان الاخريان منطويتان والحمد لله أولا وآخرا.
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا


توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك




سليلة حيدرة الكرار
الصورة الرمزية سليلة حيدرة الكرار
مشرفة
رقم العضوية : 3576
الإنتساب : Jan 2009
الدولة : جنة الإمام الحسين عليه السلام
المشاركات : 3,167
بمعدل : 0.57 يوميا
النقاط : 311
المستوى : سليلة حيدرة الكرار is on a distinguished road

سليلة حيدرة الكرار غير متواجد حالياً عرض البوم صور سليلة حيدرة الكرار



  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : سليلة حيدرة الكرار المنتدى : ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان"> ميزان السلوك إلى الله وطرق العرفان
افتراضي
قديم بتاريخ : 07-Jul-2013 الساعة : 12:32 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم والعن أعدائهم


السلام على جوهرة العصمة وفريدة الرحمة سيدتنا ومولاتنا الزهراء وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم بظهور قائمهم والعن أعدائهم لعنة دائمة إلى يوم الدين


الفصل الخامس
في بعض آداب الحيّعلات
اذا اعلن السالك إلى الله بالتكبيرات عظمة الحق تعالى عن التوصيف وبالشهادة بالالوهية قصر التوصيف والتحميد بل كان كل تأثير على الحق وأسقط نفسه عن اللياقة للقيام بالامر واختار الرفيق والمصاحب بالشهادة بالرسالة والولاية وتمسك بمقام الخلافة والولاية وتمسك بمقام الخلافة والولاية المقدسة كما قيل الرفيق ثم الطريق وبعد ذلك كله لابدّ له أن يهيّئ القوى الملكية والملكوتية بصراحة اللهجة للصلاة ويعلن لها اعلان الحضور بقوله حيّ على الصلاة وتكراره للتنبّه التام والايقاظ الكامل أو أن أحدهما لقوى المملكة الداخلية والاخر لقوى المملكة الخارجية لانهما ايضا سلاّك هذا السفر مع الانسان، كما أشير إلى ذلك فيما مرّ ونشير اليه فيما يأتي وأدب السالك في هذا المقام هو أن يفهم قلبه وقواه ويفهم باطن قلبه قرب الحضور حتى يتهيّأ له ويراقب آدابه الصورية والمعنوية كمال المراقبة ثم يعلن سرّ الصلاة ونتيجتها بقوله حيّ على الفلاح وحيّ على خير العمل كي يوقظ الفطرة لأن الفلاح والنجاح هي السعادة المطلقة وفطرة جميع البشر عاشقة للسعادة المطلقة لان الفطرة طالبة للكمال وتطلب الراحة وحقيقة السعادة هي الكمال المطلق والراحة المطلقة وهي في الصلاة التي هي خير الاعمال تحصل قلبا وقالبا وظهورا وبطونا لأن الصلاة بحسب الظاهر هي الذكر الكبير والجامع والثناء بالاسم الاعظم المستجمع لجميع الشؤون الالهية ولهذا كان الاذان والاقامة مفتتحين بالله ومختتمين به ويكرّر الله أكبر في جميع الحالات الصلاة وانتقالاتها والتوحيدات الثلاثة التي هي قرّة عين الاولياء تحصل في الصلاة وامتزج فيها صورة الفناء المطلق والرجوع التام وبحسب الباطن والحقيقة هي معراج قرب الحق وحقيقة الوصول إلى جمال الجميل المطلق والفناء في ذاته المقدسة التي تعشقها الفطرة وتحصل بها الطمأنينة التامة والراحة المطلقة والسعادة العقلية التامة ألا إلى الله تطمئن القلوب، فاذا الكمال المطلق وهو الوصول إلى فناء الله والاتصال بالبحر الوجودي غير المتناهي وشهود جمال الازل والاستغراق في بحر النور المطلق تحصل في الصلاة وفيها ايضا تحصل الراحة المطلقة والاستراحة التامة والطمأنينة التامة ويحصل ركن السعادة، فالصلاة هي الفلاح المطلق وهي خير الاعمال وعلى السالك أن يفهّم القلب هذه اللطيفة الالهية بالتكرار والتذكر التام ويوقظ الفطرة فاذا وردت هذه اللطيفة في القلب فالفطرة من حيث إنها طالبة للكمال والسعادة تهتمّ بها وتحافظ عليها وتراقبها، وفي تكرارهما ايضا النكتة التي ذكرناها.
فاذا وصل السالك إلى ذلك المقام يعلن اعلان الحضور فقد قامت الصلاة فلابد أن يرى نفسه في حضرة مالك الملوك في العوالم الوجودية وسلطان السلاطين والعظيم المطلق ويفهّم قلبه الاخطار التي في الحضرة ويرجع الكل إلى القصور والتقصير الامكاني ويرد المحضر بكمال الانفعال والخجلة من عدم القيام بالامر وقدمي الخوف والرجاء ويفد على الكريم ولا يرى لنفسه زادا وراحلة ويرى قلبه فارغا عن السلامة (أقول ما ذكره دام ظله اشارة إلى ما كتبه علي على كفن سلمان:
وفدت على الكريم بغير زاد من الحسنات والقلب السليم
وحمل الزاد أقبح كل شيء اذا كان الوفود على الكريم) ولا يحسب عمله من الحسنات ولا يعدّه أقل شيء فاذا استحكمت هذه الحال في القلب فالمرجو أن يقع موردا للعناية، أمّن يجيب المضطّر اذا دعاه ويكشف السوء.
وصل وتتميم:
محمد بن يعقوب باسناده عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " اذا أذنت وأقمت صلّى خلفك صفان من الملائكة صفان من الملائكة واذا أقمت صلّى خلفك صف من الملائكة " والاحاديث بهذا المضمون كثيرة. وفي بعض الاخبار:" ان حدّ الصف ما بين المشرق والمغرب ".
وفي ثواب الاعمال قال أبو عبدالله : " من صلّى بأذان وإقامة، صلّى خلفه صفان من الملائكة ومن صلّى باقامة من غير أذان صلّى خلفه صف واحد من الملائكة، قلت له: وكم مقدار كل صف؟ فقال أقلّه ما بين المشرق والمغرب وأكثره ما بين السماء والارض ". وفي بعض الروايات:" وان أقام بغير أذان صلّى عن يمينه واحد وعن شماله واحد " إلى غير ذلك من الاخبار. ولعل اختلاف الاخبار بواسطة اختلاف المصلين من المعارف والخلوص كما يستفاد ذلك من بعض روايات الباب مثل الرواية التي وردت في الصلاة مع الاذان والاقامة في ارض قفراء (أقول: وفي وصية رسول الله لابي ذر قال:" يا ابا ذر ان ربك ليباهي ملائكتة بثلاثة نفر: رجل يصبح في أرض قفراء فيؤذن ثم يقيم ثم يصلّي، فيقول ربك للملائكة انظروا إلى عبدي يصلي ولا يراه احد غيري فينزل سبعون ألف ملك يصلّون وراءه ويستغفرون له إلى الغد من غير ذلك اليوم.. إلى أن قال: يا أبا ذرّ اذا كان العبد في أرض في أرض يعني قفراء فتوضأ أو تيمم ثم أذّن وأقام وصلى أمر الله الملائكة فصفوا خلفه صفّا لا يرى طرفاه يركعون لركوعه ويسجدون لسجوده ويؤمنون على دعائه، يا أبا ذر من أقام ولم يؤذن لم يصلّ معه الا ملكاه اللذان معه ".
وما ذكره الاستاذ دام ظلّه من أن السر في اختلاف الروايات هو الاختلاف من جهة الخلوص والمعرفة للمصلين ظاهر لان للمصلي في الأرض القفراء - ومع أنه لايراه أحد - من المعرفة والخلوص هو السبب لكثرة الملائكة المصلين وراءه).
وبالجملة، اذا رأي السالك نفسه إماما لملائكة الله وقلبه إماما لقواه الملكية والملكوتية وجمع بالاذان والاقامة قواه الملكية والملكوتية واجتمعت عليه ملائكة الله، فعليه أن يجعل القلب وهو أفضل قوى الظاهر والباطن وشفيع سائر القوى اماما، وحيث إن القلب ضامن لقراءة المأمومين ووزرها على عهدته فلا بدّ له أن يحافظ عليه محافظة تامة ويراقبه مراقبة جميلة لكي يحفظ القلب على الحضرة والحضور ويقوم بأدب المقام المقدّس ويغتنم هذا الاجتماع المقدس ويعظّم توجّه ملائكة الله وتأييدهم ايّاه ويعرفه من النعم لوليّ النعمة الحقيقي ويقدّم عجزه وقصوره عن شكر هذه النعم العظيمة إلى مقامه المقدس انه وليّ النعم.
نسألكم الدعاء لنا ولوالدينا


توقيع سليلة حيدرة الكرار

تركت الخلق طـراً في هـواك
وأيتمت العيــال لــكي أراك
فلـو قطعتني في الحب إربــا
لمـا مـال الفــؤاد إلى سواك



إضافة رد


أدوات الموضوع ابحث في الموضوع
ابحث في الموضوع:

بحث متقدم

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


 

 


المواضيع والمشاركات التي تطرح في منتديات موقع الميزان لا تعبر عن رأي المنتدى وإنما تعبر عن رأي كاتبيها فقط
إدارة موقع الميزان
Powered by vBulletin Copyright © 2017 vBulletin Solutions, Inc